فصل: باب الإمامة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: منحة الخالق على البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***


باب الإمامة

وهي صغرى وكبرى فالصغرى اقتداء الغير بالمصلي والكبرى استحقاق تصرف عام كما في السير‏.‏ واعلم أن شرائط القدوة مفصلة‏:‏ الأولى‏:‏ أن لا يتقدم المأموم على إمامه مع اتحاد الجهة، فإن تقدم مع اختلافها كالتحلق حول الكعبة صح‏.‏ الثاني‏:‏ علمه بانتقالات إمامه برؤية أو سماع، فإن كان بينهما حائل يشتبه عليه انتقالاته لم يصح‏.‏ الثالث‏:‏ اتحاد موقفهما، فإن اختلف كما إذا كان بينهما نهر أو طريق لم يصح والمسجد مكان واحد وإن تباعد وفناؤه ملحق به‏.‏ الرابع‏:‏ نية المأموم الاقتداء مقارنة لتكبيرة الافتتاح، فإن تأخرت عنه لم يصح‏.‏ الخامس‏:‏ أن لا يكون حال الإمام أدنى من حال المأموم في الشرائط والأركان، فإن استويا أو كان حال الإمام أعلى صح ويعاد عند قوله وفسد إلخ‏.‏ السادس‏:‏ مشاركة الإمام في الأركان، فإن سبقه المأموم بركن ولم يشاركه إمامه فيه لم يصح ذلك‏.‏ السابع‏:‏ عدم محاذاة امرأة له إن نوى إمامه إمامتها‏.‏ الثامن‏:‏ علمه بحال إمامه من إقامة وسفر فلو اقتدى بإمام لا يعلم أنه مقيم أو مسافر لم تصح‏.‏ التاسع‏:‏ أن يكون بحال يصح له الدخول بنية إمامه فلا يجوز بناء فرض على فرض آخر‏.‏ العاشر‏:‏ صحة صلاة إمامه‏.‏ ا هـ‏.‏ كذا في هامش النسخ المصححة معزوا إلى خط المؤلف في كتابه قلت وبقي شروط الإمامة، وقد عدها الشرنبلالي في نور الإيضاح فقال وشروط الإمامة للرجال الأصحاء ستة أشياء‏:‏ الإسلام والبلوغ والعقل والذكورة والقراءة والسلامة من الأعذار كالرعاف والفأفأة والتمتمة واللثغ وفقد شرط كطهارة وستر عورة ا هـ‏.‏ وقد نظمت شروط القدوة والإمامة الستة عشر بقولي أخي إن ترم إدراك شرط لقدوة فذلك عشر قد أتاك معددا تأخر مؤتم وعلم انتقال من به ائتم مع كون المكانين واحدا وكون إمام ليس دون تبيعه بشرط وأركان ونية الاقتدا مشاركة في كل ركن وعلمه بحال إمام حل أم سار مبعدا وأن لا تحاذيه التي معه اقتدت وصحة ما صلى الإمام من ابتدا كذاك اتحاد الفرض هذا تمامها وست شروط للإمامة في المدى بلوغ وإسلام وعقل ذكورة قراءة مجز وانتفا مانع اقتدا والله تعالى أعلم‏.‏

‏(‏قوله وذكر هو وغيره إلخ‏)‏ قال في النهر وفي المفيد الجماعة واجبة وسنة لوجوبها بالسنة وهذا معنى قول بعضهم تسميتها واجبة وسنة مؤكدة سواء، إلا أن هذا يقتضي الاتفاق على أن تركها بلا عذر يوجب إثما مع أنه قول العراقيين، والخراسانيون على أنه يأثم إذا اعتاد الترك كما في القنية ا هـ‏.‏ وفي شرح المنية للحلبي والأحكام تدل على الوجوب من أن تاركها من غير عذر يعزر وترد شهادته ويأثم الجيران بالسكوت عنه وهذه كلها أحكام الواجب، وقد يوفق بأن ترتيب الوعيد في الحديث وهذه الأحكام مما يستدل به على الوجوب مقيد بالمداومة على الترك كما هو ظاهر قوله عليه السلام‏:‏ «لا يشهدون الصلاة» وفي الحديث الآخر‏:‏ «يصلون في بيوتهم» كما يعطيه ظاهر إسناد المضارع، نحو بنو فلان يأكلون البر أي عادتهم فيكون الواجب الحضور أحيانا والسنة المؤكدة التي تقرب منه المواظبة عليها وحينئذ فلا منافاة بين ما تقدم وبين قوله عليه السلام‏:‏ «صلاة الرجل في الجماعة تفضل على صلاته في بيته أو سوقه سبعا وعشرين ضعفا» ا هـ‏.‏

‏(‏قوله إذا تركها استخفافا‏)‏ أي تهاونا وتكاسلا وليس المراد حقيقة الاستخفاف الذي هو الاحتقار فإنه كفر

‏(‏قوله حتى لو صلى في بيته بزوجته إلخ‏)‏ سيأتي خلافه عن الحلواني من أنه لا ينال الثواب ويكون بدعة ومكروها لكن قال في القنية اختلف العلماء في إقامتها في البيت والأصح أنها كإقامتها في المسجد إلا في الفضلية وهو ظاهر مذهب الشافعي رحمه الله تعالى‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت ويظهر لي أن ما سيأتي عن الحلواني مبني على ما مر عنه في الأذان من وجوب الإجابة بالقدم وتقدم أن الظاهر خلافه فلذا صححوا خلاف ما قاله هنا أيضا‏.‏

‏(‏قوله الاقتداء في الوتر خارج رمضان يكره‏)‏ قال الرملي سيأتي الكلام عليه في الحاشية عند قوله ويوتر بجماعة في رمضان فقط وإن الكراهة كراهة تنزيه

‏(‏قوله أما إذا صلوا بجماعة إلخ‏)‏ لا محل لهذه الجملة هنا، وإنما محلها فيما بعد عند ذكر حكم تكرارها

‏(‏قوله ومنها حكم تكرارها في مسجد واحد إلخ‏)‏ قال قاضي خان في شرح الجامع الصغير رجل دخل مسجدا قد صلى فيه أهله فإنه يصلي بغير أذان وإقامة لأن في تكرار الجماعة تقليلها، وقال الشافعي لا بأس بذلك لأن أداء الصلاة بالجماعة حق المسلمين والآخرون فيها كالأولين والصحيح ما قلنا وهكذا روي عن أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنهم إذا فاتتهم الجماعة صلوا وحدانا وعن أبي يوسف رحمه الله أنه قال إنما يكره تكرار الجماعة إذا كثر القوم أما إذا صلوا وحدانا في ناحية المسجد لا يكره وهذا إذا كان صلى فيه أهله فإن صلى فيه قوم من الغرباء بالجماعة فلأهل المسجد أن يصلوا بعدهم بجماعة بأذان وإقامة لأن إقامة الجماعة في هذا المسجد حقهم، ولهذا كان لهم نصب المؤذن وغير ذلك فلا يبطل حقهم بإقامة غيرهم وهذا إذا لم يكن المسجد على قارعة الطريق، فإن كان كذلك فلا بأس بتكرار الجماعة فيه بأذان وإقامة لأنه ليس له أهل معلوم فكانت حرمته أخف، ولهذا لا يقام فيه باعتكاف الواجب فكان بمنزلة الرباط في المفاوز وهناك تعاد مرة بعد أخرى فهذا كذلك ا هـ‏.‏ بحروفه ومثله في الحقائق وقدمنا نحوه في الأذان عن الكافي والمفتاح وذكر مثله المؤلف عن السراج، أقول‏:‏ ومفاد هذه النقول كراهة التكرار مطلقا أي ولو بدون أذان وإقامة وأن معنى قول قاضي خان المار يصلي بغير أذان وإقامة أنه يصلي منفردا لا بالجماعة بدليل التعليل والاستدلال بالمروي عن الصحابة، ويؤيده قوله في الظهيرية وظاهر الرواية أنهم يصلون وحدانا ا هـ وحينئذ يشكل ما نقله الرملي عن رسالة العلامة السندي عن الملتقط وشرح المجمع وشرح درر البحار والعباب من أنه يجوز تكرار الجماعة بلا أذان ولا إقامة ثانية اتفاقا‏.‏ قال وفي بعضها إجماعا ثم ذكر أن ما يفعله أهل الحرمين مكروه اتفاقا وأنه نقل عن بعض مشايخنا إنكاره صريحا حين حضر الموسم بمكة سنة إحدى وخمسين وخمسمائة منهم الشريف الغزنوي وأنه أفتى الإمام أبو قاسم الجان المالكي سنة خمسين وخمسمائة بمنع الصلاة بأئمة متعددة وجماعات مترتبة وعدم جوازها على مذهب العلماء الأربعة، ورد على من قال بخلافه ونقل إنكار ذلك عن جماعة من الحنفية والشافعية والمالكية حضروا الموسم سنة إحدى وخمسين وخمسمائة ا هـ‏.‏

‏(‏قوله وتسقط بعذر البرد الشديد إلخ‏)‏ أقول‏:‏ قد أوصلها في متن التنوير وشرحه الدر المختار إلى عشرين، وقد نظمتها بقولي خذ عد أعذارا لترك جماعة عشرين نظما قد أتى مثل الدرر مرض وإقعاد عمى وزمانة مطر وطين ثم برد قد أضر قطع لرجل مع يد أو دونها فلج وعجز الشيخ قصد للسفر خوف على مال كذا من ظالم أو دائن وشهي أكل قد حضر والريح ليلا ظلمة تمريض ذي ألم مدافعة لبول أو قذر ثم اشتغال لا بغير الفقه في بعض من الأوقات عذر معتبر‏.‏

‏(‏قوله لحديث الصحيحين‏)‏ أي صحيح البخاري ومسلم وهو مخالف لما في تخريج أحاديث الهداية للحافظ ابن حجر فإنه لم يعزه إلا لمسلم والأربعة، وكذا في فتح القدير قال أخرجه الجماعة إلا البخاري واللفظ لمسلم

‏(‏قوله وأجاب عنه في الهداية إلخ‏)‏ قال في فتح القدير نظر فيه برواية الحاكم عوض فأعلمهم بالسنة فأفقههم فقها وإن كانوا في الفقه سواء فأكبرهم سنا ولو صح فإنما مفاده أن الأقرأ أعلم بأحكام الكتاب فصار الحاصل يؤم القوم أقرؤهم أي أعلمهم بالقراءة وأحكام الكتاب فإنهما متلازمان على ما ادعى وإن كانوا في القراءة والعلم بأحكام الكتاب سواء فأعلمهم بالسنة، وهذا أولا يقتضي في رجلين أحدهما متبحر في مسائل الصلاة والآخر متبحر في القراءة وسائر العلوم ومنها أحكام الكتاب أن التقدمة للثاني لكن المصرح في الفروع عكسه بعد إحسان القدر المسنون، والتعليل الذي ذكره المصنف يفيده حيث قال لأن العلم يحتاج في سائر الأركان والقراءة لركن واحد، وثانيا يكون النص ساكتا عن الحال بين من انفرد بالعلم عن الأقرئية بعد إحسان المسنون ومن انفرد بالأقرئية عن العلم لا كما ظن المصنف فإنه لم يقدم الأعلم مطلقا في الحديث على ذلك التقدير بل من اجتمع فيه الأقرئية والأعلمية اللهم إلا أن يدعي أنه أراد بلفظ الأقرأ الأعلم فقط أي الذي ليس بأقرأ مجازا فيكون خلاف الظاهر بل الظاهر أنه أراد الأقرأ غير أن الأقرأ يكون أعلم باتفاق الحال إذ ذاك، فأما المنفرد بالأقرئية والمنفرد بالأعلمية فلم يتناولهما النص فلا يجوز الاستدلال به على الحال بينهما كما فعل المصنف

‏(‏قوله ولم أره منقولا‏)‏ قال في النهر أقول‏:‏ ذكر في الدراية معزيا إلى المبسوط الأعلم أولى إذا قدر على القراءة قدر ما يحتاج إليه، وهذا كما ترى صريح في اشتراط كونه حافظا لمقدار الواجب أيضا لظهور أنه يحتاج إليه في تكميل صلاته بل حفظ المسنون يحتاج إليه أيضا ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ باعترافه أن المسنون يحتاج إليه أيضا خرج عما الكلام فيه ورجع إلى ما نقله المؤلف عن الشارح وغيره

‏(‏قوله فأكبرهم رأسا وأصغرهم عضوا‏)‏ لينظر ما المراد بالعضو، وقد قيل في تفسيره بما لا ينبغي أن يذكر

‏(‏قوله لأن للمعير أن يرجع إلخ‏)‏ قال في النهر هذا لا أثر له يظهر وسيأتي أن العارية تمليك المنافع كالإجارة لكن بلا عوض بخلافها وإذا رجع خرج عن موضوع المسألة‏.‏

‏(‏قوله وعلى قياس هذا إلخ‏)‏ وقوله وينبغي أن يكون كذلك في العبد إلخ قال في النهر أقول‏:‏ هذا مبني على أن علة الكراهة غلبة الجهل فيهم قال في الهداية ولأن في تقديم هؤلاء تنفير الجماعة‏.‏ قال في الفتح وحاصل كلامه الكراهة فيمن سوى الفاسق للتنفير والجهل ظاهر وفي الفاسق أولى لظهور تساهله في الطهارة ونحوها‏.‏ ا هـ‏.‏ والظاهر أنهما علتان ومقتضى الثانية ثبوت الكراهة مع انتفاء الجهل لكن ورد في الأعمى نص خاص وهذا هو المناسب لإطلاقهم واقتصارهم على استثناء الأعمى‏.‏

