فصل: باب الشهادة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: غايـة البيـان شرح زبد ابن رسـلان ***


باب العقيقة

938 - تُسَنُّ في سابِعِهِ واسْمٌ حَسَنْ *** وحَلْقُ شَعْرٍ والأذَانُ في الأُذُنْ

939 - والشَّاةُ للأُنْثَى وللغُلامِ *** شاتانِ دونَ الكَسْرِ للعِظَامِ

باب العقيقة‏:‏ من عق بعق العين وضمها وهي لغة الشعر الذي على رأس المولود وشرعا ما يذبح عند حلق رأسه وهى كالأضحية في سنها وجنسها وسنيتها وسلامتها والأفضل منها والأكل والتصدق والإهداء وامتناع بيعها وتعينها إذا عينت واعتبار النية وغير ذلك لكن لا يجب التمليك من لحمها نيئا كما يأتى ويندب أن يعطى للقابلة رجلها ووقتها من حين الولادة إلى بلوغه فلا تجزئ قبلها وتأخيرها عن بلوغه يسقط حكمها عن العاق وهو مخير في العاق عنه ولو مات الولد قبل السابع لم يسقط الطلب والعاق عنه من تلزمه نفقته بتقدير عسره وأما عقه صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين فيحتمل أنه أمر أباهما به أو أنه أعطاه ما عق به عنهما أو أن أبويهما كانا معسرين فيكونا في نفقة جدهما ولا يعق العاق عنه من ماله فإن كان معسرا عند الولادة وأيسر في السبعة خوطب بها أو بعد مدة النفاس فلا أو بينهما فاحتمالان أقربهما ترجيح مخاطبته بها تسن العقيقة في سابعه أي في سابع ولادته فهو أفضل من غيره ويحسب يوم ولادته منها ويسن ذبحها في صدر النهار عند طلوع الشمس وأن يقول عند ذبحها بسم الله الله أكبر اللهم منك وإليك اللهم هذه عقيقة فلان واسم حسن أي يسن تسميته يوم سابع ولادته ولو سقطا أو ميتا وأن يكون باسم حسن كعبد الله وعبد الرحمن ويكره باسم قبيح وما يتطير بنفيه كنافع ويسار وأفلح ونجيح وبركة وست الناس أو العلماء ونحوه أشد كراهة وحلق الشعر ذكرا كان أو أنثى أو خنثى ويندب كون الحلق بعد الذبح والتصدق بزنته ذهبا فإن لم يتيسر ففضة والأذان في الأذن اليمنى والأقامة في اليسرى ويحنك بتمر فإن لم يكن فبحلو والشاة للأنثى وللغلام شاتان والخنثى كالذكر احتياطا وهى أحب من شرك في بدنه أو بقرة فيجزئ سبع إحداهما ويسن طبخها بحلو تفاؤلا بحلاوة أخلاق الولد وأن لا يتصدق به نيئا دون الكسر للعظام أي يندب أن لا يكسر عظما من العقيقة ما أمكن تفاؤلا بسلامة أعضاء المولود فلو كسره لم يكره‏.‏

باب الأطعمة

940 - يَحِلُّ مِنها طاهِرٌ لِمْن مَلَكْ *** كَمَيْتَةٍ مِن الجَرَادِ والسَّمَكْ

941 - وما بِمَخْلَبٍ ونابٍ يَقْوَى *** يَحْرُمُ كالتِّمسَاحِ وابْنِ آوَى

942 - أو نَصِّ تَحْرِيمٍ بِهِ أو يَقْرُبُ *** مِنهُ كَذَا ما اسْتَخْبَثَتْهُ العَرَبُ

943 - لا ما اسْتَطَابَتْهُ وللمُضْطَرِّ حَلْ *** مِنْ مَيْتَةٍ ما سَدَّ قُوَّةَ العَمَلْ

باب الأطعمة‏:‏ أي حلها وتحريمها قال تعالى‏:‏ ‏{‏قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه‏}‏ الآية وقال تعالى‏:‏ ‏{‏ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث‏}‏ وقال‏:‏ ‏{‏يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات‏}‏ أي ما تستطيه النفس وتشتهيه ولا يجوز أن يراد الحلال لأنهم سألوا عما يحل لهم فكيف يقول أحل لكم الحلال‏.‏

وقد أشار الناظم إلى بيان شئ منها فقال يحل منها أي من الأطعمة طعام طاهر لمن ملك سواء أكان جمادا أم حيوانا سمكا أو حيوان بر مذكى لأنه من الطيبات بخلاف غير الطعام كزجاج وحجر وثوب ومخاط وبصاق وبخلاف النجس كدقيق عجن بماء نجس وخبز نعم دور الفاكهة والجبن والخل ونحوها يحل أكله معها وإن مات فيها لا منفردا والطعام الطاهر كميتة من الجراد والسمك وهو ما يعيش في البحر وإذا خرج منه صار عيشه عيش مذبوح وإن كان نظيره في البر محرما ككلب ويكره ذبح السمك إلا كبيرا يطول بقاؤه فيسن ذبحه إراحة له ومذكى البر ما يستطاب ولو ذبح لغير مأكله مع الجنين الذي وجد ميتا في بطنه أو خرج متحركا حركة مذبوح سواء أشعر أم لا إذا ظهرت صورة الحيوان فيه ولو بقى الولد بعد الذبح زمنا طويلا يتحرك في البطن ثم سكن حرم ولو خرج رأسه وبه حياة مستقرة حل ويحل العضو الأشل من المذكى والذي يحل من حيوان البر كضبع وأرنب وفنك ودلق وثعلب وفاقم وأم حبين وحوصل وزاغ ويربوع ووبر ودلدل وبنت عرس وقنفذ وضب وكركى وإوز ودجاج وكل ذى طوق كالفاختة والقمري والدبسى واليمام والقطا وكل ذي لقط حب وإن لم يكن ذا طوق كزرزور وعصفور وصعوة ونغر وعندليب وبط وسمور وسنجاب وظبي ونعام وبقر وحش وحماره فيحل أكلها لأنها من الطيبات وما بمخلب يتقوى به بكسر الميم من الطير كباز وصقر وشاهين ونسر وعقاب ونحوها من جوارح الطير ونب يقوى به يحرم كالتمساح وابن آوى بالمد بعد الهمزة وهو فوق الكلب طويل المخالب والأظفار فيه شبه من الثعلب والأسد وخرج بقوله يقوى به مانابه ضعيف كضبع وثعلب ويحرم أيضا ماله سم وإن لم يكن له ناب كحية أوله إبرة كعقرب وزنبور لضررهما وما أمر بقتله كحدأة أو فأرة وغراب أبقع أو أسود ويسمى بالغداق الكبير وعقعق ووزع أو نهى عن قتله كخطاف وصرد وهدهد وبغاثة وببغاء وبوم ولقلق ونمل سليمانى ونحل وضفدع أو نص تحريم به من كتاب أو سنة والمتولد بين مأكول وغير حرام أو يقرب منه كالمتولد من الحمر الأهلية وغيرها والمتولد من شئ له حكمه في التحريم كذا ما استخبثته العرب بضم العين وإسكان الراء أو بفتحها مما لا نص فيه في حال رفاهية إذا كانوا أهل يسار وطباع سليمة واحترز بحال الرفاهية عن حال الضرورة وبالطبع السليم عن طبع أهل البوادى الذين يتناولون مادب وما درج والعبرة بالعرب الذين كانوا في عهده صلى الله عليه وسلم ويرجع في كل زمن إلى عربه حيث لم يسبق فيه كلام العرب الذين كانوا في عهده صلى الله عليه وسلم والمستخبث لهم كالحشرات وهى صغار دواب الأرض كذباب ونمل ونحل وضفدع وسرطان وسلحفاة ولو جهل اسم حيوان عمل بتسميتهم له فإن سموه باسم حيوان حلال حل أو حرام حرام فإن اختلفوا اتبع الأكثر فإن استووا فقريش فإن اختلفوا ولا ترجيح أو شكوا أو لم نجدهم ولا غيرهم من العرب أو لم يكن له اسم عند الجميع اعتبر بالأشبه به صورة أو طعما أو طبعا فإن لم يكن له شبه أو تعادل الشبهان حل والظاهر الاكتفاء بخبر عدلين منهم كما في جزاء الصيد لا ما استطابته العرب فيحل وللمضطر المعصوم حل من ميتة أي يحل له تناول الميتة كلحم خنزير ماسد بالسين المهملة وقال الطبري في شرح التنبيه إن إعجامها انسب من إهمالها والمراد من ذلك ما يحصل معه قوة العمل أي القوة على العمل إذا لم يجد حلالا يأكله وخاف تلف نفسه أو مرضا مخوفا أو أجهده الجوع وعيل صبره أو جوز تلف نفسه وسلامتها على السواء أو نحو ذلك نعم العاصي بسفره ولا يباح له ذلك وكذا المشرف على الموت لأنه حينئذ لا ينفع وله قتل طفل حربي ومجنون وكذلك ورقيق وأنثى وخنثى أهل حرب ليأكلهم إذا لم يجد غيرهم ويمتنع قتلهم في غير حال الضرورة لحق الغانمين لا لعصمتهم وله قتل حربي ومرتد وتارك صلاة وزان محصن ولو بغير إذن الإمام وإنما اعتبر إذنه في غير حالة الضرورة تأدبا معه فلو لم يجد إلا آدميا معصوما ميتا حل أكله ما لم يكن الميت نبيا فلا يباح وكذا إذا كان مسلما والمضطر ذميا وحيث أبحنا ميتة الآدمى المعصوم وحرم طبخه وشيه ويتخير في غيره وله قطع بعضه لا كله إن فقد الميتة ونحوها وكان الخوف في قطعه أقل من الخوف في ترك الأكل ويحرم قطعه لغيره وقطعه من معصوم لنفسه ولو وجد طعام غائب أكل منه ما يسد رمقه وغرم قيمته أو حاضر مضطر لم يلزمه بذله إن لم يفضل عنه فإن آثر مسلما جاز بخلاف الكافر وإن كان ذميا أو غير مضطر لزمه إطعام مضطر مسلم أو ذمى أو نحوه فإن منع فللمضطر قهره وأخذ الطعام وإن قتله فلا شيء في قتله إلا أن كان مسلما والمضطر كافرا و المقهور عليه ما يسد الرمق وإنما يلزمه بعوض ناجز إن حضر وإلا فبنسيئه ولا يلزمه مجانا فلو أطعمه ولم يذكر عوضا فلا ولو وجد مضطر ميتة وطعام غائب أو محرم ميتة وصيدا اكلها وإنما يجب عليه شراء الطعام بثمن مثله أو بزيادة يتسامح بمثلها‏.‏

باب المسابقة

944 - تَصِحُّ في الدَّوَابِ والسِّهَامِ *** اِنْ عُلِمَتْ مسافَةُ المَرَامِي

945 - وصِفَةُ الَّرْمِي سَوَاءٌ يُظْهِرُ *** المالَ شَخْصٌ مِنهُمَا أو آخَرُ

946 - إِنْ أَخرَجَا فَهْوَ قِمَارٌ مِنهُمَا *** إلا إذا مُحَلِّلٌ بَيْنَهُمَا

947 - ما تَحْتَهُ كُفْءٌ لما تَحْتَيْهِمَا *** يَغْنَمُ إِن يَسْبِقْهُمَا لَن يَغرَمَا

باب المسابقة‏:‏ على الخيل والسهام ونحوهما، فالمسابقة تعم المناضلة وهى سنة حيث قصد بها التأهب للجهاد والأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى ‏{‏وأعدوا لهم ما أستطعتم من قوة‏}‏ الاية وفسر صلى الله عليه وسلم القوة فيها بالرمى ولم يسبق أحد الشافعى رضي الله عنه إلى التصفيف في هذا الباب تصح في الدواب من خيل وفيل وإبل وبغل وحمار لا طير وصراع و تصح أيضا على السهام بأنواعها سواء العربية وهي النبل والعجمية وهى النشاب والمسلات والإبر ومزاريق ورماح ورمى بأحجار بيد ومقلاع ومنجنيق وكل نافع في الحرب غير ما ذكر لا على كره صولجان وبندق وسباحة وشطرنج وخاتم ووقوف على رجل ومعرفة ما بيده من زوج وفرد لأن هذه الأمور لا تنفع في الحرب وتصح على ما ذكر إن علمت مسافة المرامى أي الرمى بالذراع أو بالمشاهدة وهو الموضع الذي يبتدئان منه والغاية التى ينتهيان إليها ولو كان فيها عادة غالبة نزل العقد عليها وقدر العرض طولا وعرضا إلا أن يعقد بموضع فيه عوض معلوم فيحمل المطلق عليه ولا بد من تساويهما في الموقف والغاية فلو شرط تقدم موقف أحدهما أو غايته لم يصح ويعتبر إمكان سبق كل منهما وتعيين المركوبين بالمشاهدة أو الوصف والاستباق عليهما وأن يمكنهما قطع المسافة وصفة الرمى في الأصابة من قرع وهو إصابة السن بلا خدش له أو خزق بالمعجمة والزاى وهو أن يثقبه ولا يثبت فيه أو خسق وهو أن يثبت فيه أو مرق وهو أن ينفذ من الجانب الآخر ومتى بيناه اتبع وإن أطلقا اقتضى القرع لأنه المتعارف ولا يشترط بيان صفة المرمى من كونه مبادرة أو محاطة والإطلاق محمول على المبادرة ويشترط بيان عدد نوب الرمى وعدد الأصابة سواء يظهر المال المعلوم جنسا وقدرا وصفة شخص منهما كقوله إن سبقتنى فلك كذا وإن سبقتك أحرزت مالى ولا شيء لى عليك أو آخر غيرهما كقول الامام أو غيره من سبق منكما فله في بيت المال كذا أوله على كذا إن أخرجا أي أخرج كل واحد منهما مالا فهو قمار بكسر القاف منهما محر لأن كل واحد منهما متردد بين أن يغنم أو يغرم والمقصود المال لا الركض والفروسة إلا إذا محلل ثالث بينهما ويكفى واحد ولو بلغوا مائة وسمى محللا لأنه حلل المال بعد أن كان حراما وشرط المحلل أن يكون ما تحته من المركوب كفء لما تحتهما من المركوبين ويمكن أن يسبقهما يغنم إن يسبقهما فيأخذ مالها جاءا معا أو مرتبا لن يغرما بألف الإطلاق أي وإن سبق لم يغرم شيئا وإن سبقاه وجاءا معا فلا شيء لأحد وإن جاء مع إحدهما وتأخر الاخر فمال هذا لنفسه ومال المتأخر للمحلل والذي معه لأنها سبقاه وإن جاء إحدهما ثم المحلل ثم الآخر فمال الآخر للأول لسبقه الاثنين فالصور الممكنة ثمانية أن يسبقهما وهما معا أو مرتبا أو يسبقاه وهما معا أو مرتبا أو يتوسط بينهما أو يكون مع أولهما أو ثانيهما أو تجئ الثلاثة معا‏.‏

باب الأيمان

948 - وإنَّمَا تَصِحُّ باسْمِ اللهِ *** أو صِفَةٍ تَخْتَصُّ بالإِلَهِ

949 - أَوِ الْتِزَامِ قُرْبَةٍ أو نَذْرِ *** لا الَّلْغِو إِذْ سَبْقُ الِّلَسانِ يَجْرِي

950 - وحالِفٌ‏:‏ لا يفعَلُ الأَمْرَيْنِ *** لا حِنْثَ بالواحِدِ مِن هَذِيْنِ

951 - ولَيْسَ حانِثَاً إذا ما وَكَلَّا *** في فِعْلِ ما يَحلِفُ أنْ لا يَفْعَلا

952 - كَفَّارَةُ اليمينِ‏:‏ عِتْقُ رَقَبَهْ *** مُؤمَنٍة سليمةٍ مِن مَعْيَبَهْ

953 - أوْ عَشْرَةٌ تَمَسْكَنُوا قَد أَدَّى *** مِن غالِبِ الأقْوَاتِ مُدَّاً مُدَّا

954 - أَوْ كِسْوَةٌ بِمَا يُسَمَّى كِسْوَهْ *** ثوبَاً قَبَاءً أَوْ رِدًا أو فَرْوَهْ

955 - وعاجِزٌ صامَ ثلاثَاً كالرَّقِيقْ *** والأَفْضَلُ الوِلا وجازَ التَّفْرِيقْ

باب الأيمان‏:‏ جمع يمين والأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى‏:‏ ‏{‏لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم‏}‏ الآية وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا‏}‏ وأخبار كخبر أنه صلى الله عليه وسلم كان يحلف لا ومقلب القلوب واليمن والحلف والإيلاء والقسم ألفاظ مترادفة وهي شرعا تحقيق ما لميجب وقوعه ماضيا كان او مستقبلا نفيا أو إثباتا ممكنا كحلفه ل ليدخلن الدار أو ممتنعا كحلفه ليقتلن زيدا الميت صادقه كانت اليمين أم كاذبة مع العلم بالحال أو الجهل به والكاذبة مع العلم بالحال هى اليمين الغموس لأنها تغمس صاحبها في الإثم أو النار وهى كبيرة وخرج بالتحقيق لغو اليمين وبما لم يجب الواجب كوالله لأموتن أو لا أصعد السماء فليس يمينا لتحققه في نفسه وفارق انعقادها بما لا يتصور فيه البر كلأ قتلن الميت أو لأصعدن السماء بأن امتناع الحنث لا يخل بتعظيم اسم الله تعالى وامتناع البر يخل به فيحوج إلى التكفير‏.‏

