فصل: بَابُ: عِشْرَةِ النِّسَاءِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شرح منتهى الإرادات ***


شرح منتهى الإرادات

الجزء الخامس

بَابُ‏:‏ عِشْرَةِ النِّسَاءِ

وَالْعِشْرَةُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَصْلُهَا الِاجْتِمَاعُ، وَيُقَالُ‏:‏ لِكُلِّ جَمَاعَةٍ عِشْرَةٌ وَمَعْشَرٌ ‏(‏وَهِيَ‏)‏ هُنَا ‏(‏مَا يَكُونُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مِنْ الْأُلْفَةِ وَالِانْضِمَامِ يَلْزَمُ كُلًّا‏)‏ مِنْ الزَّوْجَيْنِ ‏(‏مُعَاشَرَةُ الْآخَرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَأَنْ لَا يَمْطُلَهُ بِحَقِّهِ وَلَا يُنْكِرَهُ لِبَذْلِهِ‏)‏ أَيْ‏:‏ مَا عَلَيْهِ مِنْ حَقِّ الْآخَرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ‏}‏، وقَوْله تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو زَيْدٍ‏:‏ تَتَّقُونَ اللَّهَ فِيهِنَّ كَمَا عَلَيْهِنَّ أَنْ يَتَّقِينَ اللَّهَ فِيكُمْ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إنِّي لَأُحِبُّ أَنْ أَتَزَيَّنَ لِلْمَرْأَةِ كَمَا أُحِبُّ أَنْ تَتَزَيَّنَ لِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ‏}‏، وَيُسْتَحَبُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا تَحْسِينُ الْخُلُقِ لِصَاحِبِهِ، وَالرِّفْقُ بِهِ وَاحْتِمَالُ أَذَاهُ‏.‏

وَفِي حَدِيثِ ‏{‏اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّهُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ‏}‏ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَحَقُّ الزَّوْجِ أَعْظَمُ مِنْ حَقِّهَا عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ‏}‏، وَحَدِيثِ ‏{‏لَوْ كُنْت آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْت النِّسَاءَ أَنْ يَسْجُدْنَ لِأَزْوَاجِهِنَّ لِمَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ الْحَقِّ‏}‏ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد‏.‏

وَيَنْبَغِي إمْسَاكُهَا مَعَ كَرَاهَتِهِ لَهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا‏}‏‏.‏

قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَغَيْرُهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رُبَّمَا رُزِقَ مِنْهَا وَلَدًا فَجَعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا‏.‏

‏(‏وَيَجِبُ بِعَقْدِ تَسْلِيمِهَا‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجَةِ ‏(‏بِبَيْتِ زَوْجٍ إنْ طَلَبَهَا‏)‏ كَمَا يَجِبُ تَسْلِيمُهَا الصَّدَاقَ إنْ طَلَبَتْهُ ‏(‏وَهِيَ حُرَّةٌ‏)‏، وَتَأْتِي الْأَمَةُ ‏(‏وَلَمْ تَشْتَرِطْ دَارَهَا‏)‏ فَإِنْ شَرَطَتْهَا فَلَهَا الْفَسْخُ إذَا نَقَلَهَا عَنْهَا لِلُزُومِ الشَّرْطِ، وَتَقَدَّمَ ‏(‏وَأَمْكَنَ اسْتِمْتَاعٌ بِهَا‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجَةِ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْ تَسْلِيمُهَا إلَيْهِ وَإِنْ قَالَ‏:‏ أَحْضُنُهَا وَأُرَبِّيهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلِاسْتِمْتَاعِ وَلَا يُؤْمَنُ أَنْ يُوَاقِعَهَا فَيُفْضِيَهَا ‏(‏وَنَصُّهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ أَنَّ الَّتِي يَجِبُ تَسْلِيمُهَا ‏(‏بِنْتُ تِسْعٍ‏)‏ قَالَ‏:‏ فَإِنْ أَتَى عَلَيْهَا تِسْعُ سِنِينَ دُفِعَتْ إلَيْهِ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَحْبِسُوهَا بَعْدَ التِّسْعِ، وَذَهَبَ فِي ذَلِكَ إلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنَى بِعَائِشَةَ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ فَيَلْزَمُ تَسْلِيمُهَا ‏(‏وَلَوْ‏)‏ كَانَتْ ‏(‏نِضْوَةَ الْخِلْقَةِ‏)‏ أَيْ‏:‏ مَهْزُولَةَ الْجِسْمِ، ‏(‏وَيُسْتَمْتَعُ بِمَنْ يُخْشَى عَلَيْهَا كَحَائِضٍ‏)‏ أَيْ‏:‏ بِمَا دُونَ الْفَرْجِ، وَقَالَ الْقَاضِي‏:‏ هَذَا عِنْدِي لَيْسَ عَلَى طَرِيقَةِ التَّحْدِيدِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ بِنْتَ تِسْعِ سِنِينَ يُتَمَكَّنُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا، ‏(‏وَيُقْبَلُ قَوْلُ‏)‏ امْرَأَةٍ ‏(‏ثِقَةٍ فِي ضِيقِ فَرْجِهَا، وَعَبَالَةِ ذَكَرِهِ وَنَحْوِهِمَا‏)‏ كَقُرُوحٍ بِفَرْجٍ كَسَائِرِ عُيُوبِ النِّسَاءِ تَحْتَ الثِّيَابِ ‏(‏وَ‏)‏ لِلثِّقَةِ أَنْ ‏(‏تَنْظُرَهُمَا‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجَيْنِ ‏(‏لِحَاجَةٍ وَقْتَ اجْتِمَاعِهِمَا‏)‏ لِتَشْهَدَ بِمَا تُشَاهِدُ، ‏(‏وَيَلْزَمُهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجَ ‏(‏تَسَلُّمُهَا‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجَةِ ‏(‏إنْ بَذَلَتْهُ‏)‏ فَتَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ تُسَلَّمُهَا أَوَّلًا‏.‏

‏(‏وَلَا يَلْزَمُ‏)‏ زَوْجَةً أَوْ وَلِيُّهَا ‏(‏ابْتِدَاءُ تَسْلِيمِ مُحْرِمَةٍ‏)‏ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ ‏(‏أَوْ مَرِيضَةٍ‏)‏ لَا يُمْكِنُ اسْتِمْتَاعٌ بِهَا، وَصَغِيرَةٍ، وَحَائِضٍ، وَلَوْ قَالَ‏:‏ لَا أَطَأُ‏)‏ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَعْذَارَ تَمْنَعُ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا وَيُرْجَى زَوَالُهَا أَشْبَهَ مَا لَوْ طَلَبَ تَسْلِيمَهَا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، وَقَوْلُهُ ابْتِدَاءُ احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ طَرَأَ الْإِحْرَامُ أَوْ الْمَرَضُ أَوْ الْحَيْضُ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَيْسَ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا مِنْ زَوْجِهَا مِمَّا يُبَاحُ لَهُ مِنْهَا وَلَوْ بَذَلَتْ نَفْسَهَا وَهِيَ كَذَلِكَ لَزِمَهُ تَسَلُّمُ مَا عَدَا الصَّغِيرَةَ‏.‏

‏(‏وَمَتَى امْتَنَعَتْ‏)‏ الزَّوْجَةُ مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا ‏(‏قَبْلَ مَرَضٍ ثُمَّ حَدَثَ‏)‏ الْمَرَضُ ‏(‏فَلَا نَفَقَةَ لَهَا‏)‏ وَلَوْ بَذَلَتْ نَفْسَهَا عُقُوبَةً لَهَا‏.‏

‏(‏وَلَوْ أَنْكَرَ‏)‏ مَنْ ادَّعَتْ زَوْجَتُهُ ‏(‏أَنَّ وَطْأَهُ يُؤْذِيهَا فَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ‏)‏؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ أَشْبَهَ سَائِرَ الدَّعَاوَى‏.‏

‏(‏وَمَنْ اسْتَمْهَلَ مِنْهُمَا‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ ‏(‏لَزِمَ إمْهَالُهُ مَا‏)‏ أَيْ‏:‏ زَمَنًا ‏(‏جَرَتْ عَادَةٌ بِإِصْلَاحِ أَمْرِهِ‏)‏ أَيْ‏:‏ الْمُسْتَمْهَلِ ‏(‏فِيهِ‏)‏ كَالْيَوْمَيْنِ، وَالثَّلَاثَةِ طَلَبًا لِلْيُسْرِ وَالسُّهُولَةِ، وَيَرْجِعُ فِي ذَلِكَ لِلْعُرْفِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ فِيهِ و‏(‏لَا‏)‏ يُمْهَلُ مِنْ طَلَبِ الْمُهْلَةِ مِنْهُمَا ‏(‏لِعَمَلِ جِهَازٍ‏)‏ بِفَتْحِ الْجِيمِ، وَكَسْرِهَا‏.‏

وَفِي الْغُنْيَةِ إنْ اسْتَمْهَلَتْ هِيَ أَوْ أَهْلُهَا اُسْتُحِبَّ لَهُ إجَابَتُهُمْ مَا يُعْلَمُ بِهِ التَّهَيُّؤُ مِنْ شِرَاءِ جِهَازٍ، وَتَزَيُّنٍ‏.‏

‏(‏وَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُ أَمَةٍ مَعَ الْإِطْلَاقِ إلَّا لَيْلًا‏)‏ نَصًّا وَلِلسَّيِّدِ اسْتِخْدَامُهَا نَهَارًا؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ يَمْلِكُ مِنْ أَمَتِهِ مَنْفَعَتَيْنِ الِاسْتِخْدَامَ، وَالِاسْتِمْتَاعَ فَإِذَا عَقَدَ عَلَى إحْدَاهُمَا لَمْ يَلْزَمْهُ تَسْلِيمُهَا إلَّا فِي زَمَنِ اسْتِيفَائِهَا كَمَا لَوْ أَجَّرَهَا لِلْخِدْمَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ تَسْلِيمُهَا إلَّا فِي زَمَنِهَا وَهُوَ النَّهَارُ ‏(‏فَلَوْ شَرَطَ‏)‏ تَسْلِيمَهَا ‏(‏نَهَارًا‏)‏ وَجَبَ لِحَدِيثِ ‏{‏الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ‏}‏ ‏(‏أَوْ بَذَلَهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ تَسْلِيمَهَا نَهَارًا ‏(‏سَيِّدٌ وَقَدْ شَرَطَ كَوْنَهَا‏)‏ أَيْ‏:‏ الْأَمَةِ ‏(‏فِيهِ‏)‏ أَيْ‏:‏ النَّهَارِ ‏(‏عِنْدَهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ السَّيِّدِ ‏(‏أَوَّلًا‏)‏ أَيْ‏:‏ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ ‏(‏وَجَبَ تَسْلِيمُهَا‏)‏ عَلَى الزَّوْجِ نَهَارًا؛ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ تَقْتَضِي وُجُوبَ التَّسْلِيمِ مَعَ الْبَذْلِ لَيْلًا، وَنَهَارًا وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْهُ فِي الْأَمَةِ نَهَارًا لِحَقِّ السَّيِّدِ فَإِذَا بَذَلَهُ فَقَدْ تَرَكَ حَقَّهُ فَعَادَ إلَى الْأَصْلِ‏.‏

