فصل: تفسير الآية رقم (49):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الشعراوي



.تفسير الآية رقم (48):

{فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (48)}
قوله تعالى: {فَلَمَّا جَآءَهُمُ الحق مِنْ عِندِنَا...} [القصص: 48] أي: الرسول الذي طلبوه {قَالُواْ لولا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ موسى...} [القصص: 48] سبحان الله، إنْ كنتَ كذوباً فكُنْ ذَكُوراً، لقد طلبتم مجرد الرسول ولم تطلبوا معه معجزة معينة فقلتم: {رَبَّنَا لولا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً...} [القصص: 47] والآن تطلبون آيات حِسيِّة كالتي أرسل بها موسى من قبل.
والمتأمل يجد أن الآيات قبل محمد صلى الله عليه وسلم كانت آيات حِسيِّة كونية، مثل سفينة نوح عليه السلام، وناقة صالح عليه السلام، وعصا موسى عليه السلام، وإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله بالنسبة لسيدنا عيسى عليه السلام. وهذه كلها معجزات حسية تنتهي بانتهاء وقتها، فهي مناسبة للرسل المحدودي الزمن، والمحدودي المكان.
أما الرسول الذي أُرسِلَ للناس كافَّة في الزمان وفي المكان، فلا تناسبه الآية الحسيِّة الوقتَية؛ لأنها ستكون معجزة لزمانها، وتظل العصور فيما بعد بلا معجزة، لذلك جاء الحق تبارك وتعالى على يد محمد صلى الله عليه وسلم بمعجزة باقية خالدة محفوظة بحِفْظ الله إلى يوم القيامة.
وقلنا: إن الرسل قبل محمد صلى الله عليه وسلم كان الرسول يأتي بمعجزة تثبت صِدْق بلاغه عن الله، ومعه كتاب يحمل منهجه، فالكتاب غير المعجزة، أما محمد صلى الله عليه وسلم فجاءت معجزته هي عَيْن الكتاب والمنهج الذي أُرسِل به ليظل الدليل على صِدْقه باقياً مع المنهج الذي يطالب الناس به، وإلى أن تقوم الساعة نظل نقول: محمد رسول الله معجزته هي عَيْن الكتاب والمنهج الذي أُرسل به ليظل الدليل على صِدقْه باقياً مع المنهج الذي يطالب الناس به، وإلى أن تقوم الساعة نظل نقول: محمد رسول الله وهذه معجزته.
أمَّا إخوانه من الرسل السابقين فنقول فلان، وكانت معجزته كذا على سبيل الإخبار، والخبر يحتمل الصِّدْق ويحتمل الكذب.
وقد صدَّقنا بهذه المعجزات كلها؛ لأن الله أخبرنا بها في القرآن الكريم، فللقرآن الذي جاء معجزة ومنهجاً الفضل في إبقاء هذه المعجزات؛ لأنه أخبر بها وخلَّد ذكرها.
ثم يرد الله عليهم: {أَوَلَمْ يَكْفُرُواْ بِمَآ أُوتِيَ موسى مِن قَبْلُ...} [القصص: 48] ثم يحكي ما قالوا عن معجزة موسى، وعن معجزة محمد {قَالُواْ سِحْرَانِ تَظَاهَرَا...} [القصص: 48] أي: أن موسى جاء بسحر، ومحمد جاء بسحر آخر، وقد {تَظَاهَرَا..} [القصص: 48] علينا يعني: تعاونا، وهي مأخوذة من الظهر كأنك قُلْت: أعطني ظهرك مع ظهري لنحمل الحِمْل معاً، والظهْر محلُّ الحمل.
والرد على هذا الاتهام يسير، فمعجزة موسى وإنْ كانت من جنس السحر إلا أنها ليست سحْراً، فالسحر يُخيِّل لك أن الحبال حية تسعى، أمّا ما فعله موسى فكان قلب العصا إلى حية حقيقية تسعى وتبتلع سحرهم، لذلك أُلقي السحرة ساجدين؛ لأنهم رأوا معجزة ليستْ من جنس ما نبغوا فيه فآمنوا من فورهم.
أما الذين قالوا عن محمد صلى الله عليه وسلم: إنه ساحر فالردُّ عليهم بسيط: فلماذا لم يسحركم أنتم أيضاً كما سحر المؤمنين به؟
ثم يؤكدون كفرهم بكل من الرسولين: موسى ومحمد: {وَقَالُواْ إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ} [القصص: 48].

.تفسير الآية رقم (49):

{قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (49)}
معنى {قُلْ...} [القصص: 49] أي: في الردّ عليهم {فَأْتُواْ بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ الله هُوَ أهدى مِنْهُمَآ...} [القصص: 49] أي: أهدى من التوراة التي جاء بها موسى، وأهدى من القرآن الذي جاء به محمد ما دام أنهما لم يُعجباكم {أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [القصص: 49] يعني: لو جئتمُ به لاتبعته.
وهذا يعني منهجين: منهج حقٍّ جاء به محمد، ومنهج باطل يُصرون هم عليه، وهذا التحدي من سيدنا رسول الله للكفار يعني أنه لا يوجد كتاب أهدى مما جاء به، لا عند القوم، ولا عند مَنْ سيأتي من بعدهم، وحين يُقر لهم رسول الله بإمكانية وجود كتاب أَهْدى من كتابه يطمعهم في طلبه، فإذا طلبوه لم يجدوا كتاباً أهدى منه، فيعرفوا هم الحقيقة التي لم ينطق بها رسول الله، وهل يستطيع بشر أن يضع للناس منهجاً أهدى من منهج الله؟
إذن: يقول لهم: {إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [القصص: 49] وهو يعلم أنهم غير صادقين، لأن الله تعالى جعل محمداً صلى الله عليه وسلم خاتَم الرسل، فلن يأتي رُسُل بعده، بحيث يأتي الرسول فتستدركوا عليه فيأتي آخر بكتاب جديد، وأنتم لن تستطيعوا أنْ تأتوا بكتاب من عند أنفسكم؛ لأن كل مُقنّن سيأتي الذي يخدم مذهبه، ويُرضي هواه.
لذلك نقول: ينبغي في المقنِّن ويُشترط فيه:
أولاً: أن يكون على علم واسع، بحيث لا يُسْتدرك عليه فيما بعد، وهذه لا تتوفر في أحد من البشر، بدليل أن القوانين التي وُضِعت في الماضي لم تَعُدْ صالحة الآن ينادي الناس كثيراً بتعديلها، حيث طرأتْ عليهم مسائل جديدة غابتْ عن ذِهْن المشرِّع الأول، فلما جدَّتْ هذه المسائل أتعبت البشر بالتجربة، فَطالبوا بتعديلها.
ثانياً: يشترط في المشرِّع ألاَّ يكون له هوى فيما يُشرِّع للناس، ونحن نرى الرأسماليين والشيوعيين، وغيرهم كُلٌّ يشرع بما يخدم مذهبه وطريقته في الحياة؛ لذلك يجب ألاّ يُسند التشريع للناس لأحد منهم؛ لأنه لا يخلو من هوى.
ثالثاً: يُشتَرط فيه ألاَّ يكون منتفعاً بشيء مما يشرع.
وإذا اقتضت مسائل الحياة وتنظيماتها أنْ نُقنّن لها، فلا يُقنِّن لنا من البشر إلا أصحاب العقل الناضج والفكر المستقيم، بحيث يتوفر لهم نُضْج التقنين، لكن إلى أنْ يوجد عندهم نضج التقنين أيّ منهج يسيرون عليه؟
فإنْ حدثتْ فجوة في التشريع عاش الناس بلا قانون، وإلاَّ فما الذي قنَّنَ لأول مُقنِّن؟ الذي قنّن لأول مُقنِّن هو الذي خلق أول مَن خُلق.
ثم يقول الحق سبحانه: {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فاعلم أَنَّمَا...}.

.تفسير الآية رقم (50):

{فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50)}
وهذا يعني أن الله تعالى لم يطاوعهم إلى ما أرادوا، فلم يَأْتِهم بكتاب آخر، لكن كيف كان سيأتيهم هذا الكتاب؟ يجيب الحق تبارك وتعالى على هذا السؤال بقوله تعالى: {لَوْلاَ نُزِّلَ هذا القرآن على رَجُلٍ مِّنَ القريتين عَظِيمٍ} [الزخرف: 31].
إذن: الكلام عندهم ليس في الكتاب، إنما فيمن أُنزِل عليه الكتاب، وهذا معنى: {فاعلم أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ...} [القصص: 50].
ثم يقول سبحانه: {وَمَنْ أَضَلُّ...} [القصص: 50] يعني لا أضل {مِمَّنِ اتبع هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ الله...} [القصص: 50] أي: أتبع هوى نفسه، أما إنْ وافق هواه هوى المشرِّع، فهذا أمر محمود أوضحه رسول الله في الحديث الشريف: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به).
فنحن في هذه الحالة لا نتبع الهوى إنما نتبع الشرع؛ لذلك يقول أحد الصالحين الذين أفنوا عمرهم في الطاعة والعبادة: اللهم إنِّي أخشى ألاَّ تثيبني على طاعتي؛ لأنك أمرتنا أنْ نحارب شهوات أنفسنا، وقد أصبحت أحب الطاعة حتى صارت شهوة عندي.
وأضلُّ الضلال أن يتبع الإنسان هواه؛ لأن الأهواء متضاربة في الخَلْق تضارب الغايات، لذلك المتقابلات في الأحداث موجودة في الكون.
وقد عبَّر المتنبي عن هذا التضارب، فقال:
أَرَى كُلَّنَا يَبْغي الحياةَ لنفسهِ ** حَرِيصاً عَليها مُسْتهاماً بها صبَّا

فحبُّ الجبانِ النفس أوردَهُ التقى ** وحُبُّ الشجاع النفسَ أَوردَهُ الحَربَا

فنحن جميعاً نحب الحياة ونحرص عليها، لكن تختلف وسائلنا، فالجبان لحبه الحياة يهرب من الحرب، والشجاع يُلقي بنفسه في معمعتها مع أنه مُحِبٌّ للحياة، لكنه محب لحياة أخرى أبقى، هي حياة الشهيد.
وآخر يقول:
كُلُّ مَنْ في الوُجودِ يطلبُ صَيْداً ** غير أنَّ الشباك مُختلِفَات

فالرجل الذي يتصدق بما معه رغم حاجته إليه، لكنه رأى مَنْ هو أحوج منه، وفيه قال تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ على أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ...} [الحشر: 9].
نقول: هذا آثر الفقير على نفسه، لكنه من ناحية أخرى يبغي الأجر ويطمع في عَشْرة أمثال ما أنفق، بل يطمع في الجنة، إذن: المسألة فيها نفعية، فالدين عند المحققين أنانية، لكنها أنانية رفيعة راقية، ليست أنانية حمقاء، الدين يرتقي بصاحبه، ويجعله إيجابياً نافعاً للآخرين، ولا عليه بعد ذلك أن يطلب النفع لنفسه.
فالشرع حين يقول لك: لا تسرق. وحين يأمرك بغضِّ بصرك، وغير ذلك من أوامر الشرع، فإنما يُقيِّد حريتك وأنت واحد، لكن يُقيِّد من أجلك حريات الآخرين جميعاً، فقد أعطاك أكثر مما أخذ منك، فإذا نظرت إلى ما أخذ منك باتباعك للمنهج الإلهي فلا تَنْسَ ما أعطاك.
لذلك حين نتأمل النبي صلى الله عليه وسلم وهو يعالج داءات النفوس حينما أتاه شاب من الأعراب الذين آمنوا، يشتكي إليه ضَعْفه أمام النساء، وقلة صبره على هذه الشهوة، حتى قال له: يا رسول الله ائذن لي في الزنا، ومع ذلك لم ينهره رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل علم أنه أمام مريض يحتاج إلى مَنْ يعالجه، ويستل من نفسه هذه الثورة الجامحة، خاصة وقد صارح رسول الله بما يعاني فكان صادقاً مع نفسه لم يدلس عليها.
لذلك أدناه رسول الله، وقال له: يا أخا العرب، أتحب ذلك لأمك؟ أتحب ذلك لزوجتك؟ أتحب ذلك لأختك؟ أتحب ذلك لابنتك؟ والشاب في كل هذا يقول: لا يا رسول الله جُعِلْتُ فِداك.
عندها قال صلى الله عليه وسلم: «كذلك الناس يا أخا العرب لا يحبون ذلك لأمهاتهم ولا لزوجاتهم ولا لأخواتهم ولا لبناتهم».
فانصرف الشاب وهو يقول: والله ما شيء أبغض إليَّ من الزنا بعدما سمعتُ من رسول الله، وكلما هَمَّتْ بي شهوة ذكرتُ قول رسول الله في أمي، وزوجتي، وأختي، وابنتي.
فالذي يُجرِّيء الناس على المعصية والولوع بها عدم استحضار العقوبة وعدم النظر في العواقب، وكذلك يزهدون في الطاعة لعدم استحضار الثواب عليها.
وسبق أن قلنا لطلاب الجامعة: هَبُوا أن فتى عنده شَرَه جنسي، فهو شرهٌ منطلق يريد أنْ يقضي شهوته في الحرام، ونريد له أن يتوب فقلنا له: سنوفر لك كل ما تريد على أنْ تُلقي بنفسك في هذا(الفرن) بعد أن تُنهي ليلتك كما تحب، ماذا يصنع؟
ثم يقول تعالى: {إِنَّ الله لاَ يَهْدِي القوم الظالمين} [القصص: 50] وفي مواضع أخرى: {لاَ يَهْدِي القوم الفاسقين} [المائدة: 108]، {لاَ يَهْدِي القوم الكافرين} [البقرة: 264]، وكلها دلَّتْ على أن الله لا يصنع عدم الهداية والتقوى- وإلاَّ فقد هدى الله الجميع هداية الدلالة والإرشاد فلم يأخذ بها هؤلاء فحُرِموا هداية الإيمان.
ثم يقول الحق سبحانه: {وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ...}.