وقد ذكر الناظم شيئا منها فقال وإنما تصح وتنعقد باسم الله وهو ما لا يحتمل غيره ولهذا لو قال أردت به غير الله تعالى لم يقبل ظاهرا ولا باطنا لأن اللفظ لا يصلح لغيره وسواء أكان من اسماءه الحسنى كالله والرحمن ورب العالمين ومالك يوم الدين أم لا كالذي أعبده أو أسجد له أو أصلى له أم الغالب إطلاقه على الله تعالى بأن ينصرف إليه عند الإطلاق كالرحيم والخالق والرب إلا أن يريد به غيره وأماما استعمل فيه وفي غيره سواء كالشيء والموجود والعالم والحى والغنى فليس بيمين إلا بنيته له تعالى أو صفة تختص بالإله تعالى عوظمة الله وعزته وجلاله وكبريائه وكلامه وعلمه وقدرته وسمعه وبقائه ومشيئته وحقه والقرآن والمصحف فتنعقد بكل منها اليمين إلا أن يريد به ظهور آثارها على الخلق وبالعلم المعلوم وبالقدرة المقدور وبالحق العبادات وبالقرآن الخطبة أو الصلاة وبالمصحف الورق والجلد وبالكلام الحروف والأصوات الدالة عليه وبالسمع المسموع وخرج بذكر اسم الله تعالى وصفته الحلف بغيرهما كالنبي والكعبة فلا ينعقد به بل يكره وعقوله الشخص لمن حلف يمينى في يمينك أو يلزمنى مثل ما يلزمك أو أن فعلت كذا فأنا يهودي أو نصراني أو برئ من الله ورسوله فلا كفارة بفعل ذلك ثم إن قصد تبعيد نفسه أو أطلق لم يكفر وليقل ندبا لا إله إلا الله محمد رسول الله ويستغفر الله وإن قصد الرضا بذلك إذا فعله كفر في الحال وتنعقد اليمين بالكناية مع النية كما لو قال الله ورفع أو نصب أو جر لأفعلن كذا فيمين إن نواها ولو قال أقسمت أو أقسم أو حلفت أو أحلفم أو آليت أو أولى بالله لأفعلن فيمين إن نواها أو أطلق وإن قصد خبرا ما ضيا أو مستقبلا صدق ولو قال لغيره أحلف أو حلفت أو أقسم أو أقسمت أو أولى أو آليت عليك بالله أو أسالك أو سألتك بالله لتفعلن كذا وأراد يمين نفسه فيمين يستحب للمخاطب إبراره فيها وإلا لا يحمل كلامه على الشفاعة في فعله وتنعقد اليمين بما مر أو التزم قربة أو نذر أو كفارة يمين كان كلمت زيدا أو أن لم اكلمه فعلى صلاة مثلا أو نذرا أو كفارة يمين وهما كنذر اللجاج فإذا وجد المعلق به لزمه كفارة يمين أما في الثالث فللتصريح بها وأما في الأولين فلخبر مسلم كفارة النذر كفارة يمين ولأن القصد منهما المنع أو الحث فأشبها اليمين بالله تعالى وما ذكره هنا من لزوم الكفارة فيهما هو ما صححه الرافعى وصحح النووي التخيير وبين ما التزمه وعليه بتخيير في قوله فعلى نذر بين كفارة يمين وقربة من القرب التى تلتزم بالنذر وخرج بالنذر اللجاج نذر التبرر الشامل لنذر المجازات فيجب فيهما التزامه لا اللغو إذ سبق اللسان يجري أي وخرج بالتحقيق لغو اليمين بأن سبق لسانه إلى لفظها بلا قصد كقوله في حال غضب أو لجاج أو أو صلة كلام لا والله تارة وبلى والله أخرى وإن جمعها في كلمة واحدة فلا تنعقد وجعل منه صاحب الكافى ما إذا دخل على صاحبه فأراد أن يقوم له فقال لا والله وهو مما تعم به البلوى وفى معنى اللغو ما لو حلف على شيء فسبق لسانه إلى غيره ولو حلف وقال لم أقصد اليمين صدق ولا يصدق ظاهرا في الطلاق والعتاق لتعلق حق الغير به ولو اقترن باليمين ما يدل على القصد لم يقبل قوله في الحكم ولو حلف لا يدخل الدار ثم قال أردت شهرا فإن كانت بطلاق أو عتاق لم يقبل في الحكم ويلحق بهما الإيلاء وإن كانت بالله تعالى ولم تتعلق بحق آدمى قبل ظاهرا وباطنا وحالف لا يفعل الأمرين كأن لا يلبس هذين الثوبين أولا يأكل هذين الرغيفين أو اللحم والعنب او التمر والزبيب أو لا يدخل الدارين لا حنث عليه بالواحد من هذين وخرج بقوله وحالف لا يفعل الأمرين ما لو حلف لا يفعل كلا منهما بأن أعاد حرف النفى كقوله والله لا آكل اللحم ولا العنب أولا آكل التمر ولا الزبيب فإنه يحنث بأحدهما كما لو أعاد المحلوف به كوالله لا آكل اللحم والله لا آكل العنب هذا كله إذا كان العطف بالواو فإن كان بالفاء أو بثم كأن حلف على عدم أكل العنب بعد اللحم أو الزبيب بعد التمر بلا مهملة في الفاء وبمهملة في ثم فلا يحنث إذا أكلها معا أو العنب قبل اللحم أو الزبيب قبل التمر أو بعده بلا مهملة في الفاء أو بمهملة في ثم وليس حانثا إذا ما وكلا في فعل ما يحلف أن لا يفعلا بألف الإطلاق فيه وفيما قبله فلو حلف لا يبيع أو لا يشترى أولا يزوج أولا يطلق أو لا يعتق أو لا يضرب فوكل من فعله لم يحنث لأنه لم يفعله سواء أجرت عادته بالتوكيل فيه أم لا وسواء اللائق به أم لا نعم أن نوى أن لا يفعل ذلك بنفسه ولا بغيره حنث أولا ينكح أو لا يتزوج أو لا يراجع حنث بفعل وكيله لا بقبوله هو لغيره إذ الوكيل فيه سفير محض بدليل وجوب تسمية الموكل ولو حلف لا يبيع مال زيد فباعه بإذنه حنث وإلا فلا أولا يهب له فأوجب له فلم يقبل أو قبل ولم يقبض لم يحنث ويحنث بعمرى ورقبى وصدقة لا باعارة ووصية ووقف أولا يتصدق لم يحنث بهبة أو لا يأكل طعاما اشتراه زيد أو من طعام اشتراه لم يحنث بما اشتراه مع غيره شركة ويحنث بما اشتراه سلما ولو اختلط ما اشتراه بمشترى غيره لم يحنث بالأكل من المختلط حتى يتيقن اكله من ماله بأن يأكل كثيرا كالكف والكفين بخلاف القليل كعشر حبات وعشرين حبة فيمكن أن يكون من مال الآخر كفارة اليمين مخيرة ابتداء مرتبة انتهاء إما عتق رقبة مؤمنة سليمة من معيبه أي من عيب يخل بالعمل أو يطعم عشرة تمسكنوا قد أدى أي الحالف من غالب الأقوات التى بالبلد ويكون لكل واحد منهم مدا مدا فلا يجوز أن يصرفه إلى دون عشرة ولو في عشرة أيام ولا إلى عشرة أو أكثر لكل واحد دون مد أو كسوة مما يسمى كسوة فلا يجوز أن يطعم خمسة ويكسو خمسة ويجوز التفاوت بينهم في الكسوة وبين نوعها بقوله ثوبا قباء أوردا بالتنوين أو فروة أو أزارا أو عمامة أو سراويل أو منديلا أو مقنعة أو طيلسان صوفا وكتانا وقطنا وشعرا ولبدا اعتيد لبسه ولو نادرا أو حريرا للذكور والإناث وإن لم يكن لهم لبسه ولو كان ذلك عتيقا لم تذهب قوته أو ملبوس طفل أعطي لكبيرلا يصلح له لوقوع اسم الكسوة عليه كما يعطى ما للمرأة للرجل وعكسه ولا يشترط كونه مخيطا ولا ساتر العورة بخلاف الخف والمنطقة أو الدرع من حديد أو نحوه من الآت الحرب أو النعل أو المداس أو القبع أو الخاتم أو التكة أو الفصادية إذ لا تسمى هذه الأشياء كسوة والمبعض لا يعتق وإن كان له مال وعاجز حر صام ثلاثا كالرقيق ولو مكاتبا لم يأذن سيده له فيه فإن أذن له في غير الأعتاق حاز أو فيه فلا والأفضل الولا بكسر الواو وبالقصر للوزن بين صومها خروجا من خلاف من أوجبه وجاز التفريق بينها لإطلاق الآية والسفيه يصوم كالعبد فلوفك حجره قبل لم يجزه حيث اعتبرنا حال الأداء فإن كان الرقيق الحانث عبدا أو أمة وضره الصوم ووجد إذن السيد في الحلف والحنث صام بلا إذن أو وجدا بلا إذن لم يصم إلا بإذن منه وإن أذن في أحدهما اعتبر الحنث‏.‏

باب النذر

956 - يَلْزَمُ بالْتِزَامِهِ لِقُرْبَةِ *** لا واجِبِ العَيْنِ وذِي الإباحَةِ

957 - بالَّلفْظِ إِن عَلَّقَهُ بِنَعْمَةِ *** حادِثَةٍ أوِ انْدِفَاعِ نِقْمَةِ

958 - أَوْ نَجَّزَ النَّذْرَ كَـ‏(‏لِلَّهِ عَلَيْ *** صَدَقَةٌ‏)‏ نَذْرُ المَعَاصِي ليسَ شَيْ

959 - ومَنْ يُعَلِّقْ فِعْلَ شَيءٍ بالغَضَبْ *** أوْ تَرْكِ شيءٍ بالتِزَامِهِ القُرَبْ

960 - إِنْ وُجِدَ المَشروطُ أَلْزِمْ مَنْ حَلَفْ *** كَفَّارَةَ اليمينِ مثلَ ما سَلَفْ

961 - كَمَا بِهِ أفتَى الإمامُ الشافِعِي *** وبَعْضُ أصْحَابٍ لَهُ كالرَّافِعِي

962 - أمَّا النَّوَاوِيُّ فقالَ‏:‏ ‏(‏خُيِّرَا *** ما بينَ تَكْفِيرٍ وما قَد نَذَرَا‏)‏

963 - ومُطْلَقُ القُرْبَةِ‏:‏ نَذْرٌ لَزِمَا *** نَذْرُ الصلاةِ‏:‏ ركعتانِ قائِمَا

964 - والعِتْقُ‏:‏ ما كَّفارَةٌ قَد حَصَلا *** صَدَقَةٌ‏:‏ أَقَلُّ ما تَمَوَّلا

باب النذر‏:‏ بالمعجمة هو لغة الوعد بخير أو شر، وشرعا الوعد بخير خاصة، أو التزام قربة غير واحبة كما عينا يأتى والأصل فيه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وليوفوا نذورهم‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏يوفون بالنذر‏}‏ وخبر البخاري‏:‏ ‏(‏من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصى الله فلا يعصه‏)‏ وخبر مسلم‏:‏ ‏(‏لانذر في معصية الله ولا فيما لا يملكه ابن آدم‏)‏ وهو قسمان نذر لجاج ويسمى يمين لجاج ويمين غضب وضابطه أن لا يرغب في حصوله وهو مكروه ونذر تبرر وهو ما يرغب في حصوله وهو غير مكروه وسواء المعلق وغيره وقد أخذ في بيانها فقال يلزم بالتزامه لقربة أعلم أن للنذر ثلاثة أركان ناذر ويعتبر فيه كونه بالغا عاقلا مسلما ولو رقيقا او سفيها او مفلسا على ما يأتى نعم نذر السكران صحيح كما في تصرفاته وصيغة كقوله لله على كذا أو على كذا بدون لله إذ العبادات إنما هى لله فالمطلق منها كالمقيد بخلاف قوله مالى صدقة لعدم الالتزام ولو قال لله على كذا إن شاء الله تعالى أو أن شاء زيد لم ينعقد وإن شاء زيد أو نذرت لله لأفعلن كذا فإن نوى اليمين فيمين وإن أطلق فنذر كما في الأنوار ولو قال نذرت لفلان كذا لم ينعقد لا واجب العين أي لا ينعقد نذر الواجب بالعين وهو المنذور الذي هو الركن الثالث وهو قربة غير واجبة وجوب عين سواء أكانت عبادة مقصودة بأن وضعت للتقرب بها كصلاة وصوم وحج واعتكاف وصدقة أو فرض كفاية وإن لم يحتج في أدائه إلى بذل مال ومشقة كصلاة الجنازة أم لا بأن لم تكن كذلك كعيادة مريض وتطييب الكعبة وكسوتها وتشميت العاطس وزيارة القادم والقبور وإفشاء السلام على المسلمين وتشييع الجنائز وخرج بالقربة المعصية فلا يصح نذرها وذى الإباحة كأكل ونوم فلا يصح نذرها فلو نذر وخالف لم تلزمه كفارة كما في الروضة وأصلها وصوبه في المجموع وإن رجح في المنهاج لزوجها ويشترط في المال المعين من صدقة وإعتاق وغيرهما أن يكون ملكه وإلا لم يصح نذره إلا أن علقه بملكه كأن ملكت عبد فلان فعلى عتقه فيصح ثم إن قصد الشكر على تملكه فنذر تبرر أو الامتناع منه فنذر لجاج باللفظ أي إنما ينعقد النذر باللفظ وإن علقه بنعمة حادثة أو باندفاع نقمه أي وإنما يلزم النذر بالتزامه قربة الخ إن علقه بنعمة كإن رزقنى الله ولدا أو شفى الله مريضى فعلى كذا أو نجز النذر كالله على صوم أو صدقة أو عتق فيلزمه كما لو قال لله على أن أضحى أو أعتكف نذر المعاصى ليس بشئ لخبر لانذر في معصية الله ومن يعلق فعل شيء بالغضب أو ترك شيء منها بالتزامه القرب ويسمى نذر لجاج وغضب أن وجد الشرط أي المشروط الزم فعل أمر أو ماض مبني للفاعل فكفارة منصوب به أو مبنى للمفعول فكفارة مرفوعة به من حلف كفارة اليمين مثل ما سلف كما به أفنى الإمام الشافعى وذهب إليه الإمام أحمد وهو قول جمع من الصحابة رضي الله عنهم وبعض أصحاب له كالرافعى واعتمده جمع متأخرين أما النوواي رحمهم الله تعالى باثبات الألف ويجوز حذفها فقال خيرا أي الحالف ما بين تكفير وما قد نذرا ومطلق القربة نذر لزما يعنى أقل واجب في الشرع من ذلك نذر الصلاة أي لو نذر الصلاة وأطلق لزمه أن يصلى ركعتين قائما فلا يجوز للقادر القعود فيهما فإن قال اصلى قاعدا جاز له القعود كما لو صرح بركعة فتجزئه و إن نذر العتق وأطلق لزمه ما كفارة قد حصلا وهو عتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب حملالها على واجب الشرع هذا مقتضى كلام الرافعى لكن صحح النووى حمل نذره على جائز الشرع فتجزئ الكافرة والمعيبة وهو المعتمد صدقة أقل ما تمولا أي لو نذر صدقة وأطلق لزمه أقل متمول ولو نذر عتق كافرة معينة أجزأه كاملة فإن عين ناقصة تعينت لتعلق النذر بالعين‏.‏

كتاب القضاء

965 - وإنَّمَا يَلِيهُ مُسلِمٌ ذَكَرْ *** مُكَلَّفٌ حُرٌّ سميعٌ ذو بَصَرْ

966 - ذُو يَقَظَةٍ عَدْلٌ وناطِقٌ وأَنْ *** يَعْرِفَ أحكامَ الكتابَ والسُّنَنْ

967 - ولُغَةً والخُلْفَ مَعْ إجمَاعِ *** وطُرْقَ الاِجْتِهَادِ بالأَنوَاعِ

968 - ويُستَحَبُّ كاتِبَاً ويَدْخُلُ *** بُكْرَةَ الاِثنَيْنِ وَوَسَطَاً يَنْزِلُ

969 - ومَجلِسُ الحُكْمِ يَكُونُ بارِزَا *** مُتَّسِعَاً مِن وَهْجِ حَرٍّ حاجِزَ ا

970 - يُكْرَهُ بالمسجدِ حيثُ قُصِدَا *** حُكْمٌ خلافَ مالِكٍ وأحمَدَا

971 - ونَصْبُ بَوَّابٍ وحاجِبٍ بِلا *** عُذْرٍ وإلا فأمينَاً عاقِلا

972 - وحُكْمُهُ مَعْ ما يُخِلُّ فِكْرَهُ *** كَغَضَبٍ لِحَظِّ نَفْسٍ - يُكْرَهُ

973 - ومَرَضٍ وعَطَشٍ وجُوعِ *** حَقْنٍ نُعَاسٍ مَلَلٍ وشِبْعِ

974 - حَرٍّ وبَرْدٍ فَرَحٍ وَهَمِّ *** والقاضِ في ذِي نافِذٌ للحُكْمِ

975 - تَسْوِيَةُ الخَصْمَيْنِ في الإَكرَامِ *** فَرْضٌ وجازَ الرَّفعُ بالإسلامِ

976 - لكِنْ لَهُ يَجُوزُ رَفْعُ المسلِمِ *** في مَجْلِسٍ على رِجَالِ الذِّمَمِ

977 - هَدِيَّةُ الخَصْمِ لِمَنْ لم يَعْتَدِ *** قَبلَ القَضَا‏:‏ حَرِّمْ قَبُولَ ما هُدِي

