فصل: باب الغصب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: غايـة البيـان شرح زبد ابن رسـلان ***


باب الحجر

565 - جَمِيعُ مَن عليهِ شرعاً يُحْجَرُ *** صَغِيرٌ أو مَجنُونٌ أو مُبَذِّرُ

566 - تَصْرِيفُهُم لِنَفْسِهِمْ قد أُبْطِلا *** ومُفْلِسٌ قد زادَ دَيْنُهُ على

567 - أموالِهِ بَحَجْرِ قاضٍ بَطَلا *** تَصْرِيفُهُ بِكُلِّ ما تَمَوَّلا

568 - لاذِمَّةٍ والمَرَضُ المَخُوفُ *** اِنْ ماتَ فيهِ يُوقَفُ التَّصْرِيفُ

569 - فيمَا على ثُلْثٍ يزيدُ عندَهُ *** على إِجَازَةِ الورِيثِ بعدَهُ

570 - والعَبْدُ لَم يُؤْذَنْ لَهُ في مَتْجَرِ *** يُتْبَعّ بالتَّصرِيفِ للتَّحَرُّرِ

باب الحجر‏:‏ هو لغة المنع وشرعا المنع من التصرف المالي والأصل فيه قوله تعالى ‏{‏وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح‏}‏ الآية وقوله تعالى ‏{‏فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا‏}‏ الآية والسفيه المبذر والضعيف الصبي والذي لا يستطيع أن يمل المغلوب على عقله وهو نوعان أحدهما ما شرع لمصلحة المحجور عليه لنفسه والثاني ما شرع لمصلحة غيره كالحجر على من عنده ماء يتطهر به وقد دخل وقت الصلاة فلا يصح بيعه ولا هبته مع احتياجه له وكذلك السترة والمصحف لغير الحافظ والحجر على معير الأرض للدفن بعده إلى أن يبلى الميت وعلى المشتري في المبيع قبل القبض وعلى المردود عليه بالعيب إلى رد الثمن والحجر الغريب وهو الحجر على المشتري في المبيع وجميع أمواله إلى إعطاء الثمن وكذلك المستأجر والحجر على المشتري بشرط الاعتاق فليس له بيعه ولو بهذا الشرط وعلى العبد المأذون لحق الغرماء وعلى المشتري في نعل الدابة المردودة بالعيب المتروك للبائع إذا كان قلعه يحدث عيبا إلى حين سقوطه وعلى الراهن لحق المرتهن وعلى المرتهن في بيع الجارية المرهونة إذا أحبلها الراهن المعسر إلى أن تضع وتسقى الولد اللبأ ويستغنى بغيرها وعلى الممتنع من إعطاء الدين وماله زائد إن التمسه الغرماء وعلى الغاصب في المغصوب المخلوط بما لا يتميز إلى إعطاء البدل وعلى مالك الرقيق المغصوب الذي أدى الغاصب قيمته لإباقه ثم وجده إلى استرداد القيمة وعلى المالك فيما استأجر على العمل فيه كما لو استأجر صباغا لصبغ ثوب وسلمه له فليس له بيعه إلا بعد انتهاء العمل وتوفية الأجرة وعلى المريض لحق الورثة وعلى الورثة في التركة لحق الميت والغرماء وعلى الأصل الواجب إعفافه في الامة التي ملكها له فرعه حتى لا يعتقها وعلى الموصى له بعين ممن ماله غائب وعلى السيد في نفقة أمته وكسب عبده الذين زوجهما إلى إعطاء البدل وعلى الورثة في الدار التي استحقت المعتدة بالحمل أو بالأقراء السكنى فيها إلى انقضاء العدة وعلى المرتد لحق المسلمين وعلى السيد في بيع أم الولد وعلى من نذر إعتاق عبد بعينه فلا يخرج عنه إلا بالإعتاق ومع ذلك ليس له التصرف فيه بخلاف ما إذا نذر الصدقة بدرهم بعينه فإنه يزول ملكه عنه للفقراء وعلى السيد في الرقيق المكاتب وعلى الرقيق ولو مكاتبا لحق سيده ولله تعالى‏.‏

وقد أشار الناظم إلى النوع الأول وبعض أقسام الثاني جميع من عليه شرعا يحجر أي جميع من يحجر عليه شرعا لمصلحة نفسه صغير أو مجنون أو مبذر بدرج الهمزة فيهما للوزن وهو المضيع للمال باحتمال غبن فاحش في المعاملة أو رمية في بحر أو إنفاقة في محرم نعم صرفه في المطاعم والملابس والصدقة ووجوه الخير ليس بتبذير وإن لم تلق بحاله ويرتفع حجر الصبي ببلوغه رشيدا وهو صلاح الدين والمال فلا يفعل محرما يبطل العدالة من ارتكاب كبيرة أو إصرار على صغيرة ولم تغلب طاعاته معاصيه ولو بذر بعد رشده أعاد الحاكم الحجر عليه إذ هو وليه حينئذ ولو فسق لم يحجر عليه ويرتفع حجر المجنون بالإفاقة ومن له أدنى تمييز كالصبي المميز والبلوغ باستكمال خمس عشرة سنة قمرية أو بخروج المنى لإمكانه وأقله تسع سنين وإنبات شعر العانة الخشن دليل على بلوغ ولد الكافر لا المسلم بخلاف شعر الإبط واللحية لندورهما قبل خمس عشرة سنة ويجوز النظر للعانة للشهادة وتزيد المرأة بالحيض والحبل فيحكم ببلوغه قبل الولادة بستة أشهر وشيء فلو أتت المطلقة بولد يلحق الزوج حكمنا ببلوغها قبل الطلاق ولو أمنى الخنثى من ذكره وحاض من فرجه حكم ببلوغه لا إن وجد من أحدهما ولا بد من اختبار الرشد فيختبر ولد التاجر بالمماكسة في البيع والشراء وولد الزراع بالزراعة والنفقة على القوام بها والمرأة بما يتعلق بالغزل والقطن وصون الأطعمة عن الهرة والفأرة وحفظ متاع البيت مرات وكل بما يليق به حتى يغلب على الظن رشده وذلك قبل البلوغ ويسلم إليه المال ليماكس لا ليعقد فإن تلف في يده لم يضمن الولي ثم ولي الصبي والمجنون ومن بلغ سفيها الأب وإن علا ثم وصى من تأخر موته منهم ثم الحاكم ولا تلى الأم ويتصرف الولي بالمصلحة ويبنى له دوره بالطين والآجر لا اللبن والجص ولا يبيع العقار وآنية النقية كنحاس ونحوه إلا لضرورة أو غبطة ظاهرة وله بيع ماله بعرض ونسيئة للمصلحة وإذا باع نسيئة زاد على ثمنه قدرا لائقا بالأجل وأشهد وارتهن رهنا وافيا من مشتر ثقة موسر لأجل قصير عرفا ويأخذ له بالشفعة أو يترك بحسب المصلحة ثم أشار إلى نتيجة الحجر على الثلاثة وفائدته بقوله تصريفهم لنفسهم قد أبطلا بألف الإطلاق أي تصرفهم في المال بيعا وشراء وقرضا وغيرها من التصرف القولي والفعلي قد أبطله الشارع لمصلحة أنفسهم ويؤاخذون بما يتلفونه لأنه من باب خطاب الوضع في غير السفيه وتصح وصية سفيه وتدبيره وطلاقه وخلعه زوجته ونفيه النسب ولو صالح عن قصاص لزمه على الدية فأكثر لم يمنعه الولي وله عقد الجزية بدينار بلا إذن وليه ويمتنع منه ومن وليه على أكثر منه ويصح قبوله الهبة ولو نذر التصدق بمال في ذمته صح أو بعين فلا ولا تصح تصرفاته المالية بإذنه ويصح إقراره بحد أو قصاص وحكمه في العبادات كرشيد لكن لا يفرق الزكاة بنفسه ومفلس قد زاد دينه الذي عليه لآدمي وهو حال لازم على أمواله بحجر قاض عليه بطلا بألف الإطلاق تصريفه المالي المفوت لتعلق حق الغرماء به حينئذ في كل ما تمولا ويحجر الحاكم وجوبا بسؤاله أو بسؤال الغرماء أو بعضهم ودينه يحجر به وله الحجر من غير سؤال إذا كان الدين لصبي أو مجنون أو سفيه ولا تحل الديون بالحجر ولا بالجنون وخرج بقوله قد زاد دينه على أمواله من زاد ماله على دينه واستويا فإنه لا يحجر عليه وإن لم يكن كسوبا وكانت نفقته من ماله ويندب للقاضي أن يشهد على حجره ليحذر الناس معاملته لا ذمة أي يبطل تصرفه بعد الحجر في عين ماله لا تصرفه الكائن في ذمته فانه لا يبطل إذ لا حجر عليه فيها ولا ضرر فيه على الغرماء فلو باع سلما أو اشترى في الذمة صح وثبت المبيع الثمن في ذمته ويتعدى الحجر إلى ما حدث بعده ويصح إقراره بعين مطلقا أو دين أسنده إلى ما قبل الحجر وإن أطلق روجع فان تعذرت مراجعته فكالإسناد إلى ما بعد الحجر فلا يقبل إلا إذا أسنده لإتلاف أو جناية وإن نكل المفلس أو وارثه عن اليمين المردودة أو عن اليمين مع الشاهد لم يحلف غريم المفلس ثم القاضي يبيع مال المفلس أو يكرهه على البيع وكذا المديون الممتنع من أداء ما عليه ويستحب أن يكون ذلك بحضور المفلس ومستحقي الدين ويقدم بيع ما يخاف فساده ثم ما تعلق بعينه دين ثم الحيوان ثم المنقول ثم العقار ويباع مسكنه وخادمه وإن احتاج إليهما وكذا مركوبه ويبيع كل شئ في سوقه فلو باع في غيره بثمن المثل من نقد البلد صح ويقسم الأثمان بين الغرماء بنسبة ديونهم الحالة من غير طلب بينة بانحصار الغرماء وإن ظهر دين بعد القسمة رجع صاحبه بما يخص دينه ولو ظهر ما باعه الحاكم مستحقا رجع المشترى بكل الثمن في مال المفلس وينفق الحاكم على المفلس وعلى ممونه من زوجة سابقة الحجر وقريب وإن حدث بعد الحجر نفقة المعسرين إلى الفراغ من بيع ماله ويكسوهم بالمعروف إن لم يكن له كسب يفي بذلك ويترك له دست ثوب يليق به ولمن تلزمه مؤنته وسكنى ونفقة يوم القسمة ويؤجر القاضي الموقوف عليه وأم ولده وتصرف الأجرة للغرماء والمرض المخوف بأن ظنناه مخوفا و إن أي إن مات المريض فيه يوقف التصريف أي تصرفه فيما على ثلث أي ثلث ماله يزيد عنده أي عند الموت أي أو كان تبرعا لوارثه على إجازة الوريث بعده أي بعد الموت والوريث بفتح الواو وكسر الراء بوزن فعيل بمعنى الوارث أو بقيتهم في الثانية وخرج بالمخوف ما إذا ظنناه غير مخوف فمات فإنه إن حمل على الفجأة كوجع الضرس نفذ تصرفه وإلا كإسهال يوم أو يومين فمخوف وبقوله إن مات فيه ما لو برئ منه فإنه ينفذ وعلم من كلامه أن المعتبر في قدر الثلث وقت الموت وأنه لا عبرة بإجازة الوارث أو رده قبله والإجازة تنفيذ لا ابتداء عطية فلا يحسب من ثلث من يجيز في مرضه القدر الذي أجازه ولا يتوقف على إجازة ورثته ومن المخوف قولنج وذات جنب ورعاف دائم وإسهال متواتر أو ينحرف البطن فلا يمكنه الاستمساك ويخرج الطعام غير مستحيل أو يكون معه زحير وهو الخروج بشدة ووجع أو بعجلة ويمنعه النوم أو يكون معه دم من كبد أو عضو شريف ودق وابتداء فالج ويلحق بالمخوف أسر من اعتادوا قتل الأسرى والتحام قتال بين متكافئين أو قريبي التكافؤ وتقديم لقصاص أو رجم واضطراب ريح وهيجان موج في حق راكب سفينة وطلق حامل وبعد الوضع ما لم تنفصل المشيمة ووقوع الطاعون في بلده إذا وقع في أمثاله وفشو الوباء مخوف ولو في حق من لم يصبه وإذا اختلف الوارث والمتبرع عليه في كون المرض مخوفا فالقول قول المتبرع عليه وعلى الوارث البينة ولا يثبت إلا بشهادة رجلين فإن كانت العلة بامرأة على وجه لا يطلع عليه الرجال غالبا يثبت برجلين أو رجل وامرأتين أو أربع نسوة مع العلم بالطلب وضابط ما يحسب من الثلث في غير الوارث كل تصرف فوت ما لا حاصلا أو كمينا كما في ثمر المساقاة ومنافع غير بدن المريض بغير عوض المثل ككونه بغبن فاحش أو مجانا بلا استحقاق شرعي أو فوت يدا كما في البيع بمؤجل ولو بأكثر من قيمته أو اختصاصا كما في السرجين ونحوه وإذا اجتمع تبرعات متعلقة بالموت وعجز عنها الثلث فإن تمحض العتق أقرع أو غيره قسط عليه الثلث أو اجتمع هو وغيره قسط عليهما بالقيمة أو منجزة قدم الأول فالأول حتى يتم الثلث فإن بقى شيء وقف على إجازة الوارث فإذا وجدت تلك التبرعات دفعة واتحد الجنس كعتق عبيد وإبراء جمع أقرع في العتق وقسط في غيره والعبد أي الرقيق إن لم يؤذن له في متجر من سيده يتبع بالتصريف للتحرر أي العتق واللام فيه بمعنى في أو عند أو بعد فلا يصح تصرفه ببيع ولا شراء ولا قرض ولا ضمان ولا غيرها لأنه محجور عليه لحق سيده فيتبع بما تلف تحت يده أو أتلفه بعد عتقه لأنه لزمه برضا مستحقه نعم يصح خلعه وقبوله الهبة والوصية بغير إذن سيده إلا إن كان الموصى به أو الموهوب أصل سيده أو فرعه وكانت نفقته واجبة على سيده في الحال أما إذا أذن سيد الرقيق له في التجارة فله ذلك بيعا وشراء ولازمهما كالرد بالعيب والمخاصمة في العهدة ولو أبق لم ينعزل فله التجارة ولو في موضع الإباق إلا أن يخص سيده الإذن بغيره ولا يصير بسكوت سيده على تصرفه مأذونا له وإذا أذن له في نوع من المال لم يصر مأذونا له في غيره أو قيد الإذن بوقت كسنة لم يكن مأذونا له بعد انقضاء ولا يستفيد بالإذن في التجارة التصرف في رقبته ببيع ولا غيره ولا في منفعتها بإجارة أو جعالة ولا فيما اكتسبه بنحو احتطاب واصطياد وقبول هبة ونحوها ولا يعامل سيده ولا مأذونه وله الإذن لعبد التجارة في تصرف معين لا في التجارة ويكفى في جواز معاملة الرقيق بينة بإذن سيده له أو إخبار عدل به أو شيوع ذلك بين الناس أو سماع من يعامله ذلك من سيده ولا يكفى فيه قول الرقيق أما لو قال حجر على سيدي لم تجز معاملته ولو نفى ذلك السيد وقال لم أحجر عليه لأنه هو العاقد وهو يقول إن عقده باطل ويحصل الحجر على الرقيق المأذون باعتاقه أو بيعه ولو عرف أن الرقيق مأذون له وعامله فله أن يمتنع من تسليم المبيع له حتى يشهد بالإذن له عدلان كما أن له الامتناع من الدفع إلى الوكيل ولو صدقه على الوكالة حتى يثبت ذلك بالبينة ثم لو أعتق المأذون كان لصاحب الدين مطالبته بدين التجارة كما يطالب بذلك عامل القراض والوكيل ولو بعد عزلهما مع رب المال فلصاحب الدين مطالبته في الصور الثلاث ولو أدى العامل أو الوكيل رجع على المالك بما أدى بخلاف العبد لا يرجع على السيد بما أداه بعد عتقه ويؤدى المأذون ديون التجارة من كسبه الحاصل قبل حجر السيد كاحتطاب واصطياد ومن مال التجارة أصلا وربحا من كسبه بعد الحجر عليه ولا يتعلق برقبته ولا ذمة سيده‏.‏

باب الصلح وما يذكر معه

571 - الصُّلْحُ جائِزٌ مَعَ الإِقْرَارِ *** بعدَ خُصُومَةٍ بِلا إِنْكَارِ

572 - وَهْوَ بِبَعْضِ المُدَّعَى في العَيْنِ *** هِبَةٌ أَو بَرَاءَةٌ للدَّيْنِ

573 - وفي سِوَاهُ بَيْعٌ أَوْ إِجَارَهْ *** والدَّارُ للسُّكْنَى هِيَ الإِعَارَهْ

574 - بالشَّرْطِ أَبْطِلْ وأَجِزْ في الشَّرْعِ *** على مُرُورِهِ وَوَضْعِ الجِذْعِ

