فصل: منحة الخالق على البحر الرائق

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: منحة الخالق على البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***


بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة المؤلف

الحمد لله الذي أعز العلم في الأعصار وأعلى حزبه في الأمصار، والصلاة على رسوله المختص بهذا الفضل العظيم وعلى آله الذين فازوا منه بحظ جسيم قال مولانا الحبر النحرير صاحب البيان والبنان في التقرير والتحرير كاشف المشكلات والمعضلات مبين الكنايات والإرشادات منبع العلى علم الهدى أفضل الورى حافظ الحق والملة والدين شمس الإسلام والمسلمين وارث لعلوم الأنبياء والمرسلين أبو البركات عبد الله بن أحمد بن محمد النسفي لما رأيت الهمم مائلة إلى المختصرات والطباع راغبة عن المطولات أردت أن ألخص الوفي بذكر ما عم وقوعه وكثر وجوده لتكثر فائدته وتتوفر عائدته فشرعت فيه بعد التماس طائفة من أعيان الأفاضل وأفاضل الأعيان الذين هم بمنزلة الإنسان للعين والعين للإنسان مع ما بي من العوائق ‏(‏وسميته‏)‏ بكنز الدقائق، وهو، وإن خلا عن العويصات والمعضلات فقد تحلى بمسائل الفتاوى والواقعات معلما بتلك العلامات وزيادة الطاء للإطلاقات والله الموفق للإتمام والميسر للاختتام‏.‏

‏(‏بسم الله الرحمن الرحيم‏)‏

الحمد لله الذي زين نحور هذه الأمة المحمدية بعقود شريعته الشريفة وسنة نبيه المرضية وقيض لها عبادا غاصوا في بحر رقائقها فاستخرجوا مكنون كنز دقائقها والصلاة والسلام على من هو السبب الأعظم في هذا المدد والوسيلة العظمى لكل أحد وعلى آله وأصحابه وتابعيه وأحزابه ذوي العلم والعرفان من رقوا في معراج الدارية لإيضاح طرق الهداية إلى غاية البيان‏.‏

‏(‏وبعد‏)‏‏:‏

فيقول محمد أمين المكنى بابن عابدين غفر الله تعالى ذنوبه وملأ من زلال العفو ذنوبه‏.‏ آمين هذه حواش جعلتها سلكا لدرر البحر الرائق شرح كنز الدقائق فبدت عقود الجيد لمن هو إلى جيد معانيه مسارع ومسابق علقتها أولا على هامش صفحاته ثم جمعتها هنا لتكون تذكرة للعبد بعد وفاته فتحت بها مقفله وحللت بها معضله ولست أتعرض فيها غالبا إلا لما فيه إيضاح أو تقوية أو لما فيه بحث أو إشكال بعبارات تفك الأسر وتحل العقال، وإذ هو مشحون بالمسائل الفقهية والأدلة الأصولية فهو غني من ذلك عن الزيادة اللهم إلا أن يكون شيئا في ذكره عظيم إفادة ضاما إلى ذلك بعض أبحاث أوردها في النهر الفائق الفاضل المحقق الشيخ عمر على أخيه الشيخ الفقيه النبيه العلامة زين بن نجيم سديد الرأي والنظر وبعض ما كتبه على هذا الكتاب الشيخ خير الدين الرملي المفتي الحنفي تاركا لما وجهه علي قد خفي وأرجو ممن وقف على هذه العجالة أن يجعل عثراتي مقالة، فإن بضاعتي قليلة وفكرتي كليلة وسميت ذلك بمنحة الخالق على البحر الرائق وأسأله سبحانه وتعالى متوسلا إليه بمن صلاته عليه تتوالى أن يلهمني الصواب وأن يسلك بي سبيل السداد وأن يجعل ذلك خالصا لوجهه الكريم موجبا للفوز العظيم نافعا به جل العباد وأن يمن علي وعلى والدي وأشياخي بالعفو التام وكما أحسن لي المبدأ يحسن لي الختام بحرمة نبيه عليه الصلاة والسلام‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فالفقه لغة الفهم‏)‏ أقول‏:‏ وفي تحرير الدلالات السمعية لعلي بن محمد بن أحمد بن مسعود نقلا عن التنقيح الفقه لغة هو الفهم والعلم وفي الاصطلاح هو العلم بالأحكام الشرعية العلمية بالاستدلال ويقال فقه بكسر القاف إذا فهم وبفتحها إذا سبق غيره إلى الفهم وبضمها إذا صار الفقه له سجية‏.‏ ا هـ‏.‏ رملي

‏(‏قوله‏:‏ واصطلاحا إلخ‏)‏ الاصطلاح لغة الاتفاق واصطلاحا اتفاق طائفة مخصوصة على إخراج الشيء عن معناه إلى معنى آخر رملي

‏(‏قوله‏:‏ العلم بالأحكام الشرعية العملية‏)‏ قال الرملي في بعض النسخ بعد العملية المكتسبة والظاهر أنها من زيادة بعض الكتبة يظهر ذلك من قوله الآتي، وقوله ومن أدلتها متعلق بالعلم إلخ تأمل

‏(‏قوله؛ لأن أدلته ظنية‏)‏ اعترض عليه بأن الإجماع وما ثبت به قطعيان‏.‏ وأجيب بأن التعبير فيها بالظن تغليب أو بأن قطعيتهما بالنسبة إلينا، وأما بالنسبة إلى من صدر عنه من المجمعين فهو ظني مستند إلى إمارة وفي حواشي جمع الجوامع للعلامة ابن قاسم العبادي قال السيد بعد كلام أورده يلزم مما ذكر أن تكون الأحكام المعلومة من الأدلة القطعية أي القطعية الدلالة والثبوت كما أفصح به بعضهم خارجة عن الفقه فإما أن يختار أن الأدلة اللفظية لا تفيد إلا ظنا كما ذهب إليه بعضهم فكذا ما يتفرع عليها من الإجماع والقياس وإما أن يقال كل ما عليه دليل قطعي من الأحكام فهو مما علم من الدين ضرورة وقد صرح في المحصول بخروج مثله عنه ا هـ‏.‏ وجزم قبل ذلك بخروج ما علم من الأحكام ضرورة من الدين ا هـ‏.‏ أي خروجها عن الفقه وعليه كلام الشارح الآتي حيث قال‏:‏ وخرج بقيد الشرعية الأحكام المأخوذة من العقل إلخ قال ابن قاسم‏:‏ بعد ما تقدم وبحث فيه بعضهم بأن تلك الأحكام ليست ضرورية بمعنى حصولها بلا دليل، فإن المجتهدين قد استنبطوها وحصلوها في أصلها عن أدلتها التفصيلية كوجوب الصلاة مثلا، فإنه مستنبط من قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أقيموا الصلاة‏}‏ بل تلك الأحكام ضرورية بمعنى أنها اشتهرت حتى عدت من ضروريات الدين فلا يخرج ما علم من تلك الأحكام بقوله عن أدلتها‏.‏ ا هـ‏.‏ وسيأتي لهذا تتمة فتبصر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فالأولى ما في التحرير من ذكر التصديق الشامل للعلم والظن‏)‏ أي بناء على استعمال المنطقيين إياه مرادا به ما ذكر؛ لأنهم قسموا العلم بالمعنى الأعم إلى التصور والتصديق تقسيما حاصرا، ولكن ليس هذا مراد صاحب التحرير بل مراده به الإدراك القطعي سواء كان ضروريا أو نظريا صوابا أو خطأ فالتصديق كما قال شارحه‏:‏ ابن أمير حاج جنس لسائر الإدراكات القطعية بناء على اشتهار اختصاص التصديق بالحكم القطعي كما في تفسير الإيمان بالتصديق بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من عند الله تعالى ا هـ‏.‏ فهو غير ما اصطلح عليه المناطقة، ويدل على أن مراده ما ذكرنا أنه صرح بعده بأن الأحكام المظنونة ليست من الفقه إلا على الاصطلاح بأنه كله ظني أو الاصطلاح بأن منه ما هو قطعي ومنه ما هو ظني فهي ثلاثة هذان وما اختاره صاحب التحرير قال شارحه بعد كلام بقي الشأن في أي الاصطلاحات من هذه أحسن أو متعين ويظهر أن ما مشى عليه المصنف متعين بالنسبة إلى أن المراد بالفقيه المجتهد وأن الثالث أحسن إذا كان موضوعا بإزاء المدرك إلى آخر ما قاله وبه ظهر ما في كلام الشارح من عزوه ما ذكر للتحرير كما لا يخفى على نحرير

‏(‏قوله‏:‏ وأجاب عنه في التلويح بأنه إلخ‏)‏ أقول‏:‏ هو كذلك في شرح جمع الجوامع للعلامة جلال الدين المحلي وقد بسط السؤال والجواب محشيه الكمال ابن أبي شريف

‏(‏قوله‏:‏ والمحققون على أنه لا يراد بالحكم هنا خطاب الله تعالى إلخ‏)‏ قال الرملي أقول‏:‏ بل المراد النسبة التامة بين الأمرين التي العلم بها تصديق وبغيرها تصور؛ لأن الحكم لا يكون إلا كذلك على هذا كما تقدم

‏(‏قوله‏:‏ وخرج بقيد العملية الأحكام الشرعية الاعتقادية إلخ‏)‏‏.‏ اعلم أن الشارح تبع في ذلك الجلال المحلي في شرح جمع الجوامع حيث قال وخرج بقيد العملية العلم بالأحكام الشرعية العلمية أي الاعتقادية كالعلم بأن الله واحد وأنه يرى في الآخرة وزاد الشارح عليه العلم بوجوب الصلاة والصوم ولابن قاسم هنا كلام ينبغي ذكره ملخصا مع بعض زيادات تشير إلى كلام الشارح فنقول‏:‏ اعلم أن الاعتقاد إدراك والحق في الإدراك أنه انفعال أو كيف لا فعل كما تقرر في محله، وإذا لم يكن فعلا فلا يكون عملا إلا على سبيل التجوز أو نظرا إلى أنه يعبر عنه بلفظ الفعل ويعد فعلا عرفا فيقال صدق وأدرك وعلم ونحو ذلك إذا تقرر ذلك فالاعتقاد مثل اعتقاد أن الجنة موجودة اليوم وأن الله تعالى يرى في الآخرة تارة ينظر فيه في نفسه وحينئذ يكون خارجا عن حد الفقه بقوله‏:‏ العملية بمعنى المتعلقة بكيفية عمل كما فسره به فيما سيأتي تبعا للمحلي؛ لأن هذا الاعتقاد، وإن صدق عليه أنه علم بحكم شرعي وذلك الحكم الشرعي هو ثبوت الوجود للجنة لكن ذلك الحكم ليس متعلقا بكيفية عمل؛ لأن الوجود كيفية للجنة والجنة ليست عملا وأيضا المراد بالكيفية الوجوب والحرمة وغيرهما بخلاف الوجود ونحوه وقس الباقي وتسمية هذا الحكم اعتقاديا كما أفاده الشارح لا ينبغي أن يكون لكونه يتعلق بالاعتقاد لظهور أنه ليس الأمر كذلك، فإن النسبة في قولنا الله تعالى يرى في الآخرة ليس متعلقها اعتقادا بل متعلقها الرؤية التي هي المحمول، وليست اعتقادا وكذا الإجماع حجة والإيمان واجب بل ينبغي أن يكون لكونه أمرا الغرض اعتقاده فمعنى كونه اعتقاديا أنه أمر يعتقد، وأما العلم بوجوب الصلاة والصوم ونحو ذلك فعلى ما قررنا يكون داخلا في حد الفقه، ولا يكون خارجا بالاعتقادية؛ لأن الحكم متعلق بكيفية عمل وتارة ينظر فيه باعتبار تعلق العلم بالحكم المتعلق بكيفيته، فإن اعتقادا أن الجنة موجودة اليوم مثلا له كيفية هي الوجوب والحكم المتعلق بتلك الكيفية هو ثبوت الوجوب لذلك الاعتقاد فالعلم بثبوت وجوب اعتقاد أن الجنة موجودة اليوم علم بحكم شرعي اعتقادي أي متعلق بكيفية اعتقاد، فإنه علم بثبوت الوجوب لذلك الاعتقاد، وذلك الثبوت حكم شرعي؛ لأنه استفيد من الشرع وذلك الوجوب كيفية لاعتقاد، وهو اعتقاد أن الجنة موجودة اليوم، فإن أريد بالعمل في قولهم العملية ما يشمل الاعتقاد ولو بمسامحة كما هو مقتضي كلام الشارح الآتي دخل في الفقه العلم بوجوب مثل هذه الاعتقادات؛ لأنه علم بحكم شرعي عملي أي متعلق بكيفية عمل كما تقرر وخرج عنه نفس هذه الاعتقادات إذ ليست علما بحكم شرعي عملي أي متعلق بكيفية عمل إذ ليست تلك الأحكام التي هي متعلق تلك الاعتقادات متعلقة بكيفية عمل كما تقرر وأما العلم بوجوب الصلاة والصوم فعلى كل يكون داخلا غير خارج كما تقرر، وإن أريد به ما يكون عملا وفعلا حقيقة خرج عن حد الفقه العلم بوجوب مثل هذه الاعتقادات أيضا إذ ليس الحكم فيها حينئذ عمليا أي متعلقا بكيفية عمل إذ صاحب تلك الكيفية، وهو الاعتقاد ليس عملا ولا يخرج نحو العلم بوجوب الصلاة والصوم كما قال الشارح لظهور أن صاحب تلك الكيفية التي هي الوجوب، وهو الصوم والصلاة فعل وعمل لكن ينافي هذا الوجه ما بعده على أنه يرد عليه حينئذ نحو تحريم ظن السوء بالغير بلا مسوغ شرعي، فإن العلم به من الفقه كما هو ظاهر مع أن الظن ليس من العمل على هذا التقدير ا هـ ملخصا مع بعض زيادات مناسبة للمقام فليمعن النظر ذوو الأفهام‏.‏ والذي تحصل من هذا عدم خروج العلم بوجوب الصلاة والصوم عن حد الفقه بما ذكره على الاحتمالات السابقة كلها، وأما غيره من بقية الضروريات فيحتاج إلى العناية على أنه يلزم إخراج أكثر علم الصحابة رضي الله عنهم بالأحكام الشرعية للأعمال عن حد الفقه، فإنه ضروري لهم لتلقيهم إياه من النبي صلى الله عليه وسلم حسا ومن المعلوم بعد هذا فكذا ما يفضي إليه، وهذا يؤيد ما ذهب إليه العلامة النحرير ابن الهمام في كتابه التحرير على ما أشرنا إليه سابقا والله تعالى الموفق‏.‏

