فصل: تفسير الآية رقم (7):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الشعراوي



.تفسير الآية رقم (6):

{لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6)}
الحق تبارك وتعالى يمتنُّ بما يملكه سبحانه في السموات وفي الأرض وما تحت الثرى، والله تعالى لا يمتنُّ إلا بملكية الشيء النفيس الذي يُنتفع به.
وكأنه سبحانه يلفت أنظار خَلْقه إلى ما في الكون من مُقوِّمات حياتهم المادية ليبحثوا عنها، ويستنبطوا ما ادَّخره لهم من أسرار وثروات في السموات والأرض، والناظر في حضارات الأمم يجد أنها جاءت إما حَفْريات الأرض، أو من أسرار الفضاء الأعلى في عصر الفضاء.
ولو فهم المسلمون هذه الآية منذ نزلت لَعلموا أن في الأرض وتحت الثرى وهو:(التراب) كنوزاً وثروات ما عرفوها إلا في العصر الحديث بعد الاكتشافات والحفريات، فوجدنا البترول والمعادن والأحجار الثمينة، كلها تحت الثَّرى مطمورةً تنتظر مَنْ يُنقِّب عنها وينتفع بها.

وقد أوضح العلماء أن هذه الثروات موزعة في أرض الله بالتساوي، بحيث لو أخذتَ قطاعاتٍ متساوية من أراض مختلفة لوجدتَ أن الثروات بها متساوية: هذه بها ماء، وهذه مزروعات، وهذه معادن، وهذه بترول وهكذا. فهي أشبه بالبطيخة حين تقسمها إلى قِطع متساوية من السطح إلى المركز.
لذلك يقول تعالى: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ} [الحجر: 21].
إذن: فالخير موجود ينتظر القَدَر ليظهر لنا وننتفع به.
ثم يقول تبارك وتعالى: {وَإِن تَجْهَرْ بالقول}

.تفسير الآية رقم (7):

{وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7)}
الحق سبحانه وتعالى حينما يطلب من رسوله أن يذكر يريد منه أن يُذكِّر تذكيراً مرتبطاً بنيته، لا ليقطع العَتْب عنه نفسه، فالمسألة ليست جهراً بالتذكير.
وإذا كان تعالى يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم: إنني سأحرس سرك كما أحرس علانيتك، وأن الجهر عندي مثل السر، بل وأخفى من السر، وهو صلى الله عليه وسلم مؤتمن على الرسالة فإنه تعالى يقول أيضاً لأمته: إياكم أن تقولوا كلاماً ظاهره فيه الرحمة، ونيتكم غير مستقرة عليه؛ لأن الله كما يعلم الجهر يعلم السر، وما هو أخفى من السر.
وتكلمنا عن الجهر، وهو أن تُسمع مَنْ يريد أن يسمع، والسر: أن تخصَّ واحداً بأن تضع في أذنه كلاماً لا تحب أن يشيع عند الناس، وتهمس في أذنه بأنك المأمون على هذا الكلام، وأنت ترتاح نفسياً حينما تُلقِي بسرِّك إلى مَنْ تثق فيه، وتأمن أَلاَّ يذيعه، وهناك في حياة كل منا أمور تضيق النفس بها، فلابد لك أن تُنفِّسَ عن نفسك، كما قال الشاعر:
وَلاَ بُدَّ مِنْ شَكْوَى إِلَى ذِي مُرُوءَةٍ ** يوَاسِيكَ أَوْ يُسْلِيكَ أَوْ يتوجَّعُ

فأنت إذن في حاجة لمَنْ يسمع منك ليريحك، ويُنفِّس عنك، ولا يفضحك بما أسررْتَ إليه.
ومعنى {وَأَخْفَى} [طه: 7] أي: أَخْفى من السر، فإنْ كان سِرُّك قد خرج من فمك إلى أذن سامعك، فهناك ما هو أَخْفَى من السر، أي: ما احتفظتَ به لنفسك ولم تتفوَّه به لأحد.
لذلك يقول تعالى: {وَأَسِرُّواْ قَوْلَكُمْ أَوِ اجهروا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور} [الملك: 13] أي: مكنوناتها قبل أن تصير كلاماً.
وقال أيضاً: {وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} [ق: 16] فوسوسة النفس، وذات الصدور هي الأَخْفى من السر، فلديْنَا إذن جَهْر، وسِرٌّ، وأخفى من السر، لكن بعض العارفين يقول: وهناك في علم الله ما هو أخْفى من الأَخفى، فما هو؟ يقول: إنه تعالى يعلم ما سيكون في النفس قبل أن يكون.
وبعد ذلك جاء الحق سبحانه بالكلمة التي بعث عليها الرسل جميعاً: {الله لا إله إِلاَّ هُوَ}

