فصل: قسمة المهايأة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لباب اللباب في بيان ما تضمنته أبواب الكتاب من الأركان والشروط والموانع والأسباب



.اللواحق:

وينحصر الكلام فيه في أربعة فصول:

.الأول: في انتقال الضمان:

وينتقل الضمان إلى الشفيع بنفس الأخذ، فما حصل فيه من هدم أو عيب فهو منه.

.الثاني: في العهدة والقضاء:

إن عهدة الشفيع على المشتري، وإليه يدفع الثمن كان البائع قبضه أو لا.
قال مالك:
ولو غاب المبتاع قبل أن يدفع الثمن ولم يقبض الدار، فللشفيع أن يدفعه للبائع ويأخذ الدار وعهدته على المبتاع.

.الثالث: في العيب والاستحقاق:

وإذا وقع البيع بمعين فوجد به عيب أو استحق بعد أن شفع بقيمته، فالشفعة ماضية، ويرجع البائع على المبتاع بقيمة الشقص كانت أكثر مما أخذ المبتاع من الشفيع أو أقل، ثم لا تراجع بين المبتاع والشفيع، قاله ابن القاسم، وأشهب، وأصبغ.
وقال عبد الملك: ينتقض ما بين الشفيع والمشتري كما انتقض ما بين البائع وبينه، فإن شاء أخذ بما حصل عند البائع، وإن شاء ترك، فإن كانت قيمة الشقص أكثر أخذ بها إن شاء، وإن كانت أقل رجع الشفيع بما بقي، وقاله سحنون.

.الفصل الرابع: في التنازع:

وإذا قال البائع: بعت بمائتين، وقال المبتاع: بمائة، والشقص قائم، تحالفا وتفاسخا وسقطت الشفعة، فإن نكل البائع أخذه المبتاع بمائة وبها يأخذ الشفيع، وإن نكل المبتاع وحلف البائع أخذ مائتين وبها يأخذ الشفيع عند أصبغ وابن عبد الحكم.
وقال أشهب: بل يأخذه بمائة، وإذا ادعى الشفيع أن الثمن أقل ولم تقم لواحد منهما بينة وأتيا معًا بما يشبه، فالقول قول المشتري مع يمينه إن ادعى الشفيع المعرفة، واختلف إذا اتهمه هل يحلف أو لا؟ قولان، وإن أتيا معًا بما لا يشبه حلفا وردا إلى الوسط مما يشبه فيأخذه أو يترك، فإن حلف أحدهما ونكل الآخر أخذ بما حلف عليه الحالف، وإن أتى المبتاع بما لا يشبه وأتى الشفيع بما يشبه حلف وأخذ بما قال.
قال مالك: إلا أن يكون مثل هذه الملوك يرغب في الدار تجاوره، فيكون القول قول المشتري، يريد إذا أتى بما يشبه أن يزيد فيها.

.كتاب القسمة:

.حقيقتها:

معلومة بالبديهة.

.حكمها:

الجواز بشرط السلامة من إتلاف المالية ومن الربا ومن الجهالة.

.حكمة مشروعيتها:

دفع التشاجر الواقع بين الشركاء.

.أقسامها:

ثلاثة: قسمة قرعة، وقسمة مراضاة، وقسمة مهايأة.

.فقسمة القرعة:

تكون بعد التعديل والتقويم، ولا تكون إلا في غير المكيل والموزون من العقار المتماثل والمتقارب، وكذلك الحيوان والعروض، وألحق ابن الماجشون ذلك بالمكيل والموزون، وهذه القسمة يجبر عليها من أباها، ولا يجوز أن تكون فيها مع إحدى الجهتين زيادة من غير جنسها.
وقال اللخمي في دارين تساوي إحداهما مائة والأخرى تسعين: لا بأس أن يقترعا على أن من صارت إليه التي قيمتها مائة يعطي صاحبه خمسة دنانير؛ لأن هذا مما لابد منه، ولا يتفق في الغالب أن تكون قيمة الدارين سواء. وصفة التقويم أن تقوم النخل كلها، ثم تقسم تلك القيم على السهام، وتقوم بيوت الدار، فيجعل البيت الجديد قسمًا، ومقابله بيتان بقيمته، وتقوم الشاة الواحدة مثلاً بقرة بعشرة ومقابلتها شاتان أو أكثر بقيمتها، وهكذا، وتقسم على أقل السهام، فمن وقع سهمه بموضع ضم إليه بقيمة سهامه مما يليه، فإن بقي لأحدهم كسر من القسمة كان شريكًا به مع من يجاوزه في شجره. وفي المدونة فيمن ترك زوجة وأولادًا أو عصبة لم يسهم للزوجة إلا على أحد الطرفين لا في الوسط، فأي الطرفين خرج لها أخذته، وكان الباقي للولد أو للعصبة، وكذلك إن تعدد الولد أو العصبة، ولا يجمع حظ رجلين، وإن أراد ذلك الباقون إلا في مثل هذا، وحمل القاضي عياض وغيره قوله: ولا يجمع حظ رجلين، على ما إذا كانت الأنصباء متساوية، وكذلك وقع مفسرًا في العتبية عن مالك، قال فيها: وإن كان لقوم الثلث ولآخرين السدس ولآخرين الثمن، فيجمع كل سهم في القرعة، وإن كرهوا، وتأول ابن القاسم عن مالك أنه لا يجمع نصيب اثنين مطلقًا إلا العصبة إذا رضوا بذلك، وعلى الأول أصحاب مالك.
قال أصبغ وعبد الملك ومطرف: وهو قول مالك.
صفة القرعة: أن تكتب أسماء الشركاء وتجعل في بنادق من طين أو شمع وتخلط ثم يرمى بها القاسم في الجهات.

.قسمة المراضاة:

تكون تارة بغير تقويم، وتارة بعد التقويم، وهي جائزة في المتفق والمختلف؛ لأنها بيع من البيوع، ولذلك يحترز فيها من الربا، وفي جوازها بالقرعة قولان لأشهب وابن القاسم، وفي قسمة القرعة قولان، قيل: هي بيع، وهو الصواب، وقيل: تمييز حق.

.قسمة المهايأة:

بالنون وبالياء مع الهمز، وهي جائزة إذا سلمت من الغرر، فإن كانت لزمان معلوم في سكنى الدار الواحدة مثل أن يسكنها هذا شهرًا وهذا شهرًا جاز، وإن كثرت المدة، وكذلك إن أخذ هذا أرضًا يزرعها عامًا وأخذها الآخر يزرعها عامًا إذا كانت مأمونة مما يجوز النقد فيها، وأما العبد والدبة فلا يجوز ذلك فيهما المدة الطويلة، ويجوز المدة اليسيرة.
قال محمد: كالخمسة الأيام فأقل.
وقال مالك في المجموعة: يجوز في الشهر، ابن القاسم، وأكثر منه بقليل، وهذه تسمى المهانأة في الأزمان، والمهانأة في الأعيان، مثل أن يأخذ هذا دارًا يسكنها ويأخذ الآخر دارًا يسكنها، أو يأخذ هذا أرضًا يزرعها ويأخذ الآخر أرضًا يزرعها، أو يأخذ هذا عبدًا يستخدمه، ويأخذ الآخر عبدًا يستخدمه، وظاهر كلام ابن الحاجب أن ذلك جائز غير لازم، ونص ابن القاسم في المجموعة على عدم الجواز في السكنى والزراعة والاغتلال.

.أركانها:

ثلاثة: القاسم، والمقسوم لهم، والمقسوم.

.الأول: القاسم:

من له معرفة، والواحد كاف، ويقبل القاضي قوله إذا كان بتولية، والاثنان أحسن.
قال التونسي: يلي القسمة اثنان فصاعدًا؛ لأن قولهما يجري مجرى الشهادة إن شهدا، وهما قائمان، وإن شهدا بعد عزلهما ردت شهادتهما؛ لأنهما حينئذ يشهدان على فعل أنفسهما.