978 - ولَم يَجُزْ تلقينُ حُجَّةٍ ولا *** تَعيينُ قَوْمٍ غيرَهُمْ لَن يَقْبَلا

979 - وإنَّمَا يَقبلُ قاضٍ ما كَتَبْ *** قاضٍ إليهِ حينَ مُدَّعٍ طَلَبْ

980 - بِشَاهِدَيْنِ ذَكَرَيْنِ شَهِدَا *** بِمَا حَوَاهُ حينَ خَصْمٌ جَحَدَا

981 - ومَن أساءَ أدبَهُ فَيَزْجُرُهْ *** فإِنْ أَصَرَّ ثانِيَاً يُعَزِّرُهْ

كتاب القضاء‏:‏ أي الحكم وهو في الأصل يقال لاتمام الشئ وإحكامه وإمضائه والأصل فيه قبل الإجماع قوله تعالى ‏{‏وأن أحكم بينهم بما انزل الله‏}‏ وقوله ‏{‏فاحكم بينهم بالقسط‏}‏ وقوله ‏{‏إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله وخبر‏}‏ إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر وأن أصاب فله أجران وفي رواية فله عشرة أجور وما جاء في التحذير منه كقوله من جعل قاضيا ذبح بغير سكين محمول على عظم الخطر فيه او على من يكره له أو يحرم وهو فرض كفاية في حق الصالح له في الناحية فيولى الإمام فيها أحدهم ليقوم به فإن تعين له واحد بأن لم يصلح معه غيره فإن كان غيره أصلح وكان يتولاه فللمفضول القبول ويكره طلبه ويندب للفاضل الطلب والقبول وإن كان الأصلح لا يتولاه فهو كالمعدوم وإن كان مثله فله القبول ويندب له الطلب إن كان حاملا يرجو به نشر العلم أو كان محتاجا إلى الرزق ويحصل له من بيت المال وإلا فالأولى له تركه ويكره له الطلب والاعتبار في التعيين وعدمه بالناحية وإنما يليه مسلم فلا يتولاه كافر ولو على كفار وما جرت به عادة الولاة من نصب حاكم لهم فهو تقليد رئاسة وزعامة لا تقليد حكم وإنما يلزمهم حكمه بالالتزام لا بالزامه ذكر فلا يصح من امرأة إذ لا يليق بها مجالسة الرجال ورفع صوتها بينهم ولا خنثى مكلف فلا يصح من صبى أو مجنون لأنه لا يعتبر قوله على نفسه فعلى غيره أولى حر فلا يصح من رقيق أو مبعض لنقصه وعدم فراغه سميع فلا يصح من أصم ذو بصر فلا يصح من أعمى ذو يقظة فلا يصح من مغفل عدل فلا يصح من فاسق وناطق فلا يصح من أخرس وإن فهمت إشارته ولا جاهل أو مقلد أو مختل الرأي بكبر أو مرض لعجزهم عن تنفيذ الأحكام وإلزام الحقوق والاجتهاد لغة استفراغ الوسع في تحقيق ما يستلزم الثقة واصطلاحا استفراغ الوسع في تحصيل ظن بحكم شرعى و شرطه أن يعرف أحكام القران بنقل حركة الهمزة إلى الراء والسنن ولغة العرب مفرداتها ومركباتها لورود الشريعة بها لأن بها يعرف عموم اللفظ وخصوصه والحلف بأن يعرف أقوال العلماء من الصحابة فمن بعدهم إجماعا واختلافا لئلا يخالفهم في اجتهاده مع إجماع وطرق الاجتهاد بنقل حركة الهمزة إلى اللام بالأنواع بأن يعرف حال الرواة قوة وضعفا والقياس مع الأنواع المذكورات فمن أنواع القرآن العام والخاص والمطلق والمقيد والمجمل والمبين والنص والظاهر والناسخ والمنسوخ ومن أنواعه السنة المتواتر والآحاد والمسند والمرسل ومن أنواع القياس الأولى والمساوى والأدون فيعمل بها كقياس الضرب للوالدين على التأفيف لهما وقياس إحراق مال اليتيم على أكله في التحريم فيهما وقياس التفاح على البر في باب الربا بجامع الطعم المشتمل عليه مع القرب والكيل في البر ويقدم الخاص على العام والمعارض له والمقيد على المطلق والناسخ والمتصل والقوى قال القاضي ولا يشترط أن يكون في كل نوع من هذه مبرزا حتى يكون في النحو كسيبويه وفي اللغة كالخليل بل يكون في الدرجة الوسطى في جميع ما مر قال الشيخان قال الأصحاب وأن يعرف أصول الاعتقاد قال الغزالى وعندى أنه يكفى اعتقاد جازم ولا التبحر في هذه العلوم بل يكفى معرفة جمل منها ولا يشترط حفظها عن ظهر قلب بل يكفى أن يعرف مظانها في ابوابها فيراجعا وقت الحاجة إليها ثم إجتماع هذه الأمور إنما يشترط في المجتهد والمطلق ويجوز تحرى الاجتهاد بأن يكون الشخص مجتهدا في باب دون باب فيكفيه علم ما يتعلق بالباب الذي يجتهد فيه فإن تعذر جمع هذه الشروط كما في زمننا فولى سلطان ذو شوكة فاسقا أو مقلدا صحت ولايته ونفذ قضاؤه للضرورة لئلا تتعطل مصالح الناس ويندب للإمام إذا ولى قاضيا أن يأذن له في الاستخلاف إعانة له فان نهاه عنه لم يستخلف ويقتصر على ما يمكنه إن كانت توليته أكثر منه فإن اطلق توليته فيما لا يقدر إلا على بعضه استخلف فيما يعجزه عنه لا فيما يقدر عليه والقادر على ما وليه لا يستخلف فيه أيضا ولو أذن له الإمام في الاستخلاف في المقدور عليه وغيره وما ذكر في الاستخلاف العام أما الخاص كتحليف وسماع بينة فقطع القفال بجوازه وقال غيره هو على الخلاف وهو مقتضى إطلاق الأكثرين كذا في الروضة كأصلها وشرط المستخلف كالقاضى إلا أن يستخلف في أمر خاص كسماع بينة فيكفى علمه بما يتعلق به ويحكم باجتهاده إن كان مجتهدا أو اجتهاد مقلده إن كان مقلدا حيث ينفذ قضاء المقلد ولا يجوز أن يشرط عليه خلافه فلو شرطه لم يصح الاستخلاف وكذا لو شرطه الإمام في تولية القاضى لم تصح توليته ولو حكم خصمان رجلا في غير حدود الله تعالى جاز مطلقا بشرط أهليته للقضاء ولا ينفذ إلا على راض به فيشترط رضا العاقلة في ضرب االدية عليهم وإن رجع أحدهما قبل الحكم ت امتنع الحكم ولا يشترط بالرضا بعده ولو نصب الإمام قاضيين ببلد وخص كل واحد منهما بمكان منه أو زمن أو نواع كالأموال أو الدماء أو الفروج جاز وكذا إن لم يخص كالوكيلين والوصيين ما لم يشرط اجتماعهما على الحكم فلا يجوز ويستحب كاتبا أي يستحب كون القاضى كاتبا لأنه قد يكتب إلى غيره ويكتب غيره له فلا يحتاج إلى كاتب ولا قارئ ولا يشترط ويندب أن يكون وافر العقل حليما متثبتا ذا فطنة وتيقظ كامل الحواس والأعضاء عالما بلغة من يقضى بينهم بريئا من الشحناء بعيدا من الطمع صدوق اللهجة ذا رأي وسكينة ووقار ولا يكون جبارا تهابه الخصوم فلا يتمكنون من الحجة ولا ضعيفا يستخفون به والأولى أن يكون قرشيا ورعاية العلم والتقوى أهم من رعاية النسب ويشترط معرفته الحساب لتصحيح المسائل الفقهية بالنسبة للمفتى ويندب للامام أن يكتب لمن يوليه القضاء ببلد كتابا بما يحتاج إليه فيه ويشهد بالكتاب شاهدين يخرجان معه إلى البلد بخبران بالحال من التولية وغيرها ويكفى إخبارهما بهما من غير كتاب وتكفى الاستفاضة بها لا مجرد كتاب ويبحث عن علماء البلد وعدوله قبل دخوله فإن لم يتيسر فحين يدخل ويدخل بكرة الاثنين بنقل حركة الهمزة إلى اللام فإن تعسر فالخميس وإلا فالسبت ووسطا ينزل ليتساوى أهله في القرب منه إلا أن يكون للقضاة محل معدلهم وينظر أولا في أهل الحبس لأنه عذاب حيث لا أهم منه ويتسلم من المعزول المحاضر والسجلات واموال الأيتام والضوال والأوقاف ويقدم على ذلك ما كان أهم منه كالنظر في المحاجير الجائعين الذين تحت نظره وما أشرف على الهلاك من الحيوان في التركات وغيرها وما أشرف من الأوقاف وأملاك محاجيره على السقوط بحيث يتعين الفور في تداركه وقبل جلوسه للنظر في المحبوسين يأمر مناديا ينادى يوما أو أكثر بحسب الحاجة ألا أن القاضي ينظر في أمر المحبوسية يوم كذا فمن له محبوس فليحضر ويبعث إلى الحبس أمينا أو أمينين ليكتب اسم كل محبوس وما حبس به ومن حبس له في ورقة فإذا جلس اليوم الموعود وحضر الناس صبت الأوراق بين يديه وأخذ واحدة واحدة ونظر في الاسم المثبت فيها وسأل عن خصمه فمن قال أنا خصمه بعث معه ثقة إلى الحبس ليأخذ بيده محبوسة ويحضره فإذا حضر عنده سأل المحبوس عن سبب حبسه فإذا اعترف بالحق عمل معه بمقتضى اعترافه وإن قال حبست ظلما فعلى خصمه حجة بأنه حبسه بحق فإن لم يقمها صدق المحبوس بيمينه ويطلقه إن ثبت مدعاه بحلفه أو ببينة أو اعتراف خصمه أو بعلم القاضي أو قال لا خصم لى نودى عليه بطلب الخصم ثلاثة أيام ولا يحبس مدة النداء ولا يخلى بالكلية بل يراقب فإن حضر خصمه في هذه والتى قبلها وأقام حجة على الحق أو على أن القاضى حكم عليه بذلك فذاك وإلا أطلقه ويحلف النافى على ما يدعيه ويطلق من خبس لتعزير إن رأى إطلاقه والا فان رأى مصلحة في إدامه حبسه أدامه ثم في اوصياء الأطفال ونحوهم فمن ادعى وصاية سأل عن حالها وحالة وتصرفه فمن وجده مستقيما قويا أقره أو فاسقا أخذ المال منه أو ضعيفا عضده بمعين فان ادعى الوصى تفرقة القدر الموصى به وكان لمعينين لم يتعرض له أو لجهة عامه أمضاه إن كان عدلا فإن كان فاسقا ضمنه بتعديه وغير الوصى لو فرق لمعينين وقع الموقع الأن لهم أخذه بلا واسطه أو لجهة عامة ضمن ومجلس الحكم يكون بارزا أي ظاهرا ليتهدى إليه كل أحد متسعا فسيحا حتى لا يزدحم فيه الخصوم ويتضرر الشيخ الكبير والعجوز ونحوهما من هج حر أو أذى برد يكون حاجزا أي مصونا من ذلك وريح وغبار ودخان كأن يكون في الصيف في مهب الرياح وفي الشتاء في كن هذا إن اتحد المجلس فإن تعدد وحصل زحام اتخذ مجالس بعدد الأجناس فلو أجتمع رجال وخناثى ونساء اتخذ ثلاثة مجالس وينبغى ارتفاع محل جلوسه كدكة وأن يتوجه للقبلة غير متكئ وحسن أن يوضع له فراش ووسادة ليعرفه الناس ويكون أهيب للخصوم وأرفق به فلا يمل و يكره بالمسجد حيث قصدا حكم صونا عن ارتفاع الأصوات واللغظ الواقعين بمجلس الحكم وقد يحتاج لاحضار المجانين والصغار والحيض والكفار بخلاف ما لو أتخذه مجلسا للفتوى وتعليم القرآن والعلم فلا يكره فلو اتفقت قضية أو قضايا وقت حضوره في المسجد لصلاة أو غيرها فلا بأس بفصلها خلاف مالك واحمد حيث قالا لا يكره القضاء في المسجد و يكره للقاضى نصب حاجب يحجب الناس عن الوصول إليه واتخاذ بواب يمنع الناس ويغلق الباب لا سيما إن كان يغلقه على الفقراء ويفتحه للأغنياء وللرؤساء هذا إن كان بلا عذر فإن كان كزجام أو لم يجلس للحكم بأن كان وقت خلوته لم يكره نصيبهما وإنما يكره الحاجب إذا كان وصول الخصم موقوفا على إذنه وأما من وظيفته ترتيب الخصوم وإعلامه بمنازل الناس وهو المسمى بالنقيب في الزمن السابق فلا بأس باتخاذه بل صرح جمع باستحبابه وإلا بأن لم يكره فأمينا عدلا عاقلا عفيفا ويندب كونه كهلا كثير الستر على الناس وسكمه أي القاضى مع ما يخل فكره كغضب لحظ نفس يكره و مثله مرض مؤلم وعطش وجوع وحق ونعاس و ملل وشبع و حر وبرد و فرح وهم والقاضي في ذي نافذ للحكم وخرج بقوله لحظ نفس الغضب لله تعالى وقد استثناه البغوي والإمام وغيرهما واعتمده البلقينى لكن قال الأذرعى إنه الراجح من حيث المعنى والموافق لاطلاق الأحاديث وكلام الشافعى والجمهور أنه لا فرق لأن المحذور تشويش الفكر وهو لا يختلف بذلك وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى بل ربما يكون الغضب لله تعالى من أهل الخير أشد منه لحظ نفسه نعم تنتفى الكراهة إذا دعت الحاجة إلى الحكم في الحال وقد يتعين الحكم على الفور في صور كثيرة ولو حكم في هذه الأحوال نفذ حكمه تسوية الخصمين في الأكرام فرض على القاضي في دخول عليه بأن يأذن لهما فيه وقيام لهما ونظر إليهما واستماع لكلامهما وطلاقة وجه لهما وجواب سلام منهما ومجلس بأن يجلسهما إن كانا شريفين بين يديه أو أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره وكذا سائر أنواع الاكرام فلا يخص أحدهما بشئ منها لأن تخصيص أحدهما يكسر قلب الأخر ويمنعه أن يلحن بحجته فلو سلم الخصمان معا أجابهما أو أحدهما انتظر سلام الآخر فيجيبهما معا ولا بأس أن يقول للآخر سلم فإذا سلم أجابهم وكأنهم أغتفروا ذلك لئلا يبطل معنى التسوية وإن كان فيه اشتغال منه بغير الجواب ومثله يقطع الجواب عن الخطاب وجاز للقاضى الرفع بالإسلام على الكافر بأن يجلس المسلم أقرب إليه ويجرى ذلك في سائر وجوه الاكرام حتى في التقديم بالدعوى ويقدم القاضى عند اجتماع الخصوم والمسافر الذي تهيأ للسفر وخاف انقطاعه عن رفقيه إن تأخر على المقيم لئلا يتضرر ثم المرأة إلا أن يكثر المسافرون أو النساء فيقدم بالسبق ثم بالقرعة وينبغى أن لا يفرق بين كونهم مدعين ومدعى عليهم وتقديمهم مندوب ثم بعد المرأة يقدم وجوبا بالسابق لمجلس الحكم والعبرة بسبق المدعى دون المدعى عليه ثم من خرجت له القرعة فإن عسر الاقراع لكثرتهم كتب أسماءهم في رقاع ووضعت بين يديه ليأخذ واحدة فيسمع دعوى من خرج اسمه ويقدم السابق والقارع بدعوى واحدة وأما المقدم بالسفر فان كانت دعاويه قليلة أو خفيفة بحيث لا تضر بالباقين إضرار بينا قدم بجميعها وإلا فبواحدة والظاهر أن المرأة في ذلك كالمسافر وأن الخنثى كالمرأة وما ذكره من جواز رفع المسلم على الكافر جواز بعد منع فيصدق بالواجب إذ المعتمد وجوبه هدية الخصم أي من له الخصومة لمن لم يعتد قبل القضا ذلك حرم عليه قبول ما هدى لخبر هدايا العمال سحت ولأنها تدعو إلى الميل إليه فلا يملكها القاضى لو قبلها ويجب عليه ردها إلى مالكها فإن تعذر وضعها في بيت المال كمن لم يعتد قبل القضاء الهدية له ولا خصومة له فيحرم عليه قبولها في محل ولايته بخلافها في غير محل ولايته فلا يحرم قبولها وإن كان يهدى له قبل ولايته القضاء ولا خصومة له جاز قبولها إذا كانت بقدر العادة والأولى عدم قبولها أو يثيب عليها أما لو زادت على العادة فكما لو لم تعهد منه وقضيته تحريم الجميع وقال الرويانى نقلا عن المذهب أن كانت الزيارة من جنس الهدية جاز قبولها لدخولها في المألوف وإلا فلا والضيافة والهبة كالهدية وأما الرشوة وهى ما يبدل القاضي ليحكم بغير الحق أو ليمتنع من الحكم بالحق فحرام مطلق ولا ينفذ حكمه لنفسه ورقيقه وشريكه في المشترك وأصله وفرعه ورقيق كل منهما وشريكه في المشترك ويحكم له ولهؤلاء الامام أو نائبه أو قاض آخر وإذا أقر المدعى عليه او نكل فحلف المدعى أو أقام بينه وسأل القاضي أن يشهد علىإ قراره أو يمينه أو الحكم بما ثبت الإشهاد به لزمه وكذا إذا حلف المدعى عليه وسأل الاشهاد ليكون حجة له فلا يطالب مرة أخرى وإذا حكم باجتهاد ثم بان خلاف نص كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس جلى تبين بطلانه بخلاف القياس الخفى والقضاء فيما باطن الامر فيه بخلاف ظاهره ينفذ ظاهرا لا باطنا فلو حكم بشهادة زور بظاهرى العدالة لم يحصل بحكمه الحل باطنا سواء المال والنكاح وغيرهما وما باطن الامر فيه كظاهره بأن ترتب على أصل صادق ينفذ القضاء فيه باطنا أيضا قطعا إن كان في محل اتفاق المجتهدين وعلى الأصح إن كان في محل اختلافهم وإن كان القضاء لمن لا يعتقده ولا يقضى بخلاف علمه بالاجماع كأن علم أن المدعى أبرأ المدعى عليه مما ادعاه وأقام عليه بينة به أو أن المدعى قتله وقامت بينة بأنه حى فلا يقضىبالبينة ويقضى بعلمه ولو في الطلاق والعتق ولا ينفذ الحكم بالعلم إلا مع التصريح بان مستنده علمه بذلك كأن يقول قد علمت أن له عليك ما ادعاه وحكمت عليك بعلمى كما يقضى بعلمه في التعديل والجرح والتقويم وإن لم يكن معه مقوم آخر إلا في حدوده تعالى وتعازيره لندب الستر في أسبابها بخلاف عقوبة الآدمى وحقوقه تعالى المالية ولم يجز للقاضي تلقين مدع كيف يدعى لما فسر من كسر قلب الآخر ولا تعيين قوم من الشهود غيرهم لن يقبلا لقوله تعالى ‏{‏وأشهدوا ذوى عدل منكم‏}‏ ولما فيه من الإضرار بالناس وإنما يقبل قاض في بلد الخصم ما كتب قاض إليه حين مدع طلب منه ذلك ويكتب فإذا وصل الكتاب إلى القاضى لا يقبله إلا بشاهدين عدلين ذكرين شهد ا على القاضى بما حواه كتابه حين أشهدهما على نفسه وختم الكتاب وذكر فيه نقش خاتمه الذي ختم به مع نسخة مع الشاهدين غير مختومة للمراجعة ويكتب القاضى اسم نفسه واسم المكتوب إليه في باطن الكتاب وعلى العنوان ثم يحضر المكتوب إليه الخصم فإن أ قر استوفى منه الحق وإن جحد ذلك شهد عليه الشاهدان بما يعلمانه كما ذكره بقوله حين خصم جحدا‏.‏