.تفسير الآية رقم (8):

{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (8)}
هذه الكلمة(لا إله إلا هو) هي قمة العقيدة، وقال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: «خير ما قلته أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله».
وما دام لا إله إلا الله، فهو سبحانه المؤْتَمن عليك، فليس هناك إله آخر يُعقِّب عليه، فاعمل لوجهه يكْفك كل الأوجه وتريح نفسك أن تتنازعك قوى شتى ومختلفة، ويُغنيك عن كل غنى.
وحينما دخل أعرابي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتكلم مع أبي بكر رضي الله عنه لم يفهم من كلامهما شيئاً، فقال: يا رسول الله أنا لا أُحسن دندنتك ولا دندنة أبي بكر، أنا لا أعرف إلا: لا إله إلا الله محمد رسول الله. فقال صلى الله عليه وسلم: «حَوْلَها ندندن يا أخا العرب».
فهي الأساس والمركز الذي يدور حوله الإسلام.
وكلمة(اللهُ) عَلَم على واجب الوجود بكل صفات الكمال له، فهو الله الموجود، الله القادر، الله العالم، الله الحيّ، الله المحيي، الله الضار. فكل هذه صفات له سبحانه، لكن هذه الصفات لما بلغتْ حَدَّ الكمال فيه تعالى أصبحتْ كالاسم العَلَم، بحيث إذا أُطلِق الخالق لا ينصرف إلا له، والرازق لا ينصرف إلا له.
وقد يشترك الخلْق مع الخالق في بعض الصفات، كما في قوله تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ القسمة أُوْلُواْ القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم} [النساء: 8].
فالإنسان أيضاً يرزق، لكن رزقه من باطن رزق الله، فهو سبحانه الرازق الأعلى، ومن بَحْره يغترف الجميع.
وكما في قوله تعالى: {فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين} [المؤمنون: 14] وقال تعالى: {وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً} [العنكبوت: 17].
ومعنى ذلك أن هناك خالقين غيره سبحانه، ومعنى الخَلْق: الإيجاد من عدم، فالذي جاء بالرمل وصنع منه كوباً فهو خالق للكوب، فأنت أوجدتَ شيئاً من عدم، والله تعالى أوجد شيئاً من عدم، ولكنك أوجدت من موجود الله قبل أن توجد أنتَ، فهو إذن أحسن الخالقين في حين لم يضِنّ عليك ربك بأنْ ينصفك ويسميك خالقاً. وهذا يوجب عليك أنْ تنصفه سبحانه وتقول {أَحْسَنُ الخالقين} [المؤمنون: 14].
وأيضاً، فإن الله تعالى إذا احترم إيجادك لمعدوم فسمَّاك خالقاً له، ولم يَضِنّ عليك فأعطاك صفة من صفاته إنما أخبرك أنه أحسن الخالقين؛ لأنك تُوجِد معدوماً يظل على إيجادك ويجمد على هذه الحالة، لكن الخالق سبحانه وتعالى يُوجِد معدوماً ويمنحه الحياة، ويجعله يتلقى بمثله ويُنجب، فهل يستطيع الإنسان الذي أوجد كوباً أن يجعل منه ذكراً وأنثى ينتجان لنا الأكواب؟! وهل يكبر الكوب الصغير، أو يتألم إنْ كُسِر مثلاً؟!
إذن: فالخالق سبحانه هو أحسن الخالقين، وكذلك هو خير الرازقين، وخَيْر الوارثين، وخَيْر الماكرين.