‏(‏قوله فالحاصل أنه يكره إلخ‏)‏ قال الرملي ذكر الحلبي في شرح منية المصلي أن كراهة تقديم الفاسق والمبتدع كراهة التحريم، وأما العبد والأعرابي وولد الزنا والأعمى فالكراهة فيهم دون الكراهة فيهما ولا يخفى أن ما هنا أوجه لما تقدم من الدليل تأمل‏.‏

‏(‏قوله الغالي‏)‏ الذي في الفتح الغالية

‏(‏قوله محمله على أن ذلك المعتقد نفسه كفر إلخ‏)‏ قال الحلبي وعلى هذا يجب أن يحمل المنقول على ما عدا غلاة الروافض ومن ضاهاهم فإن أمثالهم لا يحصل منهم بذل وسع في الاجتهاد فإن من يقول بأن عليا هو الإله أو بأن جبريل عليه السلام غلط ونحو ذلك من السخف إنما هو مبتدع بمحض الهوى وهو أسوأ حالا ممن قال‏:‏ ‏{‏ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى‏}‏ فلا يتأتى من مثل الإمامين العظيمين أن لا يحكما بأنهم من أكفر الكفرة، وإنما كلامهما في مثل من له شبهة فيما ذهب إليه وإن كان ما ذهب إليه عند التحقيق في حد ذاته كفرا كمنكر الرؤية وعذاب القبر ونحو ذلك مما علم في الكلام وكمنكر خلافة الشيخين والساب لهما فإن فيه إنكار الإجماع القطعي إلا أنهم ينكرون حجية الإجماع باتهامهم الصحابة فكان لهم شبهة في الجملة وإن كانت ظاهرة البطلان بالنظر إلى الدليل فبسبب تلك الشبهة التي أدى إليها اجتهادهم لم يحكم بكفرهم مع أن معتقدهم كفر احتياطا بخلاف مثل من ذكرنا من الغلاة فتأمل ا هـ‏.‏

‏(‏قوله لأن تعليله في الخلاصة إلخ‏)‏ قال في النهر كيف يرده مع إمكان حمل كافر على معنى قائل بما هو كفر ولا ينكر أنه صرف اللفظ عن خلاف ظاهره

‏(‏قوله فدل ذلك على أن هذه الفروع إلخ‏)‏ قال في النهر هذه المقالة ردها البزازي في الفتاوى بما يطول ذكره فراجعه‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ونص كلامه في باب الردة ويحكى عن بعض من لا سلف له أنه كان يقول ما ذكر في الفتاوى أنه يكفر بكذا، وكذا فذلك للتخويف والتهويل لا لحقيقة الكفر وهذا كلام باطل وحاشا أن يلعب أمناء الله تعالى أعني علماء الأحكام بالحرام والحلال والكفر والإسلام بل لا يقولون إلا الحق الثابت عن سيد الأنام عليه الصلاة والسلام وما أدى إليه اجتهاد الإمام من نص القرآن أنزله الملك العلام أو شرعه سيد الرسل العظام أو قاله الصحب الكرام والذي حررته هو مختار مشايخي الشافين لداء النغام بوأهم الله تعالى بفضله دار السلام وكل من يأتي بعدهم من علماء الدهر والأيام ما بقي دين الإسلام ا هـ‏.‏ حرر العلامة نوح أفندي أن مراد الإمام بما نقل عنه ما ذكره في الفقه الأكبر من عدم التكفير بالذنب الذي هو مذهب أهل السنة والجماعة تأمل‏.‏

‏(‏قوله فالاقتداء به صحيح على الأصح ويكره‏)‏ أقول‏:‏ عبارة المجتبى هكذا، وأما الصلاة خلف الشافعية فمن كان منهم يميل عن القبلة أو لم يتوضأ بالخارج النجس من غير السبيلين أو لم يغسل المني الذي أكثر من قدر الدرهم لا يجوز على الأصح وإلا فيجوز وقيل لكنه يكره انتهت فتأمل‏.‏

‏(‏قوله واستثنى المحقق إلخ‏)‏ اعترضه صاحب النهر والرملي بأنه لا حاجة إليه بعد كون المراد بالتطويل ما زاد على القدر المسنون

‏(‏قوله كراهة تحريم‏)‏ جزم به في النهر، وقال وإطلاق المصنف الكراهة على ما يعم التحريم والتنزيه فيه مؤاخذة ظاهرة

‏(‏قوله رضوا بالتطويل أو لا‏)‏ القول بالكراهة لا سيما التحريمية محل توقف وكيف يقال بالإطلاق والحكم مشار في الحديث إلى تعليله بما يستنبط منه خلاف ذلك فليتأمل كذا في شرح الشيخ إسماعيل‏.‏

‏(‏قوله فيكره كالعراة‏)‏ أي فتكره جماعتهن كجماعة العراة

‏(‏قوله لأنها فريضة‏)‏ أي لأن جماعتهن فريضة بدليل قوله لفعل الفرض، وأطلق الفرض على الواجب لقوله فوجب الأول أو هو على ظاهره، ووجب بمعنى ثبت ولزم لما دار الأمر بين المحذورين ثبت وتعين الأول وهو جماعتهن هذا ولا يخفى ما في تسمية جماعتهن بالفرض من البعد، وكذا بالواجب لما سيصرح به المؤلف في الجنائز من أن الجماعة فيها غير واجبة

‏(‏قوله وفي معراج الدراية والتشبيه إلخ‏)‏ فيه إشعار بأن وقوفه وسطهم واجب كالنساء لأنه شبه صلاتهم وقيام إمامهم بالنساء، وقد علل قبله كراهة جماعتهن بقوله ولأن جماعتهن لا تخلو عن ارتكاب محرم لأن في التقدم زيادة كشف وفي التوسط ترك المقام وكل ذلك حرام وصدر عبارته يدل على هذا حيث قال قوله كالعراة فإنهم أمروا بترك الجماعة ليتباعد بعضهم عن بعض فلا يقع بصر بعضهم على عورة البعض لأن الستر يحصل به ولكن الأولى لإمامهم إذا أمهم أن يقوم وسطهم وإن تقدمهم جاز وحالهم في هذا الموضع كحال النساء كذا في المبسوطين، وقال الحسن البصري رحمه الله تعالى يصلون بالجماعة لأنهم يتوصلون إلى إقامتها من غير ارتكاب مكروه بأن يقدموا إمامهم ويغضوا أبصارهم قلنا غض البصر مكروه حالة الاختيار كقيام الإمام وسط الصف فصح أنهم لا يتوصلون إلى إقامتها بدون ارتكاب أمر مكروه والجماعة سنة فترك السنة أولى من ارتكاب المكروه فعلم بهذا كله أن التشبيه إلخ فظهر أن قوله بل في أفضلية الإفراد إلخ ليس المراد أنه جائز والإفراد والقيام أفضل بل المراد بالأفضلية الوجوب، وكذا قول المبسوطين أولى لقولهما‏:‏ وحالهم في هذا الموضع كحال النساء تأمل‏.‏ وفي النهر وفي كلام المصنف إيماء إلى كراهة جماعة العراة أيضا كراهة تحريم لاتحاد اللازم وهو إما ترك واجب التقدم أو زيادة الكشف كذا في الفتح لكن في السراج الأولى أن يصلوا وحدانا وفي الخلاصة الأولى لإمام العراة أن يقف وسطهم، ومقتضى ما في الفتح أن يكون تحريما بالأولى وهو أولى ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ يمكن أن يكون المراد بالأولى في كلام السراج والخلاصة كما هو المراد من كلام المبسوطين تأمل‏.‏

‏(‏قوله وإطلاق المحرم على من ذكر تغليب إلخ‏)‏ قال في النهر ذكر بعض المتأخرين أن الزوج محرم مستندا لما في الذخيرة والمحرم الزوج ومن لا يجوز مناكحتها على التأبيد وسيأتي تحقيقه في الحج إن شاء الله تعالى‏.‏

‏(‏قوله فإنه يجوز ويكره‏)‏ ظاهره أن الكراهة في توسطه الصف تنزيهية ويشير إليه قوله أولى فينبغي والذي في النهر أن الكراهة تحريمية قال لترك الواجب دل على ذلك قوله في الهداية في وجه كراهة إمامة النساء لأنها لا تخلو عن ارتكاب محرم وهو قيام الإمام وسط الصف

‏(‏قوله والزائد خلفه‏)‏ هو الذي في النقاية وقوله لشمول الزائد إلخ تعليل للأولوية وأجاب في النهر بأنه قد علم من كلام المصنف تقدمه على ما زاد بالأولى ا هـ‏.‏ وهو الظاهر

‏(‏قوله بعد أن يكون محاذيا بقدمه أو متأخرا قليلا‏)‏ أقول‏:‏ أفرد القدم فأفاد أن المحاذاة تعتبر بواحدة ولم أره صريحا والظاهر أنه لو كان معتمدا على قدم واحدة فالعبرة لها ولو اعتمد على القدمين، فإن كانت إحداهما محاذية والأخرى متأخرة فلا كلام في الصحة، وأما لو كانت الأخرى متقدمة فهل يصح نظرا للمحاذية أو لا نظرا للمتقدمة ‏؟‏ محل نظر، وقد رأيت فيه في كتب الشافعية اختلاف ترجيح‏.‏

‏(‏قوله ليلني إلخ‏)‏ قال الرملي يجوز إثبات الياء مع فتحها وتشديد النون، وحذف الياء مع كسر اللام وتخفيف النون وانظر لما كتبنا في حاشيتنا على العيني‏.‏

‏(‏قوله والقيام في الصف الأول أفضل من الثاني إلخ‏)‏ قال في النهر‏.‏ واعلم أن الشافعية ذكروا أن الإيثار بالقرب مكروه كما لو كان في الأول فلما أقيمت آثر غيره وقواعدنا لا تأباه لما قد علمت ا هـ‏.‏ قلت ذكر المؤلف هذه القاعدة في كتابه الأشباه والنظائر، وقال لم أرها الآن لأصحابنا ونقل فروعا عن الشافعية قال ثم رأيت في الهبة من منية المفتي فقير محتاج معه دراهم فأراد أن يؤثر الفقراء على نفسه إن علم أنه يصبر على الشدة فالإيثار أفضل وإلا فالإنفاق على نفسه أفضل ا هـ‏.‏ وفي حاشيتها للسيد الحموي عن المضمرات نقلا عن النصاب وإن سبق أحد بالدخول إلى المسجد مكانه في الصف الأول فدخل رجل أكبر منه سنا أو أهل علم ينبغي أن يتأخر ويقدمه تعظيما له ا هـ‏.‏ قال فهذا مفيد لجواز الإيثار في القرب عملا بعموم قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة‏}‏ إلا إذا قام دليل تخصيص‏.‏

‏(‏قوله والحنفية يذكرونه مرفوعا إلخ‏)‏ قال البلباني في شرح تلخيص الجامع ذكر هذا الحديث في جامع الأصول وعزاه إلى كتاب رزين بن معاوية العبدري الذي جمع فيه بين الكتب الستة، وإنما عزاه ابن الأثير إليه وإن كان له فيه سند بالإجازة لأنه أشار في كتابه إلى أنه لم يجده في أصوله التي سمعها، وهذا الحديث مشهور مذكور في عامة كتب أصحابنا المصنفة في شرح الجامع الكبير وذكره إلكيا الهراسي في بعض ما تفرد به الإمام أحمد والموفق بن قدامة في المغني وهو وإن كان منقطعا عند أهل الحديث إلا أن استدلال عامة الفحول من علمائنا والعدول من أصحابنا وفقهائنا مع توفر دواعي المخالفين على رد مثله يرفع وهم من يتوهم ضعفه كيف وإطلاقهم القول بشهرته ظاهر في الدلالة على ثبوته في نفس الأمر وإن انقطع بعد ذلك طريق سنده كما في مستند الإجماع من النصوص ا هـ‏.‏

‏(‏قوله وهو قاصر‏)‏ أي اعتبار الساق والكعب أو القدم وفي النهر أقول‏:‏ لا نسلم أنه قاصر لأن من خلفها إنما تفسد صلاته إذا كان محاذيا لها كما قيد به الشارح وذكره في السراج أيضا وصرح به الحاكم الشهيد في كافيه يعني بالساق والكعب‏.‏ نعم هذا التخصيص يحتاج إلى دليل ومقتضى دليلهم الإطلاق ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وحاصله أن المحاذاة تتحقق فيمن خلفها أيضا بأن يكون في الصف الثاني مسامتا لها بالساق والكعب أي غير منحرف عن يمنة أو يسرة فلو كان خلفها لكنه منحرف يمنة أو يسرة لم يكن محاذيا لها بالساق والكعب فلا تفسد صلاته في الأصح لوجود الفرجة بذلك الانحراف وهذا المعنى سيذكره المؤلف توفيقا بين كلامهم كما سننبه عليه

