فصل: باب ذِكْرِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **


*3*باب مَنَاقِبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ

الْقُرَشِيِّ الْهَاشِمِيِّ أَبِي الْحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ وَقَالَ عُمَرُ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُ رَاضٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب مناقب علي بن أبي طالب‏)‏ أي ابن عبد المطلب ‏(‏القرشي الهاشمي أبي الحسن‏)‏ وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم شقيق أبيه واسمه عبد مناف على الصحيح‏.‏

ولد قبل البعثة بعشر سنين على الراجح وكان قد رباه النبي صلى الله عليه وسلم من صغره لقصة مذكورة في السيرة النبوية، فلازمه من صغره فلم يفارقه إلى أن مات‏.‏

وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم، وكانت ابنة عمة أبيه وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي، وقد أسلمت وصحبت وماتت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم قال أحمد وإسماعيل القاضي والنسائي وأبو علي النيسابوري لم يرد في حق أحد من الصحابة بالأسانيد الجياد أكثر مما جاء في علي وكأن السبب في ذلك أنه تأخر، ووقع الاختلاف في زمانه وخروج من خرج عليه، فكان ذلك سببا لانتشار مناقبه من كثرة من كان بينها من الصحابة ردا على من خالفه، فكان الناس طائفتين، لكن المبتدعة قليلة جدا‏.‏

ثم كان من أمر علي ما كان فنجمت طائفة أخرى حاربوه، ثم اشتد الخطب فتنقصوه واتخذوا لعنه على المنابر سنة، ووافقهم الخوارج على بغضه وزادوا حتى كفروه، مضموما ذلك منهم إلى عثمان، فصار الناس في حق علي ثلاثة‏:‏ أهل السنة والمبتدعة من الخوارج والمحاربين له من بني أمية وأتباعهم، فاحتاج أهل السنة إلى بث فضائله فكثر الناقل لذلك لكثرة من يخالف ذلك، وإلا فالذي في نفس الأمر أن لكل من الأربعة من الفضائل إذا حرر بميزان العدل لا يخرج عن قول أهل السنة والجماعة أصلا‏.‏

وروى يعقوب بن سفيان بإسناد صحيح عن عروة قال‏:‏ ‏"‏ أسلم علي وهو ابن ثمان سنين ‏"‏ وقال ابن إسحاق ‏"‏ عشر سنين ‏"‏ وهذا أرجحها، وقيل غير ذلك‏.‏

‏(‏وقال النبي صلى الله عليه وسلم أنت مني وأنا منك‏)‏ هو طرف من حديث البراء بن عازب في قصة بنت حمزة، وقد وصله المصنف في الصلح وفي عمرة القضاء مطولا، ويأتي شرحه في المغازي مستوفى إن شاء الله تعالى‏.‏

‏(‏وقال عمر‏:‏ توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنه راض‏)‏ تقدم ذلك في الحديث الذي قبله موصولا، وكانت بيعة علي بالخلافة عقب قتل عثمان في أوائل ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، فبايعه المهاجرون والأنصار وكل من حضر، وكتب بيعته إلى الآفاق فأذعنوا كلهم إلا معاوية في أهل الشام فكان بينهم بعدما

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ قَالَ فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا فَقَالَ أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالُوا يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ فَأْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَ بَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ فَقَالَ عَلِيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا فَقَالَ انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ

الشرح‏:‏

حديث سهل بن سعد في قصة فتح خيبر، وسيأتي شرحه في المغازي‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ كَانَ عَلِيٌّ قَدْ تَخَلَّفَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَيْبَرَ وَكَانَ بِهِ رَمَدٌ فَقَالَ أَنَا أَتَخَلَّفُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ عَلِيٌّ فَلَحِقَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ اللَّيْلَةِ الَّتِي فَتَحَهَا اللَّهُ فِي صَبَاحِهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ أَوْ لَيَأْخُذَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَوْ قَالَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَإِذَا نَحْنُ بِعَلِيٍّ وَمَا نَرْجُوهُ فَقَالُوا هَذَا عَلِيٌّ فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّايَةَ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ

الشرح‏:‏

حديث سلمة بن الأكوع في المعنى سيأتي شرحه في المغازي‏.‏

وقوله‏:‏ في الحديثين‏:‏ ‏"‏ إن عليا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ‏"‏ أراد بذلك وجود حقيقة المحبة، وإلا فكل مسلم يشترك مع علي في مطلق هذه الصفة‏.‏

وفي الحديث تلميح بقوله تعالى‏:‏ ‏(‏قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله‏)‏ فكأنه أشار إلى أن عليا تام الاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اتصف بصفة محبة الله له، ولهذا كانت محبته علامة الإيمان وبغضه علامة النفاق كما أخرجه مسلم من حديث علي نفسه قال ‏"‏ والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق ‏"‏ وله شاهد من حديث أم سلمة عند أحمد‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فَقَالَ هَذَا فُلَانٌ لِأَمِيرِ الْمَدِينَةِ يَدْعُو عَلِيًّا عِنْدَ الْمِنْبَرِ قَالَ فَيَقُولُ مَاذَا قَالَ يَقُولُ لَهُ أَبُو تُرَابٍ فَضَحِكَ قَالَ وَاللَّهِ مَا سَمَّاهُ إِلَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا كَانَ لَهُ اسْمٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهُ فَاسْتَطْعَمْتُ الْحَدِيثَ سَهْلًا وَقُلْتُ يَا أَبَا عَبَّاسٍ كَيْفَ ذَلِكَ قَالَ دَخَلَ عَلِيٌّ عَلَى فَاطِمَةَ ثُمَّ خَرَجَ فَاضْطَجَعَ فِي الْمَسْجِدِ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ قَالَتْ فِي الْمَسْجِدِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ فَوَجَدَ رِدَاءَهُ قَدْ سَقَطَ عَنْ ظَهْرِهِ وَخَلَصَ التُّرَابُ إِلَى ظَهْرِهِ فَجَعَلَ يَمْسَحُ التُّرَابَ عَنْ ظَهْرِهِ فَيَقُولُ اجْلِسْ يَا أَبَا تُرَابٍ مَرَّتَيْنِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أبيه‏)‏ هو أبو حازم سلمة بن دينار‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إن رجلا جاء إلى سهل بن سعد‏)‏ لم أقف على اسمه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا فلان لأمير المدينة‏)‏ أي عنى أمير المدينة، وفلان المذكور لم أقف على اسمه صريحا، ووقع عند الإسماعيلي ‏"‏ هذا فكان فلان ابن فلان‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يدعو عليا عند المنبر، قال فيقول ماذا‏)‏ في رواية الطبراني من وجه آخر عن عبد العزيز بن أبي حازم ‏"‏ يدعوك لتسب عليا‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والله ما سماه إلا النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ يعني أبا تراب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فاستطعمت الحديث سهلا‏)‏ أي سألته أن يحدثني، واستعار الاستطعام للكلام لجامع ما بينهما من الذوق للطعام الذوق الحسي وللكلام الذوق المعنوي‏.‏

