فصل: باب العدة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: غايـة البيـان شرح زبد ابن رسـلان ***


باب الوليمة

737 - وَلِيمَةُ العُرْسِ بِشَاةٍ قد نُدِبْ *** لَكِنْ إِجَابَةٌ بلا عُذْرٍ تَجِبْ

738 - وإِن أرادَ مَن دَعَاهُ يَأكُلُ *** فَفِطْرُهُ مِن صَوْمِ نَفْلٍ أَفضَلُ

باب الوليمة‏:‏ هى من الولم وهو الاجتماع وتقع على كل طعام يتخذ لسرور حادث من عرس وإملاك وغيرهما لكن استعمالها في العرس أشهر وليمة العرس بشاة قد ندب لثبوته عنه صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا واعتبار الشاة إنما هو باعتبار أقلها للمتمكن أما غيره فأقلها ما يقدر عليه ولذا قال في التنبيه وبأى شيء أولم من الطعام جاز لكن إجابة بلا عذر تجب عينا على من دعى إليها دون غيرها من الولائم ويعتبر للوجوب أمور كون الداعى مسلما فلا تجب على مسلم بدعوة كافر وأن يكون المدعو مسلما أيضا فلو دعا مسلم كافرا لم تلزمه الإجابة وإن يدعوه في اليوم الأول فلو أولم ثلاثة وجبت في الأول وسنت في الثانى وكرهت في الثالث وأن تكون الدعوة عامة بأن يدعو جميع عشيرته او جيرانه أو أهل حرفته وإن كانوا كلهم أغنياء فلو خص الأغنياء منهم لم تجب الإجابة وأن لا يدعوه لخوف منه أو طمع في جاهه أو إعانته على باطل وأن لا يكون معذورا فإن كان له عذر لم تجب عليه الإجابة كأن يكون هناك من يتأذى به أو لا يليق به مجالسته كالأراذل أو يكون هناك منكر لا يقدر على إزالته كشرب خمر وضرب ملاه واستعمال اوانى الذهب أو الفضة وافتراش مسروق أو مغصوب وجلود نمور بقى وبرها وصورة حيوان على سقف أو جدار أو وسادة منصوبة أو ستر معلق أو يكون له عذر يرخص في ترك الجماعة وأن يكون طعامه حلالا وأن لا يكون المدعو غير قاض وأن لا يعارض الداعى غيره فلو دعاه اثنان قدم أسبقهما ثم الأقرب رحما ثم الأقرب دارا ثم يقرع وأن يخصه بالدعوة فلو فتح الباب وقال ليحضر من شاء أو قال لغيره أدع من شئت لم تجب الإجابة ولم تسن وأن يكون الداعى مطلق التصرف فلا تجب إجابة غيره وأن لا يعتذر المدعو للداعى ويرضى بتخلفه وإن أراد من دعاه يأكل منه ليتبرك به أو نحوه وهو صائم نفلا وشق عليه صومه ففطره من صوم نفل أفضل من صومه لما فيه من جبر خاطره وإدخال السرور عليه وإن لم يشق عليه فإتمامه أفضل أما صوم الفرض فلا يجوز الخروج منه موسعا كان او مضيقا ويندب للمفطر الأكل وأقله لقمة وياكل الضيف مما قدم بلا لفظ من المصنيف أكتفاء بقرينة التقديم نعم إن كان ينتظر حضور غيره فلا يأكل حتى يحضر أو بإذن المضيف لفظا ولا يتصرف إلا بالأكل فلا يطعم هرة ولا سائلا ما لم يعلم رضاه وللضيف تلقيم صاحبه ما لم يفاضل طعامهما ويكره تفاضله ويحرم التطفل وله أخذ ما يعلم رضاه به ويجوز نثر سكر ودراهم ودنانير ونحوها في إملاك أو ختان والتقاط‏.‏

باب القسم والنشوز

739 - وبينَ زَوْجَاتٍ فَقَسْمٌ حُتِمَا *** ولَوْ مَرِيضَةً وَرَتْقَا اِنَّمَا

740 - لِغَيرِمَقسُومٍ لَهَا يُغْتَفَرُ *** دُخُولُهُ في الَّليلِ حيثُ ضَرَرُ

741 - وفي النَّهَارِ عندَ حاجَةٍ دَعَتْ *** كأَنْ يَعُودَهَا إذا ما مَرِضَتْ

742 - وإنَّمَا بِقُرْعَةٍ يُسَافِرُ *** وَيَبْتَدِي بِبَعْضِهِنَّ الحاضِرُ

743 - والبِكْرُ تَخْتَصُّ بِسَبْعٍ أَوَّلا *** وَثَيِّبٌ ثَلاثَةً عَلَى الْوِلا

744 - ومَنْ أَمَارَاتِ النُّشُوزِ لَحَظَا *** مِن زوجَةٍ قَوْلاً وفِعْلاً وَعَظَا

745 - وَلْيَهْجُرَنْ حيثُ النُّشُوزُ حَقَّقَهْ *** ويَسْقُطُ القَسْمُ لَهَا والنَّفَقَهْ

746 - فإِنْ أَصَرَّتْ جازَ ضَرْبٌ إِن نَجَعْ *** في غيرِوَجْهٍ مَعْ ضَمَانِ ما وَقَعْ

باب القسم والنشوز‏:‏ بفتح القاف وسكون السين لكل من الزوجين حق على صاحبه فحقه عليها كالطاعة وملازمة المسكن وحقها عليه كالمهر والنفقة والمعاشرة بالمعروف التى منها القسم قال تعالى ‏{‏ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف‏}‏ وبين زوجات وزوجتين فقسم حتما بألف الإطلاق فيه وفيما بعده أي وجب على الزوج إذا أراد المبيت عند واحدة ولم امتنع الوطء طبعا أو شرعا ولو مريضة ورتقا بالقصر للوزن وقرناء وحائضا أو نفساء أو محرمة كالنفقة فيحرم التفضيل وإن ترجحت إحداهما على الأخرى بإسلام أو شرف لكن لحرة مثلا مالأمة وإنما وجب القسم مع امتناع الجماع لأن المقصود منه الأنس والتحرز عن التخصيص الموحش لا الجماع لأنه يتعلق بالنشاط ولا يملكه ولهذا لا تجب التسوية فيه ولا في غيره من التمتعات وخرج بالزوجات الإماء لو مستولدات نعم يستحب لئلا يحقد بعض الإماء على بعض والمراد من القسم للزوجات والأصل فيه الليل كما يأتى أن يبيت عندهن ولا يلزمه ذلك ابتداء لأنه حقه فله تركه وإنما يلزمه إذا بات عند بعض نسوته سواء أبات بقرعة أم لا ويأتى وجوبها لذلك ولو أعرض عنهن أو الواحدة ابتداء أو بعد القسم جاز ويندب أن لا يعطلهن بأن يبيت عندهن ويحضنهن وكذا الواحدة وأدنى درجاتها ان لا يخليها كل أربع ليال من ليلة اعتبارا بمن له أربع زوجات فإن لم ينفرد بمسكن دار عليهن في بيوتهن والأفضل ذلك صونا لهن عن الخروج من المساكن وله دعاؤهن إلى مسكنه و عليهن الإجابة ويحرم ذهابه إلى بعض ودعاء بعض إلا لغرض كقرب مسكن من ذهب إليها وإقامته بمسكن واحدة ودعاؤهن إليه لما في إتيانهن إليه من المشقة عليهن وتفضيلها عليهن وجمع ضريتن في مسكن إلا برضاهما لأن جمعهما فيه مع تباعضهما يولد كثرة المخاصمة ويشوش العشرة فإن رضيتا به جاز لكن يكره وطء إحداهما بحضرة الأخرى لأنه بعيد عن المروءة ولا تلزمها الإجابة إليه ولو اشتملت دار على حجر مفردة المرافق جاز إسكان الضرات فيها من غير رضاهن وكذا إسكان واحدة في علو واخرى في سفل مع تمييز المرافق لأن كلا مما ذكر مسكن وله أن يرتب القسم على ليلة ويوم قبلها أو بعدها والليل أصل والنهار تبع إذ الليل وقت السكون والنهار وقت التردد في الحوائج فإن عمل ليلا وسكن نهارا كحارس فالأصل في حقه النهار والليل تابع وأما المسافر بزوجاته فالقسم في حقه وقت النزول ليلا كان او نهارا قليلا كان أو كثيرا و إنما لغير مقسوم لها يغتفر دخوله أي الزوج لها في حق من عادة قسمه الليل حيث ضرر كمرضها المخوف ولو ظنا قال الغزالى أو احتمالا وكحريق وشدة طلق وحينئذ إن طال مكثه قضى مثل ما مكث من نوبة المدخول عليها وإلا فلا يقتضى وكذا إن تعدى بالدخول يقضي وإن طال مكثه وإلا فلا ولكنه يقضى ولا يتقدر الطويل بثلث الليل وفي النهار يجوز له دخوله على غير صاحبه النوبة عند حاجته دعت كأن يعودها إذا مرضت وكتسليم نفقة ووضع متاع أو اخذه وينبغى أن لا يطول مكثه فإن طوله قال في المهذب يجب القضاء ولم يذكره الشيخان ولا يقضى زمن الحاجة وله استمتاع بغير وطء ويقضى إن دخل بلا سبب ولا تجب عليه تسوية في إقامته نهارا لتبعيه لليل وأقل نوب القسم ليلة وهو أفضل لقرب عهده بكلهن فلا يجوز ببعض ليلة وبعض أخرى ولا بليلة وبعض أخرى ويجوز ليلتين وثلاثا ولا تجوز الزيادة عليها وإن تفرقن في البلاد إلا برضاهن لأن فيه إيحاشا وهجرا لهن وإنما بقرعة يسافر أي إنما يجوز للزوج السفر لغير نقله ولو قصيرا ببعض نسائه بقرعة فإن سافر بها لم يقض مدة ذهابه وإيابه نعم لا بد من كون السفر مرخصا فيجب القضاء في سفر المعصية نعم يقضى مدة الإقامة إن لم يعتزلها فيها وأما من سافر لنقلة فيحرم عليه أن يستصحب بعضهن بقرعة ودونها وأن يخلفهن حذرا من الإضرار بل ينقلهن أو يطلقهن فإن سافر ببعضهن ولو بقرعة قضى للمتخلفات حتى مدة السفر ومن سافرت وحدها بدون إذنه ناشزة أو بإذنه لغرضه كأن أرسلها في حاجته ولو مع حاجة غيره يقضى لها ما فاتها ولغرضها فلا ويبتدي ببعضهن الحاضر أي لا يجوز للزوج ان يبتدئ بالمبيت عند بعض زوجاته إلا بقرعة تحرزا عن الترجيح فيبدأ بمن خرجت قرعتها وبعد تمام نوبتها بقرع بين الباقيات ثم بين الأخريين فإذا تمت النوب راعى الترتيب ولا يحتاج إلى اعادة القرعة ولو بدأ بواحدة من غير قرعة فقد ظلم ويقرع بين الثلاث فإذا تمت النوب أقرع بين الجميع وكأنه ابتدأ بالقسم والبكر الجديدة وهي من يكتفى بسكوتها في استئذانها في النكاح تختص وجوبا حيث وجب القسم على زوجها بسبع أولا ولا بلا قضاء وثيب ثلاثة على الولا بلا قضاء والمعنى فيه زوال الحشمة بينهما وزيد للبكر لأن حياءها أكثر ولا فرق في الجديدة بين الحرة والأمة والمسلمة والكافرة حتى لو وفاها حقها وأبانها ثم جدد نكاحها وجب لها ذلك العود الجهة وكذا لو أعتق أم ولده أو موطوءته ثم نكحها ولو أقام عند البكر ثلاثا وافتضها ثم أبانها ونكحها فلها حق الثيب وخرج بالجديد الرجعية لبقائها على النكاح الأول وإنما اعتبر ولاء المدتين المذكورتين لأن الحشمة لا تزول بالمفرق فلو فرق لم تحسب فيوفيها حقها ولاء ثم يقضى ما فرق ويندب تخيير الثيب بين ثلاث بلا قضاء وسبع بقضاء ولو زاد البكر على سبع ولو بطلبها قضى الزائد للأخريات وكذا لو زاد الثيب على ثلاث بغير اختيارها يقضى الزائد كما يقضي السبع إذا اختارتها لأنها طمعت في حق غيرها فبطل حقها ومن وهبت حقها من القسم لغيرها لم يلزم الزوج الرضا لأن الاستمتاع بها حقه فلا يلزمه تركه وله أن يبيت عندها في ليلتها فإن رضى ووهبت لمعينة بات عندها ليلتهما كل ليلة في وقتها متصلتين كانتا أو منفصلتين أو لهن سوى والواهبة كالمعدومة ويقسم بين الباقيات أوله فله التخصيص ومن أمارات النشوز لحظا من زوجة أي ظهرت له قولا كأن تجيبه بكلام خشن بعد أن كان بلين وفعلا كأن يجد منها إعراضا أو عبوسا بعد لطف وطلاقة وجه وعظا ندبا لآية واللآتى تخافون نشوزهن ولا يهجر مضجعهما ولا يضربها فلعلها تبدى عذرا أو تتوب عما جرى منها من عذر والوعظ كأن يخوفها بالله تعالى ويذكرها ما أوجب الله عليها من الحق والطاعة وما يلحقها من الإثم والمعصية و ما يسقط بذلك من القسم لها والنفقة ويباح له ضربها وهجرها وليهجرن مضجعها حيث النشوز حققه وفي نسخة بدل وليهجرن وهجرها والمعنى فيه ان له أثرا ظاهرا في تأديب النساء وله ضربها في هذه الحالة وإن اقتضى كلامه تحريمه أما هجرها في الكلام فيباح ثلاثة أيام وتحرم الزيادة إلا لعذر شرعى كبدعة المهجور أو فسقه أو صلاح دين أحدهما به فإن أصرت على نشوزها جاز ضرب لها إن نجع أي إن أفاده في ظنه في غير وجه ونحوه بحيث لا يخاف منه تلف ولا ضرر مع ضمان ما وقع منه لتبين أنه إتلاف لا إصلاح والأولى له ترك الضرب أما إذ ا لم ينجع الضرب فحرام كالتعزير وإن منعها حقها كقسم أو نفقة ألزمه الحاكم وفاءه فإن أساء خلقه وآذاها بضرب او غيره بلا سبب نهاه فإن عاد إليه عزره وإن قال كل منهما إن صاحبه متعد وأشكل الحال على القاضى تعرفه من جاز ثقة خبير بهما فإن لم يكن اسكنهما بجنب ثقة يتعرفه ويعلمه به ليمنع الظالم من ظلمه فإن اشتد الشقاق بينهما بعث الحاكم حكما من أهله وحكما من أهلها لينظرا في أمرهما بعد اختلاء حكمه به وحكمها بها ومعرفة ما عندهما في ذلك ويصلحها بينهما أو يفرقا إن عسر الإصلاح والبعث واجب وكونه من الأهل مستحب وهما وكيلان لهما فيشترط رضاهما ببعث الحكمين فيوكل حكمه بطلاق وقبول عوض خلع وتوكل حكمها ببذل عوض وقبول طلاق به ويفرق الحكمان بينهما إن رأياه صوابا وإذا رأى حكمه الطلاق استقل به ولا يزيد على طلقه وإن رأى الخلع ووافقه حكمها عليه تخالعا ويعتبر فيهما تكليف وإسلام وحرية وعدالة وإن قيل بوكالتهما لتعلقهما بنظر الحاكم كما في امينه واهتداء إلى ما بعثا له لا اجتهاد وذكورة‏.‏