‏(‏قوله وفي الخانية والظهيرية إلخ‏)‏ هذا مبني على أن المراد بالمحاذاة القدم فقط كما هو مصرح به في آخر العبارة وما ذكره بعده عن قاضي خان محمول عليه أيضا قال في السراج عن النهاية نص في فتاوى قاضي خان أن المراد بقوله أن يحاذي عضوا منها هو قدمها لا غيرها فإن محاذاة غير قدمها لشيء من الرجل لا يسبب فساد صلاته ا هـ‏.‏ لكنه لا يناسبه التفريع عليه بقوله حتى لو كانت إلخ بل الظاهر أنه مبني على القول الآخر وهو الفساد بمحاذاة أي عضو منها لا بقيد كونه الساق والكعب يدل عليه قوله في المعراج شرطنا المحاذاة مطلقا ليتناول كل الأعضاء وبعضها فإنه ذكر أبو علي النسفي المحاذاة أن يحاذي عضوا منها عضو منه حتى لو كانت المرأة على الظلة ورجل بحذائها أسفل منها إن كان يحاذي الرجل شيء منها تفسد صلاة الرجل ا هـ‏.‏ لكن قال في النهاية بعد نقله ذلك، وإنما عين هذه الصورة لتكون قدم المرأة محاذية للرجل لأن المراد بقوله أن يحاذي عضوا منها هو قدم المرأة لا غيرها فإن محاذاة غير قدمها الشيء من الرجل لا يوجب فساد صلاة الرجل نص على هذا في فتاوى الإمام قاضي خان في أواسط فصل من يصح الاقتداء به ومن لا يصح وقال المرأة إذا صلت مع زوجها في البيت إلخ فهذا صريح في أن إطلاق العضو غير مراد خلافا لما فهمه المؤلف ونقل في السراج كلام النهاية وأقره وبه علم أن ما نقله المؤلف ثانيا عن قاضي خان أيضا من قوله وحد المحاذاة إلخ محمول على هذا أيضا بدليل الصورة التي ذكرها فإن تعيين هذه الصورة دليل على أن المراد بعضو المرأة القدم لا غير كما قاله صاحب النهاية والله أعلم‏.‏

‏(‏قوله لأن العبرة للقدم‏)‏ أي وهي هنا غير محاذية بسبب تأخر قدمها عنه أما لو وقفت إلى جنبه محاذية له فسدت صلاته ما لم تكن بينهما فرجة أو حائل

‏(‏قوله فحينئذ لا تمكن المشاركة في الأداء بدون المشاركة في التحريمة‏)‏ حاصله أن بينهما العموم والخصوص المطلق، والمشاركة في التحريمة أعم لانفرادها في المسبوقين وعدم انفراد المشاركة في الأداء بناء على ما فسروها به من أن يكون لهما إمام فيما يؤديانه إما حقيقة كالمقتديين وإما حكما كاللاحقين وفيه نظر؛ لأن الإمام إذا سبقه الحدث فاستخلف آخر فاقتدى واحد بالخليفة فالشركة في الأداء ثابتة بين الذي اقتدى بالخليفة وبين الإمام الأول وكل من اقتدى به باعتبار أن لهم إماما فيما يؤدونه وهو الخليفة ولا شركة بينهم في التحريمة؛ لأن المقتدي بالخليفة بنى تحريمته على تحريمة الخليفة، والإمام الأول ومن اقتدى به لم يبنوا تحريمتهم على تحريمة الخليفة فلم توجد بينهم الشركة تحريمة ومع ذلك لو كانت المرأة من إحدى الطائفتين فحاذت الطائفة الأخرى تفسد باعتبار الشركة في الأداء لا التحريمة، وقد يقال الشركة فيها أيضا ثابتة تقديرا فلم تنفرد المشاركة أداء وعلى هذا يثبت أنه لا تمكن المشاركة في الأداء بدون المشاركة في التحريمة وكان مقتضاه أن لا يذكروا الثانية ولكن لما كان ذلك بطريق اللزوم ولم يكتفوا به في مقام تعليم الأحكام فكان التصريح أولى تقريبا على الأفهام وهذا ما أشار إليه المؤلف بقوله فلهذا ذكروا إلخ فافهم تغنم والله سبحانه وتعالى أعلم‏.‏

‏(‏قوله قلنا نعم لكن إلخ‏)‏ حاصل الجواب أنه تصريح بما علم التزاما والفرق بين التنصيص على الشيء وبين كونه لازما لشيء ظاهر، وما وقع هنا في النهر من الاعتراض بأن هذا الجواب لا يجدي نفعا غير ظاهر ثم ذكر بعده كلاما متناقضا حذفه أولى مع أنه رجع آخرا إلى ما اعترض عليه فراجعه متأملا‏.‏ وأجاب ابن كمال باشا كما في الشرنبلالية بأنهم أفردوا كلا بالذكر تفصيلا لمحل الخلاف عن محل الوفاق كما هو دأبهم وذلك أن الاشتراك تحريمة شرط اتفاقا والاشتراك أداء شرط على الأصح ذكره في شرح التلخيص ا هـ‏.‏

‏(‏قوله ولهذا اختار المحقق إلخ‏)‏ قال في النهر ولم يقيد الفوات بالنوم أو الزحمة كما وقع لبعضهم؛ لأنه لا يتقيد به لما أن الطائفة الأولى في صلاة الخوف لاحقون ومن ثم قال بعضهم لعذر إلا أنه يرد عليه ما في الخلاصة لو سبق إمامه في الركوع والسجود قضى ركعة بلا قراءة إلا أن يقال إنه يلحق به أيضا‏.‏

‏(‏قوله لكن يرد عليه المقيم إلخ‏)‏ ظاهره أنه لا يرد على تعريفهم وليس كذلك كما لا يخفى

‏(‏قوله وهذا بناء على أن اللاحق المسبوق إلخ‏)‏ قال في النهر وينبغي أنه إن نوى قضاء ما سبق به أولا أن ينعكس حكم المسألة وهذا أحد المواضع التي خالف فيها اللاحق المسبوق ومنها لو نسي القعدة الأولى أتى بها المسبوق لا اللاحق ومنها لو ضحك الإمام أو أحدث عمدا في موضع السلام فسدت صلاة المسبوق وفي اللاحق روايتان والأصح عدم الفساد ومنها لو قال الإمام بعد فراغه من الفجر كنت محدثا في العشاء فسدت صلاة المسبوق وفي اللاحق روايتان، ومنها لو علم بعد الفراغ مخالفة تحريمتهما لتحريمة الإمام فسدت صلاة المسبوق وفي اللاحق روايتان، وكذا لو خرج وقت الجمعة، ومنها لو تذكر المسبوق فائتة عليه فسدت صلاته وفي اللاحق روايتان، وكذا لو كانا متيممين فرأيا ماء أو انقضت مدة مسحهما فسدت صلاتهما اتفاقا، وكذا لو خرج الفجر أو العيد، ومنها لو طلعت الشمس في الفجر فسدت في المسبوق لا في اللاحق على الأصح، ومنها لو تحول رأيه بعد فراغ الإمام فسدت في اللاحق وبنى المسبوق، ومنها لو تذكر الإمام فائتة بعد فراغه لا تفسد صلاة المسبوق وإلا ظهر في صلاة اللاحق الفساد كما في القنية

‏(‏قوله ويشكل عليه ما اتفقوا إلخ‏)‏ أصل الإشكال مأخوذ من الفتح؛ لأنه قال بعد نقله عبارة الدراية السابقة ولا يبعد النظر في صحة هذا القيل إذ مقتضاه أن لا يفسد صف النساء على الصف الذي خلفه من الرجال ا هـ‏.‏ قال في النهر بعده أقول‏:‏ لو حمل الفساد في الصف على ما إذا كان الرجال بحذائهن لاستقام، وقد قيد الشارح فساد من خلف الاثنتين بما إذا كان بحذائهما ولا فرق يظهر فتدبره أي لا فرق بين الاثنتين وبين الصف في التقييد بالمحاذاة وهذا ميل إلى ما جمع به أخوه المؤلف بقوله الآتي فتعين إلخ

‏(‏قوله قدر قامة الرجل‏)‏ قد فسر الفرجة فيما مر بأن تكون قدر ما يقوم به الرجل وهذا القدر أقل من قدر قامته، فإن أراد بقدر القامة ما مر يكون تساهل بالتعبير وإلا فيحتاج إلى ثبت ونقل أن المراد بالفرجة ذلك مع أنه مخالف لما نقله عنهم والظاهر أن قامة محرفة من مقام فإنه في الفتح عبر به حيث قال والفرجة تقوم مقام الحائل وأدناها قدر مقام الرجل

‏(‏قوله فتعين أن يحمل إلخ‏)‏ يؤيد هذا الحمل قول معراج الدراية المار في تقييد عدم الفساد إذا قامت أمامه وبينهما هذه الفرجة فأشار بهذه إلى الفرجة السابقة وهي ما تسع الرجل واعترضه بعض الفضلاء فقال الحق أن تقدمها على من خلفها بإزائها مفسد كيفما كان وحيث اتفقوا على نقله عن أصحابنا كما قدمه عن غاية البيان فلا يعارضه ما عن معراج الدراية والبقالي؛ لأنه محكي بقيل، وما عينه وإن صح في المرأة بأن يكون من خلفها قريبا منها بحيث لا يكون بينه وبينها قدر ما يسع الرجل، وكذا المرأتان لكنه لا يصح في الثلاث حيث صرحوا ببطلان ثلاثة ثلاثة إلى آخر الصفوف فإن من في الصف الثاني ومن بعده بينه وبينهن حائل ومع ذلك حكموا ببطلان صلاته وقوله فقد شرط إلخ ممنوع فإن المحاذاة صادقة بالقرب والبعد ولو كانت المحاذاة مستلزمة لعدم الفرجة لم يكن للتقييد بقولهم ولا حائل بينهما أو فرجة تسع رجلا بعد قولهم وإن حاذته معنى ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ قول هذا المعترض لكنه لا يصح في الثلاث إلخ يؤخذ الجواب عنه من قول الشارح الزيلعي ولو كان صف تام من النساء خلف الإمام ووراءهن صفوف من الرجال فسدت صلاة تلك الصفوف كلها وفي القياس أن تفسد صلاة صف واحد لا غير لوجود الحائل في حق باقي الصفوف‏.‏ وجه الاستحسان ما تقدم من أثر عمر رضي الله تعالى عنه أي قوله من كان بينه وبين إمامه طريق أو نهر أو صف من نساء فليس هو مع الإمام، وقد ذكر المؤلف عن غاية البيان أن الثلاث كالصف ولكن في حق من حلق بينه وبين الإمام فأفاد أن مقتضى القياس ذلك ولكن عدل عنه لما ذكر، هذا والذي يظهر أن ما ذكره المؤلف من التوفيق بما ذكره ليس معناه أن يكون الرجل خلفها بحذائها ملتصقا بها فإن ذلك بعيد عن الفهم جدا؛ لأن إطلاقهم الصف ينصرف إلى ما هو العادة فيه والعادة في الصفوف أن يكون بين الصفين فرجة يمكن سجود الصف المتأخر فيها وهذه الفرجة أكثر مما يسع الرجل بل المراد باشتراط فساد من خلفها بأن يكون محاذيا لها أن يكون مسامتا لها من خلفها احتراز عن غير المسامت بأن يكون خلفها من جهة اليمين أو اليسار وقوله في السراج وسط الصف احتراز عما إذا قامت في طرفه فإنه لا تفسد صلاة ثلاثة بل اثنين من في جانبها ومن خلفها‏.‏

‏(‏قوله ويشترط في أخرى‏)‏ عبر عنه بقيل في شرح تلخيص الجامع فلذا استظهر المؤلف الرواية الأولى

‏(‏قوله وإن لم يصح فرضا يصح نفلا على المذهب‏)‏ هذا مخالف لما سيذكره في شرح قوله ومفترض بمتنفل من أن المذهب عدم صحة الشروع إذا فسد الاقتداء فكيف يصح اقتداؤها نفلا على المذهب فكان الصواب إسقاط قوله هنا على المذهب ويكون ما ذكره من صحة اقتدائها نفلا مبنيا على القول المقابل للمذهب لكن سيأتي في ذلك كلام وتحقيق؛ لأن المذهب ما هنا من صحة الشروع لا ما هناك

‏(‏قوله وسنبين ما هو المذهب إلخ‏)‏ أي عند قول المتن ومفترض بمتنفل‏.‏

‏(‏قوله وقد يقال هذه الفتوى إلخ‏)‏ قال في النهر فيه نظر بل مأخوذ من قول الإمام وذلك أنه إنما منعها لقيام الحامل وهو فرط الشهوة غير أن الفسقة لا ينتشرون في المغرب؛ لأنهم بالطعام مشغولون وفي الفجر والعشاء نائمون فإذا فرض انتشارهم في هذه الأوقات لغلبة فسقهم كما هو في زماننا بل تحريهم إياها خوف الترائي كان المنع فيها أظهر من الظهر وإذا منعت عن حضور الجماعة فمنعها من حضور الوعظ والاستسقاء أولى وأدخله العيني رحمه الله في الجماعات وما قلناه أولى‏.‏

‏(‏قوله وإن كان خنثى إلخ‏)‏ قال الرملي يعلم به فساد اقتداء الخنثى بالمرأة لاحتمال أنه رجل فيكون فيه اقتداء الرجل بالمرأة وهو لا يجوز ولم يذكر هذه لظهورها

‏(‏قوله مع أن نفل المقتدي مضمون عليه إلخ‏)‏ ذكر المسألة كذلك في السراج، وقال فلو خرج الظان منها لم يجب عليه قضاؤها بالخروج عند أصحابنا الثلاثة ويجب على المقتدي القضاء ا هـ‏.‏ وظاهره أن وجوب القضاء على المقتدي بخروج إمامه منها أي بإفساده لها ويخالفه ما في الفصل العاشر من التتارخانية في صلاة التطوع نقلا عن العيون حيث قال روى ابن سماعة عن محمد بن الحسن قال رجل افتتح الظهر وهو يظن أنه لم يصلها فدخل رجل في صلاته يريد به التطوع ثم ذكر الإمام أنه ليس عليه الظهر فرفض صلاته فلا شيء عليه ولا على من اقتدى به ا هـ‏.‏