وفي رواية الإسماعيلي ‏"‏ فقلت يا أبا عباس كيف كان أمره‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أين ابن عمك‏؟‏ قالت‏:‏ في المسجد‏)‏ في رواية الطبراني كان بيني وبينه شيء فغاضبني‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وخلص التراب إلى ظهره‏)‏ أي وصل، في رواية الإسماعيلي ‏"‏ حتى تخلص ظهره إلى التراب ‏"‏ وكان نام أولا على مكان لا تراب فيه ثم تقلب فصار ظهره على التراب أو سفى عليه التراب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏اجلس يا أبا تراب‏.‏

مرتين‏)‏ ظاهره أن ذلك أول ما قال له ذلك، وروى ابن إسحاق من طريقه وأحمد من حديث عمار بن ياسر قال‏:‏ ‏"‏ نمت أنا وعلي في غزوة العسيرة في نخل فما أفقنا إلا بالنبي صلى الله عليه وسلم يحركنا برجله يقول لعلي‏:‏ قم يا أبا تراب لما يرى عليه من التراب ‏"‏ وهذا إن ثبت حمل على أنه خاطبه بذلك في هذه الكائنة الأخرى‏.‏

ويروى من حديث ابن عباس أن سبب غضب علي كان لما آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه ولم يؤاخ بينه وبين أحد فذهب إلى المسجد، فذكر القصة وقال في آخرها ‏"‏ قم فأنت أخي ‏"‏ أخرجه الطبراني، وعند ابن عساكر نحوه من حديث جابر بن سمرة، وحديث الباب أصح، ويمتنع الجمع بينهما لأن قصة المؤاخاة كانت أول ما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وتزويج علي بفاطمة ودخوله عليها كان بعد ذلك بمدة والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ أَبِي حَصِينٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَسَأَلَهُ عَنْ عُثْمَانَ فَذَكَرَ عَنْ مَحَاسِنِ عَمَلِهِ قَالَ لَعَلَّ ذَاكَ يَسُوءُكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَرْغَمَ اللَّهُ بِأَنْفِكَ ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ عَلِيٍّ فَذَكَرَ مَحَاسِنَ عَمَلِهِ قَالَ هُوَ ذَاكَ بَيْتُهُ أَوْسَطُ بُيُوتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ لَعَلَّ ذَاكَ يَسُوءُكَ قَالَ أَجَلْ قَالَ فَأَرْغَمَ اللَّهُ بِأَنْفِكَ انْطَلِقْ فَاجْهَدْ عَلَيَّ جَهْدَكَ

الشرح‏:‏

حديث ابن عمر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا حسين‏)‏ هو ابن علي الجعفي، وأبو حصين بفتح أوله والمهملتين، وسعد بن عبيدة بضم العين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏جاء رجل إلى ابن عمر‏)‏ تقدم في مناقب عثمان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فذكر عن محاسن عمله‏)‏ كأنه ضمن ذكر معنى أخبر فعداها بعن‏.‏

وفي رواية الإسماعيلي ‏"‏ فذكر أحسن عمله ‏"‏ وكأنه ذكر له إنفاقه في جيش العشرة وتسبيله بئر رومة ونحو ذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم سأله عن علي فذكر محاسن أعماله‏)‏ كأنه ذكر له شهوده بدرا وغيرها وفتح خيبر على يديه وقتله مرحب ونحو ذاك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هو ذاك، بيته أوسط بيوت النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ أي أحسنها بناء‏.‏

وقال الداودي معناه أنه في وسطها وهو أصح‏.‏

ووقع عند النسائي من طريق عطاء بن السائب، عن سعد بن عبيدة في هذا الحديث ‏"‏ فقال لا تسأل عن علي ولكن انظر إلى بيته من بيوت النبي صلى الله عليه وسلم وله من رواية العلاء بن عيزار قال سألت ابن عمر عن علي فقال ‏"‏ انظر إلى منزله من نبي الله صلى الله عليه وسلم ليس في المسجد غير بيته ‏"‏ وقد تقدم ما يتعلق بترك بابه غير مسدود في مناقب أبي بكر رضي الله عنه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأرغم الله بأنفك‏)‏ الباء زائدة معناه أوقع الله بك السوء واشتقاقه من السقوط على الأرض فيلصق الوجه بالرغام وهو التراب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فاجهد على جهدك‏)‏ أي ابلغ على غايتك في حقي، فإن الذي قلته لك الحق، وقائل الحق لا يبالي بما قيل في حقه من الباطل‏.‏

ووقع في رواية عطاء المذكورة ‏"‏ قال‏:‏ فقال الرجـل‏:‏ فإني أبغضه، فقال له ابن عمر أبغضك الله تعالى‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَام شَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ أَثَرِ الرَّحَا فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيٌ فَانْطَلَقَتْ فَلَمْ تَجِدْهُ فَوَجَدَتْ عَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْهَا فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ بِمَجِيءِ فَاطِمَةَ فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا فَذَهَبْتُ لِأَقُومَ فَقَالَ عَلَى مَكَانِكُمَا فَقَعَدَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي وَقَالَ أَلَا أُعَلِّمُكُمَا خَيْرًا مِمَّا سَأَلْتُمَانِي إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا تُكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ وَتُسَبِّحَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَتَحْمَدَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ

الشرح‏:‏

حديث علي ‏"‏ إن فاطمة شكت ما تلقى من الرحى ‏"‏ الحديث، وفيه ما يقال عند النوم، وسيأتي شرحه مستوفى في الدعوات إن شاء الله تعالى‏.‏

ووجه دخوله في مناقب علي من جهة منزلته من النبي صلى الله عليه وسلم ودخول النبي صلى الله عليه وسلم معه في فراشه بينه وبين امرأته وهي ابنته صلى الله عليه وسلم ومن جهة اختيار النبي صلى الله عليه وسلم له ما اختار لابنته من إيثار أمر الآخرة على أمر الدنيا ورضاهما بذلك، وقد تقدم في كتاب الخمس بيان السبب في ذلك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم اختار أن يوسع على فقراء الصفة بما قدم عليه، ورأى لأهله الصبر بما لهم في ذلك من مزيد الثواب‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدٍ قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن سعد‏)‏ هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏سمعت إبراهيم بن سعد‏)‏ أي ابن أبي وقاص‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي‏)‏ بين سعد سبب ذلك من وجه آخر أخرجه المصنف في غزوة تبوك من آخر المغازي، وسيأتي بيان ذلك هناك إن شاء الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى‏)‏ أي نازلا مني منزلة هارون من موسى، والباء زائدة‏.‏

