فصل: باب حد السرقة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: غايـة البيـان شرح زبد ابن رسـلان ***


باب حد الردة

863 - كُفْرُ المُكَلَّفِ اختِيَارَاً ذِي هُدَى *** ولَوْ لِفَرْضٍ مِنَ صلاةٍ جَحَدَا

864 - وتَجِبُ استِتَابَةٌ لَنْ يُمْهَلا *** إن لَم يَتُبْ فَوَاجِبٌ أَن يُقْتَلا

865 - وبَعدُ لا يُغْسَلْ ولا يُصَلَّى *** عَلَيْهِ مَعْ مُسْلِمِ دَفْنَاً كَلا

866 - مَن دونَ جَحْدٍ عامِدَاً ما صَلَّى *** عَنْ وَقْتِ جَمُعٍ اسْتَتِبْ فالقَتْلا

867 - بالسَّيْفِ حَدَّاً بَعدَ ذا صَلاتُنَا *** عَلَيْهِ ثُمَّ الدَّفْنُ فِي قُبُورِنَا

باب حد الردة‏:‏ أعاذنا الله منها هي لغة الرجوع عن الشئ إلى غيره وشرعا ما سيأتى وهي أفحش انواع الكفر وأغلظها حكما لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر‏}‏ الآية ولقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه‏}‏ ولخبر البخاري من بدل دينه فاقتلوه كفر المكلف البالغ العاقل اختيارا خرج المكره لقوله تعالى ‏{‏إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان‏}‏ ذي هدى أي المسلم بجحود مجمع عليه معلوم من الدين بالضرورة ولو كان لفرض من صلاة جحدان أو حلل محرما بالإجماع معلوما من الدين بالضرورة كالزنا وشرب الخمر أو حرم حلالا بالإجماع معلوما من الدين بالضرورة كالنكاح أو اعتقد وجوب ما ليس بواجب بالإجماع كذلك كصلة سادسة او القي مصحفا بقاذورة أو سجد لصنم أو شمس أو قذف سيدتنا عائشة بعد نزول القرآن أو ادعى نبوة بعد نبينا صلى الله عليه وسلم أو صدق مدعيها أو أستخف باسم الله أو رسوله أو رضى بالكفر أو أشار به وسواء في ذلك أكان بنية كفر أم قول مكفر أم فعل مكفر سواء في القول أكان استهزاء أم اعتقادا أما عنادا كأن تردد في الكفر أم عزم عليه في المستقبل أو اعتقد قدم العالم أو حدوث الصانع أو كذب رسولا وتجب استتابة للمرتد قبل قتله لأنه كان محترما بالإسلام وربما عرضت له شبهة فتزال إذ لو مات على حاله مات كافرا بخلاف تارك الصلاة فانه لو مات مسلما لن يمهلا أي في الحال إن لم يتب فواجب أن يقتلا لخبر من بدل دينه فاقتلوه وهو شامل للمرأة وغيرها ولا يقتل المرتد في جنونه أو سكره فربما رجع فلو قتله إنسان قبل الاستتابة أساء فيعزر ولا شيء عليه ويندب تأخير توبة السكران إلى إفاقته ولا يدفن المرتد في مقابر المسلمين لخروجه بالردة عنهم ولا في مقابر الكفار لما تقدم له من حرمة الإسلام ومتى أسلم المرتد ذكرا أو أنثى صح إسلامه ولو زنديقا أو سكران أو تكررت ردته ويعزر من تكررت ردته ومن كفر بقذف نبي صح إسلامه وترك كغيره ولا بد في إسلام المرتد وغيره من الشهادتين وإن كان مقرا بإحداهما وتكفيان ممن ينكر الرسالة إلا من خصها بالعرب فلا بد مع ذلك أن يقول أشهد أن محمدا رسول الله إلى سائر الخلق أو يبرأ من كل دين مخالف للإسلام فلو كان كفره بجحود فرض أو إستباحة محرم لم يصح إسلامه حتى يأتي بالشهادتين ويرجع عما اعتقده ويندب أن يمتحن عند إسلامه بإقراره بالبعث وإذا ترك المسلم المكلف صلاة من الخمس من دون جحد عامدا بلا عذر ما صلى عن وقت جمع أي تركها حتى خرج وقتها أو وقت ما تجمع معه استتبه أنت ندبا فان لم يتب فالقتلا بألف الإطلاق فيه وفيما قبله ويكون بالسيف ويقتل حدا لا كفرا وقد علم أنه لا يقتل بترك الظهر حتى تغرب الشمس ولا بترك المغرب حتى يطلع الفجر ويقتل في الصبح بطلوع الشمس وفي العصر بغروبها وبالعشاء بطلوع الفجر فيطالب بأدائها إذا ضاق وقتها ويتوعد بالقتل إن أخرجها عن الوقت فإن أصر وأخر استوجب القتل ومن ترك الصلاة ترك ركن من أركانها أو شرط مجمع عليه من شروطها وعلم أن تارك الجمعة يقتل وإن قال أصليها ظهرا بعد ذا صلاتنا عليه أي بعد أن يقتل تارك الصلاة يغسل ويكفن ويصلى عليه ثم الدفن في قبورنا أي ثم يدفن في مقابر المسلمين ولا يطمس قبره كسائر أصحاب الكبائر من المسلمين بل أولى لما ذكرناه من سقوط الإثم بالحدود‏.‏

باب حد الزنا

868 - يُرْجَمُ حُرٌّ مُحْصَنٌ بالْوَطْءِ فِي *** عَقْدٍ صحيحٍ وَهْوَ ذُوتَكَلُّفِ

869 - والبِكْرُ جَلْدُ مِائَةٍ لِلْحُرِّ *** ونَفْيُ عامٍ قَدْرَ ظَعْنِ القَصْرِ

870 - والرِّقُ نِصْفُ الجَلْدِ والتَّغَرُّبِ *** ودُبُرُ العَبْدِ زِنَاً كَالأَجْنَبِي

871 - ومَنْ أَتَى بَهِيمَةً أو دُبُرَ ا *** زَوْجَتِهِ أو دُونَ فَرْجٍ عُزِّرَا

باب حد الزنا‏:‏ وهو رجم المحصن وجلد غيره وتغريبه كما يأتي والزنا بالقصر أفصح من مده هو الإيلاج الآتي بيانه وهو حرام وقد أجمع على تحريمه سائر الملل وهو إيلاج مكلف مختار عالم بتحريمه حشفة ذكره الأصلي المتصل أو قدرها من مقطوعها بفرج أصلي متصل محرم لعينه خال عن الشبهة مشتهى فخرج بالإيلاج المفاخذة ومساحقة المرأتين والإيلاج في غير فرج أو في فرج زائد أو مشكوك فيه أو مبان فلا يوجب الحد بل التعزير وخرج إيلاج الزوج والسيد الخالي عن الحرمة وإيلاج شبهة الفاعل وإيلاج غير المكلف لأنه لا يوصف بتحريم وإيلاج المكره والجاهل بالتحريم والإيلاج المحرم لعارض وشبهة المحل والطريق وهي كل جهة أباح بها عالم والإيلاج في البهيمة والميتة إذ ليس فيهما سوى التعزير يرجم الزاني الذي هو حر محصن ولو ذميا رجلا أو امرأة بالوطء بأن غيب حشفته في عقد صحيح وهو ذو تكلف ولو في حيض أو إحرام وبغير إنزاله فلا رجم على من فيه رق ولا على من زنا وهو غير مكلف لكن اعتبار التكليف غير مختص بالرجم بل هو شرط في أصل الحد ولا رجم على من غيب وهو ناقص ثم زنا وهو كامل ويرجم من كان كاملا في الحالين ومقتضى كلامه أن إحصان أحد الزوجين لا يؤثر فيه نقص الآخر وهو كذلك وأفهم قوله يرجم عدم قتله بالسيف ونحوه لأن القصد التنكيل بالرجم بأن يأمر به الإمام ليحيطوا به فيرمونه من الجوانب بمدر وحجارة معتدلة لا بحصيات خفيفة ولا بصخرة مذففة ولا يحفر للرجل سواء أثبت زناه بالبينة أو بالإقرار ويندب للمرأة إن ثبت زناها بالبينة لا بالإقرار ولا يؤخر لبرد وحر مفرطين وإن ثبت بالإقرار لأن النفس مستوفاة به وإنما يثبت الزنا بأربعة رجال أو إقراره ويشترط التفسير في كل منهما والبكر جلد مائة للحر ونفى عام قدر ظعن القصر أي إلى مسافة القصر فما فوقها للأتباع والرق أي حد الرقيق ومثله المبعض نصف الجلد وهو خمسون جلدة و نصف التغرب وهو نصف سنة ولا يكفي نفي الزاني نفسه لأن القصد التنكيل وإنما يحصل بنفي الإمام ولو قدم النفي على الجلد جاز وأول مدته ابتداء السفر لا وقت وصوله لما غرب إليه وتعتبر موالاة المائة والعام فلا يجوز تفريقهما ولو في حق ضعيف الخلق نعم لو جلد الزاني في يوم خمسين متوالية وفي ثانية خمسين كفى إذ الخمسون قدر حق الرقيق ولا تغرب امرأة وحدها بل مع زوج أو محرم أو نسوة ثقات مع أمن الطريق وعليها أجرته إن لم يخرج بدونها فإن امتنع لم يجبر ويغرب القريب من بلد الزنا إلى غير بلده بحيث لا يكون بينه وبين بلده دون مسافة قصر ولو رجع المغرب رد إلى الموضع الذي غرب إليه واستؤنفت المدة ويستوفى الحد الإمام أو نائبه فيه من حر ومبعض ومكاتب ويستحب حضور الإمام وشهود الزنا ويحد الرقيق سيده عند الاستيفاء رجلا كان أو امرأة والإمام فإن تنازعا فيمن يحده فالإمام ويغربه السيد أيضا وللفاسق والمكاتب والكافر حد أرقائهم لإصلاح ملكهم ودبر العبد زنا كالأجنبي أي إيلاج الحشفة أو قدرها في دبر عبده زنا كإيلاجها في دبر الأجنبي ذكرا كان أو غيره فيرجم الفاعل إن كان محصنا وللسيد تعزير رقيقه في حقوق الله تعالى وله سماع البينة بموجب العقوبة ويؤخر الجلد لمرض يرجى برأة فإن لم يرج جلد بعثكال عليه مائة غصن فإن كان عليه خمسون ضرب به مرتين وتمسه الأغصان أو ينكبس بعضها على بعض ليناله بعض الألم ولو برئ بعد أجزأه فإن انتفى لم يسقط الحد ويجب تأخير الجلد لحر وبرد مفرطين إلى إعتدال الوقت لكن لو جلده الإمام فيهما فهلك لم يضمنه ومن أتى بهيمة أو دبر زوجته أي بعدما منعه الحاكم عنه أو دون فرج كمفاخذة ومقدمات وطء أو أتى ميتة عزرا بألف الإطلاق فيه وفيما قبله أي عزر فاعله والقاعدة الأكثرية في ذلك أنه يعزر في كل معصية لأحد فيها ولا كفارة كمباشرة أجنبية بغير وطء وسرقة ما دون النصاب وسب إيذاء بغير قذف وشهادة زور أو ضرب بغير حق بما يراه الحاكم من ضرب أو صفع ولا يبلغ به أدنى حدود المعزر أو حبس أو نفي ولا يبلغ به سنة للحر ونصفها لغيره أو توبيخ على ما يؤدي إليه اجتهاده من جمع واقتصار على واحد وعليه رعاية الترتيب والتدريج كدفع الصائل فلا يرقى إلى مرتبة وهو يرى ما دونها كافيا ولو علم أن التأديب لا يحصل إلا بالضرب المبرح امتنع هو وغيره ولو عفى مستحق حد فلا تعزير للإمام أو مستحق تعزير فللإمام إقامته‏.‏