‏(‏وَلَهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجِ ‏(‏الِاسْتِمْتَاعُ‏)‏ بِزَوْجَتِهِ أَيْنَ شَاءَ ‏(‏وَلَوْ‏)‏ كَانَ ‏(‏مِنْ جِهَةِ الْعَجِيزَةِ فِي قُبُلٍ‏)‏ لِاخْتِصَاصِ التَّحْرِيمِ بِالدُّبُرِ دُونَ مَا سِوَاهُ وَلَا يُكْرَهُ الْوَطْءُ فِي يَوْمٍ مِنْ الْأَيَّامِ وَلَا لَيْلَةٍ مِنْ اللَّيَالِي وَكَذَا الْخِيَاطَةُ، وَسَائِرُ الصِّنَاعَاتِ ‏(‏مَا لَمْ يَضُرَّ‏)‏ اسْتِمْتَاعُهُ بِهَا ‏(‏أَوْ يَشْغَلْهَا‏)‏ اسْتِمْتَاعُهُ ‏(‏عَنْ فَرْضٍ‏)‏ وَلَوْ عَلَى تَنُّورٍ أَوْ ظَهْرِ قَتَبٍ وَنَحْوِهِ كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُقَدَّرُ بِشَيْءٍ سِوَى ذَلِكَ وَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا، وَتَنَازَعَا‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ لِزَوْجٍ ‏(‏السَّفَرُ‏)‏ حَيْثُ شَاءَ ‏(‏بِلَا إذْنِهَا‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجَةِ وَلَوْ عَبْدًا مَعَ سَيِّدِهِ، وَبِدُونِهِ بِخِلَافِ سَفَرِهَا بِلَا إذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهَا عَلَيْهِ، ‏(‏وَ‏)‏ لَهُ السَّفَرُ ‏(‏بِهَا‏)‏ ‏(‏إلَّا أَنْ تَشْتَرِطَ بَلَدَهَا‏)‏؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ كَانُوا يُسَافِرُونَ بِنِسَائِهِمْ فَإِنْ شَرَطَتْ بَلَدَهَا فَلَهَا شَرْطُهَا لِحَدِيثِ ‏{‏إنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ يُوَفَّى بِهَا مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ‏}‏ ‏(‏أَوْ‏)‏ إلَّا أَنْ تَكُونَ ‏(‏أَمَةً فَلَيْسَ لَهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجِ سَفَرٌ بِهَا بِلَا إذْنِ سَيِّدِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ مَنْفَعَتِهَا نَهَارًا عَلَى سَيِّدِهَا ‏(‏وَلَا لِسَيِّدٍ سَفَرٌ بِهَا‏)‏ أَيْ‏:‏ بِأَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ ‏(‏بِلَا إذْنِ الْآخَرِ‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجِ صَحِبَهُ الزَّوْجُ أَمْ لَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ اسْتِمْتَاعِ زَوْجِهَا بِهَا لَيْلًا ‏(‏وَلَا يَلْزَمُ‏)‏ زَوْجَ أَمَةٍ ‏(‏وَلَوْ بَوَّأَهَا‏)‏ أَيْ‏:‏ هَيَّأَ لَهَا ‏(‏سَيِّدُهَا مَسْكَنًا أَنْ يَأْتِيَهَا الزَّوْجُ فِيهِ‏)‏؛ لِأَنَّ السَّكَنَ مِنْ حَقِّ الزَّوْجِ لَهُ لَا لِسَيِّدِهَا كَالْحُرَّةِ ‏(‏وَلَهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ السَّيِّدِ ‏(‏السَّفَرُ بِعَبْدِهِ الْمُزَوَّجِ، وَاسْتِخْدَامُهُ نَهَارًا‏)‏، وَمَنْعُهُ مِنْ التَّكَسُّبِ لِتَعَلُّقِ الْمَهْرِ، وَالنَّفَقَةِ بِذِمَّةِ سَيِّدِهِ وَلَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ تَطَوُّعٌ بِصَلَاةٍ وَلَا صَوْمٍ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا تَأْذَنُ فِي بَيْتِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ‏.‏

‏(‏وَلَوْ قَالَ سَيِّدُ‏)‏ أَمَةٍ لِمَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا ‏(‏بِعْتُكَهَا فَقَالَ‏)‏ مُدَّعًى عَلَيْهِ ‏(‏بَلْ زَوَّجَتْنِيهَا وَجَبَ تَسْلِيمُهَا‏)‏ لِمُدَّعِي تَزَوُّجِهَا ‏(‏وَتَحِلُّ لَهُ‏)‏؛ لِأَنَّهَا إمَّا أَمَتُهُ أَوْ زَوْجَتُهُ، ‏(‏وَيَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ مِنْ ثَمَنِهَا أَوْ مَهْرِهَا‏)‏ لِاعْتِرَافِهِ بِهِ لِسَيِّدِهَا ‏(‏وَيَحْلِفُ‏)‏ مُدَّعًى عَلَيْهِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا ‏(‏لِ‏)‏ ثَمَنٍ ‏(‏زَائِدٍ‏)‏ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ مِنْ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لَهُ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ مِنْهُ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ ‏(‏وَمَا أَوْلَدَهَا‏)‏ مَنْ سُلِّمَتْ إلَيْهِ بِدَعْوَى الزَّوْجِيَّةِ ‏(‏فَ‏)‏ هُوَ ‏(‏حُرٌّ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ‏)‏ لِإِقْرَارِ السَّيِّدِ بِأَنَّهَا مِلْكُ الْوَاطِئِ ‏(‏وَنَفَقَتُهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ الْوَلَدِ ‏(‏عَلَى أَبِيهِ‏)‏ كَسَائِرِ الْأَوْلَادِ الَّذِينَ لَا مَالَ لَهُمْ ‏(‏وَنَفَقَتُهَا‏)‏ أَيْ‏:‏ الْأَمَةِ ‏(‏عَلَى زَوْجِهَا‏)‏؛ لِأَنَّهُ إمَّا زَوْجٌ أَوْ مَالِكٌ ‏(‏وَلَا‏)‏ يَمْلِكُ أَنْ ‏(‏يَرُدَّهَا‏)‏ مَنْ سُلِّمَتْ لَهُ ‏(‏بِعَيْبٍ‏)‏ لَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ بِهِ ‏(‏وَلَا غَيْرِهِ‏)‏ كَغَبْنٍ أَوْ تَدْلِيسٍ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الشِّرَاءَ أَوْ يَدَّعِي الزَّوْجِيَّةَ ‏(‏وَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ‏)‏ مَوْتِ ‏(‏وَاطِئٍ وَقَدْ كَسَبَتْ‏)‏ شَيْئًا ‏(‏فَلِسَيِّدٍ مِنْهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ كَسْبِهَا ‏(‏قَدْرُ‏)‏ بَاقِي ‏(‏ثَمَنِهَا‏)‏؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي غَيْرَهُ، وَالزَّوْجُ يَعْتَرِفُ لَهُ بِالْجَمِيعِ ‏(‏وَبَقِيَّتُهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ كَسْبِهَا ‏(‏مَوْقُوفٌ حَتَّى يَصْطَلِحَا‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجُ، وَالسَّيِّدُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لَا يَعُدُّهُمَا‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ مَاتَتْ ‏(‏بَعْدَهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ الْوَاطِئِ، ‏(‏وَقَدْ أَوْلَدَهَا‏)‏ أَيْ‏:‏ الْوَاطِئُ ‏(‏فَ‏)‏ هِيَ ‏(‏حُرَّةٌ‏)‏ لِاعْتِرَافِ السَّيِّدِ أَنَّهَا عَتَقَتْ بِمَوْتِ الْوَاطِئِ ‏(‏وَيَرِثُهَا وَلَدُهَا إنْ كَانَ‏)‏ حَيًّا كَسَائِرِ الْحَرَائِرِ وَكَذَا إنْ كَانَ لَهَا أَخٌ حُرٌّ أَوْ نَحْوُهُ ‏(‏وَإِلَّا‏)‏ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ وَلَا وَارِثٌ حُرٌّ ‏(‏وُقِفَ‏)‏ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مَا تَرَكَتْهُ إلَى أَنْ يَظْهَرَ لَهَا وَارِثُ وَلَيْسَ لِسَيِّدٍ أَخْذُ قَدْرِ ثَمَنِهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِيهِ، وَمِلْكُ الْوَاطِئِ‏.‏

زَالَ عَنْهُ بِمَوْتِهِ بِخِلَافِ مَوْتِهَا فِي حَيَاةِ الْوَاطِئِ فَإِنَّ سَيِّدَهَا يَدَّعِي أَنَّ كَسْبَهَا انْتَقَلَ إلَى الْوَاطِئِ وَهُوَ يُقِرُّ أَنَّهُ لِسَيِّدِهَا فَلِهَذَا يَأْخُذُ مِنْهُ قَدْرَ مَا يَدَّعِيهِ وَهُوَ بَقِيَّةُ ثَمَنِهَا ‏(‏وَلَوْ رَجَعَ سَيِّدٌ‏)‏ عَنْ دَعْوَى بَيْعِهَا ‏(‏فَصَدَّقَهُ الزَّوْجُ لَمْ يُقْبَلْ‏)‏ رُجُوعُ سَيِّدٍ وَلَا تَصْدِيقُ زَوْجٍ ‏(‏فِي إسْقَاطِ حُرِّيَّةِ وَلَدٍ‏)‏ أَتَتْ بِهِ مِنْ وَاطِئٍ ‏(‏وَلَا‏)‏ فِي ‏(‏اسْتِرْجَاعِهَا‏)‏ إلَى مِلْكٍ مُطْلَقٍ ‏(‏إنْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ‏)‏ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ اللَّهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ، ‏(‏وَيُقْبَلُ‏)‏ رُجُوعُ سَيِّدٍ، وَتَصْدِيقُ زَوْجٍ ‏(‏فِي غَيْرِهِمَا‏)‏ أَيْ‏:‏ غَيْرِ إسْقَاطِ حُرِّيَّةِ وَلَدٍ، وَاسْتِرْجَاعُهَا إلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ كَمِلْكِهِ تَزْوِيجَهَا عِنْدَ حِلِّهَا لِلْأَزْوَاجِ وَأَخْذِ قِيمَتِهَا إنْ قُتِلَتْ وَنَحْوِهِمَا ‏(‏وَلَوْ رَجَعَ الزَّوْجُ‏)‏ عَنْ دَعْوَى التَّزَوُّجِ ‏(‏ثَبَتَتْ الْحُرِّيَّةُ‏)‏ لِلْوَلَدِ ‏(‏وَلَزِمَهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجَ بَقِيَّةُ ‏(‏الثَّمَنِ‏)‏ لِسَيِّدِهَا لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى ذَلِكَ‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الوطء في الحيض والنفاس‏]‏

وَيَحْرُمُ وَطْءُ زَوْجٍ امْرَأَتَهُ، وَسَيِّدٍ أَمَتَهُ ‏(‏فِي حَيْضٍ‏)‏ إجْمَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَاعْتَزَلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الْآيَةَ، وَنِفَاسٌ مِثْلُهُ، وَتَقَدَّمَ حُكْمُ اسْتِحَاضَةٍ‏.‏

‏(‏أَوْ‏)‏ وَطْء فِي ‏(‏دُبُرٍ‏)‏ فَيَحْرُمُ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ لِحَدِيثِ ‏"‏ ‏{‏إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقِّ لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَعْجَازِهِنَّ‏}‏ وَحَدِيثِ ‏"‏ ‏{‏إنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إلَى رَجُلٍ جَامَعَ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا‏}‏ رَوَاهُمَا ابْنُ مَاجَهْ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ‏}‏ فَعَنْ جَابِرٍ قَالَ كَانَ الْيَهُودُ يَقُولُونَ إذَا جَامَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فِي فَرْجِهَا مِنْ وَرَائِهَا جَاءَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ‏}‏ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهَا، وَمِنْ خَلْفِهَا غَيْرَ أَنْ لَا يَأْتِيَهَا إلَّا فِي الْمَأْتَى مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَيُعَزَّرُ عَلَيْهِ عَالِمُ تَحْرِيمِهِ وَإِنْ تَطَاوَعَا عَلَى الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ أَكْرَهَهَا عَلَيْهِ نُهِيَ عَنْهُ فَإِنْ أَبَى فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَغَيْرُهُ‏.‏

‏(‏وَكَذَا‏)‏ يَحْرُمُ ‏(‏عَزْلٌ‏)‏ عَنْ زَوْجَةٍ ‏(‏بِلَا إذْنِ‏)‏ زَوْجَةٍ ‏(‏حُرَّةٍ أَوْ‏)‏ بِلَا إذْنِ ‏(‏سَيِّدِ أَمَةٍ‏)‏ نَصًّا لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ‏"‏ ‏{‏نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْزَلَ عَنْ الْحُرَّةِ إلَّا بِإِذْنِهَا‏}‏ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ؛ وَلِأَنَّ لَهَا حَقًّا فِي الْوَلَدِ، وَعَلَيْهَا ضَرَرٌ فِي الْعَزْلِ، وَقِيسَ عَلَيْهَا سَيِّدُ الْأَمَةِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الزَّوْجَةِ، وَالْأَمَةِ ‏(‏إلَّا بِدَارِ حَرْبٍ فَيُسَنُّ‏)‏ عَزْلُهُ ‏(‏مُطْلَقًا‏)‏ حُرَّةً كَانَتْ الزَّوْجَةُ أَوْ أَمَةً أَوْ سُرِّيَّةً لَهُ خَشْيَةَ اسْتِرْقَاقِ الْعَدُوِّ وَلَدَهُمَا وَهَذَا إنْ جَازَ ابْتِدَاءُ النِّكَاحِ وإلَّا وَجَبَ الْعَزْلُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ النِّكَاحِ عَنْ الْفُصُولِ، وَأَطْلَقَ فِي الْإِقْنَاعِ وُجُوبَهُ‏.‏

‏(‏وَلَهَا‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجَةِ ‏(‏تَقْبِيلُهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجِ ‏(‏وَلَمْسُهُ لِشَهْوَةٍ وَلَوْ‏)‏ كَانَ ‏(‏نَائِمًا لِاسْتِدْخَالِ ذَكَرِهِ‏)‏ فِي فَرْجِهَا ‏(‏بِلَا إذْنِهِ‏)‏ نَائِمًا كَانَ أَوْ لَا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَمْلِكُ الْعَقْدَ، وَحَبْسَهَا‏.‏