وفي رواية سعيد بن المسيب عن سعد ‏"‏ فقال علي‏:‏ رضيت رضيت ‏"‏ أخرجه أحمد، ولابن سعد من حديث البراء وزيد بن أرقم في نحو هذه القصة ‏"‏ قال‏:‏ بلى يا رسول الله، قال‏:‏ فإنه كذلك ‏"‏ وفي أول حديثهما أنه عليه الصلاة والسلام قال لعلي ‏"‏ لا بد أن أقيم أو تقيم، فأقام علي فسمع ناسا يقولون‏:‏ إنما خلفه لشيء كرهه منه، فاتبعه فذكر له ذلك، فقال له ‏"‏ الحديث، وإسناده قوي‏.‏

ووقع في رواية عامر بن سعد بن أبي وقاص عند مسلم والترمذي قال‏:‏ ‏"‏ قال معاوية لسعد‏:‏ ‏"‏ ما منعك أن تسب أبا تراب‏؟‏ قال أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبه ‏"‏ فذكر هذا الحديث وقوله‏:‏ ‏"‏ لأعطين الراية رجلا يحبه الله ورسوله وقوله‏:‏ ‏"‏ لما نزلت ‏(‏فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم‏)‏ دعا عليا وفاطمة والحسن والحسين فقال‏:‏ اللهم هؤلاء أهلي ‏"‏ وعند أبي يعلى عن سعد من وجه آخر لا بأس به قال لو وضع المنشار على مفرقي على أن أسب عليا ما سببته أبدا وهذا الحديث أعني حديث الباب دون الزيادة روي عن النبي صلى الله عليه وسلم عن غير سعد من حديث عمر وعلي نفسه وأبي هريرة وابن عباس وجابر بن عبد الله والبراء وزيد بن أرقم وأبي سعيد وأنس وجابر بن سمرة وحبشي بن جنادة ومعاوية وأسماء بنت عميس وغيرهم، وقد استوعب طرقه ابن عساكر في ترجمة علي‏.‏

وقريب من هذا الحديث في المعنى حديث جابر بن سمرة قال‏:‏ ‏"‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي‏:‏ من أشقى الأولين‏؟‏ قال‏:‏ عاقر الناقة، قال‏:‏ فمن أشقى الآخرين‏؟‏ قال‏:‏ الله ورسوله أعلم‏.‏

قال‏:‏ قاتلك ‏"‏ أخرجه الطبراني وله شاهد من حديث عمار بن ياسر عند أحمد، ومن حديث صهيب عند الطبراني، وعن علي نفسه عند أبي يعلى بإسناد لين، وعند البزار بإسناد جيد، واستدل بحديث الباب على استحقاق علي للخلافة دون غيره من الصحابة، فإن هارون كان خليفة موسى، وأجيب بأن هارون لم يكن خليفة موسى إلا في حياته لا بعد موته لأنه مات قبل موسى باتفاق، أشار إلى ذلك الخطابي وقال الطيبي‏:‏ معنى الحديث أنه متصل بي نازل مني منزلة هارون من موسى، وفيه تشبيه مبهم بينه بقوله‏:‏ ‏"‏ إلا أنه لا نبي بعدي ‏"‏ فعرف أن الاتصال المذكور بينهما ليس من جهة النبوة بل من جهة ما دونها وهو الخلافة، ولما كان هارون المشبه به إنما كان خليفة في حياة موسى دل ذلك على تخصيص خلافة علي للنبي صلى الله عليه وسلم بحياته والله أعلم‏.‏

وقد أخرج المصنف من مناقب علي أشياء في غير هذا الموضع، منها حديث عمر ‏"‏ علي أقضانا ‏"‏ وسيأتي في تفسير البقرة‏.‏

وله شاهد صحيح من حديث ابن مسعود عند الحاكم، ومنها حديث قتاله البغاة وهو حديث أبي سعيد ‏"‏ تقتل عمارا الفئة الباغية ‏"‏ وكان عمار مع علي، وقد تقدمت الإشارة إلى الحديث المذكور في الصلاة‏.‏

ومنها حديث قتاله الخوارج وقد تقدم من حديث أبي سعيد في علامات النبوة، وغير ذلك مما يعرف بالتتبع، وأوعب من جمع مناقبه من الأحاديث الجياد النسائي في كتاب ‏"‏ الخصائص ‏"‏ وأما حديث ‏"‏ من كنت مولاه فعلي مولاه ‏"‏ فقد أخرجه الترمذي والنسائي، وهو كثير الطرق جدا، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان، وقد روينا عن الإمام أحمد قال‏:‏ ما بلغنا عن أحد من الصحابة ما بلغنا عن علي بن أبي طالب‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ وقع حديث سعد مؤخرا عن حديث علي في رواية أبي ذر ومقدما عليه في رواية الباقين، والخطب في ذلك قريب، والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ اقْضُوا كَمَا كُنْتُمْ تَقْضُونَ فَإِنِّي أَكْرَهُ الِاخْتِلَافَ حَتَّى يَكُونَ لِلنَّاسِ جَمَاعَةٌ أَوْ أَمُوتَ كَمَا مَاتَ أَصْحَابِي فَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَرَى أَنَّ عَامَّةَ مَا يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ الْكَذِبُ

الشرح‏:‏

حديث عبيدة بفتح أوله هو ابن عمرو السلماني‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن علي قال اقضوا كما‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ على ‏"‏ ‏(‏ما كنتم تقضون‏)‏ قبل‏.‏

وفي رواية حماد بن زيد عن أيوب أن ذلك بسبب قول علي في بيع أم الولد، وأنه كان يرى هو وعمر أنهن لا يبعن، وأنه رجع عن ذلك فرأى أن يبعن‏.‏

قال عبيدة‏:‏ فقلت له رأيك ورأي عمر في الجماعة أحب إلي من رأيك وحدك في الفرقة فقال علي ما قال‏.‏