575 - وَجَازَ إِشْرَاعُ جَنَاحٍ مُعْتَلِي *** لِمُسْلِمٍ في نافِذٍ مِن سُبُلِ

576 - لَمْ يُؤْذِ مَنْ مَرَّ وقَدِّمْ بابَكَا *** وجَازَ تأخِيرٌ بِإِذْنِ الشُّرَكَا

باب الصلح وما يذكر معه‏:‏ وهو لغة قطع النزاع وشرعا عقد يحصل به ذلك وهو أنواع صلح بين المسلمين والكفار وبين الإمام والبغاة وبين الزوجين عند الشقاق وصلح في المعاملة وهو مقصود الباب والأصل فيه قبل الإجماع قوله تعالى ‏{‏والصلح خير‏}‏ وخبر الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا والكفار كالمسلمين وإنما خصهم بالذكر لانقيادهم إلى الأحكام غالبا فالصلح الذي يحل الحرام كأن يصالح على خمر أو نحوه والذي يحرم الحلال كأن يصالح على أن لا يتصرف في المصالح به ولفظه يتعدى للمتروك بمن وعن وللمأخوذ بعلى والباء غالبا الصلح عما يدعى به عينا أو دينا على غير المدعى به أو على بعضه جائز مع الإقرار به من المدعى عليه إن سبقت خصومة الإنكار وفي نسخة بدل هذا بعد خصومة بلا إنكار وخرج به ما إذا جرى من غير سبق خصومة كأن قال من غير سبقها صالحني من دارك على كذا فلا يصح لكنه كناية في البيع فإن نوياه به صح وخرج بقوله مع الإقرار الصلح مع إنكار المدعى عليه أو مع سكوته فلا يصح سواء أصالح على نفس المدعى به أو على بعضه عينا كان أو دينا أو على غيره إذ لا يمكن تصحيح التمليك مع الإنكار لاستلزامه أن يملك المدعى به ما لا يملكه ويتملك المدعى عليه ما يملكه وسواء أصالحه عن المدعى به أم عن الدعوى فلو قال المنكر صالحني عن دعواك على كذا لم يصح بل الصلح عن الدعوى لا يصح مع الإقرار أيضا إذ الدعوى لا يعتاض عنها ولا يبرأ منها ولو أقام المدعى بينة بعد الإنكار صح الصلح لثبوت الحق بها كثبوته بالإقرار ولو أنكر فصولح ثم أقر لم يصح الصلح ولو ادعى عينا فقال رددتها إليك ثم صالحه صح إن كانت مضمونة إذ قوله في الرد غير مقبول وقد أقر بالضمان بخلاف ما إذا كانت أمانة فلا يصح الصلح لأن القول قوله فيكون صلحا على إنكار نعم إذا قال أجنبي إن المدعى عليه أقر عندي سرا ووكلني في مصالحتك فصالحه صح لأن قول الإنسان في دعوى الوكالة مقبولة في المعاملات ومحله إذا لم يعد المدعى عليه الإنكار بعد دعوى الوكالة فلو أعاد كان عزلا فلا يصح الصلح منه ولو قال هو منكر ولكنه مبطل في إنكاره فصالحني له لتنقطع الخصومة بينكما فصالحه صح إن كان المدعى به دينا لا عينا وإن قال فصالحني لنفسي فإن كان المدعى به دينا لم يصح وإن كان عينا فهو شراء مغصوب إن قدر على انتزاعه صح وإلا فلا وهو أي الصلح عما يدعى به ببعض المدعى به في العين كأن صالح من دار على بعضها هبة للبعض الآخر لصدق الهبة عليه فيثبت فيه ما يثبت فيها من إيجاب وقبول وقبض بإذن أو مضى زمن إمكانه ويصح بلفظ الهبة أيضا أو براءة بدرج الهمزة للوزن في الدين كأن صالح من ألف في الذمة على بعضها فيثبت فيه ما يثبت في الإبراء ويصح بلفظ الإبراء والحط والإسقاط ونحوها نحو أبرأتك من خمسمائة من الألف الذي لي عليك أو حططتها عنك أو أسقطتها وصالحتك على الباقي ولا يشترط في ذلك القبول وإن اقتصر على لفظ الصلح كقوله صالحتك عن العشرة التي لي عليك على خمسة اشترط القبول لأن لفظ الصلح يقتضيه وهذان القسمان يسميان صلح الحطيطة وفي سواه أي المدعى به لفظة في فيه بمعنى الباء أو على بيع كأن صالح من دار أو دين على ثوبه أو عشرة في الذمة فهو بيع من المدعى للمدعى عليه للشيء المدعى به بلفظ الصلح يثبت فيه أحكامه كالخيار والشفعة والرد بالعيب ومنع تصرفه في المصالح عليه قبل قبضه واشتراط التقابض في المصالح عنه والمصالح عليه إن اتفقا في علة الربا أو إجارة بدرج الهمزة للوزن كأن صالح من دار أو ثوب على خدمة عبده شهرا فهو إجارة على المنفعة بالعين المدعاة تثبت فيها أحكامها والدار للسكنى هو الإعارة يعنى إذا صالح على منفعة المدعى به أو منفعة بعضه كسكنى الدار المدعاة فهو إعارة للمدعى به يرجع فيها متى شاء فإن عين مدة كانت إعارة مؤقتة وإلا فمطلقة وقد يكون الصلح سلما بأن يجعل المدعى به رأس مال السلم وجعالة كقوله صالحتك من كذا على رد عبدي وخلعا كصالحتك من كذا على أن تطلقني طلقة ومعاوضة عن دم كصالحتك من كذا على ما أستحقه عليك من القصاص وفداء كقوله للحربي صالحتك من كذا على إطلاق هذا الأسير وفسخا كأن صالح من المسلم فيه على رأس المال وقربة في أرض وقفت مسجدا فادعاها شخص وأنكر الواقف فصالحه آخر بالشرط أبطل أنت الصلح كصالحتك بكذا على أن تبيعني أو تؤجرني المكان الفلاني بكذا أو على إبرائك من كذا إن أعطيتني الباقي لأنه إما هبة أو إبراء أو بيع أو إجارة وكل بهذا الشرط ونحوه غير صحيح فكذلك ما كان بمعناه ولو صالح من عشرة مؤجلة على خمسة حالة لم يصح لأن صفة الحلول لا يصح إلحاقها والخمسة إنما تركها في مقابلة ذلك فإذا انتفى الحلول انتفى الترك وأجز في الشرع على مروره في درب مثلا منع أهله استطراق من لاحق له فيه لأنه انتفاع بالأرض ثم إن قدر مدة فإجارة وإن أطلق أو شرط التأبيد فبيع لجزء شائع من الدرب تنزيلا للمصالح منزلة أحدهم كما لو صالح على إجراء نهر في أرضه ويكون ذلك تمليكا للنهر ووضع الجذع بإعجام الذال بمال على جدار بين دارين يختص به أحد المالكين أو يكون مشتركا ولا يجبر عليه فلو رضى بالوضع بلا عوض فهو إعارة يرجع فيها قبل الوضع وبعده كسائر العوارى أو بعوض على مدة معلومة فإجارة وإن أذن فيه بلفظ البيع أو الصلح وبين الثمن فهذا عقد فيه شوب بيع وإجارة لكونه على منفعة لكنها مؤبدة للضرورة وجاز إشراع جناح أي خشب خارج وكذا ساباط وهو سقيفة على حائطين هو بينهما معتلى أي عال بحيث يمر تحته منتصبا وعلى رأسه الحمولة العالية سواء كان الشارع واسعا أم ضيقا وإن كان ممر الفرسان والقوافل اعتبر أيضا أن يمر تحته المحمل على البعير مع أخشاب المظلة لأن ذلك وإن ندر قد يتفق لمسلم فلا يجوز الإشراع للكافر في نافذ بإعجام الذال من سبل أي طرق أما غير النافذ فلا يجوز ذلك فيه إلا بإذن أهله لم يؤذ من مر فإن آذاه ولو بإظلام الموضع لم يجز ويزيله الحاكم ويمتنع الصلح على ذلك بمال وإن كان المصالح هو الإمام ولم يضر المارة إذ الهواء لا يفرد بالعقد وإنما يتبع القرار وما لا يضر في الشارع يستحق الإنسان فعله فيه من غير عوض كالمرور واحترز بالجناح أي وما في معناه من التصرف عن غيره كبناء دكة أو غرس شجرة فإن ذلك لا يجوز وإن لم يضر لأن شغل المكان بما ذكر مانع من الطروق وقد تزدحم المارة فيصطكون به وقدم بابكا بألف الإطلاق أي جوازا في درب غير نافذ إلى رأس الدرب لأنه تصرف في ملكك مع تركك لبعض حقك لكن يلزمك سد الأول وجاز لك تأخير لبابك عن رأس الدرب بإذن الشركا في الدرب وأهل الدرب غير النافذ من نقد باب داره إليه لا من لاصقه جداره وتختص شركة كل واحد بما بين رأس الدرب وباب داره‏.‏

باب الحوالة

577 - شَرْطٌ رِضَا المُحِيلِ والمُحْتالِ *** لُزُومُ دَيْنَيْنِ اتِّفَاقُ المَالِ

578 - جِنْسَاً وقَدْرَا أجَلا ًوكَسْرا *** بها عَنِ الدَّيْنِ المُحِيلُ يَبْرَا

باب الحوالة‏:‏ هو بفتح الحاء أفصح من كسرها من التحول والانتقال وفي الشرع عقد يقتضى نقل دين من ذمة إلى ذمة والأصل فيها قبل الإجماع خبر مطل الغنى ظلم وإذا أتبع أحدكم على ملئ فليتبع بإسكان التاء في الموضعين والامر للندب وصرفه عن الوجوب القياس على سائر المعاوضات ولها أركان محيل ومحتال ومحال عليه ودين للمحتال على المحيل ودين للمحيل على المحال عليه وصيغة وهي بيع دين بدين جوز للحاجة ولهذا لم يعتبر التقابض في المجلس وإن كان الدينان ربويين شرط صحتها رضا المحيل والمحتال لأن للمحيل أن يوفى دينه من حيث شاء فلا يلزم بجهة وحق المحتال في ذمة المحيل فلا ينتقل إلا برضاه والمراد برضاهما الإيجاب والقبول كما في البيع ونحوه وعبروا هنا بالرضا تنبيها على أنه لا يجب على المحتال الرضا بالحوالة كسائر المعاوضات وتوطئة لقولهم لا يشترط رضا المحال عليه أي لأنه محل الحق والتصرف كالعبد المبيع ولأن الحق للمحيل فله أن يستوفيه بغيره كما لو وكل غيره بالاستيفاء وصيغتها نحو أحلتك على فلان بالدين الذي لك على أو نقلت حقك إلى فلان أو جعلت ما أستحقه على فلان لك أو ملكتك الدين الذي لي عليه بحقك و لزوم دينين أي يشترط لزوم دينين من المحال به والمحال عليه وتصح بالثمن في مدة الخيار وعليه لأن الأصل اللزوم وتصح بالجعل قبل الفراغ ولا عليه وتصح بنجوم الكتابة لا عليها وتصح بدين معاملة للسيد على مكاتبه وعلم مما مر أنها لا تصح بدين السلم ولا عليه لعدم جواز بيعه وأنها تصح بالثمن قبل قبض المبيع والأجرة قبل مضي المدة والصداق قبل الدخول والموت ونحوها وعليها و اتفاق المال أي يشترط اتفاق الدينين جنسا وقدرا وصفة و أجلا وكسرا وقد يفهم من اعتبار التساوي في الصفة أنه لو كان بأحدهما رهن أو ضامن اعتبر كون الآخر كذلك وليس كذلك بل لو أحاله على دين به رهن أو ضامن انفك الرهن وبرئ الضامن لأن الحوالة كالقبض بدليل سقوط حبس المبيع والزوجة فيما إذا أحال المشتري بالثمن والزوج بالصداق ويشترط أيضا علمهما بتساوي الدينين في الجنس والقدر والصفة فلو جهلاه أو أحدهما لم تصح وإن تساوى الدينان في نفس الأمر لأنها معاوضة فلا بد من علمهما بحال العوضين وإنما اشترط استواء القدر في غير الربوي لما مر أن لحوالة عقد إرفاق إلى آخره فلا تصح بإبل الدية ولا عليها و بها أي الحوالة عن الدين الذي للمحتال المحيل يبرا عن دينه المذكور ويلزم من ذلك براءة ذمة المحال عليه عن دين المحيل فلا رجوع للمحتال على المحيل وإن كان المحال عليه مفلسا عند الحوالة وجهل إفلاسه أو أفلس أو أنكر الحوالة أو دين المحيل كما لا رجوع له فيما لو اشترى شيئا وغبن فيه أو أخذ عوضا عن دينه وتلف عنده ولأنه أوجب في الخبر اتباع المحال عليه مطلقا ولأنه لو كان له الرجوع لما كان لذكر الملاءة في الخبر فائدة لأنه إن لم يصل إلى حقه رجع به فعلم بذكرها أن الحق انتقل انتقالا لا رجوع به فيها وأن فائدة ذكرها حراسة الحق وإلا فهي صحيحه على غير الملئ بالإجماع فلو شرط الرجوع بشيء من ذلك فسد الشرط والحوالة وتبطل الحوالة بفسخ البيع في زمن الخيار أو بالإقالة أو بالتحالف أو بالعيب إن أحال المشتري البائع بخلاف ما إذا أحال البائع على المشتري لا تبطل الحوالة برد المبيع بشيء مما ذكر لتعلق الحق هنا بثالث فيبعد ارتفاعهما بفسخ يتعلق بالعاقدين ثم إذا أخذ المحتال حقه من المشتري رجع به المشتري على البائع ولا يرجع به قبل الأخذ منه وإن كانت الحوالة كالقبض لأن الغرم إنما يكون بعد القبض حقيقة لا حكما ولو باع رقيقا وأحال بثمنه ثم اتفق المتبايعان والمحتال على حريته أو ثبتت بينة بطلت الحوالة وإن كذبهما المحتال ولا بينة حلفاه على نفي العلم بحريته ثم يأخذ المال من المشتري ويرجع المشتري على البائع‏.‏

باب الضمان

579 - يَضْمَنُ ذو تَبَرُّعٍ وإنَّمَا *** يَضمَنُ دَيْنَاً ثابِتَاً قَد لَزِمَا

580 - يُعْلَمُ كالإِبرَاءِ والمَضْمُونُ لَهْ *** طالَبَ ضامِنَاً ومَن تَأَصَّلَهْ

581 - ويَرجِعُ الضَّامِنُ بالإِذْنِ بِمَا *** أَدَّى إذا أشهَدَ حينَ سَلَّمَا

582 - والدَّرْكُ المَضْمُونُ للرَّدَاءَةِ *** يَشْمَلُ والعَيْبَ ونَقْصَ الصَّنْجَةِ

583 - يَصِحُّ دَرْكٌ بعدَ قَبْضٍ للثَّمَنْ *** وبالرِّضَا صَحَّتْ كَفَالَةُ البَدَنْ

584 - في كُلِّ مَنْ حُضُورُهُ اسْتُحِقَّا *** وكل جُزْءٍ دونَهُ لا يَبْقَى

585 - ومَوْضِعُ المكفُولِ إِن يُعْلَمْ مُهِلْ *** قَدْرَ ذهابٍ وإِيَابٍ اكْتُمِلْ