باب حد القذف

872 - أَوْجِبْ لِرَامٍ بالَّلوَاطَ والزِّنَا *** جَلْدَ ثمانينَ لِحُرٍّ أَحْصَنَا

873 - وللرَّقِيقِ النِّصْفَ عَرِّفْ مُحْصَنَا *** مُكَلَّفَاً أَسلَمَ حُرَّاً ما زَنَى

874 - وإِنْ تَقُمْ بَيِّنَهٌ على زِنَاهْ *** يَسْقُطْ كَأَنْ صَدَّقَ قَذْفَاً أو عَفَاهْ

باب حد القذف‏:‏ بالمعجمة أي الرمي بالزنا وهو كبيرة لقوله تعالى ‏{‏إن الذين يرمون المحصنات‏}‏ الآية أوجب لرام بمعنى علا كما في وللرقيق باللواط والزنا كقوله لغيره لطت أو زنيت والرامي مكلف مختار غير أصل جلد ثمانين لحر أحصنا بألف الإطلاق وللرقيق والمبعض النصف بالنصب عطفا على مفعول أوجب أو برفع مبتدأ خبره للرقيق وهو أربعون جلدة لأنه على النصف من الحر فيما يمكن تبعيضه فلا حد على صبي ومجنون ويعزر المميز من صبي ومجنون له نوع تمييز ولا على مكره وأصل بقذف فرع وإن سفل ذكرا كان أو أنثى لأنه لا يقتل به نعم يعزر وسواء أكان القاذف مسلما أم مرتدا أم ذميا أم معاهدا أم ذكرا أم أنثى عرف محصنا بأن يكون مكلفا أسلم حرا ما زنا ولم يطأ وطأ محرما أبدا فلو كان المقذوف صبيا أو مجنونا أو رقيقا أو غير عفيف عن الزنا أوالوطء المذكور لم يكن محصنا فلا حد على قاذفه بل يعزر للإيذاء وإن تقم بينة على زناه أي المقذوف ولو بعد القذف يسقط الحد بخلاف ما لو ارتد بعده كأن صدق المقذوف القاذف قذفا على قذفه أو عفاه أي عفا عن القذف فإنه يسقط ولو أباح قذفه لغيره كأن قال لغيره اقذفني لم يجب الحد ولو قذف واحدا بالزنا مرتين لزمه حد واحد ولو استوفى المقذوف الحد بلا حاكم أو الحاكم بلا طلب من مستحقه لم يقع الموقع ولو شهد دون أربعة بالزنا أو ثلاثة مع زوج المرأة بزناها حدوا وكذا لو شهد أربع نسوة أو عبيد أو ثلاثة رجال وامرأة أو عبد أو ذمي ولو شهد أربعة من الفسقة أو ثلاثة عدول وفاسق أو أربعة من أعدائه أو عدو ومع ثلاثة فلا حد على الشهود ولو شهد واحد على إقراره فلا حد عليه‏.‏

باب حد السرقة

875 - وَوَاجِبٌ بِسِرْقَةِ المُكَلَّفِ *** لِغَيْرِ أصْلِهِ وفَرْعٍ‏:‏ ما تَفِي

876 - قيمَتُهُ بِرُبْعِ دينارٍ ذَهَبْ *** وَلو قُرَاضَةٍ بِغَيْرٍ لَم يُشَبْ

877 - مِن حِرْزِ مِثْلِهِ ولا شُبْهَةَ فيهْ *** لسارِقٍ كَشِرْكَةٍ أو يَدَّعِيهْ

878 - تُقْطَعُ يُمْنَاهُ مِنَ الكُوعِ فَإِنْ *** عادَ لَهَا فَرِجْلُهُ اليسارُ مِنْ

879 - مَفْصِلِهَا فَاِنْ يَعُدْ يُسْرَاهُ مِنْ *** يَدٍ فَاِنْ عادَ فَيُمْنَاهُ فَاِنْ

880 - يَعُدْ فَتَعْزِيزٌ بِغَيْرِ قَتْلِ *** ويُغْمَسُ القَطْعُ بِزَيْتٍ مَغْلِي

باب حد السرقة‏:‏ بفتح السين وكسر الراء ويجوز إسكانها مع فتح السين وكسر الراء ويجوز إسكانها مع فتح السين وكسرها وهي لغة أخذ المال خفية وشرعا أخذه خفية من حرز مثله بشروط تأتي وهي كبيرة موجبة للقطع والأصل في القطع بها قبل الإجماع قوله تعالى ‏{‏والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا‏}‏ وغيره مما يأتي ولها أركان سارق ومسروق وسرقة وقد أشار إليها مصنف بقوله وواجب بسرقة لمكلف أي يشترط في السارق كونه مكلفا مختارا وملتزما الأحكام وعالما بالتحريم سواء أكان مسلما أم ذميا رجلا أم امرأة حرا أم رقيقا فيقطع مسلم أو ذمي بمال مسلم أو ذمي فلا قطع على صبي ومجنون لانتفاء تكليفهما أو مكره للشبهة وحربي ومعاهد ومؤمن لانتفاء التزامهم للأحكام ولا مسلم أو ذمي بسرقة ما لهم لغير أصله وفرع أي يشترط أيضا أن يكون مملوكا لغير أصله وفرعه فلا قطع بسرقة مال أصل وفرع للسارق لما بينهم من الاتحاد وأن يكون مملوكا لغيره فلا قطع على من سرق مال نفسه من يد مرتهن أو مستأجر أو مستعير أو مودع أو عامل أو وكيل ما تفي قيمته ربع دينار أي يشترط كون قيمة المسروق تجمع ربع دينار ذهب وقف عليه بلغة ربيعة وهو منصوب على التمييز أي ذهبا مضروبا خالصا أو يبلغ قيمة ذلك ولو كان الذهب قراضة أو تبرا تبلغ قيمته ربع دينار مضروب والدينار المثقال بغير لم يشب أي يشترط أن يبلغ خالص المغشوش ربع دينار وإلا لم يقطع والتقويم يعتبر بالمضروب فلو سرق شيئا يساوي ربع دينار من غير المضروب كسبيكة وحلي ولا يبلغ ربعا مضروبا فلا قطع به ولو سرق ربعا سبيكة أو حليا لا يساوي ربعا مضروبا فلا قطع به نظرا للقيمة فيما هو فيه كالسلعة ولو سرق ما وزنه دون ربع دينار وقيمته بالصنعة ربع دينار فلا قطع به نظرا للوزن ولو سرق دنانير ظنها فلوسا لا تساوي ربعا قطع ولا أثر لظنه من حرز مثله أي يشترط كون المسروق مأخوذا من حرز مثله لان الجناية تعظم بمخاطرة أخذه من الحرز فحكما بالقطع زجرا فلا قطع بسرقة ما ليس محرزا ويختلف الحرز باختلاف الأموال والأحوال فيرجع فيه إلى العرف وقد يكون الشيء محرزا في مكان دون مكان وفيه وقت دون وقت فلا قطع إلا بسرقة ما أحرز في موضع يستحق المحرز منفعته ولو بالعارية من السارق أو غيره فلا قطع بسرقة من حرز مغصوب ولا بسرقة ما أحرز مع مغصوبه فإن كان بمسجد أو نحوه اشترط دوام لحاظ ولا يقدح فيه الفترات العارضة عادة أو بحصن كدار كفى لحاظ معتادو اصطبل متصل بالدور حرز دواب ونحوها وعرصة دار وصفة حرز آنية وثياب بذلة لإثياب نفيسة أو نحوها وما نام عليه أو توسده فمحرز ويعتبر في الملاحظ قدرته على منع السارق بقوة أو استغاثة ودار منفصلة حرز يحافظ فيها يقظان أو نائم مع إغلاقها ومتصلة حرز لا مع فتحها ونومه ولو نهارا فإن لم يكن فهي حرز نهارا مع أمن وإغلاقها وخيمة بصحراء محرزة بشد أطنابها وحافظ وما فيها لشد أطنابها وإرخاء أذيالها معه ولا شبهة فيه لسارق أي يشترط أن لا يكون للسارق فيه شبهة كشركة فلا يقطع مسلم بمال المصالح ولا مستحقا للزكاة بمالها ولا بسرقة ما وهب له قبل قبضه ولا بسرقة ما ظنه ملكه أو ملك بعضه أو سيده أو يدعيه وإن لم يثبت مدعاه ولو سرق سيد المبعض ما ملكه بحريته لم يقطع على الأصح لأن ما ملكه في الحقيقة لجميع بدنه فصار شبهة ولا شبهة في كون المسروق مباح الأصل كحطب وحشيش ولا في طعام عام المجاعة إن وجد ولو عزيزا بثمن غال ولو ادعى نقص القيمة لم يقطع ما لم تقم بينه بخلافه فلو ملك السارق المسروق قبل الرفع إلى الحاكم فلا قطع لتوقفه على طلب المسروق منه وقد تعذر ولا قطع على مختلس وهو من يعتمد الهرب ومنتهب وهو من يعتمد الغلبة والقوة ومودع ومستعير إذا جحدوا سواء في هتك الحرز أكان بنقب أم كسر باب وقلعة وفتح المغلاق والقفل وتسور الجدار ولو أدخل يده في النقب أو مخحبنا وأخرج المتاع أو أرسل حبلا من السطح أو الكوة في رأسه كلاب وأخرج به متاعا قطع ولو أرسل قردا وأخرج فلا قطع ولو حمل أعمى زمنا وأدخله الحرز فدله الزمن على المال فأخذه وخرج به قطع الأعمى دون الزمن تقطع يمناه من الكوع أي يده اليمنى وتمد اليد مدا عنيفا لتخلع ثم تقطع بحديده ماضية ويضبط جالسا حتى لا يتحرك ولا تمنع زيادة أصابعها ولو كانت شلاء فإن قال أهل الخبرة ينقطع دمها قطعت وإلا فكمن لا يمين له ويكتفي بفاقدة الأصابع ولو سرق مرارا كفى قطعها ويجب على السارق رد ما سرقه فإن تلف لزمه بدله فإن عاد لها أي سرق بعد قطعها أو كانت مفقودة فرجله اليسار من مفصلها بخلاف ما إذا قطعت بعد السرقة بآفة أو جناية فلا قطع عليه لأنه تعلق بعينها وقد فاتت ومثله لو شلت وتعذر قطعها فإن بعد بعد قطع رجله اليسرى قطعت يسرى من يد فإن عاد فيمناه أي رجله اليمنى فإن يعد بعد قطع الأربع فتعزير بغير قتل والأمر بقتله منسوخ أو مؤول بالمستحل ويغمس القطع أي محله بزيت أو دهن مغلي فإن جرت عادتهم بالحسم بالنار فعل وليس ذلك تتمة للحد بل حق للمقطوع فلا يفعل إلا بإذنه وهو مندوب ومؤنته عليه كأجرة الجلاد وفي بعض النسخ بدل هذا البيت‏:‏

يعد فتعزير وقيل قتلا *** ويغمس القطع بزيت مغلى‏.‏

باب قاطع الطريق

881 - وقاطِعَ الطَّرِيقَ بالإِرْعَابِ *** عَزِّرْهُ والآخِذَ للنِّصَابِ

882 - كَفَّ اليَمِينِ اقْطَعْ وَرِجْلَ اليُسْرَى *** فَاِنْ يَعُدْ كَفَّاً وَرِجْلَ الأُخْرَى

883 - إِنْ يَقْتُلْ أو يَجْرَحْ بِعَمْدٍ يَنْحَتِمْ *** قَتْلٌ وبالأَخْذِ مَعَ القَتْلِ لَزِمْ