باب الخلع

747 - يَصِحُّّ مِن زوجٍ مُكَلَّفٍ بِلا *** كُرْهٍ بِبَذْلِ عِوَضٍ لَم يُجْهَلا

748 - أَمَّا الذي بالخَمْرِ أَو مَعْ جَهْلِ *** فَإِنَّهُ يُوجِبُ مَهْرَ المِثْلِ

749 - تَمْلِكُ نَفْسَهَا بِهِ ويَمْتَنِعْ *** طَلاقُهَا، ومَا لَهُ أَنْ يَرْتَجِعْ

باب الخلع‏:‏ بضم الخاء من الخلع بفتحها وهو النزع سمى به لأن كلا من الزوجين لباس الآخر قال تعالى ‏{‏هن لباس لكم وانتم لباس لهن‏}‏ وهو في الشرع فرقة بعوض راجع الجهة الزوج أو سيده والأصل فيه قبل الأجماع قوله تعالى ‏{‏فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله‏}‏ الآية وقوله تعالى ‏{‏فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا‏}‏ الآية وخبر البخاري عن ابن عباس رضي الله تعالى عنها قال أتت امرأة ثابت بن قيس إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعتب وفي رواية ما أنقم عليه في خلق ولا دين ولكنى أكره الكفر في الإسلام أي كفران النعمة فقال أتردين عليه حديقته قالت نعم قال أقبل الحديقة وطلقها تطليقة وفي رواية فردتها وامره بفراقها وزاد النسائى أنه ضربها فكسر يدها وهو أول خلع جرى في الإسلام والمعنى فيه أنه لما جاز أن يملك الزوج الانتفاع بالبضع بعوض جاز أن يزيل ذلك الملك بعوض كالشراء والبيع فالنكاح كالشراء والخلع كالبيع وفيه دفع الضرر عن المرأة غالبا ويجوز في حالتى الشقاق والوفاق وذكر الخوف في الآية جرى على الغالب أو هو مكروه إلا أن يخافا أو أحدهما أن لا يقيما حدود الله التى افترضها في النكاح أو أن يحلف بالطلاق الثلاث على أن لا يفعل ما لا بد له من فعله فيخالع ثم يفعل المحلوف عليه لأنه وسيلة للتخلص من وقوع الثلاث وله ثلاثة أركان عاقد ومعقود عليه وصيغة يصح من زوج دون غيره من غير إذنه مكلف بأن يكون بالغا عاقلا ولو مع سكر تعدى به فلا يصح من صبى أو مجنون بلا كره بأن يكون مختارا فلا يصح من مكره وولى وسيد فلو خالع عبدا أو محجورا سفه صح لوجود الشرط وإن لم يأذن السيد والولى ووجب دفع العوض دينا كان أو عينا إلى سيده ووليه يبرأ الدافع منه ويملكه السيد كسائر أكساب العبد نعم لو كان مكاتبا سلم العوض أو مبعضا وبينه وبين سيده مهايأة فلصاحب النوبة وإلا دفع للعبد ما يخص حريته ولو قال السفيه إن دفعت لى كذا فأنت طالق لم تطلق إلا بالدفع إليه وتبرأ به ومثله العبد ويصح خلع المحجور عليه بفلس وشرط قابله من زوجة أو أجنبي بجواب أو سؤال إطلاق تصرفه في المال بأن يكون بالغا عاقلا غير محجور عليه فإن اختلعت رقيقة بغير إذن مالكها بدين في ذمتها أو عين له بانت لذكر العوض وللزوج في ذمتها مهر مثل في صورة العين والمسمى في صورة الدين لا مهر مثل وما ثبت في ذمتها تتبع به بعد عتقها وإن أذن لها السيد وعين عينا من ماله أو قدر دينا في ذمتها فامتثلت تعلق بالعين وبذمتها في الدين وإن زادت على ما قدره تعلق بذمتها وتطالب به بعد عتقها وإن اطلق الإذن اقتضى مهر مثل من كسبها فإن زادت طولبت بالزائد بعد العتق وإن قال اختلعى بما شئت اختلعت بمهر المثل و أكثر منه وتعلق الجميع بكسبها ثم ما يتعلق بكسبها يتعلق بما في يدها من مال التجارة إن كانت مأذونا لها فيها ولا يصير السيد بإذنه في الخلع بالدين ضامنا له وإن قال المحجور عليها بسفه خالعتك على كذا أو طلقتك عليه فقبلت طلقت رجعيا ولا مال وإن أذن لها وليها فيه لانتفاء أهليتها لالتزام المال وظاهر أنه لو كان قبل الدخول وقع بائنا فإن لم يقبل لم تطلق لأن الصيغة تقتضى القبول فأشبه المعلق على صفة واختلاع المريضة مرض الموت صحيح إذ لها التصرف في مالها ولا يحسب من الثلث إلا ما زاد على مهر المثل بخلاف مهر المثل أو أقل منه فمن رأس المال وخلع المريض مرض الموت بدون مهر المثل صحيح إذ البضع لا يبقى للوارث لو لم يخالع واعلم أن شرط المعوض وهو البضع أن يكون مملوكا للزوج فخلع الرجعية صحيح بخلاف البائن ويشترط في عوضه شروط سائر الأعواض ككونه متمولا مملوكا ملكا مستقرا مقدورا على تسليمه معلوما فيصح عوضه قليلا وكثيرا دينا وعينا ومنفعة كالصداق إذا عوض ما لم يجهلا والألف بدل من نون التوكيد إن بنى للمفعول أو للفاعل وأعيد على الزوج وإن أعيد على المتخالعين المفهومين من الخلع فضمير تثنية أي لا يصح إصداق مجهول كثوب غير معين ولا موصوف أما الذي بالخمر او مع جهل فإنه يوجب مهر المثل لأنه المراد عند فساد العوض فلو جرى الخلع مع أبيها أو اجنبي على نحو خمر فرجعى ولا مال نعم ما قبض من ذلك في حال الكفر معتد به إن أسلما بعده ولو جرى على غير مقصود كدم وقع رجعيا بخلاف الميتة فإنها قد تقصد للجوارح وللضرورة ولكل من الزوجين التوكيل فيه فإن قال لوكيله خالعها بمائة لم ينقص منها فلو نقص لم تطلق لمخالفته لما أذن له فيه وله أن يزيد عليه من جنسه وغيره وإن أطلق لم ينقص عن مهر مثل وله أن يزيد من جنسه وغيره فلو نقص وقع بمهر المثل لفساد المسمى بنقصه عن المراد ولو قالت لوكيلها اختلع بألف فاختلع به أو بأقل نفذ وإن زاد فقال أختلعتها بألفين من مالها بوكالتها بانت ولزمها مهر مثل لفساد المسمى بزيادته على المأذون فيه وإن أضاف الوكيل الخلع إلى نفسه فخلع أجنبى وهو صحيح وإن أطلق فعليها ما سمت وعليه الزيادة والخلع طلقة بائنة لأن العوض إنما بذل للفرقة والفرقة التى يملك الزوج إيقاعها هي الطلاق دون الفسخ فوجب أن يكون طلاقا بائنا ويبنى عليه أنها تملك نفسها به ويمتنع طلاقها بعده ولو في العدة لبينونتها وماله أن يرتجع فلا تحل له إلا بعقد جديدة ولا بد من الخلع من صيغة فلفظه مع ذكر المال صريح وبدونه كناية ويصح بباقى كنايات الطلاق مع النية وبغير العربية وإذا بدأ الزوج بصيغة معاوضة كطلقتك أو خالعتك بكذا فقبلت فهو معاوضته له فيها شوب تعليق لتوقف وقوع الطلاق فيه على القبول وله الرجوع قبل قبولها نظرا لجهة المعاوضة ويعتبر قبولها بلفظ غير منفصل بكلام أو زمن طويل فلو اختلف إيجاب وقبول كطلقتك بألف فقبلت بألفين أو طلقتك ثلاثا بألف فقبلت واحدة بثلث الألف فلغو فلو قال طلقتك ثلاثا بألف فقبلت واحدة به طلقت ثلاثا ولزمها الألف لأن الزوج يستقل بالطلاق والزوجة إنما يعتبر قبولها بسبب المال وقد وافقته في قدره وإن بدأ بصيغة تعليق كمتى أو متى ما أعطيتنى كذا فأنت طالق فتعيلق فلا رجوع له قبل الإعطاء ولا يعتبر القبول لفظا ولا الإعطاء على الفور وإن قال إن أو إذا أعطيتنى كذا فأنت طالق فكذلك لكنه يعتبر إعطاؤه فورا لأنه قضية العوض في المعاوضة وإنما تركت هذه القضية في متى لأنها صريحة في جواز التأخير شاملة لجميع الأوقات كأى وقت بخلاف إن وإذا وإن بدأت بطلب طلاق كأن قالت طلقنى على كذا فأجاب فمعاوضة مع شوب جعالة لأنها تبذل المال في تحصيل ما يستقل به الزوج من الطلاق المخل للغرض كما في الجعالة يبذل المجاعل المال في تحصيل ما يستقل به العامل من الفعل المحصل للغرض فلها الرجوع قبل جوابه لأنه شأن المعاوضة والجعالة كلتيهما ويعتبر جوابه فورا لأنه شأن المعاوضة ولا فرق بين أن تطلب بصيغة معاوضة وتعليق ولا بين أن يكون التعليق بأن ومتى نحو إن طلقتنى أو متى طلقتنى فلك كذا وإن أجابها بأقل مما ذكرته لم يضر فلو طلبت ثلاثا بألف وهو يملكها فطلق طلقة بثلثه أو سكت عن العوض فواحدة بثلثه تغليبا لشوب الجعالة ولا يضر تخلل كلام يسير بين إيجاب وقبول‏.‏

باب الطلاق

750 - صَرِيحُهُ‏:‏ ‏(‏سَرَّحْتُ‏)‏ أَوْ ‏(‏طَلَّقْتُ‏)‏ *** ‏(‏خالَعْتُ‏)‏ أو ‏(‏فادَيْتُ‏)‏ أو ‏(‏فارَقْتُ‏)‏

751 - وكُلُّ لَفْظٍ لِفِرَاقٍ احْتَمَلْ *** فَهْوَ كِنَايَةٌ بِنَيَّةٍ حَصَلْ

752 - والسُنَّةُ الطَّلاقُ في طُهْرٍ خَلا *** عَن وَطْئِهِ أَو باخْتِلاعٍ حَصَلا

753 - وَهْوَ لِمَنْ لم تُوطَ أو مَن يَئِسَتْ *** أو ذاتِ حَمْلٍ لا وَلا أو صَغُرَتْ

754 - للحُرِّ تَطليقُ الثلاثِ تَكْرِمَهْ *** والعَبْدُ ثِنْتَانِ وَلَوْ مِنَ الأَمَهْ