586 - وإِنْ يَمُتْ أوِ اخْتَفَى لا يَغْرَمُ *** وبَطَلْت بِشَرْطِ مالٍ يَلْزَمُ

باب الضمان‏:‏ هو لغة الالتزام وشرعا يقال لالتزام حق ثابت في ذمة الغير أو إحضار من هو عليه أو عين مضمونة ويقال العقل الذي يحصل به ذلك ويسمى الملتزم لذلك ضامنا وضمينا وحميلا وزعيما وكفيلا وصبيرا وقبيلا والأصل فيه قبل الإجماع خبر الزعيم غارم واستؤنس له بقوله تعالى ‏{‏ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم‏}‏ وكان حمل البعير معروفا عندهم ويدل له خبر الزعيم غارم وخبر أنه صلى الله عليه وسلم تحمل عن رجل عشرة دنانير وخبر أنه صلى الله عليه وسلم أتى بجنازة فقال هل ترك شيئا قالوا لا قال هل عليه دين قالوا ثلاثة دنانير فقالوا صلوا على صاحبكم قال أبو قتادة صل عليه يا رسول الله وعلى دينه فصلى عليه وللضمان خمسة أركان ضامن ومضمون له ومضمون عنه ومضمون به وصيغة يضمن ذو تبرع مختار فلا يصح من مكره ولو رقيقا بإكراه سيده ولا من غير مكلف إلا السكران ولا من محجور عليه بسفه ولو بإذن وليه ولا من رقيق ولو مكاتبا أو أم ولد ولا من مبعض في غير نوبته بدون إذن سيده فإن ضمن الرقيق بإذن سيده صح ولو عن السيد لا له لأنه يؤديه من كسبه وهو لسيده ويؤخذ من العلة صحة ضمان المكاتب سيده وهو كذلك ولو ضمن المأذون له في التجارة وعليه ديون تتعلق بما فضل عنها ولو حجر عليه باستدعاء الغرماء لم يتعلق بما في يده قطعا ويصح ضمان المحجور عليه بفلس ويطالب بما ضمنه بعد فك حجره ولا يصح ضمان من عليه دين مستغرق في مرض موته فلو ضمن في مرضه ثم أقر بدين مستغرق قدم الدين ولا يؤثر تأخير الإقرار به وشمل كلامه صحة الضمان عن الحي ولو رقيقا أو معسرا وعن الميت وعن الضامن ولو ضمن في مرض موته بإذن المديون حسب من رأس المال لأن للورثة الرجوع على الأصيل أو بغير إذنه فمن الثلث ومحل حسبان ضمان المريض بالأذن من رأس المال إذا وجد مرجعا وإنما يضمن دينا ثابتا في الذمة سواء أكان مالا أم عملا فلا يصح ضمان ما ليس بثابت وإن تأخر سبب وجوبه كنفقة الغد للزوجة ونفقة القريب وإبل الدية على العاقلة قبل تمام السنة لأنه توثقة فلا يتقدم ثبوت الحق كالشهادة ويكفى ثبوته باعتراف الضامن وإن لم يثبت على المضمون عنه فلو قال لزيد على عمر وألف وأنا ضامنه لزمه وإن أنكر عمرو ويصح ضمان الزكاة عمن هي عليه ويعتبر الأذن عند الأداء لافتقار الزكاة إلى النية وصورته ما في المهمات في الضمان عن الحي أما الميت فيجوز أداء الزكوات والكفارات عنه وإن انتفى الإذن ولا فرق في ذلك بين أن يسبقه ضمان أولا ثم إن كانت الزكاة في الذمة فواضح أو في العين فيظهر صحتها أيضا كما أطلقوه كالعين المغصوبه و قد لزما أي كونه لازما أو آيلا إلى اللزوم كالثمن في مدة الخيار لا جعل الجعالة قبل فراغ العمل ولا نجوم الكتابة إذ للمكاتب إسقاطها ولا فرق في اللازم بين المستقر كثمن المبيع بعد قبضه وغير المستقر كثمنه قبل قبضه يعلم أي يشترط كونه معلوما للضامن جنسا وقدرا وصفة فلا يصح ضمان المجهول ولا غير المعين كأحد الدينين ويصح ضمان إبل الدية لأنها معلومة السن والعدد ويرجع في صفتها إلى غالب إبل البلد ولو ضمن من واحد إلى عشرة لزمه تسعة ويصح ضمان الحال مؤجلا وعكسه ويثبت الأجل دون الحلول ويشترط فيه أيضا كونه قابلا لأن يتبرع به الإنسان على غيره فلا يصح ضمان القود وحد القذف والأخذ بالشفعة ومعرفة الضامن المضمون له أو وكيله لتفاوت الناس في الإيفاء والاستيفاء تشديدا وتسهيلا وتكفى معرفة عينه وإن لم يعرف نسبه ولا يعتبر رضا المضمون عنه لأن الضمان محض التزام ولا معرفته لجواز أداء دين الغير بدون إذنه ومعرفته فالتزامه في الذمة أجوز كالابراء أي يشترط في الابراء كون المبر أمنه معلوما للمبرئ فقط في غير إبل الدية فلا يصح من مجهول نعم إن كان الابراء في مقابلة طلاق اعتبر علمهما لأنه يؤول إلى معاوضة وإذا أراد أن يبرء من مجهول فطريقه أن يذكر عددا يعلم أنه لا يزيد الدين عليه فلو كان يعلم أنه لا يزيد على مائة مثلا فيقول أبرأتك من مائة ولو قال أبرأتك من درهم إلى مائة لم يبرأ من الواحد ويحتاج إلى إبرائه من درهم ثانيا ولا يصح الابراء من الدعوى وله العود إليها بعد الابراء منها والمضمون له طالب ضامنا ومن تأصله أي للمضمون له مطالبة كل من الضامن والأصيل بالدين له مطالبة الضامن وإن كان الأصيل حاضرا موسرا وإذا طالب المستحق الضامن فله مطالبته الأصيل بتخليصه بالأداء إن ضمن بإذنه وإلا فلا وليس له أن يطالبه قبل أن يطالب لأنه لم يغرم شيئا ولو طولب به ولو كان الأصيل محجورا عليه كصبى فللضامن باذن وليه إن طولب طلب الولى بتخليصه ما لم يزل الحجر فإن زال توجه الطلب إلى المحجور عليه ويقاس بالصبى المجنون والمحجور عليه بسفه سواء أكان الضامن بأذنهما قبل الجنون والحجر أم بإذن وليهما بعد وليس للضامن حبس الأصيل وإن حبس ولا ملازمته إذ لا يثبت به حق على الأصيل بمجرد الضمان وفهم من التخيير في المطالبة بينهما عدم صحة الضمان بشرط براءة الأصيل ولو أبرأ المستحق الأصيل برأ الضامن ولا عكس ولو مات أحدهما حل عليه دون الآخر وإذا مات الأصيل وخلف تركه فللضامن بالإذن مطالبة صاحب الحق بأن يبرئه ولو بابراء الأصيل أو بأخذ حقه من تركته لأنها قد تتلف فلا يجد مرجعا إذا غرم ويرجع الضامن بالاذن بما أدى على الأصيل إن أذن له في الضمان والأداء أو في الضمان فقط أو في الأداء بشرط الرجوع عليه وإلا فلا يرجع نعم إن ثبت الضمان بالبينة وهو ينكر كأن ادعى على زيد وغائب ألفا وان كلا منهما ضمن ما على الأخر باذنه فأنكر زيد فأقام المدعى بينة وغرمه لم يرجع زيد على الغائب بالنصف إذا كان مكذبا للبينة لأنه مظلوم بزعمه فلا يرجع على غير ظالمه ولو أدى الضامن من سهم الغارمين فلا رجوع له ومن أدى دين غيره من غير إذن ولا ضمان لم يرجع به وإن أذن له في الأداء والرجوع أو في الأداء فقط رجع وفرق بينه وبين مسئلة الغسال ونحوها بأن المسامحة في المنافع أكثر من الأعيان وحيث ثبت الرجوع فحكمه حكم القرض حتى يرجع في التقوم بمثله صورة ولو أدى مكسرا عن صحاح لم يرجع إلا بما غرم ولو صالح رجع بالأقل من قيمة ما أداه يوم الأداء ومن الدين ولو باعه ثوبا قيمته خمسة بعشرة قدر الدين وتقاصا رجع بالعشرة لثبوتها في ذمته وكذا لو قال بعتكه بما ضمنته وإنما يرجع الضامن والمؤدى إذا أشهد كل منهما حين سلما رجلين أو رجلا و امرئتين أو رجلا ليحلف معه إذا لشاهد مع اليمين حجة كافية ولا يضر احتمال الرفع إلى حنفى كما لا تضر غيبته ولا موته ولا بد في شاهدى الأداء من العدالة نعم لو أشهد مستورين فبان فسقهما ولا يكفى إشهاد من يعلم قرب سفره ولو قال أشهدت وماتوا أو غابوا رجع إن صدقه أو أشهدت فلانا وفلانا فكذباه فكما لو لم يشهد ولو قالا لا ندرى وربما نسينا فلا رجوع ولو أذن المدين للمؤدى في تركه فتركه وصدقه على الأداء وأدى بحضرته أو صدقه المستحق في الأداء رجع والألف في لزما وسلما للاطلاق والدرك المضمون صحيح ويسمى ضمان العهدة وإن لم يكن بحق ثابت للحاجة إليه وهو أن يضمن للمشترى الثمن بتقدير خروج المبيع مستحقا او متصفا بشئ مما يأتى ويصح ضمان الدرك للمكترى للرداءة للثمن أو المبيع يشمل أي يشملها ويشمل العيب في الثمن أو المبيع و يشمل نقص الصنجة التى وزنها بها الثمن او المبيع من غير ذكر استحقاق أو فساد أو رداءة او عيب أو نقص صنجة وتبع الناطم في ذلك الحاوى الصغير والأصح في الشرح الصغير والروضة عدم شموله للفساد والرداءة والعيب ونقص الصنجة لأن المتبادر منه الرجوع بسبب الاستحقاق ولو قال ضمنت لك خلاص المبيع لم يصح لأنه لا يستقبل بتخليصه إذا استحق بخلاف ضمنت لك خلاصك منه فإنه كضمان الدرك وإنما يصح درك أي ضمان الدرك بعد قبض للثمن فإن لم يقبض لم يصح ضمانه لأنه إنما يضمن ما دخل في ضمان المضمون عنه ولزمه رده بالتقدير المار ولو عبر الناظم بالعوض بدل الثمن لتناول كلامه ضمان الدرك للبائع بأن يضمن له المبيع إن خرج االثمن المعين مستحقا إلا أنه تبع الجمهور في فرض ذلك للمشترى وبالرضا من المكفول أو من وليه إن كان غير مكلف أو وارثه إن كان ميتا صحت كفالة البدن للحاجة إليها في كل من حضوره إلى الحاكم استحقا عند الاستدعاء لحق آدمى لازم ولو عقوبة أو لحق مالى لله تعالى كالمدعى زوجيتها والمبيت قبل دفنه ليشهد على عينه من لا يعرف نسبه بخلاف من لاحق عليه أو عليه حق آدمى غير لازم كنجوم الكتابة أو عقوبة لله تعالى و تصح كفالة كل جزء دونه لا يبقى كالرأس والروح والقلب والكبد والدماغ والجزء الشائع كالثلث والربع من حى لأنه لا يمكن تسليم ذلك إلا بتسليم كل البدن فكان كالكفالة بكلات تلاف ما يبقى الشخص بدونه كاليد والرجل وتصح الكفالة بالعين المضمونة دون غيرها إذا اذن فيها واضع اليد أو كان الكفيل قادرا على أنتزاعها منه ويبرأ الكفيل بتسليم المكفول للمكفول له في مكان عيناه للستليم أو في مكان العقد الصالح له عند الاطلاق بلا حائل كمتغلب فلوسلمه له في غير ما ذكر فله الامتناع من تسلمه إن كان له غرض في الأمتناع كفوت حاكم أو معين وإ لزمه قبوله فإن أبى رفعه إلى الحاكم ليتسلمه عنه فإن لم يكن حاكم أشهد شاهدين أنه سلمه ولو أحضره له قبل زمانه المعين فامتنع المستحق من قبوله نظر هل له غرض كغيبة بينته أو تأجيل دينه أولا والحكم في ذلك كما في المكان وبأن يحضر المكفول في مكان التسليم ويقول سلمت نفسى عن جهة الكفيل ولو سلمه اجنبى عن جهة المكفول باذنه أو قبله المستحق برئ وإلا فلا وموضع المكفول الغائب إن يعلم أي علمه الكفيل والطريق أمن ولم يكن ثم من يمنعه منه لزمه إحضاره ولو فوق مسافة القصر سواء أكان غائبا حين الكفالة أو غاب بعدها مهل أي يجب إمهاله قدر ذهاب وإياب أي رجوع اكتمل وينبغى كما قاله الأسنوى أن يعتبر مع ذلك مدة إقامة المسافرين ثلاثة أيام غير يومى الدخول والخروج للاستراحة وتجهيز المكفول ومتى أعطى الكفيل ما على المكفول ثم قدم استرد ما أعطاه المكفول له وأن يمت المكفول أو اختفى أي أو هرب فلم يعرف مكانه أو تلف العين المضمومة لا يغرم الكفيل شيئا من المال إذ لم يلزمه كما لو ضمن المسلم فيه فانقطع لا يطلب برأس المال وبطلت الكفالة بشرط مال يلزم الكفيل إذا مات المكفول او اختفى أو هرب أو تلفت العين المكفولة لأنه شرط يخالف مقتضاها ولا التزام المال لأنه صبر الضمان معلقا وإنما لم يبطل الشرط فقط كما لو أقرضه بشرط رد مكسر عن صحيح أو شرط الخيار للمضمون له أو ضمن المؤجل بشرط الحلول بجامع أنه زاد خبرا لأن المشروط في تلك صفة تابعة وفى هذه أصل يفرد يعقد ويغتفر في التابع ما لا يغتفر في الأصل ومن اركان الضمان والكفالة الصيغة وهي لفظ أو نحوه يشعر بالالتزام كضمنت دينك عليه أو تحملته أو تقلدته أو تكفلت ببدنه أو أنا بالمال أو باحضار الشخص ضامن أو كفيل أو زعيم أو حميل ولو قال أؤدى المال أو أحضر الشخص فهو وعد لا يجوز تعليقهما ولا توقيتهما نعم لو نجز الكفالة وشرط للاحضار وقتا معلوما جاز‏.‏

باب الشركة

587 - تَصِحُّ مِمَّن جَوَّزُوا تَصَرُّفَهْ *** واتَّحَدَ المالانِ جِنسَاً وَصِفَهْ

588 - مِنْ نَقدٍ أو غيرٍوخَلْطٌ ينتَفِي *** تَمييزُهُ والإِذْنُ في التَّصَرُّفِ

589 - والرِّبْحَ والخُسْرَ اعتَبِرْ تقسِيمَهُ *** بِقَدْرِ ما لِشَرِكَةٍ بالْقِيمَهْ

590 - فَسْخُ الشَّرِيكِ مُوجِبٌ إِبطَالَهْ *** والمَوْتُ والإِغمَاءُ كالوَكَالَهْ

باب الشركة‏:‏ بكسر الشين وإسكان الراء وحكى فتح الشين وكسر الراء وإسكانها وهى لغة الامتزاج وشرعا ثبوت الحق لأثنين فأكثر على جهة الشيوع بشروط مخصوصة وهى أنواع شركة الأبدان كشركة الحمالين وسائر المحترفة ليكون بينهما كسبهما متساويان أو متفاضلا اتفقت صنعتهما أم لا وشركة المفاوضة ليكون بينهما كسبهما وعليهما ما يعرض من غرم وشركة الوجوه وأشهر صورها أن يشترك وجيهان ليبتاع كل منهما بمؤجل لهما فإذا باع كان الفاضل عن الأثمان بينهما وكلها باطلة نعم وإن استعملا لفظ المفاوضة وأراد شركة العنان جاز وأما شركة العنان بكسر العين من عن الشيء ظهر فصحيحة سميت بذلك لأنها أظهر أنواعها لأنه ظهر لكل من الشريكين مال الآخر أو من عنان الدابة أما لاستواء الشريكين في ولاية التصرف والفسخ واستحقاق الربح بقدر المالين كاستواء طرفى العنان أو لمنع كل منهما الآخر من التصرف كما يشاء كمنع العنان الدابة والأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالة واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وخبر يقول الله أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه فإذا خانه خرجت من بينهما ومعنى أنا ثالث الشريكين أمدهما بالحفظ والإعانة في أموالهما وإنزال البركة في تجارتهما فإذا وقعت الخيانة بينهما رفعت البركة والأمانة عنهما وهو معنى خرجت من بينهما ولها أربعة أركان عاقد ومعقود عليه وصيغة وعمل وقد أشار إلى ذلك فقال تصح ممن جوزوا تصرفه بأن يكون أهلا للتوكيل والتوكل لأن كلا منهما يتصرف في ماله بالملك وفي مال الآخر بالاذن فكل منهما موكل ووكيل نعم لو كان أحدهما هو المنصرف اشترط فيه أهلية التوكل وفى الآخر أهلية التوكل فقط حتى يجوز كون الثانى أعمى كما في المطلب وتكره مشاركة الكافر ومن لا يحترز من الربا ونحوه هذا إن شارك لنفسه فإن فعل ذلك لمحجوره اعتبر كون الشريك ممن يجوز إيداع المحجور عنده كما قاله الأذرعى واتحد المالان جنسا وصفة من نقد أو عرض بحذف الهمزة للوزن من المثليات ولو دراهم مغشوشة وخلط ينتفى تمييزه بحيث لا يتميز مال أحدهما عن مال الآخر عند العقد فلو عقدا من غير خلط أو معه مع إمكان التمييز لم يصح العقد حتى لو تلف مال أحدهما قبل التصرف تلف على ملكه وفهم من ذلك عدم الصحة في المتقوم وهو كذلك لانتفاء الحيثية المذكورة هذا إذا أخرجا مالين وعقدا فإن ملكا مشتركا بارث أو شراء أو غيرهما وأذن كل للآخر في التجارة فيه تمت الشركة والحلية في شركة العروض المتقومة أن يبيع بعض عرضه ببعض عرض الآخر ويأذن كل للآخر في التصرف بالاذن من كل منهما في التصرف بالبيع والشراء ليحصل التسلط على التصرف حتى أذن أحدهما دون الآخر لم يتصرف الآذن إلا في حصته فقط ولو شرط عليه أن لا يتصرف في نصيب نفسه لم يصح العقد لما فيه من الحجر على المالك في ملكه ولو قال اشتركنا وحده لم يكف إلا إن نويا به الشركة وأفهم كلامه عدم اشتراط تساوى قدر مالى الشركة وأنه لا يشترط العلم بقدرها عند العقد إذا أمكنت معرفته بعده وهو كذلك ومتى صحت الشركة تسلط كل منهما على التصرف بالمصلحة كالوكيل فلا يبيع نسيئه ولا بغير نقد البلد ولا يسافر به ولا ببعضه بلا إذن ولا يبيع ولا يشترى بغبن فاحش بلا إذن فإن باع به بطل في نصيب شريكه لا في نصيبه وانفسخت الشركة في المبيع وصار مشتركا بين المشترى والشريك أو اشترى به بعين مال الشركة فكالبيع أو في الذمة لم يقع للشريك وعليه وزن الثمن من خالص ماله والربح والخسر اعتبر أنت تقسيمه بقدر مال شركة بالقيمة أي باعتبارها لا باعتبار الأجزاء تساويا في العمل أو تفاوتا فلو كان لأحدهما رطل زيت أو قفيز برقيمته مائة وللآخر مثله قيمته خمسون فالربح والخسران بينهما أثلاثا فلو شرطا خلافه فسد العقد لمخالفته وضع الشركة والتصرف صحيح للأذن ويقسم الربح على قدر ماليهما ولكل على الأخر اجرة مثل عمله فإن تساويا في المال والعمل تقاصا وإن تفاوتا في العمل مع التساوى في المال فكان عمل احدهما يساوى مائتين وعمل الاخر يساوى مائة فإن كان عمل المشروط له الزيادة أكثر رجع على الآخر بخمسين وإن كان عمل الآخر أكثر لم يرجع بشيء لتبرعه بعمله وكذا لو أختص أحدهما بأصل التصرف وكل من الشريكين أمين فيقبل قوله بيمينه في أنه أشترى ذلك للشركة وإن كان خاسرا أو أنه لنفسه وإن كان رابحا وفي الربح والخسر وفي التلف إن ادعاه بلا سبب أو سبب خفى كالسرقة فإن ادعاه بظاهر وجهل طولب ببينة ثم يصدق في التلف به وفي الرد إلا إن ادعى رد الكل وأراد طلب نصيبه فلا يقبل قوله في طلب نصيبه ولا يقبل مدعى القسمة ولو ادعى أحدهما أن هذا المال لى وقال الآخر للشركة صدق صاحب اليد بيمينه فسخ الشريك أي أحد الشريكين عقد الشركة موجب إبطاله والموت والإغماء مبطل له كالوكالة لأن هذا شأن العقد الجائز من الطرفين‏.‏