‏(‏قوله للاحتراز عن علم الخلافي‏)‏ هو المرء المنسوب إلى علم الخلاف يعني الجدل، وهو العارف بآداب البحث قال في شرح جمع الجوامع وخرج بقيد التفصيلية العلم بذلك المكتسب للخلافي من المقتضي والنافي المثبت بهما ما يأخذه من الفقيه ليحفظه عن إبطال خصمه فعلمه مثلا بوجوب النية في الوضوء لوجود المقتضى أو بعدم وجوب الوتر لوجود النافي ليس من الفقه ا هـ‏.‏ والتمثيل بناء على مذهبه والمقتضي في الوضوء وجود العمل والنافي في الوتر كونها صلاة لا يؤذن لها كذا في بعض حواشيه، والمراد بالعمل الداخل تحت حديث‏:‏ «إنما الأعمال بالنيات»

‏(‏قوله‏:‏ ووضحه الكمال‏)‏ يعني الكمال بن أبي شريف في حاشية جمع الجوامع لابن السبكي

‏(‏قوله‏:‏ كعلم جبريل والرسول صلى الله عليه وسلم‏)‏؛ لأنه لا طريق إلى علمهما بأن ما أوحي إليهما هو كلامه تعالى وبأن المراد منه كذا إلا العلم الضروري بذلك بأن يخلق الله تعالى لهما علما ضروريا به فهو حاصل مع العلم بالأدلة لا مكتسب منها هذا أو قال بعض‏:‏ محشي جمع الجوامع ولك أن تقول حيث آل الأمر إلى أن المراد بالعلم التهيؤ لزم ثبوت هذا المفهوم بأسره له صلى الله عليه وسلم وكذا جبريل عليه السلام ا هـ‏.‏ قال العلامة ابن قاسم العبادي‏:‏ في حواشيه عليه بعد نقله لذلك وأقول‏:‏ لا يخفى قوة هذا الإشكال‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ الزاهد في الآخرة‏)‏ نقل بعض الفضلاء بدله عن الغزنوية الراغب في الآخرة ‏(‏أقول‏)‏ وهكذا رأيته في إحياء العلوم للإمام الغزالي

‏(‏قوله‏:‏ وفي الحاوي القدسي إلخ‏)‏ هذا لا يناسب اصطلاح الفقهاء الذي هو في صدده بل هو معناه الأصولي فتدبر‏.‏

كتاب الطهارة

‏(‏قوله‏:‏ والتركات‏)‏ جمع تركة بالتاء المثناة الفوقية كما رأيته في المستصفى لا بالشين المعجمة؛ لأنها داخلة في الأمانات

‏(‏قوله‏:‏ ومزجرة قطع البيضة‏)‏ أي بيضة الإسلام رملي والذي في المستصفى خلع البيضة والمراد به الردة والعياذ بالله تعالى فبيضة الإسلام كلمة الشهادة سميت بذلك تشبيها لها ببيضة النعامة؛ لأنها مجمع الولد وكلمة الشهادة مجمع الإسلام وأركانه قال في المغرب والبيضة للنعامة وكل طائر ثم استعيرت لبيضة الحديد لما بينهما من الشبه الشكلي وقيل بيضة الإسلام للشبه المعنوي، وهو أنها مجتمعه كما أن تلك مجتمع الولد‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله؛ لأن النية كذلك‏)‏ قال في النهر‏:‏ لقائل أن يقول لا نسلم أن النية والطهارة لا يسقطان به بل قد يسقطان به أما النية ففي القنية من توالت عليه الهموم تكفيه النية بلسانه، وأما الطهارة فقد قالوا فيمن قطعت يداه إلى المرفقين ورجلاه إلى الكعبين، وكان بوجهه جراحة أنه يصلي بلا وضوء ولا تيمم ولا إعادة عليه في الأصح كما في الظهيرية فإذا اتصف بهذا الوصف بعد ما دخل الوقت سقطت عنه الطهارة بهذا العذر

‏(‏قوله‏:‏ وإنما كان التعليل بالجمع بين النجمين ضعيفا إلخ‏)‏ قال في النهر أقول‏:‏ غير خاف أن حرية الرقبة، وإن لم توجد لكن الفقد سببها والأصل فيها التنجيم فالظاهر أن يقال الجمع حقيقة إنما يكون في الأجسام وما ذكر من المعاني أو قد أمكن الحقيقي باعتبار أن كلا منهما كتب على نفسه أمرا يعني وثيقة جمع الحروف فيها؛ ولهذا قال الشارح بعد ذكر الضعيف أو؛ لأن كلا منهما يكتب وثيقة، وهذا أظهر

‏(‏قوله‏:‏ بالزوال والمذكور‏)‏ أي بزوال الحدث أو الخبث

‏(‏قوله‏:‏ قبل دخول الوقت‏)‏ الظاهر أن الصواب إسقاط أو إبدال لفظة قبل بلفظة بعد ليناسب ما بعده تأمل

‏(‏قوله‏:‏ وأجاب عنه العلامة السيرامي‏)‏ أي عن دفع صاحب فتح القدير فهو تأييد للرد السابق وحاصله لزوم إفضاء الشيء إلى زوال نفسه وذلك باطل

‏(‏قوله‏:‏ لصلوات ما دام متطهرا‏)‏ مع أن ظاهره أنه لا يكفيه ذلك بل كلما قام إلى الصلاة يلزمه الوضوء

‏(‏قوله وظاهره أنه بدخول الوقت تجب الطهارة إلخ‏)‏ قال الشيخ علاء الدين ابن الحصكفي في الدر المختار على تنوير الأبصار‏:‏‏.‏ واعلم أن أثر الخلاف يظهر في نحو التعاليق نحو إن وجب عليك طهارة فأنت طالق دون الإثم للإجماع على عدمه بالتأخير عن الحدث ذكره في التوشيح وبه اندفع ما في السراج من إثبات الثمرة من جهة الإثم بل وجوبها موسع بدخول الوقت كالصلاة فإذا ضاق الوقت صار الوجوب فيهما مضيقا هذه القولة قد ضرب عليها المؤلف بهامش البحر

‏(‏قوله‏:‏ فالظاهر أن السبب هو الإرادة في الفرض والنفل‏)‏ قال بعض الفضلاء‏:‏ الأظهر ما ذكره العلامة قاسم في نكته من أن الصحيح من أنه وجوب الصلاة أو إرادة ما لا يحل إلا بها ا هـ‏.‏؛ لأن ما ذكر هنا يقتضي أن لا يأثم على ترك الوضوء إذا خرج الوقت ولم يرد الصلاة الوقتية فيه بل على تفويت الصلاة فقط وأنه إذا أراد صلاة الظهر مثلا قبل دخول وقتها أن يجب عليه الوضوء قبل الوقت وكلاهما باطل ا هـ‏.‏ فتأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وهي تنقسم إلى شروط وجوب وشروط صحة إلخ‏)‏ وقد نظمت ذلك بقولي شروط الوجوب تسعة تمام العقل والبلوغ والإسلام ونفي حيض وانتفا النفاس وحدث وضيق وقت الناس ومطلق الماء الطهور الكافي وقدرة استعماله الموافي وشروط صحة وذاك أربع فقد النفاس ثم حيض يقطع وأن يعم الماء كل الأعضا ثم انتفاء ما يفيد النقضا

‏(‏قوله‏:‏ فرض الوضوء إلخ‏)‏ أقول‏:‏ قال الرملي في شرح المنهاج وليس من خصوصيات هذه الأمة كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى، وإنما الخاص بها الغرة والتحجيل ا هـ‏.‏ وقال شيخ شيخنا ابن قاسم في حاشيته على شرح المنهج لشيخ الإسلام‏:‏ الوضوء من خصائص هذه الأمة قاله الحليمي ونوزع بما ورد هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي والأصل فيما ثبت في حق الأنبياء أن يثبت في حق أممهم وقال شيخنا ابن حجر إنه من خصائص هذه الأمة بالنسبة لبقية الأمم لا لأنبيائهم لكن ينافيه ما في البخاري من قصة سارة أن الملك لما هم بالدنو منها قامت تتوضأ وتصلي ومن قصة جريج الراهب أنه قام فتوضأ وصلى وقد يجاب بأن الذي اختصت به هذه الأمة هذا الوضوء والمخصوص ومنه الغرة والتحجيل كما في مسلم ا هـ‏.‏ ويمكن أن يجاب أيضا بأن المراد فيما ذكر الوضوء اللغوي تأمل فربما رجع حاصل هذا للأول‏.‏ ا هـ‏.‏ رملي

‏(‏قوله‏:‏ وأما في الاصطلاح ففي التحرير الفرض ما قطع بلزومه إلخ‏)‏ قال في النهر‏:‏ وعرفه بعضهم بأنه ما ثبت بدليل قطعي لا شبهة فيه، وهو ليس بمانع لشموله بعض المباحات والنوافل الثابتين بدليل لا شبهة فيه كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا‏}‏ ‏{‏وإذا حللتم فاصطادوا‏}‏ والمختار في تعريفه كما في شرح المنار أنه الحكم الذي ثبت بدليل قطعي واستحق تاركه كليا بلا عذر العقاب ويمكن حمل الثبوت في قول البعض ما ثبت بدليل إلخ على اللزوم فيكون التعريف مانعا فيندفع الإشكال ا هـ‏.‏

قلت‏:‏ وقد كتبت في حواشي شرح المنار للحصكفي أن ما ذكر خرج بقوله لا شبهة فيه، فإن شبهة نكرة في سياق النفي فعمت الشبهة ثبوتا ودلالة فلا بد في دليل الفرض من قطعيتهما وكونه كذلك فيما ذكر ممنوع، فإن المأمور به فيهما من منافعنا لا علينا وأنه يمكن دفعه من وجه آخر، وهو أن الضمير في ثبتت للفرضية بالمعنى اللغوي أي ما ثبتت قطعيته وما ذكر ثبت إباحته وندبه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ والظاهر من كلامهم في الأصول والفروع إلخ‏)‏ ظاهره أن تسمية الفرض العملي فرضا حقيقية ويوافقه ما في شرح القهستاني حيث ذكر أن الفرض القطعي يقال على ما يقطع الاحتمال أصلا كحكم يثبت بمحكم الكتاب ومتواتر السنة ويسمى بالفرض القطعي ويقال له الواجب وعلى ما يقطع الاحتمال الناشئ عن دليل كما ثبت بالظاهر والنص والمشهور ويسمى بالظني، وهو ضربان ما هو لازم في زعم المجتهد كمقدار المسح ويسمى بالفرض الظني وما هو دون الفرض وفوق السنة كالفاتحة ويسمى بالواجب ا هـ‏.‏ وكذا قال في النهاية إن الفرض نوعان قطعي وظني على زعم المجتهد ا هـ‏.‏ ولا يخفى مخالفته لما أطبق عليه الأصوليون من أن الفرض ما ثبت بدليل قطعي لا شبهة فيه قال فخر الإسلام في أصوله الحكم إما أن يكون ثابتا بدليل مقطوع به أو لا والأول هو الفرض والثاني إما أن يستحق تاركه العقاب أو لا والأول هو الواجب إلخ ثم قال‏:‏ وأما الفرض فحكمه اللزوم علما بالعقل وتصديقا بالقلب، وهو الإسلام وعملا بالبدن، وهو من أركان الشرائع ويكفر جاحده ويفسق تاركه بلا عذر وأما حكم الوجوب فلزومه عملا بمنزلة الفرض لا علما على اليقين لما في دليله من الشبهة حتى لا يكفر جاحده ويفسق تاركه وهكذا في غير ما كتاب من كتب الأصول كالمغني والمنتخب والتنقيح والتلويح والتحرير والمنار وغيرها وفي التصريح ثم استعمال الفرض فيما ثبت بظني والواجب فيما ثبت بقطعي شائع مستفيض كقولهم الوتر واجب فرض وتعديل الأركان فرض ونحو ذلك يسمى فرضا عمليا وكقولهم الزكاة واجبة والصلاة واجبة ونحو ذلك فلفظ الواجب أيضا يقع على ما هو فرض علما وعملا كصلاة الفجر وعلى ظني هو في قوة الفرض في العمل كالوتر عند أبي حنيفة حتى يمنع تذكره صحة الفجر كتذكر العشاء وعلى ظني هو دون الفرض في العمل وفوق السنة كتعيين الفاتحة حتى لا تفسد الصلاة بتركها لكن يجب سجدة السهو‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وحده‏)‏ أي الدلك ‏(‏قول المصنف وإلى شحمتي الأذن‏)‏ قال في النهر من عطف الجمل إذا لا يصح عطفه على قوله إلى أسفل ذقنه نهر

‏(‏قوله‏:‏ أي الوجه‏)‏ تفسير لمرجع الضمير قال الرملي ‏(‏فائدة‏)‏ ذكر بعضهم الفرق بين التفسير بأي والتفسير بيعني أن التفسير بأي للبيان والتوضيح والتفسير بيعني لدفع السؤال وإزالة الوهم‏.‏ ا هـ‏.‏ وهذا أغلبي واصطلاح لبعض العلماء، وإلا فبعضهم لا يفرق بينهما كما في حواشي ابن قاسم على جمع الجوامع