755 - وإِنَّمَا يَصِحُّ مِن مُكَلَّفِ *** زَوْجٍ بلا إكْرَاهِ ذِي تَخَوُّفِ

756 - وَلَوْ لِمَنْ في عِدَّةِ الرَّجْعِيَهْ *** لا إِنْ تَبِنْ بِعِوَضِ العَطِيَّهْ

757 - وَصَحَّ تعليقُ الطَّلاقِ بِصِفَهْ *** إلا إذا بالمُستَحِيلِ وَصَفَهْ

758 - وصَحَّ الاسْتِثْنَا إذا ما وَصَلَهْ *** إِن يَنْوِهِ مِن قَبْلِ أَن يُكَمِّلَهْ

باب الطلاق‏:‏ هو لغة حل القيد والإطلاق وشرعا حل عقدة النكاح بلفظ الطلاق أو نحوه والأصل فيه قبل الإجماع قوله تعالى ‏{‏الطلاق مرتان‏}‏ وقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أتانى جبريل فقال راجع حفصة فإنها صوامة قوامة وإنها زوجتك في الجنة‏)‏‏.‏ وله أربعة أركان صيغة وزوج وقصد الطلاق وزوجة صريحه سرحت أو طلقت خالعت أو فاديت أو فارقت لاشتهار بعضها لغة وشرعا ولورود بعضها في القرآن بمعناه وقضية كلامه كالحاوى الصغير والمنهاج وأصله أن لفظ الخلع صريح لكن المعتمد عند عدم المال لفظا أو نية أنه كناية إذ الاشتهار لا يقتضى الصراحة ويعتبر في نحو طلقت إذا ابتدأ به ذكر الزوجة فلو قال ابتداء طلقت أو سرحت ونواها لم تطلق لعدم الإشارة والاسم ومثل ما ذكره الناظم أنت طالق ومطلقة ويا طالق وأنت مفارقة ويا مفارقة وأنت مسرحة ويا مسرحة لا أنت طلاق والطلاق وفراق والفراق وسراح السراح لأن المصادر إنما تستعمل في الأعيان توسعا فتكون كنايات وترجمة الطلاق بغير العربية صريح لشهرة استعمالها عند أهلها شهرة استعمال العربية عند أهلها وترجمة الفراق والسراح كناية لأنها بعيدة عن الأستعمال ولو أشتهر لفظ للطلاق كالحلال أو حلال الله على حرام أو أنت على حرام فكناية وكل لفظ لفراق احتمل فهو كناية بنية تقترن به حصل الفراق به كأطلقتك وأنت مطلقة بسكون الطاء خلية برية بتة بتلة بائن اعتدى استبرئ رحمك وإن لم تكن مدخولا بها الحقى بأهلك حبلك على غاربك لا أنده سربك اغربى اغربى دعينى ودعينى تزودى تجرعى ذوقى اذهبى كلى اشربي اخرجى ابعدى سافري تجنبي تقنعي تجردي تستري الزمى الطريق برئت منك ملكتك نفسك أحللتك لا حاجة لى فيك أنت وشأنك أنت طلقة أو نصف طلقة أو لك الطلاق أو عليك الطلاق أو أنت والطلاق أو وطلقة ولا تصير ألفاظ الكناية صرائح بقرينة من نحو غضب وسؤال طلاق فيكفى اقتران النية بجزء من الكناية على الراجح وينقسم الطلاق إلى سنى وبدعى على المشهور فالأول الجائز والثانى الحرام كما أشار إليه بقوله والسنة الطلاق في طهر لمدخول بها خلا عن وطئه فيه وعن حيض قبله ولم تستدخل ماءه المحترم أو باختلاع حصلا أي ولم تختلع نفسها وهو لمن لم توطء بحذف الألف المبدلة من الهمزة ثم إن كان الإبدال قبل وجود الجازم فهو إبدال شاذ فحذفها جائز نظرا إلى صيرورتها حرف علة وإن كان الأكثر إثباتها نظرا إلى أصلها المبدلة عنه فكما لا تحذف الهمزة لا يحذف ما انقلب عنها وإن كان بعده إبدال قياسى ويمتنع حينئذ حذفها لاستيفاء الجازم مقتضاه فحذفها حينئذ للوزن أو من يئست أو ذات حمل لا ولا أو صغرت أي وليست بحامل ولا صغيرة ولا آبسة وهى ممن تعتد بالأقراء وذلك لاستعقابه الشروع في العدة وعدم الندم أما البدعى فطلاق مدخول بها بلا عوض منها في حيض أو نفاس ولو في عدة طلاق رجعى وهى ممن تعتد بالأقراء أو في طهر جامعها فيه ولو في الدبر أو استدخلت ماءه المحترم او في حيض قبله وكانت ممن تحبل ولم يتبين حملها وكذا طلاق من لم يستوف دورها من القسم نعم لو طولب المولى بالطلاق فطلق في الحيض لم يحرم وكذا لو طلق عليه الحكمان في الشقاق فلا تحريم ويندب لمن طلق بدعيا المراجعة ما لم يدخل الطهر ا لثانى أما من لم يستوف دورها فرجعتها واجبة‏.‏

وقول الناظم لا ولا يفيد به أن الاصطلاح الثانى أن الطلاق ينقسم إلى سنى وبدعى وما ليس بسنى ولا بدعى كالآيسة والحامل والصغيرة وأما المختلعة فظاهر كلامه أن طلاقها سنى والمعتمد خلافه من أنه لا ولا للحر تطليق الثلاث تكرمه بكسر الراء مفعلة من الكرامة لحريته والعبد بالجر عطفا على الحر أو بالرفع على الابتداء ثنتان وإن كانت زوجته حرة والمبعض كالقن ومحل ما ذكره إن كان رقيقا عند الطلقة الثانية فلو طلق الذمي طلقتين ثم نقص العهد وحارب فاسترق ملك الثالثة ولو من الأمة أي وإن كانت زوجة الحر أمة وإنما يصح الطلاق من مكلف فلا يصح من صبى ولا مجنون زوج أو وكيله فلا يصح من سيد وولى نعم يصح من الحاكم أما من أثم بمزيل عقله من شراب أو دواء فينفذ طلاقه وتصرفه له وعليه قولا وفعلا كنكاح وعتق وبيع وشراء وإسلام وردة وقتل وقطع وإن كان غير مكلف من قبيل ربط الأحكام بالأسباب وضابط السكران العرف وقيل إنه الذي اختل كلامه المنظوم وانكشف سره المكتوم بلا إكراه ذى تخوف بغير حق وشرط إلاكراه أن يكون بمخوف يؤثر العاقل الإقدام عليه حذرا مما هدده به ويختلف باختلاف المطلوب والأشخاص والتعيين فلو قال طلق إحداهما فطلق معينة وقع وكون المحذور عاجلا غير مستحق وقدرة المكره على تحقيق ما هدد به بولاية أو تغلب وعجز المكره عن دفعه بهرب أو غيره وظنه أنه إن امتنع حققه ومحل ذلك ما لم ينو المكره الطلاق أو ظهرت قرينة اختياره كأن أكره على ثلاث فوحد أو صريح فكنى أو تعليق فنجز أو على طلقة فسرح أو بالعكس وقع ولا بد من قصد الطلاق لمعناه ليقع به فلا حنث بحكايته ولا بما يصدر من نائم وإن قال أجزته أو أوقعته وكذا سبق اللسان لكن يؤاخذ به ولا يصدق ظاهرا إلا بقرينة ولو ظنت صدقه بأمارة فلها تصديقه وكذا للشهود وأن لا يشهدوا فإن كان اسمها طالعا أو طالقا أو طالبا فناداها يا طالق طلقت ما لم يدع سبق لسانه أو كان اسمها طالقا فناداها لم تطلق إلا ان نوى ويقع طلاق هازل وعتقه وسائر تصرفاته ظاهرا وباطنا ولو لمن في عدة الرجعية أي يقع الطلاق على معتدة رجعية لبقاء الولاية على المحل والملك بدليل التوارث بينهما لا إن تبن بعوض العطية أي أو غيره فلا يلحقها الطلاق لأنها ليست بزوجة بدليل عدم صحة ظهارها والإيلاء منها وعدم التوارث بينهما وصح تعليق الطلاق بصفة كتعليقه بفعله أوفعل غيره كإن دخلت الدار فأنت طالق وأدوات التعليق إن وإذا ومتى ومتى ما وكلما ونحوها ولا يقتضين فورا إن علق بمثبت كالدخول في غير خلع إلا أنت طالق إن شئت ولا تكرارا إلا كلما ولو قال إذا طلقتك فأنت طالق ثم طلق أو علق بصفة فوجدت فطلقتان أو كلما وقع طلاقى فأنت طالق فطلق فثلاث في موطوءته واحدة بالتنجيز وثنتان بالتعليق بكلما واحدة بوقوع المنجز وأخرى بوقوع هذه الواحدة وفي غيرها طلقة ولو علقه بنفى فإن علق بإن كإن لم تدخلى الدار فأنت طالق وقع عند اليأس من الدخول أو بغيرها كإذا فعند مضى زمن يمكن فيه ذلك الفعل من وقت التعليق ولم يفعل يقع الطلاق ولو قال أنت طالق إن دخلت الدار وأن لم تدخلى بفتح ان وقع في الحال لأن المعنى للدخول أو لعدمه بتقدير لام التعليل وسواء أكان صادقا فيما علل به أم كاذبا إلا في غير نحوى فتعليق ولو علق بفعل نفسه كإن دخلت الدار ففعل المعلق به ناسيا أو جاهلا أنه هو أو مكرها لم تطلق أو بفعل غيره ممن يبالى بتعليقه لصداقه أو نحوها وعلم به أو لم يعلم وقصد إعلامه به وفعله ناسيا او مكرها أو جاهلا أنه هو أو مكرها لم تطلق أو بفعل غيره ممن يبالى بتعليقه لصداقة أو نحوها وعلم به أو لم يعلم وقصد إعلامه به وفعله ناسيا أو مكرها أو جاهلا لا يقع الطلاق وإن لم يبال بتعليقه كالسلطان أو كان يبالى به ولم يعلم به ولم يقصد الزوج إعلامه به وقع الطلاق بفعله وإن اتفق في بعض صور نسيان أو نحوه لأن الغرض حينئذ مجرد التعليق بالفعل من غير أن ينضم إليه قصد المنع منه إلا إذا بالمستحيل وصفه أي فإنه يقع في الحال لاستحالة ذلك فيلغو التعليق ولا فرق في كل ذلك بين ما استحال عقلا كالجمع بين الضدين وما استحال شرعا كإن نسخ صوم شهر رمضان وما استحال عرفا كإن صعدت السماء أو طرت وما جرى عليه الناظم رأى مرجوح والأصح لا وقوع في المستحيل عقلا وشرعا كالمستحيل عرفا لأنه لم ينجزه وإنما علقه بصفة لم توجد وقد يكون الغرض من التعليق بالمستحيل امتناع الوقوع لامتناع وقوع المعلق به كما في قوله تعالى ‏{‏حتى يلج الجمل في سم الخياط‏}‏ والأقرب أن معنى كلام المصنف أن تعليق الطلاق بالمستحيل الشامل لأقسامه الثلاثة لا يصح فلا يقع به طلاق لأنه لاغ فقد صحح الرافعى في الأيمان فيما لو حلف لا يصعد السماء أن يمينه لا تنعقد ومقتضاه عدم انعقاد التعليق هنا وصح الاستثنا وهو أخراج بإلا أو احدى أخواتها من متكلم واحد في الطلاق كأنت طالق ثلاثا إلا واحدة فيقع ثنتان لوروده في الكتاب والسنة وكلام العرب وقد قال النحاة إن اللفظ قبل الاستثناء يحتمل المجاز فإذا جاء الاستثناء رفع المجاز فاللفظ قبل الاستثناء ظنى وبعده قطعى إذا ما وصله أي إنما يصح إذا اتصل الاستثناء بالمستثنى منه فإذا انفصل لم يؤثر نعم سكته التنفس والعى مغتفرة لأنها لا تعد فاصلة بخلاف الكلام اليسير الأجنبى فيضر ولا بد أن يسمع نفسه وإلا لم يقبل ولم يدين إن ينوه من قبل أن يكلمه أي لا بد من نية الاستثناء قبل فراغ يمينه وأن لا يكون مستغرقا للمستثنى منه فلو قال أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا لم يصح ووقع الثلاث وأن لا يجمع المفرق في المستثنى ولا في المستثنى منه فلو قال أنت طالق ثلاثا إلا ثنتين وواحدة فواحدة ولا يجمع المستثنى ليكون مستغرقا ويلغى قوله واحدة لحصول الاستغراق بها أو أنت طالق طلقتين وواحدة إلا واحدة فثلاث ولا يجمع المستثنى منه فتكون الواحدة مستثناة من الواحدة فيلغو الاستثناء وهو من نفى إثبات وعكسه فلو قال أنت طالق ثلاثا إلا ثنتين إلا طلقة فثنتان لأن المستثنى الثانى مستثنى من الأول فيكون المستثنى حقيقة واحدة أو ثلاثا إلا ثلاثا إلا ثنتين فثنتان لما ذكر أو خمسا إلا ثلاثا فثنتان أو ثلاثا إلا نصف طلقه فثلاث ولو قال أنت طالق إن شاء الله وإن لم يشأ الله أي طلاقك وقصد التعليق لم يقع وكذا أنت طالق إلا أن يشاء الله لأن استثناء المشيئة يوجب حصر الوقوع في حالة عدم المشيئة وذلك تعليق بعدمها ويمنه التعليق بها أيضا انعقاد تعليق وعتق ويمين ونذر وكل تصرف كبيع وغيره ولو قال يا طالق إن شاء الله وقع نظرا لصورة النداء المشعر بحصول الطلاق جالته والحاصل لا يعلق بالمشيئة‏.‏