باب الوكالة

591 - ما صَحَّ أَنْ يباشِرَ المُوَكِّلُ *** بنَفسِهِ جازَ بِهِ التَّوَكُّلُ

592 - وجازَ في المعلُومِ مِن وَجهٍ ولا *** يَصِحُّ إِقْرَارٌ على مَن وَكَّلا

593 - ولَم يَبِعْ مِنْ نَفْسِهِ ولا ابْنِ *** طِفْلٍ ومجنُونٍ ولَوْ بإِذْنِ

594 - وَهْوَ أمينٌ وبتَفْرِيطٍ ضَمِنْ *** يُعْزَلُ بالعَزْلِ واِغمَاءٍ وجِنْ

باب الوكالة‏:‏ بفتح الواو وكسرها لغة الحفظ والتفويض وشرعا استنابة جائزة التصرف مثله فيما يقبل النيابة في حال حياته والأصل فيها قبل الإجماع آيات كقوله تعالى ‏{‏فابعثوا حكما من أهله‏}‏ الآية وأخبار كارساله صلى الله عليه وسلم السعاة لقبض الزكوات وتوكيله عمرو بن أمية في نكاح أم حبيبة وأبا رافع في نكاح ميمونة وعروة البارقى في شراء الشاة والحاجة داعية إليها فإن الشخص قد يعجز عن القيام بمصالحه ومعاملاته كلها فهى جائزة بل ذهب القاضى الحسين وغيره إلى أنها مندوب إليها لأنها من التعاون على البر ولأنها قيام لها بمصلحة الغير وفي الخبر الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه ولها أربعة أركان موكل ووكيل وموكل فيه وصيغة وقد أشار إليها فقال ما صح ان يباشر الموكل بنفسه جاز له التوكل فيه فأفاد كلامه أن شرط الموكل صحة مباشرته بما وكل فيه بملك أو ولاية فيصح توكيل الولي في حق محجورة أبا كان أو جدا في التزويج والمال أو وصيا أو قيما في المال مما لم تجر العادة بمباشرته لمثله واستثنى من هذا مسائل منها ليس للظافر بحقه التوكيل في كسر الباب ونقب الجدار وأخذه ومثله العبد المأذون والسفينة المأذون في النكاح وكذا من أسلم على أكثر من اربع في الأختيار إلا أن عين للوكيل المختارات وأن ما لا يصح أن يباشره الموكل بنفسه لا يجوز له أن يوكل فيه فلا يصح توكيل صبي ولا مجنون في شيء ولا توكيل المرأة غير وليها في تزويجها ولا المحرم في تزويجه أو تزويج موليته واستثنى توكيل الأعمى في نحو البيع فيصح للضرورة وتوكيل المحرم حلالا في التزويج سواء قال بعد التحلل أم أطلق والحلال محرما في التوكيل فيه والمشترى البائع في أن يوكل من يقبض منه والمسلم إليه كذلك والتوكيل في استيفاء قصاص الطرف وحد القذف وأن شرط الوكيل صحة مباشرته التصرف لنفسه فيصح توكيل عبد وسفيه في قبول نكاح لا في إيجابه واستثنى من هذا مسائل منها توكيل الولى فاسقا في بيع مال محجوره وأن مالا تصح مباشرته لنفسه لا يصح توكله فيه واستثنى منه مسائل منها اعتماد قول الصبى في الأذن في دخول دار وإيصال هدية إذا كان مميزا مأمونا لاعتماد السلف عليه في ذلك وتوكيل الزوج شخصا في قبول نكاح محرمة وموسرا في قبول النكاح أمه وتوكيل أصناف الزكاة في قبضها لهم من لا يجوز له اخذها وأن شرط الموكل أن يملك الموكل فيه حين التوكيل فلا يصح في بيع رقيق سيملكه وطلاق من سينكحها ولو وكل فيما لا يملكه تبعا لمملوك صح أو في بيع عين يملكها وأن يشترى له بثمنها صح وجاز في المعلوم أي الموكل فيه من وجه يقبل معه الغرر كوكلتك في بيع أموالى وعتق أرقائى ولا يشترط علمه من كل الوجوه لأن تجويز الوكالة للحاجة يقتضى المسامحة فيه بخلاف ما إذا كثر الغرر كوكلتك في كل قليل وكثير أو في امورى أو فوضت إليك في كل شيء أو اشتر لى عبدا أو حيوانا ويشترط فيه ايضا أن يكون قابلا للنيابة سواء كان عباده كالحج والعمرة وتوابعها والصوم عن الميت وذبح الأضحية والهدى والعقيقة وتفرقة الزكاة والكفارة والصدقة ونحوها أو عقدا كبيع أم فسخا كرد بعيب أو غيرها كقبض الديون وإقباضها والدعوى والجواب واستيفاء عقوبة وإثبات عقوبة آدمى وتملك مباح بخلاف سائر العبادات البدنية كالصلاة والمعاصى كالقتل وإثبات عقوبة لله تعالى وشهادة ويمين وإيلاء ولعان ونذر وظهار وتعليق ولا بد من صيغة كوكلتك في كذا أو فوضته إليك أو أنت وكيلى فيه أو بع أو اعتق ولا يشترط القبول لفظا بل يكفى الفعل ولا يصح تعليقها فإن نجزها وشرط للتصرف وقتا جاز وتصح مؤقتة ولو قال وكلتك ومتى عزلتك فأنت وكيلى صحت في الحال ولا يعود بعد العزل وكيلا ولا يصح تعليق العزل أيضا ولا يصح إقرار على من وكلا بألف الإطلاق أي لا يصح إقرار الوكيل عن موكله بما يبطل حقه من قبض أو تأجيل أو نحوه ويصير الموكل مقرا بنفس التوكيل ولأن الوكيل إنما يفعل ما فيه الحظ لموكله وينعزل باقراره على موكله في الخصومة ولا ينعزل بابرائه الخصم ومتى وكله في البيع ولم يقيده بثمن ولا حلول ولا تأجيل ولا نقد لم يجز له نظرا لعرف البيع بغير نقد البلد ولا بنسيئه ولا بغبن فاحش وهو ما لا يحتمل غالبا بخلاف السير وهو ما يحتمل غالبا كبيع ما يساوى عشرة دراهم بتسعة فلو باع بشيء منها وسلم المبيع ضمنه لتعديه بتسليمه ببيع باطل فيسترده إن بقى وإلا غرم الموكل قيمته من شاء من الوكيل والمشترى والقرار عليه وإذا استرده فله بيعه بالأذن السابق ولا يكون ضامنا لثمنه ولو كان بالبلد نقدان لزمه البيع بأغلبهما فإن استويا فبأنفعهما للموكل فإن استويا تخير بينهما أما إذا قيد بشيء مما ذكر فيتعين فلو أطلق الأجل صح وحمل على المتعارف في مثله فإن لم يكن في المبيع عرف راعى الوكيل الأنفع للموكل ولو قال الموكل بعه بكم شئت فله البيع بالغبن الفاحش ولا يجوز بالنسيئة ولا بغير نقد البلد ولا يجوز بالغبن ولا بالنسيئة او كيف شئت فله البيع بالنسيئة ولا يجوز بالغبن ولا بغير البلد وللوكيل بالبيع بيعه لأصوله وفروعه وصديقه ولم يبع من نفسه ولا ابن طفل أي محجور لصبا أو سفه ومجنون ولو بأذن من موكله له فيه أي لا يصح لتصاد غرضى الاسترخاص لهما والاستقصاء للموكل والاتحاد الموجب والقابل بغير جهة الأبوة وشمل كلامه ما لو قدر له مع ذلك الثمن ونهاه عن الزيادة وإن انتفت التهمة لاتحاد الموجب والقابل ولهذا لو وكله ليهب من نفسه لم يصح ويمتنع على الوكيل شرط الخيار لغير نفسه وموكله متى باع بثمن المثل وزاد راغب قبل لزوم البيع انفسخ فإن رجع الراغب بها قبل تمكن الوكيل من بيعه منه بقى البيع بحاله وإلا ارتفع فلا بد من بيع جديد وللوكيل بالبيع مطلقا قبض الثمن وتسليمه لكن لا يسلمه ما لم يقبض الثمن فإن خالف ضمن قيمته لموكله وإن كان الثمن أكثر منها وإذا قبض الثمن دفعه واسترد القيمة أما لو كان الثمن مؤجلا فله قبل قبضه تسليم المبيع إذ لا حبس بالمؤجل فإن حل لم يملك قبضه إلا بأذن جديد وحيث نهاه عن التسليم والقبض فليس له ذلك وإذ وكله في شراء شيء موصوفا كان أو معينا فاشترى معينا بثمن في الذمة جاهلا بعيبه وقع الشراء للموكل وإن لم يساو ما اشتراه به كما لو اشتراه لنفسه جاهلا وفارق عدم صحة بيعه بغبن فاحش بأن الغبن لا يثبت الخيار فيتضرر الموكل أو عالما لم يقع لموكله وإن ساوى ما اشتراه به لأن الاطلاق يقتضى السلامة ولا عذر وإذا وقع للموكل فلكل من الموكل والوكيل الرد بالعيب وإن رضى الموكل به فليس للوكيل الرد بخلاف العكس وإن اشترى بعين مال الموكل وقع له حال الجهل وليس للوكيل الرد وبطل حال العلم ويمتنع على الوكيل التوكيل بلا إذن إن تأتى منه ما وكل فيه وإن قال له الموكل افعل فيه ما شئت أو أوكل ما تصنعه فيه جائز وإن لم يتأت لكونه لا يحسنه أو لا يليق به فله التوكيل ولو كثر وعجز عن الإتيان بكله وكل فيما زاد على الممكن ولو أذن في التوكيل وقال وكل عن نفسك ففعل فالثانى وكيل الوكيل فينعزل بعزله وانعزاله وأنه يتعزل بعزل الموكل أو عنى فالثانى وكيل الموكل وكذا إن أطلق وفي الصورتين لا يعزل أحدهما الآخر ولا ينعزل بانعزاله وحيث جوزنا للوكيل اشتراط أن يوكل أمينا إلا أن يعين الموكل غيره ولو وكل أمينا ففسق لم يملك الوكيل عزله لأنه ليس نائبا عنه ولو عين للمبيع شخصا أو زمانا أو مكانا تعين ولو قدر له الثمن فباع في مكان غيره بالقدر جاز وإن قال بع بمائة لم يبع بأقل وله أن يزيد عليها إلا إن عين المشترى أو صرح بالنهى عن الزيادة وليس له البيع بمائة وهناك زيادة ولو قال اشتر عبد فلان بمائة فاشتراه بأقل جاز ولو قال اشتر بهذا الدينار شاة ووصفها فاشترى شاتين بالصفة فإن لم تساو واحدة دينارا لم يصح الشراء للموكل وإن ساوته إحداهما أو كل منهما وحصل الملك للوكل فيهما ولو أمره بالشراء بعين مال فاشترى في الذمة لم يقع للموكل وكذا عكسه ومتى خالف الموكل في بيع ماله أو الشراء بعينه كان أمره ببيع عبد فباع غيره أو بشراء ثوب بهذا الدينار فاشترى به آخر لم يصح تصرفه ولو اشترى غير المأذون فيه في الذمة ولم يسم الموكل وقع الوكيل وإن سماه فقال البائع بعتك فقال اشتريت لفلان فكذلك ولو قال بعت موكلك فقال اشتريت له لم يصح بخلاف النكاح فإنه لا يصح إلا كذلك ووكيل المتهب يجب أن يسمى موكله وإلا وقع له ولا تصرفه النية ولو وكله في بيع شيء لزيد فباعه لوكيله لم يصح وهو أي الوكيل أمين ولو بجعل فلا يضمن ما تلف في يده بلا تفريط لأن الوكالة عقد إرفاق ومعونة والضمان ينافيه وينوب عنه وبتفريط ضمن كأن تصرف على غير الإذن أو المصلحة عند الاطلاق للاذن وسلم العين للغير أو أستعملها أو وضعها في غير حرزها كسائر الأمناء فإنهم لا يضمنون إلا بالتفريط ولا ينعزل بذلك لأن حقيقة الوكالة الإذن في التصرف والأمانة حكم مرتب عليه فلا يلزم من رفعها رفعه وإذا باع وسلم المبيع زال الضمان عنه ولا يضمن الثمن ولو رد المبيع بعيب عليه عاد الضمان ولو دفع لوكيله دراهم ليشترى له بها شيئا فتصرف فيها قرضا عليه ضمنها وليس له أن يشترى للموكل بدراهم نفسه ولا في الذمة فان فعل فالشراء له فلو عادت الدراهم إليه فاشترى بها للموكل صح والمشترى غير مضمون عليه فلو رده بعيب واسترد الثمن عاد الضمان ومتى طالبه الموكل برد ماله لزمه التخلية بينه وبينه فإن امتنع من غير عذر ضمن وأحكام العقد تتعلق بالوكيل دون الموكل من رؤية ولزوم عقد بمنارقة المجلس والفسخ فيه والتقابض قبل التفرق حيث يشترط وتسليم رأس مال السلم وإذا اشترى الوكيل طالبه البائع بالثمن إن كان دفعه إليه الموكل والا فلا إن كان الثمن معينا وإن كان في الذمة طالبه به إن أنكر وكالته أو قال لا أعلمها وإن اعترف بها طالب به أيهما شاء والوكيل كضامن والموكل كأصيل وإذا قبض الوكيل بالبيع الثمن وتلف في يده وخرج المبيع مستحقا رجع المشتري عليه ببدل الثمن وإن اعترف بوكالته لم يرجع الوكيل على الموكل بما غرمه وللمشتري الرجوع على الموكل ابتداء لأن الذي تلف في يده غيره ويده كيده ثم شرع فيما ينعزل به فقال يعزل بالعزل أي منه أو من موكله كقول الوكيل عزلت نفسي أو أخرجتها من الوكالة أو رددتها أو الموكل عزلته أو رفعت الوكالة أو فسختها أو أبطلتها أو أخرجته منها لأن الوكالة جائزة من الجانبين ولو بجعل وإن وجدت فيها شروط الأجارة لتضرر المتعاقدين بلزومها ولا يتوقف انعزاله على علمه بخلاف القاضي لأن شأن تصرفه العموم وأما الوكيل فشأن تصرفه على الخصوص وإن كان الموكل فيه عاما وينبغي للموكل إذا عزل وكيله في غيبته أن يشهد على العزل لأن قوله بعد تصرف الوكيل كنت عزلته لا يقبل نعم محله إذا أنكر الوكيل العزل فان وافقه لكن قال كان بعد التصرف فهو كدعوى للزوج تقدم الرجعة على القضاء العدة وفيه تفصيل معروف قاله الرافعى في خلاف الموكل وأشار بقوله وإغماء وجن أي جنون إلى أن الوكيل ينعزل بزوال أهلية واحد منهما لذلك التصرف بأن مات أو جن أو أغمى عليه أورق أو فسق فيما تعتبر فيه العدالة أو حجر عليه بسفه أو فلس فيما لا ينفذ منهما ويستثنى من ذلك إغماء الموكل برمى الجمار فلا ينعزل به الوكيل لأنه قد زاد عجزه وينعزل أيضا بخروج محل التصرف عن ملك الموكل بتلف أو بيع أو عتق أو نحوها أو عن منفعته كما لو أجره أو زوج الأمة لإشعار الاجارة والتزويج بالندم على البيع أو عن الوكيل إذا كان رقيق الموكل بخلاف زوال الملك عن رقيق غيره فليس بعزل وينعزل بالإيصاء والتدبير وتعليق العتق بصفة وبزوال الإسم كطحن الحب لا بالعرض على البيع ولا بتوكيل وكيل الآخر ولو عزل أحد وكيليه مبهما منع كل منهما من التصرف حتى لا يميز للشك في أهليته ومن يقبل قوله في الرد كوكيل ومودع ليس له ان يقول لا ارد المال إلا بالأشهاد دون من لا يقبل قوله في الرد كغاصب له الانتفاع وإن لم تكن عليه بينة ولو قال شخص وكلنى زيد بقبض ماله عليك من دين وعندك من عين وصدقة فله دفعه إليه ولا يلزم إلا بينة على وكالته فلو دفع وحضر زيد وأنكر الوكالة صدق بيمينه ثم إن كان الحق عينا أخذها وإن تلف فله تغريم من شاء منهما ولا رجوع للغارم على الاخر إذا تلف بتفريط القابض وغرم الدافع فإنه يرجع على القابض أو دينا فله مطالبة الدافع بحقه ويسترد هو المدفوع فإن تلف بتفريط غرمه وإلا فلا وليس له مطالبة القابض إن تلف المدفوع عنده وكذا إن بقى وإن لم يصدقه لم يكلف الدفع إليه فإن دفع ثم حضر زيد وحلف على نفي الوكالة غرم الدافع ثم يرجع هو على القابض ولو أنكر الوكالة أو الحق وكان الوكيل مأذونا له في أقامة البينة أقامها وأخذ الحق وإلا فليس له التحليف ولو قال أنا وارثه المستغرق أو أحالنى عليك وصدقه وجب الدفع وإن كذبه ولا بينة فله تحليفه‏.‏