قلت‏:‏ وقد وقعت في رواية حماد بن زيد أخرجها ابن المنذر عن علي بن عبد العزيز عن أبي نعيم عنه وعنده ‏"‏ قال لي عبيدة‏:‏ بعث إلى علي وإلى شريح فقال‏:‏ إني أبغض الاختلاف فاقضوا كما كنتم تقضون ‏"‏ فذكره إلى قوله ‏"‏ أصحابي ‏"‏ قال‏:‏ ‏"‏ فقبل علي قبل أن يكون جماعة‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإني أكره الاختلاف‏)‏ أي الذي يؤدي إلى النزاع، قال ابن التين‏:‏ يعني مخالفة أبي بكر وعمر‏.‏

وقال غيره‏:‏ المراد المخالفة التي تؤدي إلى النزاع والفتنة، ويؤيده قوله بعد ذلك ‏"‏ حتى يكون الناس جماعة ‏"‏ وفي رواية الكشميهني ‏"‏ حتى يكون للناس جماعة‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أو أموت‏)‏ بالنصب ويجوز الرفع‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كما مات أصحابي‏)‏ أي لا أزال على ذلك حتى أموت‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فكان ابن سيرين‏)‏ هو موصول بالإسناد المذكور إليه، وقد وقع بيان ذلك في رواية حماد بن زيد ولفظه عن أيوب ‏"‏ سمعت محمدا يعني ابن سيرين يقول لأبي معشر‏:‏ إني أتهمكم في كثير مما تقولون عن علي‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ وأبو معشر المذكور هو زياد بن كليب الكوفي وهو ثقة مخرج له في صحيح مسلم وإنما أراد ابن سيرين تهمة من يروي عنه زياد فإنه يروي عن مثل الحارث الأعور‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يرى‏)‏ بفتح أوله أي يعتقد ‏(‏أن عامة‏)‏ أي أكثر ‏(‏ما يروى‏)‏ بضم أوله ‏(‏عن علي الكذب‏)‏ والمراد بذلك ما ترويه الرافضة عن علي من الأقوال المشتملة على مخالفة الشيخين، ولم يرد ما يتعلق بالأحكام الشرعية فقد روى ابن سعد بإسناد صحيح عن ابن عباس قال‏:‏ ‏"‏ إذا حدثنا ثقة عن علي بفتيا لم نتجاوزها‏"‏

*3*باب مَنَاقِبِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ

الْهَاشِمِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب مناقب جعفر بن أبي طالب الهاشمي‏)‏ سقطت الأبواب كلها من رواية أبي ذر، وأبقى التراجم بغير لفظ ‏"‏ باب ‏"‏ وثبت ذلك في رواية الباقين‏.‏

وجعفر هو أخو علي شقيقه، وكان أسن منه بعشر سنين، واستشهد بمؤتة كما سيأتي بيان ذلك في المغازي وقد جاوز الأربعين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال له النبي صلى الله عليه وسلم أشبهت خلقي وخلقي‏)‏ هو من حديث البراء الذي ذكره في أول مناقب علي، وسيأتي بتمامه مع الكلام عليه في عمرة الحديبية‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دِينَارٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَقُولُونَ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَإِنِّي كُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِبَعِ بَطْنِي حَتَّى لَا آكُلُ الْخَمِيرَ وَلَا أَلْبَسُ الْحَبِيرَ وَلَا يَخْدُمُنِي فُلَانٌ وَلَا فُلَانَةُ وَكُنْتُ أُلْصِقُ بَطْنِي بِالْحَصْبَاءِ مِنْ الْجُوعِ وَإِنْ كُنْتُ لَأَسْتَقْرِئُ الرَّجُلَ الْآيَةَ هِيَ مَعِي كَيْ يَنْقَلِبَ بِي فَيُطْعِمَنِي وَكَانَ أَخْيَرَ النَّاسِ لِلْمِسْكِينِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يَنْقَلِبُ بِنَا فَيُطْعِمُنَا مَا كَانَ فِي بَيْتِهِ حَتَّى إِنْ كَانَ لَيُخْرِجُ إِلَيْنَا الْعُكَّةَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ فَنَشُقُّهَا فَنَلْعَقُ مَا فِيهَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أحمد بن أبي بكر‏)‏ هو أبو مصعب الزهري، والإسناد كله مدنيون، وقد تقدم في كتاب العلم بهذا الإسناد حديث آخر غير هذا فيما يتعلق بسبب كثرة حديث أبي هريرة أيضا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن الناس كانوا يقولون أكثر أبو هريرة‏)‏ أي من الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد تقدم مثله في العلم عن أبي هريرة من طريق أخرى لكنه أجاب بأنه ‏"‏ لولا آية من كتاب الله ما حدثت ‏"‏ وأشار بذلك إلى مثل قول ابن عمر لما ذكر له أنه يروى في حديث ‏"‏ من صلى على جنازة فله قيراط ‏"‏‏:‏ أكثر أبو هريرة، وقد تقدم بيان ذلك في كتاب الجنائز، واعتراف ابن عمر بعد ذلك له بالحفظ‏.‏

وروى البخاري في ‏"‏ التاريخ ‏"‏ وأبو يعلى بإسناد حسن من طريق مالك بن أبي عامر قال‏:‏ ‏"‏ كنت عند طلحة بن عبيد الله، فقيل له‏:‏ ما ندري هذا اليماني أعلم برسول الله منكم، أو هو يقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل‏؟‏ قال فقال‏:‏ والله ما نشك أنه سمع ما لم نسمع، وعلم ما لم نعلم، إنا كنا أقواما لنا بيوتات وأهلون، وكنا نأتي النبي صلى الله عليه وسلم طرفي النهار ثم نرجع، وكان أبو هريرة مسكينا لا مال له ولا أهل، إنما كانت يده مع يد النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يدور معه حيثما دار، فما نشك أنه قد سمع ما لم نسمع ‏"‏ وروى البيهقي في مدخله من طريق أشعث عن مولى لطلحة قال‏:‏ ‏"‏ كان أبو هريرة جالسا، فمر رجل بطلحة فقال له‏:‏ لقد أكثر أبو هريرة، فقال طلحة‏:‏ قد سمعنا كما سمع، ولكنه حفظ ونسينا‏"‏‏.‏

