فصل: أبو نصر بن المسيحي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: عيون الأنباء في طبقات الأطباء (نسخة منقحة)



.أبو نصر بن المسيحي:

هو أبو نصر سعيد بن أبي الخير بن عيسى بن المسيحي من المتميزين في صناعة الطب، والأفاضل من أهلها والأعيان من أربابها، حدثني شمس الدين محمد بن الحسن بن محمد بن الكريم البغدادي قال مرض الخليفة الناصر لدين اللّه في سنة ثمان وتسعين وخمسمائة مرضًا شديداً، وكان المرض بالرمل، وعرض له في المثانة حصاة كبيرة مفرطة في الكبر واشتد به الألم وطال المرض، وكان طبيبه أبو الخير المسيحي، وكان شيخًا حسنًا مسنًا وقد خدمه مدة طويلة، وكان خبيرًا متقنًا للصناعة، ومات وقد قارب المائة سنة، فامتد به المرض وضجر من المعالجات، فأشار بأن تشق المثانة لإخراج الحصاة، فسأل عن حذاق الجرائحين، فأخبر برجل منهم يقال له ابن عكاشة من ساكني الكرخ بجانب بغداد الغرب، فأحضر وشاهد العضو العليل وأمره ببطه، فقال أحتاج أن أشاور مشايخ الأطباء في هذا، فقال له من تعرف ببغداد من صالحي هذه الصناعة؟ فقال يا مولانا أستاذي وشيخي أبو نصر بن المسيحي، ليس في البلاد بأسرها من يماثله، فقال له الخليفة اذهب إليه ومره بالحضور، فلما حضر خدم وقبّل الأرض، أمره بالجلوس فجلس ساعة، ولم يكلمه ولم يأمره بشيء حتى سكن روعه، فلما آنس منه ذلك قال له يا أبا نصر، مثل نفسك أنك قد دخلت إلى بيمارستان وأنت تباشر به مريضًا قد ورد من بعض الضياع، وأريد أن تباشر مداواتي وتعالجني في هذا المرض كما تفعل بمن هذه صفته، فقال السمع والطاعة ولكني أحتاج أن أعرف من هذا الطبيب المتقدم مبادئ المرض وأحواله وتغيراته، وما عالج به منذ أول المرض وإلى الآن.
فأحضر الشيخ أبو الخير وأخذ يذكر له ابتداءات المرض وتغيرات أحواله وما عالج به في أول الأمر إلى آخر وقت، فقال التدبير صالح، والعلاج مستقيم، فقال الخليفة هذا الشيخ أخطأ ولا بد لي من صلبه، فقام أبو نصر المسيحي وقبل الأرض، وقال يا مولانا، بحق نعمة اللّه عليك وبمن مضى من أسلافك