باب الاقرار

595 - وإنَّما يَصِحُّ مَعْ تكليفِ *** طَوْعَا ولَوْ في مَرَضٍ مَخُوفِ

596 - والرُّشْدِ إِذ إقرارُهُ بالمالِ *** وصَحَّ الاستِثْنَاءُ باتِّصَالِ

597 - عَنْ حَقِّنَا ليسَ الرُّجُوعُ يُقْبَلُ *** بَلْ حَقُّ رَبِّي فالرُّجُوعُ أَفْضَلُ

598 - ومَن بمجهُولٍ أَقَرَّ قُبِلا *** بَيَانُهُ بِكُلِّ ما تَمَوَّلا

باب الاقرار‏:‏ هو لغة الإثبات من قر الشئ يقر قرارا إذا ثبت وشرعا إخبار عن حق سابق ويسمى اعترافا أيضا والأصل فيه قبل الإجماع قوله تعالى ‏{‏كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم‏}‏ وفسرت شهادة المرء على نفسه بالإقرار وقوله أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصرى قالوا أقررنا وقوله وليملل الذي عليه الحق إلى قوله فليملل وليه بالعدل أي فليقر بالحق ولعل صحة إقرار الولى محمول على فعل نفسه وخبر الشيخين أغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها والقياس لأنا إذا قبلنا الشهادة على الإقرار فلأن نقبل الإقرار أولى وله أربعة أركان مقر ومقر له ومقر به وصيغة وإنما يصح مع تكليف المقر بان يكون بالغا عاقلا فلا يصح إقرار صبى ولا مجنون نعم إقرار السكران المتعدى بسكره صحيح طوعا فلا يصح إقرار مكره ويصح ولو مع مرض مخوف من المقر سواء كان بعين أو دين لأجنبي أو وارث لأنه في حالة يصدق فيها الكذوب ويتوب فيها الفاجر فالظاهر صدقه ولو أقر في صحته بدين لإنسان وفي مرضه بدين لآخر لم يقدم الأول بل يتساويان كما لو أقر بهما في الصحة أو المرض ولو أقر في صحته أو مرضه بدين لإنسان وأقر وارثه بعد موته بدين لآخر لم يقدم الأول لأن إقرار الوارث كإقرار الموروث فكأنه أقر بالدينين والرشد من المقر إذ اي حين إقراره بالمال فلا يصح إقرار محجور عليه بسفه بمال عين أو دين أسنده إلى ما قبل الحجر أو بعده وكذا باتلاف المال وخرج بذلك إقراره بغير كحد وقصاص وخلعه وطلاقه وظهاره ونفيه النسب ونحوها وأما المفلس فيصح إقراره بعين أو بدين أسند وجوبه إلى ما قبل الحجر بمعاملة أو مطلقا أو إتلاف أو إلى ما بعده بجناية فيزاحم المقر له فيها الغرماء وأما الرقيق فيقبل إقراره بموجب عقوبة ويضمن مال السرقة في ذمته تالفا كان أم باقيا في يده أو يد السيد إذا لم يصدقه فيها ولو أقر بدين جناية لا توجب عقوبة كجنايه الخطأ وإتلاف المال فكذبه السيد تعلق بذمته دون رقبته فيتبع به بعد عتقه وإن صدقه تعلق برقبته فيباع فيها ما لم يفده سيده بالأقل من قيمته وقدر الدين وإذا بيع وبقى شئ من الدين لا يتبع به بعد عتقه وإن أقر بدين معاملة لم يقبل على السيد إن لم يكن مأذونا له في التجارة بل يتعلق المقر به بذمته ويتبع به بعد عتقه وإن صدقه السيد ويقبل على السيد إن كان ماذونا له في التجارة ويؤدى من كسبه وما في يده إلا أن يكون المقر به مما لا يتعلق بالتجارة كالقرض فلا يقبل على السيد ولو أقر بعد حجر السيد عليه بدين معاملة أضافة إلى حال الإذن لم تقبل إضافته قبل الحجر ولو أطلق الدين لم ينزل على دين المعاملة ولا بد من أهلية المقر له ولاستحقاق المقر به فلو قال لهذه الدابة على كذا لغا لانتفاء أهليتها للاستحقاق فإن قال على بسببها لمالكها كذا صح وحمل على أنه جنى عليها أو اكتراها أو على بسببها لم يلزم لمالكها الآن بل يسئل ويعمل ببيانه ولو أقر لرقيق فلسيده أو لحمل بسبب إرث أو وصية صح لأن ما أسنده ممكن فإن انفصل ميتا فلا حق له ويكون لورثة الموروث أو الموصى أو حيا وانفصل لستة أشهر استحق أو لأكثر من اربع سنين فلا أو لما بينهما وهى فراش فكذلك وإلا استحق والمدة معتبرة من الإقرار كما قاله الشيخان وصوب الأسنوى والبلقينى اعتبارها من سبب الاستحقاق ثم إن استحق بوصية فله الكل أو بإرث من اب وهو ذكر فكذلك أو أنثى فلها النصف وإن أسنده إلى جهة لا تمكن في حقه كقوله أقرضنى أو باعنى به شيئا لغا الإقرار وقيل يصح ويلغو الاسناد فإن أطلق صح وحمل على الجهة الممكنة في حقه وعدم تكذيب المقر فلو كذب المقر ترك المال في يده وتكون اليد يد ملك لا استحفاظ فلو رجع المقر له وصدق المقر لم يسلم إليه إلا باقرار جديد أو المقر وقال غلطت أو تعمدت الكذب قبل وتعيينه نوع تعيين بحيث يتوقع منه الدعوى والطلب فلو قال لإنسان او واحد من بنى آدم أو من اهل البلد على ألف لم يصح فلو قال على مال لأحد هؤلاء الثلاثة مثلا صح فلو قال واحد أنا المرادولى عليك ألف صدق المقر بيمينه ولا بد أن لا يكون المقر به ملكا للمقر وقت الاقرار فلو قال دارى أو ثوبى أو دينى الذي على زيد لعمرو فلغو لأن الإضافة إليه تقتضى الملك له فتتنافى الإقرار لغيره إذ هو اخبار بحق سابق عليه ويحمل كلامه على الوعد بالهبة ولو قال مسكنى لزيد فهو إقرار لأنه قد يسكن ملك غيره ولو قال هذا لفلان وكان ملكى إلى أن أقررت فأول كلامه إقرار وآخره لغو فيطرح ويعمل بأوله ولو قال الدين الذي لى على زيد لعمرو واسمى في الكتاب عارية صح ولا بد من كون المقر به في يد المقر ليسلم بالإقرار للمقر له في الحال وإن لم يكن في يده فهو دعوى أو شهادة فلو صار في يده عمل بمقتضى الإقرار بأن يسلم للمقر له في الحال فلو قال العبد الذي في يد زيد مرهون عند عمرو بكذا ثم حصل العبد في يده امر ببيعه في دين عمرو ولو أقر بحرية عبد في يد غيره أو شهد بها فردت ثم اشتراه صح وحكم بحريته فترفع يده عنه ثم إن قال أعتقته فشراؤه افتداء من جهة المشترى وبيع من جهة البائع فيثبت له وحده الخياران وولاؤه موقوف فإن مات وترك مالا وله وارث بنسب فله وإلا فان صدقه البائع أخذه ورد الثمن أو أصر فللمشترى منه قدر الثمن والباقى موقوف وإن قال هو حر الأصل أو اعتق قبل شرائك فافتداء من جهته وبيع من جهة البائع وإذا مات ولا وارث له فماله لبيت المال وليس للمشترى أخذ شيء منه ولو مات قبل القبض لم يكن للبائع مطالبته بالثمن ولو أقر بحريته ثم أستأجر لم يحل له استخدامه وللمؤجر مطالبته بالأجرة ولا بد في الإقرار من صيغة كقوله لفلان على أو عندى أو معى كذا ثم على وفي ذمتى للدين ظاهرا فلا يقبل تفسيره بوديعة ولا دعواه التلف بل يضمنه ومعى وعندى للعين أي محمول عند الإطلاق على الإقرار بالعين حتى إذا ادعى أنها وديعة وأنها تلفت أوردها يقبل قوله بيمينه ولو قال لى عليك ألف فقال زن أو خذ أو استوف فليس باقرار أوزنه أوخذه أو هى صحاح او اختم عليه أو شده في هميانك أو اجعله في كيسك فكذا على الصحيح لأنه يذكر للاستهزاء أو بلى أو نعم أو أجل أو صدقت او أنا مقر به أو بما تدعيه أو لست منكرا له أو لا أنكر ما تدعيه أو لا أنكر ان تكون محقا فيما تدعيه أو أبرأتنى منه أو قضيته أو له على ألف في علمى أو فيما أعلم أو أشهد فاقرار بالألف وعليه بينة الإبراء أو القضاء أو أنا مقر أو أقر به ولست منكرا أولا أقر ولا أنكر أن تكون محقا أو أقررت بأنك أبرأتنى أو استوفيت منى أو لعل أو عسى أو أظن أو أحسب أو أقدر أو لا اقر به ولا انكره فليس باقرار نعم إن انضم إلى اللفظ قرائن تشعر بالأستهزاء أو التكذيب كالأداء والإبراء وتحريك الرأس الدال على شدة التعجب والأنكار لم يكن إقرارا ويحمل قولهم إن صدقت وما في معناه إقرار على غير هذه الحالة ولو قال أليس لى عليك كذا فقال بلى أو نعم فاقرار واقض الألف الذي عليك فقال نعم أو أقضى غدا أو امهلنى يوما أو حتى أتغذى أو افتح الكيس أو أجد المفتاح فاقرار ويصح بكل لغة فهمها المقر فلو أقر عجمى بعربية أو بالعكس وقال لقنت وأمكن إخفاؤه عليه صدق بيمينه وكذا حكم جميع العقود والحلول ولو قال كنت يوم الإقرار صبيا أو مجنونا وأمكن الصبا وعهد الجنون صدق بيمينه أو مكرها فكذلك إن قامت قرينة على صدقه والإ لم يقبل ولو تعرضت البينة لبلوغه وعقله واختياره لم يقبل قوله ولا يشترط في الشهادة تعرض لبلوغ وعقل واختيار وحرية ورشد وما يكتب فيه الوثائق فهو احتياط ولو قيدت بينة الإقرار بالأختيار وأقام الخصم بينه بالإكراه قدمت ولا تقبل شهادة الإ كراه إلا مفصله وصح الاستثناء وهو إخراج ما لولاه لدخل فيما قبله بإلا أو إحدى أخواتها من متكلم واحد لوروده في الكتاب وغيره باتصال أي حال كونه متصلا بالاقرار بحيث يعد معه كلاما واحدا فلو فصل بينهما بكلام أجنبي أو سكوت لم يصح نعم يغتفر الفصل اليسير بسكتة تنفس أوعى أو تذكر أو انقطاع صوت والاتصال المعتبر هنا أبلغ مما يشترط بين الأيجاب والقبول لأنه يحتمل بين كلام الاثنين ما لا يحتمل بين كلام الواحد ولو قال على ألف أستغفر الله إلا مائة صح الاستثناء لأنه فصل يسير ولأنه ملائم لما سبق فلم يمنع الصحة بخلاف قوله على ألف يا فلان إلا مائة ويعتبر لصحة الاستثناء قصده قبل فراغ الاقرار فلا يكفي بعده وعدم استغراقه للمستثنى منه كعشرة إلا تسعة فان استغرقه كعشرة إلا عشرة لم يصح لأنه رفع لما أثبته وليس من المستغرق له على مال إلا مالا أو شئ إلا شيئا أو نحوها لإمكان حمل الثاني على أقل من الأول ومحل ذلك ما لم يخرجه عن الاستغراق وإلا صح فلو قال له على عشرة إلا عشرة إلا خمسة لزمه خمسة ومهما كان في المستثنى أو المستثنى منه عددان معطوفان أحدهما على الآخر لم يجمع بينهما لأن واو العطف وإن اقتضت الجمع لا تخرج الكلام عن كونه ذا جملتين من جهة اللفظ الذي يدور عليه الاستثناء فلو قال له على درهم ودرهم ودرهم إلا درهما أو له على درهمان ودرهم إلا درهما لزمه ثلاثة دراهم لأن المستثنى منه إذا لم يجمع مفرقه لم يلغ إلا ما يحصل به الاستغراق وهو درهم ولو قال له على عشرة إلا تسعة إلا ثمانية وهكذا إلى الواحد لزمه خمسة ولو قال ليس له على عشرة إلا خمسة لم يلزمه شيء أو ليس له على شيء إلا عشرة لزمه عشرة أوله على شيء إلا خمسة لزمه تفسير الشيء بما يزيد على الخمسة وإن قلت الزيادة لتلزمه تلك الزيادة ولا فرق بين تقديم المستثنى منه على المستثنى وتأخيره كقوله له على إلا عشرة مائة ويصح الاستثناء من غير الجنس كقوله له على ألف درهم إلا ثوبا أو عبدا وعليه أن يبينه بما لا تستغرق قيمته الألف فإن استغرقته بطل الاستثناء عن حقنا ليس الرجوع يقبل سواء كانت مالية أم غيرها كالقتل والقذف وغيرهما لبنائه على المشاحة بل حق ربي من كل عقوبة لله تعالى سواء كانت حدا أم تعزيرا كالزنا وشرب الخمر وغيرهما لبنائهما على المسامحة فالرجوع عن إقراره بها أفضل لقصة ماعز ولهذا استحب لمن ارتكب معصية توجب عقوبة لله تعالى أن يستر على نفسه بخلاف من قتل أو قذف مثلا فإنه يستحب له أن يقر بل يجب عليه ليستوفي منه الحق لما في حقوق الآدمي من التضييق بخلاف عقوبة الله تعالى أما رجوعه عما أقر به من حق مالي لله تعالى كزكاة وكفارة فلا يقبل ومن بمجهول أقر قبلا كقوله له على شيء لأنه إخبار عن حق سابق كما مر والشيء قد يخبر عنه معينا وقد يخبر عنه مبهما إما للجهل به أو لثبوته مجهولا بوصية أو نحوها ويلزمه بيانه أي بيان ما أبهمه فيطالب بتفسيره فإن امتنع منه حبس لامتناعه من أداء ما وجب عليه كما يحبس من امتنع من أداء الحق بكل ما تمولا وإن قل كرغيف وفلس إذ الشيء صادق عليه ولو فسره بما لا يتمول لكنه من جنسه أو بما يحل اقتناؤه ككلب معلم وسرجين قبل لأن ذلك يحرم غصبه ويجب رده ويقبل تفسيره بحق شفعة وحد قذف لا بما لا يقتنى كخنزير وكلب لا نفع فيه إذ لا يجب رده فلا يصدق به قوله على بخلاف ما إذا قال له عندي شيء فيصدق به ولا يقبل أيضا تفسيره بعيادة ورد سلام لبعد فهمهما في معرض الإقرار إذ لا مطالبة بهما ولو أقر بمال أو بمال عظيم أو كبير أو جليل أو أكثر من مال السلطان قبل تفسيره بما قل منه وإن لم يتمول كحبة حنطة ويكون وصفه بالعظم ونحوه من حيث أثم غاصبه وكفر مستحله وكذا يقبل تفسيره بأم الولد لأنها ينتفع بها وتستأجر وإن كانت لا تباع ولا يقبل تفسيره بمنفعة وكلب وجلد ميتة لأنها لا يصدق عليها اسم المال وقوله له على كذا كقوله له على شيء وقوله شيء شيء أو كذا كذا كما لو لم يكرر لأن الثاني تأكيد فإن قال شيء وشيء أو كذا وكذا وجب شيئان يقبل كل منهما في تفسير شيء لاقتضاء العطف المغايرة ولو بين المبهم بما يقبل وكذبه المقر له في أنه حقه فليبين جنس المقر به وقدره وليدع به والقول قول المقر في نفيه فإذا بين المقر به بمائة درهم فقال المقر له مالي عليك إلا مائة دينار وادعى بها حلف المقر أنه ليس له عليه إلا مائة درهم ولو قال له على كذا درهما أو رفع الدرهم أو جره أو سكنه لزمه درهم ولو قال كذا وكذا درهما بالنصب وجب درهمان وإن لم ينصبه أو حذف الواو فدرهم في الأحوال كلها‏.‏