باب الرجعة

759 - تَثْبُتُ فِي عِدَّةِ تطليقٍ بلا *** تَعَوُّضٍ إِذ عَدَدٌ لَم يَكْمُلا

760 - وبِانْقِضَا عِدَّتِهَا يُجَدَّدُ *** ولَم تَحِلَّ إذ يَتِمُّ العَدَدُ

761 - إلا إذا العِدَّةُ مِنهُ تَكْمُلُ *** ونَكَحَتْ سِوَاهُ ثُم يَدْخُلُ

762 - بِهَا وَبَعدَ وَطْءِ ثانٍ فُورِقَتْ *** وعِدَّةُ الفُرْقَةِ مِن هذا انْقَضَتْ

763 - وليسَ الاِشْهَادُ بِهَا يُعْتَبَرُ *** نَصَّ عليهِ الأُمُّ والمُخْتَصَرُ

764 - وفي القَدِيمِ لا رُجُوعَ إلا *** بِشَاهِدَيْنِ قَالَهُ في الاِمْلا

765 - وَهْوَ كَمَا قالَ الرَّبِيعُ آخِرُ *** قَوْلَيْهِ فالتَّرجِيحُ فيهِ أَجْدَرُ

766 - وَهْوَ على القَوْلَيْنِ مُسْتَحَبُّ *** وأَعْلِمِ الزوجةَ فَهْوَ نَدْبُ

باب الرجعة‏:‏ بفتح الراء وكسرها والفتح أفصح عند الجوهرى والكسر أكثر عند الأزهرى وهى لغة المرة من الرجوع وشرعا الرد إلى النكاح في عدة طلاق غير بائن على وجه مخصوص والأصل فيها قبل الاجماع قوله تعالى ‏{‏وبعولتهن أحق بردهن في ذلك‏}‏ أي في العدة أن أرادوا إصلاحا أي رجعة ولها أربعة أركان مرتجع وزوجة وطلاق وصيغة وقد أخذ في بيانها فقال تثبت الرجعة لمن له أهلية النكاح بنفسه وبنحو راجعتك أو رجعتك أرتجعتك أو أمسكتك وتندب الإضافة معها كراجعتك إلى أو إلى نكاحى ولا بد منها في رددتك في عدة تطليق بأن وطئها أو استدخلت ماءه المحترم بلا تعوض أي بلا عوض وإن شرط نفى الرجعة أو قال أسقطتها وخرج بقوله في عدة من طلقت قبل ذلك وبعدة التطليق عدة الفسخ لأن الرجعة إنما وردت في الطلاق ولأن الفسخ شرع لدفع الضرر فلا يليق به جواز الرجعة وما لو وطئها في العدة فلا رجعة له إلا في البقية التى دخلت في عدة الوطء نعم لو خالطها في عدة أقراء أو أشهر مخالطة الآزواج من غير وطء لم تنقض عدتها ولا رجعة له بعد انقضاء عدتها بالأقراء أو الأشهر ويلحقها الطلاق ما دام معاشرها وبقوله بلا عوض عدة الطلاق بعوض لبينونتها ويشترط كونها منجزة فلا يصح تعليقها كالنكاح ونحوه فلو قال راجعتك إن شئت فقالت شئت لم يصح بخلاف نظيره في البيع لأن ذلك من مقتضاه بخلاف الرجعة وأن تكون المرتجعة معينة فلو طلق إحدى امرأتيه مبهمة قال رجعت المطلقة أو طلقتهما جميعا ثم قال راجعت إحداكما لم تصح إذ ليست الرجعة في احتمال الإبهام كالطلاق لشبهها بالنكاح وهو لا يصح معه إذ عدد لم يكملا الألف بدل من نون التوكيد بأن لا تكون ثالثه للحر وثانية لغيره وبانقضا بالقصر للوزن عدتها يجدد نكاحها لبيونتها ولم تحل المطلقة لمطلقها إذ يتم العدد أي عدد طلاقها بأن طلقها الحر ثلاثا وغيره طلقتين إلا إذا العدة منه تكمل بالأقراء أو الأشهر أو الوضع ونكحت سواه ثم يدخل بها وبعد وطء ثان فورقت بأن طلقها وعدة الفرقة من هذا انقضت أي انقضت عدتها لقوله تعالى ‏{‏فإن طلقها‏}‏ أي الثالثة فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره مع خبر الصحيحين جاءت امرأة رفاعة القرظى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت كنت عند رفاعة فطلقنى فبت طلاقى فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير وإن معه مثل هدبة الثوب فقال أتريدين أن ترجعى إلى رفاعة قالت نعم قال لا حتى تذوقى عسيلته ويذوق عسيلتك والمراد بها الوطء والمعتبر في الوطء إيلاج الحشفة أو قدرها من فاقدها ولو بحائل كخرقة بقبلها ممن يمكن جماعه ولو عبدا أو خصيا أو مجنونا وصبيا ولو في نهار رمضان او في عدة شبهة أو إحرام أو في حال نومه أو نومها بشرط انتشار الآلة بالفعل ولو انتشارا ضعيفا وأدناه في البكر بأن يفتضها بآلته ويزيل بكارتها حتى لو كانت غوراء لم يكف تغييب الحشفة مع بقاء البكارة ولا يحصل التحليل بالوطء حال ضعف النكاح بأن وطئها في عدة طلاقها الرجعى وإن راجعها أو في عدة الردة وإن أسلم المرتد فيها وتتصور العدة من غير دخول بأن وطئها في دبرها أو استدخلت ماءه المحترم ويشترط في تحليل الكافر الكافرة للمسلم كون وطئه في وقت لو ترافعوا إلينا لقررناهم على ذلك النكاح وعلم أنه لا يكفى الوطء بملك اليمين ولا بالنكاح الفاسد ولا في الدبر ولو طلق زوجته الأمة ثلاثا ثم ملكها لم يحل له وطؤها بملك ليمين حتى يحللها ولو لم يكن انتشار أصلا لعنة أو مرض لم يكف تغييب الحشفة وليس الأشهاد بحذف الهمزة بعد نقل حركتها إلى الساكن قبلها بها أي بالرجعة يعتبر نص عليه الأم والمختصر ولو لم ترض الزوجة بها ولم يحضر الولى ولم يعلم بها لأنها في حكم استدامة النكاح السابق ولقوله تعالى ‏{‏وبعولتهن أحق بردهن في ذلك‏}‏ ولخبر أنه صلى الله عليه وسلم قال لعمر مرة فليراجعها ولم يذكر فيهما إشهادا وإنما اعتبر الأشهاد على النكاح لإثبات الفراش وهو ثابت هنا فتصح بالكناية مع النية وفي القديم لا ارتجاع إلا بشاهدين قاله في الإملا أي وهو من الجديد لا لكونها بمنزلة ابتداءالنكاح بل بظاهر قوله تعالى ‏{‏فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوى عدل منكم‏}‏ أي على الامساك الذي هو بمعنى الرجعة وعلى المفارقة وأجيب بحمل ذلك على الندب وهو أي وجوب الاشهاد كما قال الربيع آخر قوليه فيكون مذهبه والترجيح فيه أجدر أي أحق وهو أي الاشهاد عليها على القولين مستحب اي مطلوب شرعا وأعلم الزوجة فهو ندب أي ويندب إعلام الزوجة بالرجعة دفعا للأختلاف فيها وعلى الأول لو ترك الأشهاد عليها ندب له الاشهاد على إقراره بها فقد يتنازعان فلا يصدق فيها ومتى ادعت انقضاء عدة أشهر وأنكر صدق بيمينه أو وضع حمل لمدة إمكانه وهى ممن تحيض لا آيسة صدقت بيمينها فإن ادعت ولادة ولد تام فإمكانه ستة أشهر ولحظتان من وقت إمكان اجتماع الزوجين أوولادة سقط مصور فمائة وعشرون يوما ولحظتان من وقت النكاح أو ولادة مضغة بلا صورة فثمانون يوما ولحظتان من ذلك الوقت أو ادعت انقضاء أقراء وهى حرة وطلقت في طهر مسبوق بحيض فأقل الإمكان اثنان وثلاثون يوما ولحظتان وإلا فثمانية وأربعون يوما ولحظة أو في حيض فسبعة وأربعون يوما ولحظة أو أمة وطلقت في طهر مسبوق بحيض فستة عشر يوما ولحظتان وإلا فاثنان وثلاثون يوما ولحظة ويحرم الاستمتاع بها فإن وطئها فلا حد ولو يعزر إلا معتقد التحريم وعليه ومهر مثلها وإن راجعها ومتى ادعى انقضاء عدة رجعية وأنكرت فإن اتفقا على وقت الانقضاء كيوم الجمعة وقال راجعت يوم الخميس فقالت بل السبت صدقت بيمينها أو على وقت الرجعة كيوم الجمعة وقالت انقضت يوم الخميس وقال السبت صدق بيمينه وإن تنازعا في السبق بلا اتفاق صدق من سبق بالدعوى وإن لم تكن بين يدى حاكم فإن ادعت الانقضاء ثم ادعى رجعة قبله معا صدقت بيمينها ولو ادعاها قبل انقضاء فقالت بعده صدق بيمينه وإن ادعيا صدقت بيمينها ومتى ادعياها فيها صدق بيمينه ومتى ادعاها وأنكرت وصدقت ثم اعترفت بها قبل اعترافها‏.‏

باب الإيلاء

767 - حَلفُهُ ألا يَطَأْ في العُمُرِ *** زوجتَهُ أوزائِدَاًعَن أَشْهُرِ

768 - أربَعَةٍ فإِنْ مَضَتْ لَهَا الطَّلَبْ *** بالوَطْءِ في قُبْلٍ وتكفيرٌ وَجَبْ