وأخرج ابن سعد في ‏"‏ باب أهل العلم والفتوى من الصحابة ‏"‏ في طبقاته بإسناد صحيح عن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص قال‏:‏ ‏"‏ قالت عائشة لأبي هريرة‏:‏ إنك لتحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا ما سمعته منه، قال‏:‏ شغلك عنه يا أمه المرآة والمكحلة، وما كان يشغلني عنه شيء‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بشبع بطني‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ شبع ‏"‏ أي لأجل الشبع‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حين لا آكل‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ حتى ‏"‏ والأول أوجه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولا ألبس الحبير‏)‏ بالموحدة قبلها مهملة مفتوحة، وللكشميهني ‏"‏ الحرير ‏"‏ والأول أرجح، والحبير من البرد ما كان موشى مخططا، يقال برد حبير وبرد حبرة بوزن عنبة على الوصف والإضافة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لأستقرئ الرجل‏)‏ أي أطلب منه القرى فيظن أني أطلب منه القراءة، ووقع بيان ذلك في رواية لأبي نعيم في ‏"‏ الحلية ‏"‏ عن أبي هريرة أنه وجد عمر فقال أقريني، فظن أنه من القراءة فأخذ يقرئه القرآن ولم يطعمه، قال‏:‏ وإنما أردت منه الطعام‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كي ينقلب بي‏)‏ أي يرجع بي إلى منزله، وللترمذي من طريق ضعيفة عن أبي هريرة ‏"‏ إن كنت لأسأل الرجل عن الآية أنا أعلم بها منه، ما أسأله إلا ليطعمني شيئا ‏"‏ وفي رواية الترمذي ‏"‏ وكنت إذا سألت جعفر بن أبي طالب لم يجبني حتى يذهب بي إلى منزله‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكان أخير‏)‏ بوزن أفضل ومعناه، وللكشميهني خير‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏للمساكين‏)‏ في رواية الكشميهني بالإفراد والمراد الجنس، وهذا التقييد يحمل عليه المطلق الذي جاء عن عكرمة عن أبي هريرة وقال‏:‏ ‏"‏ ما احتذى النعال ولا ركب المطايا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من جعفر بن أبي طالب ‏"‏ أخرجه الترمذي والحاكم بإسناد صحيح‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏العكة‏)‏ بضم المهملة وتشديد الكاف‏:‏ ظرف السمن، وقوله‏:‏ ‏(‏ليس فيها شيء‏)‏ مع قوله‏:‏ ‏(‏فنلعق ما فيها‏)‏ لا تنافي بينهما، لأنه أراد بالنفي أي لا شيء فيها يمكن إخراجه منها بغير قطعها، وبالإثبات ما يبقى في جوانبها‏.‏

وفي رواية الترمذي ‏"‏ ليقول لامرأته أسماء بنت عميس‏:‏ أطعمينا، فإذا أطعمتنا أجابني، وكان جعفر يحب المساكين ويسكن إليهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكنيه بأبي المساكين ‏"‏ انتهى‏.‏

وإنما كان يجيبه عن سؤاله مع معرفته بأنه إنما سأله ليطعمه ليجمـع بين المصلحتين، ولاحتمال أن يكون السؤال الذي وقع حينئذ وقع منه على الحقيقة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ إِذَا سَلَّمَ عَلَى ابْنِ جَعْفَرٍ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ ذِي الْجَنَاحَيْنِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن ابن عمر كان إذا سلم على ابن جعفر‏)‏ يعني عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وقع في رواية الإسماعيلي من طريق هشيم عن إسماعيل بن أبي خالد قال‏:‏ قلنا للشعبي كان ابن جعفر يقال له‏:‏ ابن ذي الجناحين‏؟‏ قال‏:‏ نعم، رأيت ابن عمر أتاه يوما أو لقيه فقال‏:‏ السلام عليك يا ابن ذي الجناحين‏:‏ ‏(‏السلام عليك يا ابن ذي الجناحين‏)‏ كأنه يشير إلى حديث عبد الله بن جعفر قال‏:‏ ‏"‏ قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم هنيئا لك أبوك يطير مع الملائكة في السماء ‏"‏ أخرجه الطبراني بإسناد حسن، وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ رأيت جعفر بن أبي طالب يطير مع الملائكة ‏"‏ أخرجه الترمذي والحاكم وفي إسناده ضعف، لكن له شاهد من حديث علي عند ابن سعد، وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ مر بي جعفر الليلة في ملأ من الملائكة وهو مخضب الجناحين بالدم ‏"‏ أخرجه الترمذي والحاكم بإسناد على شرط مسلم‏.‏

وأخرج أيضا هو والطبراني عن ابن عباس مرفوعا ‏"‏ دخلت البارحة الجنة فرأيت فيها جعفرا يطير مع الملائكة ‏"‏ وفي طريق أخرى عنه ‏"‏ أن جعفرا يطير مع جبريل وميكائيل له جناحان عوضه الله من يديه ‏"‏ وإسناد هذه جيد، وطريق أبي هريرة في الثانية قوي إسناده على شرط مسلم، وقد ادعى السهيلي أن الذي يتبادر من ذكر الجناحين والطيران أنهما كجناحي الطائر لهما ريش، وليس كذلك، وسيأتي بقية القول في ذلك في غزوة مؤتة إن شاء الله تعالى‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ وقع في رواية النسفي وحده في هذا الموضع ‏"‏ قال أبو عبد الله يعني المصنف‏:‏ يقال لكل ذي ناحيتين جناحان ‏"‏ ولعله أراد بهذا حمل الجناحين في قول ابن عمر ‏"‏ يا ابن ذي الجناحين ‏"‏ على المعنوي دون الحسي، والله أعلم‏.‏

*3*باب ذِكْرِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب ذكر العباس بن عبد المطلب‏)‏ ذكر فيه حديث أنس ‏"‏ إن عمر كانوا إذا قحطوا استسقى بالعباس ‏"‏ وهذه الترجمة وحديثها سقطا من رواية أبي ذر والنسفي، وقد تقدم الحديث المذكور مع شرحه في الاستسقاء، وكان العباس أسن من النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين أو بثلاث، وكان إسلامه على المشهور قبل فتح مكة، قيل‏:‏ قبل ذلك، وليس ببعيد، فإن في حديث أنس في قصة الحجاج بن علاط ما يؤيد ذلك‏.‏

وأما قول أبي رافع في قصة بدر ‏"‏ كأن الإسلام دخل علينا أهل البيت ‏"‏ فلا يدل على إسلام العباس حينئذ فإنه كان ممن أسر يوم بدر وفدى نفسه وعقيلا ابن أخيه أبي طالب كما سيأتي، ولأجل أنه لم يهاجر قبل الفتح لم يدخله عمر في أهل الشورى مع معرفته بفضله واستسقائه به، وسيأتي حديث عائشة في إجلال النبي صلى الله عليه وسلم عمه العباس في آخر المغازي في الوفاة النبوية‏.‏

وكنية العباس أبو الفضل، ومات العباس في خلافة عثمان سنة اثنتين وثلاثين وله بضع وثمانون سنة‏.‏