باب العارية

599 - تَصِحُّ إِن وَقَّتَهَا أَو أَطلَقَا *** في عَيْنٍ انْتِفَاعُهَا مَعَ الْبَقَا

600 - يَضْمَنُهَا وَمُؤَنَ الرَّدِّ وفِي *** سَوْمٍ بقيمَةٍ لِيَوْمِ التَّلَفِ

601 - والنَّسْلُ والدَّرُ بِلا ضَمَانِ *** والمُسْتَعِيرُ لَمْ يُعِرْ لِثَانِي

602 - فإِنْ يُعِرْ وهَلَكَتْ تحتَ يَدَيْهْ *** يَضْمَنُهَا ثانٍ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهْ

باب العارية‏:‏ بتشديد الياء وقد تخفف وفيها لغة ثالثة عارة وهي اسم لما يعار وحقيقتها شرعا إباحة الانتفاع بما يحل الانتفاع به مع بقاء عينه والأصل فيها قبل الإجماع آية ويمنعون الماعون قال كثير من المفسرين المراد ما يستعيره الجيران بعضهم من بعض وآية وتعاونوا على البر والتقوى وخبر أنه صلى الله عليه وسلم استعار فرسا من أبي طلحة فركبه وخبر أنه صلى الله عليه وسلم استعار درعا من صفوان بن أمية يوم حنين فقال أغصب يا محمد فقال بل عارية مضمونة وكانت واجبة أول الإسلام للآية السابقة ثم نسخ وجوبها فصارت مستحبة بالأصالة وقد تجب كإعارة ثوب لدفع حر أو برد وإعارة حبل لإنقاذ غريق وسكين لذبح حيوان محترم يخشى موته وقد تحرم كإعارة صيد من محرم وأمة من أجنبي وقد تكره كإعارة عبد مسلم من كافر ولها أربعة أركان معير ومستعير ومعار وصيغة تصح العارية إن وقتها بمدة معلومة أو أطلقا بألف الإطلاق بأن لم يقيدها بمدة كأن أعاره أرضا للبناء أو الغراس ولم يذكر مدة فللمستعير البناء أو الغراس فيها ما لم يرجع المعير فإن رجع امتنع عليه ذلك فلو فعل عالما بالرجوع قلع مجانا وعليه تسوية الأرض كالغاصب أو جاهلا فكذا في الأصح وما بنى أو غرس قبل الرجوع إن أمكن رفعه من غير نقص يدخله رفع وإلا فإن شرط القلع عند رجوعه وتسوية الحفر لزمه فإن امتنع قلعه المعير مجانا أو شرط القلع فقط لم يلزمه تسوية الحفر وإن لم يشترط القلع فإن اختار المستعير القلع قلع ولزمته التسوية وإن لم يختر القلع لم يكن للمعير قلعه مجانا لأنه محترم والأصح أن للمعير أن يبقيه بأجره مثله أو يقلع ويغرم أرش نقصه أو يتملكه بقيمته حال تملكه وإذا اختار ماله اختياره لزم المستعير موافقته فإن أبى كلف تفريغ الأرض فإن لم يختر المعير شيئا مما ذكر لم يقلع مجانا سواء أبذل المستعير الأجرة أم لا ولكن يعرض الحاكم عنهما حتى يختارا شيئا وللمعير دخولهما والانتفاع بها والاستظلال بالبناء والشجر في مدة التوقف ولا يدخلها المستعير بغير إذن لتفرج وله ذلك لسقي وإصلاح فلو تعطلت منفعة الأرض بدخوله لم يكن إلا بأجرة ولكل بيع ملكه لصاحبه أو الثالث والمشتري من المعير كهو فيتخير أو من المستعير فكهو وللمشتري الفسخ إن جهل ولو اتفق المعير والمستعير على بيع الأرض بما فيها بثمن واحد جاز للحاجة ويوزع كما قاله البغوي على الأرض مشغولة بالغراس أو بالبناء وعلى ما فيها وحده فحصة الأرض للمعير وحصة ما فيها للمستعير خلافا للمتولي ومحل ما مر من التخيير بين الأمور الثلاثة ما لم يقف المستعير البناء والغراس فإن فعله تخير بين القلع وغرم أرش النقص والإبقاء بالأجرة ولو كان على الشجر ثمر لم يبد صلاحه كان كنظيره في الإجارة من التخيير فإن اختار التملك ملك الثمرة أيضا إن لم تكن مؤبرة وأبقاها إلى أوان الجذاذ إن كانت مؤبرة وشرط المعير صحة تبرعه فلا تصح من صبي وسفيه ومفلس ومكاتب بدون إذن سيده وملكه المنفعة ولو بإجارة أو وصية أو وقف وشرط المستعير صحة التبرع عليه بعقد معه فلا إعارة لصبي ونحوه وشرط الصيغة أن تدل على الإذن في الانتفاع بلفظ أو نحوه ويكفي فعل من الآخر في عين انتفاعها مع البقا كالعبيد والدور فلا تصح فيما لا نفع فيه كحمار زمن وما فيه نفع لكن مع استهلاكه كالأطعمة لانتفاء المعنى المقصود من العارية ولو دفع شاة لرجل وقال ملكتك درها ونسلها فهما موهوبان هبة فاسدة والشاة مضمونة بالعارية الفاسدة فإن قال أبحتك درها ونسلها كانت إباحة صحيحة والشاة عارية صحيحة ويصح إعارة الشاة للبنها والشجرة لثمرتها فتكون العارية لاستفادة عين وليس من شرطها أن يكون المقصود مجرد المنفعة بخلاف الإجارة وحينئذ فالشرط في العارية أن لا يكون فيها استهلاك المعار لا أن يكون فيها استيفاء عين ولا يشترط تعين العين فلو قال أعرني دابة فقال أدخل الاصطبل وخذ ما أردت صحت بخلاف الإجارة لأن الغرر لا يحتمل في المعاوضات ولا بد في المعار أن تكون منفعته قوية فلا تصح إعارة النقد إلا أن يعيره للتزين به أو الضرب على طبعه فتصح لاتخاذه المنفعة مقصدا وإن ضعفت وكونها مباحة فلا تصح إعارة صيد لمحرم ولا أمة كبيرة حسناء لأجنبي بخلاف إعارتها من محرم بنسب أو غيره أو من امرأة أو ممسوح أو زوج أو مالك فتصح كأن يستعيرها من مستأجرها أو موصى له بمنفعتها فإن كانت صغيرة لا تشتهى أو قبيحة جازت وإعارة العبد لامرأة كعكسه كما قاله الأسنوي ولو كان المستعار أو المستعير خنثى امتنعت احتياطا وحيث امتنعت فسدت ووجبت الأجرة وتكره تنزيها إعارة أصل وإن علا لفرعه للخدمة ويكره له قبولها كما يكره له استئجاره لها لأن استخدامه مكروه فإن قصد باستعارته لها ترفهه لم تكره بل هي مندوبة وتكره إعارة عبد مسلم لكافر وقد تجوز إعارة ما لا تجوز إجارته كالفحل للضراب والكلب للصيد وينتفع المستعير بحسب الإذن فإن أعاره لزراعة حنطة زرعها ومثلها ودونها إن لم ينهه لا ما فوقها وحيث زرع ما ليس له فللمعير قلعه مجانا فلو أطلق الزراعة صح وزرع ما شاء ولو أعاره لزراعة لم يبن ولم يغرس أو لأحدهما فله الزراعة وليس له الأجرة وإذا صلحت العين لمنافع فلا بد من تعيين المنفعة ما لم يعمم يضمنها أي يضمن المستعير العارية إذا تلفت بغير الاستعمال المأذون فيه وإن لم يستعملها ولم يفرط لخبر بل عارية مضمونة نعم إن استعار من مستأجر إجارة صحيحة أو موصى له بمنفعة لم يضمنها أما تلفها بالاستعمال المأذون فيه كانسحاق الثوب أو انمحاقه باللبس وتلف الدابة بالحمل المعتاد وانكسار السيف في القتال فلا يضمنها إلا في الهدى والأضحية المنذورين ومؤن الرد يضمنهما المستعير حيث كان له مؤنة نعم إن استعار من مستأجر أو موصى له بالمنفعة أو نحوهما ورده على المالك فمؤن الرد على المالك كما لورد عليه المعير بخلاف ما إذا رد على المعير وفي سوم فيضمن قيمة ما أخذه بالسوم ومؤن رده والرد المبرئ من الضمان أن يسلم العين لمالكها أو وكيله في ذلك فلورد الدابة للاصطبل أو الثوب ونحوه للبيت الذي أخذه منه لم يبرأ ولو لم يجد المالك فسلمها لزوجته أو ولده فأرسلها إلى المرعى فضاعت تخير بين مطالبة الراد والمتسلم منه والقرار عليه بقيمة ليوم التلف لا بأقصى القيم ولا بيوم القبض وسواء أكانت مثلية أو متقومة على المعتمد والدر أي اللبن والنسل أي أولاد العارية بلا ضمان لأنه لم يأخذها للانتفاع بهما ولا يعير أول لثاني بغير إذن مالكها لأنه لم يملك الانتفاع وإنما أبيح له ذلك أما إذا أذن له المالك في الإعارة فإنها تجوز فإن يعر وهلكت تحت يديه يضمنها ثان ولم يرجع عليه أي على معيره وإن جهل كونه مستعيرا‏.‏

باب الغصب

603 - يَجِبُ رَدُّهُ وَلَوْ بِنَقْلِهِ *** وأَرْشُ نَقْصِهِ وأَجْرُ مِثْلِهِ

604 - يُضْمَنُ مِثْلِيٌّ بِمِثْلِهِ تَلِفْ *** بِنَفْسِهِ أَو مُتْلِفٍ لا يَخْتَلِفْ

605 - وَهْوَ الذي فيهِ أَجَازُوا السَّلَمَا *** وَحَصْرُهُ بالوَزْنِ والكَيْلِ كَمَا

606 - لافِي مَفَازَةٍ ولاقَاهُ بِيَمْ *** فِي ذَا وفي مُقَوَّمٍ أَقصَى القِيَمْ

607 - مِنْ غَصْبِهِ لِتَلَفِ الذي انْغَصَبْ *** مِن نَقْدِ أَرْضٍ تَلَفٌ فيهاغَلَبْ

باب الغصب‏:‏ هو لغة أخذ الشيء ظلما وشرعا حقيقة وحكما وضمانا الاستيلاء على مال الغير عدوانا وضمانا الاستيلاء على مال الغير بغير حق وإن ظن ملكه وعصيانا الاستيلاء على حق الغير عدوانا وهو مجمع على تحريمه والأصل فيه قبل الإجماع آيات كقوله تعالى ‏{‏ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل‏}‏ أي لا يأكل بعضكم مال بعض بالباطل وأخبار كخبر إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام وخبر من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين وإثبات اليد العادية سبب الضمان وينقسم إلى مباشرة كأخذه من مالكه وإلى سبب كولد المغصوب وزوائده ولو ركب دابة أو جلس على فراش فغاصب وإن لم ينقل ولو أزعجه عن داره فغاصب لها وإن لم يدخلها ولو دخلها بقصد الاستيلاء وليس المالك فيها فغاصب وإن كان ولم يزعجه فغاصب لنصفها إلا أن يكون ضعيفا لا يعد مستوليا على صاحبها‏.‏

وقد ذكر الناظم شيئا منها فقال يجب رده أي المغصوب على المغصوب منه وإن غرم عليه أضعاف قيمته لخبر على اليد ما أخذت حتى تؤديه فإن كان دار أوجب ردها بخروجه منها ليتسلمها مالكها وإن كان منقولا وجب رده ولو بنقله إن احتيج إليه إلى الموضع المغصوب منه كما لو نقل المغصوب المثلى إلى دار أو بلد فيجب على الغاصب رده وكذا لو انتقل بنفسه ويجب الرد ولو كان غير مال كاختصاص للخبر لأنه حق المغصوب منه ويبرأ بالرد على المالك أو وكيله أو وليه وأرش نقصه أي المغصوب مع الأرش ولو كان الأرش بسبب غير الاستعمال كأن غصب ثوبا أو رقيقا فنقصت قيمته بآفة سماوية كسقوط عضو منه لمرض وأجر مثله مدة وضع يده ولو فاتت منفعته بغير استعمال وهي أجرة مثله سليما قبل النقص ومعيبا بعده و يضمن المال المغصوب التالف عند الغاصب مثلى بمثله لأنه أقرب إلى التالف سواء تلف بنفسه أو متلف لا يختلف الحال في ذلك ويستثنى من ذلك مسائل كما لو غصب حربي مال مسلم أو ذمي ثم أسلم أو عقدت له ذمة بعد تلفه أو كان المغصوب غير متمول كحبة حنطة أو رقيقا وجب قتله لحق الله بردة أو نحوها فقتله أو غصب رقيق غير مكاتب مال سيده وهو أي المثلى الذي فيه أجازوا السلما بألف الإطلاق وحصره بالكيل والوزن الواو بمعنى أو كما بالقصر لغة في الممدود ولو حارا وتراب ونحاس وحديد وتبر ومسك وعنبر وكافور وثلج وجمد وقطن ولو بحبة ودقيق وحبوب وتمر وزبيب وعنب ورطب وكل فاكهة رطبة ودراهم ودنانير ولو مكسرة أو مغشوشة وخرج بقيد الكيل أو الوزن ما يعد كالحيوان أو يذرع كالثياب وبقيد جواز السلم نحو الغالية والمعجون وإنما اشترطوا جواز السلم لأنه بعد تلفه يشبه المسلم فيه ومحل ضمان المثلى بمثله إذا وجد الغاصب بمحل للماء فيه قيمة لا في مفازة ولاقاه بيم في ذا أي في الماء ولو تلف في يده والمثل موجود فلم يسلمه حتى فقد في البلد وحواليه حسابان لم يجده أو شرعا بأن وجده بأكثر من ثمن مثله أو منعه من الوصول مانع فالقيمة و المعتبر في مقوم أقصى القيم من وقت غصبه لتلف الذي انغصب ولو وجد بعد غرم القيمة فلا ترد لواحد منهما ولو نقل المغصوب المثلى إلى بلد آخر فللمالك تكليفه رده وله مطالبته بقيمته في الحال فإذا رده ردها فإن تلف في البلد المنقول إليه طالبه بالمثل فيما وصل إليه من المواضع فإن فقد فقيمته أكثرها قيمة ولو ظفر بالغاصب في غير بلد التلف ولم يكن لنقله مؤنة كالنقد طالبه بالمثل وإلا فلا ولو غصب ثوبا قيمته عشرة ثم عاد إلى درهم ثم لبسه فعاد بلبسه إلى نصف درهم فالفائت بالرخص لا يضمن فيرد الثوب مع خمسة النصف التالف باللبس لأنها أقصى قيمة ولو أتلف مقوما بلا غصب ضمنه بقيمته وقت التلف فإن حصل بتدريج وسراية فبأقصى قيم تلك المدة فإن الإتلاف أبلغ من اليد العادية وفي الاباق ونحوه كضياع الثوب يضمن بالأقصى من الغصب إلى المطالبة وعلم من كلامه أنه لو تكرر الارتفاع والانخفاض لا يضمن كل زيادة بل بالأقصى ومحله في الأعيان أما المنافع فتضمن في كل بعض من أبعاض المدة بأجرة مثلها فيه من نقد أرض تلف وفي بعض النسخ بلد فيها غلب أي من نقدها إن كان بها نقد واحد فإن كان بها نقدان فمن نقدها الغالب لأنها محل وجود الضمان واعتبر صاحب التنبيه بلد الغصب قال في المهمات واعتبار نقد بلد التلف محمول على ما إذا لم ينقله وإلا فيتجه كما في الكفاية اعتبار نقد البلد الذي تعتبر قيمته وهو أكثر البلدين قيمة ولا تضمن الخمرة ولو محترمة ولا تراق على ذمي ما لم يظهر شربها أو بيعها وترد عليه في غير ذلك إن بقيت العين وترد المحترمة على المسلم والأصنام وآلات الملاهي لا يجب شيء بإبطالها ولا تكسر الكسر الفاحش بل تفصل لتعود كما قبل التأليف فإن عجز المنكر عن رعاية هذا الحد لمنع صاحب المنكر أبطله كيف تيسر ويضمن كل ما يصح استئجاره كالدار والعبد بالتفويت والفوات تحت يد عادية ولا تضمن منفعة البضع والحر بالفوات بل بالتفويت والأيدي المترتبة على أيدي الغاصب أيدي ضمان وإن جهل صاحبها الغصب وكانت أيدي أمانة ثم إن علم الغصب فكغاصب من غاصب فيستقر عليه ضمان ما تلف عنده وكذا إن جهل وكانت يده أصلها يد ضمان كعارية فإن كانت يد أمانة كوديعة فالقرار على الغاصب ولو أخذ الحاكم أو أمينه المغصوب من الغاصب فتلف في يده لم يضمن وكذا من انتزعه ممن لم يضمن كحربي ورقيق المالك غير المكاتب ليرده على مالكه ولو كانت قيمة المغصوب عند الثاني أقل منها عند الغاصب فالمطالب بالزيادة الغاصب وتستقر عليه ولو صال المغصوب على آخر فأتلفه فضمانه على الغاصب مستقرا فلو كان مالكه لم يبرأ الغاصب ومن تزوج المغصوبة جاهلا بالغصب فتلفت عنده لم يضمنها ولو كان هو المالك ولم يولدها لم يبرأ الغاصب ولو أسند لجدار غيره خشبة بغير إذن ضمن الجدار إن سقط بإسناده والتالف بوقوعه عليه وإن وقعت الخشبة وأتلف أو كان الجدار له أو لغيره وقد أذن فإن وقعت حالا ضمن وإلا فلا ولو غصب دار أفنقضها وأتلف النقض ضمنه وما نقص من قيمة العرصة وأجرة مثلها دارا إلى وقت النقض أو بهيمة وأنزى عليها فحلا فالولد للمغصوب منه أو فحلا وأنزاه على بهيمة فالولد له ولا شيء عليه للإنزاء فإن نقص غرم الأرش أو جارية ناهدا فتدلى ثديها أو شابا فشاخ أو أمرد فالتحى ضمن النقص أو ثوبا ونجسه أو تنجس عنده لم يجز له تطهيره ولا المالك تكليفه ذلك فإن غسل ضمن النقص أو رده نجسا فمؤنة التطهير والنقص اللازم منه عليه وتنجس مائع لا يمكن تطهيره هلاك ولو وضع في مسجد متاعا وأغلقه لزمه أجرة جميعه وإن لم يغلقه فأجره ما شغله‏.‏