‏(‏وَلَهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجِ ‏(‏إلْزَامُهَا‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجَةِ ‏(‏بِغَسْلِ نَجَاسَةٍ، وَغُسْلٍ مِنْ حَيْضٍ، وَنِفَاسٍ، وَجَنَابَةٍ‏)‏ إنْ كَانَتْ ‏(‏مُكَلَّفَةً‏)‏، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ ذِمِّيَّةً خِلَافًا لِلْإِقْنَاعِ وَاجْتِنَابِ الْمُحَرَّمَاتِ وَكَذَا إزَالَةُ وَسَخٌ، وَدَرَنٍ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْمُسْلِمَةُ، وَالذِّمِّيَّةُ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي حُصُولِ النُّفْرَةِ مِمَّنْ ذَلِكَ حَالُهَا ‏(‏وَ‏)‏ لَهُ إلْزَامُهَا ‏(‏بِأَخْذِ مَا يُعَافَ مِنْ شَعْرِ‏)‏ عَانَةٍ ‏(‏وَ‏)‏ مِنْ ‏(‏ظُفُرٍ‏)‏، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ طَالَا قَلِيلًا بِحَيْثُ تَعَافُهُ النَّفْسُ، وَفِي مَنْعِهَا مِنْ أَكْلِ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٍ كَثُومٍ، وَبَصَلٍ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَهُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْقُبْلَةَ، وَكَمَالَ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا وَالثَّانِي لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْوَطْءَ، وَجَزَمَ بِالْأَوَّلِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَتَصْحِيحُ الْمُحَرَّرِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي الْإِقْنَاعِ‏.‏

و‏(‏لَا‏)‏ يَمْلِكُ إلْزَامَهَا ‏(‏بِعَجْنٍ أَوْ خَبْزٍ أَوْ طَبْخٍ، وَنَحْوِهِمَا‏)‏ كَكَنْسِ دَارٍ، وَمِلْءِ مَاءٍ مِنْ بِئْرٍ، وَطَحْنٍ، وَأَوْجَبَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْمَعْرُوفَ مِنْ مِثْلِهَا لِمِثْلِهِ‏.‏

‏(‏وَلَهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجِ الْمُسْلِمِ ‏(‏مَنْعُ‏)‏ زَوْجَةٍ ‏(‏ذِمِّيَّةٍ دُخُولَ بِيعَةٍ، وَكَنِيسَةٍ، وَشُرْبَ مَا يُسْكِرُهَا‏)‏ مِنْ خَمْرٍ أَوْ نَبِيذٍ لِاتِّفَاقِ الْأَدْيَانِ عَلَى تَحْرِيمِهِ و‏(‏لَا‏)‏ يَمْنَعُ زَوْجَةً ذِمِّيَّةً مِنْ شُرْبِ مَا ‏(‏دُونَهُ‏)‏ لِاعْتِقَادِهَا حِلَّهُ ‏(‏وَلَا تُكْرَهُ‏)‏ ذِمِّيَّةٌ ‏(‏عَلَى إفْسَادِ صَوْمِهَا أَوْ صَلَاتِهَا‏)‏ بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَضُرُّ بِهَا ‏(‏أَوْ‏)‏ أَيْ‏:‏ وَلَا تُكْرَهُ عَلَى إفْسَادِ ‏(‏سَبْتِهَا‏)‏ بِشَيْءٍ مِمَّا يُفْسِدُهُ لِبَقَاءِ تَحْرِيمِهِ عَلَيْهِمْ‏.‏

‏(‏وَيَلْزَمُهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجَ ‏(‏وَطْءُ‏)‏ زَوْجَتَهُ مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ ذِمِّيَّةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً بِطَلَبِهَا ‏(‏فِي كُلِّ ثُلُثِ سَنَةٍ‏)‏ أَيْ‏:‏ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ‏(‏مَرَّةً إنْ قَدَرَ‏)‏ عَلَى الْوَطْءِ نَصًّا؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَدَّرَهُ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فِي حَقِّ الْمُولِي فَكَذَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تُوجِبُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْوَطْءَ وَاجِبٌ بِدُونِهَا ‏(‏وَ‏)‏ يَلْزَمُهُ ‏(‏مَبِيتٌ‏)‏ فِي الْمَضْجَعِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي نَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ، وَالْإِقْنَاعِ، وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بِمَوَاضِعَ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَذَكَرَ فِي الْفُرُوعِ نُصُوصًا تَقْتَضِيهِ ‏(‏بِطَلَبٍ عِنْدَ‏)‏ زَوْجَةٍ ‏(‏حُرَّةٍ لَيْلَةً مِنْ أَرْبَعِ‏)‏ لَيَالٍ إنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ‏"‏ ‏{‏يَا عَبْدَ اللَّهِ أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ‏؟‏ قُلْت بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ‏:‏ فَلَا تَفْعَلْ صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا‏}‏ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَأَخْبَرَ أَنَّ لِلزَّوْجَةِ عَلَى زَوْجِهَا حَقًّا‏.‏

وَرَوَى الشَّعْبِيُّ أَنَّ كَعْبَ بْنَ سَوَّارٍ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ‏:‏ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا رَأَيْتُ رَجُلًا قَطُّ أَفْضَلَ مِنْ زَوْجِي، وَاَللَّهِ إنَّهُ لَيَبِيتُ لَيْلَهُ قَائِمًا، وَيَظَلُّ نَهَارَهُ صَائِمًا فَاسْتَغْفَرَ لَهَا، وَأَثْنَى عَلَيْهَا وَاسْتَحْيَتْ الْمَرْأَةُ، وَقَامَتْ رَاجِعَةً، فَقَالَ كَعْبٌ‏:‏ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَلَّا أَعْدَيْتَ الْمَرْأَةَ عَلَى زَوْجِهَا‏.‏

فَقَالَ‏:‏ وَمَا ذَاكَ، فَقَالَ‏:‏ إنَّهَا تَشْكُوهُ، إذَا كَانَ هَذَا حَالُهُ فِي الْعِبَادَةِ مَتَى يَتَفَرَّغُ لَهَا‏؟‏ فَبَعَثَ عُمَرُ إلَى زَوْجِهَا‏.‏

فَقَالَ لِكَعْبٍ‏:‏ اقْضِ بَيْنَهُمَا فَإِنَّكَ فَهِمْتَ مِنْ أَمْرِهِمَا مَا لَمْ أَفْهَمْ قَالَ‏:‏ فَإِنِّي أَرَى كَأَنَّهَا امْرَأَةٌ عَلَيْهَا ثَلَاثُ نِسْوَةٍ هِيَ رَابِعَتُهُنَّ فَأَقْضِي‏.‏

بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ يَتَعَبَّدُ فِيهِنَّ وَلَهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، فَقَالَ عُمَرُ‏:‏ وَاَللَّهِ مَا رَأْيُكَ الْأَوَّلُ بِأَعْجَبَ إلَيَّ مِنْ الْآخِرِ اذْهَبْ فَأَنْتَ قَاضٍ عَلَى الْبَصْرَةِ ‏"‏ وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ اُشْتُهِرَتْ فَلَمْ تُنْكَرْ فَكَانَتْ إجْمَاعًا؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ حَقًّا لِلْمَرْأَةِ لَمَلَكَ الزَّوْجُ تَخْصِيصَ إحْدَى زَوْجَاتِهِ بِهِ كَالزِّيَادَةِ فِي النَّفَقَةِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ يَلْزَمُهُ بِطَلَبِ زَوْجَةٍ ‏(‏أَمَةٍ‏)‏ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا لَيْلَةً ‏(‏مِنْ‏)‏ كُلِّ ‏(‏سَبْعٍ‏)‏؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا يُمْكِنُ جَمْعُهَا مَعَ ثَلَاثِ حَرَائِرَ فَلَهَا السَّابِعَةُ ‏(‏وَلَهُ أَنْ يَنْفَرِدَ‏)‏ بِنَفْسِهِ ‏(‏فِي الْبَقِيَّةِ‏)‏ إذَا لَمْ تَسْتَغْرِقْ زَوْجَاتُهُ جَمِيعَ اللَّيَالِي فَمَنْ مَعَهُ حُرَّةٌ فَقَطْ فَلَهُ الِانْفِرَادُ فِي ثَلَاثِ لَيَالٍ، وَحُرَّتَانِ فَلَهُ الِانْفِرَادُ فِي لَيْلَتَيْنِ، وَثَلَاثُ حَرَائِرَ فَلَهُ الِانْفِرَادُ فِي لَيْلَةٍ، وَمَنْ تَحْتَهُ أَمَةٌ لَهُ الِانْفِرَادُ فِي سِتِّ لَيَالٍ، وَحُرَّةٌ، وَأَمَةٌ لَهُ الِانْفِرَادُ فِي أَرْبَعٍ وَهَكَذَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَفَّى مَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَبِيتِ، لَكِنْ قَالَ أَحْمَدُ لَا يَبِيتُ وَحْدَهُ مَا أَحَبَّ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ، وَقَالَهُ فِي سَفَرِهِ وَحْدَهُ، وَعَنْهُ لَا يُعْجِبُنِي‏.‏

‏(‏وَإِنْ سَافَرَ‏)‏ الزَّوْجُ ‏(‏فَوْقَ نِصْفِ سَنَةٍ فِي غَيْرِ حَجٍّ أَوْ غَزْوٍ وَاجِبَيْنِ أَوْ‏)‏ فِي غَيْرِ ‏(‏طَلَبِ رِزْقٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ فَطَلَبَتْ‏)‏ زَوْجَتُهُ ‏(‏قُدُومَهُ لَزِمَهُ‏)‏ الْقُدُومُ ‏(‏فَإِنْ أَبَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ‏)‏ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ مِنْ الْمَبِيتِ، وَالْوَطْءِ وَالْقُدُومِ مِنْ سَفَرِهِ ‏(‏بِلَا عُذْرٍ‏)‏ لِأَحَدِهِمَا فِي الْجَمِيعِ ‏(‏فَرَّقَ‏)‏ الْحَاكِمُ ‏(‏بَيْنَهُمَا بِطَلَبِهَا وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ‏)‏ نَصًّا قَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا يَقُولُ‏:‏ غَدًا أَدْخُلُ بِهَا غَدًا أَدْخُلُ بِهَا إلَى شَهْرٍ هَلْ يُجْبَرُ عَلَى الدُّخُولِ قَالَ‏:‏ أَذْهَبُ إلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إنْ دَخَلَ بِهَا وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَجَعَلَهُ كَالْمَوْلَى وَلَا يَصِحُّ الْفَسْخُ هُنَا إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ‏.‏

‏(‏وَسُنَّ عِنْدَ وَطْءٍ قَوْلُ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ‏)‏ مَا رَزَقْتَنَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ‏}‏ قَالَ عَطَاءٌ هِيَ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الْجِمَاعِ‏.‏

وَلِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا ‏"‏ ‏{‏لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ حِينَ يَأْتِي أَهْلَهُ قَالَ‏:‏ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتنَا فَوُلِدَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ أَبَدًا‏}‏ ‏"‏ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ‏.‏

‏(‏وَكُرِهَ‏)‏ الْوَطْءُ ‏(‏مُتَجَرِّدَيْنِ‏)‏ لِحَدِيثِ ‏"‏ ‏{‏إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ فَلْيَسْتَتِرْ وَلَا يَتَجَرَّدْ تَجَرُّدَ الْعَيْرَيْنِ‏}‏ ‏"‏ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالْعَيْرُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ‏.‏

الْحِمَارُ، وَحْشِيًّا كَانَ أَوْ أَهْلِيًّا‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ كُرِهَ ‏(‏إكْثَارُ كَلَامٍ حَالَتَهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ الْوَطْءِ لِحَدِيثِ ‏"‏ ‏{‏لَا تُكْثِرُوا الْكَلَامَ عِنْدَ مُجَامَعَةِ النِّسَاءِ فَإِنَّ مِنْهُ يَكُونُ الْخَرَسُ، وَالْفَأْفَأَةُ‏}‏ ‏"‏‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ كُرِهَ ‏(‏نَزْعُهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ نَزْعُ ذَكَرِهِ مِنْهَا ‏(‏قَبْلَ فَرَاغِهَا‏)‏ أَيْ‏:‏ إنْزَالِهَا لِحَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا ‏"‏ ‏{‏إذَا جَامَعَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ فَلْيُصْدِقْهَا ثُمَّ إذَا قَضَى حَاجَتَهُ فَلَا يُعَجِّلْهَا حَتَّى تَقْضِيَ حَاجَتَهَا‏}‏ ‏"‏؛ وَلِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا عَلَيْهَا، وَمَنْعًا لَهَا مِنْ قَضَاءِ شَهْوَتِهَا، وَيُسْتَحَبُّ مُلَاعَبَةُ الْمَرْأَةِ عِنْدَ الْجِمَاعِ لِتَنْهَضَ شَهْوَتُهَا فَتَنَالَ مِنْ لَذَّةِ الْجِمَاعِ كَمَا يَنَالُهُ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ كُرِهَ ‏(‏وَطْؤُهُ بِحَيْثُ يَرَاهُ أَوْ يَسْمَعُهُ‏)‏ مِنْ النَّاسِ ‏(‏غَيْرُ طِفْلٍ لَا يَعْقِلُ وَلَوْ رَضِيَا‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجَانِ‏.‏