884 - قَتْلٌ فَصَلْبُهُ ثلاثَةً فَاِنْ *** يَتُوبُ قَبْلَ ظَفَرٍ بِهِ‏:‏ حُقِنْ

885 - وُجُوبُ حَدٍّ لا حُقُوقُ آدَمِي *** وغَيْرَ قَتْلٍ فَرِّقَنْ وَقَدِّمِ

886 - حَقُّ العِبَادِ فالأَخَفَّ مَوْقِعَا *** فالْأَسْبَقَ الأَسْبَقَ ثُمَّ أَقْرِعَا

باب قاطع الطريق‏:‏ قطع الطريق البروز لأخذ مال أو لقتل أو إرعاب مكابرة اعتمادا على الشوكة مع البعد عن الغوث كما يأتي والأصل فيه قوله تعالى ‏{‏إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله‏}‏ الآية وقاطع بالنصب ويجوز الرفع الطريق إذا لم يقتل ولم يأخذ مالا بالإرعاب أي اقتصر على إرعاب الرفقة أي خوفهم وفي معناه من أغاثهم وكثر جمعهم عزره أي عزره الإمام باجتهاده بحبس أو تغريب أو غيرهما ولا يحده وحبسهم في غير مكانهم أولى ويعتبر في قاطع الطريق التزامه للأحكام وتعبير الشيخين بالإسلام مرادهما أن جميع أحكام الباب من وجوب غسل وصلاة إنما يثبت للمسلم وخرج غير المكلف ومعتمد الهرب ولا يشترط شهر السلاح بل القاصدون بالعصا والحجارة قطاع ولا يشترط فيهم الذكورة فالنسوة إذا كان فيهم فضل قوة قاطعات طريق بل الواحد إذا كان كذلك وتعرض للأنفس والأموال مجاهرا فهو قاطع طريق والأخذ للنصاب في السرقة وهو ربع دينار مضروب خالص أو ما قيمته من حرز مثله لا شبهة له فيه وطلب مالكه كف اليمين اقطع ورجل اليسرى كذلك للآية السابقة وإنما تقطع من خلاف لئلا يفوت جنس المنفعة عليه فإن فقدت إحداهما ولو قبل أخذ المال اكتفى بالأخرى ويقطعان على الولاء فإن يعد لقطع الطريق بعد قطعهما أو فقدتا قبل أخذ المال فاقطع كفا ورجل الأخرى أي يده اليسرى ورجله اليمنى أما إذا فقدتا بعده فيسقط القطع كما في السرقة إن يقتل أو يجرح بدرج الهمزة للوزن بعمد ينحتم قتل أي إذا لم يأخذ القاطع مالا وقتل مكافئا له عمدا أو جرحه عمدا فسرى إلى نفسه تحتم قتله للآية فلا يسقط وإن عفا عنه مستحقه بمال فيقتل حدا حتما ويسقط قتله قصاصا ويثبت ما عفا به والمغلب فيه معنى القصاص فلا يقتل بغير كفء ولو مات أخذ من تركته دية الحر وقيمة غيره ولو قتل جمعا معا قتل بأحدهم وللباقين ديات أو مرتبا فبالأول ولو عفا وليه بمال لم يسقط قتله ولو قتل بمثقل أو نحوه فعل به مثله ولو كان القتل أو الجرح لغير أخذ المال لم يتحتم قتله ولو جرح فاندمل لم يتحتم قصاصه وبالأخذ للمال مع القتل لزم قتل فصلبه على خشبة أو نحوها بعد غسله وتكفينه والصلاة عليه ثلاثة أيام ليشتهر حاله ويتم نكاله نعم إن خيف تغيره قبلها أنزل وإنما لم يصلب قبل القتل لأن فيه تعذيبا فإن مات قبل قتله سقط الصلب بسقوط متبوعه وإذ يتوب قاطع الطريق قبل ظفر به وقدرة عليه نبذ وجوب حد لا حقوق آدمي أي يسقط عنه وجوب حده تعالى وهو القطع وتحتم القتل والصلب بخلاف ما لو تاب بعدها لمفهوم الآية ولتهمة الخوف ولا يسقط بها حقوق الآدمي من قود وضمان مال فللولي القود والعفو على مال أو مجانا ومثل الحد فيما ذكر التعزير وأفهم كلامه أن التوبة لا تسقط باقي الحدود كحد الزنا والسرقة والقذف في حق قاطع الطريق وغيره إلا قتل تارك الصلاة فأنه يسقط بالتوبة ولو بعد رفعه إلى الحاكم لأن موجبه الإصرار على الترك لا الترك الماضي وغير قتل فرقن أي إذا اجتمع على شخص عقوبتان فأكثر غير قتل فرقت وجوبا فلو اجتمع عليه حد قذف وقطع أو حد قذف لاثنين فرق بينهما حتى يبرأ من الأول لئلا يهلك بالموالاة أما القتل فيوالي بينه وبين غيره لأن النفس مستوفاة وقدم غير القتل عليه وإن تقدم القتل ليحصل الجمع بين الحقين فيجلد ثم يقطع ثم يقتل ويبادر بقتله بعد قطعه لا قطعه بعد جلده لما مر فلو أخر مستحق الجلد حقه فعلى الآخرين الصبر إلى أن يستوفى فلا يقطع ولا يقتل قبل الجلد ولو أخر مستحق الطرف حقه جلد وعلى مستحق النفس الصبر حتى يستوفى الطرف حقه حذرا من فواته فإن بادر بقتله فلمستحق الطرف ديته لفوات استيفائه وقدم حق العباد أي إن كان في العقوبات حق لله تعالى وحق للعباد ولم يكن فيها قتل أو لم يكن فيها إلا القتل قدم ما للعباد على ماله تعالى وإن كان ما لله أخف لبناء حقهم على المشاحة وحقوق الله على المسامحة فيقدم حد القذف على حد الشرب والزنا ويقدم قتل القصاص على قتل الزنا فالأخف موقعا أي إن تمحضت لله تعالى أو للعبادة قدم الأخف فالأخف موقعا فمن زنى وشرب وسرق قدم حد الشرب ثم الزنا ثم قطع السرقة ولا يوالي بينهما كما مر ومن قذف وقطع عضوا حد للقذف ثم قطع فالأسبق الأسبق أي إن استوت خفة وغلظا قدم الأسبق فالأسبق كما لو قذف جماعة على الترتيب فيحد للأول فالأول وكما لو قتل جماعة مرتبا يقتل بالأول وللباقين الديات ثم اقرعا هو فعل أمر وألفه بدل من نون التوكيد أو ماض مبني للمفعول وألفه للإطلاق أي إن لم يكن السبق معينا بأن وقعت معا أوشك في المعية أو علم سبق ولم يعلم عين السابق أقرع وجوبا ويستوفى من خرجت له القرعة وتجب الدية للباقين‏.‏

باب حد الخمر

887 - يُحَدُّ كامِلٌ بِشُرْبِ مُسْكِرِ *** بِأَربَعِينَ جَلْدَةً وَعَزِّرِ

888 - إلى ثمانينَ أَجِزْ والعَبْدُ *** بِنِصْفِهِ وإِنَّمَا يُحَدُّ

889 - إِنْ شَهِدَ العَدْلانِ أَو أَقَرَّا *** لا نَكْهَةً وإِنْ تَقَايَا خَمْرَا

باب حد الخمر‏:‏ الأصل في تحريم الشرب قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إنما الخمر والميسر‏}‏ الآية وخبر الشيخين‏:‏ ‏(‏كل شراب أسكر فهو حرام‏)‏ وخبر مسلم‏:‏ ‏(‏كل مسكر خمر وكل خمر حرام‏)‏ وكانت مباحة في صدر الإسلام ولو إلى حد يزيل العقل وكانت إباحتها باستصحاب لحلها في الجاهلية أحد وكان تحريمها في السنة الثانية من الهجرة بعد وهي بإجماع المتخذة من عصير العنب وأما وقوعها في سائر الأنبذة فمجاز بناء على أن اللغة لا تثبت بالقياس يحد كامل أي البالغ العاقل المختار العالم بالتحريم الملتزم للأحكام بإسلام لشرب مسكر جنسه من خمر أو غيره وإن لم يسكر القدر المشروب منه بأربعين جلدة أي بأن يضربه الإمام أربعين جلدة بسوط أو غيره وهذا في الحر أما غيره فعلى النصف من ذلك وفي معنى شربه أكله بأن كان ثخينا أو أكله بخبز أو طبخ به لحما وأكل مرقة فخرج بذلك أكل اللحم المطبوخ به لذهاب العين فيه وأكل أو شرب ما اختلط به واستهلك هو فيه وكذا الاحتقان والاستعاط وخرج الصبي والمجنون والمكره على تناوله وخرج بالعالم بالتحريم الجاهل لقرب عهده بالإسلام أو بنشئه ببادية بعيدة عن العلماء فلا حد وبملتزم الأحكام أي أحكام الشرب وغيره الكافر فلا يحد به وبما يسكر جنسه غيره كالدواء المجنن فلا حد بتناوله، ويحرم شرب المسكر لدواء أو عطش إذا لم يجد غيره بخلاف شرب البول والدم لهما هذا إن لم ينته الأمر إلى الهلاك وإلا فيتعين شربه ولا حد في شربه للتداوي والعطش ومن غص بلقمة وجب عليه إساغتها بخمر إن لم يجد غيرها ولا حد ويعتبر في السوط اعتداله فيكون بين قضيب وعصا ورطب ويابس وفي معنى السوط الخشبة المعتدلة والنعل واليد وطرف الثوب ويفرق الضرب على الأعضاء ويتقي الوجه والمقاتل لا الرأس ولا تجرد ثيابه بل يترك له قميص أو قميصان دون جبة محشوة وفروة ويوالي الضرب عليه بحيث يحصل زجره وتنكيله ولا يحد حال سكره بل يجب تأخيره إلى إفاقته وعزر إلى ثمانين أجز أي إذا رأى الإمام بلوغ ضرب الحر إلى ثمانين جاز والزيادة تعزيرات لجنايات تولدت من الشارب وإلا لما جاز تركها والعبد ومن بعضه حر بنصفه وهو عشرون جلدة فلو رأى الإمام بلوغه أربعين جاز وإنما يحد إن شهد العدلان عليه بالشرب أو أقرا بألف الإطلاق ولا يحتاج إلى تفصيلهما بأن يقول وهو مختار عالم به أو أنه شرب من إناء شرب منه غيره فسكر لا نكهة فلا يحد بريح فمه وإن تقايا خمرا لاحتمال كونه غالطا أو مكرها‏.‏

باب حد الصائل

890 - ومَنْ على نَفْسٍ يُصُولُ أو طَرَفْ *** أو بِضْعٍ ادْفَعْ بالأَخَفِّ فالأَخَفْ

891 - والدَّفْعَ أوْجِبْ إِنْ يَكُنْ عَن بُضْعِ *** لا المالِ واهْدِرْ تالِفَاً بالدَّفْعِ

892 - واضْمَنْ لِمَا تُتْلِفُهُ البَهِيمَهْ *** في الليلِ لا النَّهَارِ قَدْرَ القِيمَهْ