الطاهرين لا تسن على الأطباء هذه السنة؛ وأما الرجل فلم يخطئ في التدبير، ولكن لسوء حظه لم ينته المرض، فقال قد عفوت عنه، ولكن لا يعود يدخل علي، فانصرف، ثم أخذ أبو نصر في مداواته، فسقاه ودهن العضو بالأدهان الملينات، وقال له إن أمكن، نلاطف الأمر بحيث نخرج هذه الحصاة من غير بط فهو المراد، وإن لم تخرج فذلك لا يفوتنا، فلم يزل كذلك يومين، وفي ليلة اليوم الثالث رمى الحصاة، فقيل إنه كان وزنها سبعة مثاقيل وقيل خمسة، وقيل إنها كانت على مقدار أكبر نواة تكون من نوى الزيتون، وبرأ وتتابع الشفاء، ودخل الحمام، فأمر أن يدخل أبو نصر إلى دار الضرب، ويحمل الذهب مهما قدر أن يحمله، ففعل به ذلك، ثم أتته الخلع والدنانير من أم الخليفة ومن ولديه الأميرين محمد وعلي، والوزير نصير الدين أبي الحسن بن مهدي العلوي الرازي، ومن سائر كبار الأمراء بالدولة، فأما أم الخليفة وأولاده والوزير والشرابي نجاح فكانت الدنانير من كل واحد منهم ألف دينار وكذلك من أكابر الأمراء، والباقين على قدر أحوالهم، فأخبرت أنه حصل من العين الدنانير عشرين ألف دينار، ومن الثياب والخلع جملة وافرة، وألزم الخدمة، وفرضت له الجامكية السنية، والراتب والإقامة، ولم يزل مستمرًا في الحكمة إلى أن مات الناصر.قال وحدثني بعض الأطباء أن ابن عكاشة الجرائحي كان قد نذر عليه أنه يتصدق في بيعة سوق الثلاثاء بالربع مما يحصل له، وأنه حمل إلى البيعة مائتين وخمسين ديناراً، وصرف أبو الخير المسيحي من الخدمة، وقد كانت منزلته قبل هذا جليلة عنده، ومحله مرتفع، ووصله هبات وصلات عظيمة، فمن جملتها أنه أعطاه خزانة كتب الأجل أمين الدولة بن التلميذ، وكان مرض الناصر مرارًا وبرأ على يده، فحصل له فيها جمل وافرة، ثم توفي الشيخ أبو الخير في أيام الناصر فقيل له إنه قد توفي، وترك ولدًا متخلفًا وجملة عظيمة من المال، فقال لا يعترض ولده فيما ورثه من أبيه، فما خرج عنا لا يعود إلينا.
ولأبي نصر بن المسيحي من الكتب كتاب الاقتضاب على طريق المسألة والجواب في الطب، كتاب انتخاب الاقتضاب.