‏(‏قوله‏:‏ والمراد بالخفيفة‏)‏ تأويل لقول البدائع أو خفيفا لإيهامه عدم وجوب إيصال الماء إلى ما تحت التي ترى بشرتها كيف وقد ذكر في النهر أنه لا خلاف في وجوبه وفي قول البدائع؛ لأن ما تحته خرج أن يكون وجها إلخ إشارة إلى هذا التأويل

‏(‏قوله‏:‏ وظاهره أن مذهبه بخلافه‏)‏ قال الرملي‏:‏ وذلك؛ لأن لفظة عن دالة على أنه رواية عنه لا أنه قوله‏:‏ وإلا لقال بدل عن وعند ‏(‏قول المصنف ويديه بمرفقيه‏)‏ قيل كان الأولى أن يقول ومرفقيه بيديه لما تقرر في النحو أن مدخول مع هو المتبوع تقول جاء زيد مع السلطان لا عكسه لكن نقل في الأطوال أن دخول مع شاع على المتبوع فما هنا إما أن يخرج على غير الشائع أو ينزل منزلة المتبوع لكمال العناية به مبالغة في الأنكار على المخالف

‏(‏قوله‏:‏ وأشار المصنف إلى أن إلى في الآية بمعنى مع‏)‏ أقول‏:‏ إن كان المراد أن ذلك من عبارة المتن فهذه الإشارة في حيز المنع إذ كون الباء بمعنى مع في كلام المصنف لا يفهم منه أن إلى في الآية بمعناها حتى يرد الرد المذكور لاحتمال كونها باقية على معناها وأن ما فوق المرافق خارج بالإجماع على أنه لو قيل اغسل جسدك إلى الترقوة مثلا لا يتوهم منه غسل الجميع بل الذي يتبادر إلى الفهم بحسب العرف أن المغسول ما تحتها لتعذر غسل ما فوقها دونها ودون ما تحتها إذ يحتاج إلى غاية التكلف فهو بدون الإجماع يفهم منه غسل الأيدي من رءوس الأصابع إلى المرافق لا من المنكب وحينئذ لا حاجة إلى تأويل إلى بمعنى مع نعم يبقى الكلام في الغاية وذاك شيء آخر فتأمله، فإني لم أر أحدا ذكره

‏(‏قوله‏:‏ ولو أخرج كان بمفهوم اللقب، وهو ليس بحجة‏)‏ أي عندنا كغيره من المفاهيم على ما بين في محله خلافا لبعض الشافعية وأقول‏:‏ كيف يمكن إخراج غيره مع تنصيص الحكم على الكل حتى يقال إنه بمفهوم اللقب ويدفع بأنه ليس بحجة، فإن قولك اضرب القوم مع زيد لا يفهم منه أن غير زيد ليس مأمورا بضربه حتى عند من يقول بحجية مفهوم اللقب نعم لو قيل اضرب زيدا واقتصر المتكلم على ذلك جرى فيه الخلاف؛ لأنه تعليق الحكم بجامد كفي الغنم زكاة كما في التحريم فافهم

‏(‏قوله‏:‏ وما في غاية البيان إلى آخر هذا البحث‏)‏ قال في النهر بعد نقله لذلك أقول‏:‏ معنى الاحتياط هنا هو الخروج عن العهدة بيقين وما نسبه إلى الهداية سهوا، وإنما الذي فيها رد لقول زفر الغاية لا تدخل في المغيا أن هذه الغاية لإسقاط ما وراءها يعني فهي داخلة والجار متعلق باغسلوا على كل حال والنقض بمسألة اليمين أجاب عنه في فتح القدير بأن الكلام هنا في اللغة والأيمان مبينة على العرف نعم يرد النقض بمثل قرأت القرآن إلى سورة كذا والهداية إلى كتاب كذا، فإن الغاية فيهما لا تدخل تحت المغيا مع تناول الصدر لها وقوله والأولى إلخ مما لا حاجة إليه إذ الفروض العملية لا تحتاج في إثباتها إلى القاطع فيحتاج إلى الإجماع على أن قول المجتهد لا أعلم مخالفا لا يكون حكاية للإجماع الذي يكون غيره محجوجا به فقد قال الإمام اللامشي في أصوله لا خلاف أن جميع المجتهدين لو أجمعوا على حكم واحد ووجد الرضا من الكل نصا كان ذلك إجماعا فأما إذا نص البعض وسكت الباقون لا عن خوف بعد اشتهار القول فعامة أهل السنة أن ذلك يكون إجماعا وقال الشافعي رحمه الله تعالى لا أقول‏:‏ إنه إجماع ولكن أقول‏:‏ لا أعلم فيه خلافا وقال أبو هاشم من المعتزلة لا يكون إجماعا ا هـ

‏(‏قوله‏:‏ ولو ببلل باق بعد غسل‏)‏ قال الرملي‏:‏ أقول‏:‏ قال ابن كمال باشا في الإصلاح والإيضاح وأما الذي بقي في العضو بعد الغسل فقال الحاكم الشهيد لا يجوز المسح به أيضا وخطأه عامة المشايخ لما ذكره محمد في مسح الخف إذا توضأ ثم مسح على الخف ببلة بقيت على كفه بعد الغسل جاز والصحيح ما قاله الحاكم فقد نص الكرخي في جامعه الكبير على الرواية عن أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله مفسرا معللا أنه إذا مسح رأسه بفضل غسل ذارعيه لم يجز إلا بماء جديد؛ لأنه قد تطهر به مرة والله تعالى أعلم وقد أخذه ابن الكمال من المجتبى شرح القدوري وفي التتارخانية برمز المحيط ولو في كفه بلل فمسح به رأسه أجزأه قال الحاكم الشهيد‏:‏ هذا إذا لم يستعمل في عضو من أعضائه بأن غسل بعض أعضائه بأن يدخل يده في إناء حتى ابتلت أما إذا استعمله في عضو من أعضائه وبقي في كفه بلل لا يجوز وأكثرهم على أن ما قاله الحاكم الشهيد خطأ والصحيح أن محمدا أراد بذلك ما إذا غسل عضوا من أعضائه وبقي البلل في كفه يعني لا أنه أراد أن يدخل يده في إناء حتى تبتل كما زعمه الحاكم

‏(‏قوله‏:‏ والآلة لم تقصد للإيصال‏)‏ الأولى التعبير بالوصول ليصح التفريع عليه بما بعده

‏(‏قوله‏:‏ لم يجز مطلقا‏)‏ أي سواء كان ذلك العضو مغسولا أم ممسوحا

‏(‏قوله‏:‏ وهو مردود بأوجه إلى قوله الرابع‏)‏ أقول‏:‏ في هذه الوجوه الثلاثة نظر‏:‏ أما الأول‏:‏ فلأن عدم العرف لا يفيد مسح الكل لما سينقله عن التحرير أن الإلصاق المجمع عليه للباء ممكن فيثبت التبعيض اتفاقيا لعدم استيعاب الملصق ؛ ولأن قوله أو كان أي العرف أفاد بعضا مطلقا إلخ يقال عليه إن ذلك البعض المطلق الذي هو الواجب لا يدري مقداره وحينئذ لم ينتف الإجمال وحصوله في ضمن الاستيعاب لا ينفيه أيضا بل ينفي الحاجة إلى بيانه وإن أريد بإفادة البعض المطلق أنه يسقط الفرض بأي جزء كان، وإن قل كما هو مذهب الشافعي لم يبق في الآية دليل لنا أصلا‏.‏ والجواب عنه حينئذ كما قال بعض شراح الهداية لم يرد ذلك بل أريد بعض مقدر، وإلا كان حاصلا بغسل الوجه فلا يحتاج إلى إيجاب على حدة، فإن المفروض في سائر الأعضاء مقدر، فكذا في هذه الوظيفة وأما الثاني؛ فلأن الرواية التي ذكرها في الهداية بعلى دون الباء فلا يعود النزاع على ذلك، وإنما يعود على رواية الباء، وأما الثالث؛ فلأن قوله لو لم يكن كذلك لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة في حيز المنع لما تقدم من حصول الواجب في ضمن الاستيعاب فتنتفي الحاجة به وكذا يقال في قوله؛ ولأن كان كذلك إلخ فافهم

‏(‏قوله‏:‏ وعزاها في النهاية إلى محمد رحمه الله‏)‏ وعليه فما في معراج الدراية من أنها ظاهر المذهب محمول على أنه ظاهر الرواية عن محمد لا عن الإمام رحمه الله

‏(‏قوله‏:‏ ولو مسح بثلاث أصابع منصوبة غير موضوعة‏)‏ أي ولا ممدودة والمراد بغير موضوعة أنه لم يضعها بتمامها على الرأس بأن مسح بأطرافها؛ لأن ذلك لا يبلغ مقدار ثلاث أصابع ولا مقدار الربع فلذا قال وينبغي أن يكون اتفاقا وقوله ولو مدها إلخ أي هذه الأصابع المنصوبة الغير الموضوعة بأن مسح بأطرافها ومدها مقدار ثلاث أصابع أو مقدار الربع لم يجز بقي ما إذا وضع ثلاث أصابع ومدها حتى بلغ القدر المفروض قال في الفتح لم أر فيه إلا الجواز ا هـ‏.‏ واعترضه في النهر بقول البدائع ولو مدها حتى بلغ القدر المفروض لم يجز إلى آخر ما نقله المؤلف هنا وأقول‏:‏ لا يخفى عليك أن الضمير في مدها للأصابع المنصوبة الغير الموضوعة كما علمت وكلام الفتح في الموضوعة فافهم

‏(‏قوله‏:‏ بل الصحيح أن لا خلاف‏)‏؛ لأن الذي فيه الخلاف بينهما ما إذا نوى المسح، وأما إذا لم ينو فلا خلاف فيه وقد علم أن الأولى أيضا الصحيح فيها أن قول محمد كقول أبي يوسف فقد حصل الاتفاق بينهما في المسألتين بناء على هذا التصحيح فذكر الخلاف بينهما على غير الصحيح

‏(‏قوله‏:‏ وإن جاز فيه وجه آخر‏)‏ أقول‏:‏ ويجوز فيه وجه آخر وهو أن يكون معطوفا على وجهه فيكون المعنى وغسل لحيته فيوافق الرواية المرجوع إليها، وإن كان المتبادر خلافه فيندفع العجب عنه ويحتمل أن يصححه هنا، وإن اختار في الكافي غيره كما وقع لقاضي خان فإنه صحح في فتاواه مسح كلها وصحح في شرحه للجامع الصغير مسح ما يلاقي البشرة فتأمل والله تعالى أعلم بالصواب ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وهذا كله في غير المسترسل‏)‏ المراد باسترسل ما خرج عن دائرة الوجه، وهو غير الملاقي؛ لأن الملاقي ما كان غير خارج عن دائرة الوجه كذا في شرح الدرر والغرر للعلامة الشيخ إسماعيل النابلسي

‏(‏قوله‏:‏ والعارض ما بينهما وبين العذار إلخ‏)‏ قال الرملي أي فيسمى الشعر النابت على الخدين إلى العظم الناتئ بقرب الأذن عارضا والنابت على العظم الناتئ بقرب الأذن عذارا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ كأخبار الآحاد التي مفهومها قطعي الدلالة‏)‏ تمثيل لقوله هو ما كان ظني الثبوت قطعي الدلالة؛ لأن الذي بمنزلة عكسه، وهو قطعي الثبوت ظني الدليل وأخبار الآحاد ليس كذلك تأمل

‏(‏قوله‏:‏ وإنشاد الشعر‏)‏ قال سيدي العارف بالله تعالى عبد الغني النابلسي في شرحه على هدية ابن العماد‏.‏ اعلم أن الشعر ثلاثة أنواع مباح ومثاب عليه ومنهي عنه؛ لأنه لا يخلو من أن يكون مشتملا على أوصاف المخلوقات الحسنة كالإنسان والحيوان والنباتات والمعادن ونحو ذلك أو على الأوصاف القبيحة في الإنسان ونحوه، وهو المسمى بالهجو، وهو ما ينفر قلب الرجل عن أخيه المسلم، وهو المنهي عنه، فإن كان ذلك صدقا، فقد دخل في الغيبة، وإن كان كذبا فقد دخل في الكذب فيستحب الوضوء منه، وأما إذا كان مشتملا على الأوصاف الحسنة كذكر إنسان معين أو غير معين أو ذكر زهر أو روض معين أو غير معين فذلك دائر مع القصد والإرادة، فإن أراد بذلك اللهو والغفلة والغرور بزخارف الدنيا؛ ولذائذها فهو منهي عنه أيضا قال النبي عليه الصلاة والسلام‏:‏ «كل لهو ابن آدم حرام» الحديث وقد مدح ما لا يستوجب المدح، وهو عارض الدنيا القبيح المنتن فقد أصابته بسبب ذلك نجاسة معنوية فيستحب له إعادة الوضوء بإنشاد ذلك على هذا الوجه المذكور وأما إن أراد بما ذكرنا بيان صنعة الله تعالى وعظيم حكمته وعجيب ما أظهرته قدرته على صفحات الأكوان من بدائع المخلوقات وغرائب المصنوعات فله إرادته ونيته قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى»، وهذا النوع من الشعر مثاب عليه، وأما المباح فهو أن لا يقصد شيا مما ذكرنا فظهر بذلك أن الشعر بمنزلة الكلام فحسنه حسن وقبيحه قبيح ولا تعد الاستعارات فيه ولا التشابيه ولا المبالغات من قبيل الكذب بعد أن يكون على حسب التفصيل الذي ذكرناه وأحسن المبالغات ما فيه شيء من أفعال المقاربة قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار‏}‏ وقد ورد في مدح الشعر ما لا مزيد عليه من الأخبار وكذلك في ذمه ا هـ‏.‏ وتمامه فيه

‏(‏قوله‏:‏ ومراده من الوضوء للنوم الوضوء عند إرادة النوم‏)‏ هذا الذي يتبادر ويحتمل أن يراد الوضوء لاستيقاظه منه فيكون على تقدير مضاف وكل منهما صحيح إذ يندب الوضوء للنوم على طهارة والوضوء إذا استيقظ منه ليكون مبادرا للطهارة وأداء العبادة كما صرح به الشرنبلالي، وأما منع الشارح ذلك فغير مسلم إذ الوضوء الفرض إنما هو للصلاة أي إذا أرادها ولم يكن متوضئا

‏(‏قوله‏:‏ لشموله المباح‏)‏ أي فيكون غير مانع، فإنه يصدق عليه أنه ثبت بقوله أو فعله صلى الله عليه وسلم وليس بواجب ولا سنة قال في النهر يعني بناء على ما هو المتصور عندهم من أن الأصل في الأشياء التوقف إلا أن الفقهاء كثيرا ما يلهجون بأن الأصل بالأشياء الإباحة فالتعريف بناء عليه ا هـ‏.‏ قلت وفي التحرير للمحقق ابن الهمام الأصل الإباحة عند الجمهور من الحنفية والشافعية

‏(‏قوله‏:‏ قيل إنه فرض وتقديمه سنة‏)‏ الضمير في أنه يعود إلى غسل اليدين لا بقيد الابتداء بدليل قوله وتقديمه سنة

‏(‏قوله‏:‏ واستشكله في الذخيرة إلخ‏)‏ قال العلامة الشيخ إسماعيل‏:‏ الذي ينبغي حمل كلام السرخسي عليه هو عدم النيابة من حيث ثواب الفرض لو أتى به مستقلا قصدا إذا لسنة لا تؤديه ويؤيده اتفاقهم على سقوط الحدث بلا نية ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وعلى هذا فالظاهر أنه لا مخالفة بين الأقوال الثلاثة فالقائل بأنه فرض أراد أنه يجزي عن الفرض وأن تقديم هذا الغسل المجزي عن الفرض سنة وهو مؤدى القول بأنه سنة تنوب عن الفرض والسرخسي إمام جليل دقيق النظر لما رأى في الآية الأمر بغسل اليدين إلى المرفقين قال يعيد غسل الكفين عند غسل الذراعين ليكون آتيا بالمأمور به قصدا ليحصل له ثواب الفرض، وإن كان الفرض سقط بالغسل الأول لكنه سقط في ضمن الغسل المسنون فهو كسقوطه بالغسل بلا نية فلا ينوب مناب الغسل الكامل من كل جهة فيسن أن يعيد غسلهما لما قلنا ولهذا نقل في النهر عن الذخائر الأشرفية إن السنة عند غسل الذراعين أن يغسل يديه ثلاثا أيضا ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ والظاهر تقديم اليمنى على اليسرى لأجل التيامن‏)‏ كان الظاهر أن يقول لأجل الضرورة تأمل

‏(‏قوله‏:‏ وهو مزيل للخبث‏)‏ أي فيرفع الماء بفيه ويغسل يديه من النجاسة، وإن صار الماء مستعملا؛ لأن المستعمل مزيل الخبث ثم يدخل أصابعه الإناء ليزيل الحدث وفي الذخيرة ذكر الحاكم الشهيد في المنتقى عن أبي يوسف في رجل أخذ بفمه ماء من الإناء فغسل به جسده أو توضأ به لم يجز ولو غسل به نجاسة من بدنه أجزاه، وفي متفرقات الفقيه أبي جعفر محدث معه ماء قليل وعلى بدنه نجاسة فأخذ الماء بفيه من غير أن ينوي غسل فيه ثم غسل به يديه قال على قول محمد لا تطهر يده، وهو إحدى الروايتين عن أبي يوسف؛ لأن الماء الذي أخذه بفيه خالطه البزاق وخرج عن أن يكون ماء مطلقا فالتحق بسائر المائعات غير الماء نحو الخل والمرق والدهن وماء الورد وفي غسل اليدين بسائر المائعات سوى الماء المطلق روايتان عن أبي يوسف في رواية يطهر كالثوب وفي رواية لا يطهر بخلاف الثوب وعن محمد رواية واحدة أن البدن لا يطهر بخلاف الثوب، فإنه يطهر بالإجماع ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وقد يدفع‏)‏ أي يدفع قوله ولا يجوز نسبة ترك الأفضل له عليه السلام والظاهر أن المراد به الترك دائما بدليل سابق الكلام فلا يرد الدفع المذكور تأمل

‏(‏قوله‏:‏ فخصت من عموم الذكر‏)‏ أي الذي تستحب له الطهارة، وإنما خصت دون غيرها؛ لأن مطلق الذكر ليس من ضروريات الوضوء نعم يدخل في المخصوص بقية الأذكار للوضوء بقي هنا شيء، وهو أن التسمية إذا كانت مخصوصة مما ذكر تنتفي المعارضة التي ذكرها الطحاوي فيبقى الحديث مفيدا للوجوب فيعود المحذور تأمل

‏(‏قوله‏:‏ وهو مبني على أن المراد به نفي الفضيلة‏)‏ أي ما ذكره في معراج الدراية أو ما مر مبني على أن المراد بالحديث أعني‏:‏ «لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه» نفي الفضيلة مع أن ظاهره نفي الجواز فيفيد كونها فرضا لكن لكونه آحادا لا يفيدها فيحمل على الوجوب إلا لصارف فيحمل على السنية

‏(‏قوله‏:‏ وإن أريد بظنها ما فيه احتمال ولو مرجوحا‏)‏ أي فيدخل فيه احتمال نفي الكمال

‏(‏قوله ولقائل أن يقول إن قوله‏)‏ أي قول صاحب فتح القدير

‏(‏قوله‏:‏ ولا شك أنه مشترك‏)‏ في دعوى الاشتراك بين المعنى الحقيقي والمجازي تأمل

‏(‏قوله‏:‏ لا أعلم فيها حديثا ثابتا‏)‏ يعني بخصوصها، وإلا فهي مستفادة من الحديث الصحيح‏:‏ «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله أقطع» ويروى «أبتر» ويروى «أجذم» وأدنى ما فيه الدلالة على السنية، وهو المعتمد من المذهب الذي يعول عليه ويذهب

‏(‏قوله‏:‏ فإتيانه بها وعدمه سواء‏)‏ قال الرملي أي من أنه لا يكون آتيا بالسنة أما أنه يأتي بها بعد غسل بعض أعضاء الوضوء فما في كلام الكمال والزيلعي ما يمنعه تأمل‏.‏ ا هـ‏.‏ مقدسي هذه لقوله ليست بخط المؤلف، وإنما هي من كلام ابنه بهامش البحر‏.‏

‏(‏قول المصنف والسواك‏)‏ قال الرملي السواك من الشرائع القديمة الحديث فيه ضعيف ومجهول قال النووي فلعله اعتضد بطرق أخر، فصار حسنا أربع من سنن المرسلين وعد منها السواك ا هـ‏.‏ ذكره ابن قاسم العبادي في شرحه على أبي شجاع الشافعي رحمه الله

‏(‏قوله‏:‏ ويجوز رفعه وجره، وهو الأظهر‏)‏ نبه صاحب النهر على أنه سيأتي قريبا في بيان وقته ما يرجح أن الأظهر الأول فلا تغفل

‏(‏قوله‏:‏ وتعقبه في فتح القدير بأنه لم تعلم المواظبة منه على الوضوء‏)‏ الأولى عند الوضوء كما هو في فتح القدير

‏(‏قوله‏:‏ وهو الحق‏)‏ قال الرملي أقول‏:‏ قال الحلبي في شرح المنية وقد عده القدوري والأكثرون من السنن، وهو الأصح لما ذكرنا في الشرح ا هـ‏.‏ فقد علم بذلك اختلاف التصحيح

‏(‏قوله‏:‏ لكن قولهم يستحب عند القيام إلى الصلاة ينافي ما نقلوه إلخ‏)‏ قال في النهر يمكن أن يجاب عنه بما نقله في السراج حيث قال‏:‏ وأما إذا نسي السواك للظهر ثم تذكره بعد ذلك، فإنه يستحب له أن يستاك حتى يدرك فضيلته وتكون صلاته بسواك إجماعا‏.‏ ا هـ‏.‏

وهو في هذه الحالة مندوب للصلاة لا للوضوء وبه ظهر سر كلام الغزنوي ا هـ‏.‏ وقد يقال إن ما نقلوه من أنه عندنا للوضوء مرادهم به بيان ما به أفضلية الصلاة التي بسواك على غيرها كما ورد في الحديث‏:‏ «صلاة بسواك أفضل من خمس وسبعين صلاة بغير سواك» وفي فتح القدير‏:‏ «أفضل من سبعين» وفائدته أنه لو لم يأت به في الوضوء لا تحصل تلك الأفضلية ولو أتى به عند الصلاة، فكونه عندنا للوضوء لا ينافي ذلك كما لا ينافي استحبابه عند غيره مما مر على أنه يبعد عدم استحبابه في الصلاة التي هي مناجاة للرب تعالى سيما عند بعد العهد من الوضوء مع ما فيها من قراءة القرآن التي يستحب استعماله عندها وحضور الملائكة عندها مع أنهم استحبوه عند مجامع الناس فبالأولى مع حضور الملائكة قال في هدية ابن العماد روى جابر رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ «إذا قام أحدكم يصلي من الليل فليستك فإن أحدكم إذا قرأ في صلاته وضع ملك فاه على فيه لا يخرج من فيه شيء إلا دخل فم الملك» أسنده البيهقي في شعب الإيمان‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وبخلاف ذلك لا يجوز‏)‏ أي بأن استنشق ببعضه وتمضمض بالباقي

‏(‏قوله‏:‏ قال أستاذنا يتبين من هذا إلخ‏)‏ هو من كلام المعراج ثم إن الإشارة في قوله من هذا لا يظهر رجوعها إلى قوله ترك التكرار لا يكره أي تكرار المضمضة والاستنشاق كما لا يخفى بل هو راجع إلى كونهما سنتين مؤكدتين يأثم بتركهما وعبارة المعراج نصها هكذا، وفي الشفاء المضمضمة والاستنشاق سنتان مؤكدتان من تركهما يأثم وفي مبسوط شيخ الإسلام ترك التكرار لا يكره مع الإمكان قال أستاذنا‏:‏ يتبين من هذا إلخ

‏(‏قوله‏:‏ يغسل مرة معهما‏)‏ أي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ورد عنه ترك التثليث حيث غسل مرة مرة وقال‏:‏ «هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به» ولم يرد عنه ترك المضمضة والاستنشاق كما سيأتي

‏(‏قوله‏:‏ ورواه أبو داود وسكت عنه‏)‏ قال الإمام النووي في مختصره المسمى بالتقريب ومن مظانه أي الحسن سنن أبي داود فقد جاء عنه أنه يذكر فيه الصحيح وما يشبهه ويقاربه وما كان فيه وهن شديد بينه وما لم يذكر فيه شيئا فهو صالح فعلى هذا ما وجدنا في كتابه مطلقا ولم يصححه غيره من المعتمدين ولا ضعفه فهو حسن عند أبي داود ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لا بسنة كونها ثلاثا بمياه‏)‏ النفي باعتبار القيد الأخير أي يكون آتيا بسنة المضمضة وبسنة التثليث أيضا دون سنة تجديد الماء في كل مرة

‏(‏قوله‏:‏ ولم يقيده في تخليل اللحية سيأتي‏)‏ في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم أخذ كفا من ماء

‏(‏قوله‏:‏ وهل هو‏)‏ أي القول بالسنية الذي هو الأصح

‏(‏قوله‏:‏ بعد ثبوت الحديث الصحيح بخلافه‏)‏ أي بخلاف ما أفاده قولهم داخل اللحية إلخ

‏(‏قوله‏:‏ وما أورد عليه‏)‏ أي على قولهم داخل اللحية ليس بمحل الفرض

‏(‏قوله‏:‏ وهو منتف بأنه قد يوجد التخليل بالنار مع تخليل الأصابع‏)‏ فيه بحث، وذلك أنه لو لم يكن تخليل الأصابع في الوضوء علة مساوية لعدم تخليلها بالنار لما كان لقوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ «لا يخللها الله بالنار» فائدة ولما صح التعليل به للأمر بالتخليل، وللزوم أن يكون فعله وعدمه سواء لعدم استلزامه حصول الموعود عليه بالفعل وحصول مقابلة بالترك وكيف يكون كذلك وقد صرح بالوعيد في حديث الطبراني كما نقله في الفتح ‏[‏من لم يخلل أصابعه بالماء خللها الله بالنار يوم القيامة‏]‏ فتدبر

‏(‏قوله‏:‏ من ظهر القدم‏)‏ متعلق بيبدأ أي يبتدئ من جهة ظهر القدم فيدخل خنصر يده بين أصابع الرجل فيخلل من أسفل صاعدا إلى فوق، وأما على الثاني فيدخلها من جهة باطن القدم ويصعد بها من أسفل إلى فوق‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولا يخفى ترجيح الثاني إلخ‏)‏ قال بعض الفضلاء هذا يخالف ما قاله في المضمضة من أن السنة المؤكدة في قوة الواجب فيأثم بتركها وقال في باب صفة الصلاة اعلم أن الظاهر من كلام أهل المذهب أن الإثم منوط بترك الواجب أو السنة المؤكدة على الصحيح لتصريحهم بأن من ترك سنن الصلوات الخمس قيل لا يأثم‏.‏ والصحيح أنه يأثم ذكره في فتح القدير وتصريحهم بالإثم لمن ترك الجماعة مع أنها سنة مؤكدة على الصحيح، وكذا في نظائره كما هو معلوم لمن تتبع كلامهم ولا شك أن الإثم مقول بالتشكيك بعضه أشد من بعض فالإثم لتارك السنة المؤكدة أخف من الإثم لتارك الواجب وقال في باب الإمامة الجماعة سنة مؤكدة أي قوية تشبه الواجب في القوة والراجح عند أهل المذهب الوجوب ونقله في البدائع عن عامة مشايخنا وذكر هو وغيره أن القائل منهم إنها مؤكدة ليس مخالفا في الحقيقة بل في العبارة؛ لأن السنة والواجب سواء خصوصا ما كان من شعائر الإسلام ا هـ‏.‏ وفي كلامه تناقض؛ لأنه جعل السنة المؤكدة تارة دون الواجب وتارة مثله ولا يمكن دفعه إلا بحمل إفراد السنة المؤكدة على التفاوت في التأكد والقوة فيكون بعضها لزيادة تأكده في مرتبة الواجب كالجماعة وبعضها لقلة تأكده دونه كتثليث الغسل

‏(‏قوله‏:‏ فكيف يدعي الاتفاق إلخ‏)‏ قال في النهر وأقول‏:‏ لا تدافع في كلامهم لاختلاف الموضوع، وذلك أن ما في الخلاصة فيما إذا أعاده مرة واحدة وما في السراج فيما إذا كرر مرارا ولفظه في السراج لو تكرر الوضوء في مجلس واحد مرارا لم يستحب بل يكره لما فيه من الإسراف فتدبر ا هـ‏.‏ لكن قال الحلبي في شرح المنية‏:‏ أطبقوا على أن الوضوء عبادة غير مقصودة لذاتها فإذا لم يؤد به عمل مما هو المقصود من شرعيته كالصلاة وسجدة التلاوة ومس المصحف ينبغي أن لا يشرع تكراره قربة لكونه غير مقصود لذاته فيكون إسرافا محضا ا هـ‏.‏ فليتأمل

‏(‏قوله‏:‏ إذ لا دليل على الكراهة‏)‏ أقول‏:‏ قد يستدل عليها بالحديث المار من قوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ «فمن زاد على هذا أو نقص فقد تعدى وظلم»؛ لأن أئمتنا استدلوا على أنه مرة واحدة بالحديث المصرح فيه بها وحملوا ما صرح فيه بالثلاث على التثليث بماء واحد كما يأتي فوضوءه عليه السلام ليس فيه تثليث المسح بمياه عندنا فترجع إليه الإشارة في قوله «فمن زاد على هذا» إلخ إذا لا شك أن هذا زيادة بناء على ما ثبت عندنا من وضوئه صلى الله عليه وسلم تأمل وفي شرح المنية الكبير بعد حكاية الأقوال ما نصه والأوجه أنه يكره قال في الكافي‏:‏ التثليث يعني بمياه يقربه من الغسل ولو بدله به كره كذا إذا قربه منه ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فلا حاجة حينئذ إلى ما ذكره الزيلعي‏)‏ عبارته هكذا ونيته أي نية الوضوء فالهاء راجعة إلى الوضوء؛ لأنه المذكور وكذا وقع في مختصر القدوري حيث قال ينوي الطهارة والمذهب أن ينوي ما لا يصح إلا بالطهارة من العبادة أو رفع الحدث كما في التيمم وعن بعضهم نية الطهارة في التيمم تكفي، فكذا هاهنا فعلى هذا لا يرد عليه، ويجوز أن يكون الضمير عائدا على الشخص المتوضئ؛ لأن الكلام يدل عليه أي ونية الرجل الصلاة فيكون المفعول محذوفا ا هـ‏.‏ وحاصله أن الضمير إما عائد على الوضوء أو على المتوضئ لكن يرد على الأول وعلى قول القدوري ينوي الطهارة ما ذكره من أن المذهب نية ما لا يصح إلا بالطهارة أو رفع الحدث إلا أن يقاس على التيمم فتصح نية الطهارة ومثلها الوضوء بالأولى؛ لأنه أخص وعلى هذا لا يرد شيء وحينئذ فاعتراض الشارح على الزيلعي أولا حيث أرجع الضمير إلى الوضوء ومقدما له واحتاج إلى الجواب عنه مع أن صاحب المتن أرجعه إلى المتوضئ وصاحب الدار أدرى وثانيا بأن الوضوء ورفع الحدث سواء وحينئذ فلا يصح ما أورده بقوله والمذهب إلخ؛ لأن رفع الحدث هو حقيقة الوضوء فنية الوضوء لا تكون مخالفة للمذهب

‏(‏قوله‏:‏ لأنها متنوعة إلخ‏)‏ قيل فيه نظر، فإن الحدث متنوع إلى أكبر وأصغر وقد كفى نية رفعه في تحصيل السنة‏.‏ ا هـ‏.‏

قلت قد يفرق بأن الأكبر مشتمل على الأصغر فالحدث، وإن تنوع فالمقصود، وهو الأصغر حاصل إما استقلالا وإما ضمنا بخلاف الخبث‏.‏

‏(‏قوله ولا يخفى ما فيه‏)‏ لمنافاته لما مر من أنه يكون واجبا ومندوبا

‏(‏قوله‏:‏ صار الاسم بعد كونه مجازا مشتركا‏)‏؛ لأن التقدير حكم الأعمال، وهذا مجاز كما تقدم تقديره والحكم المقدر مشترك بين النوعين المختلفين فنزيد منهما ما هو المتفق عليه وعندنا وعند الشافعي رحمه الله تعالى، وهو الحكم الأخروي إذا لا ثواب بدون النية اتفاقا وأما الدنيوي فلا دليل عليه

‏(‏قوله‏:‏ فاندفع بهذا التقرير ما أورده في الكشف إلخ‏)‏‏.‏ اعلم أن الأصوليين قالوا لما صار الاسم مشتركا والمشترك لا عموم له عندنا أردنا المعنى المتفق عليه الذي هو الأخروي وأورد عليهم أن الذي لا عموم له هو المشترك اللفظي ولا نسلم أن الحكم مشترك بين النوعين اشتراكا لفظيا بأن يوضع بإزاء كل منهما وضعا على حدة بل هو مشترك معنوي موضوع للأثر الثابت بالشيء فيعم الحكمين كما يعم الحيوان الإنسان والفرس وغيرهما واللون السواد والبياض ونحوهما فإرادة النوعين لا تكون من عموم المشترك في شيء فلا حاجة إلى إرادة أحدهما لتصحيحه وأنت خبير بأن التقدير الذي قرره الشارح هو عين ما قرره الأصوليون فيرد عليه ما أورد عليهم فكيف يندفع الإيراد بمجرد تقريره وليس فيه شيء زائد عليه يصلح للدفع اللهم إلا أن يقال إن معنى تقريره أنا نريد بالحكم المعنى المتفق عليه وندع الآخر الذي لا دليل عليه لا لما قالوا من عدم عموم المشترك بل استغناء من المعنيين بأحدهما المتفق عليه سواء كان الحكم مشتركا لفظيا أو معنويا وبهذا يحصل الدفع للإيراد المذكور ولكن ينافي الحمل على هذا المعنى قوله ويكفي في تصحيحه، فإنه ظاهر فيما قاله الأصوليون فليتأمل

‏(‏قوله‏:‏ مع أن الأكمل في تقريره أجاب عنه‏)‏ أي عن الإيراد المذكور وحاصله كما في شرح المنار للشارح أن المشترك المعنوي إن كان متواطئا قبل العموم، وإن كان مشككا لا يقبله

‏(‏قوله‏:‏ عليهما‏)‏ أي على الحكمين

‏(‏قوله‏:‏ لكن الثواب والعقاب ليسا كذلك على المذهب الصحيح‏)‏ أي خلافا للمعتزلة بل الأعمال عند أهل السنة علامات محضة عليهما كما تقرر في موضعه فإطلاق الحكم عليها يكون بالمعنى الآخر بالضرورة ولا معنى للاشتراك إلا هذا

‏(‏قوله‏:‏ وقوله وإن الوضوء‏)‏ أي قول الشافعي المفهوم من المقام

‏(‏قوله‏:‏ فقلنا نعم‏)‏ أي أنه يقع الشرط المعتبر للصلاة

‏(‏قوله‏:‏ فليس الجواب إلا بإثبات الفارق المتقدم‏)‏، وهو أن التراب لم يعتبر شرعا مطهرا إلا للصلاة‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فمحمول عليه بماء واحد، وهو مشروع إلخ‏)‏ قال في فتح القدير روى الحسن عن أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه في المجرد إذا مسح ثلاثا بماء واحد كان مسنونا

‏(‏قوله‏:‏ وما قاله بعضهم إلخ‏)‏ أي في كيفية الاستيعاب وبيانه كما ذكره في النهر أن يضع يديه ويضع بطون ثلاث أصابع من كل كف على مقدم الرأس ويعزل السبابتين والإبهامين ويجافي الكفين ويجرهما إلى الرأس ثم يمسح الفودين بالكفين ويجرهما إلى مقدم الرأس ويمسح ظاهر الأذنين بباطن الإبهامين وباطن الأذنين بباطن السبابتين ويمسح رقبته بظاهر اليدين حتى يصير ماسحا ببلل لم يصر مستعملا هكذا روت عائشة رضي الله تعالى عنها مسحه عليه الصلاة والسلام ا هـ ونقل عن الحواشي السعدية أن قوله لم يصر مستعملا يعني حقيقة، وإن لم يصر مستعملا حكما في عضو واحد

‏(‏قوله‏:‏ أما لو أخذ ماء جديدا إلخ‏)‏ مقتضى هذا أن يكون أخذ ماء جديد مطلوبا عندنا خروجا من الخلاف لتكون عبادة مجمعا عليها لكن تقييد المتون كونه بماء الرأس يقتضي أنه السنة وكذا استدلالهم بحديث‏:‏ «الأذنان من الرأس» ولا يسن تجديد ماء للرأس فكذا لما كان منه وفي شرح المنية لابن أمير حاج ثم السنة عندنا وعند أحمد أن يكون بماء الرأس خلافا لمالك والشافعي وأحمد في رواية إلخ فما ذكره مسكين رواية والمتون والشروح على خلافها تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ أي كما ذكره في النص‏)‏ أي في الآية وفيه إشارة إلى رد ما قاله الزيلعي أي الترتيب المنصوص عليه من جهة العلماء ا هـ‏.‏ فإنه خلاف الظاهر مع أن صاحب المتن صرح بما يدل على مراده

‏(‏قوله‏:‏ وظاهر الأول‏)‏ ينبغي إسقاط لفظة الأول والإتيان بالضمير بدله أو تأخير هذا الكلام عن قوله وذكر الزيلعي‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لم يواظب على كلها‏)‏ ينبغي إسقاط لفظة كلها كما وقع في النهر، وإن كانت موجودة في الفتح لاقتضائه أنه صلى الله عليه وسلم واظب على بعضها فيكون مسنونا لا مستحبا تأمل إلا أن يقال ذكر الشارح ذلك بناء على ما سيأتي فتدبر

‏(‏قوله‏:‏ ومواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على التيامن كانت من قبيل الثاني‏)‏ أي العادة قال في النهر سلمنا أن المواظبة كانت على وجه العبادة لكن عدم الاختصاص ينافيها ولو على سبيل العادة كما قاله بعض المتأخرين ا هـ‏.‏ أي عدم اختصاص التيامن بالوضوء ينافي كونه من سننه، وإنما يندب له كما يندب لغيره كالتنعل والترجل‏.‏

قلت يرد عليه عدم اختصاص السواك والنية به مع أنه عليه الصلاة والسلام واظب عليهما وهما من سنن الوضوء تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ إلا الأذنين‏)‏ أي والخدين بدليل ما بعده فافهم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ يصب الماء عليه‏)‏ إن كان مبنيا للمفعول فالماء نائب الفاعل، وإن كان مبنيا للفاعل ففيه ضمير يعود على الخادم والماء مفعول به

‏(‏قوله‏:‏ والتمسح إلخ‏)‏ بالجر عطفا على الإسراف قال في المنية، وأن لا يمسح أعضاءه بالخرقة التي مسح بها موضع الاستنجاء

‏(‏قوله‏:‏ ونزع خاتم‏)‏ ذكر في الفتح قبل هذا ما نصه ومنها استقاء مائه بنفسه والمبادرة إلى ستر العورة بعد الاستنجاء وكأنه سقط من نسخة الشارح التي نقل عنها ما بين لفظتي الاستنجاء

‏(‏قوله‏:‏ والذكر المحفوظ عند كل عضو‏)‏، وهو كما في الزيلعي وغيره أن يقول عند المضمضة اللهم أعني على تلاوة القرآن وذكرك وشكرك وحسن عبادتك وعند الاستنشاق اللهم أرحني رائحة الجنة ولا ترحني رائحة النار وعند غسل وجهه اللهم بيض وجهي يوم تبيض وجوه وتسود وجوه وعند غسل يده اليمنى اللهم أعطني كتابي بيميني وحاسبني حسابا يسيرا وعند غسل اليسرى لا تعطني كتابي بشمالي ولا وراء ظهري ولا تحاسبني حسابا عسيرا وعند مسح رأسه اللهم أظلني تحت ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظل عرشك وعند مسح أذنيه اللهم اجعلني من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه وعند مسح عنقه اللهم اعتق رقبتي من النار وعند غسل رجله اليمنى اللهم ثبت قدمي على الصراط يوم تزل الأقدام وعند غسل رجله اليسرى اللهم اجعل ذنبي مغفورا وسعيي مشكورا وتجارتي لن تبور ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فعلى كونه مندوبا لا يكون الإسراف مكروها‏)‏ قال في النهر لا نسلم أن ترك المندوب غير مكروه تنزيها كما في فتح القدير من الجنائز والشهادات أن مرجح كراهة التنزيه خلاف الأولى ولا شك أن تارك المندوب آت بخلاف الأولى والظاهر أنه مكروه تحريما إذ إطلاق الكراهة مصروف إلى التحريم فما في المنتقى موافق لما في السراج والمراد بالسنة المؤكدة لإطلاق النهي عن الإسراف وبه يضعف جعله مندوبا ا هـ‏.‏ والضمير في قوله والظاهر أنه إلخ عائد إلى الإسراف وقوله فما في المنتقى موافق لما في السراج صوابه لما في الخانية كما لا يخفى إذ لا ذكر للسراج لا في كلامه ولا في كلام الشارح