باب حد الصائل‏:‏ وفي بعض النسخ الصيال وهو الاستطالة والوثوب والأصل فيه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم‏}‏ وخبر البخاري‏:‏ ‏(‏انصر أخاك ظالما أو مظلوما ونصر الظالم منعه من ظلمه‏)‏ وخبر‏:‏ ‏(‏من قتل دون أهله فهو شهيد ومن قتل دون ماله فهو شهيد‏)‏ ومن على نفس أو مال سواء أكان مسلما أو كافرا حرا أم قنا مكلفا أم غير مكلف ولو بهيمة من معصوم يصول أو طرف أو بضع أو غيرهما دفع أنت بالأخف فالأخف فإن أمكن بكلام أو استغاثة حرم الضرب أو بضرب بيد حرم سوط أو بسوط حرم عصا أو بقطع عضو حرم قتل فإن أمكن الهرب وجب وحرم قتل فإن دفع بالأثقل من يندفع بما دونه فهلك ضمنه إلا إذا فقد آلة الأخف كأن كان يندفع بالعصا ولم يجد إلا سيفا فله الدفع به ولا ضمان وكذا إذا التحم القتال بينهما لخروج الأمر عن الضبط وشمل اعتبار رعاية التدريج ما لو وجده يزني بأهله ومحل التدريج في المعصوم أما غيره كالحربي والمرتد فله العدول إلى قتله لعدم حرمته ولو صال مكرها على إتلاف مال غيره لم يجز دفعه بل يلزم المالك أن بقى روحه بماله ولكل منهما دفع المكره ولا فرق في الدافع بين المصول عليه وغيره ولو سقطت جرة من علو على إنسان ولم تندفع عنه إلا بكسرها فكسرها ضمنها إذ لا قصد لها ولا اختيار والدفع أوجب إن يكن عن بضع محترم سواء أكان بضعه أم بضع أهله أم أجنبية ولو أمة ومحل ذلك إذا أمن على نفسه أو عضوه أو منفعته وإلا لم يجب ويجب الدفع أيضا عن النفس المحترمة إذا قصدها بهيمة أو كافر ولو معصوما بخلاف ما لو كان السائل مسلما ولو مجنونا فلا يجب دفعه بل يجوز الاستسلام له لحرمة الآدمي ورضا بالشهادة وقيده الإمام وغيره بمحقون الدم ليخرج غيره كالزاني المحصن وتارك الصلاة قال الشيخان والقائلون بجواز الاستسلام منهم من يزيد عليه ويصفه بالاستحباب وهو ظاهر الأخبار لا المال أي لا يجب الدفع عن مال لا روح فيه نعم إن كان مال محجور عليه أو وقف أو مودعا وجب على من بيده الدفع عنه وأهدر بدرج الهمزة للوزن تالفا بالدفع أي يهدر الصائل إذا أتلف بالدفع فلا يضمن بقود ولا دية ولا قيمة ولا كفارة واضمن أنت لما تتلفه البهيمة في الليل لا النهار قدر القيمة أي إذا لم يكن صاحب اليد على البهيمة معها ضمن ما أتلفته من زرع أو غيره في الليل بالمثل في المثلى والقيمة في المتقوم سواء المالك والوكيل والمودع والمستعير والغاصب وغيرهم دون النهار لأن العادة حفظ الزرع ونحوه نهارا والدابة ليلا فلو جرت عادة بلد بالعكس انعكس الحكم ويؤخذ منه أنه لو جرت عادة بلد بحفظها ليلا ونهارا ضمن متلفها مطلقا كما بحثه البلقيني نعم إن لم يفرط في ربطها بأن أحكمه وعرض حلها أو حضر صاحب الزرع وتهاون في دفعها أو كان الزرع في محوط له باب وتركه مفتوحا لم يضمن ولو كانت المراعى في وسط المزارع أو في حريم السواقي فلا يعتاد إرسالها بلا راع فإن أرحلها ضمن إتلافها ليلا ونهارا ولو أرسل دابته في البلد أو ربطها بطريق ولو واسعا فأتلفت شيئا ضمنه مطلقا أما من كان مع البهيمة فإنه يكون ضامنا لما أتلفته من نفس أو مال في ليل أو نهار سواء أكان مالكا أم أجيرا أم مستأجرا أو مستعيرا أم غاصبا أم غيره وسواء اكان راكبها أم سائقها أم قائدها ولو نخس شخصا دابة غيره بغير إذن راكبها فأسقطته أو رمحت فأتلفت شيئا ضمنه الناخس أو بإذنه ضمنه ولو غلبته فاستقبلها إنسان فردها فأتلفت في انصرافها شيئا ضمنه الراد ولو بالت أو راثت في طريق فتلف به نفس أو مال فلا ضمان ويحترز عما لا يعتاد كركض شديد في وحل فإن خالف ضمن ما تولد منه ومن حمل على ظهره حطبا أو بهيمة فحك بناء محترما فسقط ضمنه وإن دخل سوقا فتلف به نفس أو مال ضمنه إن كان زحام أو تمزق به ثوب أعمى أو مغصوب العين أو مستدبر البهيمة ولم ينهه وإنما يضمنه إذا لم يقصر صاحب المال فإن قصر كأن وضعه بطريق أو عرضه للدابة فلا ولو أرسل طيرا فأتلف شيئا لم يضمنه ويضمن متلف هرته إن اعتيد إتلافها‏.‏

كتاب الجهاد

893 - فَرْضٌ مُؤَكَّدٌ على كُلِّ ذَكَرْ *** مُكَلَّفٍ أَسْلَمَ حُرٍّ ذِي بَصَرْ

894 - وَصِحَّةٍ يُطِيقُهُ فَاِنْ أَسَرْ *** رَقَّ النِّسَا وذَا الجُنُونِ والصِّغَرْ

895 - وغَيرُهُمْ رأى الإِمَامُ الأَجوَدَا *** مِنْ قَتْلٍ أو رِقٍّ ومَنٍّ أو فِدَا

896 - بمالٍ أو أَسْرَى ومالَهُ اعْصِمَا *** مَنْ قَبْلَ خِيرَةِ الإِمَامِ أَسْلَمَا

897 - وقَبْلَ أَسْرٍ طِفْلَ وُلْدِ النَّسَبِ *** وما لَهُ واحْكُمْ باِسْلامِ صَبِي

898 - أَسْلَمَ مِن بَعْضِ أُصُولِهِ أَحَدْ *** أَو إِنْ سَبَاهُ مُسْلِمٌ حينَ انْفَرَدْ

899 - عَنْهُمْ كَذَا الَّلقِيطُ مُسْلِمٌ بِأَنْ *** يُوجَدَ حيثُ مُسْلِمٌ بِهَا سَكَنْ

كتاب الجهاد‏:‏ المتلقى تفصيله من سير النبي صلى الله عليه وسلم في غزواته ولهذا ترجم عنه بعضهم بالسير وبعضهم بقتال المشركين والأصل فيه قبل الاجماع آيات كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏كتب عليكم القتال وقاتلوا المشركين كافة واقتلوهم حيث وجدتموهم‏}‏ وأخبار كخبر‏:‏ ‏(‏أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله‏)‏ وخبر لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها وكان الجهاد قبل الهجرة محرما ثم أمر صلى الله عليه وسلم بعدها بقتال من قاتله ثم أبيح الابتداء به في غير الأشهر الحرم ثم أمر به مطلقا والجهاد قد يكون فرض عين وقد يكون فرض كفاية لأن الكفار إن دخلوا بلادنا وأسروا مسلما يتوقع خلاصه منهم ففرض عين وإن كانوا ببلادهم ففرض كفاية وهو مهم يقصد حصوله من غير نظر بالذات إلى فاعله فإذا فعله من فيه كفاية سقط الحرج عن الباقين والكفاية إنما تحصل بأحد أمرين إما بأن يشحن الإمام الثغور بجماعة يكافئون من بارزهم من الكفار أو بأن يدخل الإمام أو نائبه دار الكفر غازيا بنفسه أو يبعث جيشا يؤمر عليهم من يصلح لذلك فرض على الكفاية مؤكد على كل ذكر مكلف مسلم حر ذى بصر وصحة يطيقه أي الجهاد فلا يجب على امرأة ولا خنثى ولا على صبي ومجنون وكافر ومن فيه رق ولو مبعضا وأعمى ومريض يتعذر قتاله أو يشق عليه مشقة شديدة ومن لا يطيقه كذي عرج بين وإن قدر على الركوب وأقطع وأشل وفاقد معظم أصابع يديه والظاهر كما قاله الأزرعى أن فاقد الإبهام والمسبحة معا أو الوسطى والبنصر كفاقد معظم الأصابع ولا على فاقد أهبة قتال من سلاح ونفقة وراحلة لسفر القصر فاضل جميع ذلك عن مؤنة من تلزمه مؤنته وما ذكر معها في الحج وكل عذر منع وجوب الحج منع وجوب الجهاد إلا خوف طريق ولو من لصوص المسلمين والدين الحال على موسر لم يستنبت من يوفيه من مال حاضر يحرم عليه سفر جهاد وغيره إلا بإذن ربه ويحرم على الرجل جهاد إلا بإذن أصوله المسلمين أو من وجد منهم لا سفر تعلم فرض ولو كفاية ورجوع رب الدين أو الأصل عن إذنه يوجب الرجوع ما لم يحضر الصف إلا أن يخاف على نفسه أو ماله ويكره غزو بغير إذن الإمام أو نائبه ويسن للإمام إذا بعث سرية أن يؤمر عليهم ويأخذ البيعة عليهم بالثياب ويأمرهم بطاعة الأمير ويوصيه بهم فإن أسر أحد من أهل الحرب رق النسا بالقصر للوزن أي والخنائي وذا الجنون والصغر ومن فيه رق فيصيرون بنفس السبي أرقاء لنا فيكونون كسائر أموال الغنيمة الخمس لأهل الخمس والباقى للغانمين وغيرهم أي الرجل الحر العاقل رأي فيهم الإمام الأجودا الألف فيه وفيما بعده للإطلاق من قتل له بضرب الرقبة أورق له ومن عليه بتخليه سبيله أو فدا بمال أو اسرى بدرج الهمزة فيهما للوزن مسلمين فيلزم الإمام ان يجتهد ويفعل منها ما هو الأحظ للمسلمين فإن لم تبن له المصلحة حبسه حتى تبين له ويكون مال الفداء ورقابهم إذا استرقوا كسائر أموال الغنيمة ويجوز فداء مشرك بمسلم أو مسلمين أو مشركين بمسلم وسواء في الأرتقاء الكتاني والوثنى والعربي وغيره وما له بال الرفع اعصما الألف فيه بدل من نون التوكيد الخفيفة من قبل خيرة الإمام أسلما أي إذا أسلم الاسير قبل أن يختار الإمام فيه شيئا عصم دمه وماله ويبقى الخيار في الباقى كما أن من عجز عن الإعتاق في كفارة اليمين يبقى محيرا بين الإطعام والكسوة لكن يشترط في فدائه حينئذ أن يكون له عندهم عز أو عشيرة يسلم بها دينه ونفسه وقبل أسر طفل ولد النسب وماله أي إذا أسلم قبل أسرة يعصم دمه وماله وولده من النسب صغيرا أو مجنونا حيث كانا حرين وعتيقه من السبي رجلا أو امرأة وحملها كالمنفصل ولا يعصم زوجته وأما زوجة المسلم الحربية فصحح في المنهاج كأصله عدم جواز إرقاقها مع تصحيحه جوازه في زوجة من أسلم والذي في الروضة كأصلها انه يجرى فيها خلاف زوجه من أسلم وقضيته جواز إرقاقها تسوية بينهما في الجواز كما سوى بين عتيق من أسلم وعتيق المسلم في عدم الجواز ولو سبيت حرة منكوحة لمسلم انقطع نكاحها في الحال وإن كانت موطوءة لزوال ملكها عن نفسها فزوال ملك الزوج عنها أولى ولو سبى الزوجان الحران أو احدهما نقطع نكاحهما ومحله في سبي الزوج الكامل وحده إذا رق وكذا لو كان إحدهما حرا والآخر رقيقا ومن لزمه دين قضى مما غنمناه من ماله بعد رقه ولا يسقط إلا أن كان لحربي ويبقى دين من رق إلا على حربي ولو أسلم أو أمن حربيان معا أو مرتبا ولأحدهما على الآخر دين عقد لا إتلاف لم يسقط واحكم باسلام صبي أو صبية أسلم من بعض أصوله أحد وقت العلوق به أو أسلم قبل بلوغه وسواء المميز وغيره والمجنون المحكوم عليه بكفره كالصغير في تبعيته لأحد أصوله في الإسلام وإن طرأ جنونه بعد بلوغه وشمل كلامه أحد الأجداد والجدات الوارث وغيره كأبي الأم ولو مع حياة الأب والأم فإن بلغ ووصف كفرا فمرتد لسبق الحكم باسلامه فأشبه من أسلم بنفسه ثم ارتد أو أن سباه مسلم حين انفرد عنهم أي يحكم باسلام المسبي إذا سباه مسلم ولم يكن معه أحد من أصوله لأنه صار تحت ولايته كالأبوين وخرج بذلك ما لو كان معه أحد أصوله فلا يحكم باسلامه لأن تبعيتة له أقوى من تبعيته للسابى فلو مات أحد أصوله بعد سبيه معه أستمر كفره ولم يحكم باسلامه إذ التبعية إنما يثبت حكمها في ابتداء السبي والمراد بكونه معهم أن يكونوا في جيش واحد وغنيمة واحدة وأن يكونوا في ملك رجل واحد وكالصغير فيما ذكر المجنون وخرج بقوله إن سباه مسلم ما لو سباه ذمى قاطن ببلاد الاسلام فلا يحكم باسلامه إذا دخل به دار الاسلام كذا اللقيط مسلم بأن يوجد حيث مسلم بها سكن أي إذا وجد صغير لقيط بدار الاسلام ولو كان فيها أهل ذمة كدار فتحها المسلمون ثم أقروها بيد كفار صلحا أو بعد ملكها يجزية أو دار غلبهم عليها الكفار وسكنوها أو بدار كفر وقد سكنها مسلم يمكن أن يولد له ذلك اللقيط تغليبا لدار الاسلام وخرج بقوله حيث مسلم بها سكن ما إذا لم يسكن بها او كان فيها مجتازا فإنه كافر‏.‏