باب القسمة

982 - يَجْبُرُ حاكِمٌ عليها المُمْتَنِعْ *** في مُتَشَابِهٍ وتَعديلٍ شُرِعْ

983 - إِن لم يَضُرَّ طالِبٌ للقِسْمَةِ *** وقَسْمُ رَدٍّ بالرِّضَا والقُرْعَةِ

984 - ويَنْصِبُ الحاكُمُ حُرَّاً ذَكَرَا *** كُلِّفَ عَدْلاً في الحِسَابِ مَهَرَا

985 - ويُشْرَطُ اثنانِ إذا يُقَوَّمُ *** وحيثُ لا تقويمَ فَرْدٌ يَقْسِمُ

باب القسمة‏:‏ هي تمييز الحصص بعضها من بعض والأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى ‏{‏وإذا حضر القسمة‏}‏ والآية وخبر الشفعة فيما لم يقسم وكان صلى الله عليه وسلم يقسم الغنائم بين أربابها والحاجة داعية إليها فقد يتضرر الشريك من المشاركة ويقصد الاستبداد بالتصرف واعلم أن الأعيان المشتركة قسمان أحدهما ما يعظم الضرر في قسمته كجوهر وثوب نفيسين وزوجى خف إن طلب الشركاء كلهم قسيمة لم يحبهم الحاكم ولم يمنعهم إن قسموا بأنفسهم إن لم تبطل منفعته كسيف يكسر بخلاف ما تبطل منفعته فانه يمنعهم لأنه سفه أولا يبطل نفعه المقصود كحمام وطاحونة صغيرين لإيجاب طالب قسمته ولا يجبر عليها الآخر وما لا يعظم ضرره وقسمته أنواع ثلاثة ما يجبر حاكم عليها الممتنع ولا يعظم ضرره وهى في قسمة متشابهة في الأجزاء كمثلى من حبوب ودراهم وأدهان ونحوها ودار متفقه الأبنية وأرض مشتبهة الأجزاء فتعدل السهام كيلا في المكيل ووزنا في الموزون وذرعا في المذروع بعدد الأنصباء إن استوت به كالأثلاث ويكتب في كل رقعة اسم شريك أو جزء مميز بحد أو جهة وتدرج في بنادق ويخرجها من لم يحضر الكتابة والادراج ويحترز عن تفريق حصة واحد و يكون في قسمة تعديل شرع بأن تعدل السهام بالقيمة كأرض مختلفة الأجزاء بحسب قوة إنبات وقرب ماء ويجبر الحاكم على القسمة الممتنع منها في قسمة المتشابهات وقسمة التعديل وهي بيع والأولى إفراز وإنما يجبر الممتنع في التعديل إن لم يصر طالبا للقسمة فلو كان له عشر دار لا يصلح للسكنى والباقى صالح لها لآخر وطلبها لم يجبر الآخر لأن طلبه تعنت بخلاف الآخر و في قسم رد أي يكون في قسمة الرد وهى بيع لكن لا إجبار فيها بل بالرضا والقرعة والرضا بما تخرجه كقولهما رضينا بهذه القسمة أو بما أخرجته القرعة ثم قد يقسم الشركاء أو منصوبهم ومنصوب الامام وينصب الحاكم حرا ذكرا كلف أي مكلفا عدلا في الحساب مهرا أي حاذقا فيه ولألف للإطلاق بأن يعلم المساحة والحساب لأنه يلزم كالحاكم وليوصل إلى كل ذى حق حقه قال الماوردى وأن يكون نزها قليل الطمع حتى لا يدلس ولا يخون ولا يشترط معرفته التقويم وأما منصوب الشركاء لا يشترط فيه عدالة ولا حرية لأنه وكيلهم ولا ذكورة ومحكمهم كمنصوب الامام ويشرط للقسمة اثنان إذ يقوم أي إذا كان فيها تقويم لأنهما شاهدان بالقيمة نعم إن جعل الامام القاسم حاكما في التقويم جاز فيعمل فيه بعدلين ويقسم بنفسه وله القضاء بعلمه وحيث لا تقويم في القسمة فرد يقسم أي يكفى قاسم واحد كالحاكم سواء نصبه الامام أم الشركاء ويجعل الامام رزق منصوبه من بيت المال فان لم يكن فأجرته على الشركاء بحسب حصصهم المأخوذة لا بعدد رؤوسهم‏.‏

باب الشهادة

986 - وإنَّمَا تُقبَلُ مِمَّن أسلَمَا *** كُلِّفَ حُرًّا ناطِقَاً قَد عُلِمَا

987 - عَدْلاً على كبيرَةٍ ما أَقدَمَا *** طَوعَاً ولا صغيرَةٍ مالَزِمَا

988 - أَوْ تابَ مَعْ قرائِنٍ أَنْ قد صَلَحْ *** والاِخْتِبَارُ سَنَةٌ على الأَصَحْ

989 - مُرُوءَةُ المِثْلِ لَهُ وليسَ جارْ *** لنَفْسِهِ نَفْعَاً ولا دَافِعَ ضَارْ

990 - أو أَصْلٌ أو فَرْعٌ لِمَنْ يَشْهَدُ لَهْ *** كَمَا على عَدُوِّهِ لَن نَقْبَلَهْ

991 - ويَشهَدُ الأَعمَى ويروِي إِن سَبَقْ *** تَحَمُّلٌ أو بِمُقِرِّ اعْتَلَقْ

992 - وبِتَسَامُعِ نِكَاحٍ وحِمَامْ *** وَقْفٍ وِلاءٍ نَسَبٍ بِلا اتِّهَامْ

993 - وللزِّنَا‏:‏ أربَعَةٌ أَن أَدْخَلَهْ *** في فَرْجِهَا كَمِرْوَدٍ في مُكْحُلَهْ

994 - وغيرِهِ‏:‏ اثنانِ كإقرارِ الزِّنَا *** ولهِلالِ الصَّومِ‏:‏ عَدْلٌ بَيِّنَا

995 - ورَجُلٌ وامرأتانِ أو رَجُلْ *** ثم اليمينُ‏:‏ المالُ أو فيما يَؤُلْ

996 - إليهِ كالمُوضِحَةِ التي جُهِلْ *** تعيينُهَا أو حَقِّ مالٍ كالأَجَلْ

997 - أو سَبَبٍ للمالِ كالاِقَالَةِ *** والبَيْعِ والضَّمَانِ والحَوَالَةِ

998 - ورَجُلٌ وامرأتانِ أربَعُ *** نِسَاً‏:‏ لِمَا الرِّجَالُ لا تَطَّلِعُ

999 - عليهِ كالرَّضَاعِ والوِلادَةِ *** وعَيبِهَا والحَيْضِ والبَكَارَةِ

باب الشهادة‏:‏ مصدر شهد وهى لغة الخبر القاطع وشرعا إخبار بحق لغير المخبر على غيره على وجه مخصوص والأصل فيه قوله تعالى ‏{‏واستشهدوا شهيدين من رجالكم‏}‏ وقوله ‏{‏ولا تكتموا الشهادة‏}‏ وخبر ليس لك إلا شاهداك أو يمينه وسئل صلى الله عليه وسلم عن الشهادة فقال للسائل ترى الشمس فقال نعم فقال على مثلها فاشهد أو دع وتتحقق بشاهد ومشهود له ومشهود عليه ومشهود به وإنما تقبل ممن أسلما فلا تقبل من كافر ولو على أهل دينه كلف فلا تقبل من صبي ولا مجنون كإقرارهما بل أولى حرا فلا تقبل من رقيق مدبرا أو مكاتبا أو مبعضا كسائر الولايات إذ في الشهادة نفوذ على الغير ناطقا فلا تقبل من أخرس وإن فهمت إشارته وإنما صحت تصرفاته بها للحاجة قد علما بالعدالة وظهورها فلا تقبل شهادة من لم تثبت عدالته كالفاسق عدلا على كبيرة ما أقدما بألف الاطلاق فيه وفيما بعده وهي ما لحق صاحبها وعيد شديد بنص كتاب أو سنة كالقتل والزنا واللواط وشرب المسكر والسرقة والغصب والقذف والنميمة وشهادة الزور واليمين الفاجرة وقطيعة الرحم والعقوق والفرار وإتلاف مال اليتيم والربا والسحر والوطء في الحيض وخيانة الكيل والوزن وتقديم الصلاة على وقتها وتأخيرها عنه بغير عذر والكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وضرب المسلم بغير حق وسب الصحابي وكتمان الشهادة والرشوة والدياثة والقيادة ومنع السعاية والزكاة واليأس من الرحمة والأمن من مكر الله وأكل لحم الخنزير والميتتة والفطر في رمضان بغير عذر والغلول والمحاربة وإنما تكون كبيرة إذا قدم عليها طوعا بخلاف ما لو كان مكرها فانه باق على عدالته ولا على صغيرة قد لزما أي العدل من لم يلازم على صغيره مع الاصرار عليها وهي كل ذنب غير كبيرة فان أصر عليها سواء أكانت من نوع أو أنواع انتفت بها العدالة ما لم تغلب طاعاته على معاصيه فلا يضر والصغيرة كالنظر إلى ما لا يجوز والغيبة في حق غير أهل العلم وحملة القرآن والسكوت عليها وكذب لا حد فيه ولا ضرر والإشراف على بيوت الناس وهجر المسلم فوق ثلاث بلا عذر والجلوس مع الفساق إيناسا لهم واللعب بالنرد واستعمال آلة من شعار شربة الخمر من طنبور وعود وصنج ومزمار عراقي واستماعها واللعن ولو لكافر أو بهيمة ولبس ذكر مكلف حريرا وجلوسه عليه وهجو وسفاهة أو تاب أي من أقدم على كبيرة مختارا أولا أصر على صغيرة أو فعل ذلك لكنه تاب مع قرائن ان قد بصرفه ودرج همزة إن للوزن صلح فيشترط في توبته من معصية تولية القول فيقول القاذف قذفي باطل أو ما كنت محقا وأنا نادم عليه ولا أعود إليه وشاهد الزور شهادتي باطلة وأنا نادم عليها ولا أعود إليها وفي توبة المعصية الفعلية كالزنا والشرب إقلاع وندم عليها وعزم على أن لا يعود إليها ورد ظلامة آدمي قدر على ردها وإلا كفاه العزم على أنه متى قدر فعل فيؤدي الزكاة لمستحقها والمغضوب الباقي لمالكه وإلا فبدله ويمكن مستحق القصاص والقذف من الاستيفاء ولا بد أن لا يصل إلى حال الغرغرة ولا أن تطلع الشمس من مغربها والاختبار سنة على الأصح أي يشترط اختباره بعد توبته مدة يظن فيها صدقه وهي سنة على الأصح لأن لها أثرا في تهييج النفوس لاشتمالها على الفصول الأربعة فاذا مضت مع السلامة أشعر بحسن سيرته نعم من قذف بصورة شهادة لم يتم نصابها أو خفى فسقه وأقر به ليحد تقبل شهادته عقب توبته وكذا من أسلم بعد ردته لإتيانه بضد الكفر فلم يبق معه احتمال وقيده الماوردي بمن أسلم مرسلا فان أسلم عند تقديمه للقتل اعتبر مضي المدة ومقابل الأصح أنها تقدر بستة أشهر وقيل لا تتقيد بمدة ولا يختلف الظن بالأشخاص وأمارات الصدق وما ذكر في التوبة محله في التوبة في الظاهر وهي المتعلق بها الشهادة والولاية أما التوبة فيما بينه وبين الله تعالى كالزنا والشرب فان لم يظهر عليه أحد فله أن يظهره ويقربه ليقام عليه الحد والأفضل أن يستر على نفسه وإن ظهر فقد فات الستر فيأتي الإمام ويقر به ليقيم عليه الحد مروءة المثل له وهي تخلقه بخلق أمثاله في زمانه ومكانه فمن لا مروءة له لا حياء له ومن لا حياء له يقول ما شاء فالأ كل في السوق والشرب فيه لغير سوقي إلا إذا غلبه الجوع أو العطش والمشي فيها مكشوف الرأس أو البدن غير العورة ممن لا يليق به مثله وقبله زوجته أو أمته بحضرة الناس وإكثار حكايات مضحكة بينهم ولبس فقيه قباء أو قلنسوة في بلد لا يعتاد للفقيه لبسه وإكباب على لعب شطرنج أو على لعب بحمام بتطيير والمسابقة من غير أخذ حمام غيره أو على غناء أو استماع أو إدامة رقص يسقطها ويختلف مسقطها بالأشخاص والأحوال والأماكن فيستقبح من شخص دون آخر وفي حال دون حال وفي بلد دون آخر وحرفة دنيئة كحجامة وكنس ودبغ مما لا يليق به يسقطها إن لم يعتدها وإلا فلا ولو ترك خارم المروءة ما أسقطها اعتبر لقبول شهادته مضي سنة كما في التنبيه وليس جار أي يشترط لقبول الشهادة عدم التهمة بأن لا يجر لنفسه بها نفعا ولا دافع ضار أي ولا يدفع عنه ضررا فترد شهادته لعبده المأذون له في التجارة ولمكاتبه وغريم له ميت أو عليه حجر فلس وبما وكل فيه وبابراء من ضمنه وبجراحة مورثه قبل اندمالها وترد شهادة عاقلة بفسق شهود قتل يحملونه وغرماء مفلس بفسق شهود دين آخر أو أصل أو فرع برفعهما أو جرهما عطفا على المجرور على التوهم كقولهم ليس زيد قائما ولا قاعدا بالخفض على توهم دخول الباء في خبر ليس وكقول زهير‏:‏

بدا لي أني لست مدرك ما مضى *** ولا سابق شيئا إذا كان جائيا

فيكون التقدير هنا وليس الشاهد بأصل أو فرع لمن يشهد له أي ترد شهادته لأصله وإن علا وفرعه وإن سفل ولو لأحدهما على الآخر فتقبل عليهما ومنه أن تتضمن شهادته دفع ضرر عنه كأن شهد للأصيل الذي ضمنه أصله أو فرعه بالأداء أو الإبراء نعم لو ادعى السلطان على آخر بمال لبيت المال فشهد له به أصله أو فرعه قبل لعموم المدعي به ولو شهد لأصله وفرعه وأجنبي قبلت للأجنبي وتقبل لكل من الزوجين ولأخ وصديق كما على عدوه دينا لن نقبله وإن قبلت له للتهمة فترد شهادته بزنا زوجته ولو مع ثلاثة وتقبل شهادة مسلم على كافر وسني على مبتدع وعكسه والعدو من تبغضه بحيث تتمنى زوال نعمته وتحزن بسروره وتفرح بمصيبته وذلك قد يكون من الجانبين وقد يكون من أحدهما فيختص برد شهادته على الآخر وإن أفضت العداوة إلى الفسق ردت مطلقا ومن خاصم من يريد أن يشهد عليه وبالغ فلم يجبه ثم شهد عليه قبلت شهادته ولو زالت العداوة ثم أعادها لم تقبل ولا تقبل من مغفل لا يضبط ولا يبادر بها قبل أن يسألها إلا في شهادة الحسبة في حقوقه تعالى كصلاة وزكاة وصوم بأن يشهد بتركها وفيما له فيه حق مؤكد كطلاق وعتق وعفو عن قصاص وبقاء عدة وانقضائها بأن يشهد بما ذكر ليمنع من مخالفة ما يترتب عليه جد له تعالى بأن يشهد بموجبه والأفضل فيه الستر وكذا النسب لأن في وصله حقا له تعالى وصورتها أن تقول الشهود ابتداء للقاضي نشهد على فلان بكذا فأحضره لنشهد عليه فلان بكذا فأحضره لتشهد عليه فإن ابتدءوه وقالوا فلان زنى فهم قذفة وإنما تسمع عند الحاجة إليها فلو شهد اثنان أن فلانا أعتق عبده أو أنه أخو فلانة من الرضاع لم يكف حتى يقولا وهو يسترقه أو يريد نكاحها وما تقبل فيه تسمع فيه الدعوى إلا في محض حدود الله تعالى ويشهد الأعمى ويروي إن سبق تحمل منه قبل عماه أي تقبل شهادة الأعمى وروايته إن سبق تحمله عماه وكان المشهود له وعليه معروفي النسب والاسم بخلاف مجهوليهما أو أحدهما أو بمقر في أذنه بطلاق أو عتق أو مال لآخر معروف الاسم والنسب اعتلق به حتى يشهد عليه عند قاض و تقبل شهادته أيضا فيما يثبت بالاستفاضة كالبصير وبتسامع من جمع يؤمن تواطؤهم على الكذب لكثرتهم فيقع العلم أو الظن القوي بخبرهم من أي مع نكاح وحمام بكسر الحاء أي موت و وقف و ولاء و نسب معطوفات على نكاح بحذف العاطف وعتق وملك بلا اتهام أي معارض وبما يثبت به أيضا ولاية القضاء ونحوه والجرح والتعديل والرشد والإرث بأن يشهد بالتسامع أن فلانا وارث فلان لا وارث له غيره أما إذا كان هناك معارض كإنكار المنسوب إليه نسبه أو طعن فيه بعض الناس أو منازع له في الملك المشهود به فلا تجوز له الشهادة بالتسامع لاختلال الظن حينئذ ولا يكفى في التسامع قول الشاهد أشهد أني سمعت الناس يقولون كذا وإن كانت شهادته مبنية عليه بل يشهد أن هذه زوجة فلان أو أن فلانا مات أو أن هذا وقف على كذا أو أن هذا ابن فلان لأنه قد يعلم خلاف ما سمعه ولأن ذكره يشعر بعدم جزمه بالشهادة وللزنا أربعة ومثله اللواط ووطء الميتة والبهيمة من الرجال الموصوفين بما مر للكتاب العزيز ولما فيه وفي آثاره من القبائح الشنيعة فغلظت الشهادة فيه ليكون أستر ولا بد من ذكر المزني بها أن بفتح الهمزة أدخله أي يشهدون بأنه أدخل ذكره أو حشفته أو قدرها منه في فرجها على سبيل الزنا فقد يظنون المفاخذة زنا وقوله كمرود في مكحلة ليس بشرط بل أحوط واعتبر القاضي وابن الصلاح وغيرهما ذكر مكان الزنا وزمانه ورأى الماوردي أنه إن صرح بعض الشهود بذلك وجب سؤال الباقين عنه وإلا فلا وغيره مما ليس مالا ولا ما يئول إليه ويطلع عليه الرجال غالبا اثنان أي رجلان موصوفان بما مر وذلك كإقرار الزنا أو غيره والطلاق والرجعة والعتق والإسلام والشهادة على الشهادة والنكاح والموت والإعسار والعتق وانقضاء العدة بالأشهر والخلع من جانب المرأة والولاية والجرح والتعديل والكتابة من جهة الرقيق والتدبير والايلاد والوكالة والوصاية والإحصان واللعان والظهار والنسب واستيفاء العقوبات وكفالة البدن وعقوبة الله تعالى كحد شرب وقطع طريق وقتل بردة أو لآدمي كقصاص نفس أو طرف وإن عفى على مال وبهلال الصوم عدل واحد بينا أي ظهرت عدالته وظاهر كلامه عدم الاكتفاء بالمستور لكن الأصح في المجموع الاكتفاء به ومثل هلال الصوم ما لو نذر صوم شهر معين ولو ذا الحجة فشهد به عدل فيكفى ورجل وامرأتان أو رجل ثم اليمين المال أي للمال أو مما يؤل بحذف الواو للوزن إليه كالموضحة التي جهل بالبناء للمفعول أو الفاعل تعيينها بأن شهدوا بها وعجزوا عن تعيين محلها فإنها لا توجب قصاصا وإنما توجب المال فقط والتمثيل بالموضحة صحيح فقد صرح الشيخان بأن كل جناية موجبة للمال كقتل الوالد ولده والحر العبد يثبت بالحجة الناقصة فما قيل من أن التمثيل بالموضحة المذكورة معدود من مفردات الحاوي الصغير وأن صريح كلام الغزالي والرافعي وغيرهما في الجنايات أن البينة الناقصة لا تثبت الأرش في هذه الصورة ممنوع أو حق مال كالأجل والخيار والشفعة وسبب للمال مجروران عطف على قوله بتسامع كالإقالة والبيع والضمان والحوالة والإجارة والوصية بالمال والرد بالعيب وفهم من قوله رجل وامرأتان أنه لا فرق بين أن تتقدم شهادة الرجل على المرأتين وبين أن تتأخر ولا بين أن يقدر على رجلين وبين أن لا يقدر وأنه لا يقدر وأنه مخير فيما يثبت برجل وامرأتين بين إثباته بهم وبرجل ويمين وهو كذلك وفهم من قوله ثم اليمين أنه يشترط أن يأتي بيمينه بعد شهادة الرجل بما يدعيه وتزكيته وتعديله ويجب أن يذكر في حلفه صدق شاهده فيقول والله وإن شاهدي لصادق وإني لمستحق لكذا ولو قدم ذكر الحق وأخر تصديق الشاهد فلا بأس وذكر صدق الشاهد ليحصل الارتباط بين اليمين والشهادة المختلفتي الجنس ورجل وامرأتان أو أربع نسا بالتنوين وحذف الهمزة للوزن أي نسوة لما الرجال لا تطلع عليه كالرضاع من الثدي أو أن اللبن الذي شرب منه من هذه المرأة الولادة وعيبها كرتق وقرن وبرص ولو في وجهها وكفيها والحيض والاستحاضة والبكارة والثيوبة واستهلال الولد وعلم مما مر أن ما لا يثبت برجل وامرأتين لا يثبت برجل ويمين وأن ما يثبت بهم يثبت برجل ويمين إلا عيوب النساء ونحوها وأنه لا يثبت شيء بامرأتين‏.‏

باب الدعوى

1000 - إِن تَمَّتِ الدَّعوَى بشيءٍ عُلِمَا *** سأَلَ قاضٍ خَصمَهُ وحَكَمَا

1001 - إِنْ يَعتَرِفْ خَصْمٌ فإِنْ يَجْحَدْ وثَمْ *** بَيِّنَهٌ بِحَقِّ مُدَّعٍ حَكَمْ

1002 - وحيثُ لا بَيِّنَهٌ فالمُدَّعَى *** عليهِ حَلِّفْ حيثُ مُدَّعٍ دَعَا

1003 - فإِن أبَى رُدَّتْ على مَنِ ادَّعَى *** وباليمينِ يَسْتَحِقُّ المُدَّعَى

1004 - والمُدَّعِي عَيْنَاً بِها يَنْفَرِدُ *** أَحَدْهُمَا فَهْيَ لِمَن لَهُ اليَدُ

1005 - وحيثُ كانت مَعْهُمَا وشَهِدَتْ *** بَيِّنَتَانِ حُلِّفَا وَقُسِمَتْ

1006 - وَحَلَّفَ الحاكِمُ مَن تَوَجَّهَتْ *** عليهِ دعوَى في سِوَى حَدٍّ ثَبَتْ

1007 - للهِ لا القاضِي -ولَو مَعزولا- *** وشاهِدٍ ومُنْكِرِ التَّوكِيلا

1008 - بَتَّاً كَمَا أَجَابَ دَعوَى حَلَفَا *** ونَفْيَ عِلْمٍ فِعْلَ غيرِهِ نَفَى

باب الدعوى‏:‏ هي لغة الطلب وشرعا إخبار بحق للمخبر على غيره والمدعى به قد يحتاج في إثباته إلى البينة وهي الشهود وسموا بها لأن بهم يتبين الحق والأصل في ذلك أخبار كخبر مسلم لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه إن تمت الدعوى بشيء علما سأل قاض خصمه أي المدعى عليه فالجواب فيطالب العبد بالجواب فيما يقبل إقراره به كقصاص وحد قذف والسيد في غيره كأرش تعلق برقبته والحرة والمجبر في دعوى النكاح ولا يتوقف سؤاله على طلب المدعى وتمامها بأن يكون المدعى والمدعى عليه مكلفين ملتزمين للأحكام إلا ما استثنى وأن يذكر التلقي إن أقر بالمدعى به للمدعى عليه أو ملكه له وأن لا يسبقها ما يناقضها وكونها ملزمة فلو قال غصب مني كذا أو باعنيه لم تسمع حتى يقول ويلزمه التسليم إلى وفى الدين لي في ذمته كذا وهو ممتنع من الأداء الواجب عليه ولا تسمع بدين مؤجل إلا إن قصد به تصحيح العقد وأن لا يكون بحق الله تعالى إلا أن يتعلق بها حق آدمي كقذف فتسمع ولو ادعى سرقة مال سمعت دعواه بالمال وحلف المدعي عليه فإن نكل حلف المدعى وثبت المال ولا يقطع لأن حدود الله تعالى لا تثبت باليمين وعلم من قوله بشيء علما وجوب ذكر الجنس والنوع والقدر والصفة إن اختلف بها الغرض ومطلق الدرهم والدينار منصرف للشرعي فلا حاجة إلى بيان وزنه وفي العين التي تنضبط بالصفة كمحبوب وحيوان وثياب ذكر صفات السلم وجوبا في المثلى ويندب معها ذكر القيمة وفي المتقوم ذكر القيمة ويندب أن يذكر معها صفات السلم وفي العقار السكة والناحية والبلد والحدود التي تتميز بها وهذا إذا ادعى بمعين فإن ادعى ليعين له القاضي صحة دعواه مع كون المدعى به مجهولا كالمفوضة تطلب الفرض والزوجة النفقة والكسوة والمطلقة تطلب المتعة وكالغرة والحكومة والوصية بمجهول والإقرار به ونحو ذلك من مسائل كثيرة وفي النكاح أنه تزوجها بولي وشاهدي عدل ورضاها إن اعتبر وفي نكاح الأمة العجز عن طول حرة وخوف العنت وفي دعوى الرضاع أنه ارتضع منها أو معها في الحولين خمس رضعات متفرقات ووصل اللبن إلى جوفه وحكما إن يعترف خصم أي إن اعترف الخصم بعد الدعوى حكم عليه القاضي بطلب المدعى منه ذلك ويلزم المقر بالخروج من الحق الذي عليه ويثبت الحق بالإقرار من غير قضاء القاضي وإن يجحد المدعى عليه يعني أنكر كأن قال لا يستحق على شيئا أو أصر على السكوت جعل المنكر ناكلا فللقاضي أن يقول للمدعى ألك بينة وإن سكت و كان ثم بفتح المثلثة أي هناك بينة تشهد بحق مدع حكم بها بطلب المدعى كأن يقول حكمت بكذا أو نفذت الحكم به أو ألزمت خصمه الحق ولا يجوز له الحكم قبل أن يسأل ومن قامت عليه بينة بحق لا يحلف المدعى على استحقاقه فإن ادعى أداء أو إبراء أو شراء عين من مدعيها أو هبتها أو إقباضها منه حلف خصمه على نفيه وكذا لو ادعى علمه بفسق شاهده أو كذبه فإن استمهل من قامت عليه البينة ليأتي بدافع أمهل ثلاثة أيام وحيث لا بينة للمدعى أو كانت وطلب المدعى يمينه فالمدعى عليه يحلف حيث مدع دعا فإن لم يطلبها لم يحلفه القاضي فإن حلفه بدون طلبه لم يعتد بيمينه فإن أبى أي امتنع المدعى عليه من اليمين كان قال أنانا كل أو قال له القاضي احلف فقال لا أحلف ردت اليمين على من ادعى فيحلف لتحول الحلف عليه وباليمين يستحق المدعى به أي إذا حلف اليمين المردودة عليه استحق ما ادعاه ويقضى له به ولا يقضى له بنكوله وهي إقرار حكم فلا تسمع من المدعى عليه بعدها بينة بأداء أو إبراء وسواء في ذلك الدين والعين فإن لم يحلف المدعى ولم يتعلل بشيء سقط حقه من اليمين وليس له مطالبة الخصم في ذلك المجلس ولا غيره ويصير امتناعه كحلف المدعى عليه وإلا لرفع خصمه كل يوم إلى القاضي والخصم ناكل وهو لا يحلف اليمين المردودة ويطول الخطب وله أن يقيم البينة وإن تعلل بإقامة البينة أو مراجعة حساب أمهل ثلاثة أيام وإن استمهل المدعى عليه حين استحلف لينظر حسابه لم يمهل إلا برضا المدعى لأنه مقهور بطلب الإقرار أو اليمين بخلاف المدعى والمدعى عينا ونازعه الآخر فيها ولا بينة لأحدهما بها ينفرد أحدهما باليد عليها فهي لمن له ثم اليد بيمينه وعلى هذا فتسمع دعوى الشخص بما في يده ويحلف عليه وكذا لو كانت بيده وأقام غيره بها بينة ثم أقام هو بها بينة قدمت بينة ذي اليد وعمل بها لكن لا تسمع إلا بعد بينة الخارج وإن لم تتعدل وإن أزيلت يده ببينة ثم أقام بينة مستندا إلى ما قبل إزالة يده واعتذر بغيبة شهود سمعت وقدمت وحيث كانت العين معهما أي في يدهما وشهدت بينتان بأن شهدت كل بينة لواحد بأنها له بقيت كما كانت لتساقطهما و حلفا أي كل منهما بأنها ملكه دون غريمه وقسمت بينهما بالسوية وكذا لو كانت في يد ثالث وأقام كل منهما بينة بها تساقطتا وكأن لا بينة وتقسم بينهما ومتى أقاما بينتين متعارضتين رجحت إحداهما على الأخرى بأسباب منها اليد كما مر ومنها إقرار صاحب اليد لأحدهما ومنها قوة البينة كما لو أقام أحدهما شاهدين والآخر شاهدا وخلف معه رجح الشاهدان إلا إذا كانت اليد مع الآخر فيرجح باليد ومنها زيادة العلم فلو قال الخارج هو ملكي اشتريته منك وأقام به بينة وأقام الداخل بينة بأنه ملكه قدمت بينه الخارج ومنها زيادة التاريخ فلو أقام أحدهما بينه بأنها ملكه من سنة والآخر بينه بأنها ملكه من سنة والآخر بينه بأنها ملكه من سنتين قدمت بينته وله الأجرة والزيادة الحادثة من يومئذ إلا إذا كان لصاحب متأخرة التاريخ يد فأنها تقدم ولو أطلقت بينه وأرخت فهما سواء ولو شهدت بينه بإقرار المدعي عليه أمس بالملك للمدعي استديم الإقرار وإن لم تصرح البينة بالملك في الحال ولو أقامها بملك جارية أو شجرة لم يستحق ثمرة موجودة ولا ولدا منفصلا ويستحق حملها ولو اشترى شيئا فأخذه منه بحجة مطلقة رجع على بائعه منه بالثمن ولو ادعى ملكا مطلقا فشهدوا له مع سببه لم يضر وحلف الحاكم وجوبا كل من توجهت عليه دعوى صحيحة كدعوى ضرب أو شتم أوجبا تعزيزا لو أقر بمطلوبها ألزم به واستثنى من ذلك صور أشار إلى بعضها بقوله في سوى حد ثبت لله تعالى كحد الزنا والشرب فلا يحلف فيها المدعي عليه بل لا تسمع بها الدعوى نعم إن تعلق بالحد حق آدمي كما إذا قذف إنسانا فطلب المقذوف حد القذف فقال القاذف حلفوه أنه مازنى حلف كما مر في القذف والقاضي فلا يخلف على تركه الظلم في حكمه ولو كانت الدعوى عليه حال كونه معزولا لأن منصبه يأبى التحليف والابتذال وشاهد ادعى عليه أنه تعمد الكذب في شهادته أو نحو ذلك فلا يحلف والمنكر بالجر عطف على حد التوكيلا فلا يحلف على نفى علمه بها لأنه لو اعترف بها لم يلزمه التسليم إليه إذ لا يأمن جحد المستحق فلا معنى لتحليفه ولو قال المدعى عليه أنا صبي وهو محتمل لم يحلف ووقف الأمر إلى بلوغه لأن حلفه يثبت صباه والصبي لا يحلف وإذا حلف على فعل نفسه حلف بتا أي قطعا في حالتي النفي والإثبات كما أجاب دعوى حلفا بألف الإطلاق فيه وفيما قبله فإن ادعى عليه عشرة مثلا أو أنه أقرضه عشرة أو أنه غصبها منه فإن اقتصر على الجواب المطلق كأن قال لا يستحق على شيئا أو لا يلزمني تسليم ما ادعى به إليه حلف كذلك وإن تعرض في الجواب للجهة كأن قال ما اقترضتها منه أو ما غصبتها منه حلف كذلك فإن أراد أن يحلف على النفي المطلق لم يمكن منه ونفى علم بالنصب فعل غيره نفى أي يحلف على فعل غيره بتا في الإثبات وعلى نفي علمه به في النفي فإن حلف فيه على البت اعتد به ويجوز له الحلف على البت بظن مؤكد كأن اعتمد خطه أو خط مورثه ويحلف على البت في نفي جناية رقيقة وبهيمته‏.‏

كتاب العتق

1009 - َيِصُّح عِتْقٌ مِن مُكَلَّفٍ مَلَكْ *** صَرِيحُهُ‏:‏ عِتْقٌ وتحريرٌ وفَكْ

1010 - رَقَبَةٍ وصَحّ بالكِنَايَهْ *** بِنِيَّةٍ مِنْهُ كَـ ‏(‏يَا مَوْلايَهْ‏)‏

1011 - وعِتْقُ جُزْءٍ مِن رَقِيقِهِ سَرَى *** أوْ شِرْكَةٍ مَعْ غيرِهِ إِنْ أيسَرَا

1012 - فاعْتِقْ عليهِ ما بَقِي بقيمَتِهْ *** في الحالِ والمُعسِرِ‏:‏ قْدْرَ حِصَّتِهْ

