فصل: تفسير الآية رقم (46):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»



.تفسير الآيات (43- 45):

{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (43) وَمَا آَتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (44) وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آَتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (45)}
قوله عز وجل: {وََمَآ ءَاتَينَاهُم مِّن كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا} يعني مشركي قريش ما أنزل الله تعالى عليهم كتاباً قط يدرسونه، فيه وجهان:
أحدهما: فيعلمون بدرسه أن ما جئت به حق أم باطل، قاله السدي.
الثاني: فيعلمون أن الله تعالى شريكاً على ما زعموه، قاله ابن زيد.
{وَمَآ أَرْسَلْنَآ إلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِن نَّذِيرٍ} أي ما بعثنا إليهم رسولاً غيرك.
قوله عز وجل: {وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} يعني من قبل أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
{وَمَا بَلَغُواْ مِعْشَارَ مَآ ءاتَيْنَاهُمْ} فيه أربعة:
أحدها: يعني أنهم ما عملوا معشار ما أمروا به، قاله الحسن.
الثاني: أنه يعني ما أعطى الله سبحانه قريشاً ومن كذب محمداً صلى الله عليه وسلم من أمته معشار ما أعطى من قبلهم من القوة والمال، قاله ابن زيد.
الثالث: ما بلغ الذين من قبلهم معشار شكر ما أعطيناهم، حكاه النقاش.
الرابع: ما أعطى الله من قبلهم معشار ما أعطاهم من البيان والحجة والبرهان. قال ابن عباس فليس أمة أعلم من أمته ولا كتاب أبين من كتابه.
وفي (المعشار) ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه العشر وهما لغتان.
الثاني: أنه عشر العشر وهو العشير.
الثالث: هو عشير العشير، والعشير عشر العشر، فيكون جزءاً من ألف جزء، وهو الأظهر، لأن المراد به المبالغة في التقليل.
{فَكَذَّبُواْ رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} أي عقابي وفي الكلام إضمار محذوف وتقديره: فأهلكناهم فكيف كان نذير.

.تفسير الآية رقم (46):

{قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (46)}
قوله عز وجل: {قُلْ إنَّمَآ أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ} فيه قولان:
أحدهما: يعني بطاعة الله عز وجل، قاله مجاهد.
الثاني: بالا إله إلا الله، قاله السدي.
ويحتمل ثالثاً: بالقرآن لأنه يجمع كل المواعظ.
{أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى} يعني أن تقوموا لله بالحق، ولم يُرد القيام على الأرجل كما قال تعالى: {وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسطِ} [النساء: 127].
وفي قوله: {مَثْنَى وَفُرَادَى} ثلاثة أوجه:
أحدها: معناه جماعة وفرادى، قاله السدي.
الثاني: منفرداً برأيه ومشاوراً لغيره، وهذا قول مأثور.
الثالث: مناظراً مع غيره ومفكراً في نفسه، قاله ابن قتيبة.
ويحتمل رابعاً: أن المثنى عمل النهار، والفرادى عمل الليل، لأنه في النهار. مُعانٌ وفي الليل وحيد.
{ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ} قال قتادة أي ليس بمحمد جنون. {إنْ هُوَ إلاَّ نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} يعني في الآخرة، قال مقاتل: وسبب نزولها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل كفار قريش ألا يؤذوه ويمنعوا منه لقرابته منهم حتى يؤدي رسالة ربه، فسمعوه يذكر اللات والعزى في القرآن فقالوا يسألنا ألا نؤذيه لقرابته منا ويؤذينا بسبب آلهتنا فنزلت هذه الآية.

.تفسير الآيات (47- 50):

{قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (47) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (48) قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ (49) قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (50)}
قوله عز وجل: {قُلْ مَا سأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ} فيه قولان:
أحدهما: من مودة قاله ابن عباس، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سأل قريشاً أن يكفوا عن أذيته حتى يبلغ رسالة ربه.
الثاني: من جُعْل قاله قتادة، ويشبه أن يكون في الزكاة.
ويحتمل ثالثاُ: أن أجر ما دعوتكم إليه من إجابتي فهو لكم دوني.
{إنْ أَجْرِيَ إلاَّ عَلَى اللَّهِ} أي ما ثوابي إلا على الله في الآخرة.
{وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٍ} فيه وجهان:
أحدهما: شهيد أن ليس بي جنون.
الثاني: شهيد أني لكم نذير بين يدي عذاب شديد.
قوله عز وجل: {قُلْ إنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ} فيه تأويلان:
أحدهما: بالوحي، قاله قتادة.
الثاني: بالقرآن، رواه معمر.
وفي قوله: {يَقْذِفُ} ثلاثة أوجه:
أحدها: يتكلم.
الثاني: يوحي.
الثالث: يلقي.
{عَلاَّمُ الْغُيُوبِ} قال الضحاك: الخفيات.
قوله عز وجل: {قُلْ جَآءَ الْحَقُّ} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله ابن زيد.
الثاني: القرآن، قاله قتادة.
الثالث: الجهاد بالسيف، قاله ابن مسعود.
{وَمَا يُبْدِيءُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن الباطل الشيطان. رواه معمر.
الثاني: أنه إبليس. رواه خليد.
الثالث: أنه دين الشرك، قاله ابن بحر.
وفي إبداء الباطل وإعادته ثلاثة أوجه:
أحدها: لا يخلق ولا يبعث، قاله قتادة.
الثاني: لا يحيي ولا يميت، قاله الضحاك.
الثالث: لا يثبت إذا بدا، ولا يعود إذا زال، قاله ابن بحر.