‏(‏قوله فاعتبر الظن العارض عدما‏)‏ إنما كان عارضا؛ لأنه عارض غير ممتد عرض بعد أن لم يكن كما في السراج

‏(‏قوله ومشايخ بلخ إلخ‏)‏ قال في الهداية وفي التراويح والسنن المطلقة جوزه مشايخ بلخ ولم يجوزه مشايخنا ومنهم من حقق الخلاف في النفل المطلق بين أبي يوسف ومحمد رحمه الله والمختار أنه لا يجوز في الصلوات كلها ا هـ‏.‏ والمراد بالسنن المطلقة السنن الرواتب وصلاة العيد على إحدى الروايتين والوتر عندهما والكسوفان والاستسقاء عندهما، وقوله ولم يجوزه مشايخنا يعني البخاريين، وقوله ومنهم إلخ أي قالوا لا يجوز بلا خلاف بين أصحابنا في السنن، وكذا في النفل عند أبي يوسف ويجوز فيه عند محمد والمختار قول أبي يوسف كذا في فتح القدير وبما تقرر تعلم ما في كلام النهر حيث قال ومنهم من حقق الخلاف في النفل المطلق فجعل الجواز قول محمد والمنع قول أبي يوسف أما التراويح فلا يجوز إجماعا ا هـ حيث اقتصر على التراويح‏.‏

‏(‏قوله فظاهره ترجيح أنها ليست بصلاة‏)‏ قال في النهر والذي ينبغي اعتماده هو الثاني بدليل أن المراهقة لو حاذت رجلا في الصلاة تفسد صلاته وإن كان ما في الدراية ظاهرا في ترجيح الأول

‏(‏قوله وظاهره مع ما في المختصر صحة الشروع‏)‏ أي ظاهر ما ذكره في السراج حيث قال ثم أفسدها فإنه يقتضي صحة الشروع سابقة على الإفساد وإلا لم يكن وهو ظاهر كلام المتن أيضا حيث قصر الفساد على الاقتداء فإنه يقتضي صحة الشروع وإلا لم يوجد الاقتداء فلا يناسب القول بفساده، وفي بعض النسخ عدم صحة الشروع بزيادة لفظة عدم وهو غير صحيح على أن المؤلف سيذكر فيما سيأتي في اختلاف التصحيح تحت قول المتن ومفترض بمتنفل أنه في السراج صحح أنه يصير شارعا‏.‏

‏(‏قوله؛ لأن الإمام معه حدث ونجاسة إلخ‏)‏ قال في النهر مقتضى التعليل أن يجوز اقتداء من به السلس بمن فيه انفلات الريح وليس بالواقع لاختلاف عذرهما والأولى أن يعلل بمحض اختلاف عذرهما لا بكون الإمام صاحب عذرين والمقتدي صاحب عذر واحد فقط فتدبره ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ ما ذكره هو ظاهر تعبيرهم باتحاد العذر وما ذكره المؤلف هو ظاهر تعليل الهداية فيما سبق بأن الصحيح أقوى حالا من المعذور إلى آخر ما مر، وكذا قول النهاية الأصل في جنس هذه المسائل أن المقتدي إذا كان أقوى حالا من الإمام لا تجوز صلاته وإن كان دونه أو مثله جاز ونحوه في العناية‏.‏ هذا والذي رأيته في السراج ما نصه ويصلي من به سلس البول خلف مثله، وأما إذا صلى من به السلس خلف من به السلس وانفلات ريح لا يجوز؛ لأن الإمام صاحب عذرين والمؤتم صاحب عذر واحد ا هـ‏.‏ فليتأمل

‏(‏قوله لعله لجواز أن يكون إلخ‏)‏ ظاهره أنه لم ير التعليل لغيره، وقد ذكره في القنية حيث قال من جوز اقتداء الضالة بالضالة فقد غلط غلطا فاحشا لاحتمال اقتدائها بالحائض ا هـ وذكر روايتين في اقتداء الخنثى المشكل بمثله‏.‏

‏(‏قوله وكذا صاحب الجرح السائل بمثله وبصحيح‏)‏ أي وكذا ائتمام صاحب الجرح السائل بمثله وبصحيح والأولى حذف الباء من الموضعين‏.‏

‏(‏قوله يصلي فرضا غير فرض المقتدي‏)‏ إشارة إلى أن قول المصنف آخر ليس صفة لمفترض لفساد المعنى، وإنما هو صفة لمحذوف أي فرضا آخر‏.‏

‏(‏قوله ومصليا‏)‏ تثنية مصل مرفوع بالألف لأنه مبتدأ وسقطت نونه للإضافة كنون المضاف إليه أيضا وقوله كالناذرين خبر‏.‏

‏(‏قوله فشمل الاقتداء إلخ‏)‏ رد لما قيل إنما لا يجوز اقتداء المفترض بالمتنفل في جميع الصلاة لا في بعضهما مستدلا بما ذكره محمد وبالفرع الذي بعده

‏(‏قوله لمنع النفلية‏)‏ أي نفلية السجدتين وهو تعليل لعدم الورود قال في الفتح والعامة على المنع مطلقا أي سواء كان في جميع الصلاة أو في بعضها ومنعوا نفلية السجدتين بل هما فرض على الخليفة إلخ

‏(‏قوله فالحق أن الإيراد ساقط من أصله‏)‏ أي الإيراد الثاني قال في النهر وفيه نظر بل هي فرض عليه وحظرت لتحمل الإمام إياها عنه ولو صح ما ادعاه لبطل تعليلهم عدم صحة اقتداء المسافر بالمقيم بعد الوقت بأنه اقتداء المفترض بالمتنفل في حق القراءة كما سيأتي فتدبر‏.‏

‏(‏قوله ولم يعد المسبوق إلى متابعة الإمام‏)‏ أي قبل أن يتأكد انفراده بأن كان لم يسجد للركعة وإلا فلا يتابعه وإن تابعه فسدت كما سيأتي

‏(‏قوله ويرد هذا التفصيل ما ذكره الحاكم إلخ‏)‏ قال في النهر قد قدم رحمه الله في المحاذاة عن السراج أن الصحيح فساد صلاته وجزم به غير واحد‏.‏ ا هـ‏.‏ والظاهر أن ما صححه الحاكم قول محمد لما سيأتي وبه صرح في الخلاصة كما في المنح حيث قال وفي كل موضع لا يصح الاقتداء هل يصير شارعا في صلاة نفسه عند محمد لا، وعندهما يصير شارعا؛ لأن للصلاة جهتين عندهما ولها جهة واحدة عند محمد ا هـ‏.‏ ومثله في البزازية فهو يفيد أنه قول محمد خاصة وعزاه الزيلعي إلى بعض المشايخ، وقال ومنهم من قال في المسألة روايتان وهو ما مشى عليه المؤلف حيث قال قالوا فيه روايتان لكن ما استدل به المؤلف من كلام الحاكم لا يدل له؛ لأن قوله لم تجز صلاتها يحتمل أن معناه صلاة الفرض أي لم تجزها هذه الصلاة عن صلاة العصر التي نوتها مع الإمام لفساد اقتدائها وإن صح شروعها نفلا، ولذا قال ولم تفسد على الإمام صلاته أي؛ لأنها لم يصح اقتداؤها وعبارة الحاكم الثانية أصرح في ذلك فإن قوله ثم أفسدها صريح في صحة شروعه، وكذا قوله لأنه لم يدخل في صلاة تامة يفيد دخوله في صلاة غير تامة أي لأنها انعقدت نفلا غير مضمون بالقضاء وهذا يرد تفصيل الزيلعي إذ لا شك أن الفساد في عبارة الحاكم الثانية لفقد شرط الصلاة ومع هذا دلت على صحة شروعه في نفل غير مضمون فالحاصل أن الصواب أن كلام الحاكم دليل على ما ذكره في السراج من تصحيح الشروع وهو المفهوم من قول المصنف فسد اقتداؤه حيث لم يقل لم يصح شروعه، فعلم بهذا أن المذهب تصحيح السراج وهو ما نص المؤلف عليه فيما مضى‏.‏

‏(‏قوله أطلق في الحائط إلخ‏)‏ قال في شرح المنية لو كان بينهما حائط، فإن كان قصيرا ذليلا بأن كان طوله دون القامة وعرضه غير زائد على ما بين الصفين لا يمنع لعدم الاشتباه وإلا فإن كان فيه باب أو كوة يمكن الوصول إلى الإمام منه وهو مفتوح فكذلك لا يمنع، وإن كان الباب مسدودا أو الكوة صغيرة لا يمكن النفوذ منها أو مشبكة فإن كان لا يشتبه عليه حال الإمام برؤية أو سماع لا يمنع على ما اختاره شمس الأئمة الحلواني قال في المحيط وهو الصحيح، وكذا اختاره قاضي خان وغيره وإن كان الحائط على خلاف ما ذكر بأن كان عريضا طويلا وليس فيه ثقب منع ا هـ‏.‏

‏(‏قوله فشمل الصغير والكبير‏)‏ قال الرملي وشمل ما إذا كان الحائط في المسجد أو غيره

‏(‏قوله لكن قيده في الخلاصة إلخ‏)‏ في الخانية، فإن كان الحائط كبيرا وعليه باب مفتوح أو ثقب لو أراد الوصول إلى الإمام يمكنه ولا يشتبه عليه حال الإمام سماعا أو رؤية صح الاقتداء في قولهم‏.‏ زاد في الخلاصة قوله جميعا وإن كان عليه باب مسدود أو ثقب صغير مثل البنجرة لو أراد الوصول إلى الإمام لا يمكنه لكن لا يشتبه عليه حال الإمام اختلفوا فيه ذكر شمس الأئمة الحلواني أن العبرة في هذا لاشتباه حال الإمام وعدمه لا للتمكن من الوصول إلى الإمام؛ لأن الاقتداء متابعة ومع الاشتباه لا يمكنه المتابعة ا هـ‏.‏ ونحوه في الخلاصة والفيض قال في الخانية والذي يصحح هذا الاختيار ما روينا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي في حجرة عائشة رضي الله عنها والناس يصلون بصلاته ونحن نعلم أنهم ما كانوا يتمكنون من الوصول إلى حجرة عائشة رضي الله تعالى عنها ا هـ وفيه تأمل‏.‏

‏(‏قوله بخلاف ما إذا اقتدى من سطح داره إلخ‏)‏ أي لأن بين المسجد وبين سطح داره كثير التخلل فصار المكان مختلفا أما في البيت مع المسجد لم يتخلل إلا الحائط ولم يختلف المكان كذا في الدرر إذ لا فاصل من طريق واسع أو نهر كبير كذا في شرح الدرر للشيخ إسماعيل قال في الشرنبلالية هذا خلاف الصحيح؛ لأنه ذكر مثله في مختصر الظهرية ثم قال والصحيح أنه يصح الاقتداء نص عليه في باب الحدث‏.‏ ا هـ‏.‏ والظاهر أن وجهه أن السطح لا يحصل به اختلاف المكان فلا يعد فاصلا كما لو اقتدى على سطح المسجد أو من بيته وبينه وبين المسجد حائط ولم يحصل اشتباه‏.‏ والحاصل أن اختلاف المكان مانع عند الاشتباه وإن لم يشتبه لا يمنع ولا عبرة بالوصول وعدمه، وأما الفاصل من طريق أو نهر أو فضاء فإنه مانع ولو لم يشتبه فليتأمل في الفرق‏.‏

‏(‏قوله وصحح أن النهر العظيم ما تجري فيه السفن‏)‏ قال الرملي وذكر كثير في الطريق أنه ما تمر فيه العجلة

‏(‏قوله وأما اقتداء من بالخلاوي العلوية إلخ‏)‏ قال في الشرنبلالية تفريع على غير الصحيح والصحيح صحة الاقتداء لما ذكرناه ولما قاله في البرهان لو كان بينهما حائط كبير لا يمكن الوصول منه إلى الإمام ولكن لا يشتبه حاله عليه بسماع أو رؤية لانتقالاته لا يمنع صحة الاقتداء في الصحيح وهو اختيار شمس الأئمة الحلواني ا هـ‏.‏ وعلى الصحيح يصح الاقتداء بإمام المسجد الحرام في المحال المتصلة به وإن كانت أبوابها من خارج المسجد

‏(‏قوله وإن كان مسجدا إلخ‏)‏ قال الرملي يعكر عليه ما في الضياء المعنوي شرح مقدمة الغزنوي ولو قام الإمام على سطح المسجد والقوم في المسجد ولا يشتبه عليهم حال الإمام صح الاقتداء وإن لم يكن له باب لكن لا يشتبه عليهم حال الإمام صح الاقتداء ا هـ‏.‏ وأنت على علم أنه إذا كان على سطح المسجد والقوم في المسجد أو عكسه لم يختلف المكان؛ لأن لسطح المسجد حكم المسجد فكان الكل كبقعة واحدة بخلاف سطح داره تأمل