.الثاني: المقسوم لهم:

هم الشركاء المالكون فلا يقسم لغير المالك كالمحبس عليهم قسمة قرعة ولا مراضاة ولا يمنع أن يقسم بينهم قسمة مهايأة في الأزمان في الدور والأرضين دون الشجر، ويقسم عن السفيه الأب أو الوصي أو القاضي، فإن كان الوصي شريكًا مع اليتيم قدم القاضي من يقاسم عن اليتيم، فإذا قاسمه المقدم رده إليه لينظر فيه. ولو كان معهما أمين فقسم الوصي وجعل سهمه مع سهم اليتيم مشاعًا، فقال ابن أبي زيد: ذلك جائز على المراضاة دون سهم.
وقال غيره: يفسخ، وإن كان سدادًا، ولو كان مع الأصاغر أكابر، فقال في المدونة: أحب إلي أن يدفع إلى القاضي، فإن لم يفعل وقاسم الأكابر على وجه الاجتهاد جاز، وفي قسمة الأصاغر إذا لم يكن معهم كبير ثلاثة: الجواز لسحنون، والمنع هو ظاهر المدونة، قال فيها: ولا يقسم الوصي على الأصاغر حتى يرفع ذلك إلى الإمام فيقسم بينهم إن رآه نظرًا، والكراهة ابتداء فإن وقع مضى، قاله مالك أيضًا، ويقسم الوصي بالقرعة، وفي قسمته عليهم بالمراضاة قولان، وفي قسمة الكافل قولان المنع في المدونة، وروي الجواز، وقاله ابن القاسم في كافل اللقيط.

.الثالث: المقسوم:

والمتملكات أربعة أجناس: العقار، والحيوان، والعروض، والمثليات.

.العقار:

أنواع منها الدور وما كان منها متقاربًا في النفاق والمواضع والتشاح جمع، ولو أبى بعض الشركاء من الجمع وطلب أن يقسم كل صنف وحده، وقال غيره: بل يجمع، فالقول قول من دعا إلى الجمع، وإذا كان فيها ما يقع فيه التشاح لم يجمع، وقسمت كل دار وحدها، ولو كان في الدور الجديد والقديم قسم الجديد بانفراده والقديم بانفراده، فلو اقتسما دارًا علوًا وسفلاً جاز بالتراضي، وفي القرعة قولان، ويقوم سقف السفل مع السفل، وما فسد منه فإصلاحه على صاحب السفل، وما فسد لأجل تصرف أصحاب العلو فإصلاحه عليه، ويقوم سقف السطح مع بيوت صاحب العلو ولا مرفق صاحب السفل في السطح. ابن القاسم: ولصاحب العلو أن يرتفق بساحة صاحب السفل.
قال اللخمي: تلك عادتهم والعادة اليوم أن صاحب السفل يختص بالراحة، وعلى ذلك يقع القسم. ومنها الأرضون.
قال ابن القاسم: لا تجمع حتى تتقارب في الأماكن والنفاق.
وقال أشهب: إن كانت في نمط واحد جمعت، وإن كان بعضها أكرم، وكذلك قال في الدور، ووافقه سحنون فيها وخالفه في الدور، وقال فيها بقول ابن القاسم. ومنها البئر ولا تصح قسمتها ولا المقاواة فيها، وكذلك الماجل إلا أن يكون واسعًا بحيث إذا ضربا بينهما حائطًا صار لكل واحد ما ينتفع به. ومنها الحوانيت فإن كانت في سوق واحد أو في سوقين تتفاوت فيها الأغراض جمعت وإلا فلا، ولا تجمع الديار إليها.
قال اللخمي: وقد يستحب جمعها إلى ديار الغلة إذا قيل أن الغرر في ذلك يسير، قال: ويسأل أهل المعرفة في الفندق والحمام، فإن قالوا: تتفاوت معرفتهما جمعا. ومنها الأبرحة وهي جمع براح بالفتح، وهي الفدادين، فإن كان بعضها قريبًا من بعض وكانت في الكرم سواء جمعت وجعل نصيب كل واحد في موضع.
قال ابن القاسم: ولم يحد لنا مالك في القرب حدًا، وأرى الميل ونحوه قريبًا في البساتين والأرضين، فإن كانت الأبرحة مختلفة وهي متقاربة وكانت في الكرم سواء، وبينهما تباعد كاليوم قسم كل براح على حدته. ومنها الجنان والنخيل والزيتون والكرم وكل واحد منها صنف لا يجمع مع الآخر بالحس. وكذلك الشجر الفاكهة هي أيضًا صنف وإن اختلفت في أنفسها كتفاح ورمان وخوخ وغير ذلك، واختلف إذا تراضوا بالقرعة فأصل ابن القاسم المنع، وأصل أشهب الجواز، ووقع لابن القاسم في رجلين بينهما نخلة وزيتونة لا بأس أن يقسماهما بالتراضي إذا اعتدلتا وإن أبيا لم يجبرا، فإن لم يعتدلا باعاهما أو تقاوماهما فقوله: إذا اعتدلتا يدل على أنه أراد القسمة بالقرعة لأن قسمة التراضي لا يشترط فيها ذلك.
قال بعضهم: هذا منه نزوع إلى قول أشهب، وحمله اللخمي على أنه أجازه للضرورة فيما قل، وقيل: بل أراد قسمة التراضي، وإذا كان في الجنة أشجار من فواكه مختلفة الثمار قسم بالقيمة ولا يجمع ما يسقى بالنضح مع ما يسقى بالعين ولا يقسم البعل مع السقي وإن تقاربت الحوائط ويقسم كل واحد على حدة إلا أن يتراضوا بالجمع.
قال سحنون: وذلك بغير قرعة. ومنها العيون والآبار وقد منع في المدونة من قسم أصلها قال: وإنما يقسم شربها بالقلد.

.الجنس الثاني: الحيوان:

والرقيق كلهم صنف يجمعون في القسم عند ابن القاسم اللخمي.
قال ابن القاسم: الخيل والبراذين صنف يجمعان ولا تجمع البغال إلى الحمير والإبل إن تقاربت ولم يجز سلم بعضها في بعض جمعت وإن تباينت وجاز سلم بعضها في بعض جمعت على أحد قولي ابن القاسم، وإن كان الجيد يحمل القسم وحده وعلى قوله الآخر لا يجوز إلا أن يحمل القسم على كل صنف بانفراده، وعلى قول أشهب لا يجوز بالجبر وإن لم يحمل القسم على الانفراد.

.الثالث: العروض:

ابن شاس يجمع البز كله من ديباج وحرير وثياب كتان وقطن وأفرية وثياب صوف إذا لم يكن في كل قسم ما يحمل القسم وما ذكره هو قول ابن القاسم.
وقال مطرف وابن الماجشون: البز صنوف مختلفة لا يجوز قسمه إلا ما كان صنفًا واحدًا أو متشابهًا وإن عدل بالقيمة إلا أن تكون قسمتهم بالتراضي والبسط والوسائد يجمع بعضها مع بعض إن لم يكن في كل صنف ما يحمل القسم عند ابن القاسم والصوف كله صنف، ويجوز أن يقسم على ظهور الغنم إن جز مكانه أو إلى أيام قريبة يجوز بيعه إليها وما له أخ لا يقتسم إلا بالتراضي كالمصراعين واللؤلؤ إن كان كثيرًا قسم كل صنف بانفراده.

.الجنس الرابع: المثلي:

فمنه الثمار، فإن زايلت الأصول قسمت كيلاً وإن لم يتزايلها وأرادوا قسمتها مع الأصول لم يجز ويقتسمون الأصول ويتركونها حتى تجذ فتقسم كيلاً، فإن اشترط أحدهما ما يصفر في نخلة ويبقى الباقي مشتركًا فيجوز وإن أرادوا قسمتها على رؤوس النخل بعد قسمة الأصول بالخرص بعد الزهو لاحتياجهم جاز، وعلى كل واحد سقى نخله وإن كانت ثمارها لغيره كما لو باعها، قاله ابن القاسم.
وقال سحنون: سقيها على رب الثمرة بخلاف بيعها ولو أرادوا قسمتها وهي بلح فأجازه ابن القاسم إن اختلفت حاجتهم بالبيع والأكل إذا لم يترك مريد الأكل ما صار له حتى يزهر.
وقال سحنون: لا يجوز وإن قلنا بالجواز فجذ أحدهما حظه وأبقى الآخر إلى الزهو انتقض القسم، وكان ما زها وقيمة ما جذ مشتركًا بينهما وهو يوم الجذاذ وإن كانت الثمار مما لا يخرص لم تقسم وإن احتاج إليها أهلها.
قال ابن القاسم: وروى أشهب الجواز إن وجدوا من يحسن ذلك وحل بيعه واختلف حاجتهم إليه.
قال اللخمي: والخلاف في حال فإن جرت عادتهم بالخرص جاز وإلا فلا. ومنه الزرع فإن أرادوا قسمة الأرض أبقوه حتى يحل بيعه وإن أرادوا قسمته وحده لم يقسم إلا كيلاً ولو اقتسماه قبل أن يبدو صلاحه بالتحري على أن يحصداه مكانهما جاز إن كان يقدر على التحري. ومنه البقل وفي جواز قسمته بعد صلاحه قولان لأشهب وابن القاسم.
قال اللخمي: منعه ابن القاسم لعدم من يحسن، وأجاز أشهب إذا تبين الفضل وخرجا عن الخطار. ومنه المطعومات الربوية وغيرها وتقسم بما تباع به من كيل أو وزن وأجاز ابن القاسم القسمة بالتحري في اليسير من اللحم والخبز والبيض وفي قسمة الكثير منه ومن غيره بالتحري أربعة: المنع مطلقًا ربويًا كان أو غير ربوي قاله مالك وهو الصحيح والمنع في الربوي لمالك أيضًا والمنع فيما يكال والجواز فيما يوزن لمحمد.
وقال أشهب: إن كان فيما يجوز فيه التفاضل جاز، ويجوز في كل موزون وما ليس بمطعوم يقسم أيضًا بما يباع به وهل يجوز تحريًا أو لا.
قال مالك: يجوز، قال عنه مطرف وابن الماجشون: يجوز على التعديل والتفصيل، ولا يجوز على الشك في تعديله.
وقال ابن القاسم: لا يتجوز قسمة الحناء والكتم والتبن والنوى والكتان والمسك إلا كيلاً فيما يكال أو وزنًا فيما يوزن إلا أن يقتسماه على معنى التفاضل البين، ثم حيث يقسم كيلاً أو وزنًا فهل يراعى الكيل والوزن المعروفين أو قال ابن رشد: إن كان المكيل والموزون صنفًا واحدًا وهو صبرة واحدة جاز بالمجهول كان مما يجوز فيه التفاضل أو لا وإن كان صبرتين مما لا يجوز كقمح وشعير لم يجز إلا بالمعلوم وإن كان مما يجوز فيه التفاضل من الطعام وغيره فيجوز على الاعتدال والتفاضل البين بالمعلوم إلا أن يكون في صبرة واحدة أو في صبرتين واقتسما كل صبرة وحدها فيجوز أيضًا بالمجهول.

.اللواحق:

تشتمل على أربعة فصول:

.الأول: في الغبن والغلط:

وإذا قام أحدهما بالغبن أما قسمة المراضاة بغير تعديل فحكمها حكم البيع، والمشهور أن البيع لا يقام فيه بغبن، وأما قسمة المراضاة بعد التعديل وقسمة القرعة فيرجع فيهما بالغبن، ويعفى عن اليسير في قسمة المراضاة، واختلف في اليسير في قسمة القرعة كالدينار والدينارين من العدد الكثير، فقال ابن أبي زيد وغيره: هو معفو عنه.
وقال آخرون: تنتقض القسمة، وهو عندهم ظاهر المدونة، وهو قول الليث وابن حبيب. ابن القاسم وإذا ادعى أحدهم الغلط مضى القسم ويحلف المنكر، إلا أن تقوم للمدعي بينة أو يتفاحش الغلط فينتقض القسم ما لم تفت الأملاك بهدم أو بناء أو غير ذلك، فإذا حصل الفوت أخذت الغلط فاقتسموها، فإن فات البعض قسم ما لم يفت مع قيمة ما فات.
قال إسحاق بن إبراهيم: وإنما يقام بالغبن فيما قرب دون ما بعد.

.الفصل الثاني: وجود العيب:

وإذا وجد بأحد القسمين عيب، فإن كان يوجد ما صار إليه أو أكثره رد الجميع وابتداء القسم ما لم يفت نصيب الآخر ببناء أو هدم أو خروج عن اليد فيرد قيمته يوم قبضه فيقسمان تلك القيمة مع المردود وليست حوالة الأسواق في الدور فوتًا، وإن كان المعيب الأقل، فقال أشهب: يرده ويرجع فيما بيد شريكه.
وقال في المدونة: لا يرجع فيما بيد شريكه، وإن لم يفت إذا لم ينتقض القسم، ولكن ينظر، فإن كان المعيب سبع ما بيده رجع على شريكه بقيمة نصف ما أخذ ثمنًا ويقتسمان المعيب.