‏(‏قوله‏:‏ والخامس أن ذكره الدلك إلخ‏)‏ يمكن أن يجاب عنه بأن مراده إمرار اليد المبلولة على الأعضاء المغسولة لما قدمه الشارح عند الكلام على غسل الوجه عن خلف بن أيوب أنه قال ينبغي للمتوضئ في الشتاء أن يبل أعضاءه بالماء شبه الدهن ثم يسيل الماء عليها؛ لأن الماء يتجافى عن الأعضاء في الشتاء ا هـ‏.‏ لكن كان ينبغي تقييده بالشتاء تأمل

‏(‏قوله‏:‏ الثامن أن الأدعية المذكورة إلخ‏)‏ قال الشيخ علاء الدين الحصكفي في شرح التنوير قد رواه ابن حبان وغيره عنه عليه الصلاة والسلام من طرق قال محقق الشافعية الرملي فيعمل به في فضائل الأعمال، وإن أنكره النووي ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وظاهره أنه بالكسر أعم‏)‏ ا هـ‏.‏ قال الشيخ خير الدين الرملي أقول‏:‏ فيه الظرفان المراد ما هو متنجس كالثوب كما صرح به ابن ملك وحينئذ ضبطه بالفتح متعين ويدخل فيه ما خرج متنجسا باعتبار خروج النجاسة التي به فصدق عليه خروج النجس فتأمل، فإنه بالفتح أشمل والله تعالى أعلم

‏(‏قوله‏:‏ وهي عبارة عن المعنى‏)‏ أي والعلة عبارة عن المعنى والخروج كذلك هو معنى

‏(‏قوله ليس شرطا في عمل العلة ولا علة العلة‏)‏ معطوف على قوله ليس شرطا

‏(‏قوله‏:‏ لأن الصحيح أن عينها ظاهرة‏)‏ قال الرملي أقول‏:‏ فيشكل عليه بعدم دخول الخارجة من الدبر في كلامه إلا أن يقال إنها، وإن لم تكن عينها نجسة لكنها متنجسة فتدخل فيه سواء قرئ قوله نجس بالفتح أو بالكسر إذ لا فرق بينهما لغة فتأمل

‏(‏قوله‏:‏ فلا يترتب عليه الخروج‏)‏، وهذا ناظر إلى الوضوء فقط بخلاف ما قبله

‏(‏قوله‏:‏ والكلية الثانية مقيدة بعدم البلة‏)‏ قال الرملي أقول‏:‏ هذا إنما يتأتى في نقض الوضوء فأما في الصوم فلا لتعلقه بالدخول فقط ثم في الكلية الأولى إشكال، وهو أنه يلزم على إطلاقها أن تحكم بنقيض الوضوء بغير خارج نجس إذا خرج ذلك الشيء غير مبتل فتأمل

‏(‏قوله‏:‏ لكن قال في التبيين إلخ‏)‏ قال في النهر إلا أن الذي ينبغي التعويل عليه هو الأول‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لكن ينبغي ترجيحه فيها‏)‏ أي ترجيح الوجوب في المفضاة بالمعنى الأول، وهي أنها التي صار مسلك البول والغائط منها واحدا وكذا على هذا المعنى القول بالاستحباب ويحتمل أن لا يكون كذلك تأمل

‏(‏قوله‏:‏ وإن كان بذكره شق‏)‏ الذي في الخانية والتتارخانية جرح بدل شق

‏(‏قوله لكن في فتح القدير إلخ‏)‏ ظاهر تعليله لعدم الوجوب بالحرج أنه فيمن لا يمكنه فسخها فيحمل الأول على ما إذا أمكن فلا يكون منافاة بين القولين بالحمل على ذلك كما ذكره بعضهم، ويكون وجوب الغسل مبنيا على ذلك أيضا

‏(‏قوله‏:‏ مطلقا‏)‏ أي معتادا كان أو غيره

‏(‏قوله معتادا كان أو غير معتاد‏)‏ بيان لعموم اللازم، وهو الخروج أي لا يخص بالمعتاد

‏(‏قوله‏:‏ ولا يخفى أن المشايخ‏)‏ تعقب لما قدمه عن فتح القدير من قوله فكان جميع ما يخرج من بدن الإنسان إلخ حيث عم

‏(‏قوله‏:‏ ومرادهم أن يتجاوز إلى موضع تجب طهارته أو تندب إلخ‏)‏ قال في النهر‏:‏ هذا وهم وأنى يستدل بما في المعراج وقد علل المسألة بما يمنع هذا الاستخراج فقال ما لفظه لو نزل الدم إلى قصبة الأنف انتقض بخلاف البول إذا نزل إلى قصبة الذكر ولم يظهر، فإنه لم يصل إلى موضع يلحقه حكم التطهير، وفي الأنف وصل، فإن الاستنشاق في الجنابة فرض كذا في المبسوط ا هـ‏.‏ وقد أفصح هذا التعليل عن كون المراد بالقصبة ما لان منها؛ لأنه الذي يجب غسله في الجنابة وكذا قال الشارح لو نزل الدم من الأنف انتقض وضوءه إذا وصل إلى ما لان منه؛ لأنه يجب تطهيره وحمل الوجوب في كلامه على الثبوت مما لا داعي إليه وعلى هذا فيجب أن يراد بالصماخ الخرق الذي يجب إيصال الماء إليه في الجنابة وبهذا ظهر أن كلامهم مناف لتلك الزيادة أن ملاحظتها في المجاوزة إلى موضع من بدن أو ثوب أو مكان يقتضي أن الدم إذا وصل إلى موضع يندب تطهيره من واحد من الثلاثة انتقض، وهذا مما لم يعرف في فروعهم عرف ذلك من تنبهها بل المراد بالتجاوز السيلان ولو بالقوة كما قال بعض المتأخرين ا هـ‏.‏ وأقول‏:‏ يتعين أن يحمل قول المعراج، فإن الاستنشاق في الجنابة فرض على معنى أن أصل الاستنشاق فرض وأن يبقى أول كلامه على ظاهره من غير تأويل لما سيأتي قريبا عن غاية البيان أن النقض بالوصول إلى قصبة الأنف قول أصحابنا وأن اشتراط الوصول إلى ما لان منه قول زفر وأن قول من قال إذا وصل إلى ما لان منه لبيان الاتفاق، وكأن صاحب النهر لم يطلع على ذلك حتى قال ما قال‏:‏ وأما قوله مع أن ملاحظتها في المجاوزة إلخ مما لا يتوهم من كلام صاحب البحر فضلا عن اقتضائه ما ذكره إذ لا شك أن مراده بالتجاوز السيلان كيف وقد قال في آخر كلامه والمراد بالوصول المذكور سيلانه فعلم أنه لا وهم في كلامه وأن قولهم لا ينافي تلك الزيادة وأنه يتعين حمل الوجوب على الثبوت فتدبر منصفا

‏(‏قوله‏:‏ بحيث لم يتلطخ رأس الجرح‏)‏ أي لم يتجاوز إلى محل يلحقه التطهير من البدن، وإنما قيد به ليبين أنه غير مقيد بالبدن بناء على ما ذكره من التعميم السابق وفيه أنه يقتضي والحالة هذه أنه لو سال إلى غير ما ذكر كبحر أو نهر مثلا أو عذرة أو غيره ذلك لا ينتقض، وهو باطل فكان الظاهر إبدال قوله أولا فناقض بشرط أن يصل إلخ بقولنا بشرط أن يسيل ظاهر البدن أو يصل إلى موضع تجب طهارته أو تندب من البدن فيدخل في شرط السيلان ظاهر البدن مسألة الافتصاد حيث لم يتلطخ رأس الجرح ومسألة الأنف والأذن مما سال داخله تدخل في قولنا أو يصل إلخ ولا يرد عليه ما مر فتدبر

‏(‏قوله‏:‏ وقد أوضحه في غاية البيان والعناية‏)‏ قال في غاية البيان قوله إلى ما لان من الأنف أي إلى المارن وما بمعنى الذي، فإن قلت لم قيد بهذا القيد مع أن الرواية مسطورة في الكتب عن أصحابنا أن الدم إذا نزل إلى قصبة الأنف ينقض الوضوء ولا حاجة إلى أن ينزل إلى ما لان من الأنف فأي فائدة في هذا القيد إذن سوى التكرار بلا فائدة؛ لأن هذا الحكم قد علم في أول الفصل من قوله والدم والقيح إذا خرجا من البدن فتجاوزا إلى موضع يلحقه حكم التطهير قلت بيانا لاتفاق أصحابنا جميعا؛ لأن عند زفر لا ينتقض الوضوء ما لم ينزل الدم إلى ما لان من الأنف لعدم الظهور قبل ذلك‏.‏ ا هـ‏.‏ وهو شاهد قوي على ما قاله فلا تغتر بتزييف صاحب النهر والله تعالى ولي التوفيق

‏(‏قوله‏:‏ واختاره السرخسي‏)‏ عبارة الفتح بعد نقله عبارة الدراية واختار السرخسي الأول، وهو أولى ا هـ‏.‏ والأول في عبارة الفتح هو قول أبي يوسف وكذا ذكر في الدراية قوله أولا ثم ذكر قول محمد ثانيا ثم قال والصحيح الأول فليراجع

‏(‏قوله‏:‏ والنفطة‏)‏ هي القرحة التي امتلأت وحان قشرها، وهي من قولهم انتفط فلان إذا امتلأ غضبا قال في الجمهرة تنفطت يد الرجل إذا رق جلدها من العمل وصار فيها كالماء والكف نفيطة ومنفوطة كذا في غاية البيان وقال أيضا بعده هذا أي النقض إذا كانت النفطة أصلها دما وقد تكون من الابتداء ماء

‏(‏قوله‏:‏ نعم هذا التفصيل حسن إلخ‏)‏ قال بعض الأفاضل فيه أن الماء من فروع كما قاله الزيلعي؛ لأنه ينضح فيصير صديدا

‏(‏قوله، وهذا التعليل يقتضي أنه أمر استحباب إلخ‏)‏ رده في النهر بأن الأمر للوجوب حقيقة، وهذا الاحتمال راجح وبأن في فتح القدير صرح بالوجوب وكذا في المجتبى قال يجب عليه الوضوء والناس عنه غافلون

‏(‏قوله‏:‏ فهو كذلك يجمع كله‏)‏ أقول‏:‏ التشبيه غير ظاهر إذ ما قبله ليس فيه جمع بل النظر في أنه لو لم يأخذه لسال بنفسه وبينهما فرق ظاهر فإن الخارج إذا ترك ربما لا يسيل لانسداد المخرج بما خرج فإذا مسحه وخرج غيره مما لا يسيل وفعل ذلك مرارا لا ينتقض وضوء مع أن ذلك المسموح في كل مرة إذا جمع ربما يكون سائلا وأما هذا فيقتضي النقض بذلك وبينهما منافاة ظاهرة وانظر ما الفرق بين ما إذا أخذه بخرقة أو ألقى عليه ترابا حيث يجمع في الثانية دون الأولى ثم ظهر أن المراد بالجمع هو النظر فيه لو ترك قال في التتارخانية يجمع جميع ما نشف فلو كان بحيث لو تركه سال جعل حدثا، وإنما يعرف ذلك بالاجتهاد وغالب الظن

‏(‏قوله‏:‏ ولو ربط الجرح إلى آخر كلامه‏)‏ أقول‏:‏ يفهم من هذا حكم ماء الحمصة لو نفذ إلى الرباط ويقيد بما قيده به في الفتح فالحكم فيها مع السيلان وعدمه فما ليس له قوة السيلان إذا أصاب الثوب منه ولو كان في محال كثيرة لا ينجس؛ لأن المحل المصاب لا يصل منه إليه إلا بلل غير سائل، وهو طاهر وكذا باقي المحل وكذلك إذا أصاب مائعا لا ينجسه على الصحيح وهذه مسألة عمت بها البلوى وكثر السؤال عنها وللشرنبلالي فيها رسالة لا بأس بذكر حاصلها، وذلك أنه قال بعد سرد النقول فبهذا علمت أن ماء الحمصة الذي لا يسيل بقوة نفسه طاهر لا ينقض الوضوء ولا ينجس الثوب ولا الخرقة الموضوعة عليه ولا الماء إذا أصابه فلو كان له قوة السيلان بنفسه يكون ذلك السائل الخارج نجسا ناقضا للوضوء ويلزم غسل ما أصابه من الثوب ولا يجوز لصاحبه الصلاة حال سيلانه، فإنه ناقض للوضوء نجس ولا يصير به صاحب عذر؛ لأنه هو الذي لا يقدر على رد عذره ولو بالربط والحشو الذي يمنع خروج النجس وصاحب الحمصة التي يسيل الخارج منها بوضعها إذا ترك الوضع لا يبقى بالمحل شيء يسيل فلا يتصور له طهارة ولا صحة صلاة حينئذ لقدرته على المنع بترك الوضع فلا يبقى مخلص مع الوضع والسيلان إلا بالتقليد مع مراعاة الشروط في مذهب من قلده احترازا عن التفليق الباطل هذا حاصل ما ذكره رحمه الله تعالى