‏(‏قوله وينبغي أن يحكم إلخ‏)‏ قال في النهر لكن علل الشارح البطلان في الاثني عشرية بأن إمامه قادر على الماء بإخباره‏.‏ واعلم أن المراد بالفساد هنا هو فساد الوصف فقد قال في المحيط المتوضئ خلف المتيمم إذا رأى الماء أو كان على الإمام فائتة لا يذكرها أو صلى إلى غير القبلة وهو لا يعلم ذلك والمقتدي يعلم فقهقه المقتدي كان عليه إعادة الوضوء عندهما خلافا لمحمد وزفر بناء على ما مر إلا أنه ينبغي على ما اختاره الشارح أن يبطل الأصل أيضا إذ الفساد لفقد شرط وهو الطهارة فتأمل‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله وبه استدل إلخ‏)‏ قال في الفتح وليس مقصوده خصوص الرفع الكائن في زماننا بل أصل الرفع لإبلاغ الانتقالات أما خصوص هذا الذي تعارفوه في هذه البلاد فلا يبعد أنه مفسد فإنه غالبا يشتمل على مد همزة الله أكبر أو بائه وذلك مفسد وإن لم يشتمل؛ لأنهم بالغون في الصياح زيادة على حاجة الإبلاغ والاشتغال بتحريرات النغم إظهارا للصناعة النغمية لا إقامة للعبادة والصياح ملحق بالكلام الذي بساطه ذلك الصياح، وسيأتي في باب ما يفسد الصلاة أنه إذا ارتفع بكاؤه من ذكر الجنة والنار لا تفسد ولمصيبة بلغته تفسد؛ لأنه في الأول يعرض بسؤال الجنة والتعوذ من النار إن كان يقال إن المراد إذا حصل به الحروف ولو صرح به لا تفسد، وفي الثاني لإظهارها ولو صرح بها فقال وامصيبتاه أو أدركوني أفسد فهو بمنزلته، وهنا معلوم أن قصده إعجاب الناس به ولو قال اعجبوا من حسن صوتي وتحريري فيه أفسد وحصول الحرف لازم من التلحين ولا أرى ذلك يصدر ممن فهم معنى الدعاء والسؤال وما ذلك إلا نوع لعب فإنه لو قدر في الشاهد سائل حاجة من ملك أدى سؤاله وطلبه بتحرير النغم فيه من الرفع والخفض والتغريب والرجوع كالتغني نسب ألبتة إلى قصد السخرية واللعب إذ مقام طلب الحاجة التضرع لا التغني ا هـ‏.‏ وأقره عليه في النهر، وقال العلامة ابن أمير حاج، وقد أجاد رحمه الله تعالى فيما أوضح وأفاد ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ في كون الصياح بما هو ذكر ملحقا بالكلام فيكون مفسدا وإن لم يشتمل على مد همزة الله أو باء أكبر نظر فقد صرح في السراج بأن الإمام إذا جهر فوق حاجة الناس فقد أساء ا هـ‏.‏ والإساءة دون الكراهة لا توجب فسادا على أن كلامه يئول بالآخرة إلى أن الإفساد إنما حصل بحصول الحرف لا بمجرد رفع الصوت زيادة على حاجة الإبلاغ والقياس على ما ارتفع بكاؤه لمصيبة بلغته غير ظاهر؛ لأن ما هنا ذكر بصيغة فلا يتغير بعزيمته والمفسد للصلاة الملفوظ لا عزيمة القلب على ما تقدم بخلاف ارتفاع الصوت بالبكاء لمصيبة بلغته فإنه ليس بذكر فيتغير بعزيمته على أن القياس بعد الأربعمائة منقطع فليس لأحد بعدها أن يقيس مسألة على مسألة كما صرح به العلامة زين بن نجيم في رسائله كذا ذكر السيد أحمد الحموي في رسالته القول البليغ في حكم التبليغ والله تعالى أعلم قلت - وبالله التوفيق - الحق ما قاله الإمام المحقق وأقره عليه كثير وأما ما ذكره السيد الحموي من النظر فهو ساقط؛ لأنه لم يجعل الفساد مبنيا على مجرد الرفع حتى يرد عليه بما في السراج بل بناه على زيادة الرفع الملحق بالصياح المشتمل على النغم مع قصد إظهاره لذلك والإعراض عن إقامة العبادة وقوله على أن كلامه إلخ ممنوع؛ لأنه بنى كلامه على أن مبنى الفساد ما مر وإن لم يحصل به حروف زائدة فمجرد ذلك كاف في الفساد كما هو صريح أول كلامه وآخره حيث قال فإنه لو قدر في الشاهد إلخ فقوله وحصول الحرف لازم من التلحين بيان لشيء يستلزمه ذلك المفسد مما قد يكون مفسدا في نفسه وإن فرض عدم إفساد الملزوم بأن يمد همزة الجلالة أو باء أكبر وقوله؛ لأن ما هنا ذكر بصيغة إلخ كلام ساقط؛ لأن ذلك قول أبي يوسف بانيا عليه عدم الفساد فيما لو فتح المصلي على غير إمامه أو أجاب المؤذن أو قال لا إله إلا الله جوابا لمن قال أمع الله إله أو أخبر بما سره فقال الحمد لله أو بما يعجبه فقال سبحان الله على قصد الجواب ونحو ذلك كما سيأتي والمذهب الفساد وهو قولهما؛ لأنه تعليم وتعلم في الأولى وفيما بقي قد أخرج الكلام مخرج الجواب وهو يحتمله فإن مناط كونه من كلام الناس عندهما كونه لفظا أفيد به معنى ليس من أعمال الصلاة لا كونه وضع لإفادة ذلك وكونه لم يتغير بعزيمته ممنوع كما ذكره في الفتح قال في النهر ألا ترى أن الجنب إذا قرأ الفاتحة على قصد الثناء جاز‏.‏ ا هـ‏.‏ وقد ذكروا أشياء تفسد اتفاقا كما لو كان بين يديه كتاب وعنده رجل اسمه يحيى فقال يا يحيى خذ الكتاب بقوة ونحوها مما سيأتي وهذا وارد على أصل أبي يوسف وقوله على أن القياس بعد الأربعمائة منقطع إلخ نقول بموجبه ولا نسلم أن ما ذكره المحقق من هذا القبيل بل هو تخريج على ما مر من أصلهما كما هو دأب المشايخ كقاضي خان وأضرابه من تخريجهم ما ليس فيه نص على أصل ظاهر ومثله ما يذكره المؤلف وغيره من قولهم ينبغي أن يكون كذا ومقتضى القواعد كذا فلو كان ذلك من القياس كيف يسوغ له استعماله مع ما ذكره من أن القياس انقطع فتدبر‏.‏

‏(‏قوله ولا يخفى ضعفه‏)‏ أي ضعف ما صححه في الظهيرية؛ لأنه تصح عندهما إمامة القاعد للقائم والأحدب ليس أدنى حالا من القاعد فتصحيح عدم الجواز غير ظاهر إلا أن يحمل التصحيح على قول محمد وبه جزم في الفتح فقال‏:‏ وأما عند محمد ففي الظهيرية لا تصح إمامة الأحدب للقائم ذكره محمد رحمه الله وفي مجموع النوازل يصح والأول أصح ا هـ‏.‏ فعلى هذا فمعنى قوله والأول أصح أي من قولي محمد كما صرح به في النهر قال وكأنه في البحر لم يطلع على هذا فجزم بأنه ضعيف وأنه محمول على قول محمد‏.‏

‏(‏قوله وذكر قاضي خان اختلافا إلخ‏)‏ قال في الشرنبلالية قلت‏:‏ ليس في عبارة قاضي خان نفي صحة اقتداء من يصلي التراويح بالمكتوبة فإنه قال فعلى هذا أي على رواية أن السنة لا تتأدى بنية التطوع إذا صلى التراويح مقتديا بمن يصلي نافلة غير التراويح واختلفوا فيه والصحيح أنه لا يجوز، وكذا لو كان الإمام يصلي التراويح فاقتدى به رجل ولم ينو التراويح ولا صلاة الإمام لا يجوز كما لو اقتدى برجل يصلي المكتوبة فنوى الاقتداء به ولم ينو المكتوبة ولا صلاة الإمام فإنه لا يجوز‏.‏ ا هـ‏.‏ وقال قاضي خان في فصل من يصح الاقتداء به ولا يصح اقتداء المفترض بالمتنفل وعلى القلب يجوز ا هـ‏.‏ نعم ما نسبه صاحب البحر لقاضي خان صرح به في مختصر الظهيرية فقال لو صلى التراويح مقتديا بمن يصلي المكتوبة أو بمن يصلي نافلة غير التراويح اختلف المشايخ فيه والصحيح أنه لا يجوز ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ يمكن أن يكون المراد بنفي الجواز عدم الاعتداد بها عن التراويح على وجه الكمال لما سنذكر أنه إذا تعمد فلم يسلم على كل شفع يكره ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ حيث صرح قاضي خان بأن الصحيح أنه إذا صلى التراويح مقتديا بمتنفل بغيرها لا يجوز بناء على أن السنة لا تتأدى بنية التطوع يكون ذلك تصحيحا لعدم جواز اقتداء مصلي التراويح بالمفترض؛ لأن معنى أن السنة لا تتأدى بنية التطوع أنها لا بد لها من التعيين والإمام غير معين للتراويح سواء كان مصليا نفلا أو فرضا فلا تصح نية التراويح من المقتدي، وقد صرح بذلك العلامة قاسم في فتاويه ضمن رسالة فقال فصل إذا صلى التراويح مقتديا بمن يصلي المكتوبة أو وترا أو نافلة غير التراويح اختلفوا فيه منهم من بنى هذا الاختلاف على الاختلاف في النية من قال من المشايخ إن التراويح لا تتأدى إلا بنيتها فلا تتأدى بنية الإمام وهي بخلاف نيته ومن قال منهم إنها تتأدى بمطلق النية ينبغي أن يقول هنا إنه يصح والأصح لا يصح الاقتداء وعلى هذا الاختلاف إذا لم يسلم من العشاء وبنى عليها التراويح والأصح أنه لا يصح وهذا أظهر؛ لأنه مكروه ا هـ‏.‏ ثم راجعت الفتاوى الخانية فوجدت فيها ما نقله المؤلف فظهر أن في نسخة الشرنبلالي سقطا وأن الصواب ما نقله المؤلف‏.‏

‏(‏قول المصنف وإن ظهر أن إمامه محدث‏)‏ قال في النهر بأن شهدوا أنه أحدث ثم صلى أو أخبر الإمام عن نفسه وكان عدلا وإن لم يكن ندب فقط كذا في السراج

‏(‏قوله فلو قال بطلت لكان أولى إلخ‏)‏ قال في النهر فيه نظر إذ البطلان يؤذن بسبق الصحة‏.‏ نعم الأولى أن يقال لا يجتزى بما أداه‏.‏ واعلم أن المحدث كما عرفت ليس قيدا فلو قال ولو ظهر أن بإمامه ما يمنع صحة الصلاة أعادها لكان أولى ليشمل ما لو أخل بركن أو شرط والعبرة لرأي المقتدي حتى لو رأى على الإمام نجاسة أقل من الدرهم واعتقد المقتدي أنه مانع والإمام خلافه أعاد وفي عكسه والإمام لا يعلم ذلك لا يعيد، ولو اقتدى أحدهما بالآخر فإذا قطرة من دم وكل منهما يزعم أنها من صاحبه أعاد المقتدي لفساد صلاته على كل حال كذا في البزازية

‏(‏قوله وفي خزانة الأكمل لأنه سكت إلخ‏)‏ قال الرملي صوابه لا؛ لأنه سكت إلخ فحرف النفي ساقط من خطه ولا بد منه قال في الحاوي الزاهدي ‏(‏يو‏)‏ علم الإمام بفساد صلاته المختلف فيها فلم يأمرهم بالإعادة لا يسعه ويجب العمل فيه على ما يعتقده ‏(‏صبح‏)‏ تبين له أنه صلى بغير وضوء يجب عليه الإخبار بقدر الممكن ‏(‏حك‏)‏ لا يلزمه الإخبار؛ لأنه ما سكت عن معصية بل خطأ معفو عنه قال وهذا أصح من جواب ‏(‏يو صبح‏)‏ وإليه أشار أبو يوسف وسواء كان فساد صلاته مختلفا فيه أو متفقا عليه فإن الإمام إذا لم يعلم فساد صلاته لا تفسد صلاة المقتدين عند الشافعي فينبغي أن لا يلزم الإمام إخبارهم بذلك أصلا‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله الأصح أن صلاته فاسدة‏)‏ قال في الشرنبلالية فيه مخالفة في الهداية من التصحيح ا هـ‏.‏ أي لأن تعليل الهداية يقتضي الصحة مع أنه ظاهر الإطلاق، وقد أشار إلى المخالفة في الفتح وحررنا المقام فيما علقناه على شرح التنوير فراجعه‏.‏

باب الحدث في الصلاة

‏(‏قوله مانعية شرعية إلخ‏)‏ قال في النهر هذا تعريف بالحكم وعرفه في غاية البيان بأنه وصف شرعي يحل في الأعضاء يزيل الطهارة‏.‏ قال وحكمه المانعية لما جعلت الطهارة شرطا له وهو المنوي رفعه عند الوضوء دون المعذور والمتيمم‏.‏ ‏(‏قول المصنف من سبقه حدث توضأ وبنى‏)‏ قال الرملي أقول‏:‏ يعني توضأ عند وجود الماء وقدرته على استعماله، فإن لم يجد تيمم كما يعلم من قوله في باب التيمم أو عيد ولو بناء، وإنما لم يصرح به للعلم به منه ومن إطلاق قوله فيه تيمم لبعده ميلا إلخ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وفي الذخيرة سئل القاضي الإمام محمود الأوزجندي عمن أحدث في صلاته فذهب ليتوضأ فلم يجد الماء فتيمم وانصرف ثم وجد الماء هل تفسد صلاته قال لا‏.‏ قيل للذهاب والمجيء حكم الصلاة قال بلى ولكن لم يزد شيئا في الصلاة‏.‏ قيل لم لا تفسد بالضربة للتيمم من غير حاجة قال في ذلك الوقت كان مفيدا ا هـ‏.‏

‏(‏قوله ولو منه لنفسه‏)‏ كذا في الفتح والظاهر أن الأولى ولو من غيره له تأمل‏.‏

‏(‏قوله واختلفوا فيما إذا وقعت طوبة إلخ‏)‏، وكذا إذا مس قروحه شيء فسالت أو دخل الشوك رجله أو جبهته فسال منها الدم أو رماه إنسان بحجر فشجه ففي هذا كله يستأنف عندهما ولا يبني وعند أبي يوسف يبني كما في السراج، ونحوه في الخلاصة وفي المحيط وإن أصاب المصلي حدث بغير فعله بأن شجه إنسان استقبل في قول أبي حنيفة ومحمد، وقال أبو يوسف يبني، وقال الناطفي في هدايته رأيت في صلاة الأثر قال أبو حنيفة في الرجل تصيبه بندقة أو حجر في صلاته فشجه فغسله يبني فصار عن أبي حنيفة في المسألة روايتان إسماعيل قال الرملي، وفي التتارخانية عن المحيط‏.‏ ولو سقط من السطح مدر فشج رأسه إن كان بمرور المار فهو على الاختلاف وإن كان لا بمرور المار فمن مشايخنا من قال يبني بلا خلاف ومنهم من قال على الخلاف وفي الظهيرية وهو الصحيح ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ علم به أن الصحيح عدم البناء مطلقا وأقول‏:‏ يقاس عليه وقوع السفرجلة، فإن كان بهزها فعلى الخلاف وإلا فمنهم من قال يبني بلا خلاف والصحيح أنه على الخلاف

‏(‏قوله وصححوا عدم البناء إلخ‏)‏ قال الرملي ذكر في شرح منية المصلي للحلبي مسألة العطاس والتنحنح والخلاف فيها ثم قال والأظهر أنه يبني يعني في مسألة العطاس لكونه سماويا وإن أحدث بتنحنحه فالأظهر أنه لا يبني‏.‏

‏(‏قوله وإدخال الكلام هنا إلخ‏)‏ جواب عما وقع في فتح القدير حيث ذكر الكلام والقهقهة في هذا المحل فقال ولا يبني لقهقهة وكلام واحتلام فإن كلامنا في الحدث والكلام مفسد لا حدث لكنه ذكره مع القهقهة لكون من شروط البناء أيضا أن لا يأتي بمناف بعد الحدث فلذا ذكره هنا على أنه لم يفعل كما فعل المؤلف؛ لأنه ذكر أولا أن شرط البناء كونه حدثا سماويا من البدن غير موجب للغسل لا اختيار له فيه ولا في سببه ولم يوجد بعده مناف له منه بد ثم أخذ المحترزات فقال فلا يبني بشجة وعضة إلى أن قال ولا لقهقهة وكلام واحتلام، فليس في كلامه ما يقتضي أن الكلام وما معه من واد واحد بل ذكر كل واحد منها للاحتراز ولبيان فائدة القيود السابقة

‏(‏قوله كما لو استقى‏)‏ المناسب ذكر هذه الصورة والتي بعدها تحت الشرط الخامس كما لا يخفى قال في السراج من شروط جواز البناء أن لا يفعل فعلا ينافي الصلاة من الكلام والأكل والشرب والاستقاء من البئر وفي المرغيناني له أن يستقي من البئر ويبني إذا لم يكن عنده ماء آخر، وقال الكرخي لا يبني مع الاستقاء من البئر ا هـ‏.‏ وفي شرح المنية ولو كان الماء بعيدا وبقربه بئر ماء يترك البئر؛ لأن النزع يمنع البناء على المختار وقيل لا يمنع إن عدم غيره‏.‏ ا هـ‏.‏ وإنما كان المناسب ما قلنا؛ لأنه لو حمل كلام المؤلف على ما إذا كان قادرا على غيره كما تدل عليه آخر عبارته اقتضى بمفهومه جواز الاستقاء إن لم يكن قادرا على غيره وهو مخالف لظاهر عبارة السراج حيث جعله كالأكل والشرب ومخالف لما هو المختار من المنع مطلقا كما علمت وإن لم يحمل على ذلك فليس مما نحن فيه اللهم إلا أن يكون اختار خلاف ما في شرح المنية وهو ما تقدم عن المرغيناني

‏(‏قوله لا لقصد ستر العورة‏)‏ كأنه مبني على جواز كشف العورة وسيأتي أنها تبطل في ظاهر المذهب

‏(‏قوله وكذا إذا كشفت المرأة ذراعيها‏)‏ قال الرملي هذا مخالف لما في السراجية فإنه قال المرأة إذا سبقها الحدث فكشفت ذراعيها عند غسل اليدين جاز لها البناء عند محمد رحمه الله هو المختار‏.‏

‏(‏قوله وفي الظهيرية عن أبي علي النسفي إلخ‏)‏ قال قاضي خان هو الصحيح وفرق بينه وبين ما لو كشفت العورة في الصلاة ابتداء كذا في الشرنبلالية

‏(‏قوله لو طلب الماء بالإشارة‏)‏ قال الشيخ إسماعيل صرح به في الخانية والسراج ا هـ‏.‏ واستشكله في الشرنبلالية بمسألة درء المار بالإشارة وبما في الزيلعي عن الغاية طلب من المصلي شيء فأشار بيده أو برأسه بنعم أو بلا لا تفسد صلاته، وكذا في البحر عن الخلاصة وغيرها ثم قال نقل في البحر عن شرح المجمع أنه لو رد السلام بيده فسدت قال والحق ما ذكره الحلبي أن الفساد ليس بثابت في المذهب، وإنما استنبطه بعضهم مما في الظهيرية صافح المصلي إنسانا بنية السلام فسدت صلاته قال فعلى هذا تفسد أيضا إذا رد بالإشارة إلى آخر ما سيذكره المؤلف من ترجيح عدم الفساد بالإشارة قال في الشرنبلالية فلا يبعد أن يكون عدم فساد الصلاة بطلب الماء بالإشارة كرد السلام وغيره بالإشارة فتأمل‏.‏

‏(‏قوله وكذا لو قرأ في ذهابه‏)‏ ظاهره أنه يستقبل بالقراءة ولو كان سبق الحدث في غير حالة القيام مع أن القراءة لا تكون ركنا إلا في القيام ثم رأيت في المعراج قال وفي المجتبى أحدث في قيامه فسبح ذاهبا أو جائيا لم تفسد ولو قرأ فسدت وقيل إنما تفسد إذا قرأ ذاهبا وقيل على العكس، والمختار ما قلنا ولو أحدث في ركوعه أو سجوده لا تفسد بالقراءة ا هـ‏.‏

‏(‏قوله صيانة للجماعة‏)‏ قال في النهر وقيده في السراج بما إذا كان لا يجد جماعة أخرى وهو الصحيح وقيل إذا كان في الوقت سعة وينبغي وجوبه عند الضيق

‏(‏قوله فما في شرح المجمع إلخ‏)‏ لا يخفى ما فيه على النية فإن كلام المتون في الاستئناف وكلام شرح المجمع في الاستخلاف فما أفاده كلام المتون من أن الأفضل في حق الإمام الاستئناف معناه إذا استخلف ثم توضأ فالأفضل في حقه أن يستأنف صلاته ولا يبني على ما صلى فلا ينافي كون الاستخلاف واجبا‏.‏ نعم ينافيه ما نقله عن المستصفى من أن الاستخلاف أفضل فإن المتبادر منه عدم وجوبه وهو الذي يظهر إلا أن يضيق الوقت فينبغي الوجوب لئلا تفوت الجماعة تأمل

‏(‏قوله أو قبل أن ينوي الإمام الإمامة‏)‏ هذا راجع إلى المسألة الأولى وهي ما إذا نوى الخليفة الإمامة من ساعته أي لم ينو تأخير نية الإمامة إلى أن يصل إلى المحراب والأولى إسقاطه؛ لأن المتبادر من قوله من ساعته أنه نوى حين الاستخلاف فلا يتصور خروج الإمام من المسجد قبل أن ينوي الخليفة الإمامة ولذا لم يذكر قوله أو قبل أن ينوي إلخ لا في الذخيرة ولا في الخانية

‏(‏قوله وشرط جواز صلاة الخليفة والقوم أن يصل الخليفة إلى المحراب إلخ‏)‏ يعني أو ينوي الخليفة الإمامة حين الاستخلاف كما يدل عليه قوله ولو استخلف الإمام من آخر الصفوف إلخ وظاهر كلامه أن بقيامه مقامه يصير إماما وإن لم ينو وسيأتي الاتفاق على أنه لا يكون إماما ما لم ينو الإمامة

‏(‏قوله قبل أن يخرج الإمام عن المسجد‏)‏ أي أو يجاوز الصفوف في الصحراء

‏(‏قوله ومقتضى ما قدمناه أن لا يصير مقتديا إلخ‏)‏ الذي قدمه هو قوله وإذا استخلف لا يخرج الإمام عن الإمامة بمجرده إلخ فإنه يقتضي أنه ما دام في المسجد ولم يؤد الخليفة ركنا يبقى على إمامته لكن جمع بينهما في النهر بأن ما تقدم محمول على ما إذا لم يقم الخليفة مقامه ناويا الإمامة ا هـ‏.‏ لكن ينافيه عبارة الظهيرية والخانية السابقة هناك فإن مقتضاها أنه لا يخرج عن الإمامة ما لم يؤد الخليفة ركنا وإن كان قائما مقامه ناويا الإمامة إلا أن تحمل تلك العبارة على ما إذا لم ينو الخليفة الإمامة وإن كان قام مقامه وما هنا على ما إذا قام مقامه ونوى الإمامة لما في الدراية اتفقت الروايات على أن الخليفة لا يكون إماما ما لم ينو الإمامة

‏(‏قوله لم يجز‏)‏ أي لخلو مقام الإمام

‏(‏قوله يصلي كل واحد من المقتديين وحده‏)‏ لأنه يعتقد أن صاحبه محدث به، أفتى أئمة بلخ كذا في النهر عن تيمم القنية قال فإطلاق فساد صلاة القوم يستثنى منه هذا وقياسه أنه لو أم صبيا وامرأة ثم سبقه الحدث فذهب قبل الاستخلاف وأتم كل صلاة نفسه أن يصح بجامع أن كل واحد في المسألتين غير صالح للإمامة، ويظهر لي أن ما في القنية ضعيف بل صلاتهما فاسدة لخلو مكان الإمام ولذا أطلقه الكثير وسيأتي في آخر الباب ما يرشد إلى ذلك ولم أر من نبه على هذا ا هـ‏.‏ قال الشيخ إسماعيل أقول‏:‏ القياس المذكور غير صحيح؛ لأن كلا من الصبي والمرأة صلاته لا شبهة في صحتها من حيث نفس الأمر، وأما المتوضئ والمتيمم فلا يخلو أمرهما من أحد شيئين‏:‏ إما نجاسة الماء فالتيمم صحيح والوضوء باطل، أو بالعكس فالمقتدي بالنظر إلى نفس الأمر واحد واعتقاد كل منهما ذلك وإذا كان واحدا فحكمه الانفراد كما سيأتي مع أن قوله في صورة الصبي والمرأة فذهب قبل الاستخلاف لا حاجة إليه؛ لأن فرض المسألة أن ليس غيرهما فبهما لا يتأتى الاستخلاف وما ظهر له من الضعف ضعيف لعدم ملاحظة المدرك فليتدبر ا هـ‏.‏ وكان معنى قوله فحكمه الانفراد أي الاستقلال بالاستخلاف كما يأتي آخر الباب متنا‏.‏ قلت‏:‏ وبهذا التقرير تنحل عرا الإشكال الذي ذكره المؤلف

‏(‏قوله يقتدي بمن ظنه طاهرا‏)‏ أي يقتدي الإمام بمن ظنه منهما أنه متطهر؛ لأنه إذا ظنه متطهرا تكون صلاته صحيحة في زعمه فيقتدي به لتعينه للاستخلاف كما مر

‏(‏قوله وفي جواز الاستخلاف إلخ‏)‏ قال في النهر والأصح جوازه كما في السراج

‏(‏قوله لا يجوز الاستخلاف بالإجماع إلخ‏)‏ أقول‏:‏ لم يذكر حكم صلاة القوم ولا حكم صلاته أما الأول فظاهر وهو أن صلاتهم تفسد؛ لأن إمامهم صار أميا وهو ليس أهلا لها، وأما صلاة الإمام فقد رأيت في الفصل السابع من الذخيرة أن القارئ إذا صلى بعض صلاته فنسي القراءة وصار أميا فسدت صلاته عند أبي حنيفة ويستقبلها وعلى قولهما لا تفسد ويبني عليها استحسانا وهو قول زفر ا هـ