.تفسير الآيات (51- 54):

{وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (51) وَقَالُوا آَمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (52) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (53) وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ (54)}
قوله عز وجل: {وَلَوْ تَرَى إذْ فِزَعُواْ} في فزعهم خمسة أقاويل:
أحدها: فزعهم يوم القيامة، قاله مجاهد.
الثاني: فزعهم في الدنيا حين رأو بأس الله عز وجل: قاله قتادة.
الثالث: هو الجيش الذي يخسف بهم في البيداء فيبقى منهم رجل فيخبر الناس بما لقي أصحابه فيفزعوا فهذا هو فزعهم، قاله سعيد بن جبير.
الرابع: هو فزعهم يوم بدر حين ضربت أعناقهم فلم يستطيعوا فراراً من العذاب ولا رجوعاً إلى التوبة، قاله السدي.
الخامس: هو فزعهم في القبور من الصيحة، قاله الحسن.
وفي قوله تعالى: {فَلاَ فَوْتَ} ثلاثة أوجه:
أحدها: فلا نجاة، قاله ابن عباس.
الثاني: فلا مهرب، وهو معنى قول مجاهد.
الثالث: فلا سبق، قاله قتادة.
{وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ} فيه ستة أقاويل:
أحدها: من تحت أقدامهم، قاله مجاهد.
الثاني: يوم بدر، قاله زيد بن أسلم.
الثالث: هو جيش السفياني، قاله ابن عباس.
الرابع: عذاب الدنيا، قاله الضحاك.
الخامس: حين خرجوا من القبور، قاله الحسن.
السادس: هو يوم القيامة، قاله القاسم بن نافع.
ويحتمل سابعاً: في أسرِّ ما كانوا فيه نفوساً، وأقوى ما كانوا عليه أملاً لأنه أقرب بلاء من نعمه.
قوله عز وجل: {وَقَالُوا ءَامَنَّا بِهِ} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: يعني بالله، قاله مجاهد.
الثاني: بالبعث، قاله الحسن.
الثالث: بالرسل، قاله قتادة.
{وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَّكَانِ بَعِيدٍ} وفي التناوش ثلاثة أقاويل:
أحدها: هو الرجعة، قاله ابن عباس ومنه قول الشاعر:
تمنى أن تؤوب إليّ ميٌّ ** وليس إلى تناوشها سبيل

الثاني: هو التوبة، قاله السدي.
الثالث: هو التناول من قولهم نشته أنوشه نوشاً إذا تناوله من قريب، وقد تناوش القوم إذا دنا بعضهم من بعض ولم يلتحم القتال بينهم، قال الشاعر:
فهي تنوش الحوض نوشاً من علا ** نوشاً به تقطع أجواز الفلا

{مِن مَّكَانِ بَعِيدٍ} فيه ثلاثة أقوايل:
أحدها: من الآخرة إلى الدنيا، قاله مجاهد.
الثاني: ما بين الآخرة والدنيا، رواه القاسم بن نافع.
الثالث: هو طلبهم الأمر من حيث لا ينال، قاله الحسن.
ويحتمل قولاً رابعاً: بعيد عليهم لاستحالته عندهم.
قوله عز وجل: {وَقَدْ كَفَرُواْ بِهِ مِن قَبْلُ} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنهم كفروا بالله تعالى، قاله مجاهد.
الثاني: بالبعث، قاله الحسن.
الثالث: بالرسول، قاله قتادة.
{مِن قَبْلُ} فيه وجهان:
أحدهما: في الدنيا، قاله مجاهد.
الثاني: من قبل العذاب.
{وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: معناه يرجمون بالظن ويقولون في الدنيا لا بعث ولا جنة ولا نار، قاله الحسن.
الثاني: أنه طعنهم في القرآن، قاله عبد الرحمن بن زيد.
الثالث: هو طعنهم في رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه شاعر أو ساحر، قاله مجاهد، وسماه قذفاً لخروجه عن غير حق.
قوله عز وجل: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} يعني بالموت، وفيه خمسة تأويلات:
أحدها: حيل بينهم وبين الدنيا، قاله مجاهد.
الثاني: بينهم وبين الإيمان، قاله الحسن.
الثالث: بينهم وبين التوبة، قاله السدي.
الرابع: بينهم وبين طاعة الله تعالى، قاله خليد.
الخامس: حيل بين المؤمن وبين العمل، وبين الكافر وبين الإيمان، قاله يزيد بن أبي يزيد.
{كَمَا فُعِلَ بِأَشْياعِهِم مّن قَبْلُ} فيهم ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنهم أوائلهم من الأمم الخالية، قاله مقاتل.
الثاني: أنه أصحاب الفيل حين أرادوا خراب الكعبة، قاله الضحاك.
الثالث: هم أمثالهم من الكفار الذين لم يقبل الله سبحانه منهم التوبة عند المعاينة.
{إنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ} فيه وجهان:
أحدهما: لا يعرفون نبيهم، قاله مقاتل.
الثاني: هو شكهم في وقوع العذاب، قاله الضحاك.