وقوله تعالى: {لَهُ الأسمآء الحسنى} [طه: 8] الحُسْنى: صيغة تفضيل للمؤنث مثل: كُبْرى، تقابل (أحسن) للمذكر. إذن: فهناك أسماء حسنة هي أسماء الخَلْق، أما أسماء الله فحسنى؛ لأنها بلغتْ القمة في الكمال، ولأن الأسماء والصفات التي تنطبق عليها موجودة في الخالق الأعلى سبحانه، فحين تقول في أسماء الله تعالى(الرازق) فهي الصفة الحُسْنى لا الحسنة.
لذلك لما أراد رجل يُدْعى(سعد) أن يشاور أباه في خطبة ابنته حسنى وقد تقدم لها رجلان: حسن وأحسن. فقال له أبوه(فحسنى يا سعد للأحسن).
وقال تعالى: {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الحسنى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] فلم يقل: حسنة، لأنهم أحسنوا فاستحقوا الحُسْنى بل وزيادة.
وأسماء الله تعالى هي في الحقيقة صفات، إلا أنها لما أُطلِقت على الحق تبارك وتعالى أصبحتْ أسماء. ولَكَ أنْ تُسمَّى فتاة زنجية(قمر) وتسمى قِزْماً(الطويل) لأن الاسم إذا أُطلِق عَلَماً على الغير انحلَّ عن معناه الأصلي ولزم العَلَمية فقط، لكن أسماء الله بقيتْ على معناها الأصلي حتى بعد أنْ أصبحتْ عَلَماً على الله تعالى، فهي إذن أسماء حُسْنى.
وبعد أن تكلَّم الحق تبارك وتعالى عن الرسول الخاتم صاحب المنهج الخاتم فليس بعده نبي وليس بعد منهجه منهج أراد سبحانه أنْ يُسلّيه تسليةً تُبيّن مركزه في موكب الرسالات، وأنْ يعطيه نموذجاً لمن سبقوه من الرسل، وكيف أن كل رسول تعب على قَدْر رسالته، فإنْ كانت الرسالات السابقة محدودة الزمان محدودة المكان، ومع ذلك تعب أصحابها في سبيلها، فما بالك برسول جاء لكل الزمان ولكل المكان؟ لابد أنه سيواجه من المتاعب مثل هؤلاء جميعاً.
إذن: فوطَّن نفسك يا محمد على أنك ستلْقَى من المتاعب والصعاب ما يناسب عظمتك في الرسالة وخاتميتك للأنبياء، وامتداد رسالتك في الزمان إلى أنْ تقومَ الساعة، وفي المكان إلى ما اتسعتْ الأرض.
لذلك اختار الحق تبارك وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم نبياً من أُولي العزم؛ لأنه جاء لبني إسرائيل وجاء لفرعون، وقد كان بنو إسرائيل قوماً ماديين، أما فرعون فقد ادَّعى الألوهية، اختار موسى عليه السلام ليقصّ على رسول الله قصته ويُسلِّيه فيما يواجهه من متاعب الدعوة، كما قال تعالى: {وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرسل مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَآءَكَ فِي هذه الحق وَمَوْعِظَةٌ وذكرى لِلْمُؤْمِنِينَ} [هود: 120].
وقال تعالى: {قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ الرسل} [الأحقاف: 9].
فأنت يا محمد كغيرك من الرسل، وقد وجدوا من المشقة على قَدْر رسالاتهم، وسوف تجد أنت أيضاً من المشقة على قَدْر رسالتك. ونضرب لذلك مثلاً بالتلميذ الذي يكتفي بالإعدادية وآخر بالثانوية أو الجامعة، وآخر يسعى للدكتوراة، فلا شَكَّ أن كلاّ منهم يبذل من الجهد على قَدْر مهمته.
لذلك يقول تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ موسى}

