فصل: كتب أفلاطون:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: عيون الأنباء في طبقات الأطباء (نسخة منقحة)



.كتب أفلاطون:

ولأفلاطن من الكتب كتاب احتجاج سقراط على أهل أثينية؛ كتاب فأذن في النفس؛ كتاب السياسة المدنية؛ كتاب طيماوس الروحاني في ترتيب العوالم الثلاثة العقلية، التي هي عالم الربوبية وعالم العقل وعالم النفس؛ كتاب طيماوس الطبيعي؛ أربع مقالات في تركيب عالم الطبيعة، - كتب بهذين الكتابين إلى تلميذ له يسمى طيماوس، وغرض فلاطن في كتابه هذا أن يصف جميع العلم الطبيعي.
أقول وذكر جالينوس في المقالة الثامنة من كتابه من آراء أبقراط وفلاطن أن كتاب طيماوس قد شرحه كثير من المفسرين وأطنبوا في ذلك، حتى جاوزوا المقدار الذي ينبغي ما خلا الأقاويل الطبيعية التي فيه، فإنه قل من رام شرحها، ومن رام شرحها أيضًا لم يحسن فيما كتب فيها، ولجالينوس كتاب ينقسم إلى أربع مقالات فسر فيه ما في كتاب طيماوس من علم الطب، كتاب الأقوال الأفلاطونية؛ كتاب أونفرن؛ كتاب أقريطن؛ كتاب قراطلس؛ كتاب ثاطيطس؛ كتاب سوفسطس؛ كتاب فوليطيقوس؛ كتاب برمينيدس؛ كتاب فلبس؛ كتاب سمبوسين، كتاب القيبيادس الأول؛ كتاب القيبيادس الثاني؛ كتاب أبرخس؛ كتاب أرسطا في الفلسفة؛ كتاب ثاجيس في الفلسفة؛ كتاب أوثوديموس؛ كتاب لاخس في الشجاعة؛ كتاب لوسيس؛ كتاب فروطاغورس؛ كتاب غورجياس؛ كتاب مانون؛ كتابان مسميان أبيا؛ كتاب أين؛ كتاب منكسانس، كتاب فليطفون، كتاب الفلسفي؛ كتاب أقريطياس؛ كتاب مينس؛ كتاب أفينومس؛ كتاب النواميس؛ اثنا عشر كتابًا في الفلسفة؛ كتاب فيما ينبغي؛ كتاب في الأشياء العالية؛ كتاب خرميدس في العفة؛ كتاب فدروس؛ كتاب المناسبات؛ كتاب التوحيد؛ كتاب في النفس والعقل والجوهر والغرض؛ كتاب الحس واللذة، مقالة؛ كتاب تأديب الأحداث ووصاياهم؛ كتاب معاتبة النفس؛ كتاب أصول الهندسة.

.أرسطوطاليس:

هو أرسطوطاليس بن نيقوماخس الجراسني الفيثاغوري وتفسير نيقوماخس قاهر الخصم، وتفسير أرسطوطاليس تام الفضيلة، حكي ذلك أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي، كان نيقوماخس فيثاغوري المذهب، وله تأليف مشهور في الأرثماطيقي، قال سليمان بن حسان المعروف بابن جلجل في كتابه عن أرسطوطاليس أنه كان فيلسوف الروم وعالمها وجهبذها ونحريرها وخطيبها وطبيبها، قال وكان أوحد في الطب، وغلب عليه علم الفلسفة، .
وقال بطليموس في كتابه إلى غلس، في سيرة أرسطوطاليس وخبره ووصيته وفهرست كتبه المشهورة إنه كان أصل أرسطوطاليس من المدينة التي تسمى أسطاغيرا، وهي من البلاد التي يقال لها خلقيديق مما يلي بلاد تراقية بالقرب من أولنش وماثوني، وكان اسم أمه أفسطيا، قال وكان نيقوماخس أبو أرسطوطاليس طبيب أمنطس أبي فيلبس، وفيلبس هذا هو أبو الاسكندر الملك، وكان نيقوماخس يرجع في نسبه إلى إسقليبيوس، وكان إسقليبيوس هذا أبا ماخاون، وماخاون أبو إسقليبيوس، وكان أصل أمه أفسطيا يرجع في النسبة أيضًا إلى إسقليبيوس، ويقال أنه لما توفي نيقوماخس أبوه أسلمه برقسانس، وكيل أبيه، وهو حدث لأفلاطن، وقال بعض الناس إن إسلام أرسطوطاليس إلى أفلاطن إنما كان بوحي من اللَّه تعالى في هيكل بوثيون.
وقال بعضهم بل إنما كان ذلك لصداقة كانت بين برقسانس وبين فلاطن، ويقال أنه لبث في التعليم عن أفلاطن عشرين سنة وأنه لما عاد أفلاطن إلى سقلية في المرة الثانية كان أرسطوطاليس خليفته على دار التعليم المسماة أقاديميا، وأنه لما قدم أفلاطن من سقلية انتقل أرسطوطاليس إلى لوقيون، واتخذ هناك دار التعليم المنسوبة إلى الفلاسفة المشائين، ثم لما توفي فلاطن سار إلى أرمياس الخادم الوالي على أترنوس، ثم لما مات هذا الخادم رجع إلى أثينس وهي التي تعرف بمدينة الحكماء، فأرسل إليه فيلبس فسار إلى مقدونيا فلبث بها يعلم إلى أن تجاوز الاسكندر بلاد أسيا، ثم استخلف في مقدونيا قلسثانس، ورجع إلى أثينا وأقام في لوقيون عشر سنين، ثم أن رجلًا من الكهنة الذين يسمون الكمريين يقال له أوروماذن أراد السعاية بأرسطوطاليس ونسبه إلى الكفر، وأنه لا يعظم الأصنام التي كانت تعبد في ذلك الوقت، بسبب ضغن كان في نفسه عليه، وقد قص أرسطوطاليس هذه القصة في كتابه إلى أنطيطوس- فلما أحس أرسطوطاليس بذلك شخص عن أثينا إلى بلاده وهي خلقيديق، لأنه كره أن يبتلى أهل أثنية من أمره بمثل الذي ابتلوا في أمر سقراطيس معلم أفلاطن حتى قتلوه، وكان شخوصه من غير أن يكون أحدًا اجترأ به، إلى أي شخص على قبول كتاب الكمري وقرفه أو أن يناله بمكروه، وليس ما يحكى عن أرسطوطاليس من الاعتذار من قرف الكمري إياه بحق، ولكن شيء موضوع على لسانه ولما صار أرسطوطاليس إلى بلاده أقام بها بقية عمره، إلى أن توفي وهو ابن ثمان وستين سنة.
قال وقد يستدل بما ذكرنا من حالاته على بطلان قول من يزعم أنه إنما نظر في الفلسفة بعد أن أتت عليه ثلاثون سنة، وأنه إنما كان إلى هذا الوقت يلي سياسة المدن لعنايته التي كانت بإصلاح أمر المدن.
ويقال أن أهل أسطاغيرا نقلوا بدنه من الموضع الذي توفي فيه إليهم، وصيروه في الموضع المسمى الأرسطوطاليسي، وصيروا مجتمعهم للمشاورة في جلائل الأمور وما يحزنهم في ذلك الموضع، وكان أرسطوطاليس هو الذي وضع سنن أسطاغيرا لأهلها، وكان جليل القدر في الناس، ودلائل ذلك بينة من كرامات الملوك الذين كانوا في عصره له، فأما ما كان عليه من الرغبة في اصطناع المعروف والعناية بالإحسان إلى الناس فذلك بين من رسائله وكتبه، وما يقف عليه الناظر فيها من كثرة توسطه للأمور فيما بين ملوك دهره وبين العوام فيما يصلح به أمورهم ويجتلب به المنافع إليهم، ولكثرة ما عقد من المنن والإحسان، في هذا الباب، صار أهل أثينية إلى أن اجتمعوا وتعاقدوا على أن كتبوا كتابًا نقشوه في عمود من الحجارة، وصيروه على البرج العالي الذي في المدينة، وذكروا فيما كتبوا على ذلك العمود أن أرسطوطاليس بن نيقوخامس الذي من أهل أسطاغيرا قد استحق بما كان عليه من اصطناع المعروف وكثرة الأيادي والمنن، وما يخص به أهل أثينية من ذلك، ومن قيامه عند فيليبس الملك بما أصلح شأنهم وبلغ به الإحسان إليهم، أن يتبين صناعة أهل أثينية عليه بجميل ما أتى من ذلك، ويقروا له بالفضل والرئاسة، ويوجبوا له الحفظ والحياطة، وأهل الرئاسات فيهم هو نفسه وعقبه من بعده، والقيام لهم بكل ما التمسوه من حوائجهم وأمورهم، .
وقد كان رجل من أهل أثينية يقال له إيماراوس بعد اجتماع أهل أثينية على ما اجتمعوا عليه من هذا الكتاب شذ عن جماعتهم، وقال بخلاف قولهم في أمر أرسطوطاليس، ووثب إلى العمود الذي كان قد اجتمع أهل أثينية على أن كتبوا فيه ما كتبوا من الثناء ونصبوه في الموضع الذي يسمى أعلى المدينة، فرمى به عن موضعه، فظفر به، بعد أن صنع ما صنع، أنطينوس فقتله، ثم أن رجلًا من أهل أثينية يسمي أصفانوس وجماعة معه عمدوا إلى عمود حجارة فكتبوا فيه من الثناء على أرسطوطاليس شبيهًا بما كان على العمود الأول، وأثبتوا مع ذلك ذكر إيماراوس الذي رمى بالعمود وفعله ما فعل، وأوجبوا لعنه والبراءة منه.
وما أن مات فيلبس وملك الاسكندر بعده وشخص عن بلاده لمحاربة الأمم، وحاز بلاد آسيا، صار أرسطوطاليس إلى التبتل والتخلي عما كان فيه من الاتصال بأمور الملوك والملابسة لهم؛ وصار إلى أثينية فهيأ موضع التعليم، الذي ذكرناه فيما تقدم، وهو المنسوب إلى الفلاسفة المشائين، وأقبل على العناية بمصالح الناس ورفد الضعفاء وأهل الفاقة، وتزويج الأيامى، وعول اليتامى والعناية بتربيتهم، ورفد الملتمسين للتعلم والتأدب من كانوا وأي نوع من العلم والأدب طلبوا، ومعونتهم على ذلك وأنهاضهم؛ والصدقات على الفقراء، وإقامة المصالح في المدن، وجدد بناء مدينته وهي مدينة أسطاغيرا، ولم يزل في الغاية من لين الجانب والتواضع وحسن اللقاء للصغير والكبير والقوي والضعيف.
وأما قيامه بأمور أصدقائه فلا يوصف، ويدل على ذلك ما كتبه أصحاب السير واتفاقهم جميعًا على ما كتبوه من خبر أرسطوطاليس وسيرته، وقال الأمير المبشر بن فاتك في كتاب مختار الحكم ومحاسن الكلم أن أرسطوطاليس لما بلغ ثماني سنين حمله أبوه إلى بلاد أثينية، وهي المعروفة ببلاد الحكماء، وأقام في لوقين منها فضمه أبوه إلى الشعراء والبلغاء والنحويين، فأقام متعلمًا منهم تسع سنين، وكان اسم هذا العلم عندهم المحيط، أعني علم اللسان لحاجة جميع الناس إليه، لأنه الأداة والمراقي إلى كل حكمة وفضيلة، والبيان الذي يتحصل به كل علم، وأن قومًا من الحكماء أزروا بعلم البلغاء واللغويين والنحويين وعنفوا المتشاغلين به، ومنهم أبيقورس وفيثاغورس، وزعموا أنه لا يحتاج إلى علمهم في شيء من الحكمة لأن النحويين معلمو الصبيان، والشعراء أصحاب أباطيل وكذب، والبلغاء أصحاب تمحل ومحاباة ومراء، فلما بلغ أرسطوطاليس ذلك أدركته الحفيظة لهم، فناضل عن النحويين والبلغاء والشعراء واحتج منهم، وقال أنه لا غنى للحكمة عن علمهم لأن المنطق أداة لعلمهم وقال إن فضل الإنسان على البهائم بالمنطق، فأحقهم بالأنسية أبلغهم في منطقه وأوصلهم إلى عبارة ذات نفسه، وأوضعهم لمنطقه في موضعه، وأحسنهم اختيارًا لأوجزه وأعذبه، ولأن الحكمة أشرف الأشياء فينبغي أن تكون العبارة عنها بأحكم المنطق وأفصح اللهجة، وأوجز اللفظ الأبعد عن الدَّخَل والزلل وسماجة المنطق وقبح اللكنة والعي، فإن ذلك يذهب بنور الحكمة، ويقطع عن الأداء، ويقصر عن الحاجة، ويلبِس على المستمع، ويفسد المعاني، ويورث الشبهة، فلما استكلم علم العراء والنحويين والبلغاء واستوعبه قصد إلى العلوم الأخلاقية والسياسية والطبيعية والتعليمية والإلهية، وانقطع إلى أفلاطن وصار تلميذًا له ومتعلمًا منه، وله يومئذ سبع عشر سنة.
قال المبشر بن فاتك وكان أفلاطن يجلس فيستدعي منه الكلام فيقول حتى يحضر الناس، فإذا جاء أرسطوطاليس قال تكلموا فقد حضر الناس، وربما قال حتى يحضر العقل، فإذا حضر أرسطوطاليس قال تكلموا فقد حضر العقل، قال ولما توفي أرسطوطاليس نقل أهل أسطاغيرا رِمَّته بعدما بليت، وجمعوا عظامه وصيروها في إناء من نحاس ودفنوها في الموضع المعروف بالأرسطوطاليسي، وصيروه مجمعًا لهم يجتمعون فيه للمشاورة في جلائل الأمور وما يحزنهم، ويستريحون إلى قبره ويسكنون إلى عظامه، فإذا صعب عليهم شيء من فنون العلم والحكمة آبوا بذلك الموضع وجلسوا إليه، ثم تناظروا فيما بينهم حتى يستنبطوا ما أشكل عليهم، ويصلح لهم ما شجر بينهم، وكانوا يرون أن مجيئهم إلى ذلك الموضع الذي فيه عظام أرسطوطاليس يذكي عقولهم، ويصحح فكرهم ويلطف أذهانهم، وأيضًا تعظيمًا له بعد موته، وأسفًا على فراقه، وحزنًا لأجل الفجيعة به وما فقدوه من ينابيع الحكمة.
وقال المسعودي في كتاب المسالك والممالك إن المدينة الكبرى التي تسمى بالرم من جزيرة صقلية فيها مسجد الجامع الأكبر، وكان بيعة للروم، فيه هيكل عظيم، قال وسمعت بعض المنطقيين يقول أن حكيم يوناني يعني أرسطوطاليس في خشبة معلق في هذا الهيكل الذي قد اتخذه المسلمون مسجداً، وإن النصارى كانت تعظم قدره وتستشفي به لما شاهدت اليونانية عليه من إكباره وإعظامه، وإن السبب في تعليقه بين السماء والأرض ما كان الناس يلاقونه عند الاستشفاء والاستسقاء والأمور المهمة التي توجب الفزع إلى اللَّه تعالى والتقرب إليه في حين الشدة والهلكة وعند وطء بعضهم لبعض، قال المسعودي وقد رأيت هناك خشبة عظيمة يوشك أن يكون القبر فيها.
وقال المبشر بن فاتك وكان أرسطوطاليس كثير التلاميذ من الملوك وأبناء الملوك وغيرهم، منهم ثاوفرسطس، وأذيموس، والاسكندرس الملك، وأرمينوس، وأسخولوس، وغيرهم من الأفاضل المشهورين بالعلم، المبرزين في الحكمة، المعروفين بشرف النسب، وقام من بعده ليعلم حكمته التي صنفها وجلس على كرسيه وورث مرتبته ابن خالته ثاوفرسطس، ومعه رجلان يعينانه على ذلك ويؤازرانه، يسمى أحدهما أرمينوس والآخر أسخولوس، وصنفوا كتبًا كثيرة في المنطق والحكمة، وخلف من الولد ابنًا صغيرًا يقال له نيقوماخس وابنه صغيرة أيضاً، وخلف مالًا كثيرًا وعبيدًا وإماء كثيرة وغير ذلك.
قال وكان أرسطوطاليس أبيض أجلح قليلاً، حسن القامة، عظيم العظام، صغير العينين، كث اللحية، أشهل العينين اقنى الأنف صغير الفم، عريض الصدر، يسرع في مشيته إذا خلا ويبطئ إذا كان مع أصحابه، ناظرًا في الكتب دائمًا لا يهذي، ويقف عند كل كلمة، ويطيل الإطراق عند السؤال، قليل الجواب يتنقل في أوقات النهار في الفيافي ونحو الأنهار؛ محبًا لاستماع الألحان والاجتماع بأهل الرياضات وأصحاب الجدل، منصفًا من نفسه إذا خصم، معترفًا بموضع الإصابة والخطأ، معتدلًا في الملابس والمآكل والمشارب والمناكح والحركات، بيده آلة النجوم والساعات.
وقال حنين بن إسحق في كتاب نوادر الفلاسفة والحكماء كان منقوشًا على فص خاتم أرسطوطاليس المُنْكِرُ لما يَعْلَم أَعْلَم من المقرِّ بما يعلم.
وقال الشيخ أبو سليمان محمد بن طاهر بن بهرام المنطقي في تعاليقه إن ثيوفرسطس كان وصي أرسطوطاليس، وإن أرسطوطاليس عمر إحدى وستين سنة، قال وأما أفلاطن فإنه عمر كثيراً.وقال ابن النديم البغدادي الكاتب في كتاب الفهرست أن أرسطوطاليس توفي وله ست وستون سنة، ومن خط إسحق ولفظه عاش أرسطوطاليس سبعًا وستين سنة.
وقال القاضي أبو القاسم صاعد بن أحمد بن صاعد في كتاب التعريف بطبقات الأمم أن أرسطوطاليس انتهت إليه فلسفة اليونانيين، وهو خاتم حكمائه وسيد علمائهم، وهو أول من خلص صناعة البرهان من سائر الصناعات المنطقية، وصورها بالأشكال الثلاثة، وجعلها آلة للعلوم النظرية حتى لقب بصاحب المنطق، وله في جميع العلوم الفلسفية كتب شريفة كلية وجزئية، فالجزئية رسائله التي يتعلم منها معنى واحد فقط، والكلية بعضها تذاكير يتذكر بقراءتها ما قد علم من علمه، وهي السبعون كتابًا التي وضعها لاوفارس، وبعضها تعاليم يتعلم منها ثلاثة أشياء، أحدها علوم الفلسفة، والثاني أعمال الفلسفة، والثالثة الآلة المستعملة في علم الفلسفة وغيره من العلوم.
فالكتب التي في علوم الفلسفة بعضها في العلوم التعليمية، وبعضها في العلوم الطبيعية وبعضها في العلوم الآلهية.
فأما الكتب التي في العلوم التعليمية، فكتابه في المناظر، وكتابه في الخطوط، وكتابه في الحيل، وأما الكتب التي في العلوم الطبيعية فمنها ما يتعلم منه الأمور التي تعم جميع الطبائع، ومنها ما يتعلم منه الأمور التي تخص كل واحد من الطبائع.
فالتي يتعلم منها الأمور التي تعم جميع الطبائع هي كتابه المسمى بسمع الكيان، فهذا الكتاب يعرِّف بعدد المبادئ لجميع الأشياء الطبيعية، وبالأشياء التي هي كالمبادئ، وبالأشياء التوالي للمبادئ، وبالأشياء المشاكلة للتوالي، أما المبادئ، فالعنصر والصورة، وأما التي كالمبادئ فليست مبادئ بالحقيقة بل بالتقريب كالعدم، وأما التوالي فالزمان والمكان، وأما المشاكلة للتوالي فالخلاء، والملاء وما لا نهاية له.
وأما التي يعلم منها الأمور الخاصية لكل واحد من الطبائع فبعضها في الأشياء التي لا كون لها، وبعضها في الأشياء المكونة.
أما التي في الأشياء التي لا كون لها فالأشياء التي تتعلم من المقالتين الأوليتين من كتاب السماء والعالم، وأما التي في الأشياء المكونة فبعض علمها عامي، وبعضها خاصي.
والعامي بعضه في الاستحالات، وبعضه في الحركات، أما الاستحالات ففي كتاب الكون الفساد، وأما الحركات ففي المقالتين الآخرتين من كتاب السماء والعالم، وأما الخاصي فبعضه في البسائط، وبعضه في المركبات، أما الذي في البسائط ففي كتاب الآثار العلوية، وأما الذي في المركبات فبعضه في وصف كليات الأشياء المركبة، وبعضه في وصف أجزاء الأشياء المركبة، أما الذي في وصف كليات المركبات ففي كتاب الحيوان، وفي كتاب النبات، وأما الذي في وصف أجزاء المركبات ففي كتاب النفس، وفي كتاب الحس والمحسوس، وفي كتاب الصحة والسقم، وفي كتاب الشباب والهرم، وأما الكتب التي في العلوم الإلهية فمقالاته الثلاثة عشرة التي في كتاب ما بعد الطبيعة، وأما الكتب التي في أعمال الفلسفة فبعضها في إصلاح أخلاق النفس، وبعضها في السياسة، فأما التي في إصلاح أخلاق النفس فكتابه الكبير الذي كتب به إلى ابنه، وكتابه الصغير الذي كتب به إلى ابنه أيضاً، وكتابه المسمى أوديميا، وأما التي في السياسة فبعضها في سياسة المدن، وبعضها في سياسة المنزل، وأما الكتب التي في الآلة المستعملة في علوم الفلسفة فهي كتبه الثمانية المنطقية التي لم يسبقه أحد ممن علمناه إلى تأليفها، ولا تقدمه إلى جمعها، وقد ذكر ذلك أرسطوطاليس في آخر الكتاب السادس منها، وهو كتاب سوفسطيقا، فقال وأما صناعة المنطق وبناء السلوجسموس فلم نجد لها فيما خلا أصلًا متقدمًا نبني عليه، لكنا وقفنا على ذلك بعد الجهد الشديد والنصب الطويل، وهذه الصناعة وإن كنا نحن ابتدعناها واخترعناها فقد حصنا جهتها ورممنا أصولها، ولم نفقد شيئًا مما ينبغي أن يكون موجودًا فيها كما فقدت أوائل الصناعات، ولكنها كاملة مستحكمة مثبتة أسسها مرموقة قواعدها، وثيق بنيانها، معروفة غاياتها واضحة أعلامها، قد قدمت أمامها أركانًا ممهدة ودعائم موطدة، فمن عسى أن ترد عليه هذه الصناعة بعدنا فليغتفر خللًا إن وجده فيها، وليعتد بما بلغته الكلفة منا اعتداده بالمنة العظيمة واليد الجليلة، ومن بلغ جهد بلغ عذره، وقال أبو نصر الفارابي أن أرسطوطاليس جعل أجزاء المنطق ثمانية كل جزء منها في كتاب الأول في قوانين المفردات من العقولات والألفاظ الدالة عليها، وهي في الكتاب الملقب في العربية بالمقولات وباليونانية القاطاغورياس.
والثاني في قوانين الألفاظ المركبة التي هي المعقولات المركبة من معقولين مفردين، والألفاظ الدالة عليها المركبة من لفظين، وهي في الكتاب الملقب في العربية بالعبارة وباليونانية باريمينياس.
والثالث في الأقاويل التي تميز بها القياسات المشتركة للصنائع الخمس، وهي في الكتاب الملقب في العربية بالقياس وباليونانية أنالوطيقيا الأولى.
والرابع في القوانين التي تمتحن بها الأقاويل البرهانية، وقوانين الأمور التي تلتئم بها الفلسفة، وكل ما يصير بها أفعالها أتم وأفضل وأكمل، وهو بالعربية كتاب البرهان وباليونانية أنالوطيقيا الثانية.
والخامس في القوانين التي تمتحن بها الأقاويل، وكيفية السؤال الجدلي والجواب الجدلي. وبالجملة، قوانين الأمور التي تلتئم بها صناعة الجدل؛ وتصير بها أفعالها أكمل وأفضل وأنفذ وهو بالعربية كتاب المواضيع الجدلية وباليونانية طوبيقا.
والسادس في قوانين الأشياء التي شأنها أن تغلط عن الحق وتحيد، وأحصى جميع الأمور التي يستعملها مَن قصده التمويه والمخرقة في العلوم والأقاويل، ثم من بعدها أحصى ما ينبغي أن تنتفي به الأقاويل المغلطة التي يستعملها المستمع والمموه، وكيف يفتتح وبأي الأشياء يوقع، وكيف يتحرز الإنسان ومن أين يغلط في مطلوباته، وهذا الكتاب يسمى باليونانية سوفسطيقا ومعناه الحكمة المموهة.