قَالَ أَحْمَدُ‏:‏ كَانُوا يَكْرَهُونَ الْوَحْسَ وَهُوَ الصَّوْتُ الْخَفِيُّ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ كُرِهَ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ ‏(‏أَنْ يُحَدِّثَا بِمَا جَرَى بَيْنَهُمَا‏)‏ لِحَدِيثِ الْحَسَنِ‏:‏ ‏"‏ ‏{‏جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الرِّجَالِ، وَالنِّسَاءِ فَأَقْبَلَ عَلَى الرِّجَالِ فَقَالَ‏:‏ لَعَلَّ أَحَدَكُمْ يُحَدِّثُ بِمَا يَصْنَعُ بِأَهْلِهِ إذَا خَلَا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ‏:‏ لَعَلَّ إحْدَاكُنَّ تُحَدِّثُ النِّسَاءَ بِمَا يَصْنَعُ بِهَا زَوْجُهَا‏.‏

قَالَ‏:‏ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ‏:‏ إنَّهُمْ لَيَفْعَلُونَ، وَإِنَّا لَنَفْعَلُ‏.‏

فَقَالَ‏:‏ لَا تَفْعَلُوا فَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ كَمَثَلِ شَيْطَانٍ لَقِيَ شَيْطَانَةً فَجَامَعَهَا، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ‏}‏، وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ بِمَعْنَاهُ‏.‏

‏(‏وَلَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ وَطْءِ نِسَائِهِ‏)‏ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ لِحَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ‏:‏ ‏"‏ ‏{‏سَكَبْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ غُسْلًا وَاحِدًا فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ‏}‏ ‏"‏؛ وَلِأَنَّ حَدَثَ الْجَنَابَةِ لَا يَمْنَعُ الْوَطْءَ بِدَلِيلِ إتْمَامِ الْجِمَاعِ ‏(‏أَوْ‏)‏ أَيْ‏:‏ وَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ وَطْءِ نِسَائِهِ ‏(‏مَعَ‏)‏ وَطْءِ ‏(‏إمَائِهِ بِغُسْلٍ‏)‏ وَاحِدٍ لِمَا مَرَّ، و‏(‏لَا‏)‏ يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ زَوْجَاتِهِ أَوْ بَيْنَهُنَّ، وَبَيْنَ إمَائِهِ ‏(‏فِي مَسْكَنٍ‏)‏ وَاحِدٍ ‏(‏إلَّا بِرِضَا الزَّوْجَاتِ‏)‏ كُلِّهِنَّ؛ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَيْهِنَّ لِمَا بَيْنَهُنَّ مِنْ الْغَيْرَةِ وَاجْتِمَاعُهُنَّ يُثِيرُ الْخُصُومَةَ، فَإِنْ رَضِينَ جَازَ؛ لِأَنَّهُ الْحَقُّ لَا يَعْدُوهُنَّ فَلَهُنَّ الْمُسَامَحَةُ بِهِ، وَكَذَا إنْ رَضِينَ بِنَوْمِهِ بَيْنَهُنَّ فِي لِحَافٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ أَسْكَنَ زَوْجَتَيْهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ كُلَّ وَاحِدَةٍ فِي بَيْتٍ مِنْهَا جَازَ إذَا كَانَ مَسْكَنَ مِثْلِهَا، وَيَجُوزُ نَوْمُ الرَّجُلِ مَعَ امْرَأَتِهِ بِلَا جِمَاعٍ بِحَضْرَةِ مَحْرَمٍ لَهَا كَنَوْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَيْمُونَةَ فِي طُولِ الْوِسَادَةِ، وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي عَرْضِهَا لَمَّا بَاتَ عِنْدَهَا‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ لِلزَّوْجِ ‏(‏مَنْعُ كُلٍّ مِنْهُنَّ‏)‏ أَيْ‏:‏ مِنْ زَوْجَاتِهِ ‏(‏مِنْ الْخُرُوجِ‏)‏ مِنْ مَنْزِلِهِ إلَى مَا لَهَا مِنْهُ بُدٌّ وَلَوْ لِزِيَارَةِ وَالِدَيْهَا أَوْ عِيَادَتِهِمَا، أَوْ شُهُودِ جِنَازَةِ أَحَدِهِمَا قَالَ أَحْمَدُ فِي امْرَأَةٍ لَهَا زَوْجٌ وَأُمٌّ مَرِيضَةٌ‏:‏ طَاعَةُ زَوْجِهَا أَوْجَبُ عَلَيْهَا مِنْ أُمِّهَا إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهَا ‏(‏وَيَحْرُمُ‏)‏ خُرُوجُ زَوْجَةٍ ‏(‏بِلَا إذْنٍ أَوْ‏)‏ بِلَا ‏(‏ضَرُورَةٍ‏)‏ كَإِتْيَانٍ بِنَحْوِ مَأْكَلٍ لِعَدَمِ مَنْ يَأْتِيهَا بِهِ لِحَدِيثِ أَنَسٍ‏:‏ ‏"‏ ‏{‏أَنَّ رَجُلًا سَافَرَ، وَمَنَعَ زَوْجَتَهُ الْخُرُوجَ فَمَرِضَ أَبُوهَا فَاسْتَأْذَنَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حُضُورِ جِنَازَتِهِ فَقَالَ لَهَا‏:‏ اتَّقِي اللَّهَ وَلَا تُخَالِفِي زَوْجَكِ‏.‏

فَأَوْحَى اللَّهُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنِّي قَدْ غَفَرْت لَهُ بِطَاعَتِهَا زَوْجَهَا‏}‏ ‏"‏ رَوَاهُ ابْنُ بَطَّةَ فِي أَحْكَامِ النِّسَاءِ، وَحَيْثُ خَرَجَتْ بِلَا إذْنِهِ بِلَا ضَرُورَةٍ ‏(‏فَلَا نَفَقَةَ‏)‏ لَهَا مَا دَامَتْ خَارِجَةً عَنْ مَنْزِلِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا لِنُشُوزِهَا، ‏(‏وَسُنَّ إذْنُهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ فِي خُرُوجٍ ‏(‏إذَا مَرِضَ مَحْرَمٌ لَهَا‏)‏ لِتَعُودَهُ ‏(‏أَوْ مَاتَ‏)‏ مَحْرَمُهَا لِتَشْهَدَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ وَعَدَمِ إذْنِهِ يَحْمِلُ الزَّوْجَةَ عَلَى مُخَالَفَتِهِ وَقَدْ أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْهَا ‏(‏وَلَهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجِ ‏(‏إنْ خَافَهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ خُرُوجَهَا بِلَا إذْنِهِ ‏(‏لِحَبْسٍ‏)‏ أَيْ‏:‏ لِكَوْنِهِ مَحْبُوسًا ظُلْمًا أَوْ بِحَقٍّ ‏(‏أَوْ نَحْوِهِ‏)‏ كَسَفَرٍ ‏(‏إسْكَانُهَا حَيْثُ لَا يُمْكِنُهَا‏)‏ الْخُرُوجُ تَحْصِينًا لِفِرَاشِهِ ‏(‏فَإِنْ لَمْ تُحْفَظْ‏)‏ أَيْ‏:‏ يُمْكِنُ حِفْظُهَا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ يَحْفَظُهَا غَيْرَهُ ‏(‏حُبِسَتْ مَعَهُ حَيْثُ‏)‏ لَا مَحْذُورَ؛ لِأَنَّهُ طَرِيقُ حِفْظِهَا ‏(‏فَإِنْ خِيفَ مَحْذُورٌ‏)‏ بِحَبْسِهَا مَعَهُ لِوُجُودِ الْأَجَانِبِ بِالْحَبْسِ ‏(‏فَ‏)‏ تَسْكُنُ ‏(‏فِي رِبَاطٍ وَنَحْوِهِ‏)‏ وَمَتَى كَانَ خُرُوجُهَا مَظِنَّةَ الْفَاحِشَةِ صَارَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى يَجِبُ‏.‏

عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ رِعَايَتُهُ‏.‏

‏(‏وَلَيْسَ لَهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجِ ‏(‏مَنْعُهَا‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجَةِ ‏(‏مِنْ كَلَامِ أَبَوَيْهَا وَلَا مَنْعِهِمَا‏)‏ أَيْ‏:‏ أَبَوَيْهَا ‏(‏مِنْ زِيَارَتِهَا‏)‏ لِمَا فِيهِ مِنْ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ‏.‏

لَكِنْ إنْ عُرِفَ بِقَرَائِنِ الْحَالِ حُدُوثَ ضَرَرٍ بِزِيَارَتِهِمَا أَوْ زِيَارَةِ أَحَدِهِمَا فَلَهُ الْمَنْعُ وَصَوَّبَهُ فِي الْإِنْصَافِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ ‏(‏وَلَا يَلْزَمُهَا‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجَةَ ‏(‏طَاعَتُهُمَا‏)‏ أَيْ‏:‏ أَبَوَيْهَا ‏(‏فِي فِرَاقِ‏)‏ زَوْجِهَا ‏(‏وَ‏)‏ لَا طَاعَتَهُمَا فِي ‏(‏زِيَارَةٍ‏)‏ لَهُمَا لِوُجُوبِ طَاعَةِ الزَّوْجِ ‏(‏وَنَحْوِهِمَا‏)‏ كَأَمْرِهِمَا بِعِصْيَانِ زَوْجِهَا، فَلَا يَلْزَمُهَا طَاعَتُهُمَا، بَلْ زَوْجُهَا أَحَقُّ‏.‏

‏(‏وَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهَا‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجَةِ ‏(‏لِرَضَاعٍ، وَخِدْمَةٍ‏)‏، وَصَنْعَةٍ ‏(‏بَعْدَ نِكَاحٍ بِلَا إذْنِ زَوْجِهَا سَوَاءٌ آجَرَتْ نَفْسَهَا أَوْ أَجَّرَهَا‏)‏ وَلِيُّهَا لِتَفْوِيتِ حَقِّ الزَّوْجِ مَعَ سَبْقِهِ كَإِجَارَةِ الْمُؤَجِّرِ فَإِنْ أَذِنَ زَوْجٌ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ وَلَزِمَتْ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا ‏(‏وَتَصِحُّ‏)‏ إجَارَتُهَا ‏(‏قَبْلَهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ ‏(‏وَتَلْزَمُ‏)‏ الْإِجَارَةُ فَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْ رَضَاعَةٍ وَنَحْوِهِ لِمِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ مَنَافِعَهَا بِعَقْدٍ سَابِقٍ عَلَى نِكَاحِ الزَّوْجِ أَشْبَهَ مَا لَوْ اشْتَرَى أَمَةً مُسْتَأْجَرَةً ‏(‏وَلَهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجِ ‏(‏الْوَطْءُ‏)‏ لِزَوْجَتِهِ الْمُؤَجَّرَةِ لِنَحْوِ خِدْمَةٍ أَوْ رَضَاعٍ ‏(‏مُطْلَقًا‏)‏ أَيْ‏:‏ سَوَاءٌ أَضَرَّ الْوَطْءُ بِالْمُرْتَضِعِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِعَقْدِ التَّزْوِيجِ فَلَا يَسْقُطُ بِأَمْرٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ، لَيْسَ لِزَوْجٍ فَسْخُ النِّكَاحِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا مُؤَجَّرَةٌ‏.‏

فصل‏:‏ فِي الْقَسْمِ

‏(‏وَ‏)‏ يَجِبُ ‏(‏عَلَى‏)‏ زَوْجٍ ‏(‏غَيْرِ طِفْلٍ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ زَوْجَاتِهِ فِي قَسْمٍ‏)‏ لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ‏}‏ وَزِيَادَةُ إحْدَاهُنَّ فِي الْقَسْمِ مَيْلٌ، وَقَالَ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ‏}‏ الْآيَة؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ أَنْ لَا يَقَعَ مَيْلٌ أَلْبَتَّةَ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا ‏"‏ ‏{‏مَنْ كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إلَى إحْدَاهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَشِقُّهُ مَائِلٌ‏}‏، وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ ‏"‏ ‏{‏كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ بَيْنَنَا فَيَعْدِلُ ثُمَّ يَقُولُ‏:‏ اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا لَا أَمْلِكُ‏}‏ ‏"‏‏.‏

رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد ‏(‏وَعِمَادُهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ الْقَسْمِ ‏(‏اللَّيْلُ‏)‏؛ لِأَنَّهُ مَأْوَى الْإِنْسَانِ إلَى مَنْزِلِهِ، وَفِيهِ يَسْكُنُ إلَى أَهْلِهِ، وَيَنَامُ عَلَى فِرَاشِهِ، وَالنَّهَارُ لِلْمَعَاشِ وَالِاشْتِغَالِ‏.‏

قَالَ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ، وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ‏}‏ ‏(‏وَالنَّهَارُ يَتْبَعُهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ اللَّيْلَ فَيَدْخُلُ فِي الْقَسْمِ تَبَعًا، لِمَا رُوِيَ ‏"‏ أَنَّ ‏{‏سَوْدَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ‏}‏ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ‏:‏ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي وَإِنَّمَا قُبِضَ نَهَارًا، وَيَتْبَعُ الْيَوْمُ اللَّيْلَةَ الْمَاضِيَةَ إلَّا أَنْ يَتَّفِقُوا عَلَى عَكْسِهِ ‏(‏وَعَكْسُهُ مِنْ مَعِيشَتِهِ بِلَيْلٍ كَحَارِسٍ‏)‏ فَعِمَادُ قَسْمِهِ النَّهَارُ، وَيَتْبَعُهُ اللَّيْلُ ‏(‏وَيَكُونُ‏)‏ الْقَسْمُ ‏(‏لَيْلَةً وَلَيْلَةً‏)‏؛ لِأَنَّ فِي قَسْمِهِ لَيْلَتَيْنِ فَأَكْثَرَ تَأْخِيرًا لِحَقِّ مَنْ لَهَا اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةِ لَا الَّتِي قَبْلَهَا ‏(‏إلَّا أَنْ يَرْضَيْنَ بِ‏)‏ الْقَسْمِ ‏(‏أَكْثَرَ‏)‏ مِنْ لَيْلَةٍ وَلَيْلَةٍ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُنَّ‏.‏

وَإِنْ كَانَتْ نِسَاؤُهُ بِمَحَالٍّ مُتَبَاعِدَةٍ قَسَمَ بِحَسَبِ مَا يُمْكِنُهُ مَعَ التَّسَاوِي بَيْنَهُنَّ إلَّا بِرِضَاهُنَّ‏.‏

‏(‏وَلِزَوْجَةِ أَمَةٍ مَعَ‏)‏ زَوْجَةٍ ‏(‏حُرَّةٍ وَلَوْ‏)‏ كَانَتْ الْحُرَّةُ ‏(‏كِتَابِيَّةً لَيْلَةٌ مِنْ ثَلَاثِ‏)‏ لَيَالٍ‏.‏

رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عَلِيٍّ وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ؛ وَلِأَنَّ الْحُرَّةَ يَجِبُ تَسْلِيمُهَا لَيْلًا، وَنَهَارًا فَحَقُّهَا أَكْثَرُ فِي الْإِيوَاءِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ، وَالْكِسْوَةِ بِالْحَاجَةِ، وَحَاجَةُ الْأَمَةِ فِي ذَلِكَ كَحَاجَةِ الْحُرَّةِ، وَبِخِلَافِ قَسْمِ الِابْتِدَاءِ فَإِنَّهُ لِزَوَالِ الِاحْتِشَامِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ مِنْ الْآخَرِ، وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بِحُرِّيَّةٍ، وَرِقٍّ‏.‏

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْقَسْمَ بَيْن الْمُسْلِمَةِ، وَالذِّمِّيَّةِ سَوَاءٌ، ‏(‏وَ‏)‏ يَقْسِمُ ‏(‏لِمُبَعَّضَةٍ بِالْحِسَابِ‏)‏ فَلِلْمُنَصَّفَةِ ثَلَاثُ لَيَالٍ وَلِلْحُرَّةِ أَرْبَعٌ ‏(‏وَإِنْ عَتَقَتْ أَمَةٌ فِي نَوْبَتِهَا‏)‏ فَلَهَا قَسْمُ حُرَّةٍ ‏(‏أَوْ‏)‏ عَتَقَتْ فِي ‏(‏نَوْبَةِ حُرَّةٍ سَابِقَةٍ‏)‏ عَلَى نَوْبَةِ أَمَةٍ ‏(‏فَلَهَا‏)‏ أَيْ‏:‏ الْعَتِيقَةِ ‏(‏قَسْمُ حُرَّةٍ‏)‏؛ لِأَنَّ النَّوْبَةَ أَدْرَكَتْهَا وَهِيَ حُرَّةٌ فَاسْتَحَقَّتْ قَسْمَ حُرَّةٍ، وَإِنْ عَتَقَتْ الْأَمَةُ ‏(‏فِي نَوْبَةِ حُرَّةٍ مَسْبُوقَةٍ‏)‏ بِأَنْ بَدَأَ بِالْأَمَةِ فَوَفَّاهَا لَيْلَتَهَا ثُمَّ انْتَقَلَ لِلْحُرَّةِ فَعَتَقَتْ الْأَمَةُ ‏(‏يَسْتَأْنِفُ الْقَسْمَ مُتَسَاوِيًا‏)‏ بَعْدَ أَنْ يَقْسِمَ لِلْحُرَّةِ عَلَى حُكْمِ الرِّقِّ فِي ضَرَّتِهَا؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ لَمَّا اسْتَوْفَتْ مُدَّتَهَا حَالَ الرِّقِّ لَمْ تَزِدْ شَيْئًا وَكَانَ لِلْحُرَّةِ ضِعْفُ مُدَّةِ الْأَمَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَتَقَتْ قَبْلَ مَجِيءِ نَوْبَتِهَا أَوْ قَبْلَ تَمَامِهَا وَمَعْنَى وُجُوبِ التَّسْوِيَةِ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ أَنَّ وَلِيَّهُ يَطُوفُ بِهِ عَلَيْهِنَّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، ‏(‏وَيَطُوفُ بِمَجْنُونٍ مَأْمُونٍ وَلِيُّهُ‏)‏ عَلَى زَوْجَتَيْهِ فَأَكْثَرَ لِلتَّعْدِيلِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْمُونًا فَلَا قَسْمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ‏.‏

‏(‏وَيَحْرُمُ تَخْصِيصُ‏)‏ بَعْضِ زَوْجَاتِهِ ‏(‏بِإِفَاقَةٍ‏)‏؛ لِأَنَّهُ مَيْلٌ عَلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ ‏(‏فَلَوْ أَفَاقَ فِي نَوْبَةِ وَاحِدَةٍ قَضَى يَوْمَ جُنُونِهِ لِلْأُخْرَى‏)‏ تَعْدِيلًا بَيْنَهُمَا فَإِنْ لَمْ يَعْدِلْ الْوَلِيُّ فِي الْقَسْمِ، وَأَفَاقَ الْمَجْنُونُ قَضَى لِلْمَظْلُومَةِ لِثُبُوتِ الْحَقِّ فِي ذِمَّتِهِ كَالْمَالِ‏.‏

‏(‏وَلَهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجِ ‏(‏أَنْ يَأْتِيَهُنَّ‏)‏ أَيْ‏:‏ زَوْجَاتِهِ كُلَّ وَاحِدَةٍ فِي مَسْكَنِهَا،؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْسِمُ كَذَلِكَ؛ وَلِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهُنَّ وَأَصْوَنُ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ لَهُ ‏(‏أَنْ يَدْعُوَهُنَّ إلَى مَحَلِّهِ‏)‏ بِأَنْ يَتَّخِذَ لِنَفْسِهِ مَنْزِلًا يَدْعُو إلَيْهِ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فِي لَيْلَتِهَا، وَيَوْمِهَا؛ لِأَنَّ لَهُ نَقْلَهَا حَيْثُ شَاءَ بِلَائِقٍ بِهَا‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ لَهُ ‏(‏أَنْ يَأْتِيَ بَعْضًا‏)‏ مِنْ زَوْجَاتِهِ إلَى مَسْكَنِهَا ‏(‏وَ‏)‏ أَنْ ‏(‏يَدْعُوَ بَعْضًا‏)‏ مِنْهُنَّ إلَى مَنْزِلِهِ؛ لِأَنَّ السَّكَنَ لَهُ حَيْثُ لَاقَ الْمَسْكَنُ، وَإِنْ حُبِسَ زَوْجٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَسْتَدْعِيَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فِي لَيْلَتِهَا فَلَهُ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِنَّ طَاعَتُهُ ‏(‏وَلَا يَلْزَمُ مَنْ دُعِيَتْ إتْيَانَ مَا لَمْ يَكُنْ سَكَنَ مِثْلِهَا‏)‏؛ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَيْهَا‏.‏

‏(‏وَيَقْسِمُ‏)‏ مَرِيضٌ، وَمَجْبُوبٌ، وَخَصِيٌّ، وَعِنِّينٌ وَنَحْوُهُ؛ لِأَنَّ الْقَسْمَ لِلْأُنْسِ وَهُوَ حَاصِلٌ مِمَّنْ لَا يَطَأُ ‏{‏، وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ فِي مَرَضِهِ، وَيَقُولُ‏:‏ أَيْنَ أَنَا غَدًا أَيْنَ أَنَا غَدًا‏}‏ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ اسْتَأْذَنَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ إحْدَاهُنَّ لِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيث عَائِشَةَ فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ أَقَامَ عِنْدَ إحْدَاهُنَّ بِالْقُرْعَةِ أَوْ اعْتَزَلَهُنَّ جَمِيعًا إنْ أَحَبَّ، وَيَجِبُ الْقَسْمُ ‏(‏لِحَائِضٍ، وَنُفَسَاءَ، وَمَرِيضَةٍ، وَمَعِيبَةٍ‏)‏ كَجَذْمَاءَ، وَرَتْقَاء وَكِتَابِيَّةٍ وَمُحَرَّمَةٍ وَزَمِنَةٍ، وَمُمَيِّزَةٍ، وَمَجْنُونَةٍ مَأْمُونَةٍ، وَمَنْ آلَى مِنْهَا ‏(‏أَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ‏)‏ زَمَنَ عِدَّتِهَا؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِالْقَسْمِ الْأُنْسُ لَا الْوَطْءُ ‏(‏أَوْ سَافَرَ بِهَا بِقُرْعَةٍ‏)‏ فَيَقْسِمُ لَهَا ‏(‏إذَا قَدِمَ‏)‏؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا لَهُ فِعْلُهُ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهَا مِنْ الْمُسْتَقْبَلِ‏.‏

‏(‏وَلَيْسَ لَهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجِ ‏(‏بُدَاءَةٌ‏)‏ فِي قَسْمٍ ‏(‏وَلَا سَفَرٍ بِإِحْدَاهُنَّ‏)‏ طَالَ السَّفَرُ أَوْ قَصُرَ ‏(‏بِلَا قُرْعَةٍ‏)‏؛ لِأَنَّهُ تَفْضِيلٌ لَهَا، وَالتَّسْوِيَةُ وَاجِبَةٌ ‏{‏، وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَرَادَ السَّفَرَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَمَنْ خَرَجَتْ لَهَا الْقُرْعَةُ خَرَجَ بِهَا مَعَهُ‏}‏ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَإِذَا سَافَرَ بِهَا بِقُرْعَةٍ إلَى مَحِلٍّ ثُمَّ بَدَا لَهُ غَيْرُهُ وَلَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ فَلَهُ أَنْ يَصْحَبَهَا مَعَهُ ‏(‏إلَّا بِرِضَاهُنَّ، وَرِضَاهُ‏)‏ فَإِذَا رَضِيَ الزَّوْجَاتُ، وَالزَّوْجُ بِالْبُدَاءَةِ بِإِحْدَاهُنَّ أَوْ السَّفَرِ بِهَا جَازَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ ‏(‏وَيَقْضِي‏)‏ زَوْجٌ لِبَقِيَّةِ زَوْجَاتِهِ ‏(‏مَعَ قُرْعَةٍ‏)‏ فِي سَفَرٍ بِإِحْدَاهُنَّ ‏(‏أَوْ‏)‏ مَعَ ‏(‏رِضَاهُنَّ‏)‏ بِسَفَرٍ بِمُعَيَّنَةٍ مِنْهُنَّ ‏(‏مَا تَعَقَّبَهُ سَفَرٌ‏)‏ أَيْ‏:‏ مَا أَقَامَهُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ إلَيْهِ ‏(‏أَوْ تَخَلَّلَهُ‏)‏ سَفَرٌ ‏(‏مِنْ إقَامَةٍ‏)‏ أَيْ‏:‏ مُدَّةَ إقَامَتِهِ فِي أَثْنَاءِ سَفَرِهِ لِتَسَاكُنِهِمَا إذَنْ لَا زَمَنِ مَسِيرِهِ، وَحِلِّهِ وَتَرْحَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى سَكَنًا‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ يَقْضِي مَنْ سَافَرَ بِوَاحِدَةٍ مِنْ زَوْجَتَيْهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ ‏(‏بِدُونِهَا‏)‏ أَيْ‏:‏ الْقُرْعَةِ، وَرِضَاهُنَّ ‏(‏جَمِيعَ غَيْبَتِهِ‏)‏ حَتَّى زَمَنِ سَيْرِهِ، وَحِلِّهِ وَتَرْحَالِهِ سَوَاءٌ طَالَ السَّفَرُ أَوْ قَصُرَ؛ لِأَنَّهُ خَصَّ بَعْضَهُنَّ عَلَى وَجْهِ مَا يَلْحَقُهُ فِيهِ تُهْمَةٌ فَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا، وَإِنْ سَافَرَ بِاثْنَيْنِ بِقُرْعَةٍ أَوَى إلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ لَيْلَةً فِي رَحْلِهَا كَخَيْمَتِهَا وَنَحْوِهَا فَإِنْ كَانَتَا فِي رَحْلِهِ فَلَا قَسْمَ إلَّا فِي الْفِرَاشِ ‏(‏وَمَتَى بَدَأَ‏)‏ فِي الْقَسْمِ ‏(‏بِوَاحِدَةٍ‏)‏ مِنْ نِسَائِهِ ‏(‏بِقُرْعَةٍ أَوْ لَا‏)‏ أَيْ‏:‏ بِدُونِ قُرْعَةٍ ‏(‏لَزِمَهُ مَبِيتُ‏)‏ لَيْلَةٍ ‏(‏آتِيَةٍ عِنْدَ‏)‏ زَوْجَةٍ ‏(‏ثَانِيَةٍ‏)‏ لِيَحْصُلَ التَّعْدِيلُ بَيْنَهُمَا فِي الْأُولَى، وَيَتَدَارَكَ الظُّلْمَ فِي الثَّانِيَةِ‏.‏

‏(‏وَيَحْرُمُ‏)‏ عَلَى زَوْجٍ ‏(‏أَنْ يَدْخُلَ إلَى غَيْرِ ذَاتِ لَيْلَةٍ فِيهَا‏)‏ أَيْ‏:‏ اللَّيْلَةِ الَّتِي لَيْسَتْ لَهَا ‏(‏إلَّا لِضَرُورَةٍ‏)‏ كَأَنْ تَكُونَ مَنْزُولًا بِهَا فَيُرِيدُ أَنْ يَحْضُرَهَا أَوْ تُوصِيَ إلَيْهِ ‏(‏وَ‏)‏ يَحْرُمُ أَنْ يَدْخُلَ إلَيْهَا ‏(‏فِي نَهَارِهَا‏)‏ أَيْ‏:‏ نَهَارِ لَيْلَةِ غَيْرِهَا ‏(‏إلَّا لِحَاجَةٍ كَعِيَادَةٍ‏)‏ أَوْ سُؤَالٍ عَنْ أَمْرٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ أَوْ دَفْعِ نَفَقَةٍ أَوْ زِيَادَةٍ لِبُعْدِ عَهْدِهِ بِهَا‏.‏

‏(‏فَإِنْ‏)‏ دَخَلَ إلَيْهَا و‏(‏لَمْ يَلْبَثْ‏)‏ مَعَ ضَرُورَةٍ أَوْ حَاجَةٍ أَوْ عَدَمِهِمَا ‏(‏لَمْ يَقْضِ‏)‏؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي قَضَاءِ الزَّمَنِ الْيَسِيرِ ‏(‏وَإِنْ لَبِثَ أَوْ جَامَعَ لَزِمَهُ قَضَاءُ لُبْثٍ، وَجِمَاعٍ‏)‏ بِأَنْ يَدْخُلَ عَلَى الْمَظْلُومَةِ فِي لَيْلَةِ الْأُخْرَى فَيَمْكُثُ عِنْدَهَا بِقَدْرِ مَا مَكَثَ عِنْدَ تِلْكَ أَوْ يُجَامِعُهَا لِيَعْدِلَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْيَسِيرَ مَعَ الْجِمَاعِ يَحْصُلُ بِهِ السَّكَنُ أَشْبَهَ الزَّمَنَ الْكَثِيرَ و‏(‏لَا‏)‏ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ ‏(‏قُبْلَةٍ وَنَحْوِهَا مِنْ حَقِّ الْأُخْرَى‏)‏ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ ‏"‏ ‏{‏كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ عَلَيَّ فِي يَوْمِ غَيْرِي فَيَنَالُ مِنِّي كُلَّ شَيْءٍ إلَّا الْجِمَاعَ‏}‏ ‏"‏‏.‏

‏(‏وَلَهُ قَضَاءُ أَوَّلِ لَيْلٍ عَنْ آخِرِهِ‏)‏ اكْتِفَاءً بِالْمُمَاثَلَةِ فِي الْقَدْرِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ لَهُ قَضَاءُ ‏(‏لَيْلِ صَيْفٍ عَنْ‏)‏ لَيْلِ ‏(‏شِتَاءٍ‏)‏؛ لِأَنَّهُ قَضَى لَيْلَةً عَنْ لَيْلَةٍ ‏(‏وَعَكْسِهِمَا‏)‏ أَيْ‏:‏ لَهُ قَضَاءُ آخِرِ لَيْلٍ عَنْ أَوَّلِهِ وَلَهُ قَضَاءُ لَيْلِ شِتَاءٍ عَنْ لَيْلِ صَيْفٍ‏.‏

‏(‏وَمَنْ انْتَقَلَ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ‏)‏ وَلَهُ زَوْجَاتٌ ‏(‏لَمْ يَجُزْ‏)‏ لَهُ ‏(‏أَنْ يَصْحَبَ إحْدَاهُنَّ، وَ‏)‏ أَنْ يَصْحَبَ ‏(‏الْبَوَاقِي غَيْرَهُ‏)‏؛ لِأَنَّهُ مَيْلٌ ‏(‏إلَّا بِقُرْعَةٍ‏)‏ فَإِن فَعَلَهُ بِقُرْعَةٍ فَأَقَامَتْ مَعَهُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ قَضَى لِلْبَاقِيَاتِ مُدَّةَ إقَامَتِهِ مَعَهَا خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُقِيمًا، وَبِدُونِ قُرْعَةٍ قَضَى لِلْبَاقِيَاتِ كُلَّ الْمُدَّةِ كَالْحَاضِرِ‏.‏

‏(‏وَمَنْ امْتَنَعَتْ‏)‏ مِنْ زَوْجَاتِهِ ‏(‏مِنْ سَفَرٍ‏)‏ مَعَهُ ‏(‏أَوْ امْتَنَعَتْ مِنْ مَبِيتٍ مَعَهُ‏)‏ أَوْ أَغْلَقَتْ الْبَابَ دُونَهُ أَوْ قَالَتْ لَهُ‏:‏ لَا تَبِتْ عِنْدِي ‏(‏أَوْ سَافَرَتْ لِحَاجَتِهَا وَلَوْ بِإِذْنِهِ سَقَطَ حَقُّهَا مِنْ قَسْمٍ، وَنَفَقَةٍ‏)‏ لِعِصْيَانِهَا فِي الْأُولَيَيْنِ وَلِعَدَمِ التَّمْكِينِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ فِي الْأَخِيرَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا سَافَرَتْ مَعَهُ لِوُجُودِ التَّمْكِينِ، و‏(‏لَا‏)‏ يَسْقُطُ حَقُّهَا مِنْ قَسْمٍ، وَنَفَقَةٍ إنْ سَافَرَتْ ‏(‏لِحَاجَتِهِ‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجِ ‏(‏بِبَعْثِهِ‏)‏ لَهَا، وَانْتِقَالُهَا إلَى بَلَدٍ آخَرَ بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ تَعَذُّرِ الِاسْتِمْتَاعِ مِنْ جِهَتِهِ فَيَقْضِي لَهَا مَا أَقَامَهُ عِنْدَ الْأُخْرَى‏.‏

‏(‏وَلَهَا‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجَةِ ‏(‏هِبَةُ نَوْبَتِهَا‏)‏ مِنْ الْقَسْمِ ‏(‏بِلَا مَالٍ لِزَوْجٍ يَجْعَلُهُ لِمَنْ شَاءَ‏)‏ مِنْ ضَرَّاتِهَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْوَاهِبَةِ، وَالزَّوْجِ ‏(‏وَ‏)‏ لِلزَّوْجَةِ هِبَةُ نَوْبَتَهَا بِلَا مَالٍ ‏(‏لِضَرَّةٍ‏)‏ مُعَيَّنَةٍ ‏(‏بِإِذْنِهِ‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجِ ‏(‏وَلَوْ أَبَتْ‏)‏ ذَلِكَ ‏(‏مَوْهُوبٌ لَهَا‏)‏ لِثُبُوتِ حَقِّ الزَّوْجِ فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا كُلَّ وَقْتٍ وَإِنَّمَا مَنَعَتْهُ الْمُزَاحِمَةُ فِي حَقِّ صَاحِبَتِهَا فَإِذَا أَزَالَتْ الْمُزَاحِمَةُ بِهِبَتِهَا ثَبَتَ حَقُّهُ فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا وَإِنْ كَرِهَتْ كَمَا لَوْ كَانَتْ مُنْفَرِدَةً ‏{‏، وَوَهَبَتْ سَوْدَةُ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ يَوْمَهَا، وَيَوْمَ سَوْدَةَ‏}‏ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ‏.‏

فَإِنْ كَانَ بِمَالٍ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ حَقَّهَا كَوْنُ الزَّوْجِ عِنْدَهَا وَهُوَ لَا يُقَابَلُ بِمَالٍ فَإِنْ أَخَذَتْ الْوَاهِبَةُ عَلَيْهِ مَالًا وَجَبَ رَدُّهُ، وَقَضَى لَهَا زَمَنَ هِبَتِهَا وَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ غَيْرَ مَالٍ كَإِرْضَاءِ زَوْجِهَا عَنْهَا جَازَ لِقِصَّةِ عَائِشَةَ، وَصَفِيَّةَ لَهُ ‏(‏وَلَيْسَ لَهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجِ ‏(‏نَقْلُهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ زَمَنِ قَسْمِ الْوَاهِبَةِ ‏(‏لِيَلِيَ لَيْلَتَهَا‏)‏ أَيْ‏:‏ الْمَوْهُوبِ لَهَا إلَّا بِرِضَا الْبَاقِيَاتِ فَإِنْ رَضِينَ جَازَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُنَّ، وَإِلَّا جَعَلَهُ لِلْمَوْهُوبِ لَهَا فِي وَقْتِ الْوَاهِبَةِ لِقِيَامِ الْمَوْهُوبِ لَهَا مَقَامَ الْوَاهِبَةِ فِي لَيْلَتِهَا فَلَمْ تُغَيَّرْ عَنْ مَوْضِعِهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ بَاقِيَةً لِلْوَاهِبَةِ ‏(‏وَمَتَى رَجَعَتْ‏)‏ وَاهِبَةٌ لِلَيْلَتِهَا ‏(‏وَلَوْ فِي بَعْضِ لَيْلَةٍ‏)‏ عَادَ حَقُّهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ؛ لِأَنَّهَا هِبَةٌ لَمْ تُقْبَضْ، و‏(‏قَسَمَ‏)‏ لَهَا وُجُوبًا فَيَرْجِعُ إلَيْهَا ‏(‏وَلَا يَقْضِي بَعْضًا‏)‏ مِنْ لَيْلَةٍ ‏(‏لَمْ يَعْلَمْ بِهِ‏)‏ أَيْ‏:‏ لِرُجُوعِهَا فِيهِ ‏(‏إلَى فَرَاغِهَا‏)‏ أَيْ‏:‏ اللَّيْلَةِ لِتَفْرِيطِهَا‏.‏

‏(‏وَلَهَا‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجَةِ ‏(‏بَذْلُ قَسْمٍ، وَنَفَقَةٍ، وَغَيْرِهِمَا‏)‏ لِزَوْجٍ ‏(‏لِيُمْسِكَهَا‏)‏ لِقِصَّةِ سَوْدَةَ ‏(‏يَعُودُ‏)‏ حَقُّهَا فِيمَا وَهَبَتْهُ مِنْ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ‏(‏بِرُجُوعِهَا‏)‏ كَالْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَأَمَّا مَا مَضَى فَكَالْهِبَةِ الْمَقْبُوضَةِ‏.‏

‏(‏وَيُسَنُّ تَسْوِيَةُ‏)‏ زَوْجٍ ‏(‏فِي وَطْءٍ بَيْنَ زَوْجَاتِهِ‏)‏؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْعَدْلِ بَيْنَهُنَّ‏.‏

وَرُوِيَ ‏"‏ ‏{‏أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَوِّي بَيْنَ زَوْجَاتِهِ فِي الْقُبْلَةِ، وَيَقُولُ‏:‏ اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا لَا أَمْلِكُ‏}‏ ‏"‏ وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ فِي الْجِمَاعِ؛ لِأَنَّ طَرِيقَهُ الشَّهْوَةُ، وَالْمَيْلُ وَلَا سَبِيلَ إلَى التَّسْوِيَةِ فِيهِ وَكَذَا لَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ فِي الشَّهَوَاتِ، وَالنَّفَقَةِ، وَالْكِسْوَةِ إذَا قَامَ بِالْوَاهِبِ وَإِنْ أَمْكَنَهُ فَهُوَ أَوْلَى‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ يُسَنُّ لِسَيِّدٍ تَسْوِيَةٌ ‏(‏فِي قَسْمٍ بَيْنَ إمَائِهِ‏)‏؛ لِأَنَّهُ أَطْيَبُ لِقُلُوبِهِنَّ وَلَا قَسْمَ عَلَيْهِ لَهُنَّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ‏}‏؛ وَلِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْأَمَةِ فِي الِاسْتِمْتَاعِ وَلِهَذَا لَا خِيَارَ لَهَا بِعُنَّةِ السَّيِّدِ أَوْ جَبِّهِ وَلَا يَضْرِبُ لَهَا مُدَّةَ الْإِيلَاءِ بِحَلِفِهِ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا، ‏(‏وَعَلَيْهِ أَنْ لَا يَعْضُلهُنَّ‏)‏ إذَا طَلَبْنَ النِّكَاحَ ‏(‏إنْ لَمْ يُرِدْ اسْتِمْتَاعًا بِهِنَّ‏)‏ فَيُزَوِّجهُنَّ أَوْ يَبِيعهُنَّ دَفْعًا لِضَرَرِهِنَّ‏.‏

فَصْلٌ‏:‏ ‏[‏من تزوج بكرا ومعه غيرها‏]‏

وَمَنْ تَزَوَّجَ بِكْرًا، وَمَعَهُ غَيْرُهَا ‏(‏أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا وَلَوْ‏)‏ كَانَتْ ‏(‏أَمَةً‏)‏، وَضَرَائِرُهَا حَرَائِرُ ‏(‏ثُمَّ دَارَ‏)‏ الْقَسْمُ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ تَزَوَّجَ ‏(‏ثَيِّبًا‏)‏، وَمَعَهُ غَيْرُهَا أَقَامَ عِنْدَهَا ‏(‏ثَلَاثًا‏)‏ وَلَوْ أَمَةً ثُمَّ دَارَ ‏(‏وَتَصِيرُ الْجَدِيدَةُ آخِرَهُنَّ نَوْبَةً‏)‏ لِحَدِيثِ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ ‏"‏ ‏{‏مِنْ السُّنَّةِ إذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعَةً، وَقَسَمَ، وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَسَمَ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو قِلَابَةَ لَوْ شِئْتُ لَقُلْتُ‏:‏ إنَّ أَنَسًا رَفَعَهُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏"‏ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ ‏(‏وَإِنْ شَاءَتْ‏)‏ الثَّيِّبُ ‏(‏لَا‏)‏ إنْ شَاءَ ‏(‏هُوَ‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجُ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهَا ‏(‏سَبْعًا فَعَلَ‏)‏ أَيْ‏:‏ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا ‏(‏وَقَضَى‏)‏ السَّبْعَ ‏(‏الْكُلَّ‏)‏ لِضَرَائِرِهَا لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ ‏{‏أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا تَزَوَّجَهَا أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَقَالَ لَهَا‏:‏ إنَّهُ لَيْسَ بِك هَوَانٌ عَلَى أَهْلِكِ فَإِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ، وَإِنْ سَبَّعْتُ لَكِ سَبَّعْتُ لِنِسَائِي‏}‏ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُمَا وَلَفْظُ الدَّارَقُطْنِيِّ ‏"‏ ‏{‏أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا حِينَ دَخَلَ بِهَا‏:‏ لَيْسَ بِك هَوَانٌ عَلَى أَهْلِكِ إنْ شِئْتِ قُمْتُ عِنْدَكِ ثَلَاثًا خَالِصَةً لَكِ، وَإِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ وَلِنِسَائِي قَالَتْ‏:‏ تُقِيمُ مَعِي ثَلَاثًا خَالِصَةً‏}‏‏.‏

‏(‏وَإِنْ زُفَّتْ إلَيْهِ‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجِ ‏(‏امْرَأَتَانِ‏)‏ بِكْرَانِ أَوْ ثَيِّبَانِ أَوْ بِكْرٌ، وَثَيِّبٌ ‏(‏كُرِهَ‏)‏ لَهُ ذَلِكَ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فِي إيفَاءِ حَقِّ الْعَقْدِ وَتَضَرُّرِ الْمُؤَخَّرَةِ، وَوَحْشَتِهَا وَكَذَا لَوْ زُفَّتْ إلَيْهِ ثَانِيَةٌ قَبْلَ إيفَائِهِ حَقَّ الَّتِي قَبْلَهَا ‏(‏وَبَدَا بِالدَّاخِلَةِ‏)‏ عَلَيْهِ ‏(‏أَوَّلًا‏)‏ مِنْهُمَا لِتَقَدُّمِ حَقِّهَا، ‏(‏وَيُقْرِعُ بَيْنَهُمَا‏)‏ أَيْ‏:‏ الْمَرْأَتَيْنِ ‏(‏لِلتَّسَاوِي‏)‏ أَيْ‏:‏ عِنْدَ تَسَاوِيهِمَا فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْحَقِّ فَيَبْدَأُ بِمَنْ خَرَجَتْ لَهَا الْقُرْعَةُ فَيُوَفِّيهَا حَقَّ عَقْدِهَا ثُمَّ يُوَفِّي الْأُخْرَى ذَلِكَ ثُمَّ يَدُورُ‏.‏

‏(‏وَإِنْ سَافَرَ‏)‏ أَوْ أَرَادَ السَّفَرَ ‏(‏مَنْ قَرَعَ‏)‏ بَيْنَ مَنْ دَخَلَتَا عَلَيْهِ مَعًا صَحِبَ مَنْ خَرَجَتْ لَهَا الْقُرْعَةُ مِنْهُمَا و‏(‏دَخَلَ‏)‏ حَقُّ ‏(‏عَقْدٍ فِي قَسْمِ سَفَرٍ‏)‏ إنْ، وَفَّى بِهِ لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهِ ‏(‏فَيَقْضِيه لِلْأُخْرَى بَعْدَ قُدُومِهِ‏)‏ مِنْ سَفَرِهِ كَمَا لَوْ يُسَافِرُ بِالْأُخْرَى مَعَهُ وَإِنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ وَقَدْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ عَقْدِ الْأُولَى، وَفَّاهُ لَهَا فِي الْحَضَرِ ثُمَّ وَفَّى الْحَاضِرَةَ حَقَّ عَقْدِهَا، وَمَنْ لَهُ امْرَأَةٌ فَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أُخْرَى، وَسَافَرَ بِهِمَا مَعًا وَفَّى لِلْجَدِيدَةِ عَقْدَهَا ثُمَّ قَسَمَ فِي السَّفَرِ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ قَسْمٍ، وَإِنْ أَرَادَ السَّفَرَ بِإِحْدَاهُمَا قَرَعَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ وَقَعَتْ لِلْجَدِيدَةِ فَكَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ وَقَعَتْ لِلْقَدِيمَةِ قَضَى لِلْجَدِيدَةِ حَقَّ عَقْدِهَا إذَا قَدِمَ‏.‏

‏(‏وَإِنْ طَلَّقَ‏)‏ زَوْجُ اثْنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ ‏(‏وَاحِدَةً وَقْتَ قَسْمِهَا‏)‏ أَيْ‏:‏ نَوْبَتِهَا ‏(‏أَثِمَ‏)‏؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى إبْطَالِ حَقِّهَا مِنْ الْقَسْمِ وَلَعَلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِسُؤَالِهَا ‏(‏وَيَقْضِيهِ‏)‏ لَهَا ‏(‏مَتَى نَكَحَهَا‏)‏ وُجُوبًا لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ كَالْمُعْسِرِ يُوسِرَ بِالدَّيْنِ‏.‏

‏(‏وَمَنْ قَسَمَ لِثِنْتَيْنِ مِنْ ثَلَاثٍ ثُمَّ تَجَدَّدَ‏)‏ عَلَيْهِ ‏(‏حَقُّ رَابِعَةٍ‏)‏ قَبْلَ قَسْمِهِ لِلثَّالِثَةِ ‏(‏بِرُجُوعِهَا‏)‏ أَيْ‏:‏ الرَّابِعَةِ ‏(‏فِي هِبَةِ‏)‏ حَقِّهَا مِنْ الْقَسْمِ ‏(‏أَوْ‏)‏ بِرُجُوعِهَا ‏(‏عَنْ نُشُوزٍ‏)‏ فَرُبْعُ الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ لِلرَّابِعَةِ وَبَقِيَّتُهُ لِلثَّالِثَةِ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَسَمَ لِثِنْتَيْنِ مِنْ ثَلَاثِ زَوْجَاتِ ثُمَّ تَجَدَّدَ حَقُّ رَابِعَةٍ بِ ‏(‏نِكَاحٍ‏)‏ مُتَجَدِّدٍ ‏(‏وَفَّاهَا‏)‏ أَيْ‏:‏ الرَّابِعَةَ ‏(‏حَقَّ عَقْدِهِ‏)‏ وَهُوَ سَبْعٌ إنْ كَانَتْ بِكْرًا، وَثَلَاثٌ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا ‏(‏ثُمَّ‏)‏ يَقْسِمُ ‏(‏فَرُبْعُ الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ لِلرَّابِعَةِ‏)‏؛ لِأَنَّهَا وَاحِدَةٌ مِنْ أَرْبَعٍ‏.‏

‏(‏وَبَقِيَّتُهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ ‏(‏لِلثَّالِثَةِ‏)‏؛ لِأَنَّ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ اسْتَوْفَتَا مُدَّتَهُمَا مِثَالُهُ فِيمَا يُخْرِجُهُ الْحِسَابُ بِلَا كَسْرٍ لَوْ قَسَمَ لِلْأَوَّلَيْنِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا فَيَقْسِمُ لِلثَّالِثَةِ مِثْلَهُمَا وَلِلرَّابِعَةِ لَيْلَةً فَقَدْ أَخَذَتْ الرَّابِعَةُ رُبْعَ مُدَّةِ الزَّمَنِ الْآتِي عَلَيْهَا ‏(‏فَإِنْ أَكْمَلَ الْحَقَّ ابْتَدَأَ التَّسْوِيَةَ‏)‏ لِلْأَرْبَعِ ‏(‏وَلَوْ بَاتَ لَيْلَةً عِنْدَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ ثُمَّ نَكَحَ‏)‏ ثَالِثَةً ‏(‏وَفَّاهَا حَقَّ عَقْدِهِ ثُمَّ‏)‏ وَفَّى ‏(‏لَيْلَةَ الْمَظْلُومَةِ‏)‏ كَضَرَّتِهَا ‏(‏ثُمَّ‏)‏ وَفَّى ‏(‏نِصْفَ لَيْلَةٍ لِلثَّالِثَةِ‏)‏؛ لِأَنَّهَا وَاحِدَةٌ مِنْ اثْنَتَيْنِ، وَأَمَّا الْأُولَى فَقَدْ اسْتَوْفَتْ حَقَّهَا ‏(‏ثُمَّ يَبْتَدِئُ‏)‏ الْقَسْمَ مُتَسَاوِيًا‏.‏

قَالَ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ‏:‏ فَيَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَنْفَرِدَ بِنَفْسِهِ فِي نِصْفِ لَيْلَةٍ، وَفِيهِ حَرَجٌ‏.‏

‏(‏وَلَهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ زَوْجِ ثِنْتَيْنِ فَأَكْثَرَ ‏(‏نَهَارُ‏)‏ لَيْلٍ ‏(‏قُسِمَ‏)‏، وَحَقُّ عَقْدٍ ‏(‏أَنْ يَخْرُجَ لِمَعَاشِهِ، وَقَضَاءِ حُقُوقِ النَّاسِ‏)‏ لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا‏}‏ وَكَذَا لَهُ الْخُرُوجُ لِصَلَاةِ جَمَاعَةٍ، وَمَتَى تَرَكَ قَسْمَ بَعْضِ نِسَائِهِ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ قَضَاهُ لَهَا‏.‏

فَصْلٌ‏:‏ فِي النُّشُوزِ

مِنْ النَّشَزِ وَهُوَ مَا ارْتَفَعَ مِنْ الْأَرْضِ، فَكَأَنَّهَا ارْتَفَعَتْ، وَتَعَالَتْ عَمَّا فُرِضَ عَلَيْهَا مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ، وَيُقَالُ‏:‏ نَشَزَتْ بِالشِّينِ وَالزَّايِ، وَنَشِصَتْ بِالشِّينِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ ‏(‏وَهُوَ مَعْصِيَتُهَا إيَّاهُ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهَا‏)‏ طَاعَتُهُ فِيهِ‏.‏