باب الشفعة

608 - تَثْبُتُ في المُشَاعِ مِن عَقَارِ *** مُنْقَسِمٍ مَعْ تابِعِ القَرَارِ

609 - لافي بِنَاءٍ أَرضُهُ مُحْتَكَرَهْ *** فَهْيَ كمنقُولٍ ولا مُسْتَأْجَرَهْ

610 - يَدْفَعُ مِثلَ ثَمَنٍ أو بَدْلِ *** قيمَتِهِ انْ بِيْعَ ومَهْرَ مِثْلِ

611 - إِن أُصْدِقَتْ لكِنْ علىالفَوْرِاخْصُص *** للشُّرَكَا بِقَدْرِمِلْكِ الحِصَصِ

باب الشفعة‏:‏ بإسكان الفاء وحكى ضمها وهي لغة الضم على الأشهر من شفعت الشيء ضممته فهي ضم نصيب إلى نصيب ومنه شفع الأذان وشرعا حق تملك قهرى يثبت للشريك القديم على الشريك الحادث فيما ملكه بعوض والأصل فيها خبر البخاري عن جابر قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة فيما يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة وفي رواية له في أرض أو ربعة أو حائط وفي رواية لمسلم قضى بالشفعة في كل شريك لم يقسم ربعة أو حائط ولا يحل له أن يبيع حتى يأذن شريكه فإن شاء أخذ وإن شاء ترك فإن باعه ولم يأذن له فهو أحق به والمعنى فيه دفع ضرر مؤنة القسمة واستحداث المرافق في الحصة الصائرة إليه ومعنى لا يحل أي حلا مستوى الطرفين والربعة تأنيث الربع وهو المنزل والحائط البستان ولها أربعة أركان آخذ ومأخوذ منه ومأخوذ وصيغة‏.‏

وقد ذكر الناظم بعض أحكامها فقال تثبت في المشارع أي المشترك من عقار وإن بيع مع منقول منقسم قسمة يجبر عليها أحد الشريكين بطلب الآخر وهو ما ينتفع به بعدها من الوجه الذي كان ينتفع به قبلها ولا عبرة بالانتفاع به من وجه آخر للتفاوت العظيم بين أجناس المنافع مع تابع القرار الذي يندرج في بيعه كأبنية وأشجار ثابتة فيه وثمرة بها غير مؤبرة وقت البيع وأبواب منصوبة لا في بناء أرضه محتكره أو موقوفة ولا فيما لا يندرج في البيع كشجر جاف وزرع فهي كمنقول وإن بيع من عقار لانه لا يدوم فلا يدوم ضرر الشركة فيه ولا مستأجره ولا في أشجار بيعت مع مغارسها فقط ولا في جدران مع أسها فقط ولا في طاحونة وحمام وبئر لا يمكن جعلها طاحونين وحمامين وبئرين فلا شفعة فيها ولو كان بينهما دار صغيرة لأحدهما عشرها فباع حصته لم تثبت للآخر لأمنه من القسمة إذ لا فائدة فيها فلا يجاب طالبها لتعنته بخلاف العكس ويعتبر في الآخذ بها كونه شريكا في رقبة العقار سواء أكان مسلما أم ذميا حرا أم مكاتبا حتى لو كان السيد والمكاتب شريكين فلكل منهما الشفعة على الآخر فلا شفعة لمالك المنفعة فقط ولا لجار ولو ملاصقا فلو كان بينهما أرض ولأحدهما فيها أشجار أو أبنية فباعها مع حصته من الأرض لم تثبت الشفعة إلا في الأرض لعدم الشركة في الأشجار والأبنية ولو قضى بها حنفي لجار لم ينقض ولو قضى بها الشافعي لم يعترض ولو باع دارا وله شريك في ممرها فلا شفعة له فيها وتثبت في الممر إن كان ينقسم أو كان للمشتري طريق آخر إلى الدار أو أمكن فتح باب إلى شارع وإلا فلا وإن باع نصيبه من الممر فقط لم تثبت فيه الشفعة ولو باع ذمي شقصا لذمي بخمر أو خنزير وترافعوا إلينا بعد الأخذ بالشفعة لم نرده أو قبله لم نحكم بها ولو باع نصيبه من دار وباقيها لمسجد اشتراه قيمه أو وهب له ليصرف في عمارته فللقيم أخذه بالشفعة إن رآه مصلحة كما للإمام في شركة بيت المال ولو اشترى للمسجد شقص فللشريك الأخذ بالشفعة ويعتبر في المأخوذ منه الذي هو المشتري ومن في معناه طر وملك على ملك الآخر فلو اشتريا دارا أو شقصا منها معا فلا شفعة لأحدهما على الآخر ولزومه فلو باع بشرط الخيار لهما أو للبائع فلا شفعة زمن الخيار أو للمشتري فللشفيع الأخذ في الحال ولو باع شريكه حصته بشرط الخيار له أولهما ثم باع الآخر حصته في زمن الخيار بيع بت لم تثبت للمشتري الثاني على الأول وإن طرأ على ملكه ملك الأول لأن سبب الشفعة البيع وهو متقدم على ملكه ولو وجد المشتري بالشقص عيبا وأراد رده به وأراد الشفيع أخذه ويرضى بعيبه أجيب الشفيع فلو رده ثم طلب الشفيع أجيب وارتفع رده ويعتبر أن يملكه بمعاوضة كبيع وأجرة ورأس مال سلم ومهر وعوض خلع ومتعة وصلح عن دم فلو ملكه بإرث أو هبة أو وصية فلا شفعة ولو باع الوصي أو القيم شقص الصبي وهو شريكه فلا شفعة له ولو اشتراه له فله الشفعة وللأب والجد الشريكين الشفعة باعا أو اشتريا ولو كان للوصي يتيما فباع نصيب أحدهما فله آخذه بالشفعة للآخر ولو وكله المشتري في شراء الشقص أو بيعه فله الشفعة ولو كان المشتري شريكا فالشفعة بينه وبين الشريك الآخر ولا يشترط في التملك بها حكم حاكم ولا حضور الثمن ولا رضاه ويعتبر لفظ أو مقام مقامه من الشفيع كتملكت أو اخترت الأخذ أو أخذت بالشفعة ونحو ذلك لا أنا مطالب بها ولا بد من رؤية الشقص وليس للمشتري منعه منها وعلمه بالثمن في التملك لا في الطلب ويملكه إما بتسليم العوض إلى المشتري فإذا امتنع المشتري من القبض أخلا بينه وبينه أو رفع الأمر إلى الحاكم ليلزمه التسلم أو يقبض عنه وإما بتسليم المشتري الشقص ورضاه بكون الثمن في ذمته حيث لا ربا وإما بقضاء القاضي له بالشفعة إذا حضر مجلسه وأثبت حقه واختار التملك وإذا ملك الشفيع بغير الطريق الأول لم يكن له أن يتسلمه حتى يؤدي الثمن وإن كان المشتري تسلمه قبل أدائه وإذا لم يكن الثمن حاضرا وقت التملك أمهل ثلاثا فإن لم يحضره فسخ الحاكم تملكه ولو اتفق المتبايعان على حط أو زيادة لحقة قبل لزوم العقد فلو حط كل الثمن فلا شفعة يدفع الشفيع المأخوذ منه الشقص مثل ثمن إن بيع بمثلى وإن قدره بغير معياره الشرعي كمائة رطل حنطة فيدفع مثله وزنا لا كيلا فلو فقد المثل وقت الأخذ فالقيمة أو بذل بسكون الذال المعجمة مصدر بذل بمعنى أعطى قيمة أن بيع بدرج الهمزة للوزن بمتقوم وإن بيع بمؤجل تخير بين أن يعجل ويأخذ في الحال وأن يصبر إلى المحل ويأخذ ولا يبطل حقه بالتأخير ولو مات المشتري وحل عليه الثمن فالشفيع على خيرته أو مات الشفيع فالخيرة لوارثه ولو باعه المشتري صح وإن شاء الشفيع أخذ بالبيع الثاني أو نقصه وأخذ بالأول وإن بيع شقص وغيره أخذه بحصته من الثمن ولا خيار للمشتري وإن جعل الشقص رأس مال سلم أخذه بمثل المسلم فيه ومهر مثل إن أصدقت المرأة والاعتبار به يوم النكاح ويوم الخلع أو متعة فمتعة مثلها أو أجره فبأجره مثل ولو صولح من دين عليه فبمثل الدين أو قيمته أو من دم عليه فبقيمة الدية يوم الجناية لكن على الفور أخصص الأخذ بها لأنه خيار ثبت بنفسه لدفع الضرر فكان على الفور كالرد بالعيب فإذا علم الشفيع بها فليبادر في طلبها على العادة فلا يكلف العدو ونحوه فإن كان مريضا لا يمكنه المطالبة أو غائبا عن بلد المشتري أو خائفا من عدو أو حبس ظلما أو بدين وهو معسر عاجز عن إثبات إعساره فليوكل إن قدر وإلا فليشهد على الطلب فإن ترك المقدور عليه منهما بطل حقه لتقصيره والحر والبرد المفرط عذر وكذا خوف الطريق حتى توجد رفقة تعتمد ولا يجب الإشهاد إذا سار طالبا في الحال ولو كان في صلاة أو حمام أو قضاء حاجة أو طعام فله الإتمام ولو دخل وقت هذه الأمور فله الاشتغال بها على العادة فلا يلزمه تخفيف الصلاة ولو ترك الشفيع المشتري وتوجه للحاكم جاز أو أشهد على الطلب ولم يراجع المشتري ولا الحاكم لم يكف وإن كان المشتري غائبا رفع الأمر إلى الحاكم وأخذ كما في البيع ولو تلاقيا في غير بلد الشقص فأخر إلى بلده بطل حقه ولو أخره وقال لم أصدق المخبر لم يعذر إن أخبره عدلان أو ثقة أو من يؤمن تواطؤهم على الكذب ويعذر إن أخبره من لا يقبل خبره كفاسق وكافر وصبي ولو أخبر بالبيع بألف فترك فبان بخمسمائة بقي حقه أو بأكثر فلا ولو كذب في تعيين المشتري أو في جنس الثمن أو أو نوعه أو حلوله أو تأجيله كشهر فبان إلى شهرين أو في قدر المشتري أو بالبيع من رجل فبان من رجلين أو عكسه بقي حقه أو بمقدار مؤجل فبان حالا أو بيع كله بألف فبان بألف بطل ولو لقى المشتري فسلم عليه أو قال له بارك الله لك في صفقتك أو بكم اشتريت لم يبطل حقه بخلاف قوله اشتريته رخيصا ولو أخر ثم اعتذر بمرض أو حبس أو غيبة صدق إن علم العارض أولا فالمصدق المشتري أو أنه لم يعلم ثبوت حق الشفعة أو أنها على الفور فكما في الرد بالعيب ولو باع الشفيع نصيبه أو وهبه ولو جاهلا ثبوت شفعته بطل حقه أو بعضه عالما فكذا في الأظهر أو جاهلا فلا وتثبت الشفعة للشركا بقدر ملك الحصص لأنها من مرافق الملك فنقدر بقدرة ككسب المشترك ونتاجه وثماره فلو كانت دار بين ثلاثة لواحد نصفها وللآخر ثلثها وللآخر سدسها فباع الأول حصته أخذ الثاني سهمين والثالث سهما واحدا ولأن الشفعة إنما تثبت لدفع مؤنة القسمة لا لدفع سوء المشاركة والمؤنة تختلف باختلاف الحصص فأخذوا بقدرها لأن كلا يدفع عن نفسه ما يلزمه بالقسمة‏.‏

باب القراض

612 - صَحَّ بإِذْنِ مالِكٍ للعامِلِ *** في مَتْجَرٍ عُيِّنَ نَقْدُ الحاصِلِ

613 - وأَطْلَقَ التَّصريفَ أو فيما يَعُمْ *** وُجُودُهُ لا كِشَرا بِنْتٍ وأُمْ

614 - غيرَمُقَدِّرٍ لِمُدَّةِ العَمَلْ *** كَسَنَةٍ وإِنْ يُعَلِّقْهُ بَطَلْ

615 - مَعْلُومَ جُزءِ رِبحِهِ بينَهُمَا *** ويُجْبَرُ الخُسْرُ بِرَبْحٍ قَد نَمَا

616 - ويَملِكُ العامِلُ رِبْحَ حِصَّتِهْ *** بالفَسْخِ والنُّضُوضِ مِثلَ قِسْمَتِهْ