1013 - ومالِكُ الأُصُولِ والفُرُوعِ *** يَعتِقُ كالميرَاثِ والمَبِيعِ

1014 - لمُعْتِقٍ حَقُّ الوَلاءَ وَجَبَا *** ثُمَّ لِمَنْ بنَفْسِهِ تَعَصَّبَا

1015 - ولَو مَعَ اخْتِلافِ دِينٍ أوجَبَهْ *** ولا يَصِحُّ بَيعُهُ ولا الهِبَهْ

كتاب العتق‏:‏ بمعنى الإعتاق وهو إزالة الرق عن الآدمي والأصل فيه قبل الإجماع قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فك رقبة‏}‏ وأخبار كقوله صلى الله عليه وسلم أيما رجل أعتق امرأ مسلما استنفذ الله بكل عضو منه عضوا منه من النار حتى الفرج بالفرج وهو قربة وله ثلاثة أركان معتق وعتيق وصيغة يصح عتق من مكلف مطلق التصرف ولو كافرا فلا يصح إعتاق غير مكلف إلا السكران ولا غير مطلق التصرف ملك فلا يصح إعتاق غير المالك بغير إذن ولا إعتاق رقيق تعلق به حال الإعتاق حق لازم كجناية ورهن ومالكه معسر ولا يصح الاعتاق إلا بلفظ صريح أو كناية و صريحه عتق وتحرير وفك رقبة والمراد الصيغ المشتملة على المشتقات من هذه الألفاظ كأنت عتيق أو معتق أو أعتقتك أو حر أو محرر أو حررتك أو يا حر إذا لم يقصد مدحه ولم يقصد نداءه باسمه القديم أو فكيك الرقبة أو فككتها فلو قال أنت إعتاق أو تحرير أو فك رقبة فهو كناية ولا أثر للخطأ في التذكير والتأنيث وصح بالكناية مع نية منه كيا مولايه بهاء السكت لا ملك لي عليك لا سلطان لا خدمة أنت سائبة ويا حر للمسمى به في الحال وألفاظ الطلاق والظهار مما يمكن مجيئه هنا ولو قال عتقك إليك أو خيرتك ونوى تفويض العتق إليه فأعتق نفسه في الحال أي المجلس عتق ولو قال أعتقتك على ألف فقبل أو بعتك نفسك بألف فقبل أو أعتقني على ألف فأجابه عتق في الحال ولزمه الألف والولاء لسيده ولو أعتق حاملا عتق حملها إن كان له وإن استثناه ولو أعتقه وقد نفخ فيه الروح عتق دونها وإلا لغى ولو قال مضغة هذه حر فهو إقرار بانعقاد الولد حرا وتصير به أم ولد إن أقر بوطئها في ملكه وعتق جزء شائع كنصف أو بعض أو معين كيد أو رجل من رقيقه سرى إلى باقيه بعد عتق ذلك الجزء موسرا كان أم معسرا لقوته كالطلاق أو شركة مع غيره أي إذا ملك حصة من رقيق وباقيه لغيره وأعتق ما يملكه عتق مطلقا إذ أيسرا فأعتق عليه فعل أمر حذفت همزته للوزن ما بقى بسكون الياء وصله بنية الوقف بقيمته في الحال أي ويسرى عليه العتق إلى حصة غيره إن كان موسرا ويغرم قيمتها له في الحال وإن أيسر بقيمة بعضه سرى إليه كذلك والمعسر يعتق عليه قدر حصته والقول في قدر القيمة قول المعتق ولا فرق في السراية بين كون المعتق مسلما أم كافرا واستيلاد أحد الشريكين الموسر يسرى كالعتق وعليه قيمة حصة شريكه وقسطها من مهر المثل لا قيمتها من الولد فإن كان معسرا لم يسر ولا يسرى تدبير ولا يمنع السراية دين مستغرق ومالك الأصول والفروع من النسب تعتق أبا كان أم جدا أم أما أم جدة أم ولد أم ولد ولد وإن علا الأصل وسفل الفرع كالميراث والمبيع أي سواء أملكهم بالاختيار أم بالقهر كالإرث وخرج غيرهم من الأقارب كالإخوة فلا يعتق أحد منهم عليه ولا يشترى لطفل أو نحوه بعضه ولو وهب له أو أوصى له فإن كان كاسبا فعلى الولي قبوله ويعتق عليه وينفق من كسبه وإلا فإن لم تلزمه نفقته وجب على الوجه القبول ونفقته في بيت المال وإن لزمته حرم عليه القبول ولو ملك في مرض موته بعضه بلا عوض عتق من رأس المال لمعتق حق الولاء وجبا على عتيقه وإن أعتقه بعوض أو عتق عليه فيرثه إن لم يكن له وارث من النسب أو لم يستغرق فيرث الفاضل ثم الولاء لمن بنفسه تعصبا بألف الإطلاق فيه وفيما قبله يقدم الأقرب فالأقرب ويثبت الولاء للمعتق ولو مع اختلاف دين أوجبه وإن لم يتوارثا ولعصباته في حياته ولا يصح بيعه أي الولاء ولا الهبة لأنه معنى يورث به فلا ينتقل بالبيع والهبة كالقرابة‏.‏

باب التدبير

1016 - كَقَوْلِهِ لِعَبْدِهِ ‏:‏ ‏(‏دَبَّرْتُكَا‏)‏ *** أَوْ ‏(‏انتَ حُرٌّ بعدَ مَوتِي ذَلِكَا‏)‏

1017 - يَعْتِقُ بعدَهُ مِن الثُّلْثِ لِمَالْ *** وَيَبْطُلُ التَّدْبِيرُ حيثُ المِلْكُ زالْ

باب التدبير‏:‏ هو لغة النظر في عواقب الأمور وشرعا تعليق عتق بالموت والأصل فيه قبل الإجماع خبر الصحيحين أن رجلا دبر غلاما ليس له مال غيره فباعه النبي صلى الله عليه وسلم فتقريره له وعدم إنكاره يدل على جوازه وأركانه ثلاثة محل وصيغة وأهل فلا يصح تدبير غير مكلف إلا السكران وتدبير مرتد موقوف إن أسلم صح وإلا فلا كقوله أي الشخص لعبده أو أمته دبرتك أو أنت حر أو مدبر بعد موتى أو أعتقتك بعد موتى وينعقد بالكناية مع النية كخليت سبيلك بعد موتى ومضافا إلى جزء كدبرت ربعك ولا يسرى كما مر ومقيدا كإن مت في ذا الشهر أو المرض فأنت حر فإن مات على الصفة المذكورة عتق وإلا فلا أو إن قرأت القرآن فأنت حر بعد موتى فقرأه جميعه صار مدبرا أو بعضه فلا ومعلقا كان دخلت الدار فأنت حر بعد موتى فيعتق بعد موته إن دخلها قبله فإن قال إن مت ثم دخلت اشترط دخوله بعد الموت وهو على التراخي وليس للوارث بيعه قبل الدخول ولو قال إذا مت ومضى شهر فأنت حر فللوارث استخدامه في الشهر لا بيعه ولو قال إن شئت فأنت حر أو مدبر بعد موتى اشترطت المشيئة فورا فلو قال متى شئت فللتراخي وتشترط المشيئة في الصورتين قبل موت السيد ذلكا بألف الإطلاق فيه وفيما قبله يعتق بعده أي بعد موت السيد من الثلث لمال خلفه بعد الدين كالوصية فيعتق كله إن خرج من الثلث وإلا عتق منه بقدره وسواء أوقع في الصحة أم المرض وإن احتملت الصحة والمرض فوجدت في المرض عتق من رأس المال إن لم توجد باختيار السيد وإلا فمن الثلث ويبطل التدبير حيث الملك زال ببيع أو نحوه ولو عاد ملكه إليه لم يعد التدبير ولا يصح رجوعه عنه بالقول ولو علق عتقه بصفة صح وعتق بالأسبق ففي سبق الموت العتق بالتدبير وله وطء مدبرته ولا يكون رجوعا عن التدبير فإن أولدها بطل تدبيره ويتبع المدبرة حملها الحاصل عند التدبير أو موت السيد ولو ادعى رقيقه التدبير فأنكر فليس برجوع بل يحلف أنه ما دبره ولو وجد مع مدبر مال فقال كسبته بعد موت السيد وقال الوارث قبله صدق المدبر بيمينه لأن اليد له وتقدم بينته‏.‏

باب الكتابة

1018 - اذا كَسُوبٌ ذو أمانَةٍ طَلَبْ *** مِن غيرِ محجُورٍ عليهِ تُستَحَبْ

1019 - وشَرْطُهَا‏:‏ معلومُ مالٍ وأَجَلْ *** نَجْمَانِ أو أكثَرُ منها لا أَقَلْ

1020 - والفَسْخُ للعبدِ متى شاءَ انْفَصَلْ *** لا سَيِّدٍ إلا إذا عَجْزٌ حَصَلْ

1021 - أَجِزْ لَهُ تَصَرُّفَاً كالحُرِّ لا *** تَبَرُّعَا وخَطَرَاً إذ فَعَلا

1022 - وحَطُّ شيءٍ لازِمٌ للمَوْلَى *** عنهُ وفي النَّجْمِ الأخيرِ أَوْلَى

1023 - وَهْوَ رقيقٌ ما بَقِي عليهِ *** شيءٌ إلى أدائِهِ إليهِ

باب الكتابة‏:‏ بكسر الكاف وقيل بفتحها كالعتاقة وهي لغة الضم والجمع و شرعا عقد عتق بلفظها بعوض منجم بنجمين فأكثر وهي خارجة عن قواعد المعاملات لدورانها بين السيد ورقيقه ولأنها بيع ماله بماله والأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى‏:‏ ‏{‏والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا‏}‏، وخبر‏:‏ ‏(‏من أعان غارما أو غازيا أو مكاتبا في فك رقبته أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله‏)‏ وخبر‏:‏ ‏(‏المكاتب قن ما بقى عليه درهم‏)‏ وله أربعة أركان مكاتب ومكاتب وعوض وصيغة إذا كسوب ذو أمانة طلبها وإنما لم تجب حينئذ قياسا على التدبير وشراء القريب ولا تكره بحال نعم إن كان الرقيق فاسقا وعلم سيده أنه لو كاتبه مع عجزه عن الكسب لاكتسب بطريق الفسق حرمت كما قاله الأذرعي من غير محجور عليه يستحب أي يعتبر في السيد أهلية التبرع فلا تصح من صبي ومجنون ومحجور عليه بسفه وأوليائهم ومكروه ولا كتابة مرهون ومكرى وشرطها معلوم مال أي شرط الكتابة كونها على مال وكونه معلوما وأجل أي يعتبر كون مالها مؤجلا وكونه نجمان أو أكثر منها بإفراد الضمير بإطلاق الجمع على اثنين وهو صحيح لا أقل منهما ولا بأس بكون المنفعة في الذمة ومن ذلك أن يكاتبه على بناء دارين موصوفتين في وقتين معلومين وشرط المنفعة التي يمكن الشروع فيها في الحال كالخدمة اتصالها بالعقد ولا بد من ضميمة معها كخدمة شهرين من الآن أو دينار بعد يوم منه بخلاف ما لو اقتصر على خدمة شهرين وصرح بأن كل شهر نجم وتصح كتابة من باقيه حر ولو كاتبه كله صح في الرق دون غيره ولو كاتب بعض رقيق فسدت مطلقا لأنه لا يستقل فيها بالتردد لاكتساب النجوم نعم لو أوصى بكتابة رقيقه فلم يخرج من الثلث إلا بعضه ولم تجز الورثة صحت في ذلك البعض ولو كاتب في مرض موته بعض رقيقه وذلك البعض ثلث ماله صح وصيغتها كاتبتك على كذا منجما إذا أديته فأنت حر ويبين عدد النجوم ووقت كل منجم ولو ترك لفظ التعليق ونواه كفى ويقول المكاتب قبلت والفسخ للعبد أي للرقيق فهي جائزة من جهته لأنها عقدت لحظه متى شاء وحيث فعل ذلك انفصل منها وله ترك الأداء وإن كان معه وفاء فلا يجبر على الأداء لا سيد فليس له فسخها لأنها لازمة من جهته إلا إذا عجز عن أداء النجم أو بعضه حصل من المكاتب عند محله فللسيد فسخها بنفسه وإن شاء بالحاكم وليس على الفور وكعجزه امتناعه من الأداء مع القدرة عليه وحلول النجم وهو غائب أو غيبته بعد حلوله بغيرإذن السيد ولو استمهل عند الحلول سن إمهاله وإن كان معه عروض لزم إمهاله إلى بيعها فإن عرض كساد فله أن لا يزيد على ثلاثة أيام وإن كان ماله غائبا في دون مرحلتين أمهل إلى إحضاره وإلا فلا ولو غاب وله مال حاضر امتنع على الحاكم الأداء منه بل يمكن السيد من الفسخ ولا تنفسخ بجنون المكاتب ويؤدى عنه الحاكم إن وجد له مالا ورأى له مصلحة في الحرية وإن لم يجد له مالا مكن سيده من الفسخ ثم أفاق وظهر له مال دفعه إلى السيد وحكم بعتقه ونقض التعجيز ولا تنفسخ بجنون السيد فإن دفع المال إلى وليه عتق أولا فلا فإن تلف في يده لم يضمنه ولوليه تعجيزه ولا بإغمائه ولا بالحجر عليه بسفه ولا بإغماء المكاتب أجزله أي المكاتب تصرفا كالحر في معظم التصرفات فيبيع ويشترى ويؤجر ويستأجر ويأخذ بالشفعة ويقبل الهبة والصدقة والوصية ويصطاد ويحتطب ولو آجر نفسه أو ماله مدة فعجزه السيد فيها انفسخ العقد لا تبرعا وخطرا إذ فعلا أي لا يصح منه تصرف فيه تبرع أو خطر إلا بإذن سيده كهبته وإقراضه وقراضه وتصدق وتبسطه في الملابس والمآكل وإنفاقه على الأقارب وشرائه بالمحاباة وتسليمه الثمن قبل قبض المبيع واتهام من يعتق عليه إن عجز عن الكسب وإلا ندب له قبوله ويكاتب عليه ولا يعتق ولا يطأ أمته وإن أذن له السيد وحط شيء لازم للمولى عنه من نجوم الكتابة ويقوم مقامه دفعه إليه بعد قبضه وغيره من جنسه والحط أولى من الدفع وفي النجم الأخير أولى لأنه أقرب إلى العتق ويكفى ما يقع عليه الاسم ولا يختلف بكثرة المال وقتله فإن اختلفا فيه قدره الحاكم باجتهاده ووقت وجوبه قبل العتق ويجوز من حين الكتابة وبعد الأداء والعتق قضاء ويستحب الربع وإلا فالسبع وهو أي المكاتب رقيق ما بقى عليه شيء وإن قل من مال الكتابة إلى أدائه إليه أو إبرائه منه فإنه يعتق به كما يعتق بالأداء ولو أتى المكاتب بمال فقال السيد هو حرام صدق المكاتب ويقال للسيد خذه أو أبرئه من قدره فإن أبى قبضه الحاكم فإن كان قدر النجم عتق فإن نكل حلف السيد وتسمع بينته ولو خرج المؤدى مستحقا رجع السيد ببدله وهو مستحقه فإن كان في النجم الأخير بان أن لا عتق وإن قال عند أخذه أنت حر أو معيبا رده وأخذ بدله وله أن يرضى به وما تقرر كله في الكتابة الصحيحة وأما غيرها فباطلة أو فاسد فالباطلة ما اختل بعض أركانها كأن كان السيد صبيا أو مجنونا أو مكرها أو الرقيق كذلك أو كاتب الولي رفيق موليه أو كان عوضها غير مقصود كدم وحشرات أو لم يجر فيها ذكر عوض فهي لاغية وأما الفاسد فهي ما اختل بعض شروطها كعوض محرم مقصود أو شرط فاسد كشرط أن تبيعه بكذا أو أجل فاسدة فهي كالصحيحة في أمور منها استقلاله بالكسب وأخذ أرش جناية عليه ومهر شبهة وعتقه بالأداء وتبعية كسبه له وكالتعليق في أمور منها أنه لا يعتق بإبراء ولا بأداء غيره عنه تبرعا وتبطل بموت سيده قبل الأداء وتصح الوصية برقبته ولا يصرف له من سهم المكاتبين وتخالفهما في أمور منها أن للسيد فسخها بنفسه أو بالحاكم وأنه لا يملك ما يأخذه بل يرجع المكاتب به أو قيمته إن كان متقوما بخلاف غيره كالخمر فلا يرجع فيه بشيء فإن تلف جمع عليه بمثله أو قيمته ويرجع عليه السيد بقيمته يوم عتقه فإن كان من جنس واحد من نقد البلد تقاصا فيسقط أحد الدينين المتساويين بالآخر بلا رضا ويرجع صاحب الفضل به وتبطل الفاسدة بجنون السيد وإغمائه والحجر عليه بسفه لا بجنون الرقيق وإغمائه

باب الإيلاد

1024 - لأَمَةٍ لَهُ تكونُ مِلْكَا *** أو بَعْضِهَا يوجِبُ عِتْقَ تِلْكَا

1025 - بِمَوْتِهِ ونَسْلُهَا بِهِا الْتَحَقْ *** مِن غيرِهِ مِن بعدِ الاِيلادِ عَتَقْ

1026 - مِن رأسِ مالٍ قبلَ دَيْنٍ واكْتُفِي *** بِوَضْعِ ما فيهِ تَصَوُّرٌ خَفِي

1027 - جازَ الكِرَا وخِدْمَةٌ جِمَاعُ *** لاهِبَةٌ والرَّهْنُ وابْتِيَاعُ

1028 - ومُولِدٌ بالاخْتِيَارِ جارِيَهْ *** لِغَيْرِهِ مَنكُوحَةً أو زانِيَهْ

1029 - فالنَّسْلُ قِنُّ مالِكٍ والفَرْعُ حُرْ *** مِن وَطْئِهِ بِشُبْهَةٍ أو حيثُ غُرْ

1030 - أو بِشَراءٍ فاسِدٍ فإْن مَلَكْ *** ذِي بَعْدُ لم تُعْتَقْ عليهِ إِنْ هَلَكْ

1031 - لَكِنْ عليهِ قيمَةُ الحُرِّ ثَبَتْ *** بِحَمْدِ رَبِّي ‏(‏زُبَدُ الفِقْهِ‏)‏ انْتَهَتْ