*3*باب مَنَاقِبِ قَرَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَمَنْقَبَةِ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَام بِنْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب مناقب قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم‏)‏ زاد غير أبي ذر في هذا الموضع ‏"‏ ومنقبة فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ وقال النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ‏"‏ وهذا الحديث سيأتي موصولا في باب مفرد ترجمته ‏"‏ منقبة فاطمة ‏"‏ وهو يقتضي أن يكون ما اعتمده أبو ذر أولى‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏ قرابة النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ يريد بذلك من ينسب إلى جده الأقرب وهو عبد المطلب ممن صحب النبي صلى الله عليه وسلم منهم، أو من رآه من ذكر وأنثى، وهم علي وأولاده والحسن والحسين ومحسن وأم كلثوم من فاطمة عليها السلام، وجعفر وأولاده عبد الله وعون ومحمد، ويقال إنه كان لجعفر بن أبي طالب ابن اسمه أحمد، وعقيل بن أبي طالب وولده مسلم بن عقيل، وحمزة بن عبد المطلب وأولاده يعلى وعمارة وأمامة، والعباس بن عبد المطلب وأولاده الذكور عشرة وهم الفضل وعبد الله وقثم وعبيد الله والحارث ومعبد وعبد الرحمن وكثير وعون وتمام، وفيه يقول العباس‏:‏ تمـوا بتمام فصـاروا عشره يا رب فاجعلهم كراما برره ويقال إن لكل منهم رواية، وكان له من الإناث أم حبيب وآمنة وصفية وأكثرهم من لبابة أم الفضل، ومعتب بن أبي لهب، والعباس بن عتبة بن أبي لهب وكان زوج آمنة بنت العباس، وعبد الله بن الزبير بن عبد المطلب وأخته ضباعة وكانت زوج المقداد بن الأسود، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وابنه جعفر، ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب وابناه المغيرة والحارث، ولعبد الله بن الحارث هذا رواية، وكان يلقب ببه بموحدتين الثانية ثقيلة وأميمة وأروى وعاتكة وصفية بنات عبد المطلب أسلمت صفية وصحبت، وفي الباقيات خلاف والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَام أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَطْلُبُ صَدَقَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكٍ وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ يَعْنِي مَالَ اللَّهِ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى الْمَأْكَلِ وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ ثُمَّ قَالَ إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَضِيلَتَكَ وَذَكَرَ قَرَابَتَهُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَقَّهُمْ فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي

الشرح‏:‏

ذكر المصنف حديث عائشة أن فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها الحديث، وقد تقدم بأتم من هذا مع شرحه في كتاب الخمس، ويأتي بقيته في آخر غزوة خيبر، ويأتي هناك بيان ما وقع في هذه الرواية من الاختصار إن شاء الله تعالى، والمراد منه هنا قول أبي بكر ‏"‏ لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي ‏"‏ وهذا قاله على سبيل الاعتذار عن منعه إياها ما طلبته من تركة النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

الحديث‏:‏

أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاقِدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ ارْقُبُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا خالد‏)‏ هو ابن الحارث‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن واقد‏)‏ هو ابن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ارقبوا محمدا في أهل بيته‏)‏ يخاطب بذلك الناس ويوصيهم به، والمراقبة للشيء المحافظة عليه، يقول احفظوه فيهم فلا تؤذوهم ولا تسيئوا إليهم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي

الشرح‏:‏

حديث المسور ‏"‏ فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها أغضبني ‏"‏ وهو طرف من قصة خطبة علي ابنة أبي جهل، وسيأتي مطولا في ترجمة أبي العاص بن الربيع قريبا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ ابْنَتَهُ فِي شَكْوَاهُ الَّذِي قُبِضَ فِيهَا فَسَارَّهَا بِشَيْءٍ فَبَكَتْ ثُمَّ دَعَاهَا فَسَارَّهَا فَضَحِكَتْ قَالَتْ فَسَأَلْتُهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ سَارَّنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ يُقْبَضُ فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَبَكَيْتُ ثُمَّ سَارَّنِي فَأَخْبَرَنِي أَنِّي أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِهِ أَتْبَعُهُ فَضَحِكْتُ

الشرح‏:‏

حديث عائشة ‏"‏ إن النبي صلى الله عليه وسلم سارها بشيء فبكت ‏"‏ الحديث، سيأتي شرحه في الوفاة النبوية آخر المغازي، وهذان الحديثان لم يقعا في رواية أبي ذر وثبتا لغيره، ولم يذكرهما النسفي أيضا، والسبب في ذلك أن حديث المسور يأتي بإسناده ومتنه في مناقب فاطمة، وحديث عائشة مضى بإسناده ومتنه في علامات النبوة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أبيه‏)‏ في رواية أبي نعيم في المستخرج ‏"‏ سمعت أبي‏"‏‏.‏

*3*باب مَنَاقِبِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ حَوَارِيُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُمِّيَ الْحَوَارِيُّونَ لِبَيَاضِ ثِيَابِهِمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب مناقب الزبير بن العوام‏)‏ أي ابن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي، يجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم في قصي، وعدد ما بينهما من الآباء سواء، وأمه صفية بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه وسلم وكان يكنى أبا عبد الله، وروى الحاكم بإسناد صحيح عن عروة قال أسلم الزبير وهو ابن ثمان سين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن عباس‏:‏ هو حواري النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ هو طرف من حديث سيأتي في تفسير براءة من طريق ابن أبي مليكة عن ابن عباس، ولهذا الحديث طرق من أغربها ما أخرجه الزبير بن بكار من مرسل أبي الخير مرثد بن اليزني بلفظ ‏"‏ حواري من الرجال الزبير ومن النساء عائشة ‏"‏ ورجاله موثقون لكنه مرسل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وسمي الحواريون لبياض ثيابهم‏)‏ وصله ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس به وزاد ‏"‏ إنهم كانوا صيادين ‏"‏ وإسناده صحيح إليه‏.‏