.أبو الفرج:

هو صاعد بن هبة اللّه بن توما نصراني من أهل بغداد، وكان من الأطباء المتميزين والأكابر المتعينين، حدثني شمس الدين محمد بن الحسن بن محمد بن الكريم البغدادي أنه كان طبيب نجم الدولة أبي اليمن نجاح الشرابي، وارتقت به الحال إلى أن صار وزيره وكاتبه، ثم دخل إلى الناصر وكان يشارك من يحضر من أطبائه في أوقات أمراضه، ثم حظي عنده الحظوة التامة وسلم إليه عدة جهات يخدم بها، وكان بين يديه فيها عدة دواوين وكتاب، وقتل في سنة عشرين وستمائة وكان سببه أنه أحضر جماعة من الأجناد الذين كانت معايشهم تحت يده، وأنه خاطبهم بما فيه بعض المكروه، فكمن له منهم اثنان ليلًا فقتلاه بالسكاكين، واعترضت تركته فأمر الخليفة بأن يحمل ما فيها من المال إلى الخزانة، ويبقى القماش والملك لولده، قال فأخبرني بعض البغداديين أنه حمل من داره إلى الخزانة من الدنانير العين ثمانمائة ألف وثلاثة عشر ألف دينار، وبقي الأثاث والأملاك بما يقارب تتمة ألف ألف دينار فترك لولده، أقول ووجدت الصاحب جمال الدين بن القفطي قد حكى من أحوال صاعد بن توما المذكور ما هذا نصه قال كان حكيمًا طيبًا حسن العلاج، كثير الإصابة، ميمون المعاناة في الأكثر، له سعادة تامة في هذا الشأن، وكان من ذوي المروءات والأمانات، تقدم في أيام الناصر إلى أن كان بمنزلة الوزراء، واستوثقه على حفظ أموال خواصه، وكان يودعها عنده، ويرسله في أمور خفية إلى وزرائه ويظهر له في كل وقت، وكان حسن الوساطة، جميل المحضر، قضيت على يديه حاجات واستكفيت بوساطته شرور، وسالمته الأيام مدة طويلة، ولم ير له غير شاكر وناشر، وكان الإمام الناصر في آخر أياه قد ضعف بصره وأدركه سهو في أكثر أوقاته لأحزان تواترت على قلبه، ولما عجز عن النظر في القصص والإنهائات استحضر امرأة من النساء البغداديات تعرف بست نسيم وقربها وكانت تكتب خطًا قريبًا من خطه، وجعلها بين يديه تكتب الأجوبة والرقاع، وشاركها في ذلك خادم اسمه تاج الدين رشيق، ثم تزايد الأمر بالناصر، فصارت المرأة تكتب الأجوبة بما تراه، فمرة تصيب ومرة تخطئ ويشاركها رشيق في مثل ذلك، واتفق أن كتب الوزير القمي المدعو بالمؤيد مطالعة وحلها وعاد جوابها وفيه اختلال بين، فتوقف الوزير وأنكر، ثم استدعى الحكيم صاعد بن توما وأسر إليه ما جرى وسأله عن تفصيل الحال، فعرفه ما الخليفة عليه من عدم البصر والسهو الطارئ في أكثر الأوقات، وما تعتمده المرأة والخادم من الأجوبة، فتوقف الوزير عن العمل بأكثر الأمور الواردة عليه، وتحقق الخادم والمرأة ذلك وقد كانت لهما أغراض يريدان تمشيتها لأجل الدنيا واغتنام الفرصة في نيلها، فحدسا أن الحكيم هو الذي دله على ذلك، فقرر رشيق مع رجلين من الجند في الخدمة أن يغتالا الحكيم ويقتلاه، وهما رجلان يعرفان بولدي قمر الدولة من الأجناد الواسطية، وكان أحدهما في الخدمة والآخر بطالا، فرصدا الحكيم في بعض الليالي إلى أن أتى إلى دار الوزير وخرج عنها عائدًا إلى دار الخلافة، وتبعاه إلى أن وصل باب درب الغلة المظلمة، ووثبا عليه بسكينيهما فقتلاه، وكان بين يديه مشعل وغلام، وانهزم الحكيم لما وقع إلى الأرض بحرارة الضرب إلى أن وصل إلى باب خربة الهراس، والقاتلان تابعان له، فبصرهما واحد وصاح خذوهم فعادا إليه وقتلاه وجرحا النفاط الذي بين يدي الحكيم، وحمل الحكيم إلى منزله ميتًا ودفن بداره في ليلته، ونفذ من البدرية من حفظ داره، وكذلك من دار الوزير لأجل الودائع التي كانت عنده للحرم والحشم الخاص، وبحث عن القاتلين فأمر بالقبض عليهما وتولى القبض والبحث إبراهيم بن جميل بمفرده وحملهما إلى منزله، ولما كان في بكرة تلك الليلة أخرجا إلى موضع القتل وشق بطناهما وصلبا على باب المذبح المحاذي لباب الغلة التي جرح بها الحكيم، وكان موت الحكيم وقتله في ليلة الخميس ثامن عشر جمادى الأولى سنة عشرين وستمائة.

.أبو الحسين صاعد بن هبة اللّه بن المؤمل:

كان نصرانيًّا وأصله من الحظيرة ونزل إلى بغداد، وكان اسمه أيضًا مارى، وهو من أسماء الكنيسة عند النصارى، فإنهم يسمون أولادهم عند الولادة بأسماء فإذا عمدوهم سموهم عند المعمودية باسم من أسماء الصالحين منهم، وكان أبو الحسين هذا طبيبًا فاضلًا وخدم بالدار العزيزة الناصرية الإمامية، وتقرب قربًا كثيرة وكسب بخدمته وصحبته الأموال، وكانت له الحرمة الوافرة والجاه العظيم، وكان قد قرأ الأدب على أبي الحسن علي بن عبد الرحيم العصار، وعلى أبي محمد عبد اللّه بن أحمد بن الخشاب النحوي، وعلى شرف الكتاب بن حيا وغيرهم، وله معرفة تامة بالمنطق والفلسفة وأنواع الحكمة، وكان فيه كبر وحمق وتيه وعجرفة، وينسب إلى ظلم مفرط، ولم يزل على أمره ينسخ بخطه كتب الحكمة، ويتصرف فيما هو بصدده من الطب، وعلى حالته في القرب إلى أن مات في يوم العشرين من ذي الحجة سنة إحدى وتسعين وخمسمائة ببغداد ودفن ببيعة النصارى بها، ابن المارستانية هو أبو بكر عبيد اللّه بن أبي الفرج علي بن نصر بن حمزة، عرف بابن المارستانية.
حدثني شمس الدين أبو عبد اللّه محمد بن الحسن بن محمد بن الكريم البغدادي الكاتب إن ابن المارستانية كان فاضلًا في صناعة الطب وأعمالها، وسمع شيئًا من الحديث وكان عنده تميز وأدب، وعمل خطباً، قال وكان يعرضها على شيخنا أبي البقاء عبد اللّه بن الحسين العكبري، وكان يستجيدها، وتولى النظر بالبيمارستان العضدي ثم قبض عليه وحبس به سنتين، ثم أفرج عنه، وعمل تاريخًا لمدينة السلام سماه ديوان الإسلام الأعظم وكتب منه كثيرًا ولم يتممه، وندب من الديوان في صفر سنة تسع وتسعين وخمسمائة للرسالة إلى تفليس وخلع عليه خلعة سوداء وطيلسان، وتوجه إلى هناك فأدى الرسالة وعاد إلى بغداد، فتوفي قبل وصوله بموضع يعرف بجرخ بند في ليلة ذي الحجة سنة تسع وتسعين وخمسمائة فدفن هناك.

.ابن سدير:

هو أبو الحسن علي بن محمد بن عبد اللّه من أهل المدائن يعرف بابن سدير- وسدير لقب لأبيه- وكان طبيبًا عالمًا بصناعة الطب والمداواة، ويقول الشعر، وكان في دماثة ودعابة، وتوفي بالمدائن فجأة في العشر الأخير من رمضان سنة ستة وستمائة.
ومن شعر ابن سدير قال الحافظ أبو عبد اللّه محمد بن سعيد بن يحيى بن الدبيثي الواسطي في كتابه أنشدني ابن سدير لنفسه:
أيا منقذي من معشر زاد لؤمهم ** فأعيا دوائي واستكان له طبي

إذا اعتل منهم واحد فهو صحتي ** وإن ظل حيًّا كدت أقضي به نحبي

أداويهم إلا من اللؤم إنه ** ليعيي علاق الحاذق الفطن الطب

.مهذب الدين بن هبل:

هو أبو الحسن علي بن أحمد بن هبل البغدادي، ويعرف أيضًا بالخلاطي، كان أوحد وقته، وعلامة زمانه في صناعة الطب وفي العلوم الحكمية، متميزًا في صناعة الأدب وله شعر حسن وألفاظ بليغة، وكان متقنًا لحفظ القرآن، ولد ببغداد في باب الأزج بدرب ثمل في ثالث وعشرين ذي القعدة من خمس عشرة وخمسمائة، ونشأ ببغداد، وقرأ الأدب والطب، وسمع بها من أبي القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي، ثم صار إلى الموصل واستوطنها إلى حين وفاته، وحدثني عفيف الدين أبو الحسن علي بن عدنان النحوي الموصلي قال كان الشيخ مهذب الدين بن هبل من بغداد، وأقام بالموصل ثم بخلاط عند شاه أرمن صاحب خلاط، وبقي عنده مدة، وحصل من جهته من المال العين مبلغًا عظيماً، وقبل رحيله من خلاط بعث جملة ما له من المال العين إلى الموصل إلى مجاهد الدين قيماز الزيني وديعة عنده، وكان ذلك نحو مائة وثلاثين ألف دينار، ثم أقام ابن هبل بماردين عند بدر الدين لؤلؤ وعمِيَ مهذب الدين بن هبل بماء نزل في عينيه عن ضربة، وكان عمره إذ ذاك خمسًا وسبعين سنة، ثم توجه إلى الموصل وحصلت له زمانة فلزم منزله بسكة أبي نجيح، وكان يجلس على سرير ويقصده كل أحد من المشتغلين عليه بالطب وغيره.
أقول وكان أيضًا يسمع الحديث ومن ذلك، حدثني الحكيم بدر الدين أبو العز يوسف بن أبي محمد بن المكي الدمشقي المعروف بابن السنجاري قال حدثنا مهذب الدين أبو الحسن علي بن أبي العباس أحمد بن هبل البغدادي المعروف بالخلاطي، أخبرنا الشيخ الحافظ أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر بن الأشعث السمرقندي، أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد بن محمد الكناني، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان ابن أبي نصر، وأبو القاسم تمام محمد الرازي، والقاضي محمد بن أحمد بن هرون الغساني المعروف بابن الجندي، وأبو القاسم عبد الرحمن بن الحسين بن علي بن أبي العقب، وأبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن عبيد اللّه بن يحيى القطان، قالوا أخبرنا أبو القاسم علي بن يعقوب بن إبراهيم بن أبي العقب، حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمر بن عبد اللّه بن صفوان البصري، حدثنا علي بن عياش، حدثنا شعيب بن أبي حمزة عن نافع عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة».
وكان شيخ مهذب الدين بن هبل في صناعة الطب أوحد الزمان، وكان بن هبل في أول أمره قد اجتمع بعبد اللّه بن أحمد بن أحمد بن الخشاب النحوي، وقرأ عليه شيئًا من النحو، وتردد أيضًا إلى النظامية، وقرأ الفقه، ثم اشتهر بعد ذلك بصناعة الطب وفاق بها أكثر أهل زمانه من الأطباء، ودفن بظاهرها بباب الميدان بمقبرة المعافى بن عمران بالقرب من القرطبي، ومن شعر مهذب الدين بن هبل قال:
أيا أثلات بالعراق ألفتها ** عليك سلام لا يزال يفوح

لقد كنت جلدًا ثاويًا بفنائها ** فقد عاد مكتوم الفؤاد يبوح

فما أحسن الأيام في ظل أنسها ** قبيل طلوع الشمس حين تلوح

وقد غرد القمري في غسق الدجى ** وراعى حمام في الأصول ينوح

ذكرت ليال بالصراط وطيبها ** نطير لها شوقًا ونحن جموح

وقال أيضًا:
أيا دوحة هام الفؤاد بذكرها ** عليك سلام اللّه يا دوحة الأنس

رمتني النوى بالبعد منك وقربها ** وقد كنت جارًا لاصقًا لك بالأمس

فيا ليت أني بعد بُعد أحبتي ** نقلت كريمًا راضي النفس بالرمس

وإلا فليت الدهر يمكن منهم ** بقبضي حبال الوصل بالأنمل الخمس

إذا جال طرفي في العراق وجوه ** كأني نظرت الأفق من مطلع الشس

تبدل تقليبي اليراع مع القنا ** بتقليب مطبوع بلفب بالفلس

واعتضت ثوبًا كان للمجد شاملًا ** بثوب رجال كان أشبه بالحلس

فمن لا يرى سوء القضاء وقدره ** بعقل رصين لا يقايس باللمس

يعش تائهًا في الخلق أعمى مشوها ** بعيد المرامي اليق الخلق بالنكس

وقال أيضًا:
لقد سبتني غداة الخيف غانية ** قد حازت الحسن في دل بها وصبا

قامت تميس كخوط البان غازلة ** مع الأصائل ريحي شمأل وصبا

يكاد من دقةٍ خصر تدل به يشكو ** إلى ردفها من ثقله وصَبَا

لو لم يكن أقحوان الثغر مبسمها ** ما هام قلبي بحبيها هوى وصبا

ولمهذب الدين بن هبل من الكتب كتاب المختار في الطب وهو كتاب جليل يشتمل على علم وعمل، كتاب الطب الجمالي، صنفه لجمال الدين محمد الوزير المعروف بالجواد، وكان تصنيفه للمختار سنة ستين وخمسمائة بالموصل.