باب الغنيمة

900 - يَخْتَصُّ منها قاتِلٌ بالسَّلْبِ *** وخُمِّسَ الباقِي فخُمْسٌ للنَّبِي

901 - يُصْرَفُ في مَصَالِحٍ ومَن نُسِبْ *** لِهَاشِمٍ ولأخيهِ المُطَّلِبْ

902 - لِذَكَرٍ أَضْعِفْ ولليَتَامَى *** بِلا أَبٍ إِن لَم يَرَ احْتِلامَا

903 - والفُقَرَاءِ والمساكينِ كَمَا *** لابْنِ السَّبِيلِ في الزَّكَاةِ قُدِّمَا

904 - وأربَعُ الأَخماسِ قِسْمُ المالِ *** لشاهِدِ الوَقْعَةِ في القِتَالِ

905 - لرِاجِلٍ سَهْمٌ كَمَا الثلاثَهْ *** لفارِسِ ٍإن ماتَ للوِرَاثَهْ

906 - والعَبْدِ والأُنثَى وطِفْلٍ يُغْنِي *** وكافِرٍ حَضَرَهَا بإِذنِ

907 - إِمَامِنَا سَهْمٌ أَقَلُّ ما بَدَا *** قَدَّرَهُ الإِمَامُ حيثُ اجْتَهَدَا

908 - والفَيْءُ ما يُؤْخَذُ مِن كُفَّارِ *** في أَمْنِهِم كالْعُشْرِ فى تُجَّارِ

909 - فخُمْسُهُ كالخُمْسِ مِن غَنِيمَهْ *** والباقِ لِلْجُنْدِ حَوَوْا تَقْسِيمَهْ

باب الغنيمة‏:‏ وفي بعض النسخ قسم الفئ والغنيمة أي بفتح القاف والمشهور تغايرهما كما يعلم مما يأتى والأصل فيها قوله تعالى ‏{‏ما أفاء الله على رسوله‏}‏ وقوله تعالى ‏{‏واعلموا إنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه‏}‏ الآيتين ولم تحل الغنيمة إلا لهذه الأمة والغنيمة‏.‏

كما يؤخذ من كلام الناظم الآتى في تعريف الفيء ما أخذناه من الحربيين قهرا كالماخوذ بقتال الرجالة وفي السفن أو التقى الصفان فانهزموا عنه قبل شهر السلاح وما صالحوه عليه عند القتال وما أهدوه لنا والحرب قائمة وما أخذه واحد أو جميع من دار الحرب سرقة أو وجده كهيئة اللقطة ولم يكن لمسلم يختص منها أي الغنيمة مسلم قاتل للحربي المقبل على القتال في الحرب بالسلب وإن كان كل منهما رقيقا أو أنثى أو صغيرا بقيده الآتى سواء أشرطه له الامام أم لا وسواء أكان قتال الحربي معه أو مع غيره لأن ذلك مسلوب من يد الحربي وطمع القاتل يمتد إليه غالبا وخرج بالمسلم الكافر فلا سلب له وإن قاتل بإذن الامام ومثل القاتل من ارتكب غررا كفى به شر حربى في حال الحرب فيستحق سلبه كان قطع يديه أو رجليه أو يدا ورجلا أو قلع عينيه أو أسرة فلو قتله غيره من أسرة فلا سلب له إذا كفى بالأسرة شره بخلاف ما لو أمسكه واحد ومنعه الهرب ولم يضبطه وقتله آخر فإنهما يشتركان في السلب لأن كفاية شره إنما حصلت بهما أما إذا لم يرتكب غررا في قتله كأن قتله نائما أو مشغولا بالأكل أو غيره أو رماه من حصن أو صفنا فلا سلب له لأنه في مقابلة الخطر وهو منتف فإن كان المقتول صبيا أو أو مجنونا أو امراة أو عبدا لم يقاتل لم يستحق سلبه لأن قتله حرام والسلب ما يصحبه الحربي من ثيابه الملبوسة وخف وسراويل وطوق وسوار ومنطقة وهميان أي كيس ودراهم نفقة وآلات حرب كدرع وسلاح ومركوب وإن كان ماسكا بعنانه وهو يقاتل رجلا وآلاته كسرج ولجام وجنيبة تقاد معه فلو كان معه جنائب استحق واحدة يختارها ولا يدخل في السلب المهر التابع لمركوبه ولا حقيبة مشدودة على الفرس ولا ما فيها من امتعة ودراهم ولا الغلام الذي معه وخمس الباقى من الغنيمة بعد السلب واخراج مؤنها كأجرة الجمال خمسة أقسام متساوية ويكتب على واحدة منها لله أو للمصالح وعلى أربع للغانمين ثم تدرج في بنادق مستوية ويخرج لكل قسم رقعة فما خرج عليه سهم الله تعالى أو المصالح جعله بين أهل الخمس يقسم على خمسه فتكون الغنيمة من خمسة وعشرين ويقدم عليه قسمة ما للغانمين لحضورهم وانحصارهم وتستحب القسمة بدار الحرب بل تأخيرها إلى دار الإسلام بلا عذر مكروه فخمس للنبي ينفق منه على نفسه وأهله ومصالحه بعده يجعل في السلاح عدة في سبيل الله وسائر المصالح وإضافته لله للتبرك بالابتداء باسمه تعالى وكان يملكه لكن جعل نفسه فيه كغيره تكرما ولا يورث عنه بل يصرف بعده في مصالح المسلمين كسد الثغور وعمارة الحصون والقناطر والمساجد وارزاق القضاء والعلماء والمؤذنين ويجب تقديم الأهم فالأهم ومن نسب من جهة الأب لهاشم ولأخيه المطلب دون من نسب لعبد شمس ونوفل وإن كان الأربعة أولاد عبد مناف لاقتصاره صلى الله عليه وسلم في القسمة على بنى الأولين مع سؤال بنى الآخرين أما من نسب لهما من جهة الأم فلا شيء له وسواء في ذلك غنيهم وفقيرهم وكبيرهم وصغيرهم وقريبهم وبعيدهم والحاضر بموضع الفيء والغائب عنه لذكر أضعف أي يعطي للذكر ضعف ما للأنثى لأنه عطية من الله فيستحق بقرابة الأب كالإرث قال الإمام ولو كان الحاصل قدرا أو وزع عليهم لا يسد مسدا قدم الأحوج فالأحوج ولا يستوعب للضرورة ولليتامى بلا أب شمل ذلك ولد الزنا واللقيط الذي لا يعرف له أب إن لم ير احتلاما أي هو صغير ذكرا كان أو أنثى أو خنثى معسر وإن كان له جد أو أم فلو اختل شيء من ذلك لم يعط من سهم اليتامى والفقراء والمساكين كما لابن السبيل في الزكاة قدما ببنائه للفاعل أو للمفعول وألفه للإطلاق كما سبق بيانها في قسم الصدقات قال الماوردى ويجوز للامام أن يجمع للمساكين بين سهمهم من الزكاة وسهمهم من الخمس وحقهم من الكفارات فيصير لهم ثلاثة أموال قال وإذا اجتمع في واحد يتم ومسكنة أعطى باليتيم لأنه وصف لازم والمسكنة زائلة ولا يجوز الاقتصار من كل وصف على ثلاثة بل يعم كما في الزكاة إذا صرفها الإمام ولو فقد بعضهم وزع سهمه على الباقين ويجوز التفاوت بين آحاد كل صنف غير الثانى لأن استحقاقهم بالحاجة وهي تتفاوت بخلاف الثاني لا تفاوت فيه بغير الذكورة والأنوثة كما مر ولا يجوز الصرف لكافر إلا من سهم المصالح عند المصلحة ومن ادعى أنه فقير أو مسكين أو ابن سبيل قبل قوله بلا بينة أو أنه قريب أو يتيم فلا بد من بينة وأربع الخماس عقارها ومنقولها للغانمين قسم المال يكون لشاهد الوقعة في القتال أي وإن لم يقاتل بل حضر في اول القتال أو أثنائه ومن شهدها لا لأجل القتال وقاتل كالأجير لحفظ أمتعة والتاجر والمحترف ومن شهدها غير كامل وله الرضخ ولا شيء لمن حضر بعد انقضاء القتال ولو قبل حيازة المال ولو حضر قبل انقضائها فلا حق له فيما غنم قبل حضوره لراجل سهم كما الثلاثة لفارس سهمان للفرس وسهم له فلا يزاد عليه وان حضر بأفراس كما لا ينقص عنها فلو قاتل في سفينة ومعه فرس بقرب الساحل واحتمل أن يخرج ويركب أسهم لها وإلا فلا ولو ضاع فرسه فأخذه غيره وقاتل عليه فسهمه لمالكه فإنه حضر وقاتل ولا إخبار له في إزالة يده ولو حضر أثنان بفرس مشترك بينهما أعطيا سهمه فإن ركباه وهو يصلح للكر والفر مع ركوبهما أسهم له فله سهمان ولهما سهمان وسواء في ذلك الفرس العتيق وهو عربي الأبوين والبرذون وهو عجميهما والهجين وهو العربي أبوه فقط والمقرف وهو العربي أمه فقط ويعتبر كونه جذعا أو ثنيا ولا يسهم لفرس مهزول أولا نفع فيه لكونه كسيرا أو هرما أو صغيرا أو وضعيفا أو نحوها ولا لبعير وفيل وبغل وغيرها نعم يرضخ لها ورضخ الفيل فوق رضخ البغل ورضخ البغل فوق رضخ الحمار إن مات للوراثة أي إذا مات بعضهم بعد انقضاء القتال والحيازة فحقه لوراثة أو في القتال فلا شيء له بخلاف موت فرسه حينئذ فإنه يستحق سهمه لأنه متبوع والفرس تابع والعبد بالجر هو وما عطف عليه عطف على لراجل والأنثى وطفل يغنى أي ينفع في القتال وكافر حضرها أي الوقعة بإذن إمامنا بلا إجرة سهم اقل ما بدا أي أقل من سهم راجل وإن كانوا فرسانا وهذا هو المسمى بالرضخ قدره الإمام حيث أجتهدا بالف الإطلاق ويفاوت بين أهله بحسب نفعهم فيرجح المقاتل ومن قتاله أكثر على غيره والفارس على الراجل والمرأة التي تداوى الجرحى وتسقى العطاش عن التي تحفظ الرجال لأنهم ليسوا من أهل فرض الجهاد ولكنهم كثروا السواد فلا يحرمون وأما المجنون الذي لم يميز فيرضخ له كالصبي لأنه قد يكون أجرأ وأشد قتالا من كثير من العقلاء فإن لم يإذن الإمام للكافر فلا سهم له وإن أذن له غيره من الأجناد لكونه متهما بموالاة أهل دينه بل يعزره على ذلك إن رآه وإن أذن بأجرة أقتصر عليها والمشكل والزمن والاعمى ونحوهم كالطفل في الرضخ وشمل تعبير المصنف بالكافر المعاهد والمؤمن والحربي إذا حضروا بإذن الإمام حيث تجوز الاستعانة بهم كالذمى وأما المبعض فكالعبد كما بحثه الزركشى ولو زال نقص أهل الرضخ قبل أنقضاء الحرب أسهم لهم بل لو بان بعد انقضائها ذكورة الخنثى أسهم له ولا سلب ولا سهم ولا رضخ لمخذل ولا مرجف ولا خائن والفى ما يؤخذ من كفار في امنهم بلا قتال ولا إيجاب خيل ولا ركاب من منقول وعقار كالعشر من تجار الذي يؤخذ منه والجزية وما أهدوه في غير الحرب ومال ذمى مات بلا وارث أو فضل عن وارثه ومال مرتد قتل أو مات فخمسه كالخمس من غنيمة كما مر والباقى بحذف الياء للوزن للجند المرصدين للجهاد حووا تقسيمه أي تقسيمه عليهم ويندب أن يضع الإمام ذفتر وينصب لكل قبيلة أو جماعة عريفا ويبحث عن حال كل واحد وعياله وما يحتاجون إليه فيعطى كل واحد مؤنته ومؤنتهم ويراعى الزمان والمكان والرخص والغلاء ومروءة الشخص وضدها ولا يثبت في الدفتر أعمى ولا زمنا ولا صبيا ولا مجنونا ولا امرأة ولا عبدا ولا كافر ولا جاهلا بالقتال ولا من يعجز عنه كالأقطع وإذا طرأ على بعض المقاتلة مرض او جنون يرجى زواله أعطى ولم يسقط من الدفتر وإن لم يرج أسقط وأعطى وإذا مات أعطيت زوجته حتى تنكح وأولاده إلى أستقلالهم‏.‏