.تفسير الآية رقم (9):

{وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9)}
إذا جاء الاستفهام من الله تعالى فاعلم أنه استفهام على غير حقيقته، فلا يُرَاد هنا طب الفهم، لأن أخبار محمد تأتيه من ربه عز وجل فكيف يستفهم منه. إنما المراد بالاستفهام هنا التشويق لما سيأتي كما تقول لصاحبك: هل بلغك ما حدث بالأمس؟ فيُشوِّقه لسماع ما حدث.
والحديث: أي الخبر عنه سواء أكان بالوحي، أو بغير الوحي، كأن حكيت له قصة موسى عليه السلام.. فهل بلغتْك هذه القصة؟ اسمعها الآن مني: {إِذْ رَأَى نَاراً فَقَالَ لأَهْلِهِ}

.تفسير الآية رقم (10):

{إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10)}
نلحظ هنا أن السياق لم يذكر قصة موسى من أولها لما قال تعالى: {وَأَوْحَيْنَآ إلى أُمِّ موسى أَنْ أَرْضِعِيهِ} [القصص: 7] ثم خروجه من المدينة خائفاً وذهابه إلى شعيب.. إلخ، وإنما قصد إلى مَنَاط الأمر، وهي الرسالة مباشرة.
وقوله: {إني آنَسْتُ نَاراً لعلي آتِيكُمْ مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النار هُدًى} [طه: 10] آنست: أي أبصرت، وشعرت بشيء يستأنس به ويُفرَح به ويُطمأن إليه، ومقابلها(توجست) للشر الذي يخاف منه كما في قوله: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً موسى} [طه: 67].
(لَعلَّى) رجاء أنْ أجدَ فيها القبس، وهو شعلة النار التي تُتَّخذ من النار إنْ إدركت النار وهي ذات لَهَب، فتأخذ منها عوداً مشتعلاً مثل الشمعة.
وفي سياق آخر قال:(جذوة) وهي النار حينما ينطفئ لهبها ويبقى منها جمرات يمكن أن تشعل منها النار. وفي موضع آخر قال: {سَآتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ} [النمل: 7].
وهذه كلها صور متعددة، وحالات للنار، ليس فيها تعارض كما يحلو للبعض أن يقول، فموسى عليه السلام حينما قال {لعلي آتِيكُمْ} [طه: 10] يرجو أن يجد القبس، لكن لا يدري حال النار عندما يأتيها، أتكون قَبَساً أم جَذوة؟
وقد طلب موسى عليه السلام القَبَس لأهله؛ لأنهم كانوا في ليلة مطيرة شديدة البرد، وهم غرباء لا يعلمون شيئاً عن المكان، فهو غير مطروق لهم فيسيرون لا يعرفون لهم اتجاهاً، فماذا يفعل موسى عليه السلام ومعه زوجته وولده الصغير وخادمه؟
إنهم في أمسِّ الحاجة للنار، إما للتدفئة في هذا الجو القارس، وإما لطلب هداية الطريق، لذلك قال: {أَوْ أَجِدُ عَلَى النار هُدًى} [طه: 10] أي: هادياً يدلّنا على الطريق.
وفي موضع آخر قال: {لعلي آتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ} [القصص: 29].
لذلك لما أبصر موسى عليه السلام النار أسرع إليها بعد أنْ طمأن أهله: {امكثوا إني آنَسْتُ نَاراً} [طه: 10].
وهذه المسألة من قصة موسى كانت مثَارَ تشكيك من خصوم الإسلام، حيث وجدوا سياقات مختلفة لقصة واحدة، فمرة يقول: {امكثوا إني آنَسْتُ نَاراً لعلي آتِيكُمْ} [طه: 10]، وفي موضع آخر يقول: {لعلي آتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ} [القصص: 29].
ومرة يقول:(قَبَس) وأخرى يقول(بِشهَابٍ قَبَسٍ) ومرة(بجَذْوَة) ومرة يقول: {أَوْ أَجِدُ عَلَى النار هُدًى} [طه: 10] ومرة يقول: {لعلي آتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ} [القصص: 29].
والمتأمل في الموقف الذي يعيشه الآن موسى وامرأته وولده الصغير وخادمه في هذا المكان المنقطع وقد أكفهرَّ عليهم الجو، يجد اختلاف السياق هنا أمراً طبيعياً، فكلُّ منهم يستقبل الخبر من موسى بشكل خاص، فلما رأى النار وأخبرهم بها أراد أنْ يُطمئنهم فقال: {سَآتِيكُمْ} [النمل: 7] فلما رآهم مُتعلِّقين به يقولون: لا تتركنا في هذا المكان قال: {امكثوا} [طه: 10] وربما قال هذه لزوجه وولده وقال هذه لخادمه. فلابد أنهم راجعوه. فاختلفت الأقوال حول الموقف الواحد.
كذلك في قوله: قَبَسٍ أو جَذْوةٍ لأنه حين قال: {لعلي آتِيكُمْ} [طه: 10] يرجو أن يجد هناك القبس، لكن لعله يذهب فيجد النار جَذْوة. وفي مرة أخرى يجزم فيقول: {سَآتِيكُمْ} [النمل: 7].
إذن: هي لقطات مختلفة تُكوِّن نسيج القصة الكاملة، وتعددتْ الكلمات لأن الموقف قابلٌ للمراجعة، ولا ينتهي بكلمة واحدة.
ثم يقول الحق سبحانه: {فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ}