فصل: تابع كتاب الطهارة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: منحة الخالق على البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***


تابع كتاب الطهارة

‏(‏قول المصنف وبول ما يؤكل نجس‏)‏ أي نجاسة خفيفة عندهما كما في التبيين والمفتاح والينابيع والهداية والنتف والوقاية والنقاية وعيون الكافي وغيرها وفي المضمرات أن نجاسته غليظة عند أبي حنيفة وخفيفة عند أبي يوسف والفتوى على قول أبي حنيفة في البدن وعلى قول أبي يوسف في الثوب وعلى قول محمد في الحنطة كما في البرجندي ا هـ من شرح الشيخ إسماعيل النابلسي على الدرر والغرر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لا ينعكس إلخ‏)‏ أي لا ينعكس عكسا لغويا وإلا فالعكس المنطقي صحيح إذ الموجبة الكلية تنعكس موجبة جزئية كأن يقال بعض ما لا يكون نجسا لا يكون حدثا كالقيء القليل والدم البادي الغير المتجاور‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ هذا وقد وقع الاختلاف إلخ‏)‏ قال سيدي عبد الغني في شرحه على هدية ابن العماد‏:‏ بعد نقله عبارة المؤلف لا يظهر فيه اختلاف المشايخ لاتفاقهم على الجواز للضرورة وتصريح الأول أي صاحب النهاية باشتراط العلم لا ينافيه قول من بعده باشتراط الشفاء فيه فليتأمل قال والدي رحمه الله تعالى وقول المؤلف يعني صاحب الدرر لا للتداوي محمول على المظنون، وإلا فجوازه باليقين اتفاقي كما صرح به في المصفى لقصة العرنيين‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وقول محمد مشكل إلخ‏)‏ قال في النهر مدفوع إذ الكلام في طاهر لا إيذاء فيه بل كان دواء على أن المنع في لبن الأتان ممنوع ففي البزازية لا بأس بالتداوي به قال الصدر وفيه نظر

‏(‏قوله‏:‏ لا إشكال فيه‏)‏ أي في قول أبي يوسف‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ كالمسلم المغسول أو الشهيد‏)‏ قال في الشرنبلالية فيه نظر لما أن الدم الذي به غير طاهر في حق غيره إلا أن يحمل على ما إذا غسل عنه قبل الوقوع في البئر

‏(‏قوله‏:‏ بأن سقطت‏)‏ أي النجاسة وضمير دخولها للبقر وماء بالنصب مفعول دخول

‏(‏قوله‏:‏ فيجب نزح الجميع‏)‏ أقول‏:‏ ليس في عبارة الخانية لفظة يجب بل قال ينزح جميع الماء نعم ظاهره الوجوب ومثل عبارة الخانية عبارة الحاوي القدسي ومنية المصلي وعزاه شارحها ابن أمير حاج إلى البدائع وكذا في الدرر وعزاه شارحها الشيخ إسماعيل إلى المبتغى

‏(‏قوله‏:‏ وينزح منها عشرون دلوا‏)‏ والعصفورة ونحوها تعادل الفأرة في الجثة فأخذت حكمها والعشرون بطريق الإيجاب والثلاثون بطريق الاستحباب كذا في الهداية قال في النهاية‏:‏ وهذا الوضع لمعنيين ذكرهما شيخ الإسلام في مبسوطه أحدهما أن السنة جاءت في رواية أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه‏:‏ «قال في الفأرة إذا وقعت في البئر فماتت فيها ينزح منها عشرون دلوا أو ثلاثون» هكذا رواه أبو علي السمرقندي بإسناده وأو لأحد الشيئين، وكان الأقل ثابتا بيقين، وهو معنى الوجوب والأكثر يؤتى به لئلا يترك اللفظ المروي، وإن كان مستغنى عنه في العمل وهو معنى الاستحباب‏.‏ والثاني‏:‏ أن الرواة اختلفت فيها اختلافا كثيرا فروى ميسرة عن علي بن أبي طالب في الفأرة تموت في البئر ينزح منها دلاء وفي رواية سبع دلاء وفي رواية عشرون وفي رواية ثلاثون وروي عن ابن عباس في الفأرة أربعون فإذا بعضهم أوجب في الفأرة عشرين وبعضهم أقل من عشرين، وبعضهم أكثر من عشرين فأخذ علماؤنا بالعشرين؛ لأنه الأوسط بين القليل والكثير فكان هو واجبا لتعينه، وما وراءه استحبابا واعتراض صاحب النهاية على المعنى الثاني حيث قال فيه نظر؛ لأن هذا المعنى موجود في الثلاثين فلم يتعين عشرون للوجوب ا هـ‏.‏ يقول الفقير هذا النظر ساقط؛ لأن وجود هذا المعنى في ثلاثين ممنوع بل الثلاثين إنما هو الوسط بين الأوسط والأكثر لا بين القليل والكثير، فإن الروايات الواردة في الفأرة خمس أحدها دلاء بدون التعيين فهي محمولة على الأقل المتيقن من صيغة الجمع، وهو الثلاث والثانية سبع والثالثة عشرون والرابعة الثلاثون والخامسة الأربعون ولا يذهب عنك أن العشرين من بين هاتيك الروايات هو الأوسط بين القليل والكثير؛ لأن القليل هو الثلاث والسبع والكثير هو الثلاثون والأربعون والعشرون أوسط بينهما تدبر حق التدبر يحصل لك نتيجة التفكر‏.‏ ا هـ‏.‏ فرائد‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ المخرج‏)‏ أي صاحب كتاب تخريج أحاديث الهداية احترازا عن الإمام الزيلعي شارح الكنز، فإنه غيره‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وقيل المعتبر في كل بئر دلوها‏)‏ ظاهره أنه تفسير للوسط وليس كذلك بل هو مقابل له قال في البدائع ثم اختلف في الدلو قال بعضهم‏:‏ المعتبر في ذلك دلو كل بئر يستقي به منها صغيرا كان أو كبيرا وروي عن أبي حنيفة أنه قدر صاع وقيل المعتبر هو المتوسط بين الصغير والكبير ا هـ‏.‏ وقال الشارح الزيلعي الوسط هي الدلو المستعملة في كل بلدة وقيل المعتبر في كل بئر دلوها؛ لأنها أيسر عليهم وقيل ما يسع صاعا إلخ تأمل

‏(‏قوله‏:‏ حينئذ فينبغي أن يحمل قول من قدر الدلو إلخ‏)‏ قال في النهر‏:‏ أقول‏:‏ التقدير بالصاع مبني على اختيار أنه الوسط وينبغي على تفسيره بالمستعمل في كل بلدة اعتباره في الفاقدة له أيضا فحاصله أن من اعتبر في كل بئر دلوها لا يتأتى اعتبار الوسط على قوله إلا في التي لا دلو لها وحينئذ فيعتبر الوسط على القولين، وبهذا اعلم أن ذلك الحمل مما لا داعي إليه ا هـ‏.‏ وأراد بالقولين القول بأن الوسط ما كان قدر صاع والقول بأن الوسط هو المستعمل في كل بلدة

‏(‏قوله‏:‏ بدلو واحد كبير إلخ‏)‏ قال الرملي أقول‏:‏ فلو كان دلوها المعتاد لها كبيرا جدا هل يجب العدد المذكور أم يقتصر عليه ظاهر هذا الثاني فيكون مقيدا لقولهم المعتبر في كل بئر دلوها، وهو الذي يقتضيه نظر الفقيه، وبه يعلم أن الدلاء المستعملة في آبار قرى بلادنا على نحو البقر والحمير والإبل ويسمى في عرفنا المحص من هذا القبيل تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ويتفرع على عدم اشتراط التوالي إلخ‏)‏ التفريع للقول الثاني فقط‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولعل هذا إلخ‏)‏ قال في النهر‏:‏ هذا الاحتمال ساقط لما مر من أن مسائل الآبار بنيت على الآثار والوارد فيما استدل به محمد رحمه الله إنما هو إيجاب العشرين في نحو الفأرة والأربعين في نحو الحمامة مطلقا، ولو صح هذا الاحتمال لبطل ذلك الاستدلال؛ ولهذا تعين حمل كلام محمد على ما فهمه المشايخ

‏(‏قوله‏:‏ وبه يترجح قول محمد‏)‏ أقول‏:‏ وكذلك جزم به في متن المواهب فقال‏:‏ وألحق أي محمد الثلاث منها إلى الخمس بالهرة والست بالكلب لا الخمس إلى التسع بها والعشر به ا هـ‏.‏ أي ما ألحق الخمس إلى التسع بالهرة والعشر بالكلب كما قاله أبو يوسف‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وظاهره يخالف قول من قال إلخ‏)‏ قال في النهر‏:‏ أقول‏:‏ لا يلزم من كونها معها أن تكون هاربة منها والتقييد بموتها غير واقع لما مر ثم رأيت في السراج قال لو أن هرة أخذت فأرة فوقعتا جميعا في البئر إن أخرجتا حيتين لم ينزح شيء أو ميتتين نزح أربعون أو الفأرة ميتة فقط فعشرون، وإن مجروحة أو بالتي نزح جميع الماء‏.‏ ا هـ‏.‏ وهو حسن موافق لما في المجتبى وبقي من الأقسام موت الهرة فقط، ولا شك في وجوب نزح الأربعين

‏(‏قوله‏:‏ ولعل وجهه إلخ‏)‏ قال في الشرنبلالية وفي الفيض وبول الفأرة لو وقع في البئر؛ ولأن أصحهما عدم التنجيس ا هـ‏.‏ فلعل ما في المجتبى مبني على هذا تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ إلا إذا تعذر إخراجه، وكان متنجسا‏)‏ احترز به عن عين النجاسة قال القهستاني وفي الجواهر لو وقع عصفور في بئر فعجزوا عن إخراجه فما دام فيها فنجسة فتترك مدة يعلم أنه استحال وصار حمأة وقيل مدة ستة أشهر‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وليتأمل فيه‏)‏ أي في قوله طهر إلخ والظاهر أنه أراد بالطهارة خفة النجاسة كما يفيده ما بعده

‏(‏قوله‏:‏ يهراق الماء كله‏)‏ ظاهره أنه يطهر بمجرد الإراقة بلا غسل والظاهر أنه لا بد من غسله بعد الإراقة ثلاثا؛ لأنه حكم بنجاسة المراق، وبقي الأثر فلا بد من غسله بخلاف البئر

‏(‏قوله‏:‏ فعلى هذا إذا وقعت الفأرة في الصهريج إلخ‏)‏ هذا إنما يتم بناء على أن الصهريج ليس من مسمى البئر في شيء كذا في النهر وقال قبله وقضية إطلاقهم إيجاب العشرين والأربعين في الفأرة والحمامة أنه لا فرق بين المعين وغيرهما وبذلك تمسك بعض أهل العصر وأفتى بنزح عشرين في فأرة وقعت في صهريج، وفي القاموس الصهريج الحوض الكبير يجتمع فيه الماء ا هـ‏.‏ وقد ذكر العلامة المقدسي كلام المؤلف واستدلاله بما في الكافي وغيره من مسألة الحب ثم قال إنه مما لا يخفى بعده، فإن الحب بالحاء الخابية وأين هي من الصهريج لا سيما الذي يسع ألوفا من الدلاء ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ونقل في القنية أن حكم الركية حكم البئر قال بعض الفضلاء‏:‏ وهي البئر كما في القاموس لكن في العرف هي بئر يجتمع ماؤها من المطر ا هـ‏.‏ وقال الشيخ علاء الدين في شرحه على التنوير نقل المصنف يعني صاحب التنوير عن الفوائد أن الحب المطمور أكثره في الأرض كالبئر وعليه فالصهريج والزير الكبير ينزح منه كالبئر وقال‏:‏ فاغتنم هذا التحرير ا هـ‏.‏ والزير الدن، وهو الراقود العظيم، وهو أطول من الحب لا يعقد إلا أن يحفر له كما في القاموس أقول‏:‏ وبالله التوفيق الذي ينبغي تحريره أن يقال كل ما كان حفرة في الأرض لا تناله اليد فهو في حكم البئر وداخل في مسماها؛ لأنها كما مر مشتقة من بارت أي حفرت فيكون الوارد فيها واردا فيه بخلاف نحو الدن والفسقية والعين؛ لأن مسائل الآبار خارجة عن القياس فلا يلحق بها غيرها، وبه يظهر ما نقله في النهر عن بعض أهل العصر وكذا ما نقلناه عن المقدسي وإلى ما ذكرنا يشير صدر كلام النهر الذي قدمناه والله تعالى أعلم‏.‏

‏(‏قوله قالوا‏:‏ إنما أفتى به إلخ‏)‏ قال في النهر‏:‏ هذا لا يناسب ما في المختصر إذ فتواه بذلك على هذا التقدير حكم بإيجاب نزح الكل والغرض أنه لا يمكن، وله ‏(‏لكن لا يخفى ضعفه إلخ‏)‏ قال في النهر‏:‏ وكان المشايخ إنما اختاروا ما عن محمد لانضباطه كالعشر تيسيرا كما مر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ بل المأثور إلخ‏)‏ أراد به ما مر في حديث الزنجي الواقع في بئر زمزم

‏(‏قوله‏:‏ واختار بعض المتأخرين‏)‏ هو العلامة المحقق ابن أمير حاج في شرحه على المنية‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ المصنف فأرة منتفخة‏)‏ قال في النهر‏:‏ زاد بعض المتأخرين أو متفسخة إذ الاقتصار على الانتفاخ يوهم أنه في التفسخ يعيد أكثر من ثلاث؛ لأن إفساد الماء معه أكثر كما أن الاقتصار على المزيد يوهم إعادة الأقل فالجمع أولى

‏(‏قوله‏:‏ فعلم أنه لا حاجة إلى ما ذكر الزيلعي هنا‏)‏ وذلك حيث قال عادة الأصحاب أن يقدروه بالأيام، وهو قدره بالليالي حيث حذف التاء من الثلاث ولا فرق بينهما في الحقيقة؛ لأنه إذا تم أحدهما ثلاثة فقد تم الآخر ا هـ‏.‏ والفرق بين التوجيهين أن المقصود ذكر الليالي ويلزم منه دخول الأيام بناء على ما قاله الزيلعي وعلى ما قاله المصنف في المصفى المقصود كل منهما وذكر أحدهما يغني عن ذكر الآخر فلذا كان أولى تأمل‏.‏ قال في النهر ولقائل أن يقول لا نسلم أن حذف التاء يعين ذلك مطلقا بل إذا كان المعدود مذكرا أما إذا كان محذوفا جاز تقديره مذكرا أو مؤنثا وقد جوزوا في حديث‏:‏ «بني الإسلام على خمس» تقدير المحذوف أركانا أو دعائم ا هـ‏.‏ ومثله في بعض شروح الكافية زاد ما إذا قدم المعدود وجعل اسم العدد صفة فيجوز حينئذ في اسم العدد إلحاق التاء وحذفها وقال‏:‏ فاحفظها، فإنها عزيزة وخرج عليه بعضهم قول الأجرومية والمضارع ما كان في أوله إحدى الزوائد الأربع والزوائد جمع زائدة وحينئذ فلا يرد على قول الهداية فرائض الصلاة ستة قول الأكمل القياس أن يقول ست؛ لأن الفرائض جمع فريضة

‏(‏قوله‏:‏ لكونها مغسولة بماء البئر فيما تقدم‏)‏ أقول‏:‏ ما بمعنى وقت والظرف متعلق بقوله ‏"‏ مغسولة ‏"‏ وقوله‏:‏ ‏"‏ حال ‏"‏ مفعول تقدم مثل‏:‏ ‏"‏ واتقوا يوما ‏"‏ لا ظرف وقوله باشتمال متعلق بالعلم وقوله بدون متعلق بتقدم والمعنى إذا كان يلزمها غسلها لكونها مغسولة بماء البئر في زمن سابق بدون يوم وليلة أو بدون ثلاثة أيام على زمن العلم بالفأرة كيف لا يكون تنجس الثياب مستندا مع التيقن بتقدم الغسل على الحال، وإنما قيد التقدم بكونه بدون يوم وليلة أو بدون ثلاثة أيام؛ لأنه لو كان أكثر من ذلك من حين وجودها لم يلزم شيء لعدم الحكم بوقوعها حينئذ ويشكل أيضا أن النجاسة التي كانت بالثوب موقنة وفي زوالها بهذا الماء شك فما الفرق بينها وبين الطهارة عن حدث وأيضا إذا كان لزوم غسلها لكونها مغسولة بماء البئر لا للنجاسة التي كانت بها كما هو ظاهر كلام شارح المنية فما الفرق بين هذه الثياب وبين ما إذا غسلت لا عن نجاسة، فإن ظاهر كلامه أنه لا يجب غسلها لكن ظاهر كلام الزيلعي وجوب غسلها مطلقا، فإنه قال‏:‏ وقوله نجسها منذ ثلاث يعني في حق الوضوء حتى يلزمهم إعادة الصلاة إذا توضئوا منها، وأما في حق غيره، فإنه يحكم بنجاستها من غير إسناد؛ لأنه من باب وجود النجاسة في الثوب حتى إذا كانوا غسلوا الثياب بمائها لا يلزم إلا غسلها على الصحيح ا هـ‏.‏ ومثله في الدرر والمنح وشرح الملتقى للبهنسي ونحوه في معراج الدراية وكذا قال القدوري في مختصره أعادوا صلاة يوم وليلة إذا كانوا توضئوا منها وغسلوا كل شيء أصابه ماؤها ا هـ‏.‏ وذكر في المنية عبارة القدوري بحروفها لكن يعود إيراد شارح المنية على عبارة الزيلعي ومن تابعه بأنه إذا حكم بالنجاسة في الحال يجب غسل هذه الثياب ولهذا قال بعض الفضلاء في حواشي صدر الشريعة في كلام الزيلعي اشتباه حتى حذف بعضهم حرف الاستثناء من كلامه لكن وجهه العلامة نوح أفندي محشي الدرر والغرر بما حاصله أن في البئر المذكورة اعتبارين الأول الاحتياط والتنزه ومقتضاه الحكم بنجاستها منذ ثلاثة أيام في حق الوضوء وغيره فتعاد الصلاة وتغسل الثياب ولا يؤكل العجين، وهو اختيار الإمام‏.‏ والثاني‏:‏ نفي الحرج ومقتضاه عدم الحكم بالنجاسة مطلقا فلا يجب شيء مما مر، وهو اختيارهما والأول في نهاية الحرج والثاني في نهاية التوسعة فتوسط بينهما بأن خص رأي الإمام بالتوضؤ والاغتسال احتياطا بالعبادة ورأيهما بما عداه لنفي الحرج ولكن أمعن النظر في الثياب فقال يجب غسلها حذرا عن النجاسة المتوهمة، وإن لم يجزم بسبقها ولم يجزم بإعادة ما صلاه بتلك الثياب نفيا للحرج ولا بأس بأكل العجين ا هـ‏.‏ ويقرب من هذا ما سيأتي عن الصباغي قال بعد هذا اعلم أن في قولهم إذا غسلوا ثيابهم عن النجاسة لا يلزمهم إلا غسلها على الصحيح بحثا وذلك أن الحال لا يخلو إما أن يكونوا صلوا في المدة المذكورة في الثياب التي غسلت بماء تلك البئر أو صلوا في غيرها من الثياب، وكان الوضوء منها فإن كان الثاني وقلنا بوجوب إعادة الصلاة في تلك المدة فأولى أن نقول بوجوب الإعادة في الثياب؛ لأنه إذا وجبت الإعادة في ثياب طاهرة فمن باب أولى أن تجب في ثياب نجسة، وهو مما لا نزاع لا حد فيه فعلى هذا إن قلنا إن مقابل الصحيح عدم غسل الثياب المسألة بحالها فحينئذ تظهر الفائدة لكن لا يتم ذلك؛ لأن الفرض أنها نجسة فكيف يقال لا يجب غسلها وإن قلنا إن مقابل الصحيح عدم وجوب إعادة الصلاة في الثياب المغسولة بمائها وقد صلوا فيها، وهذا أيضا مما لا قائل به إذ لم يقل أحد إنه يصلي بالنجاسة من غير عذر ولا يعيد والفرق بين هذا الثوب وبين البئر أن الثوب مرئي له ولغيره بخلاف البئر، فإنها غائبة عن الأعين فافترقا وبخلاف الثياب التي غسلت بماء البئر فإن حكمها حكم البئر والزيلعي ومن حذا حذوه توهموا استواء حكم النجاسة المرئية على الثوب والثوب الذي غسل بماء البئر بجامع أن في كل منهما وجود النجاسة في الثوب لكن الفرق ما أسلفناه ا هـ‏.‏ لكن الصواب إسقاط لفظ عدم من قوله، وإن قلنا أن مقابل الصحيح عدم وجوب إعادة الصلاة وعلى هذا لا يظهر تعليل الدفع بما ذكره على أنه لا يرد على هذا الوجه شيء‏.‏ والحاصل أن قوله على الصحيح إما قيد للزوم الغسل أو لعدم الإعادة أو لهما ومقابل الأول عدم لزوم الغسل مع عدم الإعادة، وهو الوجه الأول الذي ذكره ومقابل الثاني لزوم الإعادة مع لزوم الغسل ووجهه ظاهر ومقابل الثالث عدم لزوم الغسل مع لزوم الإعادة وفيه ما تقدم والله تعالى أعلم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فلا يتجه هذا على قوله؛ لأنه يوجب مع الغسل الإعادة‏)‏ أقول‏:‏ هذا مخالف لقول المؤلف سابقا، فإنهم لا يعيدون إجماعا تأمل

‏(‏قوله‏:‏ وفي الأول والثاني‏)‏ وهما إن توضئوا منها وهم محدثون أو اغتسلوا من جنابة

‏(‏قوله‏:‏ وأما مسألة النجاسة‏)‏ أي المذكورة في دليل الإمامين

‏(‏قوله‏:‏ وفي المجتبى وحكم ما عجن به حكم الوضوء والغسل‏)‏ ينظر ما الفرق بين هذا العجين والثوب إذا غسل لا عن نجاسة حيث حكم في العجين بتنجسه دون الثوب‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ مع أن سؤره مشكوك فيه‏)‏ أي مشكوك في طهارته، وهذا بناء على قول البعض، وهو غير الأصح كما سيأتي ثم هنا بحث، وهو أنه إن كان المراد بطهارة عرق الحمار طهارته في نفسه كما يقتضيه الجواب الأول لزم أنه لو وقع في ماء لا يصيره مشكوكا لا في طهارته ولا في طهوريته؛ لأن ما وقع فيه على هذا طاهر لا شك فيه، وهو مخالف لما سيأتي، وإن كان المراد طهارة الماء الذي أصابه كما يقتضيه الجواب الثاني الآتي لم يصلح الجواب الأول للجوابية تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ قال في المغرب‏:‏ فرس عري إلخ‏)‏ الأولى الإتيان بلكن ليفيد الاستدراك على ما قبله كما فعل في النهر، فإن مبنى الاستدلال على طهارته على أن معروريا حال من الحمار، وأما على ما في المغرب من أنه حال من ضمير الفاعل فلا دلالة لكن في كونه حالا من الفاعل بعد لا يخفى إذ لا يبعد من حاله صلى الله عليه وسلم أن يركب، وهو عريان وقد يقال إن المعنى أنه صلى الله عليه وسلم ركب حال كونه معروريا الحمار فهو اسم الفاعل من اعرورى المتعدي حذف مفعوله للعلم به

‏(‏قوله‏:‏ ولهذا قال في المستصفى إلخ‏)‏ ظاهره أن الشك في العرق واللعاب نفسهما فيكون الشك في طهارتهما إذ لا طهورية فيهما إلا أن يحمل على أن المراد الماء الذي أصابه العرق واللعاب مشكوك فيه أي في طهوريته تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ إنه يكره سؤر المرأة للرجل وسؤره لها‏)‏ قال الرملي أقول‏:‏ يجب تقييده بغير الزوجة والمحارم وسيأتي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها مصرحا بالأولى

‏(‏قوله‏:‏ إنما هو في الشرب لا في الطهارة‏)‏ أي ليس لعدم طهارته بل للاستلذاذ الحاصل للشارب إثر صاحبه

‏(‏قوله‏:‏ أما لو مكث قدر ما يغسل فمه بلعابه إلخ‏)‏ قال في النهر‏:‏ حتى لو شرب بعد شربه الخمر فورا كان سؤره نجسا إلا أن يبلع ريقه ثلاثا عند الإمام قيل والثاني ويسقط اشتراط الصب في هذه الحالة والتقييد بالثلاث جرى عليه كثير

‏(‏قوله‏:‏ لكن صرح يعقوب باشا بأن الصحيح أن الفرض لا يسقط به‏)‏ قال في النهر والأول أولى

‏(‏قوله‏:‏ وأما سؤر الفرس‏)‏ قال في النهر وخصها بالذكر، وإن دخلت فيما يؤكل لحمه للاختلاف في علة الكراهة وإن كانت على الظاهر؛ لأنها آلة الجهاد إذ لا خبث في لحمها بدليل الإجماع على حل لبنها‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وسباع البهائم‏)‏ قال في السراج الوهاج هي ما كان يصطاد بنابه كالأسد والذئب والفهد والنمر والثعلب والفيل والضبع وأشباه ذلك

‏(‏قوله‏:‏ فلا إشكال أنه من باب العطف على معمولي عاملين مختلفين‏)‏ يشير إلى أن في التقرير السابق إشكالا؛ لأنه مبني على تنزيل اختلاف العمل منزلة اختلاف العامل؛ لأن العامل، وهو سؤر واحد في الحقيقة لكن عمله في المضاف إليه، وفي الخبر مختلف فكان كعاملين وكذا لا إشكال على القول بأن العامل في الخبر هو الابتداء أو الابتداء والمبتدأ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولا يخفى ما في هذا الجواب إلخ‏)‏ أقول‏:‏ يمكن إرجاع ما ذكره في العناية إلى ما قاله في شرح الوقاية من أن العلة الحرمة مع اختلاط الدم، وذلك ظاهر بأدنى تأمل‏.‏ فإنه بعد ما ذكر اشتراك المأكول وغيره في النجاسة المجاورة بالدم ذكر انفراد غير المأكول بالحرمة فقد اجتمع في غير المأكول الأمران بخلاف المأكول فكانت النجاسة في الأول دون الثاني ثم أوضحه بقوله فعلم من هذا أن اللعاب المتولد من لحم مأكول بعد الذبح طاهر أي؛ لأنه لم يوجد فيه إلا الاختلاط بالدم وقوله دون غيره أي دون المتولد من لحم مأكول بأن كان متولدا من لحم حرام غير مأكول، فإن لعابه غير طاهر لتولده من لحم حرام فقد اجتمع فيه الشيئان فمؤدى الكلامين متحد إلا أن عبارة شرح الوقاية أصرح‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ثم لا يخلو إما أن يلحق به في حق جميع الأحكام‏)‏ أي الثلاثة التي هي نجاسة السؤر وكراهته وحرمة اللحم

‏(‏قوله‏:‏ أو في الأول مع الثاني‏)‏ معطوف على قوله في حق جميع الأحكام

‏(‏قوله‏:‏ وعلى هذا لا ينبغي إطلاق كراهة أكل فضلها إلخ‏)‏ قال في النهر لو خرج الإطلاق على قول الطحاوي لكان أولى، وعليه يحمل ما في غاية البيان وبه يستغني عما في البحر من حمله على التسامح أو تأويل الواجب الثابت ا هـ ونحوه في منح الغفار‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ تكره الصلاة مع حمل ما سؤره مكروه إلخ‏)‏ وقد تقدم قبل صفحة أن الكراهة إنما هي عند التوهم فراجعه لكن يمكن الفرق بين سؤرها وحملها بأن السؤر فيه ضرورة بخلاف الحمل تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لا يقتضي نجاسة السؤر لما قدمنا‏)‏ أي من سقوطها للضرورة

‏(‏قوله‏:‏ بأنه لو وجد الماء المطلق إلخ‏)‏ بيانه كما في بعض الشروح أن من توضأ بالسؤر المشكوك إذا أحدث فقد حل الحدث بالرأس أيضا، فإذا توضأ بعده بالماء المطلق ومسح رأسه تكون بلة الماء المطلق على رأسه مشكوكا أيضا لإصابته إياه فلا يرفع الحدث المتيقن؛ لأنه مشكوك، والشك لا يرفع اليقين فيجب غسل رأسه لهذا المعنى فلما لم يجب دل على أن الشك في طهوريته لا في طهارته

‏(‏قوله‏:‏ وعلم أيضا ضعف ما في فتاوى قاضي خان إلخ‏)‏ قال في النهر لقائل أن يمنع قوله؛ لأن الشك إلخ بأن الشك في الطهورية لا يستلزم الشك في الطهارة بخلاف العكس كما هو ظاهر فما في الخانية له وجه وجيه ا هـ‏.‏ لكن قول المؤلف؛ لأنه لا إفساد بالشك بقي وارد؛ لأنه حيث حكم عليه بالشك في الطهارة كيف يفسد الماء الثابتة طهارته بيقين على أنه مخالف لما ذكره المؤلف أولا من اتفاقهم أنه على ظاهر الرواية لا ينجس الماء اللهم إلا أن يراد بما في الخانية من أنه يفسد الماء أي يرفع طهوريته تأمل ثم رأيت التصريح بهذا للتأويل في التتارخانية معزيا إلى بعض المشايخ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وبه اندفع ما في النهاية إلخ‏)‏ قال في النهر ولا يخفى أن الدفع إنما يتم على تقدير سبق النية على الهداية وفيه تردد

‏(‏قوله‏:‏ وذكر مسكين في شرح الكتاب إلخ‏)‏ قال في النهر أقول‏:‏ لو صح ما قاله مسكين لحرم أكل الذئب الذي ولدته الشاة لغلبة شبه الأب وقد مر أنه حلال وما في المعراج بعد؛ لأن الاعتبار للأم ممنوع والظاهر أن جواز الأكل يستلزم طهارة السؤر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ تقليلا للنسخ الذي هو خلاف الأصل‏)‏ بيانه أن قبل البعثة كان الأصل في الأشياء الإباحة فلو جعلنا المبيح متأخرا يلزم تكرار النسخ؛ لأن الحاظر يكون ناسخا للإباحة الأصلية ثم المبيح يكون ناسخا للحاظر ولو جعلنا الحاظر متأخرا لا يلزم إلا نسخ واحد؛ لأن المبيح لإبقاء الإباحة الأصلية والحاظر ناسخ والأصل عدم التكرار وفي هذا الكلام مبسوط في حواشينا على شرح المنار

‏(‏قوله‏:‏ لكن ذكر الإمام جلال الدين إلخ‏)‏ أقول‏:‏ وعليه جرى صدر الشريعة في التنقيح، وفي تحرير المحقق ابن الهمام أنه لا بد من السؤال عن مبناه ليعمل بمقتضاه إن لم يتعذر السؤال وعبارة صدر الشريعة هكذا إذا أخبر بطهارة الماء ونجاسته فالطهارة، وإن كانت نفيا لكنه يحتمل المعرفة بالدليل فيسأل، فإن بين وجه دليله كان كالإثبات، وإن لم يبين فالنجاسة أولى وقال في التوضيح هذا نظير النفي الذي يحتمل معرفته بالدليل ويحتمل بناؤه على العدم الأصلي؛ لأن طهارة الماء قد تدرك بظاهر الحال وقد تدرك عيانا بأن غسل الإناء بماء السماء أو بالماء الجاري وملأه بأحدهما ولم يغب عنه أصلا ولم يلاقه شيء نجس فإذا أخبر واحد بنجاسة الماء والآخر بطهارته، فإن تمسك بظاهر الحال فإخبار النجاسة أولى وإن تمسك بالدليل كان مثل الإثبات ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فإذا لم يبين العمل بالأصل‏)‏ أي فالعمل بالأصل أولى أو فالأولى العمل بالأصل أو العمل مبتدأ والظرف خبر والجملة على كل جواب الشرط على تقدير الفاء