‏(‏قوله‏:‏ وضعفه في العناية إلخ‏)‏ أقول‏:‏ لا يذهب عنك أن تضعيف العناية لا يصادم قول شمس الأئمة، وهو الأصح وفي حاشية أخي زاده على صدر الشريعة قوله إذا عصر القرحة قبل عدم النقض ها هنا على اختيار الظهيرية والهداية وذهب صاحب التتمة والخلاصة والكافي والسرخسي إلى أن المخرج ناقض كالخارج قياسا على الحجامة والفصد ومص العلقة وقال الأتقاني، وهذا هو المختار عندي لأن الاحتياط فيه، وإن كان الرفق بالناس في الأول وتحقيقه عندي أن الخروج لازم الإخراج ولا بد من وجود اللازم عند وجود الملزوم فيحصل الناقض حينئذ لا محالة فافهم ا هـ كلامه‏.‏ وأما وجه القول الأول؛ فلأن علة النقض هي الخروج بالطبع والسيلان وقد انتفى والقياس على المذكورات غير مستقيم؛ لأن في كل منها يخرج الدم بعد قطع الجلدة فهو بمنزلة ارتفاع المانع حتى صرحوا بأن المص إذا كان بحيث لا يسيل الدم بعد سقوط العلقة لا ينقض وما نحن فيه ليس كذلك؛ لأن علة الخروج هي العصر، فإنه يشبه شق زق الغير ثم عصره والمص يشبه شقه ثم تركه، فإنه يضمن في الأول دون الثاني ا هـ‏.‏ وإذا تأملت لم يعجزك رد ما أتى به فتأمل قاله الرملي أقول‏:‏ أي لم يعجزك رد ما وجه به أخي زاده القول الأول، وكان مراده به منع قوله إن علة النقض هي الخروج بالطبع والسيلان بل العلة هي كونه خارجا نجسا وذلك يتحقق مع الإخراج كما ذكره الشارح، ويدل عليه ما ذكره أيضا من أن جميع الأدلة الموردة من السنة والقياس تفيد تعليق النقض بالخارج النجس، وهو ثابت في المخرج‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وصححه في المعراج وغيره‏)‏ أقول‏:‏ قال في شرح المنية والصحيح ظاهر الرواية أنه نجس لمخالطته النجاسة وتداخلها فيه بخلاف البلغم‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله؛ لأنه إحدى الطبائع الأربع‏)‏ قال في غاية البيان وما قيل إن السوداء إحدى الطبائع الأربعة ففيه نظر عندي؛ لأنها تعد من الأخلاط لا من الطبائع ألا يرى أن الأطباء قالوا الأخلاط أربعة الدم والمرة السوداء والمرة الصفراء والبلغم فطبع الأول حار رطب والثاني بارد يابس والثالث حار يابس والرابع بارد رطب فعلم أن لكل واحد من الأربعة طبعا لا أن ذاته طبع ا هـ‏.‏ فما ذكره في السوداء يجري في البلغم والله تعالى أعلم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لا ينقض إلا إذا كان الطعام غالبا إلخ‏)‏ ظاهره أن الضمير في قوله لا ينقض راجع إلى البلغم، وهو غير صحيح؛ لأنه إذا كان الطعام غالبا يكون الناقض هو الطعام لا البلغم وعبارة التتارخانية، وإن قاء طعاما أو ما أشبهه مختلطا بالبلغم ينظر إن كانت الغلبة للطعام وكان بحال لو انفرد الطعام بنفسه كان ملء الفم نقض وضوءه، وإن كانت الغلبة للبلغم، وكان بحال لو انفرد البلغم بلغ ملء الفم كانت المسألة على الاختلاف ا هـ‏.‏ أي بين أبي يوسف وبينهما‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ويبلغ بالجمع حد الكثرة‏)‏ أي يبلغ ما يتصل به من القيء حدها

‏(‏قوله‏:‏ وحمله في فتح القدير‏)‏ عبارته هكذا ويمكن حمله على ما إذا قاء من ساعته بناء على أنه إذا فحش غلب على الظن كون المتصل به القدر المانع، وبما دونه ما دونه انتهت فالذي يفهم من كلامه أن الناقض هو الذي يغلب على الظن من اتصال القدر المانع، وهو ملء الفم فلا وجه للرد والتخطئة ومثله في النهر لكن نظر فيه العلامة نوح أفندي في حاشية الدرر بأن النجس إذا اتصل بالطاهر يصير نجسا ا هـ‏.‏ أي بخلاف البلغم على قولهما؛ لأنه للزوجته لا تتداخله أجزاء النجاسة كما مر؛ فلذا اعتبر ملء الفم فيما خالطه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو كان علقا إلخ‏)‏ الضمير راجع إلى الصاعد من الجوف فهو مقابل قوله مائعا الواقع في قوله ولو كان صاعدا من الجوف مائعا أما لو كان علقا نازلا من الرأس، فإنه لا ينقض اتفاقا؛ لأنه خرج عن كونه دما كما في المنية وشرحها للشيخ إبراهيم الحلبي فصار الحاصل أنه إذا قاء دما فإما أن يكون من الرأس أو من الجوف سائلا أو علقا فالسائل النازل من الرأس ينقض اتفاقا، وإن قل والصاعد من الجوف كذلك عندهما وعند محمد إن ملأ الفم والعلق النازل من الرأس لا ينقض اتفاقا وكذلك الصاعد من الجوف لا ينقض اتفاقا إلا أن يملأ الفم كما في شرح المنية

‏(‏قوله‏:‏ وظاهر كلام الزيلعي أن الدم الصاعد من الجوف إلخ‏)‏ اعترض عليه العلامة المقدسي كما نقل عنه بما معناه لم نجد ذلك في كلام الزيلعي بل ذكر الدم مطلقا عن قيد الاختلاط ا هـ‏.‏ وأقول‏:‏ قال الزيلعي‏:‏ ولو قاء دما إن نزل من الرأس نقض قل أو كثر بإجماع أصحابنا، وإن صعد من الجوف فروي عن أبي حنيفة مثله وروى الحسن عنه أنه يعتبر ملء الفم، وهو قول محمد والمختار إن كان علقا يعتبر ملء الفم؛ لأنه ليس بدم، وإنما هو سوداء احترقت، وإن كان مائعا نقض، وإن قل ثم قال فيما إذا غلب عليه البصاق، وإن خرج من الجوف فقد ذكرنا تفاصيله واختلاف الروايات فيه ا هـ‏.‏ فذكر حكم ما غلب عليه البزاق ثم قال هذا إذا خرج من نفس الفم فإن خرج من الجوف إلخ فمراده بقوله، فإن خرج يعني الدم لا بقيد كونه غلب البزاق بدليل قوله فقد ذكرنا تفاصيله إلخ، فإن الذي ذكر تفاصيله الدم لا بهذا القيد؛ لأن تفاصيله ما إذا كان جامدا أو مائعا ملأ الفم أو لا والذي غلب عليه البزاق لا يتصور فيه أن يكون ملء الفم فعلم أن مراده ما ذكرنا وأن مراده بالقليل ما لا يملأ الفم وبالكثير ما يملؤه على أن الخارج من الجوف لا يخالطه البزاق إلا بعد وصوله إلى الفم؛ لأن البزاق محله الفم لا الجوف وبهذا يظهر الفرق بين الخارج من الفم والخارج من الجوف قال الخارج من الفم إنما كان سيلانه بسبب البزاق وجعل غلبته على البزاق دليل سيلانه بنفسه بخلاف الخارج من الجوف، فإنه لا يصل إلى الفم إلا إذا كان سائلا بنفسه فالفرق بينهما واضح وبه يرجح كلام الزيلعي على كلام ابن ملك ويظهر أن إطلاق كلام الشارحين في محل التقييد فلم يكن كلام الزيلعي مخالفا للمنقول والله أعلم

‏(‏قوله‏:‏ وما لم يخرج منها كالدم إلخ‏)‏ هذا في غير الخارج من الجوف المختلط بالبزاق إذا حكمه حكم الخارج من الفم كما قدمه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وصحح في السراج الوهاج الأول‏)‏ وقد سئل العلامة ابن الشلبي عن شخص به انفلات ريح هل ينتقض وضوءه بالنوم فأجاب بعدم النقض بناء على هذا قال ومن ذهب إلى أن النوم نفسه ناقض لزم نقض وضوء من به انفلات الريح بالنوم ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وهذا أحسن من قول النهر ينبغي أن يكون عينه أي النوم ناقضا اتفاقا فيمن فيه انفلات ريح إذ ما لا يخلو عنه النائم لو تحقق وجوده لم ينقض فالمتوهم أولى‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فأفاد أن في المسألة اختلافا بين الصاحبين‏)‏ قال الرملي‏:‏ أقول‏:‏ ينبغي أن يترتب النقض على وجود الاستمساك وعدمه ويوفق بين القولين به ويلوح ذلك من تقييد صاحب النهاية والمحيط المسألة بقوله واضعا أليتيه على عقبيه وإطلاق مسألة التربع فتأمل

‏(‏قوله‏:‏ وقيل لا؛ لأن نومه قاعدا كنوم الصحيح‏)‏ صوابه؛ لأن نومه مضطجعا؛ لأن الكلام فيه

‏(‏قوله‏:‏ ولا الساجد مطلقا‏)‏ أي سواء كان على الهيئة المسنونة أم لا كما يفسره ما بعده

‏(‏قوله؛ لأن في الوجه الأول‏)‏، وهو السجود على الهيئة المسنونة والمراد بالاستطلاق ما روي في حديث‏:‏ «العينان وكاء السه فإذا نامت العينان انطلق الوكاء» والوكاء الخيط الذي يربط به فم القربة والسه بالسين المهملة ويحرك الاست جمعه أستاه وبالكسر ويضم العجز أو حلقة الدبر قاموس

‏(‏قوله‏:‏ وهذا هو القياس في الصلاة‏)‏ أي النقض حالة النوم في السجود على غير الهيئة المسنونة هو القياس في الصلاة لعدم الاستمساك كما في خارج الصلاة إلا أنه ترك القياس فيها واعتبر في خارجها للنص الوارد فيها، وهو لا وضوء على من نام قائما أو راكعا أو ساجدا إنما الوضوء على من نام مضطجعا ذكره الزيلعي وغيره فإن كان مراد الشارح بالنص هذا فهو كما ترى غير مقيد بالصلاة إلا أن يقال إن المتبادر من قوله أو راكعا أو ساجدا أن يكون في الصلاة والأقرب أن يكون مراده ما في معراج الدراية حيث قال وجه ظاهر الرواية ما روي وأنه عليه الصلاة والسلام قال‏:‏ «إذا نام العبد في سجوده يباهي الله تعالى به ملائكته فيقول انظروا إلى عبدي روحه عندي وجسده في طاعتي» قال‏:‏ وإنما يكون جسده في الطاعة إذا بقي وضوءه وجعل هذا الحديث في الأسرار من المشاهير ثم إن الزيلعي قال بعدما ذكر النص السابق وإن كان خارج الصلاة فكذلك في الصحيح إن كان على هيئة السجود بأن كان رافعا بطنه عن فخذيه مجافيا عضديه عن جنبيه، وإلا ينقض وضوءه، ا هـ‏.‏ فقول الشارح وصرح الزيلعي بأنه الأصح الضمير المنصوب فيه يعود إلى قوله وإن كان خارجها فكذلك إلا في السجود إلخ خلاف ما يوهمه ظاهر العبارة من أنه راجع إلى قوله، وهذا هو القياس إذ هو أقرب والأحسن إرجاعه إلى قوله كذا في البدائع؛ لأن ما في البدائع من التفصيل هو ما ذكره الزيلعي ومما يؤيد أن الضمير ليس راجعا إلى ما هو القياس قوله الآتي مقتضى الأصح المتقدم إلخ وبه سقط نسبة السهو إلى المؤلف التي ذكرها في النهر ثم إنه يفهم من كلام الزيلعي ومن كلام الشارح أيضا أن عدم الفساد في سجود الصلاة مطلقا متفق عليه مع أنه نقل في النهر عن عقد الفرائد ما نصه إنما لا يفسد الوضوء بنوم الساجد في الصلاة إذا كان على الهيئة المسنونة قيد به في المحيط وهو الصحيح ا هـ‏.‏ وكذلك ذكره الشرنبلالي في متنه نور الإيضاح حيث قال في الأشياء التي لا تنقض الوضوء ومنها نوم مصل ولو راكعا أو ساجدا إذا كان على جهة السنة في ظاهر المذهب قال في النهر إلا أن هذا لم يوجد في المحيط الرضوي‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وأطلق في الهداية الصلاة‏)‏ صوابه النوم بدل الصلاة

‏(‏قوله‏:‏ وينبغي حمل ما في الخانية على رواية أبي يوسف‏)‏ وحينئذ الذي تقدم من رواية أبي يوسف أنه إذا تعمد النوم في الصلاة نقض وكذا في الفتح، وهي كما ترى غير مقيدة بالسجود تأمل ثم رأيت غاية البيان ما نصه وروي عن أبي يوسف رحمه الله تعالى في الإملاء أنه إذا تعمد النوم في السجود ينقض، وإن غلبت عيناه فلا ينقض ا هـ‏.‏ وبه يترجح الحمل المذكور، ويكون المراد حينئذ مما تقدم من قوله في الصلاة أي في سجودها فقط فافهم ثم في شرح الشيخ إسماعيل اعتراض هذا الحمل بقوله أقول‏:‏ ولا يخفى أنه لا يلزم من فساد الصلاة انتقاض الوضوء لما في السراج لو قرأ أو ركع وسجد وهو نائم تفسد صلاته؛ لأنه زاد ركعة كاملة لا يعتد بها ولا ينتقض وضوءه ا هـ‏.‏ ولم يحكم في الخانية على الوضوء بالنقض والظاهر أن في البحر غفولا عن ذلك فتدبره ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ والأقرب الاستدلال على أنه لا يلزم من فساد الصلاة نقض الوضوء بما ذكره هنا من عبارة جوامع الفقه لكن قد يقال إن الظاهر أن ما في الخانية من الفساد مبني على نقض الوضوء لتفريقه بين الركوع والسجود تأمل