.الثالث: في الاستحقاق:

وإذا وقع الاستحقاق في تابع لم ينتقض القسم واتبع المستحق كل وارث بقدر ما صار إليه مرجعه، ولا يتبع الملي على المعدم، وإن استحق نصيب أحدهم بعينه، فإن استحق جميعه رجع فيما بيد شريكه كأن الميت لم يترك غيره وإن استحق بعضه فثلاثة، ابن القاسم قال مرة: ينتقض القسم كله إن كان المستحق كثيرًا، وإن كان يسيرًا رجع بقيمته.
وقال مرة: يرجع فيساوي صاحبه فيما بيده بقدر نصف ذلك كان المستحق كثيرًا أو قليلاً.
وقال مرة: ينتقض في الكثير ويرجع في اليسير شريكًا.
تنبيه:
مسائل العيب والاستحقاق وقعت فيها ألفاظ مختلفة وأجوبة مختلفة اضطربت لأجلها مسائل الشيوخ في تحقيق مذهبه، وقد نبه عليها القاضي عياض في تنبيهاته.
قال بعض الشيوخ: والذي يظهر من مذهبه أن مذهبه المعلوم في البيع أن الثلث فأزيد كثير يرد منه البيع وإن القسمة تستوي مع البيع في اليسير الذي لا يردان منه وهو الثلث فما دونه، وفي الجل الذي يرد منه البيع ويفسخ القسمة ويفترقان في النصف والثلث ونحوهما فيرد البيع بذلك ولا تفسخ القسمة باستحقاق النصف أو الثلث، ويكون بذلك شريكًا فيما بيد صاحبه، وكذلك العيب. ابن يونس هذا تحصيل حسن، وليس في الباب ما يخالفه إلا مسألة الدار يأخذ أحدهما ربعها والآخر ثلاثة أرباعها، فيستحق نصف نصيب أحدهما، فإنه قال: يرجع بقيمة ذلك فيما بيد صاحبه، ولو قال: يرجع فيما بيد صاحبه لاستوت المسائل وحسن التأويل، ولم يكن في الكتب تناقض.

.الفصل الرابع: في طروء الدين والوارث والموصى له:

وإذا طرأ دين بعد القسمة يغترق التركة أخذ ذلك من يد الورثة وإن كان لا يغترقها وكلهم حاضر موسر غير ملد أخذ من كل واحد ما ينوبه، وإن كان بعضهم غائبًا أو معسرًا أو ملدًا أخذ دينه من الحاضر الموسر غير الملد ويتبع هو أصحابه وإن كانت التركة عقارًا أو رقيقًا فسخت حتى يوفى الدين علموا بالدين أو لم يعلموا، قاله في المدونة.
وقال أشهب وسحنون: لا يفسخ ويفض الدين على ما بأيديهم بالحصص، وإذا طرأ غريم آخر رجع على الغرماء، ولا يرجع على الموسر بما على المعدم ولا يرجع على الورثة إذا لم يعلموا بدين الطارئ ولا كان موصوفًا بالدين ولو فضل بأيديهم شيء رجع عليهم به ويرجع بما بقي له على الغرماء. وإذا طرأ وارث والتركة عين فيرجع على كل واحد بما ينوبهم، فإن كان فيهم معسرًا أخذ من الموسر منابه فقط، قاله ابن القاسم، وقيل: بل يقاسم الموسر فيما صار إليه ويتبعان المعسر معًا ولو ترك دارًا فاقتسماها ثم طرأ وارث خير في نقض القسم أو يشارك كل واحد فيما صار إليه كما لو اقتسما دارين إذ ليس له غير ذلك. وإذا طرأ موصى له بمعين يحمله الثلث أخذه ممن صار إليه ورجع الوارث على بقية الورثة وإن كانت بغير معين، فقال ابن القاسم: هو كوارث طرأ على الورثة.