وأخرج عن الضحاك أن الحواري هو الغسال بالنبطية، لكنهم يجعلون الحاء هاء‏.‏

وعن قتادة‏:‏ الحواري هو الذي يصلح للخلافة وعنه‏:‏ هو الوزير‏.‏

وعن ابن عيينة‏:‏ هو الناصر، أخرجه الترمذي وغيره عنه‏.‏

وعند الزبير بن بكار من طريق مسلمة بن عبد الله بن عروة مثله‏.‏

وهذه الثلاثة الأخيرة متقاربة‏.‏

وقال الزبير عن محمد بن سلام‏:‏ سألت يونس بن حبيب عن الحواري، قال‏:‏ الخالص‏.‏

وعن ابن الكلبي الحواري الخليل‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَخْبَرَنِي مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ قَالَ أَصَابَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رُعَافٌ شَدِيدٌ سَنَةَ الرُّعَافِ حَتَّى حَبَسَهُ عَنْ الْحَجِّ وَأَوْصَى فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ اسْتَخْلِفْ قَالَ وَقَالُوهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَمَنْ فَسَكَتَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ أَحْسِبُهُ الْحَارِثَ فَقَالَ اسْتَخْلِفْ فَقَالَ عُثْمَانُ وَقَالُوا فَقَالَ نَعَمْ قَالَ وَمَنْ هُوَ فَسَكَتَ قَالَ فَلَعَلَّهُمْ قَالُوا الزُّبَيْرَ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لَخَيْرُهُمْ مَا عَلِمْتُ وَإِنْ كَانَ لَأَحَبَّهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏سنة الرعاف‏)‏ كان ذلك سنة إحدى وثلاثين أشار إلى ذلك عمر بن شبة في ‏"‏ كتاب المدينة ‏"‏ وأفاد أن عثمان كتب العهد بعده لعبد الرحمن بن عوف واستكتم ذلك حمران كاتبه، فوشى حمران بذلك إلى عبد الرحمن، فعاتب عثمان على ذلك، فغضب عثمان على حمران فنفاه من المدينة إلى البصرة، ومات عبد الرحمن بعد ستة أشهر، وكانت وفاته سنه اثنتين وثلاثين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فدخل عليه رجل من قريش‏)‏ لم أقف على اسمه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فدخل عليه رجل آخر أحسبه الحارث‏)‏ أي ابن الحكم وهو أخو مروان راوي الخبر، ووقع منسوبا كذلك في ‏"‏ مشيخة يوسف بن خليل الحافظ ‏"‏ من طريق سويد بن سعيد عن علي بن مسهر بسند حديث الباب، وقد شهد الحارث بن الحكم المذكور حصار عثمان، وعاش بعد ذلك إلى خلافة معاوية‏.‏

وفي ‏"‏ نسب قريش للزبير ‏"‏ أنه تحاكم مع خصم له إلى أبي هريرة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلعلهم قالوا إنه الزبير‏)‏ لم أقف على اسم من قال ذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إنه ما علمت‏)‏ سيأتي ما فيه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إنه كان لخيرهم ما علمت‏)‏ ما مصدرية أي في علمي، ويحتمل أن تكون موصولة وهو خبر مبتدأ محذوف، قال الداودي‏:‏ يحتمل أن يكون المراد الخيرية في شيء مخصوص كحسن الخلق، وإن حمل على ظاهره ففيه ما يبين أن قول ابن عمر ‏"‏ ثم نترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم ‏"‏ لم يرد به جميع الصحابة، فإن بعضهم قد وقع منه تفضيل بعضهم على بعض وهو عثمان في حق الزبير‏.‏

قلت‏:‏ قول ابن عمر قيده بحياة النبي صلى الله عليه وسلم فلا يعارض ما وقع منهم بعد ذلك‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ هُوَ ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا وَإِنَّ حَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏وإن حواري الزبير‏)‏ بتشديد الياء وفتحها كقوله‏:‏ ‏(‏ما أنتم بمصرخي‏)‏ ويجوز كسرها‏.‏

وقد مضى تفسير الحواري، وتقدم سبب هذا الحديث في ‏"‏ باب الطليعة ‏"‏ في أوائل الجهاد‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ كُنْتُ يَوْمَ الْأَحْزَابِ جُعِلْتُ أَنَا وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فِي النِّسَاءِ فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِالزُّبَيْرِ عَلَى فَرَسِهِ يَخْتَلِفُ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَلَمَّا رَجَعْتُ قُلْتُ يَا أَبَتِ رَأَيْتُكَ تَخْتَلِفُ قَالَ أَوَهَلْ رَأَيْتَنِي يَا بُنَيَّ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ يَأْتِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَيَأْتِينِي بِخَبَرِهِمْ فَانْطَلَقْتُ فَلَمَّا رَجَعْتُ جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَوَيْهِ فَقَالَ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏أنبأنا عبد الله‏)‏ هو ابن المبارك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كنت يوم الأحزاب‏)‏ أي لما حاصرت قريش ومن معها المسلمين بالمدينة وحفر الخندق بسبب ذلك، وسيأتي شرح ذلك في المغازي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وعمر بن أبي سلمة‏)‏ أي ابن عبد الأسد ربيب النبي صلى الله عليه وسلم وأمه أم سلمة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏في النساء‏)‏ في رواية علي بن مسهر عن هشام بن عروة عند مسلم ‏"‏ في أطم حسان ‏"‏ وله في رواية أبي أسامة عن هشام ‏"‏ في الأطم الذي فيه النسوة ‏"‏ يعني نسوة النبي صلى الله عليه وسلم، وعنده في رواية علي بن مسهر المذكورة ‏"‏ وكان يطأطئ لي مرة فأنظر، وأطأطئ له مرة فينظر، فكنت أعرف أبي إذا مر على فرسه في السلاح‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يختلف إلى بني قريظة‏)‏ أي يذهب ويجيء‏.‏

وفي رواية أبي أسامة عند الإسماعيلي ‏"‏ مرتين أو ثلاثا‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلما رجعت، قلت‏:‏ يا أبت رأيتك‏)‏ بين مسلم أن في هذه الرواية إدراجا، فإنه ساقه من رواية علي بن مسهر عن هشام إلى قوله ‏"‏ إلى بني قريظة‏.‏

قال هشام‏:‏ وأخبرني عبد الله بن عروة عن عبد الله بن الزبير قال‏:‏ فذكرت ذلك لأبي ‏"‏ إلى آخر الحديث‏.‏

ثم ساقه من طريق أبي أسامة عن هشام قال‏:‏ ‏"‏ فساق الحديث نحوه، ولم يذكر عبد الله بن عروة ولكن أدرج القصة في حديث هشام عن أبيه ‏"‏ انتهى‏.‏