769 - أو بِطَلاقِهَا فإِنْ أبَاهُمَا *** طَلَّقَ فَرْدَ طَلْقَةٍ مَن حَكَمَا

باب الإيلاء‏:‏ هو لغة الحلف قال الشاعر‏:‏

وأكذب ما يكون أبو المثنى *** إذا آلى يمينا بالطلاق

وكان طلاقا في الجاهلية فغير الشرع حكمه وخصه بالحلف عن الأمتناع من وطء الزوجة مطلقا أو أكثر من أربعة أشهر كما يعلم مما يأتى والأصل فيه قوله تعالى ‏{‏للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر‏}‏ الآية وهو حرام للإيذاء وليس منه إيلاؤه وصلى الله عليه وسلم من نسائه شهرا وله ستة أركان حالف ومحلوف به ومحلوف وعليه وزوجة وصيغة ومدة حلفه أي زوج يصح طلاقه بالله أو صفة من صفاته أو بتعليق طلاق أو عتق او بالزام ما يلزم بالنذر ولو كافرا أو خصيا أو رقيقا أو مريضا أو سكران أن لا يطأ في العمر زوجته في قبلها ووطؤه لها ممكن ولو رقيقة أو رجيعة أو صغيرة أو مريضة أو متحيرة لاحتمال الشفاء أو محرمه لاحتمال التحلل بالحصر وغيره أو مظاهرا منها قبل التكفير لإمكان الكفارة فخرج بالحلف امتناعه بدون حلف وبالزوج السيد والأجنبي فلو قال لأجنبية والله لا أطؤك فليس إيلاء بل يمينا محضة وإن نكحها فيلزمه بالوطء قبل النكاح أو بعده ما تقتضيه اليمين الخالية عن الايلاء وبمن يصح طلاقه الصبي والمجنون والمكره وبقوله أن لا يطأ امتناعه من بقية التمتعات أو من الوطء في غير القبل إذ لا إيذاء بذلك وبقولنا ووطؤه لها ممكن غير الممكن كأن كان الزوج أشل الذكر أو مجبوبه ولم يبق منه قدر الحشفة أو كانت الزوجة رتقاء أو قرناء لعدم تحقق قصد الايذاء بخلاف ما لو جب ذكره بعد الايلاء لا يبطل لعروض العجز أو كانت صغيرة لا يمكن وطؤها فيما قدره وألفاظه صريحة وكناية فمن الصريح إيلاج الحشفة أو إدخالها أو تغييبها في فرجها واللفظ المركب من الألف والنون والياء والكاف ولا يدين في شيء منها والوطء والجماع والاصابة واقتضاض البكر فلو قال أردت بالوطء الوطء بالقدم وبالجماع الاجتماع في المكان وبالإصابة الافتضاض بغير الذكر لم يقبل في الظاهر ويدين نعم لو ضم إليها بذكرى التحقت بما لا يدين فيه ومن كنايته الملامسة والمباضعة والمباشرة والاتيان والغشيان والقربان والأفضاء واللمس أو زائدا عن أشهر أربعة كأن يقول والله لا أطؤك أبدا أو مدة عمري أو عمرك أو خمسة أشهر أو لا أطؤك مدة ونوى تلك المدة فيمهل أربعة أشهر ثم تطالبه بالوطء أو الطلاق كما يأتي ولو قال والله لا أطؤك أربعة أشهر فاذا مظت فو الله لا أطؤك أربعة أربعة أشهر وهكذا مرارا لم يكن موليا لعدم تأتي المطالبة وبأثم إثم الايذاء فلو لم يكرر اسم الله تعالى بل قال والله لا أطؤك أربعة أشهر فإذا مضت لا أطؤك أربعة أشهر فهذه يمين واحدة اشتملت على أكثر من أربعة أشهر فيكون موليا وجها واحدا قاله ابن الرفعة وخرج بقوله أو زائدا على أربعة أشهر الأربعة الأشهر فأقل لأن المرأة تصبر عن الزوج أربعة أشهر وبعد ذلك يفنى صبرها أو يقل ولو قيد الامتناع من الوطء بمستبعد الحصول في أربعة أشهر كنزول عيسى عليه الصلاة والسلام أو خروج الدجال أو الدابة أو الشمس من مغربها فمول لظن تأخر حصول المقيد به عن الأربعة أشهر بخلاف ما إذا لم يظن ذلك ولو قال إن وطئتك فعبدي حر فزال ملكه عنه كأن مات أو أعتقه أو باعه أو وهبه وأقبضه زال الايلاء لأنه لا يلزمه بالوطء بعد ذلك شيء فلو عاد إلى ملكه لم يعد الأيلاء ولو قال إن وطئتك فعبدي حر عن ظهارى وكان ظاهر فمول وإلا فلا ظهار ولا إيلاء باطنا ويحكم بهما ظاهرا لإقراره بالظهار وإذا وطئ عتق العبد عن الظهار ولو قال عن ظهارى إن ظاهرت فليس بمول حتى يظاهر فان مضت الأربعة أشهر من وقت الايلاء إن كان من غير رجعية ولو مبهمة ومن الرجعة في الرجعية لا من الإيلاء لاحتمال أن تبين وإنما لم يحتج في الامهال إلى قاض لثبوته بالآية السابقة وهذا فيمن يمكن جماعها حالا وإلا فمن زمان إمكانه كما في صغيرة ومريضة ومتحيرة ومحرمة ومظاهر منها على ما مر ولم ينحل الايلاء بزوال المحذور كبينونة زوجته التى علق طلاقها على وطء هذه ولم يطأها في قبلها في مدة الايلاء ولم يكن بها مانع وطء كان لها الطلب على زوجها بالوطء في قبل أي قبلها لأنه محل الاستمتاع وهو المراد بالفيئة في آية الايلاء وتكفير وجب أي يجب عليه كفارة يمين لحنثه كما لو وطئها في المدة أو بطلاقها وما ذكره من أنها تردد الطلب بين الوطء والطلاق هو ما حكاه الشيخان عن الإمام وعليه اقتصر في الطرف الثاني وجزم به في المنهاج كالمحرر وحكى الرافعي عن المتولى أنها تطالبه بالوطء أو لا لأن حقها فيه فان أبي طالبته بالطلاق واعتمده وتبعه في الروضة في الطرف الثالث أما إذا انحل الايلاء أو كان بها مانع وطء إبتداء أو دواما حسا أو شرعا من نحو غيبة وحبس وجنون ونشوز ومرض وصغر يمنعان الوطء وفرض إحرام أو اعتكاف أو صوم فلا طلب لها وليس الحيض والنفاس أو نفل صوم أ و اعتكاف بمانع أما إذا كان المانع به فلا يمنع الاحتساب لأنها ممكنة والمانع منه ولا مطالبة لسيد الأمة لأن الاستمتاع حقها ولا لولى المراهقة بل ينتظر بلوغها ولو تركت حقها فلها المطالبة بعده لتجدد الضرر وإن كان به مانع طبعي كعنة ومرض يتعذر معه الوطء أو يخاف منه زيادة الضعف أو بطء البرء طالبته بأن يفيء بلسانه بأن يقول إذا قدرت فئت أو شرعى كصوم وإحرام وظهار قبل التكفير لم يطالب بالوطء بل بالطلاق فإن عصى بوطء سقطت المطالبة وتحصل الفيئة بتغييب الحشفة أو قدرها من فاقدها بقبلها مع زوال بكارة البكر ولا يكفى الوطء في الدبر نعم إن لم يصرح في إيلائه بالقبل ولا نواه بأن أطلق انحل بالوطء في الدبر ولو حصل تغييب الحشفة أو قدرها من فاقدها بقبلها مع زوال بكارة البكر مع نزولها عليه أو إجباره على ذلك أو جنونه سقطت المطالبة من غير حنث ولا انحلال ليمينه فلو وطئها ثانيا مختارا عاقلا حنث وانحلت اليمين ولا يمهل عند المطالبة ثلاثة أيام إلا إذا استمهل ليفيء أو يطلق فيها بخلاف ما دونها كيوم ونحوه بقدر ما يستعد به للوطء كزوال صوم أو جوع أو شبع ولا يقع طلاق الحاكم في مدة إمهاله فإن أباهما أي الفيئة والطلاق بعد أمر الحاكم طلق الحاكم نيابة عنه لأنه حق توجه عليه وتدخله النيابة فإذا امتنع منه ناب عنه الحاكم كقضاء الدين والعضل فرد طلقة من حكما لحصول الغرض بها فلو زاد لم يقع الزائد ويقع طلاقه معينا إن عين الزوج في إيلائه المولى منها ومبهما إن أبهمها‏.‏

باب الظهار

770 - قَولُ مُكَلَّفٍ وَلَو مِن ذِمِّي *** لِعِرْسِهِ ‏(‏أنتَ كَظَهْرِ أُمِّي‏)‏

771 - أو نَحوِهِ فإِن يَكُن لا يُعْقِبُ *** طلاقَهَا فعائِدٌ يَجْتَنِبُ

772 - الوَطْءَ كالحائِضِ حتى كَفَّرَا *** بالعِتْقِ يَنوِي الفَرضَ عَمَّا ظَاهَرَا

773 - رَقَبَةً مؤمِنَةً باللهِ جَلْ *** سليمَةً عَمَّا يُخِلُّ بالعَمَلْ

774 - إِن لَم يَجِدْ يَصُومُ شَهْرَيْنِ على *** تَتَابُعٍ اِلا لِعُذْرٍ حَصَلا

775 - وعاجِزٌ سِتِّينَ مُدَّاً مَلَّكَا *** سِتِّينَ مِسكيناً كَفِطْرَةٍ حَكَى

باب الظهار‏:‏ هو لغة مأخوذ من الظهر لأن صورته الأصلية أن يقول لزوجته أنت على كظهر أمي وخص الظهر لأنه موضع الركوب والمرأة مركوب الزوج وكان طلاقا في الجاهلية كالايلاء فغير الشارع حكمه إلى تحريمه بعد العود حتى يكفر والأصل فيه قبل الإجماع قوله تعالى ‏{‏والذين يظاهرون من نسائهم‏}‏ الآية نزلت في أوس بن الصامت لما ظاهر من زوجته خولة بنت ثعلبة على اختلاف في اسمها ونسبها وله أربعة أركان مظاهر ومظاهر منها وصيغة ومشبه به وقد أخذ في بيانها مع تعريفه شرعا فقال قول مكلف أي بالغ عاقل ولو كان ذلك القول من ذمي أي أو رقيق أو مجبوب أو خصي لعرسه بكسر العين أي زوجته ولو رجعية وكافرة ومعتدة عن شبهة وصغيرة ومجنونة وحائضا ونفساء أنت على كظهر أمي أو نحوه من تشبيهها بجملة أنثى أو بجزء منها لم يذكر للكرامة محرم بنسب أو رضاع أو مصاهرة لم تكن حلاله كقوله أنت على أو منى أو عندي كظهر أمي أو جسمك أو بدنك أو نفسك كبدن أمي أو جسمها أو جملتها أو أنت كيد أمي أو صدرها أو شعرك أو رأسك أو يدك أو رجلك أو نصفك أو ربعك كظهر أمي أو يدها أو شعرها لأنه تصرف يقبل التعليق فتصح إضافته إلى بعض محله كالطلاق والعتق بخلاف ما لا يقبله كالبيع فخرج تشبيه غير المكلف إلا السكران فكالمكلف والتشبيه بجزء ذكر كالأب لأنه ليس محلا للتمتع أو بجزء أنثى غير محرم كالملاعنة وزوجاته صلى الله عليه وسلم أو محرم لكن كانت حلاله كمرضعته وزوجة أبيه بعد ولادته وأم زوجته لأنهن لا يشبهن المحارم في التحريم المؤبد والتشبيه بما يذكر للكرامة كقوله أنت كأمي أو كرأسها أو عينها أو كروحها فإنه كناية في الظهار لأنه يذكر في معرض الإكرام فلا ينصرف إلى الظهار إلا بنية‏.‏