والسابع في القوانين التي يمتحن بها الأقاويل الخطبية، وأصناف الخطب وأقاويل البلغاء والخطباء، هل هي على مذهب الخطابة أم لا؟ ويحصى فيها جميع الأمور التي بها تلتئم صناعة الخطابة، ويعرف كيف صنعة الأقاويل الخطبية والخطب في فن من الأمور، وبأي الأشياء تصير أجود وأكمل وتكون أفعالها أنفع وأبلغ، وهذا الكتاب يسمى باليونانية الريطورية وهي الخطابة.
والثامن في القوانين التي يشير بها الأشعار وأصناف الأقاويل الشعرية المعمولة والتي تعمل من فن فن من الأمور، ويحصي أيضًا جميع الأمور التي بها تلتئم صناعة الشعر، وكم أصنافها؟ وكم أصناف الأشعار والأقاويل الشعرية؟ وكيف صنعة كل صنف منها، ومن أي الأشياء تلتئم وتصير أجود وأفهم، وأبهى آلة؟ وبأي الأحوال ينبغي أن تكون حتى تصير أبلغ وأبعد؟ وهذا الكتاب يسمي باليونانية فويطيقا، وهو كتاب الشعر.
فهذه جملة أجزاء المنطق وجملة ما يشتمل عليه كل جزء منها، والجزء الرابع هو أشدها تقدمًا للشرف والرآسة، والمنطق إنما التمس به على القصد الأول الجزء الرابع، وباقي أجزائها إنما تحمل لأجل الرابع، فإن الثلاثة التي تتقدمه في ترتيب التعليل هي توطئات ومداخل وطرق إليه، والأربعة الباقية التي تتلوه فلشيئين أحدهما أن في كل واحد منها أرفادًا ما ومعونة على الجزء الرابع ومعونة بعضها أكثر وبعضها أقل.
والثاني على جهة التحديد، وذلك أنها لو لم تتميز هذه الصنائع بعضها من بعض بالفعل، حتى تعرف قوانين كل واحد منها على انفرادها متميزة عن قوانين الأخرى لم يأمن الإنسان، عند التماس الحق واليقين، أن يستعمل الأشياء الجدلية من حيث لا يشعر أنها جدلية فيعدل من اليقين إلى الظنون القوية، ويكون قد استعمل من حيث لا يشعر أمورًا خطبية، فيعدل به إلى الإقناع، أو يكون قد استعمل المغالطات من حيث لا يشعر، وأما أن توهمه فيهما ليس بحق أنه حق فيعتقده، وأما أن يكون قد استعمل الأشياء الشعرية من حيث لا يشعر أنها شعرية، فيكون قد عمل في اعتقاداته على التخيلات، وعند نفسه أنه سلك في كل هذه الأقوال الطريق إلى الحق وصادف متلمسه، فلا يكون صادفه على الحقيقة، كما أن الذي لا يعرف الأزمنة والأدوية ولا تتميز له السموم عن هذه بالفعل، حتى يتقن معرفتها بعلاماتها، لم يأمن أن يتناولها على أنها داء أو دواء، من حيث لا يشعر، فيتلف.
وأما على القصد الثاني فإنه يكون قد أعطى كل صناعة من الصنائع الأربع جميع ما تلتئم به تلك الصناعة، حتى يدري الإنسان إذا أراد أن يصير جدليًّا بارعًا كم شيء يحتاج إلى تعلمه، ويدري بأي شيء يمتحن، على نفسه أو على غيره، أقاويله، وليعلم هل سلك فيها طريق الجدل، ويدري إذا أراد أن يصير خطيبًا بارعًا كم شيء يحتاج إلى تعلمه، ويدري بأي الأشياء يمتحن، على نفسه أو على غيره، أقاويله، ويعلم هل سلك في ذلك طريق الخطابة أو أي طريق غيرها، وكذلك يدري إذا أراد أن يصير شاعرًا بارعًا كم شيء يحتاج إلى تعلمه، ويدري بأي الأشياء يمتحن، على نفسه أو على غيره، من الشعر، ويدري هل سلك في أقاويله طريق الشعراء أو عدل عنه وخلط به طريقًا غيره، وكذلك يدري إذا أراد أن تكون له القدرة على أن يغالط غيره ولا يغالطه أحد، كم شيء يحتاج إلى أن يعلمه فيدري بأي الأشياء يمكن أن يمتحن كل قول، وكل رأي، فيعلم هل غالط فيه أو غولط، ومن أي جهة كان ذلك.