باب القراض‏:‏ مشتق من القرض وهو القطع سمي بذلك لأن المالك قطع للعامل قطعة من ماله يتصرف فيها وقطعة من الربح ويسمى أيضا مضاربة لأن كلا منهما يضرب له بسهم في الربح ومقارضة وهي المساواة لتساويهما في الربح وهو أ ن يدفع لغيره مالا ليتجر فيه والربح مشترك بينهما والأصل فيه الإجماع والحاجة واحتج له بقوله تعالى ‏{‏وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله‏}‏ وبقوله ‏{‏ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم‏}‏ وبأنه صلى الله عليه وسلم ضارب لخديجة بمالها إلى الشام وأنفذت معه عبدها ميسرة وله خمسة أركان عاقد وصيغة ورأس مال وعمل وربح وقد أشار إليها الناظم فقال صح القراض بإذن مالك أهل للتوكيل بنحو قارضتك أو ضاربتك أو عاملتك على أن الربح بيننا نصفين ولا بد من قبول العامل متصلا الاتصال المعتبر في سائر العقود للعامل الذي فيه أهلية التوكل وللولي أبا أو جدا أو وصيا أو حاكما أو أمينة أن يقارض لموليه من طفل أو مجنون أو محجور سفه ويجوز في مرض الموت وللعامل ما شرط له ولو أكثر من أجره مثله غير معتبر من الثلث ولو قارض الواحد اثنين متساويا أو متفاوتا جاز إذا تبين ما لكل وإن لم يثبت لكل منهما الاستقلال وكذا لو قارض اثنان واحدا والربح بعد نصيب العامل بينهما على قدر ماليهما ولو قالا لك من نصيب أحدنا الثلث ومن الآخر الربع فإن أبهما لم يجز وإن عينا وهو يعلم ما لكل جاز وإذا فسد القراض نفذ تصرف العامل والربح للمالك وعليه أجرة المثل للعامل وإن لم يكن ربح إلا إذا قال قارضتك وجميع الربح لي فلا أجرة له ولو قال نصفه لك وسدسه لي صح وكان بينهما نصفين ويشترط كون رأس المال معلوما فلا يصح على مجهول ولا على دين ولو في ذمة العامل في متجر أي تجارة بأن يأذن له فيها أو في البيع والشراء فلو قارضه ليشتري حنطة فيطحنها أو يخبزها أو غزلا ينسجه أو ثوبا يقصره أو يصبغه أو نخلا أو دواب أو مستغلات ويمسك رقابها لثمارها ونتاجها وغلاتها والفوائد بينهما أو شبكة يصطاد بها والصيد بينهما ففاسد والصيد للصائد وعليه أجرة الشبكة ولو اشترى العامل حنطة وطحنها بلا شرط لم ينفسخ القراض لكن إن استقل العامل بالطحن ضمنه فإن نقص لزمه أرش نقصه فإن باعه لم يضمن ثمنه ولا يستحق بهذه الصناعات أجره ولو استأجر عليها فالأجرة عليه والربح بينه وبين المالك عين فلا يصح على أحد هذين الألفين نعم إن عينه في المجلس صح و نقد الحاصلى أي يعتبر كون رأس المال نقدا مضروبا فلا يصح على مغشوش ولا فلوس وإن راجت كسائر العروض نعم إن كان الغش مستهلكا صح ولو كان بين اثنين دراهم مشتركة فقال أحدهما للآخر قارضتك على نصيبي منها صح لأن الإشاعة لا تمنع صحة التصرف وكذا لو خلط ألفين بألف لغيره وقال قارضتك على أحدهما وشاركتك على الآخر فقبل لم ينفرد العامل بالتصرف في ألف القراض وينصرفان في باقي المال ولا بد أن يكون مسلما للعامل ومستقلا بالتصرف فيه فلا يجوز شرط كونه في يد المالك أو مشرفه يوفى منه ثمن مااشتراه العامل وأطلق التصريف أي يشترط أن لا يكون العمل مضيقا عليه بالتعيين أو التوقيت أو فيما يعم وجوده بأن يطلق أو يعين شيئا يعم وجوده فإن عين نوعا يندر كياقوت أحمر أو خيل بلق لم يصح كما أشار إليه بقوله لا كشرا بنت أو أخت وأم لأنه تضييق يخل بمقصود العقد غير مقدر لمدة العمل كسنة وكذا لو أقته أو أقت البيع كقارضتك أن لا تتصرف أو لا تبيع بعد عام بخلاف ما لو أقت الشراء فقط لحصول الاسترباح بالبيع الذي له فعله بعد المدة كقارضتك على أن لا تشتري بعد عام مثلا وإن لم يقل ولك البيع وإن يعلقه بطل لأن التأقيت أسهل منه بدليل احتماله في الإجارة والمساقاة ويمتنع أيضا تعليق التصرف بخلاف الوكالة لمنافاته غرض الربح ولو شرط عمل المالك أو مشرفه مع العامل فسد ويجوز شرط عمل مملوك المالك معه لأنه مال فجعل عمله تبعا للمال نعم إن ضم إلى ذلك أن لا يتصرف العامل دونه أو يكون المال أو بعضه بيده لم يصح ويشترط أن يكون معلوما بالرؤية أو بالوصف معلوم جزء ربحه بينهما كالنصف أو الثلث أو الربع فلو قال على أن لك فيه شركة أو نصيبا لم يصح وإن قال مثل ما شرط فلان لفلان فإن كانا عالمين به صح وإلا فلا وخرج بالجزئية العلم بقدره فلو شرط أن لأحدهما درهما والباقي للآخر أو بينهما لم يصح فقد لا يربح إلا الدرهم فيفوز به أحدهما وكذا لو شرط لأحدهما نصف الربح إلا درهما أو أنه يختص بربح صنف أو بربح أحد الألفين مختلطين أو متميزين ولو قال على أن ثلثه لي وثلثى باقيه لك صح وإن لم يعلما عند العقد قدره وهو سبعة اتساعه لسهولة معرفته ويشترط اختصاصه بالمتعاقدين واشتراكهما فيه فلو شرطاه لأحدهما أو لثالث بطل وكذا إن شرطا شيئا منه لثالث إلا أن يكون مملوك أحدهما لرجوع ما شرطه لمملوكه إليه ولو قال نصف نصيبي لزوجتي مثلا صح وكان وعد هبة ويلزم العامل التصرف بالمصلحة لا بغبن ونسيئة بلا إذن فإن باع نسيئة بإذن وجب الأشهاد فإن تركه ضمن وله البيع بعرض وشراء معيب فيه ربح وله الرد بعيب للمصلحة وإن رضي به المالك وإن اقتضت الإمساك فلا وحيث ثبت الرد للعامل فللمالك أولى وإن اختلفا عمل بالمصلحة وعلى العامل فعل ما يعتاده كنشر الثوب وذرعه وطيه وإدراجه في السفط وإخراجه ووزن الخفيف كذهب ومسك وعود وقبض الثمن وحمله وحفظ المتاع على باب الحانوت وفي السفر بالنوم عليه ونحوه لا وزن الأمتعة الثقيلة وحملها ولا نقل المتاع من حانوت إلى آخر والنداء عليه ولو استأجر على ما عليه فالأجرة له في ماله وإلا ففي مال القراض فإن باشر فلا أجرة له ولا يتصدق من مال القراض ولا ينفق منه على نفسه ولو في السفر ويجبر الخسر بربح قد نما أي يجبر النقص الحاصل بالرخص أو بالمرض والتعيب الحادثين أو بتلف بعضه بآفة أو غصب أو سرقة وتعذر أخذ بدله بعد تصرف العامل بيعا وشراء أو شراء فقط بربح زاد ما أمكن لأنه وقاية لرأس المال ولاقتضاء العرف ذلك فإن تلف قبل تصرفه فمن رأس المال لأن العقد لم يتأكد بالعمل فإن تلف كله بآفة أو أتلفه المالك ارتفع القراض أو أتلفه أو بعضه أجنبي أخذ بدله واستمر فيه وثمار الشجر والنتاج وكسب الرقيق والولد والمهر وبدل المنافع يفوز بها المالك ويملك العامل ربح حصته بالفسخ لعقد القراض والنضوض مثل قسمته ما القراض بعد فسخ عقده فلا يملكه بظهوره وإن ثبت له به حق يورث عنه ويتقدم به على الغرماء وإلا لصار شريكا فيشيع النقص الحادث بعده في جميع المال أصلا وربحا فلما انحصر في الربح دل على عدم الملك ولأن القراض عقد جائز ولا ضبط للعمل فيه فلا يملك العوض إلا بتمام العمل كالجعالة ولا يملكه بالنضوض ولا بالقسمة قبل الفسخ لبقاء العقد حتى لو حصل بعد ذلك نقص جبر بالربح ولكل فسخه متى شاء وإن لم يحضر ولم يرض صاحبه وينفسخ بموت أحدهما أو جنونه أو إغماءه أو الحجر عليه بسفه وليس للعامل الشراء بعد الفسخ ثم إن كان المال دينا لزمه استيفاؤه أو نقدا من جنس رأس المال أخذه المالك واقتسما الربح إن كان أو مكسرا ورأس المال صحاحا فإن وجد من يبدلها بوزنها صحاحا وإلا باعها بنقد غير الجنس أو بعوض واشترى به الصحاح وإن كان نقدا من غير الجنس أو بعوض ثم ربح لزم العامل بيعه إن طلبه مالكه وله بيعه وإن أباه المالك وليس له تأخير إلى موسم ولو ترك العامل حقه ليكفى البيع لم تلزمه إجابته وحيث لزمه البيع إنما يلزمه تنضيض رأس المال والزائد كعرض مشترك فلا يكلف الشريك البيع وإنما يبيع بنقد البلد فإن كان من غير جنس رأس المال فعل المصلحة فإن باع بنقد البلد حصل به رأس المال فإن لم يكن في المال ربح كلفة المالك البيع فإن رضى المالك بأمساكه فللعامل البيع إذا توقع ربحا ولو اخذ المالك العرض باتفاقهما ثم ظهر به ربح بارتفاع السوق فلا شيء للعامل فيه ويصدق في دعوى التلف كالوديعة وفي أنه اشتراه لنفسه أو للقراض وفي انه لم ينهه عن شراء كذا وفي جنس المال وعدم الربح أو قدره ولو قال ربحت ثم ادعى غلطا أو تبين أن لا ربح أو انه كذب خوف انتزاع المال منه لم يقبل أو أنه خسر بعده صدق إن احتمل وهو على أمانته ولو اختلفا في المشروط تحالفا ثم يفسخ العقد كالبيع ويختص الربح والخسر بالمالك وللعامل أجرة مثل عمله أو في قدر رأس المال صدق العامل سواء أكان ربح أم لا‏.‏

باب المساقاة

617 - صَحَّتْ على أشجَارِ نَخْلٍ أو عِنَبْ *** إِذ وُقِّتَتْ بِمُدَّةٍ فيها غَلَبْ

618 - تَحصِيلُ رَيْعِهِ بجُزْءٍ عُلِمَا *** مِن ثَمَرٍ لعامِلٍ وإنَّمَا

619 - عليهِ أعمالٌ تزِيدُ في الثَّمَرْ *** ومالِكٌ يحفَظُ أصلاً كالشَّجَرْ

620 - إِجَارَةُ الأرضِ بِبَعضِ ما ظَهَرْ *** مِن رَيْعِهَا عَنهُ نَهَى خَيْرُ البَشَرْ

باب المساقاة‏:‏ مأخوذة من السقى المحتاج إليه فيها غالبا لأنه أنفع أعمالها وأكثرها مؤنة وحقيقتها أن يعامل غيره على نخل أو شجر عنب ليتعهده بالسقى والتربية على أن الثمرة لهما والأصل فيها قبل الإجماع أنه صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع والمعنى فيه أن مالك الأشجار قد لا يحسن تعهدها أولا يتفرغ له ومن يحسن أو يتفرغ قد لا يملك الأشجار فيحتاج ذلك إلى الاستعمال وهذا إلى العمل ولو اكترى المالك لزمته الاجرة في الحال وقد لا يحصل شيء من الثمار ويتهاون العامل فدعت الحاجة إلى تجويزها ولها خمسة أركان عاقد وصيغة وشجر وتمر وعمل‏.‏

وقد اشار الناظم إليها فقال صحت على أشجار نخل أو عنب لأن كلا منهما زكوى يمكن خرصه ويدخر يابسه دون غيرها من الزروع والبقول والأشجار المثمرة وغيرها نعم ان ساقى عليها تبعا لنخل أو عنب صحت كالمزرعه ولا تصح على شجر المقل ويشترط أن تكوت مغروسة فلا يصح أن يساقيه على ودى ليغرسه ويكون الثمر بينهما فلو وقع ذلك وعمل العامل فله اجرة عمله إن توقعت الثمرة في المدة وإلا ولا بد من كون المعقود عليه مرئيا للعاقدين فلا تصح على غير مرئى لهما معينة فلو ساقاه على أحد الحائطين لم تصح ويشترط في العاقد ما يشترط في القراض فتصح لصبى ومجنون ومحجور سفه بالولاية وأما الصيغة فنحو قول المالك ساقيتك على هذا النخل او العنب بكذا أو سلمته إليك لتتعهذه بكذا أو تعهده بكذا اعمل عليه بكذا وهى صريحة لا كناية ولا بد من قبول العامل إن وقتت بمدة معلومة لأنها عقد لازم كالإجارة فلا تصح بمدة مجهولة كإدراك الثمار فيها غلب تحصيل ريعه في المدة غالبا فلو وقت بمدة مجهولة لا يحصل ريعه فيها غالبا لم تصح لخلوها عن العوض ولو ساقاه على ودي مغروس فإن قدر مدة يثمر فيها غالبا صحت فإن لم يثمر فيها لم يستحق شيئا كما لو قارضه فلم يربح أو ساقاه على مثمر فلم يثمر أو لا يثمر فيها غالبا لم تصح ولا اجرة له وأن أحتمل الأمران لم تصح وله اجرة مثل عمله بجزء علما بألف الإطلاق من ثمر لعامل فيشترط تخصيصه بهما واشتراكهما فيه فلو شرط بعض الثمر لغيرهما أو كله لأحدهما أو جزء منه للعامل أو المالك غير معلوم فسدت ولو قال على أن الثمر بيننا أو أن نصفه لى أو نصفه لك وسكت عن الباقى صحت في الأولى مناصفة والثالثة دون الثانية أو على أن ثمر هذه النخلة أو النخلات لى او لك والباقى بيننا فسدت وتصح بعد ظهور الثمر قبل بدو صلاحه لأنه أبعد عن الغرر بالوثوق بالثمر الذى منه العوض فهو أولى بالجواز أما بعد بدو صلاحه فلا تصح لفوات معظم الأعمال ولا تصح مع شرط عمل على العامل ليس من جنس أعمالها ولا بد أن ينفرد باليد والعمل في الحديقة ولو شرط المالك دخوله عليه وسلم له المفتاح جاز أو أن يعمل معه غلامه ويكون تحت تدبير العامل جاز بشرط رؤية الغلام أو وصفه فإن شرط نفقته على العامل جاز ويحمل على الوسط المعتاد وليس للعامل استعمال الغلام في عمل نفسه وإنما عليه أعمال تزيد في الثمر وفي أصلاحها وتتكرر كل سنة وإنما أعتبرنا التكرر لأن مالا يتكرر يبقى أثره بعد فراغ المساقاة فيما يجب عليه السقى وما يتبعه من إصلاح طرق الماء والأجاجين التى يقف فيها الماء وتنقيه الآبار والأنهار من الحجارة ونحوها وإدارة الدولاب وفتح رأس الساقية وسدها عند السقى على ما يقتضيه الحال والتلقيح ثم الطلع الذى يلقح به على المالك لأنه عين مال وإنما يكلف العامل العمل ومنه تنحيه الحشيش المضر والقضبان المضرة ومنه تصريف الجريد وهو سعف النخل وتعريش شجر العنب حيث جرت العادة به ووضع حشيش فوق العناقيد عند الحاجة وكذا حفظ التمر حتى عن طير وزنبور اعتيد وجذاذه وتجفيف اعتيد أو شرطاه وتهيئة جرين ونقل الثمر إليه وتقليبه في الشمس وتقليب الأرض بالمساحى وحرثها في الزراعة ومالك يحفظ أصلا كالشجر فعليه ما قصد به حفظ الأصل ولا يتكرر كل سنة كحفر بئر أو نهر وبناء حيطان ونصب أبواب ودولاب ونحوها وخراج وقوصرة لطير وطلع تلقيح وكل عين تتلف في العمل وآلة يوفى بها العمل كفأس ومعول ومنجل ومسحاة وثيران وفدان في المزرعة وثور دولابها ويتبع العرف في وضع الشوك على راس الجدار وردم ثلمة يسيرة فيه ولو شرط شئ مما على العامل على المالك أو عكسه فسدت ولو عمل العامل ما على الممالك بلا إذن فلا شئ له وإلا فله والإجرة والمساقاة لازمة ويملك حصته بالظهور ولو هرب العامل قبل فراغ العمل وأتمه المالك متبرعا بقى استحقاق العامل وإلا رفع إلى الحاكم وأثبت عنده المساقاة وهربه ليطلبه فإن وجده أجبره عليه وإلا أستأجر عليه من يتمه من ماله فإن لم يكن له مال باع نصيبه أو بعضه من الثمرة أن بدا صلاحها وإلا اقترض عليه ولو من بيت المال ثم يقضيه العامل بعد رجوعه أو يقضى من نصيبه من الثمرة بعد إدراكها ولو وجد أجيرا بمؤجل استغنى به ولو عمل المالك بنفسه أو أنفق باذن الحاكم ليرجع رجع فإن عجز عن الحاكم رجع إن أشهد على العمل أو الاستئجار وأنه فعله ليرجع وسواء اكانت المساقاة على العين أم الذمة إلا أن الفسخ في الأولى عند الهرب دون الثانية والعجز بمرض ونحوه كالهرب إجارة الأرض ببعض ما ظهر من ريعها باطلة والمراد بذلك المخابرة والمزارعة عنه نهى خير البشر ففى الصحيحين عن جابر نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المخابرة وفى مسلم أنه نهى عن المزارعة فالمخابرة إجارة الأرض ببعض ما يخرج منها والبذر من العامل والمزارعة إجارتها ببعض ما يخرج منها والبذر من المالك فلو كان بين الشجر أرض خالية من زرع وغيره صحت المزرعة عليها مع المساقاة على الشجر تبعا بشرط اتحاد عاملهما وعسر أفراد الشجر بالسقى والبياض بالزراعة وجمعهما في عقد وتقديم المساقاة وسواء أكان البياض كثيرا أم قليلا ولا يشترط تساوى الجزء المشروط من الزرع والثمر وتمتنع المخابرة تبعا للمساقاة لعدم ورود ذلك والفرق بينهما وبين المزارعة أنها أشبه بالمساقاة وورد الخبر بصحتها ومتى أفرد عقد مزارعة أو مخابرة فإن كان البذر للمالك فالغلة له وعليه للعامل أجرة عمله وآلاته ودوابه أو العامل فالغلة له وعليه لمالك الأرض أجرة مثلها أو لهما وعلى كل أجرة مثل عمل صاحبه في حصته والحبلة في تصحيحيه والبذر لهما أن يعير نصف الأرض للعامل ويتبرع هو بمنفعته وآلته في حصة الآخر أو يؤجره نصف الأرض بنصف منفعته وآلته وهو أحوط وإن كان البذر لصاحب الأرض أقرضه نصفه وأجره نصف الأرض بنصف منفعته وآلته أو أستأجره بنصف البذر ليزرع نصف الأرض ويعيره باقيها أو بنصف البذر ونصف منفعته الأرض ليزرع له باقيه في باقيها وإن كان البذر للعامل إكترى منه نصف الأرض بنصف البذر ونصف منفعته وآلته أو بنصف البذر ويتبرع بمنفعته وآلته أو بنصف منفعته وآلته ويقرضه نصف البذر‏.‏