‏(‏وَإِذَا ظَهَرَ مِنْهَا أَمَارَتُهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ النُّشُوزِ ‏(‏بِأَنْ مَنَعَتْهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجَ ‏(‏الِاسْتِمْتَاعَ‏)‏ بِهَا ‏(‏أَوْ أَجَابَتْهُ مُتَبَرِّمَةً‏)‏ كَأَنْ تَتَثَاقَلَ إذَا دَعَاهَا أَوْ لَا تُجِيبُهُ إلَّا بِكُرْهٍ ‏(‏وَعَظَهَا‏)‏ أَيْ‏:‏ خَوَّفَهَا اللَّهَ، وَذَكَرَ لَهَا مَا أَوْجَبَ عَلَيْهَا مِنْ الْحَقِّ، وَالطَّاعَةِ وَمَا يَلْحَقُهَا مِنْ الْإِثْمِ بِالْمُخَالَفَةِ، وَمَا يَسْقُطُ بِهِ مِنْ النَّفَقَةِ، وَالْكِسْوَةِ، وَمَا يُبَاحُ بِهِ مِنْ هَجْرِهَا، وَضَرْبِهَا‏.‏

لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ‏}‏‏.‏

وَفِي الْحَدِيثِ ‏"‏ ‏{‏إذَا بَاتَتْ الْمَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ إلَى أَنْ تَرْجِعَ‏}‏ ‏"‏ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ‏(‏فَإِنْ أَصَرَّتْ‏)‏ نَاشِزَةً بَعْدَ وَعْظِهَا ‏(‏هَجَرَهَا فِي مَضْجَعٍ‏)‏ أَيْ‏:‏ تَرَكَ مُضَاجَعَتَهَا ‏(‏مَا شَاءَ‏)‏ مَا دَامَتْ كَذَلِكَ ‏(‏وَ‏)‏ هَجَرَهَا ‏(‏فِي الْكَلَامِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا فَوْقَهَا‏)‏ لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ‏}‏‏.‏

وَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا ‏"‏ ‏{‏لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ‏}‏ ‏"‏‏.‏

‏(‏فَإِنْ أَصَرَّتْ‏)‏ مَعَ هَجْرِهَا فِي الْمَضْجَعِ، وَالْكَلَامِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ ‏(‏ضَرَبَهَا‏)‏ ضَرْبًا ‏(‏غَيْرَ شَدِيدٍ‏)‏ لِحَدِيثِ ‏"‏ ‏{‏لَا يَجْلِدْ أَحَدُكُمْ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ ثُمَّ يُضَاجِعُهَا فِي آخِرِ الْيَوْمِ‏}‏ ‏"‏ ‏(‏عَشَرَةَ أَسْوَاطٍ لَا فَوْقَهَا‏)‏ لِحَدِيثِ ‏"‏ ‏{‏لَا يَجْلِدْ أَحَدٌ فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ إلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى‏}‏ ‏"‏ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ‏.‏

وَيَجْتَنِبُ الْوَجْهَ وَالْمَوَاضِعَ الْمَخُوفَةَ‏.‏

وَلَيْسَ لَهُ ضَرْبُهَا إلَّا بَعْدَ هَجْرِهَا فِي الْفِرَاشِ، وَالْكَلَامِ؛ لِأَنَّ‏.‏

الْقَصْدَ التَّأْدِيبُ، وَالزَّجْرُ فَيُبْدَأُ فِيهِ بِالْأَسْهَلِ فَالْأَسْهَلِ، وَقَالَ أَحْمَدُ فِي الرَّجُلِ يَضْرِبُ امْرَأَتَهُ ‏"‏ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَسْأَلَهُ وَلَا أَبُوهَا لِمَ ضَرَبَهَا لِلْخَبَرِ ‏"‏ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ‏(‏وَيُمْنَعُ مِنْهَا‏)‏ أَيْ‏:‏ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ ‏(‏مِنْ‏)‏ أَيْ‏:‏ زَوْجٍ ‏(‏عَلِمَ بِمَنْعِهِ‏)‏ زَوْجَتَهُ ‏(‏حَقَّهَا حَتَّى يُوَفِّيَهُ‏)‏ لَهَا لِظُلْمِهِ بِطَلَبِهِ حَقَّهُ مَعَ مَنْعِ حَقِّهَا‏.‏

وَيَنْبَغِي لِلْمَرْأَةِ أَنْ لَا تُغْضِبَ زَوْجَهَا لِحَدِيثِ أَحْمَدَ عَنْ الْحُصَيْنِ بْنِ الْمُحَيْصِنِ ‏"‏ ‏{‏أَنَّ عَمَّةً لَهُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ‏:‏ أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ‏؟‏ قَالَتْ‏:‏ نَعَمْ‏.‏

قَالَ‏:‏ اُنْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ، وَنَارُكِ‏}‏ ‏"‏ قَالَ فِي الْفُرُوعِ‏:‏ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَيَنْبَغِي لِلزَّوْجِ مُدَارَاتُهَا، وَحَدَّثَ رَجُلٌ لِأَحْمَدَ مَا قِيلَ‏:‏ ‏"‏ الْعَافِيَةُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ‏.‏

تِسْعَةٌ مِنْهَا فِي التَّغَافُلِ ‏"‏ فَقَالَ أَحْمَدُ ‏"‏ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ كُلِّهَا فِي التَّغَافُلِ ‏"‏‏.‏

‏(‏وَلَهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجِ ‏(‏تَأْدِيبُهَا عَلَى تَرْكِ الْفَرَائِضِ‏)‏ كَوَاجِبِ صَلَاةٍ، وَصَوْمٍ ‏(‏لَا تَعْزِيرُهَا فِي حَادِثٍ مُتَعَلِّقٍ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى‏)‏، وَسِحَاقٍ؛ لِأَنَّهُ، وَظِيفَةُ الْحَاكِمِ، وَيَنْبَغِي تَعْلِيقُ السَّوْطِ بِالْبَيْتِ لِلْخَبَرِ‏.‏

رَوَاهُ الْخَلَّالُ‏.‏

فَإِنْ لَمْ تُصَلِّ فَقَالَ أَحْمَدُ أَخْشَى أَنْ لَا يَحِلَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُقِيمَ مَعَ امْرَأَةٍ لَا تُصَلِّي وَلَا تَغْتَسِلُ مِنْ الْجَنَابَةِ وَلَا تَتَعَلَّمُ الْقُرْآنَ‏.‏

‏(‏فَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ‏)‏ مِنْ الزَّوْجَيْنِ ‏(‏ظُلْمَ صَاحِبِهِ‏)‏ لَهُ ‏(‏أَسْكَنَهُمَا حَاكِمٌ قُرْبَ‏)‏ رَجُلٍ ‏(‏ثِقَةٍ يُشْرِفُ عَلَيْهِمَا، وَيَكْشِفُ حَالَهُمَا كَعَدَالَةٍ، وَإِفْلَاسٍ مِنْ خِبْرَةٍ بَاطِنَةٍ‏)‏ لِيَعْلَمَ الظَّالِمُ مِنْهُمَا ‏(‏وَيُلْزِمُهُمَا‏)‏ الثِّقَةُ ‏(‏الْحَقَّ‏)‏؛ لِأَنَّهُ طَرِيقُ الْإِنْصَافِ ‏(‏فَإِنْ تَعَذَّرَ‏)‏ إسْكَانَهُمَا قُرْبَ ثِقَةٍ يُشْرِفُ عَلَيْهِمَا أَوْ تَعَذَّرَ إلْزَامَهُمَا بِالْحَقِّ ‏(‏وَتَشَاقَّا‏)‏ أَيْ‏:‏ خَرَجَا إلَى الشِّقَاقِ، وَالْعَدَاوَةِ ‏(‏بَعَثَ‏)‏ الْحَاكِمُ إلَيْهِمَا ‏(‏حَكَمَيْنِ ذَكَرَيْنِ حُرَّيْنِ مُكَلَّفَيْنِ مُسْلِمَيْنِ عَدْلَيْنِ يَعْرِفَانِ‏)‏ حُكْمَ ‏(‏الْجَمْعِ، وَالتَّفْرِيقِ‏)‏؛ لِأَنَّهُمَا يَتَصَرَّفَانِ فِي ذَلِكَ فَاعْتُبِرَ عِلْمُهُمَا بِهِ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ فِيهِمَا هَذِهِ الشُّرُوطُ مَعَ أَنَّهُمَا وَكِيلَانِ لِتَعَلُّقِهِمَا بِنَظَرِ الْحَاكِمِ فَكَأَنَّهُمَا نَائِبَانِ عَنْهُ‏.‏

‏(‏وَالْأَوْلَى‏)‏ أَنْ يَكُونَ الْحَكَمَانِ ‏(‏مِنْ أَهْلِهِمَا‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجَيْنِ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ يُفْضِي إلَى قَرَابَتِهِ، وَأَهْلِهِ بِلَا احْتِشَامٍ فَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْإِصْلَاحِ فَيَخْلُو كُلٌّ بِصَاحِبِهِ، وَيَسْتَعْلِمُ رَأْيَهُ فِي الْفِرَاقِ وَالْوَصْلَةِ وَمَا يُكْرَهُ مِنْ صَاحِبِهِ ‏(‏يُوَكِّلَانِهِمَا‏)‏ بِرِضَاهُمَا و‏(‏لَا‏)‏ يَبْعَثُهُمَا الْحَاكِمُ ‏(‏جَبْرًا‏)‏ عَلَى الزَّوْجَيْنِ ‏(‏فِي فِعْلِ الْأَصْلَحِ مِنْ جَمْعٍ أَوْ تَفْرِيقٍ بِعِوَضٍ أَوْ دُونَهُ‏)‏ لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا‏}‏ الْآيَةُ ‏(‏وَلَا‏)‏ يَصِحُّ ‏(‏إبْرَاءُ غَيْرِ وَكِيلِهَا‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجَةِ ‏(‏فِي خُلْعٍ فَقَطْ‏)‏ فَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْ وَكِيلِ الزَّوْجِ مُطْلَقًا وَلَا مِنْ وَكِيلِ الزَّوْجَةِ إلَّا فِي الْخُلْعِ خَاصَّةً‏.‏

‏(‏وَإِنْ شَرَطَا‏)‏ أَيْ‏:‏ الْحَكَمَانِ عَلَى الزَّوْجَيْنِ ‏(‏مَا‏)‏ أَيْ‏:‏ شَرَطًا ‏(‏لَا يُنَافِي نِكَاحًا‏)‏ كَإِسْكَانِهَا بِمَحَلِّ كَذَا أَوْ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ أَوْ يَتَسَرَّى عَلَيْهَا وَنَحْوَهُ ‏(‏لَزِمَ‏)‏ الشَّرْطُ وَلَعَلَّهُمْ نَزَّلُوا هَذِهِ الْحَالَةَ مَنْزِلَةَ ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ‏.‏

لِحَاجَةِ الْإِصْلَاحِ وَإِلَّا فَمَحَلُّ الْمُعْتَبَرِ مِنْ الشُّرُوطِ صُلْبُ الْعَقْدِ كَمَا تَقَدَّمَ ‏(‏وَإِلَّا‏)‏ بِأَنْ شَرَطَا مَا يُنَافِي نِكَاحًا ‏(‏فَلَا‏)‏ يَلْزَمُ، وَذَلِكَ ‏(‏كَتَرْكِ قَسْمٍ أَوْ‏)‏ تَرْكِ ‏(‏نَفَقَةٍ‏)‏ أَوْ وَطْءٍ أَوْ سَفَرٍ إلَّا بِإِذْنِهَا وَنَحْوِهِ‏.‏

‏(‏وَلِمَنْ رَضِيَ‏)‏ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِشَرْطِ مَا يُنَافِي نِكَاحًا ‏(‏الْعَوْدَ‏)‏ أَيْ‏:‏ الرُّجُوعَ عَنْ الرِّضَا بِهِ لِعَدَمِ لُزُومِهِ ‏(‏وَلَا يَنْقَطِعُ نَظَرُهُمَا‏)‏ أَيْ‏:‏ الْحَكَمَيْنِ ‏(‏بِغَيْبَةِ الزَّوْجَيْنِ‏)‏ أَوْ غَيْبَةِ ‏(‏أَحَدِهِمَا‏)‏؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَا تَنْقَطِعُ بِغَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ، ‏(‏وَيَنْقَطِعُ‏)‏ نَظَرُهُمَا ‏(‏بِجُنُونِهِمَا‏)‏ أَيْ‏:‏ الزَّوْجَيْنِ ‏(‏أَوْ‏)‏ جُنُونِ ‏(‏أَحَدِهِمَا وَنَحْوِهِ‏)‏ أَيْ‏:‏ الْجُنُونِ ‏(‏مِمَّا يُبْطِلُ الْوَكَالَةَ‏)‏ كَحُرٍّ لِسَفَهٍ كَسَائِرِ الْوُكَلَاءِ‏.‏