فصل: تفسير الآيات (56- 57):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»



.تفسير الآيات (56- 57):

{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56) وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (57)}
قوله تعالى: {إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} فيه وجهان:
أحدهما: من أحببت هدايته.
الثاني: من أحببته لقرابته، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والحسن: نزلت في أبي طالب عم الرسول صلى الله عليه وسلم.
وروى أبو هريرة أن النبي قال لعمه أبي طالب «قُل لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِندَ اللَّهِ تَعَالَى يَوْمَ القِيَامَةِ» فقال: لولا أن تعيرني بها قريش لأقررت عينيك بها.
وروى مجاهد أنه قال: يا ابن أخي ملة الأشياخ، فنزلت الآية تعني أبا طالب.
{وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ} قاله قتادة: يعني العباس.
{وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} قال مجاهد: يعني بمن قدر له الهدى والضلالة.
قوله تعالى: {وَقَالُواْ إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَآ} قيل إن هذه الآية نزلت في الحارث بن عثمان بن نوفل بن عبد مناف القرشي قال للنبي صلى الله عليه وسلم إنا لنعلم أن قولك حق ولكن يمنعنا أن نتبع الهدى معك ونؤمن بك مخافة أن يتخطفنا العرب من أرضنا يعني بمكة فإنما نحن أكلة رأس العرب ولا طاقة لنا بهم، فأجاب الله عما اعتل به فقال: {أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً ءَامِناً} فيه وجهان:
أحدهما: أنه جعله آمناً بما طبع النفوس عليه من السكون إليه حتى لا ينفر منه الغزال والذئب والحمام والحدأة.
الثاني: أنه جعله آمناً بالأمر الوارد من جهته بأمان من دخله ولاذ به، قاله يحيى بن سلام.
يقول كنتم آمنين في حرمي تأكلون وتعبدون غيري أفتخافون إذا عبدتموني وآمنتم بي.
{يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ} أي تجمع إليه ثمرات كل أرض وبلد. وحكى مجاهد أن كتاباً وجد عند المقام فيه: إني أنا الله ذو بكة، وضعتها يوم خلقت الشمس والقمر، وحرمتها يوم خلقت السموات والأرض، وحففتها بسبعة أملاك حنفاء، يأتيها رزقها من ثلاثة سبل، مبارك لأهلها في الماء واللحم، أول من يحلها أهلها.
{رِّزْقاً مِّن لَّدُنَّا} أي عطاء من عندنا.
{وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} فيه وجهان:
أحدهما: لا يعقلون، قاله الضحاك.
الثاني: لا يتدبرون، قاله ابن شجرة.

.تفسير الآيات (58- 59):

{وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (58) وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (59)}
قوله: {بَطِرَتْ مَعَيشَتَهَا} والبطر الطغيان بالنعمة. وفيه وجهان:
أحدها: يعني بطرت في معيشتها، قاله الزجاج.
الثاني: أبطرتها معيشتها، قاله الفراء.
قوله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلَكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمَّهَا رَسُولاً} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: في أوائلها، قاله الحسن.
الثاني: في معظم القرى من سائر الدنيا، حكاه ابن عيسى.
الثالث: أن أم القرى مكة، قاله قتادة.

.تفسير الآيات (60- 61):

{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ (60) أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (61)}
قوله: {أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاَقِيهِ} فيه قولان:
أحدهما: هو حمزة بن عبد المطلب والوعد الحسن الجنة و{لاَقِيهِ} دخولها، قاله السدي.
الثاني: هو النبي صلى الله عليه وسلم والوعد الحسن النصر في الدنيا والجنة في الآخرة، قاله الضحاك.
{كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} قال السدي والضحاك: هو أبو جهل.
{ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: من المحضرين للجزاء، قاله ابن عباس.
الثاني: من المحضرين في النار، قاله يحيى بن سلام.
الثالث: من المحضرين: المحمولين، قاله الكلبي.