‏(‏قوله فكذلك هنا إلخ‏)‏ قال في النهر أقول‏:‏ يمكن الفرق بأن عدم الفساد في الفتح لإطلاق الحديث الآتي والفساد هنا للعمل الكثير بلا حاجة ا هـ‏.‏ وفيه أن الحاجة للإتيان بالواجب أو المسنون باقية ولذا أيد في الشرنبلالية كلام المؤلف بما ذكره في الفتاوى الصغرى أنه كتب في شرحه على الجامع الصغير أنه على قياس ما ذكر في الجامع الصغير أن نفس الفتح لا يفسد فلا يفسد أيضا هنا؛ لأن الفتح ليس بعمل كثير فلو أفسد إنما يفسد لا لأنه عمل كثير لكن لأنه غير محتاج إليه وهنا هو محتاج إليه فلا يفسد ا هـ‏.‏ والاحتياج لما قلنا

‏(‏قوله والحاقن إلخ‏)‏ قال في النهر وبالباء الموحدة من يدافع الغائط وبالزاي من يدافعهما قال بعضهم والحاذق من يدفع ومن أثبته في البول ففيهما أو في الغائط أولى

‏(‏قوله إذا لم يستخلف‏)‏ أي من حصر عن القراءة

‏(‏قوله قال بعض الشارحين‏)‏ هو الإمام السغناقي صاحب النهاية، وكذا قال في السراج الوهاج

‏(‏قوله والعجب من الشارح إلخ‏)‏ وذلك أن في كلامه تدافعا قال في النهر إذ تمامها بلا قراءة يؤذن بصحتها وكونه كالجنابة يقتضي الفساد

‏(‏قوله والظاهر أن عنهما روايتين‏)‏ وعلى هذا فيحمل قول الشارح كالجنابة على أن التشبيه راجع إلى مجرد الندور فقط ويكون قوله أنه يتمها مبنيا على الرواية الأخرى فيصح كلامه

‏(‏قوله والاستخلاف كالخروج من المسجد إلخ‏)‏ قال في العناية وإن كان قد استخلف فتبين أنه لم يحدث فسدت صلاته وإن لم يخرج من المسجد لوجود العمل الكثير من غير عذر، بخلاف ما إذا تحقق ما توهمه فإن العمل غير مفسد لقيام العذر فكان الاستخلاف كالخروج من المسجد يحتاج لصحته على قصد الإصلاح وقيام العذر ا هـ‏.‏

‏(‏قوله فظاهره أنه لو لم يكن للظن دليل إلخ‏)‏ فيه بحث فإن مقتضاه جريان ذلك في التوهم بالأولى مع أنه صرح في المحيط بخلافه ولفظه إمام توهم أنه رعف فاستخلف الغير فقبل أن يخرج الإمام من المسجد ظهر أنه كان ماء ولم يكن دما قال الشيخ أبو بكر محمد بن الفضل إن كان الخليفة أدى ركنا من الصلاة لم يجز للإمام أن يأخذ الإمامة مرة ثانية ولكنه يقتدي بالخليفة وإن لم يكن أدى ركنا لكنه قام في المحراب قال أبو حنيفة وأبو يوسف له أن يأخذ الإمامة، وقال محمد لا يجوز ا هـ‏.‏ ومثله في الذخيرة وفي الظهيرية قال محمد تفسد صلاته ا هـ والحاصل أن ما بحثه لا يساعده هذا المنقول المفهوم منه صورة الشك بالأولى مع تعبير الهداية وغيرها عن الظن ثانيا بالتوهم، وأما ما في التجنيس فليس صريحا في المدعي لاحتمال إرادة ظاهره وهو الشك في ذاتها ليكون استخلافه ناشئا عن الرفض فلا يصح فليتأمل‏.‏ كذا في شرح الشيخ إسماعيل أقول‏:‏ ما نقله عن المحيط هو ظن لا توهم بدليل قوله ظهر أنه كان ماء ولم يكن دما فالتوهم في عبارة المحيط بمعنى الظن المبني على دليل فهو مساو لما ذكره المؤلف عن الشمني

‏(‏قوله فعلم أن ما في الهداية إلخ‏)‏ قال الرملي أقول‏:‏ أغلب الكتب على ما في الهداية حتى قال في التتارخانية نقلا عن المحيط وإن تقدم إمامه وليس بين يديه بناء ولا سترة، فإن تقدم مقدار ما لو تأخر جاوز الصفوف فسدت صلاته، وإن كان أقل من ذلك لا تفسد وصلى ما بقي وإن كان بين يديه حائط أو سترة، فإن جاوزها بطلت صلاته وذكر هشام عن محمد أنه قال لا تفسد صلاته حتى يتقدم مثل ما لو تأخر خرج عن الصفوف وجاوز أصحابه وإن كان بين يديه سترة ا هـ فكيف يكون ما في الهداية ضعيفا وأغلب الكتب على اعتماده فراجع الكتب يظهر لك ذلك‏.‏

‏(‏قوله وإنما قال‏)‏ أي القدوري في البداية التي هي متن الهداية

‏(‏قوله؛ لأن النوم بانفراده ليس بمفسد‏)‏ قال الرملي ذكر في التتارخانية أقوالا واختلاف تصحيح في المسألة، وكذلك ذكر في الجوهرة في نوم المضطجع والمريض في الصلاة اختلافا والصحيح أنه ينقض وبه نأخذ ونقل في التتارخانية عن المحيط في النوم مضطجعا الحال لا يخلو إن غلبت عيناه فنام ثم اضطجع في حالة نومه فهو بمنزلة ما لو سبقه الحدث يتوضأ ويبني ولو تعمد النوم في الصلاة مضطجعا فإنه يتوضأ ويستقبل الصلاة هكذا حكي عن مشايخنا ا هـ فراجع المنقول ولا تغتر بما أطلقه هنا‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله فعلى هذا الاحتلام هو البلوغ‏)‏ قال في النهر فيه نظر لقول أهل اللغة الاحتلام اسم لما يراه النائم ثم غلب على ما يراه من خاص وأيضا لو كان نفس البلوغ لكان قول القدوري وغيره بلوغ الصبي بالاحتلام والإحبال والإنزال وإلا فحتى يتم له ثماني عشرة سنة غير واقع في محله وكأن الداعي إلى هذا التكلف ذكر النوم معه ولا يكون تصريحا بما علم التزاما زيادة في الإيضاح ولا سيما والكتاب ألفه لولده ا هـ‏.‏ قال الشيخ إسماعيل نعم ما ذكره في العناية أشار إلى نحوه في المغرب بقوله والحالم المحتلم في الأصل ثم عم فقيل لمن بلغ مبلغ الرجال حالم وهو المراد به في الحديث خذ من كل حالم‏.‏

‏(‏قوله وفيه نظر إلخ‏)‏ قال في النهر لا يخفى أن المصنف استعمل البطلان بالمعنى الأعم أعني إعدام الفرض فبقي الأصل وإلا فالأولى ما قاله العيني أن مسألة المقتدي بمتيمم ليس فيها إلا خلاف زفر ولا خلاف فيها بين الإمام وصاحبيه وهذه المسائل ليس فيها إلا قول الإمام وصاحبيه ا هـ‏.‏ وقد يجاب عن الزيلعي بأنه بنى كلامه على مختاره من أنه إذا فسد الاقتداء لفقد شرط كطاهر بمعذور لم تنعقد أصلا وإن كان لاختلاف الصلاتين تنعقد نفلا غير مضمون فهنا لما فقد الشرط وهو الوضوء بطلت صلاة المقتدي من أصلها، لكن يخالفه ما ذكره المؤلف عن المحيط، وقد يقال ما في المحيط مشكل؛ لأن صلاة الإمام غير جائزة في اعتقاد المقتدي فكيف تنتقض طهارته بقهقهته إلا أن يقال لا يلزم من فساد اقتدائه عدم بقاء تحريمته فإذا ظهر له عدم صحة صلاة إمامه فسد اقتداؤه فبقي شارعا في صلاة نفسه بناء على خلاف مختار الزيلعي لكن المتبادر من عبارة المحيط أن الذي فسد هو وصف الفرضية فقط مع بقاء الاقتداء متنفلا فبقي كلامه مشكلا فليتأمل

‏(‏قوله إذا رأى ماء لا يضره فقد أفاد‏)‏ يعني أنه يفيد الاحتراز عما لو كان متوضئا ورأى الماء فإنها لا تبطل

‏(‏قوله فشمل ما إذا كان واجدا للماء أو لم يكن‏)‏ وشمل ما إذا كان قبل الحدث أو بعده ويجري فيه ما مر قال في النهر وصحح الشارح والحدادي أنه يستقبل وهو موافق لما سبق عن المحيط في المتيمم إذا رأى الماء بعد ما سبقه الحدث

‏(‏قوله كذا قالوا‏)‏ كأنه تبرأ منه لبعده؛ لأن الواجب عليه الاجتهاد في التعلم دائما ومن هو كذلك يبعد عادة تعلمه بمجرد السماع تأمل

‏(‏قوله وصححه في الفتاوى الظهيرية‏)‏ قال الشيخ إسماعيل وجزم به في الولوالجي في الفصل الثامن من كتاب الصلاة فارقا بينه وبين ستر العورة بأن عليه سترها بخلاف القراءة حينئذ

‏(‏قوله قال أبو الليث إلخ‏)‏ قال الرملي وصرح بمثل ما هنا في خزانة السروجي وفي الجوهرة لا تبطل إجماعا

‏(‏قوله أنه لا فساد بالاستخلاف بعد التشهد‏)‏ الأصوب إسقاط قوله بعد التشهد لإيهامه أن كلام المتن شامل لغيره وهو وإن كان صحيحا حكما لكنه خلاف المراد؛ لأن الاستخلاف في غير هذه الصورة فيه خلاف زفر كما مر قبيل هذا الباب والذي فيه خلاف الإمام وصاحبيه ما لو كان بعده لا مطلقا

‏(‏قوله قالوا وقد زيد عليها مسائل‏)‏ القائل الإمام الزيلعي وتبعه ابن الهمام وصاحب الدرر لكنهم اقتصروا على ثلاثة منها وهي ما عدا الثالثة، وكذا ذكر الثلاثة ابن شعبان في شرح المجمع كما ذكره الشرنبلالي قال ونوع دخول الوقت المكروه على مصلي القضاء بالزوال وتغير الشمس، وكذلك طلوعها ونقل الشرنبلالي أيضا عن الذخيرة لو سلم الأمي ثم تذكر أن عليه سجود السهو فعاد إليه فلما سجد تعلم سورة فسدت عند الإمام لا عندهما فتصير من الاثني عشرية ولو سلم ثم تعلم سورة ثم تذكر سجدة تلاوة لم يذكر هذا في الكتاب وينبغي أن يكون من الاثني عشرية ا هـ كلام الذخيرة

‏(‏قوله ففي التحقيق لا زيادة‏)‏ نازعه الشيخ إسماعيل وبحث فيما أول به ذلك، وكذلك العلامة الشرنبلالي في رسالته المسائل البهية الزكية على المسائل الاثني عشرية وحاصل ما ذكره أن الثوب الذي ثلاثة أرباعه نجسة يلزمه الستر به عند فقد غيره وإذا وجد الماء عند السلام كان البطلان لعدم إزالة النجاسة حينئذ لا لترك الستر؛ لأنه كان مستترا به غير أنه سقط اعتبار ما به من النجس ثم لزم إزالته، وكذا ستر الرأس في الأمة كان غير لازم عليها مع وجود الساتر فلما أعتقت وهو معها لزمها لزوال الرق لا لوجود ما كان منعدما، قال ثم أقول‏:‏ إنه يرد عليه دخول وقت العصر في الجمعة؛ لأنه يرجع إلى طلوع الشمس في الفجر، وقد ذكر معدودا وكان على مقتضى قوله أن يترك ذكره من أصل العد فترجع المسائل إلى إحدى عشرة وهو خلاف العدد في الروايات المشهورة‏.‏ ا هـ‏.‏ وقد تضمن قوله ثم أقول‏:‏ الجواب عما قاله المؤلف في الثانية ولم يتعرض للجواب عما قاله في الثالثة لكنه تضمنه كلامه أيضا ويقال عليه أيضا إنهم لم يذكروا من المسائل ظهور الحدث السابق، وإنما ذكروا رؤية المتيمم الماء ولو كان مرادهم ذلك وما يشبهه لاستغنوا بذلك عن مسألة نزع الخف ومسألة سقوط الجبيرة فذكر أحدها يغني عن الأخريين؛ لأن ظهور الحدث السابق موجود في كل منها على أن المؤلف نفسه ذكر في باب العيد أن حكمه كالجمعة يبطل بخروج وقته بزوال الشمس وذكر أنه يزاد على المسائل مع أنها ترجع إلى مسألة طلوع الشمس ومسألة دخول وقت العصر وعن هذا ونحوه مما دل عليه كلامهم أنها غير محصورة فيما ذكروه زاد الشرنبلالي رحمه الله تعالى عليها قريبا من مائة مسألة لوجود الأصل المبني عليه بطلان الصلاة فيها وهو أن الأصل في هذه المسائل أن فعل المصلي الذي يفسد الصلاة بوجوده فيها قبل الجلوس إذا وجد بعد الجلوس الأخير لا يفسدها بإجماع أصحابنا مثل الكلام والحدث العمد والقهقهة وأما ما ليس من فعل المصلي بل هو عارض سماوي وإذا اعترض يكون مفسدا بوجوده في أثنائها فقد اختلفوا في بطلانها به إذا وجد بعد القعود الأخير فعنده تبطل وعندهم لا، ثم حقق أن الخلاف مبني على افتراض الخروج بالصنع وعدمه وأيد كلام البردعي الآتي بما لا مزيد عليه وأن الاحتياط في صحة العبادات أصل أصيل وليس ذلك إلا بقول الإمام الأعظم أنها تبطل فالأخذ بقوله أولى لتبرأ ذمة المكلف بيقين ثم ذكر المسائل التي زادها وأطال الكلام عليها فارجع إن أردت إليها‏.‏