وتصريح الناظم بالذمي مع دخوله في المكلف لخلاف أبي حنيفة فإنه لا يصح ظهاره لأن الكفارة لا تصح منه وهي الرافعة للتحريم ويبطل هذا بكفارة الصيد إذا قتله في الحرم ولا نسلم أن التكفير لا يصح منه إذ يصح منه الإعتاق والإطعام ولا تمتنع صحة ظهاره بامتناع بعض أنواع الكفارة كما في حق العبد وبصح تعليقه كقوله إن ظاهرت من زوجتي الأخرى فأنت على كظهر أمي فظاهر منها صار مظاهرا منها ولو قال إن دخلت الدار فأنت على كظهر أمي فدخلتها صار مظاهرا منها ولو قال إن ظاهرت من فلانة الأجنبية فأنت على كظهر أمي فخاطبها بظهار لم يصر مظاهرا من زوجته ما لم يرد التلفظ فيصير مظاهرا من زوجته فلو نكحها وظاهر منها صار مظاهرا من زوجته تلك ولو قال إن ظاهرت منها وهي أجنبية فأنت على كظهر أمي فخاطبها بظهار قبل النكاح أو بعده ولو قال أنت طالق كظهر أمي ولم ينو به شيئا أو نوى الطلاق أو الظهار أو هما أو نوى الظهار بأنت طالق والطلاق بكظهر أمي طلقت ولا ظهار أو الطلاق بأنت طالق والظهار بالباقي طلقت وحصل الظهار إن كان طلاق رجعة فإن يكن لا يعقب طلاقها فعائد أي بأن أمسكها بعد ظهاره زمن إمكان فرقة وليست رجعية فهو عائد هذا إذا لم يعلقه بفعل غيره وإلا فإنما يصير عائدا بإمساكها عقب معرفته بوجود المعلق به الظهار فتحرم عليه المرأة حتى يكفر كما يأتي والكفارة وجبت بالظهار والعود وخرج بما تقرر ما لو قطع النكاح عقب الظهار بطلاق ولو رجعيا أو بموت أو فسخ أو انفساخ أو شراء بأن تكون رقيقة أو تعذر قطعه بجنون أو نحوه وما لو لم يعرف وجود المعلق به فهو عود فيهما وما لو علق بفعل نفسه حتى لو علق به ففعل عالما ثم نسى عقبه الظهار كان عائدا إذ نسيانه الظهار عقب فعله عالما به يعد نادرا أما لو فعل ناسيا للظهار فلا ظهار كما في الطلاق وإذا اشتغل بالقطع لم يضر طول الفصل فلو قال يا فلانة بنت فلان أنت طالق كان كقوله طلقتك في منع العود ولو قال أنت زانية أنت طالق كان عائدا لاشتغاله بالقذف قبل الطلاق لا إن قال يا زانية أنت طالق كما لو قال يا زينب أنت طالق وأما الرجعية فإنما يصير عائدا برجعتها سواء أظاهر بعد طلاقها رجعيا أم قبله أمسكها بعد ذلك أم لا لأنها قبل رجعتها صائرة إلى البينونة بخلاف ما لو ارتد عقب الظهار ثم أسلم في العدة لا يكون عائدا بالإسلام بل بالإمساك بعده لأن الرجعة إمساك في ذلك النكاح والإسلام بعد الردة تبديل للدين الباطل بالحق والحل تابع له فلا يحصل به إمساك وأما الظهار المؤقت فلا يحصل العود فيه بإمساك بل بوطء في المدة لحصول المخالفة لما قاله به دون الإمساك لاحتمال أنه ينتظر به الحل بعد المدة ويجب النزع بمغيب الحشفة لحرمة الوطء قبل التكفير أو انقضاء المدة واستمرار الوطء وطء على رأي مرجوح والوطء الأول جائز ولو لم يطأ أصلا حتى مضت المدة فلا شيء وبعوده بالإمساك أو بالرجعة أو بالوطء في المدة يجتنب وجوبا الوطء كالحائض فتحرم مباشرتها فيما بين سرتها وركبتها دون ما عدا ذلك حتى كفرا بألف الإطلاق فيه وفيما بعده أي استمر التحريم حتى يكفر ومراده لزوم الخفارة مع توقف الحل عليها وتتعدد الكفارة بتعدد الزوجات وإن اتحد اللفظ كقوله لأربع أنت على كظهر أمي فإذا عاد لزمه أربع كفارات أو بعدد اللفظ وإن اتحد المحل كقوله لامرأته أنت على كظهر أمي وكرره وفصل أو وصل وقصد الاستئناف فإن وصل وقصد التأكيد أو أطلق فلا تعدد والكفارة مرتبة فيكفر أولا بالعتق ينوى الفرض أي لزوما عما ظاهرا ولو بصوم أو إطعام أو بنية الكفارة فلا تكفى نية العتق الواجب لأنه قد يكون عن نذر وكذا يقال في الصوم والإطعام فيشترط نيتها لا تعيينهما بأن يقيد بالظهار أو غيره حتى لو كان عليه كفارة ظهار وجماع وصوم رمضان فأعتق عبدا بنية الكفارة وقع محسوبا عن واحدة منهما وكذا الحكم في الصوم والإطعام وإنما لم يشترط تعيينها بخلاف الصلاة لأنها في معظم خصالها نازعة إلى الغرامات فاكتفى فيها بأصل النية فإن عين وأخطأ لم تجزئه عما عليه ويشترط في إعتاق الذمي وإطعامه النية وحيث لزمه العتق اشترط أن يعتق رقبة مؤمنة بالله عز و جل حملا للمطلق على المقيد فلا تجزئة كافرة سليمة عما يضر يخل بالعمل وإن كان بها عيب مبيع ليقوم بكفايته فيتفرغ للعبادات ووظائف الأحرار فيأتي بها تكميلا لحاله وهو مقصود العتق والعاجز عن العمل والكسب لا يتأتى له ذلك فلا يحصل بعتقه مقصود العتق فلا يجزئ وعلم من ذلك إجزاء صغير وأقرع وأعرج يمكنه تتابع مشي بأن يكون عرجه غير شديد وأعور لم يضعف عوره نظر السليمة وأصم وأخرس له إشارة مفهمة وأخشم وفاقد أنفه وفاقد أذنيه وفاقد أصابع رجليه وفاقد خنصر من يده وبنصر من أخرى وفاقد أنملة من غير إبهام أو أنامله العليا من أصابعه الأربع لأن كلا مما ذكر لا يخل بالعمل والكسب وأنه لا يجزئ زمن ولا هرم ولا فاقد رجل أو يد أو أصابعها ولا فاقد إصبع من الإبهام والسبابة والوسطى أو خنصر وبنصر من يد أو أنملتين من غيرهما أو أنملة إبهام لا خلال كل من الصفات المذكورة بالعمل والكسب وأنه لا يجزئ الجنين وإن انفصل لدون ستة أشهر من الإعتاق لأنه لا يعطى حكم الحي ولا مريض لا يرجى برؤه وزمن وإن مات بعد إعتاقه فإن برئ بعده بأن الإجزاء ولا يجوز شراء من يعتق عليه بنية كفارة ولا إعتاق أم ولد ولا مكاتب كتابة صحيحة ويجزئ مدبر ومعلق عتقه بصفة ينجز عتقهما بنية الكفارة ولو علق عتق الكفارة بصفة كان دخلت الدار فأنت حر عن كفارتي جاز وعتق عنها بالدخول وله إعتاق عبديه عن كفارتيه عن كل نصف ذا ونصف ذا ويقع كما أوقعه ولو أعتق معسر نصفي عبديه عن كفارته أجزأ إن كان باقيهما أو باقي أحدهما حرا ولو أعتق عبدا عن كفارة بعوض لم يجز عنها وإن لم يجد رقبة بأن لم يملكها ولا ثمنها فاضلا عن كفاية نفسه وعياله نفقة وكسوة وسكنى وأثاثا لا بد منه وقت الأداء كأن يقدر عليها ببيع ضيعة ورأس مال لا يفضل دخلهما عن كفايته أو ببيع عبد ومسكن نفيسين ألفهما أو ملكهما وهو محتاج إلى خدمته لمرض أو كبر أو ضخامة مانعة من خدمته نفسه أو منصب يأبى أن يخدم نفسه وتقدر المدة بالعمر الغالب كالزكاة على الراجح يصوم شهرين على تتابع أي متتابعين بنية كفارة لكل يوم في ليلته فيجب الاستئناف بفوت يوم ولو اليوم الأخير أو اليوم الذي مرض فيه أو نسي النية له إلا لعذر حصلا كجنون أو إغماء أو حيض أو نفاس وحيث وجب الاستئناف انقلب ما مضى نفلا ولا تشترط نية التتابع فإن بدأ بالصوم في أثناء شهر حسب الشهر بعده بالهلال وتمم الأول من الثالث ثلاثين يوما والرقيق يكفر بالصوم فقط وليس لسيده منعه من صوم الظهار لضرر استمرار التحريم عليه بخلاف صوم كفارة اليمين على تفصيل فيه وعاجز عن الاعتاق ثم الصيام بهرم أو مرض يدوم شهرين ولو ظنا بقول الأطباء أو لحوقه به مشقة شديدة أو لخوفه زيادة مرضه به أو بشدة الشبق يكفر بإطعام ستين مدا ملكا ستين مسكينا أو فقيرا وذلك بدل عن ستين يوما فلا يكفى دفع ذلك لأكثر من ستين ولا لأقل منهم ولو في ستين دفعة ولو وضع ستين مدا بين يدي ستين مسكينا وقال لهم ملكتكم هذا وأطلق أو قال بالسوية فقبلوه كفى وظاهر أنه لا يشترط لفظ التمليك حتى لو قال خذوه ونوى به الكفارة وأخذوه بالسوية كفى وبالتفاوت فمن علم أنه أخذ مدا أجزأه ومن لزمه تمليكه له نعم لو أخذوه مشتركا ثم اقتسموه فقد ملكوه قبل القسمة وهو كاف كفطرة حكى بأن يكون من حب ونحوه من غالب قوت بلد المكفر مما يجزئ في الفطرة والمكفى بنفقة قريب وزوج ليس فقيرا ولا مسكينا ولا يعطى من الكفارة كافر ولا هاشمي ومطلبي ورقيق ومكاتب ومن تلزمه مؤنته من زوجة وقريب فإن عجز عن جميع خصالها استقرت في ذمته فإن قدر على خصلة فعلها‏.‏

باب اللعان

776 - يقُولُ أرْبَعَاً إِنِ القاضي أَمَرْ *** إذا زِنَا زوجَتِهِ عنها اشْتَهَرْ

777 - أو أُلْحِقَ الطِّفلُ بِهِ مِنَ الزِّنَا‏:‏ *** ‏(‏أَشْهَدُ باللهِ لَصَادِقٌ أَنَا

778 - فيما رَمَيْتُهَا بِهِ، وَأَنَّا *** ذا ليس مِنِّي‏)‏، خامِسَاً - أَنْ لَعْنَا

779 - عَلَيْهِ مِن خالِقِهِ إِن كَذَبَا *** يُشِيرُ - إِن تَحضُرْ - لَهَا مُخَاطِبَا

780 - أَو سُمِّيَتْ، وَهْيِ تقولُ أربَعَا *** ‏(‏أَشْهَدُ باللهِ لَكِذْبَاً ادَّعَى

781 - فيما رمَى‏)‏، وخامِسَاً بالغَضَبِ *** إِن صادِقَاً فيما رَمَى مِن كَذِبِ

782 - وسُنَّ‏:‏ بالجامِعِ، عندَ المِنْبَرِ *** بِمَجْمَعٍ عَن أربَعٍ لَم يَنْزُرِ

783 - وَخَوَّفَ الحاكِمُ حينَ يُنْهِيهْ *** الكُلَّ مَعْ وَضْعِ يَدٍ مِن فَوْقِ فِيهْ