.تفسير الآيات (62- 67):

{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (62) قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ (63) وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ (64) وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65) فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ (66) فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (67)}
قوله: {فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأَنْبَآءُ يَوْمَئِذٍ} فيه وجهان:
أحدهما: الحجج، قاله مجاهد.
الثاني: الأخبار، قاله السدي.
{فَهُمْ لاَ يَتَسَآءَلُونَ} فيه أربعة أوجه:
أحدها: لا يسألون بالأنساب، قاله مجاهد.
الثاني: لا يسأل بعضهم بعضاً أن يحتمل من ذنوبه، حكاه ابن عيسى.
الثالث: لا يسأل بعضهم بعضاً عن حاله، حكاه ابن شجرة.
الرابع: لا يسأل بعضهم بعضاً عن الحجة، وهذا قول الضحاك.

.تفسير الآيات (68- 70):

{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68) وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (69) وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآَخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (70)}
قوله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخْتَارُ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن قوماً كانوا يجعلون خير أموالهم لأهليهم في الجاهلية فقال {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} من خلقه {وَيَخْتَارُ} من يشاء لطاعته، وهو معنى قول ابن عباس.
الثاني: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} من الخلق {وَيَخْتَارُ} من يشاء لنبوته، قاله يحيى بن سلام.
الثالث: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ} النبي محمداً صلى الله عليه وسلم {وَيَخْتَارُ} الأنصار لدينه حكاه النقاش.
{مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} وفيه وجهان:
أحدهما: معناه ويختار للمؤمنين ما كان لهم فيه الخيرة فيكون ذلك إثباتاً.
الثاني: معناه ما كان للخلق على الله الخيرة، فيكون ذلك نفياً. ومن قال بهذا فلهم في المقصود به وجهان:
أحدهما: أنه عنى بذلك قوماً من المشركين جعلوا لله ما ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فنزل ذلك فيهم، قاله ابن شجرة.
الثاني: أنها نزلت في الوليد بن المغيرة حين قال ما حكاه الله عنه في سورة الزخرف {وَقَالُوا لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ} الآية [الزخرف: 31] يعني نفسه وعروة بن مسعود الثقفي فقال الله: {مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} أن يتخيروا على الله الأنبياء.

.تفسير الآيات (71- 75):

{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ (71) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (72) وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (73) وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (74) وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (75)}
قوله: {وَنَزَعْنَا مِن كُلَّ أُمَّةٍ شَهِيداً} فيه وجهان:
أحدهما: أخرجنا من كل أمة رسولاً مبعوثاً إليها.
الثاني: أحضرنا من كل أمة رسولاً يشهد عليها أن قد بلغ رسالة ربه إليها، قاله قتادة.
{فَقُلْنَا هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ} فيه وجهان:
أحدهما: حجتكم، قاله أبو العالية.
الثاني: بينتكم، قاله قتادة.
{فَعَلِمُواْ أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن العدل لله، قاله ابن جبير.
الثاني: التوحيد لله، قاله السدي.
الثالث: الحجة لله.
{وَضَلَّ عَنْهُم} يعني في القيامة.
{مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ} في الدنيا من الكذب.

.تفسير الآيات (76- 77):

{إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآَتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77)}
قوله تعالى: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى} قال ابن عباس: كان ابن عمه، قاله قتادة: ابن عم موسى أخي أبيه وكان قطع البحر مع بني إسرائيل وكان يسمى: المنور، من حسن صوته بالتوراة، ولكن عدو الله نافق كما نافق السامري.
{فَبَغَى عَلَيْهِمْ} فيه ستة أقاويل:
أحدها: بغيه عليهم أنه كفر بالله، قاله الضحاك.
الثاني: أنه زاد في طول ثيابه شبراً، قاله شهر بن حوشب.
الثالث: أنه علا عليهم بكثرة ماله وولده، قاله قتادة.
الرابع: أنه صنع بغياً، حين أمر الله موسى برجم الزاني فعمد قارون إلى امرأة بغي فأعطاها مالاً وحملها على أن ادعت عليه أنه زنى بها وقال: فأنت قد زنيت. وحضرت البغي فادّعت ذلك عليه فعظم على موسى ما قالت وأحلفها بالله الذي فلق البحر لبني إسرائيل وأنزل التوراة على موسى إلاّ صدقت فقالت: أشهد أنك بريء وأن قارون أعطاني مالاً وحملني على أن قلت وأنت الصادق وقارون الكاذب فكان هذا بغيه، قاله ابن عباس، قال السدي: وكان اسم البغي شجرتا وبذلك لها قارون ألفي درهم.
الخامس: أنه كان غلاماً لفرعون فتعدى على بني إسرائيل وظلمهم، قاله يحيى بن سلام.
السادس: أنه نسب ما آتاه الله من الكنوز إلى نفسه بعلمه وحيلته، قاله ابن بحر.
{وَءَآتَيْنَهُ مِنَ الْكُنُوزِ} فيه قولان:
أحدهما: أنه أصاب كنزاً من كنوز يوسف عليه السلام، قاله عطاء.
الثاني: أنه كان يعمل الكيمياء، قاله الوليد.
{مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ} فيه أربعة أقاويل:
أحدها: خزائنه، قاله السدي وأبو رزين.
الثاني: أوعيته، قاله الضحاك.
الثالث: مفاتيح خزائنه وكانت من جلود يحملها أربعون بغلاً.
الرابع: أن مفاتيح الكنوز إحاطة علمه بها، حكاه ابن بحر لقول الله {وَعِندَهُ مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ} [الأنعام: 59].
{لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: لتثقل العصبة، قاله ابن عباس وأبو صالح والسدي.
الثاني: لتميل بالعصبة، قاله الربيع بن أنس مأخوذ من النأي وهو البعد قال الشاعر:
ينأوْن عنا وما تنأى مودتهم ** والقلب فيهم رهين حيثما كانوا