‏(‏قوله‏:‏ وإن بين فالعبرة لهذا التفصيل‏)‏ لا يخفى أن التفصيل السابق هو إن بين دليل الطهارة أخذ به، وإن لم يبين فيقدم إخبار النجاسة فما معنى قوله‏:‏ وإن بين فالعبرة لهذا التفصيل تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ بحديث ابن مسعود‏)‏ هو ما رواه أبو رافع وابن القيم عن ابن عباس رضي الله عنهما‏:‏ «أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب ذات ليلة ثم قال ليقم معنا من لم يكن في قلبه مثقال ذرة من كبر فقام ابن مسعود فحمله رسول الله صلى الله عليه وسلم مع نفسه فقال عبد الله بن مسعود‏:‏ خرجنا من مكة وخط رسول الله صلى الله عليه وسلم حولي خطا وقال لا تخرج من هذا الخط، فإنك إن خرجت منه لم تلقني إلى يوم القيامة ثم ذهب يدعو الجن إلى الإسلام ويقرأ القرآن عليهم حتى طلع الفجر فقال لي هل معك ماء أتوضأ به فقلت لا إلا نبيذ التمر في إداوة فقال صلى الله عليه وسلم تمرة طيبة وماء طهور فتوضأ به وصلى الفجر» ووجه قول أبي يوسف، وهو قول الشافعي العمل بآية التيمم فإنها تنقل التطهير عند عدم الماء المطلق إلى التراب ونبيذ التمر ليس ماء مطلقا فيكون الحديث مردودا بها لكونها أقوى من هذا الحديث أو منسوخا بها؛ لأنها مدنية وليلة الجن كانت بمكة، فإن قيل نسخ السنة بالكتاب لا يجوز عند الشافعي فكيف يستقيم القول بأنه منسوخ بآية التيمم أجيب بأن ذلك جواب أبي يوسف خاصة والمشترك بينهما هو العمل بآية التيمم وعند محمد يجمع بينهما؛ لأن في الحديث اضطرابا؛ لأن مداره على أبي زيد مولى عمرو بن الحارث وأبو زيد كان مجهولا عند النقلة؛ ولأنه روي عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود أنه قيل هل كان أبوك مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن فقال لو كان أبي مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن لكان فخرا عظيما ومنقبة له ولعقبه بعده فأنكر كون أبيه مع النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان لما خفي على ابنه وفي التاريخ جهالة تامة ثم اختلفوا في انتساخ هذا الحديث لجهالة التاريخ فقال بعضهم نسخ ذلك بآية التيمم وقال بعضهم لم ينسخ فيجب احتياطا قلنا ليلة الجن كانت غير واحدة يعني أنها تكررت قال في التيسير إن الجن أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم دفعتين فيجوز أن تكون الدفعة الثانية في المدينة بعد آية التيمم فلا يصح دعوى النسخ والحديث مشهور علمت به الصحابة كعلي رضي الله عنه روي عنه الحديث أنه قال «الوضوء بنبيذ التمر وضوء من لم يجد الماء» وروي عن عبد الله بن مسعود أنه كان يجوز الوضوء بنبيذ التمر عند عدم الماء وروى عكرمة عن ابن عباس أنه قال توضئوا بنبيذ التمر وروي عنه من طرق مختلفة أنه كان يجوز الوضوء بنبيذ التمر عند عدم الماء وهم كبار أئمة الفتوى فيكون قولهم معمولا به وبمثله يزاد على الكتاب قال أبو حنيفة إن اشتبه كون عبد الله بن مسعود مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن قلنا في الباب ما يكفي الاعتماد عليه، وهو رواية هذه الكبار من الصحابة وقوله أبو زيد مجهول قلنا لا بل هو من كبار التابعين، وكان معروفا وقال محمد بن إسماعيل البخاري‏:‏ أثبت كون عبد الله بن مسعود مع النبي عليه السلام باثني عشر وجها ومعنى قول ابنه إنه لم يكن معه أي لم يكن معه حالة الخطاب والدعوة بل كان داخل الخط والدليل على أنه معه ما روي أن ابن مسعود رأى قوما يلعبون بالكوفة فقال ما رأيت قوما أشبه بالجن الذين رأيتهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن من هؤلاء كذا في مبسوط شيخ الإسلام والجامع الصغير للمحبوبي كذا في النهاية والعناية‏.‏ ا هـ‏.‏ فرائد‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولقد أنصف الإمام الطحاوي إلخ‏)‏ قال العلامة نوح أفندي في حواشي الدرر بعد نقل كلام الطحاوي أقول‏:‏ حاشاه ثم حاشاه ثم حاشاه أن يبني شيئا في دين الله تعالى على ما لا أصل له بل له أصل أصيل عنده فالحديث بالنسبة إليه صحيح، وإن كان بالنسبة إلى غيره ضعيفا فالعبرة في هذا الباب برأي المجتهد لا برأي غيره وقوله لا أصل له مردود؛ لأنه مشعر بأنه موضوع، وليس كذلك لأن غاية ما قيل فيه إنه ضعيف، وهو غير الموضوع على أن الحسن والصحة والضعف باعتبار السند ظنا على الصحيح أما في الواقع فيجوز ضعف الصحيح وصحة الضعيف فلا نقطع بصحة صحيح ولا ضعف ضعيف لاحتمال أن يكون الواقع خلافه مع أن الحديث الواحد قد يكون صحيحا عند البعض ضعيفا عند آخر فدار على اجتهاد المجتهد فإذا بنى على حديث حكما يجب على من قلده أن يأخذه بالقبول ولا يلتفت إلى قول من ضعفه بعده وكم في كتب الفقه من الاحتجاج بمثل ذلك على أن من تكلم في الحديث المذكور كالدارقطني أبهم الجرح والصحيح عدم قبوله ما لم يفسر فلولا نقل رجوع الإمام عنه لأفتينا بوجوب الوضوء منه عند عدم الماء، فإن قلت حيث كان الحديث ثابتا فما سبب رجوعه عنه قلت أمر ظهر للمجتهد من النظر إلى الدليل ألا ترى أن الشافعي رحمه الله رجع عن مذهب مستقل بعد تدوينه وغاية ما يقال هنا إنه ظهر له أن آية التيمم متأخرة عن ليلة الجن فهي ناسخة له ا هـ ملخصا‏.‏