باب الإيلاد‏:‏ وفي نسخة عتق أم الولد لامة له ولو وثنية أو مجوسية أو مرتدة أو محرمة أو صائمة تكون ملكا له أو بعضها بوطء مباح أو حرام بسبب نسب أو رضاع أو مصاهرة أو حيض أو نكاح أو باستدخال ذكره أو منيه المحترم يوجب عتق تلكا بموته ولو بقتلها له والولد حر والأصل في ذلك مجموع أحاديث عضد بعضها بعضا كقوله صلى الله عليه وسلم في مارية أم ولده أعتقها ولدها أي أثبت لها حق الحرية وقوله أيما أمة ولدت من سيدها فهي حرة عن دبر منه وقوله أمهات الأولاد لا يبعن ولا يوهبن ولا يورثن يستمتع بها سيدها ما دام حيا فإذا مات فهي حرة وقول عائشة رضي الله عنها لم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة وكانت مارية من جملة المخلف عنه فدل على أنها عتقت بموته وسبب عتق أم الولد انعقاده حرا بالإجماع وخبر إن من أشراط الساعة أن تلد الأمة ربتها وفي رواية ربها أي سيدها وولد المشتركة ينعقد حرا ويسرى الايلاد إلى حصة شريكه منها إذا أيسر بقيمتها وعتقت بموته وإلا عتق نصيبه وكأمته أمة فرعه التي لم يستولدها وأمة مكاتبه ومحل ما ذكره ما لم يمنع من ذلك مانع وإلا لم ينعقد كإيلاد المعسر المرهونة أو الجانية ولم يكن فرعا للمولد ونسلها أي أولاد أم الولد من زوج أو زنا بها التحق من غيره فحكمهم حكمها في الحرية فيعتقون بموت السيد وإن ماتت في حياته لأن الولد يتبع أمه في الرق والحرية وكذا في بيعها من بعد الايلاد ينقل حركة الهمزة إلى اللام قبلها أي إنما يلحقون بها إذا حدثوا بعد إيلادها أما لو حدثوا قبله من زوج أو زنا فلا يعتقون بموت السيد وله بيعهم لحدوثهم قبل ثبوت حق الحرية للأم عتق من رأس المال أي تعتق أم الولد من رأس مال سيدها قبل دين أي يقدم عتقها على ديونه ووصاياه لأن إلادها بمنزلة استهلاكها وكما يثبت الايلاد بانفصال الولد حيا أو ميتا يثبت حكمه واكتفى بوضع ما فيه تصور خفى من خلقة الآدميين ولو لأهل الخبرة وخرج به ما لو قالوا أنه أصل آدمى ولو بقى لتصور فلا يثبت به إيلاد ولا تجب به غرة لأنه لا يسمى ولدا جاز الكرا أي جاز للسيد كراء المستولدة وخدمة أي أستخدامها جماع أي وطؤها إن لم يمنع منه مانع وأرش جناية عليها وعلى أولادها التابعين لها وقيمتهم إن قتلوا لبقاء ملكه عليهم وله تزويجها بغير إذنها لا هبة أي لا يجوز له هبتها والرهن أي رهنها وابتياع أي ولا بيعها ولو ممن تعتق عليه لما مر ولأن الهبة والبيع ينتقل الملك للغير بهما والرهن يسلط عليها وكما تحرم عليه هذه الأمور لا تصح نعم يصح بيعها من نفسها لأنه عقد عتاقه في الحقيقة ومولد بالآختيار بيان لكون الوطء بزنا لا لكون ولد المكره ينعقد حرا جاريه مملوكة لغير منكوحة أي بنكاح أو زانية أي بزنا فالنسل أي ولدها قن مالك لها أي مملوك له والفرع أي الولد حر حيث حصل من وطئه بشبهة كأن ظن أنها زوجته الحرة أو أمته أو حيث غر كأن حصل بنكاح غير بحريتها فيه أو بشراء فاسد ظن صحته عملا بظنه فان ملك المولد ذى أي أمه الغير بعد أن أولدها لم يعتق عليه إن هلك لكن عليه قيمة الولد الحر ثبت ويعتبر وقت انفصاله لمالك أمه لتفويته رقه بظنه بحمد ربي زبد الفقه انتهت قد مضى معنى الحمد لغة وعرفا‏.‏

ولما كانت هذه المنظومة مسماة بالصفوة التى اشتق منها علم التصوف ناسب أن لا تخلو عن قطعة منه ليوافق الاسم المسمى وكان الختم به أولى ليكون خاتمه الفقيه تطهير قلبه وتصفية سريرته ليلقى الله الكريم بقلب سليم ولهذا ختمها الناظم به فقال‏:‏

خاتمة في علم التصوف

1032 - مَنْ نَفْسُهُ شريفَةٌ أَبِيَّهْ *** يَرْبَأُ عن أمورِهِ الدَّنِيَّهْ

1033 - ولَم يَزَلْ يَجْنَحُ للمَعَالِي *** يَسهَرُ في طِلابِهَا الليالِي

1034 - ومَن يكونُ عارِفَاً بِرَبِّهِ *** تَصَوَّرَ ابْتِعَادَهُ مِن قُرْبِهِ

1035 - فَخَافَ وارْتَجَى وكانَ صاغِيَا *** لِمَا يكونُ آمِرَاً أو ناهِيَا

1036 - فَكُلَّ ما أَمَرَهُ يَرْتَكِبُ *** وما نَهَى عَن فِعْلِهِ يَجْتَنِبُ

1037 - فصَارَ مَحبُوبَاً لخالِقِ البَشَرْ *** لَهُ بِهِ سَمْعٌ وبَطْشٌ وبَصَرْ

1038 - وكانَ للهِ وَلِيًّا إِن طَلَبْ *** أعطاهُ ثم زادَهُ مِمَّا أَحَبْ

1039 - وقاصِرُ الهِمَّةِ لا يُبَالِي *** جهَلُ فوقَ الجَهلِ كالجُهَّالِ

1040 - فَدُونَكَ الصَّلاحَ أو فَسَادَا *** أو سُخْطَاً او تقريبَاً او إِبْعَادَا

1041 - وُزِنْ بِحُكْمِ الشَّرْعِ كُلَّ خاطِرِ *** فإن يَكُنْ مأمُورَهُ فَبَادِرِ

1042 - ولا تَخَفْ وَسْوَسَةَ الشيطانِ *** فإنَّهُ أَمْرٌ مِنَ الرَّحمَنِ

1043 - فإن تَخَفْ وُقُوعَهُ منكَ على *** مَنْهِيِّ وَصْفٍ مثلِ إِعجَابٍ فَلا

1044 - وإِنْ يَكُ اسْتِغْفَارُنَا يَفْتَقِرُ *** لِمِثْلِهِ فاِنَّنَا نَسْتَغْفِرُ

1045 - فاعْمَلْ وداوِ العُجْبَ حيثُ يَخْطُرُ *** مُستَغْفِرَاً فاِنَّهُ يُكَفَّرُ

1046 - وإِنْ يَكُنْ مِمَّا نُهِيتَ عنهُ *** فَهْوَ مِن الشيطانِ فاحْذَرَنْهُ

1047 - فإِنْ تَمِلْ إليهِ كُن مستَغْفِرَا *** مِنْ ذَنْبِهِ عَسَاهُ أَنْ يُكَفَّرَا

1048 - فيَغْفِرُ الحديثَ للنَّفْسِ ومَا *** هَمَّ إذا لَم يَعْمَلْ او تَكَلَّمَا

1049 - فجاهِدِ النَّفْسَ بأَنْ لا تَفْعَلا *** فإِنْ فَعَلْتَ تُبْ وأَقْلِعْ عَجِلا

1050 - وحيثُ لا تُقْلِعُ لاسْتِلْذَاذِ *** أو كَسَلٍ يَدعُوكَ باسْتِحْوَاذِ

1051 - فاذْكُرْ هُجُومَ هاذِمِ الَّلذَّاتِ *** وفَجْأَةَ الزَّوَالِ والفَوَاتِ

1052 - وأَعْرِضِ التَّوبَةَ وَهْيَ النَّدَمُ *** على ارْتِكَابِ ما عليكَ يَحْرُمُ

1053 - تَحْقِيقُهَا‏:‏ إِقْلاعُهُ في الحالِ *** وعَزْمُ تَرْكِ العَوْدِ في اسْتِقْبَالِ

1054 - وإِنْ تَعَلَّقَتْ بِحَقِّ آدَمِي *** لابُدَّ مِن تَبْرِئَةٍ للذِّمَمِ

1055 - وَوَاجِبٌ إِعلامُهُ إِنْ جَهِلا *** فاِنْ يَغِبْ فابْعَثْ إليهِ عَجِلا

1056 - فإِنْ يَمُتْ فَهْيَ لِوَارِثٍ يُرَى *** إِن لم يَكُنْ فَأَعْطِهَا للفُقَرَا

1057 - مَعْ نِيَّةِ الغُرْمِ لهُ إذا حَضَرْ *** ومُعْسِرٌ يَنْوِي الأَدَا إذا قَدَرْ

1058 - فإِنْ يَمُتْ مِن قبلِها يُرْجَى لَهُ *** مغفِرَةُ اللهِ بِأَنْ تَنَالَهُ

1059 - وإِنْ تَصِحَّ توبَةٌ وانْتَقَضَتْ *** بالعَوْدِ‏:‏ لا تَضُرُّ صِحَّةً مَضَتْ

1060 - وتَجِبُ التوبَةُ مِن صغيرهْ *** في الحالِ كالوُجُوبِ مِن كبيرهْ

1061 - ولَو على ذَنْبٍ سِوَاهُ قَد أَصَرْ *** لَكِنْ بها يَصفُو عَنِ القلبِ الكَدَرْ

1062 - وواجِبٌ في الفِعْلِ إذ تَشَكَّكُ *** أُمِرْتَ أو نُهِيتَ عنهُ تُمسِكُ

1063 - والخيرُ والشَّرُ معاً تَجْدِيدُهُ *** بِقَدَرِ اللهِ كَمَا يُرِيدُهُ

1064 - واللهُ خالِقٌ لِفِعْلِ عبدِهِ *** بِقُدْرَةٍ قَدَّرَهَا مِن عِنْدِهِ

1065 - وَهْوَ الذي أَبْدَعَ فِعْل المُكْتَسِبْ *** والكَسْبُ للعبدِ مَجَازًا يْنَتَسِبْ

1066 - واخْتَلَفُوا فَرُجِّحَ التَّوَكُّلُ *** وآخرونَ‏:‏ ‏(‏الاكْتِسَابُ أْفْضَلُ‏)‏

1067 - والثالثُ المُختَارُ‏:‏ ‏(‏أَنْ يُفَصَّلا *** وباخْتِلافِ الناسِ أَن يُنَزَّلا‏)‏

1068 - مَن طاعَةَ اللهِ تعالى آثَرَا *** لا ساخِطَاً إِن رِزْقُهُ تَعَسَّرَا

1069 - ولم يَكُنْ مُسْتَشْرِفَاً للرِّزْقِ *** مِن أَحَدٍ بَل مِن إِلَهِ الخَلْقِ

1070 - فإِنَّ ذا في حَقِّهِ التَّوَكُّلُ *** أَوْلَى واِلا الاكْتِسَابُ أَفْضَلُ

1071 - وطالِبُ التَّجْريدِ وَهْوَ في السَّبَبْ *** خَفِيُّ شَهْوَةٍ دَعَتْ فَلْيُجْتَنَبْ

1072 - وذو تَجَرُّدٍ لأَسْبَابٍ سَأَلْ *** فَهْوَ الذي عَن ذِرْوَةِ العَزِّ نَزَلْ

1073 - والحَقُّ أَن تَمْكُثَ حيثُ أنْزَلَكْ *** حتى يَكُونَ اللهُ عنهُ نَقَلَكْ

1074 - قَصْدُ العَدُوِّ تَرْكُ جانِبِ اللهِ *** في صورَةِ الأَسْبَابِ مِنْكَ أَبْدَاهْ

1075 - أَوْ لِتَمَاهُنٍ مَعَ التَّكَاسُلِ *** أَظْهَرَهُ في صُورَةِ التَّوَكُّلِ

1076 - مَنْ وَفَقَّ اللهُ تعالى‏:‏ يُلْهَمُ *** البَحْثَ عَن هَذَيْنِ ثم يَعْلَمُ

1077 - أَنْ لا يكونَ غيرُ ما يشاءُ *** فَعِلْمُنَا -إِنْ لَم يُرِدْ- هَبَاءُ

1078 - والحمدُ للهِ على الكَمَالِ *** سائِلَ توفيقٍ لِحُسْنِ حالِ

1079 - ثُمَّ الصَّلاةُ والسَّلامُ أَبَدَا *** على النبيِّ الهاشِمِيِّ أَحْمَدَا

1080 - والآلِ والصَّحْبِ ومَنْ لَهُمْ قَفَا *** وحَسْبُنَا اللهُ تعالَى وَكَفَى

خاتمة وفي بعض النسخ‏:‏ في علم التصوف‏:‏ المصفى للقلوب وهو كما قاله الغزالي رضي الله عنه تجريد القلب لله واحتقار ما سواه قال وحاصله يرجع إلى عمل القلب والجوارح من نفسه شريفة أبيه أي تأبى إلا العلو الأخروي يربأ بالهمزة أي يرتفع عن أموره الدنيه من الأخلاق المذمومة كالكبر والغضب والحقد والحسد وسوء الخلق وقلة الاحتمال ولم يزل يجنح بفتح النون وضمها أي يميل للمعالى من اموره من الأخلاق المحمودة كالتواضع والصبر وسلامة الباطن والزهد وحسن الخلق وكثرة الأحتمال يسهر في طلابها الليالي كما يقال‏:‏ ومن طلب العلا سهر الليالي وحاصله أن يتعاطى معالي الأمور في الظاهر والباطن ويجتنب رديئها والدنيا التي قال فيها صلى الله عليه وسلم لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافر أشربه ماء وقال الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله تعالى وما والاه وعالما أو متعلما ولو لم يكن في محبة الدنيا من المفسدة إلا الاشغال بها عن الله تعالى وقد قال بعضهم لولده يا بنى لا تغبطن أهل الدنيا على دنياهم فوالله ما نالوها رخيصة ووالله ما نالوها حتى فقدوا الله‏.‏

وما ذكره الناظم هو عالي الهمة وسيأتى دنيئها وهذا مأخوذ من حديث أن الله يحب معالى الأمور ويكره سفسافها أي دنيئها فالمعالى والمسفساف كلمتان جامعتان لأسباب السعادة والشقاوة ومن يكون عارفا بربه أي بما يعرف به من صفاته تصور ابتعاده لعبده باضلاله وإرادة الشر به من قوبه له بهدايته وتوفيقه فخاف عقابه وارتجى ثوابه وكان صاغيا به لما يكون آمرا به وناهيا عنه فكل ما أمره به يرتكب وما نهى عن فعله يجتنب فصار محبوبا لخالق البشر والمخلوقات بأسرها له به سمع وبطش وبصر فتترتب على محبة الله صيانة جوارحه وحواسه فلا يسمع إلا لله ولا يبصر إلا له ولا يبطش إلا لأجله كما قال صلى الله عليه وسلم من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الايمان وكما كانت حالته صلى الله عليه وسلم أنه ما انتقم لنفسه في شئ يوتى إليه إلا أن تنتهك حرمات الله فيكون هو المنتقم لله وكان لله وليا يحتمل أن يكون فعيل بمعنى فاعل أي ولي أمر الله أو بمعنى مفعول أي ولى الله أمره إن طلب منه أعطاه وإن استعاذ به أعاذه ثم زاده مما أحب قال بعضهم العارف عند أهل التصوف من عرف الحق بأسمائه وصفاته ثم صدق الله تعالى في جميع معاملاته ثم تنفى عن أخلاقه المذمومة وآفاته ثم طال بالباب وقوفه ودام بالقلب عكوفه فحظى من الله بجميع آماله وصدق الله تعالى في جميع أعماله وأحواله وانقطعت عنه هواجس نفسه ولم يصغ بقلبه إلى خاطر يدعوه إلى غيره وقاصر الهمة أي دنيئها بأن جنح إلى سفساف الأمور وعدل عن معامليها فلا يرفع نفسه بالمجاهدة لأنه أسرته الشهوة وميل النفس إلى الراحة فصار لا يبالى هل قربه الله أو أبعده فلا يتعلم أمره ولا نهيه ولا يعمل بمقتضى واحد منهما لو علمه ولا يبالى بما أكتسبه من المال هل هو من حلال أو حرام ولا ما عمله من الأعمال هل يوافق الشرع أولا ولا يبالى في أفعاله هل تسخط الرب أو ترضيه وقد أعرض عن اخراه وانهمك في دنياه وقد قال العلماء رضي الله عنهم الخسيس من باع دينه بدنياه وأخس الأخساء من باع دينه بدنيا غيره وهو متكل بجهله وغروره على عفو الله وكرمه بلا خوف ولا عمل وحينئذ يجهل فوق الجهل كالجهال فالجهل أول داء النفس ثم حب الأشياء ثم قلة المبالاة ثم الجرأة ثم قلة الحياء ثم المنى بفوز الآخرة وهذا حال من ركبته النفس الأمارة بالسوء وأول منزل من منازل السالك ذبح نفسه بسكين الرياضة فدونك أيها المخاطب بعد أن عرفت عالى الهمة ودنيئها وعلمت أن الله مطلع على أقوالك وأعمالك وما في قلبك ومجازيك على سائر أعمالك من ثواب أو عقاب فخذ لنفسك وانظر أيهما ترضاه لنفسك الصلاح الموجب للفوز بالنعيم المقيم أو فسادا تستحق به العذاب الأليم في نار الجحيم أو رضا أو سخطا أو تقريبا من الجنة أو إبعادا بحذف الهمزة فيهما للوزن عنها أو سعادة من الله أو شقاوة ونعيما منه أو جحيما وأفاد بذلك الاغراء بالنسبة للصلاح وما يناسبه والتحذير بالنسبة إلى الفساد وما يناسبه ونظير اعملو ا ما شئتم إنه بما تعملون بصير وزن أنت بحكم الشرع كل خاطر لك فان يكن مأموره وجوبا او ندبا فبادر إلى فعله أو منهى عنه فبادر إلى الكف عنه فإنك إن توقفت برد الأمر وهبت ريح التكاسل ولا تخف أي لا تترك المأمور به من صلاة أو غيرها وسوسة الشيطان فإنك لا تقدر على صلاة بلا وسوسة فقد اجتهد الأكابر أن يصلوا ركعتين بلا وسوسة من الشيطان وحديث النفس بأمور الدنيا فعجزوا ولا مطمع فيه لأمثالنا فانه أمر من الرحمن رحمك به حيث أخطره ببالك ثم الخاطر الذي من الرحمن ينقسم إلى ملكى وإلهامى فالملكى ما يلقيه الملك الذي على يمين القلب فيه والالهامى إيقاع شئ في القلب ينشرح له الصدر والفرق بينهما أن إلقاء الملك قد تعارضه النفس والشيطان بالوساوس بخلاف الخواطر الإلهية فانها لا يردها شئ بل تنقاد لها النفس والشيطان طوعا او كرها وإذا كان الخاطر مباحا كأكل ونوم وغيرهما فجدد له نية صالحة ليصير مأمورا به كأن تنام وقت القيلولة لتنشط للعبادة في الليل كما مر في المقدمة في قوله لكن إذا نوى بأكله القوى البيت فان تخف وقوعه أي المأمور به منك على منهى وصف مثل إعجاب أو رياء فلا يكون ذلك مانعا لك من المبادرة إليه بل أتم الأمر واحترز عن المنهى عنه وخرج بقوله وقوعه إيقاعه بأن أوقعته عليه قاصدا له فإن ذلك محبط للعمل موجب للاثم فاستغفر الله وتب إليه منه وقد قال الفضيل بن عياض العمل لأجل الناس شرك وترك العمل لأجل الناس رياء والاخلاص أن يعافيك الله منهما وإن يك استغفارنا يفتقر لمثله أي لاستغفار مثله لنقصه بغفلة قلوبنا معه بخلاف استغفار الخلص ورابعه العدوية منهم وقد قالت استغفارنا يحتاج إلى استغفار هضما لنفسها لا يوجب ترك الأستغفار منا المأمور به بأن يكون الصمت خيرا منه فإننا نستغفر وإن احتاج إلى الاستغفار لأن اللسان إذا ألف ذكرا أو شك أن يألفه القلب فوافقه فيه فاعمل وداو العجب حيث يخطر لك بأن تعلم ظهوره من النفس مستغفرا الله منه إذا وقع قصدا فإنه يكفر أي فإن ذلك كفارته ولا تدع العمل رأسا فإنه من مكايد الشيطان وإن يكن الخاطر مما نهيت عنه فهو من الشيطان أي من وسوسته أو من دسيسة النفس الأمارة بالسوء فاحذرنه والفرق بينهما أن خاطر النفس لا ترجع عنه وخاطر الشيطان قد ينقله إلى غيره إن صمم الانسان على عدم فعله لأن قصده الاغراء لا خصوص قضية معينة فان تمل نفسك إليه أي إلى فعله أو فعلته كن مستغفرا ربك جل وعلا أي تائبا إليه خائفا‏.‏