باب الجزية

910 - وإنَّمَا تُؤْخَذُ مِن حُرٍّ ذَكَرْ *** مُكَلَّفٌ لَهُ كِتَابٌ اشْتَهَرْ

911 - أوِ المَجُوسِ دونَ مَن تَهَوَّدَا *** آباؤُهُ مِن بعدِ بِعْثَةِ الهُدَى

912 - أَقَلُّهَا في الحَوْلِ دينارٌ ذَهَبْ *** وَضِعْفُهُ مِن مُتَوَسِّطِ الرُّتَبْ

913 - وَمِن غَنِيٍّ أربَعٌ إذا قَبِلْ *** واشْرُطْ ضِيَافَةً لِمَن بِهِم نَزَلْ

914 - ثلاثَةً ويَلْبَسُوا الغِيَارَا *** أو فَوْقَ ثوبٍ جعَلُوا زُنَّارَا

915 - ويَتْرُكُوا رُكُوبَ خَيْلِ حَرْبِنَا *** ولا يُسَاوُوا المسلمينَ في البِنَا

916 - وانْتَقَضَ العَهْدُ بجِزْيَةٍ مَنَعْ *** وحُكْمَ شَرْعٍ بِتَمَرُّدٍ دَفَعْ

917 - لاهَرَبٍ بالطَّعنِ في الإسلامِ أوْ *** فِعْلٍ يَضُرُّ المسلمينَ‏:‏ النَّقْضُ لَوْ

918 - شُرِطَ تَرْكٌ والإمامُ خُيِّرَا *** فيهِ كَمَا في كامِلٍ قَد أُسِرَا

باب الجزية‏:‏ تطلق على العقد وعلى المال الملتزم وهي مأخوذة من المجازاة لكفنا عنهم والعقود التي تفيد الكافر الأمان ثلاثة أمان وهدنة وجزية لأن التأمين أن تعلق بمحصور فهو الأمان أو بغير محصور كأهل إقليم أو بلد فإن كان إلى غاية فهو الهدنة أو لا إلى غاية فالجزية وهما مختصان بالإمام بخلاف الأمان وتأمين الإمام غير محصورين أمان والجزية لمحصورين صحيحة وإن اقتضى كلام الأكثرين خلافه لأنه غير مراد والأصل في الجزية قبل الإجماع قوله تعالى ‏{‏قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله وباليوم الآخر‏}‏ إلى قوله تعالى ‏{‏حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون‏}‏ وقد أخذ صلى الله عليه وسلم الجزية من مجوس هجر ومن أهل نجران أما الأمان فيصح أمان حربي محصور من كل مسلم مكلف مختار ولو امرأة ورقيقا لكافر بكل لفظ يفيد الغرض كأجرتك أو أمنتك وتكفى إشارة مفهمة ورسالة ويشترط قبول الكافر له وأن لا تزيد مدته على أربعة أشهر فإن زاد بطل في الزائد وبلغ بعدها المأمن وأن لا يترتب على المسلمين به ضرر كجاسوس ومغتال ولا يبلغ المأمن وأن لا يكون المؤمن أسيرا معهم ولا يتعدى الأمان إلى أهله وماله الذين ليسوا معه إلا بشرط ممن يعتد بشرطه ولا يجوز نبذ الأمان حيث لم يخف خيانة والمسلم بدار الحرب إن أمكنه إظهار له دينه سن الهجرة وإلا وجبت مع القدرة والإعذار إلى قدرته ولو قدر الأسير على الهرب لزمه وإن أمكنه إظهار دينه ولو أطلقوه بلا شرط فله اغتيالهم أو على أنهم في أمانه حرم فإن تبعه قوم دفعهم ولو بقتلهم وشرطوا أن لا يخرج من دارهم حرم الوفاء به ولو قالوا لا نطلقك حتى تحلف أن لا تخرج فحلف لم يحنث بالخروج وأما الهدنة فشرطها أن يهادن الإمام أو نائبه العالم أهل إقليم أو يهادن وإلى الإقليم أهل بلد وأن يكون فيها مصلحة وأن تكون إلى أربعة أشهر فأقل إن لم يكن بنا ضعف وإلا جازت إلى عشر سنين بحسب الحاجة ولا تجوز الزيادة عليها نعم إن انقضت المدة والحاجة باقية استؤنف العقد ويجوز أن يؤقت الإمام الهدنة ويشترط انقضاؤها متى شاء ويجوز أن يقول هادنتكم ما شاء فلان وهو مسلم عدل ذو رأي وأن تخلو عن شروط فاسدة كشرط أن تنزع أسرى المسلمين منهم أو ترد إليهم الذي أسروه وأفلت منهم أو يقيموا بالحجاز أو يدخلوا أو يظهروا الخمر في دارنا أو نرد إليهم النساء إذا جئن مسلمات وإذا انقضت أو نقضت فحكمهم كما قبلها ولو نقض بعضهم ولم ينكر الباقون بقول ولا فعل انتقض فيهم أيضا وإن اعتزلوهم أو أعلموا الإمام ببقائهم على العهد فلا ولو خاف خيانتهم فله نبذ العهد ويبلغهم المأمن وللجزية خمسة أركان صيغة وعاقد ومعقود له ومعقود عليه ومكان قابل للتقرير فيه فالصيغة أن يقول الإمام أو نائبه أقررتكم أو أذنت لكم في الإقامة بدار الإسلام على أن تبذلوا كذا وكذا وتنقادوا لحكم الإسلام ولا بد من التعرض لقدرها لا لكف اللسان عن الله ورسوله ويشترط القبول لفظا كقبلت أو رضيت بذلك ولا يصح مؤقتا وإذا عقد فاسدا لم يجب الوفاء به ولا يغتال ولو بقى على حكم ذلك العقد سنةأو أكثر وجب لكل سنة دينار ولو دخل دارنا وبقى مدة ثم اطلعنا عليه لم يلزمه شيء لما مضى ويجوز قتله وإراقة دمه وأخذ ماله والمن عليه وتقريره بالجزية ولو قال دخلت لرسالة أو بأمان مسلم صدق بيمينه وأما العاقد فشرطه أن يكون الإمام أو نائبه فلو عقدها واحد من الرعية لم تصح ولو أقام سنة فأكثر فلا شيء عليه وإنما تؤخذ الجزية من حر فلا تؤخذ ممن فيه رق ذكر فلا تؤخذ من امرأة ولا خنثى مكلف فلا تؤخذ من صبي ومجنون لأن بذلها لحقن الدم وهو حاصل لهم فلو عقد للخنثى قبل اتضاحه ثم بانت ذكورته أخذت منه جزية ما مضى له كتاب اشتهر أي يشترط أن يكون للمكلف المذكور كتاب اشتهر أمره بأنه من الكتب المنزلة كالتوراه والانجيل وصحف إبراهيم وزبور داود صلى الله عليهما وسلم أو المجوس أي أو له شبهة كتاب وهم المجوس فانه كان لهم كتاب ورفع وخرج عبده الأوثان والملائكة والكواكب فتعقد لليهود والنصارى أو نحوهما ممن يزعم التمسك بكتاب كمن أحد أبويه كتابي والآخر وثنى وإن دخل جده الأعلى في ذلك الدين قبل نسخة ولو بعد تحريفه وإن لم يجتنب المبدل منه وشككنا في وقته تغليبا لحقن الدم دون من تهودا آباؤه من بعد بعثة الهدى أي لا يقر بالجزية من تهود بعد بعثة عيسى صلى الله عليه وسلم أو تهود أو تنصر بعد بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى من قبله من الانبياء والصابئة فرقة من النصارى والسامرة فرقه من اليهود ويقرون بها إن وافقوهم في أصل دينهم وإلا فلا ولو عقدت لمن زعم التمسك بكتاب ثم أسلم اثنان من أهل ذلك الدين وحسن حالهما بحيث تقبل شهادتهما وشهدا بخلاف ما زعم اغتيل ولم يبلغ المأمن لتدليسه والأمان الفاسد إنما يمنع الاغتيال عند ظن الكافر صحته وهو منتف هنا أقلها في الحول دينار ذهب في كل سنة لكل واحد ممن ذكر وضعفه من متوسط الرتب وهو ديناران ومن غنى أربع دنانير إذا قبل ذلك نعم إن مضى حول ولم يدفع الإمام عنهم ما يجب لهم بالعقد من الذب عنهم لم تجب جزية ذلك الحول وإذا عقد بدينار فله أن يأخذ عنها عوضا كسائر الديون المستقرة بشرط أن ينقص عن قدر دينار لأن الحق للمسلمين وإنما امتنع عقدها بما قيمته دينار لأنها قد تنقضي عند آخر المدة ويستحب للإمام مماكسة العاقد لنفسه أو لموكله حتى يزيد على دينار بل إذا أمكنه أن يعقدها بأكثر من دينار لم يجز أن يعقدها بدونه إلا لمصلحة فإن امتنعوا من الزيادة وجب قبول الدينار والعبرة بالغنى وضده حالة الأخذ لا العقد ثم يحتمل أن يكون ضابط الغنى والمتوسط بالنفقة ويحتمل الرجوع فيه إلى العرف ولو قال بعضهم أنا فقير أو متوسط قبل قوله ما لم تقم بينة بخلافه وإذا عقدت بأكثر ثم علموا جواز دينار لزمهم ما التزموه فإن امتنعوا من أداء الزيادة فهم ناقضون ونبلغهم مأمنهم فإن عادوا وطلبوا العقد بدينار وجبت إجابتهم ومن تقطع جنونه قليلا كساعة من شهر لزمته أو كثيرا كيوم ويوم لفقت الإفاقة فإذا بلغت سنة وجبت ولو أسلم أو مات أو جن في أثناء سنة وجب قسط الماضي ولو اجتمع دين آدمي وجزية في تركة سوى بينهما وتجب على زمن وشيخ وهرم وأعمى وراهب وأجير وفقير عجز عن كسب فإذا تمت سنة وهو معسر ففي ذمته حتى يوسر وكذا حكم السنة الثانية فما بعدها واشرط ندبا عليهم ضيافة لمن بهم نزل أي لمن يمر بهم من المسلمين بحيث أمكن ذلك وقد صولحوا في بلدهم زائدا على أقل الجزية على غنيهم ومتوسطهم لا فقيرهم ثلاثة أيام من الطعام والأدم كخبز وسمن والعلف كتبن وحشيش ولا يحتاج إلى ذكر قدره فإن ذكر الشعير بين قدره وليكن المنزل بحيث يدفع الحر والبرد ولا يخرجون أهل المنازل منها وتؤخذ الجزية برفق كسائر الديون ويكفي في الصغار إجراء الحكم عليهم بما لا يعتقدونه ومن أركان الجزية المكان وهو كون قراره غير الحجاز وهو مكة والمدينة واليمامة والطائف ووج الطائف وما يضاف إلى ذلك فيمنع كل كافر من الإقامة به ولو بطرقه الممتدة ومتى صح العقد لزمنا الكف عنهم وضمان ما نتلفه عليهم نفسا ومالا ودفع أهل الحرب عنهم إن لم يستوطنوا دار الحرب ونمنعهم وحربا إحداث كنيسة وبيعة ببلد أحدثناه أو أسلم أهله عليه أو فتح عنوة أو صلحا بشرط الأرض لنا ويلبسوا الغيارا بكسر الغين المعجمة أو فوق ثوب جعلوا زنارا بضم الزاي سواء الرجال والنساء بدارنا وإن لم يشرط ذلك عليهم للتمييز والغيار أن يخيطوا على ثيابهم الظاهرة ما يخالف لونها لونها بموضع لا تعتاد الخياطة عليه وإلقاء منديل ونحوه على الكتف كالخياطة ثم الأولى باليهودي العسلى وهو الأصفر وبالنصراني الأزرق أو الأشهب ويسمى الرمادي وبالمجوسي الأسود أو الأحمر والزنار خيط غليظ يشد به أوساطهم خارج الثياب وليس لهم إبداله بمنطقة ومنديل ونحوهما ويجعل الزنار فوق إزار المرأة كالرجل قاله أبو حامد رحمه الله تعالى وفي التهذيب وغيره تحته لأنه أستر لكن لا بد من ظهور شيء منه وإذا خرجت بخف فلتكن إحداهما بلون والأخرى بلون آخر وإن لبسوا قلانس ميزوها عن قلانسنا‏.‏