الثالث: لتنوء به العصبة كما قال الشاعر:
إنّا وجدنا خلفَاً بئس الخلف ** عبداً إذا ما ناء بالحمل خضف

والعصبة الجماعة الذين يتعصب بعضهم لبعض واختلف في عددهم على سبعة أقاويل:
أحدها: سبعون رجلاً، قاله أبو صالح.
الثاني: أربعون رجلاً، قاله الحكم وقتادة والضحاك.
الثالث: ما بين العشرة إلى الأربعين، قاله السدي.
الرابع: ما بين العشرة إلى الخمسة عشر، قاله مجاهد.
الخامس: ستة أو سبعة. قاله ابن جبير.
السادس: ما بين الثلاثة والتسعة وهم النفر، قاله عبد الرحمن بن زيد.
السابع: عشرة لقول إخوة يوسف {وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} [يوسف: 8] قاله الكلبي ومقاتل.
وزعم أبو عبيدة أن هذا من المقلوب تأويله: إن العصبة لتنوء بالمفاتح.
{أوْلِي الْقُوَّةِ} قال السدي أولي الشدة.
{إذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ} فيه وجهان:
أحدهما: أنه قول المؤمنين منهم، قاله السدي.
الثاني: قول موسى، قاله يحيى بن سلام.
{لاَ تَفْرَحْ إنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: لا تبغ إن الله لا يحب الباغين، قاله مجاهد.
الثاني: لا تبخل إن الله لا يحب الباخلين، قاله ابن بحر.
الثالث: لا تبطر إن الله لا يحب البطرين، قاله السدي، وقال الشاعر:
ولست بمفراحٍ إذا الدهر سَرَّني ** ولا جازعٍ من صرفه المتغلب

قوله تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ} فيه وجهان:
أحدهما: طلب الحلال في كسبه، قاله الحسن.
الثاني: أنه الصدقة وصلة الرحم، قاله السدي.
ويحتمل ثالثاً: وهو أعم أن يتقرب بنعم الله إليه، والمراد بالدار الآخرة الجنة.
{وَلاَ تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: لا تنس حظك من الدنيا أن تعمل فيها لآخرتك، قاله ابن عباس.
الثاني: لا تنس استغناك بما أحل الله لك عما حرمه عليك، قاله قتادة.
الثالث: لا تنس ما أنعم الله عليك أن تشكره عليه بالطاعة وهذا معنى قول ابن زيد.
الثاني: وأحسن فيما افترض الله عليك كما أحسن في إنعامه عليك، وهذا معنى قول يحيى بن سلام.
الثالث: أحسن في طلب الحلال كما أحسن إليك في الإحلال.
{وَلاَ تَبْغِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ} يحتمل وجهين:
أحدهما: لا عمل فيها بالمعاصي.
الثاني: لا تقطع.
{إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} فيه وجهان:
أحدهما: لا يحب أعمال المفسدين، قاله ابن عباس.
الثاني: لا يقرب المفسدين، قاله ابن قتيبة.