وقد حذف الناظم الفاء الداخلة على الجواب من كن للضرورة عند الجمهور وأجازه المبرد في الاختيار قال بعضهم لا يجوز إلا في ضرورة أو ندور ويقاس بهذا نظائره السابقة واللاحقة من ذنبه ولا تيأس من رحمة الله عساه أن يكفرا بألف الإطلاق فيغفر الحديث للنفس وما هم إذا لم يعمل أو تكلما بنقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها وألفه للاطلاق وما يقع للنفس من المعصية له مراتب الأولى الهاجس وهو ما يلقى فيها ولا يؤخذ به بالاجماع الثانية الخاطر وهو جريانه فيها وهو مرفوع أيضا الثالثة حديث النفس وهو ترددها بين فعل الخاطر المذكور وتركه وهو مرفوع أيضا الرابعة الهم وهو قصد الفعل وهو مرفوع أيضا لقوله تعالى ‏{‏إذ همت طائفتان‏}‏ الآية إذ لو كانت مؤاخذة لم يكن الله وليهما ولخبر من هم بسيئة ولم يعملها لم تكتب أي عليه وخبر أن الله تعالى تجاوز لامتى ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم به وتصنيه أنه إذا تكلم كالغيبة أو عمل كشرب الخمر انضم إلى المؤاخذة بذلك مؤاخذة حديث النفس والهم به وفي هذه المرتبة تفترق الحسنة والسيئة فإن الحسنة تكتب له السيئة لا تكتب عليه بخلاف الثلاثة الأول فانها لا يترتب عليها ثواب ولا عقاب‏.‏

واقتصر الناظم على هاتين المرتبتين لوضوح الأمر في الأوليين الخامسة العزم وهو قوة القصد والجزم به وهو مؤاخذ به لقوله تعالى ‏{‏ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم‏}‏ فجاهد النفس أي الأمارة بالسوء وجوبا إذا همت بمعصيه الله تعالى بأن لا تفعلا لحبها بالطبع ما نهيت عنه لتطيعك في الاجتناب كما تجاهد من يقصد اغتيالك بل أعظم لأنها تقصد لك الهلاك الأبدي باستدراجها لك من معصية إلى أخرى حتى توقعك فيما يؤديك إلى ذلك فإنها أكبر أعدائك وفي الخبر أعدى عدوك نفسك التى بين جنبيك ط وقال بعضهم معالجة المعصية إذا خطرت حتى لا تقع أهون من معالجة التوبة حتى لا تقبل لأن ذلك بكف النفس والتوبة بالندم والأسف والبكاء ثم لا يدرى أقبلت توبته أم لا فان فعلت الخاطر المذكور لغلبة الأمارة عليك فتب على الفور وجوبا واقلع عن المعصية عاجلا ليرتفع عنك إثم فعله بالتوبة التى وعد الله بقبولها فضلا منه وبما يتحقق به الإقلاع كما سيأتى وقبول التوبة من الكفر قطعى ومن المعصية ظنى على الأصح والواقع في المعصية إن كان لاهيا عن النهى والوعيد فهو من الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم وإن ستحضر النهى والوعيد وأقدم عليها تجريا فهو هالك أو تسويفا فمغرور لتركه ما وجب عليه وتعلقه بما لا يقدر عليه وهو التوبة والنفوس ثلاثة الأولى الأمارة وهى أشرهن الثانية اللوامة التى يقع منها الشر لكنها تساء به وتلوم عليه وتسر بالحسنة الثالثة المطمئنة التى أطمأنت إلى الطاعة ولم تواقع المعصية وحيث لا تقلع من فعل الخاطر المذكور لاستلذاذ به الشيطان وبقاء حلاوته في قلبك يدعوك إليه أوكسل عن الخروج منه يدعوك إلى ترك العمل ويكون ذلك باستحواذ الشيطان عليك فالباء سببية فاذكر هجوم هاذم اللذات وفجأة الزوال والفوات للتوبة وغيرها من الطاعات فان تذكر ذلك باعث شديد على الإقلاع عما يستلذ به أو ما يكسل عن الخروج منه لخبر أكثروا من ذكر هاذم اللذات فانه ما ذكره أحد في ضيق إلا وسعه ولا ذكره أحد في سعة إلا ضيقها عليه وهاذم اللذات بالذال المعجمة أي قاطع وأعرض التوبة وهى الندم على ارتكاب ما عليك يحرم من حيث أنه محرم فالندم على شرب الخمر لإضراره بالبدن ليس بتوبة تحقيقها أي التوبة إقلاعه عن المعصية بالندم عليها لأنه روحها الذي تحيا به وركنها الأعظم في الحال من غير تأخير وعزم ترك العود في أستقبال كما لا يعود اللبن إلى الضرع بعد أن يخرج منه هذه هى التوبة النصوح فان قلت إنما يمنعنى من التوبة أنى أعلم من نفسي أنى أعود إلى الذنب ولا أثبت على التوبة فلا فائدة في ذلك فاعلم أن هذا كما قال الغزالى من غرور الشيطان فمن أين لك هذا العلم فعسى أن تموت تائبا قبل معاودة الذنب واما خوف العود فعليك العزم والصدق في ذلك فبذلك تتخلص من ألم الذنب وتكون بين إحدى الحسنيين والله ولى التوفيق والهداية وإن تعلقت بحق آدمى وهى أنكل وأصعب من غيرها لا بد فيها من تبرئة للذمم سواء أكانت في مال ام نفس أم عرض أم حرمة أم دين فما كان في المال فيجب أن يرده إلى مالكه أو من يقوم مقامه من ولى أو وصي أو غيرهما وما كان في نفس فيمكن المستحق من القصاص إن أراده وإلا فيحلله وما كان في عرض كغيبة أو شتم فحقك أن تكذب نفسك بين يدى من فعلت ذلك عنده وتستحل من صاحبه أن أمكنك إن لم تخش هيجان فتنة وإلا فالرجوع إلى الله تعالى ليرضيه عنك والاستغفار الكثير لصاحبه وما كان في حرمه بأن خنته في اهله أو ولده أو أمته أو نحوها فلا وجه للاستحال والاظهار فانه يولد فتنة وحقدا في القلوب بل تتضرع إلى الله تعالى ليرضيه عنك ويجعل له خيرا في مقابلته فان أمنت الفتنة وهيجانها وهو نادر فتستحل منه وما كان في الدين بأن كفرته أو بدعته أو ضللته في دينه فهو أصعب فتحتاج إلى تكذيب نفسك بين يدى من قلت له ذلك أو تستحل من صاحبه أن أمكنك وإلا فلابتهال إلى الله تعالى ليرضيه عنك والندم على فعله وواجب عليك إعلامه أي المستحق بما وجب له عليك إن جهلا بألف الاطلاق أي استحقاقه بأن تعترف عند ولى الدم مثلا وتحكمه في نفسك فان شاء عفا عنك وإن شاء قتلك ولا يجوز لك الأخفاء بخلاف ما لو زنى أو شرب أو باشر ما يجب فيه حد الله تعالى فإنه لا يلزمه أن يفضح نفسه بل عليه أن يسترها فان يغب أي المستحق عن البلد فابعث إليه أي ابعث له ما يستحقه في ذمتك أو ما يحصل به الإبراء عجلا بلا تأخير فان انقطع خبره رفع أمره إلى قاض مرضى فان يمت المستحق فهي أي الظلامة أو تبرئة ذمتك لوارث ترى أي تعلمه بدفع الحق أو إبرائه إياك منه فان لم يكن له وارث أو انقطع خبره فادفعه إلى قاض تعرف سيرته وديانته فان تعذر الحاكم المرضي فأعطها للفقرا صدقة عن المستحق ولا تختص بالصدقة كما قاله الأسنوي بل هو مخير بين دفعها لمصالح المسلمين ودفعها إلى قاض بشرطه لتصرف في المصالح إن وجده وبين التصدق بها عن المستحق مع نية الغرم له أي للمالك إن قدر عليه أو على وارثه وقدر على وفائه فان كان معسرا نوى الغرم إذا حضر أي قدر على ذلك أو شيء منه وإن لم يمكن شيء من ذلك فليكثر من الحسنات ليأخذ منها عوضا عنه يوم القيامة ويكثر الرجوع إلى الله بالتضرع والابتهال إليه ليرضى خصمه عنه يوم القيامة ويعوضه عنه ومعسر ينوى الأدا إذا قدر كما مرت الإشارة إليه وإن يمت من عليه الظلامة من قبلها أي استيفائها ترجى له مغفرة الله أن تناله المغفرة قال النورى ظواهر السنة الصحيحة تقتضي ثبوت المطالبة بالظلامة وإن مات معسرا عاجزا إذا كان عاصيا بالتزامه فأما إذا استدان في مباح واستمر عجزه عن وفائه أو أتلف شيئا خطأ وعجز عن غرامته فالظاهر أن لا مطالبة عليه في الآخرة إذ لا معصية والمرجو من فضله تعالى تعويض المستحق وأن تصح توبة أي تعرية عبد من ذنب وانتقضت بالذنب ولو كبيرا لا يضر صحة مضت وتجب التوبة لقوله تعالى ‏{‏وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون‏}‏ من صغيره في الحال كالوجوب من كبيره ارتكبها ولو على ذنب سواه قد أصر أي تجب التوبة وتصح عن ذنب مع الاصرار على ذنب آخر لكن بها يصفو عن القلب الكدر أي من كدورات المعصية لكن التصفية من سائر المعاصي من أوصاف كمال التوبة لا من شروطها وواجب على المكلف في الفعل إذ قد تشكك فيما خطر في سره أمرت أو نهيت أي أهو مما أمر به أو نهى عنه تمسك عن فعله حذرا من الوقوع في المنهى عنه إذا كان الأمر أمر إباحة والنهي نهي تحريم فان اشتبها غلب التحريم والخير والشر معا تجديده أي وقوع كل منهما بقدر الله تعالى كما يريده والمراد بالقدر ما قدره الله وقضاه وكتبه في اللوح المحفوظ وسبق به علمه وإرادته فكل ذلك في الأزل معلوم له تعالى وهو لا غيره الذي أبدع فعل المكتسب والكسب ثابت للعبد مجازا ينتسب له أما الفاعل حقيقة فهو الله تعالى فافعله لنا تنسب لنا كسبا ولله خلقا قال الله تعالى والله خلقكم وما تعملون وقال هل من خالق غير الله فالخير منه والشر كذلك وإن كان لا ينسب له أدبا فالله تعالى خالق غير مكتسب والعبد مكتسب غير خالق فيثاب ويعاقب على ما اكتسبه الذي يخلقه الله عقب قصده له واختلفوا فرجح التوكل وهو حقيقة الكف عن الأكتساب والاعراض عن الأسباب اعتمادا على الله تعالى وآخرون قالوا الاكتساب أفضل لا لجمع المال واعتقاد أنه يجلب الرزق وتجر النفع بل لأنه من النوافل التي أمر الله بها في قوله وابتغوا من فضل الله وطلب التعاون بالمسلمين والرفق بهم و القول الثالث وهو المختار أن يفصلا وباختلاف الناس أن ينزل من طاعة الله تعالى على طاعة غيره آثرا لا ساخطا إن رزقه تعسرا أي لم يسخط إذا تعسر عليه رزقه ولم يكن مستشرفا للرزق من أحد من الناس بل يطلبه من إله الخلق فلا ينزل حاجته إلا به ولا يرفعها إلا إليه فان ذا في حقه التوكل أولى وإلا أي وأما من يسخط عند تعسر رزقه أو اضطراب قلبه أو تشوف لما في أيدي الناس الاكتساب أفضل أي فالكسب له أرجح وفي هذا جمع بين اختلاف الأدلة وطالب التجريد من الأسباب الشاغلة عن الله تعالى وهو قد أقامه في السبب كالحرف والبياعات التي يصون بها وجهه عن الايتذال بالسؤال وحفظا لعزة نفسه عن منن المخلوقين إذ لا يمن عليك أحد اشترى منك أو استأجرك على عمل شيء له وفي القيام بالأسباب رحمة للمتجردين عنها المتوجهين لطاعة ربهم فلولا قيام أهل الأسباب لما صح لصاحب الخلوة خلوته ومجاهدته لعبادة ربه فانه تعالى جعل أهل الأسباب كالخدمة للمقبلين عليه فطلب التجريد مع قيامه في السبب خفى شهوة أي من الشهوة الخفية التي دعت إلى الراحة فليجتنب ذلك وذو تجرد أي من أقامه الله تعالى في التجريد عما يشغله عن الله تعالى لأسباب سأل أي طلب الدخول فيها والاهتمام لتحصيلها فهو الذي عن ذروة العز العلية نزل إلى الرتبة الدنية وسواء الأب مع الله تعالى والحق الأصلح لك أن تمكث حيث أنزلك أي أقامك فيه وارتضاه لك حتى يكون الحق جل وعلا عنه نقلك وتولى إخراجك مما أنت فيه قصد العدو اللعين طرح جانب الله في صورة الأسباب منك أبداه فيأتيك فيما أنت فيه فيحقره عندك فيتشوش قلبك ويتكدر وقتك وذلك أنه يأتي للمتسببين فيقول لهم لو تركتم الأسباب وتجردتم لأشرقت لكم الأنوار ولصفت منكم القلوب والأسرار ويكون صلاحه فيما هو فيه فيتركها فيتزلزل إيمانه ويذهب إيقانه ويتوجه إلى الطلب من الخلق والاهتمام للرزق وكذلك يأتي للمتجردين ويقول إلى متى تتركون الأسباب ألم تعلموا أن ذلك يطمع القلوب فيما بأيدي الناس فلو دخلت في الأسباب بقي غيرك منتظرا لما يفتح عليه منك وكان خيرا لك من أن تكون منتظرا مما يفتح به عليك من غيرك فتتكدر عليه أحواله أو لتماهن وهو الاحتقار والصغار والعجز أي ومن مكايد العدو وتلبيسه أن يحث المقبل على الله تعالى بالطاعة على ترك جانب الله وتركه الاجتهاد في العبادة موهما بتلبيسه أن هذا مقام التوكل على الله وفتح باب الرجاء وحسن الظن بربه وإنما هو عجز ومهانة مع التكاسل وهو طلب الراحة أظهره في صورة التوكل فيفسد حاله من وفق الله تعالى يلهم البحث عن هذين الأمرين اللذين يأتي بهما الشيطان في صورة غيرهما كيدا منه لعله أن يسلم منهما ومن تمويهه واغتياله ومكايده أعاذنا الله تعالى منها والمسلمين من ذلك ثم يعلم مع بحثه عنهما أن لا يكون في ملكه تعالى غير ما يشاء ويريد فعلمنا إن لم يرد هباء منثور ويفعل بعباده ما يشاء ويحكم بما يريد سواء أكان أصلح لهم أم لم يكن لأن الخلق خلقه والأمر أمره ولا يسئل عما يفعل وهم يسئلون والحمد لله تقدم الكلام عليه على الكمال مما نحن بصدده سائل توفيق لحسن الحال أي حالا ومالا ثم الصلاة والسلام أبدا تقدم الكلام على ذلك أول الكتاب على النبي الهاشمي أحمدا هو إنسان أوحى إليه بشرع وإن لم يؤمر بتبليغه فان أمر به فرسول والآل هم المؤمنون من بني هاشم وبني المطلب والصحب الصحابي من اجتمع بمحمد صلى الله عليه وسلم مؤمنا ومن لهم قفا أي تبع وهم التابعون وحسبنا الله تعالى وكفى‏.‏

تم بحمد الله