ويستفاد من تعبير الناظم بأو الاكتفاء بالغيار أو الزنار فجمعها المنقول عن عمر رضي الله عنه تأكيد فإن انفردوا بمحلة فلهم تركه وإذا دخل حماما فيه مسلمون متجردون أو تجرد عن ثيابه في حمام بين مسلمين جعل في عنقه خاتم حديد أو رصاص أو طوقا أو جلجلا من حديد ويلجأ إلى أضيق الطرق عند زحمة المسلمين فيه بحيث لا يقع في وهدة ولا يصدمه جدار ولا يوقر ولا يصدر في مجلس فيه المسلمون ويتركوا ركوب خيل حربنا أي يلزمهم ترك ركوب خيل حرب المسلمين حتى البراذين النفيسة لأن في ركوبنا إياها إرهابا للأعداء وعزا للمسلمين نعم إن انفردوا ببلد أو قرية في غير دارنا لم يمنعوا ولو استعنا بهم في حرب بحيث يجوز مكنوا من ركوبها زمن القتال وخرج بالخيل الحمير والبغال فلهم ركوبها با كاف وركاب خشب لا حديد أو نحاس أو نحوه عرضا تمييزا له عنا ويمنع من تقليد السيف وحمل السلاح وتختم الذهب والفضة ويمنعون من خدمة الأمراء والملوك كما يمنعون من ركوب الخيل ولا يساووا المسلمين في البنا فلا يجوز لهم رفع بنائهم على بناء جار مسلم ولا مساواته وإن رضى المسلم بذلك سواء أكان بناء المسلم معتدلا أم في غاية الانخفاض نعم لو كان قصيرا لا يعتاد السكن فيه لعدم تمام بنائه أو لأنه هدمه أو انهدم إلى أن صار قصيرا كذلك لم يمنع الذمي من بناء جداره على أقل ما يعتاد في السكنى لئلا يتعطل حقه الذي عطله المسلم باختياره أو تعطل عليه لإعساره قال البلقيني وخرج بالجار غيره كأن انفرد بمحل بطرف البلد منفصل عنا فيجوز رفع البناء وانتقض العهد أي عقد الذمة بجزية منع أي يمنع أداء الجزية مع قدرته عليه أما العاجز إذا استمهل فلا ينتقض عهده بذلك وتؤخذ من الموسر قهرا ولا ينتقض عهده ويختص قولهم بالمتغلب القاتل وحكم شرع بتمرد دفع به حكم الشرع وهو الامتناع من الانقياد لأحكامنا بالقوة والحدة لا هرب من أداء الجزية أو من الانقياد لحكم الشرع سواء أشرط الانتقاض بذلك أم لا ويؤخذ منه انتقاض العهد بقتال المسلمين من باب أولى بالطعن في الإسلام أي ينتقض العهد بالطعن في الإسلام أو القرآن أو النبي صلى الله عليه وسلم بما لا يعتقده كنسبته إلى الزنا أو الطعن في نسبه بخلاف ما لو وصفه على وفق اعتقاده كقوله إنه ليس بنبي أو أنه قتل اليهود بغير حق فلا ينتقض العهد بذلك وإن شرط الانتقاض به أو فعل يضر المسلمين كأن زنى بمسلمة أو أصابها باسم نكاح عالما بإسلامها أو لاط بمسلم عالما بإسلامه أو دل أهل الحرب على عورة المسلمين أو فتن مسلما عن دينه أو دعاه إلى دينه أو قطع عليه الطريق النقض مبتدأ مؤخر خبره قوله بالطعن أي والنقض حاصل أو يحصل بالطعن لو شرط ترك ببنائه للمفعول وإدغام الطاء في التاء وترك مرفوع به أي إن شرط ترك الطعن والفعل المذكور في العقد وشرط انتقاضه بفعل أحدهما وإلا فلا ينتفض به وخرج بما ذكر إسماعه المسلمين شركا وقولهم في المسيح وعزير و إظهار الخمر والخنزير والناقوس والعيد فلا ينتقض العهد بها وإن شرط والإمام خيرا فيه أي من انتقض عهده بين قتل ورق ومن وفداء كما في كامل قد أسرا بألف الإطلاق فيه وفيما قبله فإن أسلم قبل الاختيار امتنع‏.‏

كتاب الصيد والذبائح

919 - مِن مسلِمٍ وذي كتابٍ حَلَّا *** لا وَثَنِيٍّ والمَجُوسِ أَصْلَا

920 - والشرطُ فيما حَلَّلُوا إن يُقْدَرِ *** عليهِ‏:‏ قَطْعُ كُلِّ حَلْقٍ وَمَرِي

921 - حيثُ الحياةُ مُسْتَقَرُّ الحُكْمِ *** بجارِحٍ لا ظُفُرٍ وعَظْمِ

922 - وغَيرُ مَقدُورٍ عليهِ صَيْدَا *** أوِ البَعِيرُ نَدَّ أوْ تَرَدَّى‏:‏

923 - الجَرْحُ إِنْ يُزْهِقْ بِغَيْرِ عَظْمِ *** أو جَرْحُهُ أو مَوتُهُ بالفَمِّ

924 - إرسالُ كَلْبٍ جارِحٍ أو غَيرِهِ *** مِن سَبُعٍ مُعَلَّمٍ أو طَيْرِهِ

925 - يطيعُ غيرَمَرَّةٍ إذا ائْتَمَرْ *** ودونَ أَكْلٍ يَنْتَهِي إِن يَنْزَجِرْ

926 - وإنَّمَا يَحِلُّ صَيْدٌ أَدْرَكَهْ *** مَيْتَاً أوِ المَذبُوحُ حالَ الحَرَكَهْ

927 - وسُنَّ أَنْ يَقْطَعَ الأوْدَاجَ كَمَا *** يَنْحَرُ لَبَّةَ البعيرِ قائِمَا

928 - وَوَجِّهِ المذبُوحَ نَحْوَ القِبْلَهْ *** وقَبْلَ أَنْ تُصَلِّ قُلْ‏:‏ ‏(‏بسمِ اللهْ‏)‏