‏(‏قوله بأن اقتضاء الحكم الاختيار إلخ‏)‏ ذكر ذلك في الفتح منعا لما استدل به في الهداية للإمام بقوله وله أنه لا يمكنه أداء صلاة أخرى إلا بالخروج عن هذه وما لا يتوسل إلى الفرض إلا به يكون فرضا ا هـ قال في الفتح قوله وما لا يتوصل إلى الفرض إلا به يكون فرضا ومعلوم أن الطلب إنما يتعلق بفعل المكلف بناء على اختياره لا بلا اختياره، وقد يقال اقتضاء الحكم إلخ

‏(‏قوله ليس بمطرد‏)‏ خبر قوله والجواب ووجه عدم اطراد الجواب بما ذكر أنه لا يتأتى في مثل طلوع الشمس إذ ليس فيه أداء مع الحدث وقول المؤلف وهذا كله على تعليل البردعي إلخ غير ظاهر بل أول كلام الكمال إنما هو بناء على تعليل البردعي وقوله والجواب بأن الفساد إلخ بناء على قول الكرخي؛ لأن البردعي قائل بأن الفساد لعدم الفعل أي عدم الخروج بصنعه فصار حاصل كلام الكمال أنه بحث في دليل الإمام على التخريجين أما على تخريج البردعي القائل بأن الفساد لعدم الفعل فيرد عليه أن اشتراط الفعل الاختياري إنما يلزم في المقاصد لا في الوسائل إلخ، وأما على تعليل الكرخي القائل بأن الفساد لا لعدم الفعل بل للأداء مع الحدث فيرد عليه أنه غير مطرد فقوله والجواب معناه أن الجواب عن الإمام بما قاله الكرخي غير مطرد فتنبه‏.‏

‏(‏قوله ولا يشتغلون بالقضاء إلخ‏)‏ تصريح بما علم من قوله ولكنهم يمكثون إلى أن يفرغ وبيان لوجهه

‏(‏قوله ولم يبينوا ما إذا سبقه الحدث‏)‏ أي سبق الإمام الأول وذلك حيث قيد أولا بقوله إن كان الإمام سبقه الحدث وهو قائم

‏(‏قوله إحداها أنه لا يجوز اقتداؤه ولا الاقتداء به‏)‏ كذا في الفتح لكن الثانية ظاهرة، وأما الأولى فقال الشيخ إسماعيل للنظر في إدخالها في المسائل المستثناة مجال؛ لأن المنفرد أيضا ليس له بعد التحريمة أن يقتدي بأحد ولعله الداعي إلى ترك المصنف التعرض لها فليتدبر ا هـ‏.‏

‏(‏قوله واستثنى منلا خسرو في الدرر والغرر إلخ‏)‏ قال في النهر أقول‏:‏ عبارته فيها المسبوق فيما يقضي له جهتان جهة الانفراد حقيقة حتى يثني ويتعوذ ويقرأ وجهة الاقتداء حتى لا يؤتم به وإن صلح للخلافة أي من حيث كونه مسبوقا لا بخصوص كونه قاضيا ومن العجب أن ما حكم عليه هنا بأنه سهو جزم به في الأشباه والنظائر على أنه مستثنى من قولهم ولا يقتدي به، وقد علمت ما هو الواقع ا هـ‏.‏ لكن لا يخفى عليك ظهور ما قاله المؤلف هنا وإن جاراه في الأشباه فإن قول الدرر فيما يقضي ينافي ما أدرجه في النهر بقوله أي من حيث كونه مسبوقا، وكذا تتمة عبارة الدرر تنافي ذلك فإنه قال حتى لا يؤتم به وتقطع تكبيرة الافتتاح تحريمته، ويلزمه العود إلى سهو إمامه ويأتي بتكبير التشريق فإن ذلك كله فيما يقضي كما هو صريح صدر كلامه فإخراج قوله وإن صلح للخلافة عن تلك الحيثية إلى حيثية أخرى تأويل بعيد جدا لا يعترض بمثله على ما جرى عليه المؤلف من التحقيق

‏(‏قوله ولو قام قبله‏)‏ أي قبل قدر التشهد رملي

‏(‏قوله فإن وجد منه قيام إلخ‏)‏ قال الرملي يعني أنه لا يعتد بقيام المسبوق قبل فراغ الإمام من التشهد فكأنه قبل فراغه منه لم يقم وبعد فراغه يعتبر قائما حتى إذا وجد جزء قليل من قيام بعد فراغه منه جاز وإن لم يقرأ؛ لأنه سيقرأ في الباقيتين وإلا أي وإن لم يوجد ذلك لا يجوز والله أعلم ا هـ وأوضح المسألة أيضا في شرح المنية من سجود السهو‏.‏

‏(‏قوله وإن كان اقتداؤه بعد المفارقة مفسد إلخ‏)‏ هذا صريح في أنه لو اقتدى به بعد المفارقة قبل الفراغ تفسد صلاته تأمل ولعل مراد القول الأول فساد ما بقي وما مضى ومراد الثاني لا يفسد ما مضى ويفسد ما بقي ولكن القول الأول مشكل؛ لأن فرض المسألة أنه تابعه في السلام فقط وذلك بعد فراغه وتلك المتابعة فعل عمد فإفسادها ما مضى لا وجه له تأمل

‏(‏قوله ولو لم يعد فسدت صلاته‏)‏ كذا أطلقه في الفتح لكن في الذخيرة أنه لو لم يتابع الإمام ينظر إن وجد منه القيام والقراءة بعد فراغ الإمام من القعدة الثانية مقدار ما تجوز به الصلاة جازت صلاته وإلا فلا؛ لأن بعود إمامه إلى سجود التلاوة ارتفعت القعدة فصار كأنه قام إلى قضاء ما سبق به قبل فراغ الإمام من التشهد ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ ولم يذكر مثل ذلك في السجدة الصلبية؛ لأن نفسها ركن من أركان الصلاة فعدم المتابعة فيها مفسد بخلاف سجدة التلاوة؛ لأنها واجبة لا ركن تأمل‏.‏

‏(‏قوله يقضي أول صلاته إلخ‏)‏ ما ذكره تبعا للفتح والدرر قول محمد رحمه الله قال في السراج المسبوق إذا قام إلى القضاء فالذي يقضيه هو أول صلاته حكما عندهما، وقال محمد آخرها إلا في حق القراءة والقنوت حتى أنه يستفتح فيما يقضي وعند محمد يستفتح حال دخوله مع الإمام ولا يظهر الخلاف في القراءة والقنوت حتى لو أدرك ثالثة الوتر فقنت مع الإمام لا يقنت فيما يقضي بالإجماع وفي الوجيز ما أدركه المسبوق مع الإمام فهو آخر صلاة المسبوق وما يقضيه بعد فراغ الإمام فهو أول صلاته عندهما، وقال محمد ما صلاه مع الإمام هو أول صلاته وما يقضيه فهو آخرها بيانه إذا سبق بثلاث ركعات فإنه إذا سلم الإمام يقوم فيصلي ركعة بالفاتحة وسورة ثم يقوم من غير تشهد فيصلي أخرى بالفاتحة وسورة ثم يقعد ويتشهد ثم يقوم فيصلي أخرى بالفاتحة لا غير ويتشهد ويسلم وهذا عندهما، وقال محمد يقضي ركعة بالفاتحة وسورة ويقعد ويتشهد ثم يقوم فيصلي ركعتين بالفاتحة خاصة ويتشهد ويسلم ويحكى أن يحيى البكاء وكان من أصحاب محمد بن الحسن رحمه الله سأل محمدا عن المسبوق أنه يقضي أول صلاته أم آخرها فقال محمد في حكم القراءة والقنوت آخرها وفي حق القعدة أولها فقال يحيى على وجه السخرية هذه صلاة معكوسة فقال محمد لا أفلحت فكان كما قال أفلح جميع أصحابه ولم يفلح يحيى ا هـ‏.‏ قال الشيخ إسماعيل لكن في صلاة الجلاب يقتضي أن يكون القول بأن ما ذكره المصنف قول محمد ضعيفا وأنه قولهما وهو ما جزم به الزيلعي

‏(‏قوله وعليه أن يقضي ركعة بتشهد‏)‏ يعني الركعة الأولى من الركعتين قال في شرح المنية حتى لو أدرك مع الإمام ركعة من المغرب فإنه يقرأ في الركعتين الفاتحة والسورة ويقعد في أولهما؛ لأنها ثانيته ولو لم يقعد جاز استحسانا لا قياسا ولم يلزمه سجود السهو ولو سهوا لكونها أولى من وجه ا هـ‏.‏ ولا يخالفه ما نقله العيني عن المبسوط من أن هذا استحسان والقياس أن يصلي ركعتين ثم يقعد‏.‏ وجه الاستحسان أن هذه الركعة ثانية لهذا المسبوق والقعدة بعد الركعة الثانية من المغرب سنة ا هـ؛ لأن الأول نظر إلى أولوية الركعة بالنسبة إلى القراءة فالقياس القعود بعد ما بعدها والاستحسان القعود بعدها كما أشار إليه بقوله أولى من وجه، والثاني نظر إلى أن ما يقضيه المسبوق وإن كان بالنظر إلى الأخير كما مر فالقياس بالنسبة إلى هذا القعود بعدها والاستحسان بعد ما بعدها فليتأمل كذا في شرح الشيخ إسماعيل أقول‏:‏ الظاهر أن المراد بالجواز استحسانا الحل لا الصحة وإلا لاقتضى عدمها في القياس ولا وجه له؛ لأنه ليس بفرض فلا ينافي تركه الصحة على أنك قد علمت أنه لا يلزمه سجود السهو بتركه فقول الرملي قوله لا قياسا؛ لأنه كأنه ترك القعود الأخير تأمل ا هـ غير ظاهر فتدبر‏.‏

‏(‏قوله وفي الظهيرية تفسد صلاته وهو الأصح‏)‏ قال الرملي وفي البزازية والأول أقوى لسقوط الترتيب ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وفي شرح الشيخ إسماعيل عن جامع الفتاوى أنه تجوز عند المتأخرين وعليه الفتوى

‏(‏قوله حيث تفسد صلاته‏)‏ قال في النهر وكان وجه الفساد أنه زاد في صلاته ركعة غير معتد بها وهذا إنما يأتي فيما لو أدركه في الثانية، ولو صح كونه قاضيا لما فسدت بخلاف الأولى لما أنه يجب عليه متابعة الإمام فيها فلم تكن الركعة كلها غير معتد بها

‏(‏قوله إذا كان الإمام مسافرا إلخ‏)‏ قال الرملي أي وخلفه قوم مسافرون بدليل قوله ولأن المسافرين خلفه لا يلزمهم الإتمام

‏(‏قوله وفي الظهيرية مسافر صلى ركعة‏)‏ قال الرملي أي وخلفه قوم مسافرون بدليل قوله يسلم بالقوم

‏(‏قوله واستخلف المسبوق‏)‏ أي المسافر الآخر الذي اقتدى به بعدما صلى ركعة

‏(‏قوله ثم يقوم الثاني‏)‏ أي الإمام الثاني الذي هو خليفة الإمام الأول والمقام مقام إضمار ولكن صرح بالفاعل لئلا يتوهم عود الضمير على الخليفة الثاني المدرك‏.‏

‏(‏قوله بعد سلام الإمام الثاني‏)‏ قال الرملي أي الذي خلفه الخليفة الذي سلم بالقوم

‏(‏قوله ولا فرض الإمام الأول‏)‏ قال الرملي صوابه ولا بنية الإمام الأول ا هـ‏.‏ أي لأن المعنى عليه مع أن العبارة في البزازية كذلك

‏(‏قوله وفيه نظر إلخ‏)‏ أقول‏:‏ عبارة الفتح هكذا وكما يقدم مدركا للسلام لو تقدم كذا لآخران أما المقيم فلكذا، وأما اللاحق فإنما يتحقق في حقه تقديم غيره إلخ أي تقديمه للسلام كما هو مبنى التفصيل وهذا أيضا هو المفهوم من عبارة المؤلف أولا ومعلوم أن تقدم غيره للسلام لا يتحقق إلا إذا خالف الواجب فسقط النظر

‏(‏قوله؛ لأنه منه‏)‏ اسم فاعل من أنهى ينهي قال في العناية المنهي ما اعتبره الشرع رافعا للتحريمة عند فراغ الصلاة كالتسليم والخروج بصنع المصلي فإن الشرع اعتبرهما كذلك قال صلى الله عليه وسلم وتحليلها التسليم، وقال الله تعالى‏:‏ ‏{‏فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض‏}‏‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله وفي فتح القدير لو كان في القوم لاحق إلخ‏)‏ قال في النهر قد سبق أن الإمام الأول إذا لم يفرغ من صلاته، وقد أتى المسبوق الخليفة بمناف تفسد صلاته على الراجح مع أنه لاحق وهذا يعكر على ما في الفتح ويؤيد ما في السراج‏.‏

‏(‏قوله لم تتحول عنه‏)‏ أي لعدم صلاحية المؤتم لها قال في النهر ولا بد أن يقيد هذا بما إذا خرج الإمام من المسجد لما مر من أنه إذا لم يخرج فهو على إمامته حتى لو توضأ في المسجد وعاد إلى مكانه صح والله أعلم‏.‏