784 - وبِلِعَانِهِ انْتَفَى عنهُ النَّسَبْ *** وَحَدُّهُ لَكِنْ عليها قَد وَجَبْ

785 - وحُرْمَةٌ بينَهُمَا تَأَبَّدَتْ *** وَشُطِّرَ المَهْرُ وأُخْتٌ حُلِّلَتْ

786 - وَبِلِعَانِهَا سُقُوطُ الحَدِّ *** عَنِ الزِّنَا مِن رَجْمِهَا أو جَلْدِ

باب اللعان‏:‏ هو لغة مصدر لاعن وشرعا كلمات معلومة جملت حجة إلى قذف من لطخ فراشه وألحق العار به أو إلى نفى ولد كما يأتي وسميت لعانا لاشتمالها على كلمة اللعن ولأن كلا من من المتلاعنين يبعد عن الآخر بها إذ يحرم النكاح حينئذ بينهما أبدا واختير لفظ اللعان على لفظي الشهادة والغضب وإن اشتملت عليهما الكلمات أيضا لأن اللعن كلمة غريبة في قيام الحجج من الشهادات والأيمان والشيء قد يشتهر بما يقع فيه من الغريب والأصل فيه قبل الإجماع قوله تعالى ‏{‏والذين يرمون أزواجهم‏}‏ الآيات وسبب نزولها قصة هلال بن أمية لما قذف زوجته بشريك بن سحماء فقال له النبي صلى الله عليه وسلم البينة أو حد في ظهرك فتلاعنا عنده صلى الله عليه وسلم واللعان يسبقه قذف صريح كالزنا وإيلاج الحشفة في الدبر أو الفرج مع وصف بتحريم وإن لحن بتذكير أو تأنيث ليس بمؤثر فيه وكذا قوله زنى فرجك أو ذكرك أو قبلك أو دبرك أو أنت أزنى من الناس إن قال وفيهم زناة أو أنت أزنى من زيد إن قال وزيد زنى أو ثبت زناه بإقراره أو ببينة وعلمه القاذف أو قال لست ابن زيد لمن هو لاحق بزيد أو كناية كقوله لابنه لست ابني أو لست مني وأما نحو أما أنا فلست بزان أو أمي ليست بزانية فتعريض ليس بقذف وإن نواه يقول الزوج أربعا إن القاضي أمر به لأن اللعان يمين واليمين لا يعتد بها قبل أمر الحاكم بها وإن غلب فيه معنى الشهادة فهي لا تؤدى إلا عنده بإذنه إذا علم زنا زوجته أو ظنه ظنا مؤكدا كأن رآه أو أقرت به أو أخبر به عن عيان من يثق به وإن لم يكن من أهل الشهادة أو عنها اشتهر بين الناس أنها زنت بفلان مع قرينة كأن رآها في خلوة أو تخرج من عنده ولا يكفى مجرد شيوع إذ قد يشيعه نحو عدو ولا مجرد القرينة لاحتمال دخوله عليها لنحو خوف أو سرقة أو ألحق الطفل به حال كونه من الزنا وهو يعلم أنه من الزنا مع احتمال كونه منه بأن لم يطأها أو ولدته لدون ستة أشهر من وطئه أو لفوق أربع سنين التي هي أكثر مدة الحمل إذ يلزمه حينئذ نفيه وطريق نفيه اللعان المسبوق بالقذف فيلزمان أيضا فإن لم يعلم زناها ولا ظنه لم يقذفها لجواز كون الولد من وطء شبهة واللعان قول الزوج أربع مرات أشهد بالله لصادق أنا فيما رميتها أي زوجتي هذه به من الزنا فإن غابت سماها ورفع نسبها بما يميزها عن غيرها وأنا بألف الإطلاق ذا أي الولد من زنا ليس مني ويشير إليه إن كان حاضرا فلو اقتصر على قوله من زنا كفى حملا للفظ الزنا على حقيقته ولا يكفى ليس مني لاحتمال أن يريد لا يشبهني خلقا أو خلقا ولا بد من ذكر الولد في الكلمات الخمس فلو أغفل ذكره في بعضها احتاج في نفيه إلى إعادة اللعان فلا يحتاج المرأة إلى إعادة لعانها وحيث علم كون الولد ليس منه واحتمل كونه من شبهة لم يقذفها بل يقول في اللعان لنفيه أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به من إصابة غيري لها على فراشي وأن هذا الولد من تلك الإصابة ما هو مني إلى آخر كلمات اللعان ولا تلاعن المرأة إذ لا حد عليها بهذا اللعان حتى يسقط بلعانها خامسا أن لعنا عليه من خالقه إن كذبا أي يقول في الخامسة وأن لعنة الله على إن كنت من الكاذبين فيما رميتها به من الزنا يشير أن تحضر لها مخاطبا فيقول هذه أو سميت إن غابت مثلا كما علم مما مر وهي تقول أربعا أشهد بالله لكذبا ادعى فيما رمى أي أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا وخامسا بالغضب إن صادقا فيما رمى به بالكذب أي تقول الزوجة في الخامسة إن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماني به من الزنا وتأتى بضمير المتكلم فتقول غضب الله على إلى آخره ولا تحتاج إلى ذكر الولد لأن لعانها لا يؤثر فيه ولو بدل لفظ شهادة بحلف أو نحوه كأن قال أحلف أو أقسم بالله إلى آخره أو لفظ غضب بلعن وعكسه أو ذكرا قبل تمام الشهادات لم يصح اتباعا لنظم الآيات ويشترط الولاء بين الكلمات الخمس فيؤثر الفصل الطويل ولا بد من تأخر لعانها عن لعانه كما اقتضاه كلام الناظم لأن لعانها لإسقاط الحد الذي وجب عليها بلعان الزوج ويلاعن الأخرس بإشارة مفهمة أو كناية كالبيع فإن لم يكن له ذلك لم يصح قذفه ولا لعانه ولا غيرهما لتعذر الوقوف على ما يريده ويصح بغير العربية وإن عرفها لأن المغلب فيه معنى اليمين أو الشهادة وهما باللغات سواء وتراعى ترجمة الشهادة واللعن والغضب ثم إن أحسنها الحاكم ندب أن يحضره أربعة ممن يحسنها وإن لم يحسنها فلا يد ممن يترجم ويكفى من جانب المرأة اثنان لأن لعانها لنفي الزنا كجانب الزوج كما يثبت الإقرار بالزنا باثنين وسن تغليظ اللعان بالمكان بالجامع عند المنبر ويصعدان عليه فإن كانت حائضا أو نفساء فبباب المسجد لحرمة مكثها فيه ويخرج القاضي إليهما أو يبعث نائبا نعم إن لم يكن الطلب حثيثا ورأى الحاكم تأخير اللعان إلى زوال ذلك جاز ومحله في المسلم أما الذمي إذا أريد لعانه في المسجد ولو مع الحيض والنفاس مع أمن تلويثه أو الجنابة فيمكن منه وإن كان الملاعن بمكة فبين الركن الأسود والمقام وهو المسمى بالحطيم أو بالمدينة فعلى المنبر أو ببيت المقدس فعند الصخرة ويغلظ بالزمان وهو بعد عصر جمعة فيؤخر إليها إن لم يكن له طلب أكيد وإلا فبعد عصر أي يوم كان أما الذمي إذا غلظ عليه بالمكان فإن كان نصرانيا فبالبيعة أو يهوديا فبالكنيسة أو مجوسيا فببيت النار ويحضره القاضي رعاية لاعتقادهم لا ببيت أصنام وثني إذ اعتقادهم فيه غير مرعي فيلاعن في مجلس الحاكم وصورته أن يدخل دارنا بأمان أو هدنة بمجمع عن أربع لم ينزر أي ينقص أي ويسن أن يغلظ بحضور جمع من أعيان البلد والصلحاء للاتباع ولأن فيه ردعا للكاذب وأقله أربعة وخوف الحاكم أي يسن للحاكم وعظهما وتخويفهما ويذكرهما بأن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ويقرأ عليهما ‏{‏إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا‏}‏ الآية وأن يقول لهما ما قاله صلى الله عليه وسلم للمتلاعنين وهو حسابكما على الله والله يعلم أن أحدكما لكاذب هل منكما من تائب ويبالغ في وعظ كل منهما حين ينهيه أي عند الخامسة فيقول له اتق الله فإن قولك على لعنة الله يوجب اللعنة إن كنت كاذبا ويقول لها مثل ذلك بلفظ الغضب لعلهما ينزجران ويتركان فإن أبيا لقنهما الخامسة الكل أي من المتلاعنين مع وضع يد ندبا من فوق فيه فيأتى من ورائه ويضع الرجل يده على فم الرجل والمرأة يدها على فم المرأة ويندب أن يتلاعنا قائمين ليراهما الناس ويشتهر أمرهما وتجلس هي وقت لعانه وهو وقت لعانها وبلعانه أي الزوج الذي يصح طلاقه فلو ارتد بعد وطء فقذف وأسلم في العدة لاعن لبقاء النكاح فلولا عن ثم أسلم فيها صح أو أصر فلا وقد علم أن له اللعان مع إمكان بينة بزناها وأن له اللعان لنفي الولد وإن عفت عن الحد وزال النكاح ولدفع حد القذف وإن زال النكاح ولا ولد ولرفع تعزير القذف إن كانت الزوجة غير محصنة كذمية ورقيقة وصغيرة لا يوطأ مثلها بخلاف تعزير التأديب لكذب معلوم كقذف صغيرة لا توطأ أو صدق ظاهر كقذف كبيرة ثبت زناها بالبينة أو بإقرارها والتعزير في ذلك يقال فيه تعزير تكذيب ولو عفت عن الحد أو سكتت عن طلبه أو جنت بعد قذفه أو أقام بينة بزناها أو صدقته فيه ولا ولد لم يلاعن لعدم الحاجة إليه انتفى عنه النسب أي بلعانه انتفى النسب حيث كان ثم ولد نفاه فيه وحده أي ينتفى عنه به أيضا حد قذفها أو تعزيره إن كانت غير محصنة وإنما يحتاج إلى نفي ممكن عنه فإن تعذر كونه منه بأن ولدته لدون ستة أشهر من العقد أو طلق في مجلسه أو نكح وهو بالمشرق وهي بالمغرب لم يلحقه وشمل كلامه انتفاء حد قذف الأجنبي المعين أو تعزيره الذي قذفها به حيث ذكره في لعانه كأن قال فيما رميتها به من الزنا بفلان فإن لم يذكره لم تسقط عنه عقوبة قذفه كما في الزوجة لو ترك ذكرها وطريقه أن يعيد اللعان ويذكره لكن عليها الحد قد وجب لثبوت الحجة عليها وحرمة بينهما تأبدت لخبر المتلاعنان لا يجتمعان أبد ولذا سئل الوالد رحمه الله تعالى عن الملاعنة هل تعود لزوجها في الجنة فأجاب بأنها لا تعود عملا بقوله في الخبر أبدا وهي فرقة فسخ وتحصل ظاهرا وباطنا وإن كانت الزوجة صادقة وسقوط حصانتها في حقه حتى لو قذفها بعد ذلك بتلك الزنية أو أطلق لم يحد وشطر المهر أي يترتب عليه تشطر صداقها قبل الدخول وأخت حللت أي يحل نكاح أختها ونحوها وأربع سواها في عدتها لبنونتها وبلعانها سقوط الحد عن الزنا من رجمها أو جلد ها لقوله تعالى ‏{‏ويدرأ عنها العذاب‏}‏ الآية وانتفاء فسقها فتقبل شهادتها وتبقى ولايتها لما تليه بنظر أو وصية أو حضانة ونحوها ولو أقام بينة بزناها أو بإقرارها به لم يمكنها دفع الحد باللعنان لأنه حجة ضعيفة لا تقاوم البينة‏.‏

باب العدة

787 - لِمَوْتِ زَوجِهَا ولَو مِن قَبْلِ *** الوَطْءِ باسْتِكمالِ وَضْعِ الحَمْلِ

788 - يُمْكِنُ مِن ذِي عِدَّةٍ فِإِن فُقِدْ *** فَثُلْثَ عامٍ قَبلَ عَشْرٍ تَسْتَعِدْ

789 - مِنْ حُرَّةٍ وَنِصْفُهَا مِن الأَمَهْ *** وللطلاقِ بعدَ وَطْءٍ تَمَّمَهْ

790 - بالوَضْعِ إِن يُفْقَدْ فَرُبْعُ السَّنَةِ *** مِن حُرَّةٍ وَنِصفُهَا مِن أَمَةِ

791 - إِن لم تَحِيضَا أو إِيَاسٌ حَلا *** لكِنْ بِشَهْرَيْنِ الإِمَاءُ أَوْلَى

792 - ثلاثُ أطهَارٍ لحُرَّةٍ تَحِيضْ *** والأَمَةُ اثنَانِ لِفَقْدِ التَّبْعِيضْ

793 - لحامِلٍ وذاتِ رَجْعَةٍ مُؤَنْ *** وذاتُ عِدَّةٍ تُلازِمُ السَّكَنْ

794 - حيثُ الفِرَاقُ لا لِحَاجَةِ الطَّعَامْ *** وخَوْفِهَا نَفْسَاً ومالاً كانْهِدامْ

795 - ولِلْوَفَاةِ الطِّيبُ والتَّزَيُّنُ *** يَحْرُمُ كالشَّعْرِ فلَيسَ يُدْهَنُ