.تفسير الآية رقم (51):

{وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51)}
كلمة {وَصَّلْنَا..} [القصص: 51] تُشعر بأشياء، انفصل بعضها عن بعض، ونريد أنْ نُوصِّلها، فقوله تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ القول لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [القصص: 51] أي: وصَّلنا لهم الرسالات، فكلما انقضى عهد رسول وكفر الناس أتاهم الله برسالة أخرى ليظلَّ الخَلْق مُتصلِين بهدي الخالق وبمنهجه، أو: أن الأمر خاصٌّ برسول الله صلى الله عليه وسلم، والمعنى وصَّلنا له الآيات، فكلما نزل عليه نجم من القرآن وصَّلنا بنجم آخر حسب الأحداث.
لذلك كانت هذه المسألة من الشبهات التي أثارها خصوم رسول الله، حين قالوا كما حكى عنهم القرآن {وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ القرآن جُمْلَةً وَاحِدَةً...} [الفرقان: 32] فردَّ عليهم القرآن ليبين لهم حكمة نزوله مُنجَّماً: {كَذَلِكَ...} [الفرقان: 32] أي: أنزلناه كذلك مُنجَّماً {لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً} [الفرقان: 32].
فلو نزل القرآن جملة واحدة لكان التثبيت لرسول الله مرة واحدة، وهو محتاج إلى تثبيت مستمر مع الأحداث التي سيتعرَّض لها، فيوصل الله له الآيات ليظل على ذَكْر من سماع كلام ربه كلما اشتدتْ به الأحداث، فيأتيه النجم من القرآن لَيُسلِّيه، ويُسرِّي عنه ما يلاقي من خصومه.
وحكمة أخرى في قوله: {وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً} [الفرقان: 32] فكلما نزل قِسْط من القرآن سَهُلَ عليهم حفظه وترتيبه والعمل به، كما أن المؤمنين المأمورين بهذا المنهج ستستجد عليهم قضايا، وسوف يسألون فيها رسول الله، فكيف سيكون الجواب عليها إنْ نزل القرآن جملة واحدة.
لا بُدَّ أن يتأخر الجواب إلى أنْ يطرأ السؤال؛ لذلك يقول تعالى: {وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بالحق وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً} [الفرقان: 33].
وقد ورد الفعل يسألونك في القرآن عدة مرات في سور شتى، فكيف تتأتى لنا الإجابة لو جاء القرآن كما تقولون جملة واحدة، ثم سبحان الله هل اطقتموه مُنجمَّاً حتى تطلبوه جملة واحدة؟
ثم تختم الآية بحكمة أخرى: {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [القصص: 51] فكلما نزل نجم من القرآن ذكَّرهم بما غفلوا عنه من منهج الله.
ثم يقول الحق سبحانه: {الذين آتَيْنَاهُمُ...}.