ويؤيده أن النسائي أخرج القصة الأخيرة من طريق عبدة عن هشام عن أخيه عبد الله بن عروة عن عبد الله بن الزبير عن أبيه، والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال أو هل رأيتني يا بني‏؟‏ قلت نعم‏)‏ فيه صحة سماع الصغير، وأنه لا يتوقف على أربع أو خمس، لأن ابن الزبير كان يومئذ ابن سنتين وأشهر أو ثلاث وأشهر بحسب الاختلاف في وقت مولده وفي تاريخ الخندق، فإن قلنا إنه ولد في أول سنة من الهجرة وكانت الخندق سنة خمس فيكون ابن أربع وأشهر، وإن قلنا ولد سنة اثنتين وكانت الخندق سنة أربع فيكون ابن سنتين وأشهر، إن عجلنا إحداهما وأخرنا الأخرى فيكون ابن ثلاث سنين وأشهر، وسأبين الأصح من ذلك في كتاب المغازي إن شاء الله تعالى، وعلى كل حال فقد حفظ من ذلك ما يستغرب حفظ مثله، وقد تقدم البحث في ذلك في ‏"‏ باب متى يصح سماع الصغير ‏"‏ من كتاب العلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أبويه فقال‏:‏ فداك أبي وأمي‏)‏ وسيأتي ما يعارضه في ترجمة سعد قريبا ووجه الجمع بينهما‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا لِلزُّبَيْرِ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ أَلَا تَشُدُّ فَنَشُدَّ مَعَكَ فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ فَضَرَبُوهُ ضَرْبَتَيْنِ عَلَى عَاتِقِهِ بَيْنَهُمَا ضَرْبَةٌ ضُرِبَهَا يَوْمَ بَدْرٍ قَالَ عُرْوَةُ فَكُنْتُ أُدْخِلُ أَصَابِعِي فِي تِلْكَ الضَّرَبَاتِ أَلْعَبُ وَأَنَا صَغِيرٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا علي بن حفص‏)‏ هو المروزي، وقد تقدم ذكره في الجهاد ‏(‏أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أي الذين شهدوا وقعة اليرموك ‏(‏قالوا للزبير‏)‏ لم أقف على تسمية أحد منهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يوم وقعة اليرموك‏)‏ هو بفتح التحتانية وسكون الراء وضم الميم وآخره كاف‏:‏ موضع بالشام، وكانت فيه وقعة في أول خلافة عمر، وكان النصر للمسلمين على الروم، واستشهد من المسلمين جماعة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ألا تشد‏)‏ بضم المعجمة أي على المشركين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إن شددت كذبتم‏)‏ أي تتأخرون عما أقدم عليه فيختلف موعدكم هذا، وأهل الحجاز يطلقون الكذب على ما يذكر على خلاف الواقع‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فضربوه ضربتين على عاتقه بينهما ضربة ضربها يوم بدر‏)‏ كذا في هذه الرواية، وسيأتي في غزوة بدر في المغازي ما يغاير ذلك ويأتي شرحه، ووجه الجمع بين الروايتين هناك إن شاء الله تعالى، وكان قتل الزبير في شهر رجب سنة ست وثلاثين، انصرف من وقعة الجمل تاركا للقتال فقتله عمرو بن جرموز - بضم الجيم والميم بينهما راء ساكنة وآخره زاي - التميمي غيلة، وجاء إلى علي متقربا إليه بذلك فبشره بالنار، أخرجه أحمد والترمذي وغيرهما وصححه الحاكم من طرق بعضها مرفوع‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ تقدم الكلام على تركة الزبير وما وقع فيها من البركة بعده في كتاب الخمس‏.‏

*3*باب ذِكْرِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ

وَقَالَ عُمَرُ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُ رَاضٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏ذكر طلحة بن عبيد الله‏)‏ أي ابن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب، يجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم في مرة بن كعب ومع أبي بكر الصديق في تيم بن مرة، وعدد ما بينهم من الآباء سواء‏.‏

يكنى أبا محمد، وأمه الصعبة بنت الحضرمي أخت العلاء، أسلمت وهاجرت وعاشت بعد أبيها قليلا، وروى الطبراني من حديث ابن عباس قال‏:‏ ‏"‏ أسلمت أم أبي بكر وأم عثمان وأم طلحة وأم عبد الرحمن بن عوف ‏"‏ وقتل طلحة يوم الجمل سنة ست وثلاثين، رمي بسهم، جاء من طرق كثيرة أن مروان بن الحكم رماه فأصاب ركبته فلم يزل ينزف الدم منها حتى مات، وكان يومئذ أول قتيل، واختلف في سنه على أقوال‏:‏ أكثرها أنه خمس وسبعون، وأقلها ثمان وخمسون‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ لَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ تِلْكَ الْأَيَّامِ الَّتِي قَاتَلَ فِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ طَلْحَةَ وَسَعْدٍ عَنْ حَدِيثِهِمَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏معتمر عن أبيه‏)‏ هو سليمان التيمي، وأبو عثمان هو النهدي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏في بعض تلك الأيام‏)‏ يريد يوم أحد، وقوله‏:‏ ‏(‏عن حديثهما‏)‏ يعني أنهما حدثا بذلك، ووقع في فوائد أبي بكر بن المقرئ من وجه آخر عن معتمر بن سليمان عن أبيه ‏"‏ فقلت لأبي عثمان‏:‏ وما علمك بذلك‏؟‏ قال هما أخبراني بذلك‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ الَّتِي وَقَى بِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ شَلَّتْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا خالد‏)‏ هو ابن عبد الله الواسطي، وابن أبي خالد هو إسماعيل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏التي وقى بها‏)‏ أي يوم أحد، وصرح بذلك علي بن مسهر عن إسماعيل عند الإسماعيلي، وعند الطبراني من طريق موسى بن طلحة عن أبيه أنه أصابه في يده سهم، حديث أنس ‏"‏ وقى رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد بعض المشركين أن يضربه ‏"‏ وفي مسند الطيالسي من حديث عائشة عن أبي بكر الصديق قال‏:‏ ‏"‏ ثم أتينا طلحة - يعني يوم أحد - وجدنا به بضعا وسبعين جراحة، وإذا قد قطعت إصبعه ‏"‏ وفي الجهاد لابن المبارك من طريق موسى بن طلحة أن إصبعه التي أصيبت هي التي تلي الإبهام، وجاء عن يعقوب بن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن أبيه قال‏:‏ ‏"‏ أصيبت إصبع طلحة البنصر من اليسرى من مفصلها الأسفل فشلت، ترس بها على النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قد شلت‏)‏ بفتح المعجمة ويجوز ضمها في لغة ذكرها اللحياني‏.‏

وقال ابن درستويه‏:‏ هي خطأ‏.‏

والشلل نقص في الكف وبطلان لعملها، وليس معناه القطع كما زعم بعضهم، زاد الإسماعيلي في روايته من طريق علي بن مسهر وغيره عن إسماعيل ‏"‏ قال قيس‏:‏ كان يقال إن طلحة من حكماء قريش ‏"‏ وروى الحميدي في الفوائد من وجه أخرجه عن قيس بن أبي حازم قال‏:‏ ‏"‏ صحبت طلحة بن عبيد الله فما رأيت رجلا أعطى لجزيل مال عن غير مسألة منه‏"‏‏.‏