باب العدة‏:‏ مأخوذة من العدد لاشتمالها عليه غالبا وهي مدة تتربص فيها المرأة لمعرفة براءة رحمها أو للتعبد أو لتفجعها على زوج كما يأتي وذلك يحصل بالأقراء وبالأشهر وبالولادة والأصل فيها قبل الإجماع الآيات والأخبار الآتية والعدة ضربان الأول يتعلق بفرقة وفاة والثاني يتعلق بفرقة حياة بطلاق أو فسخ وبدأ بالأول فقال لموت زوجها أي عدتها لموت زوجها ولو من قبل الوطء باستكمال وضع الحمل يمكن من ذي عدة أي حيث كان ممكنا كونه من ذي العدة لقوله تعالى ‏{‏وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن‏}‏ فهو مخصص لقوله تعالى ‏{‏والذين يتوفون منكم‏}‏ الآية ولأن القصد من العدة براءة الرحم وهي حاصلة بالوضع وخرج بوضع الحمل خروج بعضه ولو بعد خروج أحد التوأمين بأن يكون بينهما دون ستة أشهر فلا تنقضي به العدة بل حكمه حكم الجنين في بقاء العدة والرجعة ولحوق الطلاق والتوارث بين أبويه وعدم توريثه وسراية عتق الأم إليه ووجوب الغرة بالجناية عليها وعدم إجزائه عن الكفارة وتبعيته للأم في إزالة الملك وعدم تعلق التحريم بارتضاعه وكذا سائر أحكام الجنين نعم لو خرج رأس جنين وصاح فحر رجل رقبته وجب قصاص أو دية واعلم أن قوله باستكمال كتعبير غيره بتمام تأكيد وإيضاح لأن الغرض منه مفهوم من الوضع وخرج بإمكان كونه من ذي العدة إذا لم يمكن بأن كان الزوج صبيا لا يولد لمثله أو ممسوحا أو ولدته لدون ستة أشهر من العقد أو لأكثر ودون أربع سنين وكانت بينهما مسافة لا تقطع في تلك المدة أو لفوق أربع سنين من الفرقة فلا تنقضي العدة بوضعه لكن لو ادعت في الأخيرة أنه راجعها أو وطئها بشبهة وأمكن فهو وإن انتفى عنه تنقضي به العدة وشمل كلامه المنفى بلعان ولهذا لو استلحقه لحقه وما إذا كان الزوج مجبوبا أو خصيا وشمل الحي والميت والمضغة حيث كان فيها صورة خفية أخبر بها القوابل أي قلن هي أصل آدمي وخرج به العلقة إذ لا تسمى حملا وإنما وجبت عدة الوفاة على من لم توطأ بخلاف عدة الطلاق لأن عدة الحياة لحق الزوج صيانة لمائة وعدة الوفاة لحقه تعالى فإن فقد الحمل فثلث عام وهو أربعة أشهر قبل عشر من الليالي بأيامها تستعد من حرة أي تعتد بها للآية الكريمة الناسخة لقوله تعالى ‏{‏متاعا إلى الحول‏}‏ وسواء الكبيرة والصغيرة والموطوءة وغيرها وذات الأقراء وغيرها وزوجة الصبي وغيره لإطلاق الآية المحمولة على الغالب من الحرائر والحائلات وتعتبر الأشهر بالأهلة ما أمكن فإن مات أول الهلال فظاهر أو في خلال شهر بقى منه عشرة أيام أو أقل ضمت إلى ذلك أربعة أشهر بالأهلة وأكملت بقية العشر مما بعدها أو أكثر من عشرة ضمت إلى ذلك ثلاثة أشهر بالأهلة وأكملت عليه مما بعدها بقية أربعين يوما ونصفها وهو شهران وخمسة أيام بلياليها من الأمة الحائل ولو مكاتبة ومبعضة ومدبرة وأم ولد و العدة للطلاق بعد وطء تممه ولو بتغييب الحشفة بوضع حملها سواء أكانت حرة أم غيرها ذات أقراء أم أشهر رأت الدم في مدة الحمل أم لا وكالوطء استدخال ماء الزوج المحترم أما قبل ذلك فلا عدة عليها وكالطلاق الفسخ كلعان ورضاع ولو ظهر في عدة أقراء أو أشهر حمل للزوج اعتدت بوضعه ولا اعتبار بما مضى من الإقراء أو الأشهر لوجود الحمل ولو ارتابت في العدة لثقل وحركة نجدهما لم تنكح حتى تزول الريبة فإن نكحت لم يصح أو بعدها وبعد نكاح آخر استمر النكاح لانقضاء العدة ظاهرا مع تعلق حق الزوج ما لم تلد لدون ستة أشهر من عقده فيتبين بطلانه والولد للأول بخلاف ما إذا ولدت لستة أشهر فأكثر فالولد للثاني أو بعدها قبل نكاح سن لها أن تصبر على النكاح لتزول الريبة فإن نكحت قبل زوالها لم تبطل في الحال بل تقف فإن ولدت لدون ستة أشهر منه تبين بطلانه وإلا فلا بالوضع إن يفقد أي الحمل وهي ممن لم تحض أو يئست فربع السنة من حرة وهي ثلاثة أشهر هلالية إن انطبق الطلاق على أول الشهر كأن علقه به أو بانسلاخ ما قبله فإن طلقت في أثناء شهر فبعده هلالان وتكمل المنكسر ثلاثين يوما من الربع فإن حاضت فيها وجبت الإقراء ونصفها من أمه أو مبعضة إن لم تحيضا أي الحرة والأمة أو إياس حلا بألف الإطلاق بشهر ونصف لكن بشهوة الإماء أولى خروجا من خلاف من أوجبهما لأنهما بدل عن القرءين في ذات الإقراء كما أن الأشهر الثلاثة للحرة بدل عن الإقراء ثلاث أطهار أي أقراء لحرة تحيض لقوله تعالى ‏{‏والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء‏}‏ والأمة بالرفع على الابتداء أو بالجر عطفا على الحرة ولو مبعضة اثنان لفقد التبعيض أي لأن القرء لا يتبعض فكمل وإن عتقت في عدة رجعية كملت عدة حرة أو بينونة فأمة فإن طلقت الحرة طاهرة وقد بقى من زمن الطهر شيء انقضت عدتها بالطعن في حيضه ثالثة أو حائضا فبالطعن في رابعه ولا يحسب طهر من لم تحض قرءا وعدة مستحاضة غير متحيرة بأقرائها المردودة إليها حيضا وطهرا ومتحيرة بثلاثة أشهر في الحال وتعتبر بالأهلة إن انطبق الطلاق على أول الهلال وإلا فإن بقى منه أكثر من خمسة عشر يوما حسب قرءا وتعتد بعده بشهرين بالأهلة وإلا لم يحسب قرءا فتعتد بعده بثلاثة أشهر هلالية والمراد بالأكثر يوم وليلة فأكثر ومن انقطع حيضها ولو لغير علة تصبر حتى تحيض فتعتد بالأقراء أو تيأس فبالأشهر فلو حاضت بعد اليأس في الأشهر وجبت الأقراء ويحسب ما مضى من الطهر قرءا أو بعدها فكذلك إن لم تنكح وإلا فلا شيء عليها والمعتبر في اليأس يأس كل النساء بحسب ما يبلغنا خبره ويعرف وأقصاه اثنتان وستون سنة ولو لزمها عدتا شخص من جنس واحد تداخلتا فإن كانت إحداهما حملا والأخرى أقراء تداخلتا فتنقضيان بوضعه ويقع عن الجهتين ويراجع قبله إن كان الطلاق رجعيا وإن كان الحمل من الوطء أو الشخصين فلا تداخل فإن كان حمل قدمت عدته سابقا إن كان أو لاحقا وإلا قدمت عدة الطلاق وإن تأخر ولو عاشر مطلقته كزوج بلا وطء في عدة أقراء أو أشهر فإن كان بائنا انقضت وإلا فلا ولا رجعة بعد الإقراء أو الأشهر وإن لم تنقض بهما العدة احتياطا ويلحقها الطلاق ما دام يعاشرها وهي كالبائن بعد انقضاء عدتها الأصلية إلا في الطلاق ولو نكح معتدة يظن الصحة ووطئها انقضت عدتها من حين وطئ ولو راجع حائلا ثم طلق استأنفت وإن لم يطأها بعد الرجعة أو حاملا فبالوضع فلو وضعت ثم طلق استأنفت وإن لم يطأها بعد الوضع لحامل وذات رجعة مؤن أي يجب لحامل ولو بائنا بخلع أو ثلاث بسبب الحمل ولرجعية مؤن النكاح لبقاء حق حبس الزوج عليها وسلطنته كنفقة وكسوة وغيرهما إلا مؤنة تنظف فلا تجب لهما فتجب على زوج ولو رقيقا لا لحامل عن شبهة أو نكاح فاسد ولا لمعتدة وفاة ولو حاملا لأنها بانت ونفقة الحمل القريب تسقط بالموت ونفقة العدة مقدرة كزمن النكاح ولا يجب دفعها قبل ظهور حمل فإذا ظهر وجب دفعها يوما بيوم ولو ادعت ظهوره وأنكر فعليها البينة ويقبل فيها النساء ولو ظنت حاملا فأنفق فبانت حائلا استرجع ما دفعه بعد عدتها وتصدق في قدر أقرائها بيمينها إن كذبها وإلا فلا يمين ولا تسقط بمضي الزمن وخرج بالرجعية البائن بخلع أو غيره إذا لم تكن حاملا فلا تجب لها تلك المؤن وذات عدة عن طلاق أو فسخ سواء أكان بردة أم إسلام أم رضاع أم عيب مقارن أم طارئ أم وفاة ولو بائنا بخلع أو ثلاث حاملا كانت أم حائلا تجب لها السكنى ما لم تكن ناشزة فإن عادت للطاعة عاد لها حق السكنى وكالناشزة الصغيرة التي لا تحمل الوطء والأمة التي لم تسلم ليلا ونهارا و تلازم وجوبا السكن حيث الفراق اللائق بها إلى انقضاء عدتها فلا تخرج منه ولا يخرجها منه صاحب العدة حتى لو اتفقا على الخروج منه من غير حاجة لم يجز وعلى الحاكم المنع وكالمعتدة عما ذكر المعتدة عن وطء شبهه أو نكاح فاسد وإن لم تستحق السكنى على الواطئ والناكح وشمل كلامه الرجعية وهو المعتمد والمسكن المملوك له ولا يصح بيعه إلا في عدة ذات أشهر والمستعار والمستأجر وكذا المملوك للمعتدة فيلزمها ملازمته وتطلب الأجرة على ما في المنهاج كأصله لكن المعتمد كما في أصل الروضة أنها تتخير بين بقاتها بإعارة أو إجارة وبين طلب النقلة إلى غيره إذ لا يلزمها بذل منزلها بإعارة ولا إجارة ولو انتقلت إلى مسكن ما أو بلد بإذن الزوج فوجبت العدة قبل وصولها إليه اعتدت فيه وإن لم تنقل شيئا من أمتعتها لأنها مأمورة بالمقام فيه حتى لو وصلت إليه ثم رجعت إلى الأول لنحو نقل أمتعتها فحصلت الفرقة اعتدت في الثاني فإن انتقلت بلا إذن أو وجبت قبل خروجها من الأول اعتدت فيه ما لم يأذن لها في الإقامة في الثاني فتعتد فيه ولو أذن لها في سفر نحو حج أو تجارة ثم رجعت في الطريق فلها الرجوع والمضي وهي معتدة في سيرها فإن مضت أقامت لقضاء حاجتها ثم يلزمها الرجوع وإن كانت عدتها تنقضي في الطريق ولو خرجت من مسكنها فطلق وقال ما أذنت في الخروج أو أذنت لحاجة لا نقله صدق بيمينه وإن اختلفت هي ووراثة في كيفية الإذن صدقت بيمينها ومنزل بدويه وبيتها من شعر كمنزل حضرية أما إذا كان المسكن نفيسا فله النقل إلى لائق بها أو خسيسا فلها طلب لائق بها وإن رجع معير المسكن أو انقضت إجارته ولم يرض بأجره نقلت ثم استثنى المصنف مما اقتضاه وجوب ملازمتها للمسكن من حرمة خروجها منه ما ذكره بقوله لا لحاجة شراء الطعام أو نحوه كشراء قطن وبيع غزل ونحوه نهارا لا ليلا إلا أن لا يمكن ذلك نهارا نعم الرجعية والبائن الحامل تجب مؤنتهما فلا يخرجان إلا بإذن أو لضرورة ومحله إذا حصل ذلك لهما لكن لهما الخروج لباقي حوائجهما من شراء قطن وبيع غزل ونحوهما وكذا لو أعطيتا النفقة دراهم واحتاجتا إلى الخروج لشراء الأدم وأشار بقوله لحاجة الطعام إلا أنه إذا كان لها من يقضيها حاجتها لم يجز خروجها لها وخوفها نفسا ومالا كانهدام أي يجوز خروجها أيضا لخوفها على نفسها أو مالها من هدم أو غرق لأن الخروج لذلك أشد من الخروج للطعام ونحوه وشمل قوله نفسا ومالا نفسها وما لها ونفس غيرها المحترمين كولد ووديعة عندها ويؤخذ من كلامه جواز المهاجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام إذا خافت على نفسها أو دينها أو مالها أو بضعها لوجوبها عليها حينئذ وخروجها لإقامة الحد عليها إن كانت برزة وانتقالها منه إذا تأذت بالجيران أو هم بها أذى شديد ووجوب تغريبها إذا زنت في العدة وهي بكر ولها إن كانت غير رجعية الخروج ليلا إلى دار جاره لغزل وحديث ونحوهما للتأنس بها بشرط أن ترجع وتبيت في بيتها ويمتنع على صاحب العدة مساكنتها ومداخلتها حيث فضلت الدار عن سكنى مثلها لما يقع فيها من الخلوة المحرمة به كالخلوة بالأجنبية فإن كان في الدار محرم لها مميز ذكر أو محرم له مميز أنثى أو زوجة أخرى أو أمة جاز ما ذكر لانتفاء المحذور فيه لكن يكره لأنه لا يؤمن معه النظر ولا عبرة بالمجنون والصغير الذي لا يميز ولو كان في الدار حجرة فسكنها أحدهما والآخر الأخرى فإن اتحدت المرافق كمطبخ ومستراح ومصعد إلى السطح اشترط محرم حذرا من الخلوة فيما ذكر وإلا فلا يشترط ويشترط أن يغلق ما بينهما من باب وأن لا يكون ممر إحداهما على الأخرى حذرا من الخلوة في ذلك وسفل وعلو كدار وحجرة فيما ذكر من أنه إن اتحدت المرافق اشترط محرم وإلا لم يشترط محرم و يجب للوفاة الإحداد وهو الطيب والتزيين أي تركهما يحرم أي فيحرم عليها الطيب في البدن والثوب والطعام والكحل الذي ليس بمحرم والمراد بالتطيب ما يحرم بالإحرام نعم إن احتاجت إليه جاز ويستثنى حالة طهرها من الحيض أما الطيب الكائن معها حالة شروعها في العدة فتلزمها إزالته أيضا بخلاف المحرم ويحرم عليها التزين بأحد أمور منها المصبوغ من اللباس للتزين من قطن وحرير وغيرهما ولو غليظا قبل النسج كالأحمر والأصفر والوردي والأزرق والأخضر الصافيين والبرود وخرج بما ذكر ما لم يصبغ وإن كان نفيسا إذ نفاسته من أصل خلقته لا من زينة دخلت عليه وما صبغ لا للتزيين بل لنحو حمل وسخ أو مصيبة كالأسود والكحلي والأخضر والأزرق المشبعين الكدرين أما الطراز فإن كثر حرم وإلا فإن نسج مع الثوب جاز وإن ركب عليه حرم لأنه محض زينة ومنها التحلي بالحب الذي يتزين به كاللؤلؤ والمصبوغ من ذهب أو فضة أو غيرهما من خلخال وسوار وخاتم وغيرها حتى لو تحلت بنحاس ونحوه وموهته بذهب أو فضة أو ما يشبههما بحيث لا يظهر إلا بالتأمل أو كانت ممن يتحلى بالنحاس ونحوه حرم نعم إن لبست ذلك ليلا ونزعته نهارا جاز فإن كان لحاجة كإحرازه لم يكره وإلا كره ومنها الخضاب بحناء أو زعفران أو غيرهما في جميع البدن على ما قاله ابن يونس لكن حكى الشيخان عن الروياني إنما يحرم فيما يظهر كالوجه واليدين والرجلين لا فيما تحت الثياب واقتصرا عليه نعم نظر فيه البلقيني ومنها الاكتحال بالأثمد وهو الكحل الأسود والصبر وهو الأصفر وإن لم يكن فيهما طيب لما فيهما من الزينة سواء أكانت بيضاء أم سوداء إلا لحاجة كرمد فتفعله ليلا وتمسحه نهارا فإن دعت حاجتها إليه نهارا جاز أما الكحل الأبيض كالتوتياء فجائز إذ لا زينة فيه كالشعر فليس يدهن أي يحرم عليها دهن شعر رأسها ولحيتها إن كانت وإن لم يكن فيه طيب لما فيه من الزينة أما سائر البدن فلا يحرم دهنه بما لا طيب فيه كالشيرج والسمن لا بما فيه طيب كدهن البان والبنفسج وعلم مما تقرر حرمة تحمير الوجه وتبييضه بالإسفيذاج أو تصفيره بما له صفرة وتسويد الحاجب وتصغيره وتطريف الأصابع ونقش الوجه وجواز التزين بفرش وستور وأثاث البيت وغسل الرأس وامتشاطه ودخول الحمام إن لم يكن فيه خروج محرم وإزالة الوسخ وقلم الإظفار وأنه لا يجب الاحداد على المعتدة لغير الوفاة لأنها إن كانت مطلقة فهي مجفوة بالطلاق أو مفسوخا نكاحها فالفسخ منها أو لمعنى فيها فلا يليق بها فيهما إيجاب التفجع أو موطوءة بشبهة أو نكاح فاسد أو أم ولد لأن التفجع لإظهار ما فات من عصمة النكاح ولم توجد نعم يندب ذلك للمطلقة وفي معناها المفسوخ نكاحها ولو تركت من وجب عليها الإحداد عصت وانقضت عدتها كما لو فارقت المسكن الذي يجب عليها الإقامة به ولو بلغتها الوفاة بعد مدة العدة كانت منقضية وتحل للمرأة الإحداد على غير زوج ثلاثة أيام فأقل وتحرم الزيادة عليها‏.‏