929 - وسَمِّ فى أُضْحِيَةٍ وَكَبِّرَا *** وبالدُّعَاءِ بالقُبُولِ فاجْهَرَا

كتاب الصيد والذبائح‏:‏ جمع ذبيحة والأصل فيه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أحل لكم صيد البحر‏}‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إلا ما ذكيتم‏}‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإذا حللتم فاصطادوا‏}‏ ويعتبر في حل الحيوان المأكول البري بالصيد والتذكية أن يكونا من مسلم وذي كتاب حلا أي أو كتابي تحل مناكحته نعم تحل ذكاة أمة كتابية وصيدها وإن لم تحل مناكحتها إذ لا أثر للرق في الذبيحة بخلاف المناكحة وسواء في حل ذكاة الكتابي ما اعتقد حله كالبقر والغنم أو تحريمه كالإبل لا وثني والمجوس أصلا أي لا اعتبار بالصيد والتذكية من الوثني والمجوسي ونحوهما فلو شارك مجوسي مسلما في ذبح أو اصطياد قاتل كأن أمرا سكينا على حلق شاة أو قتلا صيدا بسهم أو كلب حرم تغليبا للحرام ولو أرسلا سهمين أو كلبين فإن سبق آلة المسلم فقتله أو أنهاه إلى حركة مذبوح حل أو انعكس أو جرحاه معا أو جهل أو مرتبا ولم يذفف أحدهما حرم ويعتبر في الذابح أيضا أن لا يكون محرما والمذبوح صيد وفي الصائد أيضا أن يكون بصيرا فيحرم صيد الأعمى برمي وكلب إذ ليس له قصد صحيح ويحل ذبح أعمى وصبي ولو غير مميز ومجنون وسكران لأن لهم قصدا وإرادة في الجملة وتحل ميتة السمك والجراد ولو صادهما مجوسي وكذا الدود المتولد من الطعام كخل وفاكهة إذا أكل معه ميتا ولا يقطع بعض سمكة حية فإن فعل ذلك أو بلع سمكة حية حل والشرط فيما حللوا إي العلماء أن يقدر عليه قطع كل حلق أي حلقوم وهو مجرى النفس ومري بالمد والهمز وهو مجرى الطعام والشراب فلو ترك شيئا من الحلق أو المريء وإن قل ومات الحيوان حرم حيث الحياة مستقر الحكم أي يشترط كون القطع المذكور حال استقرار الحياة في المقطوع إما قطعا وإما ظنا ويحصل الظن بانفجار الدم وتدفقه وشدة الحركة بعد القطع وبعلامات أخر كصوت الحلق وقوام الدم على طبيعته ويكفي ما يحصل به غلبة الظن منها من شدة الحركة واعتبرت الحياة المستقرة ليخرج ما إذا فقدت وكان لفقدها سبب من جرح أو انهدام سقف أو أكل نبات ضار أو نحوهما لوجود ما يحال عليه الهلاك أما إذا كان لمرض فيحل مع فقدها بجارح كحديد ونحاس وذهب وفضة ورصاص وخشب وقصب وحجر وزجاج لا ظفر أو عظم للخبر الصحيح وألحق بهما باقي العظام ومعلوم حل ما قتله الكلب أو نحوه بظفره أو نابه وغير مقدور عليه من الحيوان صيدا أي في الابتداء حالة كونه صيدا أو البعير ند أي ذهب على وجهه شاردا أو تردى في بئر أو نحوها وتعذر قطع حلقومه ومريئه فتصير أعضاؤه كلها مذبحا ففي أي عضو منه حصل الجرح أجزأ الجرح إن يزهق أي يعتبر في الجرح كونه مزهقا للحياة المستقرة بغير عظم وظفر كما علم مما مر أو جرحه إن لم يزهق أو موته بالغم أي غم الجارحة من كلب أو طير و إرسال كلب جارح أو غيره من سبع معلم أو طيره ككلب أو فهد أو باز وشاهين والمراد بالمعلم أ ن يطيع غير مرة بأن تتكرر منه الأمور الآتية بحيث يظن تأدب الجارحة ويرجع في ذلك لأهل الخبرة بالجوارح إذا أؤتمر أي لا بد من كونه يأتمر بأمر صاحبه بأن يهيج بإغرائه ودون أكل أي بأن يمسك الصيد ليأخذه الصائد ولا يأكل منه و ينتهي أن ينزجر أي لا بد أن تنزجر جارحة السباع بزجر صاحبها أما جارحة الطير فلا مطمع في انزجارها بعد طيرانها ولو ظهر كونه معلما ثم أرسله على صيد فأكل منه عقب إمساكه أو صار يقاتل دونه لم يحل ذلك الصيد فيشترط تعليم جديد ولا ينعطف التحريم على ما مضى ولا يحل المتردي بإرسال الكلب أو نحوه وفارق إرسال السهم بأن الحديد يستباح به الذبح مع القدرة بخلاف عقر الكلب وإنما يحل صيد أدركه ميتا بسبب الجرح المزهق أو بغم الجارحة أو المذبوح حال الحركة أي إذا أدركه في حال حركة المذبوح أو أدركه وفيه حياة مستقرة وتعذر ذبحه بلا تقصير منه كأن سل السكين فمات قبل إمكان ذبحه أو اشتغل بطلب المذبح أو بتوجهه للقبلة أو وقع منكسا أو احتاج إلى قلبه ليقدر على الذبح أو حال بينهما سبع أو امتنع منه بقوته ومات قبل القدرة عليه ولو شك في التمكن من ذكاته حل وإن مات لتقصيره كأن لم يكن معه سكين أو غصبت أو نشبت في الغمد حرم وسن أن يقطع الذابح الأوداج ينقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها جمع ودج بفتح الواو والدال وليس في كل حيوان غير ودجين وهما عرقان في صفحتي العنق يحيطان بالحلقوم فلو لم يقطعهما الذابح حل كما ينحر لبة البعير ويذبح البقر والغنم للأتباع ولطول عنق الإبل فيكون أسرع لخروج روحها ولو عكس فقطع حلقوم الإبل ولبة غيره لم يكره ويلحق بالإبل كل ما طال عنقه كالنعام والكركى واللبة بفتح اللام من أسفل العنق قائما أي يندب أن يكون البعير قائما على ثلاث معقول الركبة اليسرى وإلا فباركا وأن تكون البقرة والشاة مضجعة على جنبها الأيسر وتترك رجلها اليمنى لتستريح بتحريكها وتشد باقي القوائم لئلا تضطرب حال الذبح فبنزل الذابح ووجه المذبوح نحو القبلة لأنها أشرف الجهات وقبل أن تصل بحذف الياء لعلة الوزن قل بسم الله أي يسن أن يقول عند الذبح بسم الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ولا يجوز أن يقول بسم الله واسم محمد لإيهامه التشريك ويندب أن يتوجه الذابح للقبلة أيضا وسم أنت وفي أضحية خاصة عند ذبحها وكبرا الألف في ذلك وفيما بعده بدل من نون التوكيد لأنها أيام تكبير وبالدعاء بالقبول فيقول اللهم هذا منك وإليك فتقبل ولو قال كما تقبلت من إبراهيم خليلك ومحمد عبدك ورسولك صلى الله عليه وسلم لم يكره ولم يسن فاجهرا أي يقول ذلك جهرا‏.‏

باب الأضحية

930 - وَوَقْتُهَا‏:‏ قَدْرُ صلاةِ ركعَتَيْنْ *** مِنَ الطُّلُوعِ تَنْقَضِي وخُطْبَتَيْنْ

931 - وسُنَّ مِنَ بعدِ ارتفاعِهَا إلى *** ثلاثةِ التَّشرِيقِ أَنْ تُكَمَّلا

932 - عَن واحِدٍ ضَأْنٌ لَهُ حَوْلٌ كَمَلْ *** أوْ مَعَزٌ في ثالثِ الحَوْلِ دَخَلْ

933 - كَبَقَرٍ لَكِنْ عنِ السبعِ كَفَتْ *** وإِبِلٍ خَمْسَ سنينَ اسْتَكْمَلَتْ

934 - ولَمْ تَجُزْ بَيِّنَةُ الهُزَالِ *** ومَرَضٍ وعَرَجٍ في الحالِ

935 - وناقِصُ الجُزْءِ كبعضِ أُذْنِ *** أَوْ ذَنَبٍ كَعَوَرٍ في العَيْنِ

936 - أو العَمَى أو قَطْعِ بعضِ الأَلْيَةِ *** وجازَ نَقْصُ قَرْنِهَا والخُصْيَةِ

937 - والفَرْضُ‏:‏ بعضُ الَّلحمِ لَوْ بِنَزْرِ *** وكُلْ مِنَ المندُوبِ دونَ النَّذْرِ

باب الأضحية‏:‏ بضم الهمزة وكسرها مع تخفيف الياء وتشديدها ويقال ضحية بفتح الضاد وكسرها ويقال أضحاة بفتح الهمزة وكسرها وهي ما يذبح من النعم تقربا إلى الله تعالى من يوم العيد إلى آخر أيام التشريق والأصل في ذلك قبل الإجماع قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فصل لربك وانحر‏}‏ أي صل صلاة العيد وانحر النسك وخبر مسلم‏:‏ ‏(‏ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفحتهما‏)‏ وليست الضحية بواجبة وإنما هي سنة كفاية فتتأدى بفعل واحد من أهل البيت لها ويكره تركها وإنما تسن لمسلم قادر حر كله أو بعضه وأما المكاتب فيفعلها إن أذن سيده ووقتها قدر صلاة ركعتين من الطلوع أي طلوع الشمس يوم العيد تنقضي وخطبتين خفيفات وسن من بعد ارتفاعها أي وتأخيرها لترتفع كرمح أفضل ولا يدخلها كراهة لأنها ذات وقت وسبب إلى ثلاثة التشريق أن تكملا أي ويبقى حتى تغرب الشمس آخر أيام التشريق الثلاثة سواء الليل والنهار نعم يكره الذبح ليلا لأنه قد يخطئ المذبح ولأن الفقراء لا يحضرون فيه حضورهم بالنهار فلو ذبح قبل ذلك أو بعده لم تقع أضحية نعم إن لم يذبح الواجب حتى خرج الوقت ذبحه قضاء عن واحد ضأن فإن كان له أهل بيت حصلت السنة لجميعهم له حول كمل وطعن في الثانية أو أجذع قبلها أو معز له سنتان و في ثالث الحول دخل سواء الذكر والأنثى في ذلك كبقر أي لا يجزئ منه إلا ما استكمل سنتين وشرع في الثالثة لكن عن السبع كفت وإبل خمس سنين استكملت دخلت في السادسة أن يجزئ الثنى من الإبل والبقر عن سبعة من الأشخاص وإن كان لكل واحد منهم أهل بيت ولم يرد التضحية وأفضلها سبع شياه ثم بعير ثم بقرة ثم ضأن وشاة أفضل من مشاركة بقدرها في بدنة أو بقرة للانفراد بإراقة الدم وشرط إجزاء الأضحية سلامتها من عيب ينقص لحمها ولم تجز بينة الهزال أي لا تجزئ الأضحية بها وهي التي ذهب مخها من شدة هزالها و بينة مرض و بينة عرج بحيث تسبقها الماشية إلى الكلأ الطيب في الحال أي العبرة بالعيب الموجود عند الذبح حتى لو كانت سليمة فاضطربت عند إضجاعها للذبح فعرجت عرجا بينا لم تجز ولا يضر يسيرها بخلاف يسير الجرب لأنه يفسد اللحم والودك وناقص الجزء ولو فلقة يسيرة كبعض أذن أو ذنب كعور في العين أو العمى أو قطع بعض الألية أو ضرع أو غيرها لذهاب جزء مأكول منه نعم لا يضر قطع فلقة لحم يسيرة من عضو كبير كفخذ لأن ذلك لا يظهر وجاز نقص قرنها والخصية وتجزئ المخلوقة بلا ضرع أو ألية كما يجزئ ذكر المعز بخلاف المخلوقة بلا أذن لأن الأذن عضو لازم والذنب كالألية وذات القرون أفضل من غيرها نعم إن انكسر القرن وأثر في اللحم انكساره ضر وتجزئ العشواء وهي التي لا تبصر شيئا ليلا والعمشاء وهي ضعيفة البصر مع سيلان الدمع وذات كي وصغر أذن والتي ذهب بعض أسنانها والفرض في الأضحية المندوبة بعض اللحم لولا بنزر أي التصدق به ولو قليلا لأنها شرعت لإرفاق المساكين ولا يحصل ذلك بمجرد إراقة الدم والمراد به تمليك الفقير المسلم الشامل للمسكين ولو واحدا حرا أو مكاتبا شيئا من لحمها نيئا ليتصرف فيه بما شاء من بيع أو غيره فلا يكفى جعله طعاما ودعاء الفقراء إليه لأن حقه في تملكه لا في أكله ولا تمليكه مطبوخا ولا تمليكه غير اللحم من جلد وكرش وكبد وطحال وعظم ونحوها فلو أكل الكل ضمن القدر الذي كان يلزمه أن يتصدق به ابتداء ومؤنة الذبح على المضحى كمؤنة الحصاد فلا يعطى الجزار منها شيئا وله إطعام الأغنياء منهم لا تمليكهم وكل من المندوب فيأكل ثلثا ويتصدق بالباقي والأفضل التصدق بكلها إلا لقما يتبرك بأكلها فإنها مسنونة ويتصدق بجلدها أو ينتفع به في أستعماله وله إعارته لا بيعه وإجارته دون النذر أي لا يجوز له أن يأكل شيئا من المنذور يعنى الواجب بنذر أو غيره كما في الكفارة سواء أوجب بالتزام كالواجب بالنذر أم بغيره كدم القران والتمتع فلو أكل منه شيئا غرم بدله وقول الشيخين غرم قيمته مفرع على أن اللحم متقوم والأصح أنه مثلى على أنه تطلق القيمة ويراد بها البدل فيشتمل المثلى‏.‏