‏(‏قوله‏:‏ والظاهر أنه ليس بحدث‏)‏ قال في معراج الدراية‏:‏ لأنه نوم قليل

‏(‏قوله‏:‏ وبهذا تبين أن ما في التبيين على قول الشيخين‏)‏ أي الدقاق والرازي وعبارة التبيين‏:‏ هكذا والنعاس نوعان‏:‏ ثقيل‏:‏ وهو حدث في حالة الاضطجاع وخفيف، وهو ليس بحدث فيها والفاصل بينهما أنه إن كان يسمع ما قيل عنده فهو خفيف، وإلا فهو ثقيل انتهت وليس فيها التقييد بالفهم فهو غير ما ذكره الشيخان إلا أن يعتبر تقييد السماع بالفهم فيمكن حمله عليه لكن ليس فيه لفظ عامة المشعرة بفهم البعض بل ظاهره عدم سماع الجميع إلا أن يقال عامة بمعنى الجميع لكن يبقى فيه إشكال، وهو أنه إذا كان المراد به أنه لا يسمع ولا يفهم جميع ما قيل عنده فهو نائم لا ناعس، وإلا فما الفرق بينهما على أن الذي في معراج الدراية من كلام الشيخين، وإن كان يسهو حرفا أو حرفين فلا ا هـ‏.‏ فعامة ليس بمعنى الجميع ويمكن أن يحمل السماع على الفهم كما قال شيخنا ويقدر لفظ أكثر في كلام الزيلعي أي إن كان يفهم أكثر ما قيل عنده فهو خفيف، وإلا فهو كثير فيتوافق الكلامان هذا غاية ما يمكن في هذا المحل فليتأمل

‏(‏قوله‏:‏ وعليه يحمل ما في سنن البزار‏)‏ أي يحمل النوم فيه على النعاس‏.‏

‏(‏قول المصنف وسكر‏)‏ قال الرملي أطلق السكر فشمل السكر من مباح لقولهم السكر من مباح كالإغماء‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وظاهر كلام المصنف وجماعة إلخ‏)‏ فيه كما قال في النهر‏:‏ إن ظاهر كلامه الثاني بدليل قوله بالغ إذ لو كانت حدثا لاستوى فيها البالغ وغيره

‏(‏قوله‏:‏ وفائدة الخلاف إلخ‏)‏ قال في النهر وينبغي أن يظهر أيضا في كتابة القرآن، وأما حل الطواف بهذا الوضوء ففيه تردد وإلحاق الطواف بالصلاة يؤذن بأنه لا يجوز فتدبره

‏(‏قوله‏:‏ وينبغي ترجيح الثاني إلخ‏)‏ أيده في النهر بقوله؛ ولذا رجحوا عدم النقض بقهقهة النائم ا هـ‏.‏ لكن أورد أن فيه تبعيض الأحكام والشيء إذا ثبت يثبت بجميع أحكامه والجواب أن النص ورد بإبطالها الوضوء في حق الصلاة فقط ولا يمكن قياس غير الصلاة عليها لمخالفتها للقياس؛ ولأن إبطالها الوضوء في حق الصلاة لوجود الجناية بها على الصلاة وأورد أيضا أنه يلزم على هذا القول أنه لو أدى الصلاة لم يكن فيه إلا الحرمة فقط مع وجوب الإعادة، وهذا إبطال المذهب لموافقة القياس والجواب أنه إنما يرد ذلك لو كان معنى هذا القول وجوب إعادة الوضوء زجرا مع بقائه، وليس كذلك بل معناه كما قلنا‏:‏ إنها مبطلة للوضوء في حق الصلاة، وإن لم يكن حدثا تأمل

‏(‏قوله‏:‏ لكن سوى فخر الإسلام بين كلام النائم وقهقهته‏)‏ حينئذ لا محل لهذا الاستدراك هنا فتأمل

‏(‏قوله‏:‏ ولو نسي الباني المسح فقهقه قبل القيام إلى الصلاة نقض إلخ‏)‏ أي قهقه في طريقه، وهذا بناء على ما جزم به الزيلعي من إحدى الروايتين السابقتين

‏(‏قوله‏:‏ أو في سجود السهو‏)‏ قال الرملي ذكر في التتارخانية أنه المختار وذكر في منية المصلي عدم النقض فيه وقد علمت أنه خلاف المختار وممن ذكر النقض الشيخ الإمام محمد الغزي في شرح زاد الفقير والله تعالى أعلم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فلم يفسد به شيء من صلاة المأمومين ولا مسبوقا‏)‏ أي ولو كان أحد المأمومين مسبوقا

‏(‏قوله‏:‏ فهي أربعة أوجه‏)‏ المذكور هنا ثلاث لكن وجد في بعض النسخ ويجوز كسرهما‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وتلك البلة قليل نجاسة إلخ‏)‏ إطلاق النجاسة على القليل الخارج من السبيلين طاهر، وأما الخارج من غيرهما ففيه أن الصحيح أن ما لا يكون حدثا لا يكون نجسا كما سيأتي وقد أشار في غاية البيان إلى الجواب عنه بأنه أطلق عليه ذلك لما أنه عند محمد رحمه الله نجس أو يريد حقيقته اللغوية لا الشرعية

‏(‏قوله‏:‏ ولا ينافيه ما في السراج الوهاج إلخ‏)‏ قال الرملي؛ لأن الماء الأول المراد به الذي مادته من البدن‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ إذا كان بباطن الأصابع‏)‏ المراد بباطن الكف وما يتبعها من الأصابع لا خصوص الأصابع كما قال القاضي زكريا الشافعي في المنهاج ومس فرج آدمي أو محل قطعه ببطن كف والمراد ببطن الكف كما قال في شرحه ما يستتر عند وضع إحدى الراحتين على الأخرى مع تحامل يسير قال وخرج ببطن الكف غيره كرءوس الأصابع وما بينهما وحرفها وحرف الراحة واختص الحكم بباطن الكف، وهو الراحة مع بطون الأصابع؛ لأن التلذذ إنما يكون به ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ إذ قد علمت ما قاله الترمذي إلخ‏)‏ أقول‏:‏ لم يعلم ذلك مما تقدم بل الذي في تخريج أحاديث الهداية للحافظ ابن حجر قال بعد أن ذكر حديث بسرة ورواه الترمذي والنسائي وابن ماجه من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن مروان به قال الترمذي حسن صحيح ا هـ فليتأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وإن روي عن غيرهم خلافه‏)‏ لا ينافي ذلك ما قدمه عن شرح الآثار؛ لأن روايته عنهم لا تقتضي إفتاءهم به ولا أنهم يروونه فافهم

‏(‏قوله‏:‏ لكن في البدائع ما يفيد الاستحباب إلخ‏)‏ قال في النهر ما في البدائع إنما هو فيما إذا استنجى بالأحجار دون الماء وتلوثت يده لا مطلقا وذلك أنه قال إن الحديث أعني قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «من مس ذكره فليتوضأ» محمول على غسل اليدين؛ لأن الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا يستنجون بالأحجار دون الماء فإذا مسوه بأيديهم كانت تتلوث خصوصا في أيام الصيف فأمروا بالغسل ا هـ‏.‏ ولا يخفى أن إطلاق السرخسي أولى عملا بعموم من ا هـ‏.‏ ويؤيد هذا أن الغسل عند التلوث قد يكون واجبا فيكون أمرا بإزالة النجاسة، وهو واجب لا مستحب فالأولى حمله على غسل اليد مطلقا كما قاله السرخسي ومما يدل على ما ذكره من حمل حديث بسرة على ذلك ما ذكره الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الهداية وعن مصعب بن سعيد قال مسست ذكري ومعي المصحف فقال لي أبي توضأ، ثم أخرج من طريقه‏:‏ قال فقال‏:‏ لي أبي قم فاغسل يدك ا هـ‏.‏ ولعل حكمة الأمر بالغسل كون ذلك محل خروج النجاسة فربما تكون في اليد أو المحل رطوبة سيما عند الاستنجاء وذلك مظنة للتلوث أو هو تعبدي والله تعالى أعلم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وظاهره أن المضمضة والاستنشاق ليستا شرطين في الغسل المسنون‏)‏ قال العلامة الشيخ محمد الغزي في المنح فيه نظر؛ لأنه إن أراد أن كلا منهما ليس بفرض في الاغتسال المسنون فمسلم، وإن أراد أنهما ليسا بشرط في تحصيل السنة فممنوع ولعل مراد صاحب السراج الأول ولا كلام فيه ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لمعة‏)‏ بضم اللام ومن فتحها فقد أخطأ، وهي قطعة من البدن أو العضو لم يصبه الماء في الاغتسال أو الوضوء وأصله في اللغة قطعة من نبت أخذت في اليبس‏.‏ ا هـ‏.‏ تعريفات

‏(‏قوله‏:‏ بالأطهر‏)‏ بضم الهاء أي مشددة و بتشديد الطاء أيضا، وهو مصدر اطهر من باب التفعيل أصله تطهر قلبت التاء طاء ثم أدغمت ثم جيء بهمزة الوصل للنطق بالساكن

‏(‏قوله‏:‏ واسم البدن يقع على الظاهر والباطن إلخ‏)‏ نقل الشيخ علاء الدين الحصكفي عن المغرب وغيره أن البدن من المنكب إلى الألية قال وحينئذ فالرأس والعنق واليد والرجل خارجة لغة داخلة تبعا شرعا‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ من غير معارض‏)‏ متعلق بقوله شملهما الثاني

‏(‏قوله‏:‏ كأنه يعني ما عن أبي هريرة إلخ‏)‏ الظاهر أن فاعل يعني ضمير يعود إلى الحامل المفهوم من المصدر في قوله فلا حاجة إلى حمل المروي والمعنى كأن الحامل قصد بالحديث الذي استدل به ما روي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه تأمل

‏(‏قوله‏:‏ والصحيح أنها ليست بشرط‏)‏ الأولى تذكير الضميرين؛ لأنهما يعودان على المج

‏(‏قوله‏:‏ فكان الاحتياط الخروج عن الجناية؛ لأن الاحتياط إلخ‏)‏ أقول‏:‏ شنع عليه العلامة المقدسي فيما نقل عنه بما لا ينبغي ذكره وكذا أخو الشارح في النهر فقال أنى يكون هذا وجها لكون المج أحوط ولا أرى هذا إلا من طغيان القلم بل الوجه هو أن الماج خارج عن العهدة بيقين بخلاف غيره، وهذا هو معنى الاحتياط ا هـ‏.‏

قلت‏:‏ وهذا مبني على ما في بعض النسخ من سقوط قوله وقد يقال إن الأحوط الخروج بعد قوله كذا في الخلاصة، وأما على ما في عامة النسخ من وجود ذلك فلا يرد ذلك فيكون قوله ووجه كونه أحوط أي كون الخروج بدون المج أحوط توجيها لقوله وقد يقال إلخ لا لكلام الخلاصة ويكون ذلك من العمل بأقوى الدليلين؛ لأن الصحيح أن المج ليس بشرط وتصحيحه لقوة دليله وحينئذ فلا ملام على الشارح ولا غبار، وأما قول صاحب المنح‏.‏

قلت بل الظاهر الأول؛ لأنه إذا لم يمج خرج عن الجنابة على قول ولم يخرج على آخر بخلاف ما إذا مجه، فإنه يخرج عنهما اتفاقا إلخ فهو غير موافق لما ذكره الشارح من معنى الاحتياط على الصحيح بل هو مبني على ما قاله صاحب النهر من أنه الخروج عن العهدة بيقين كما هو مبنى كلام الخلاصة فافهم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ويحل للجنب شرب الماء قبل المضمضة على وجه السنة إلخ‏)‏ ليتأمل في وجه الفرق بين ما إذا كان شربه على وجه السنة وبين عدمه، فإنه لم يظهر لنا إذ في كل منهما سقط الفرض

‏(‏قوله‏:‏ وقيل انتقاص البول إلخ‏)‏ الظاهر أن المراد به أنه إذا غسل مذاكيره بالماء البارد ينتقص البول أي يسرع في استنقائه كما قالوا في الهدي أنه لا يحلبه بل ينضح ضرعه بالنقاخ أي الماء البارد لينقطع جريانه تأمل

‏(‏قوله‏:‏ والاستحداد إلخ‏)‏ ليس فيما ذكره من الحديث ذكر الاستحداد بل الذي مر هو الحلق

‏(‏قوله‏:‏ بفتح الباء والجيم‏)‏ عطف على فتح والأولى ما في بعض النسخ وبالجيم بإعادة الباء الجارة

‏(‏قوله‏:‏ ولا يخفى ما فيه إلخ‏)‏ يمكن أن يقال إن مراده بالسنة الطريقة، وهي ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم

‏(‏قوله‏:‏ وأما قوله في فتح القدير إن فعل إلخ‏)‏ أقول‏:‏ هذا الكلام في هذا المقام خارج عن الانتظام من خمسة وجوه ولولا ضرورة بيانه لكان الأولى لمثلي حفظ لسانه فأقول‏.‏ أما الوجه الأول‏:‏ فلأن ادعاء المحقق أن اطهر من باب فعل ليس كما قال بل هو من باب التفعل كما تقدم في كلام الشارح عن غاية البيان وحينئذ فلا يترتب عليه ما ذكره بعد وكأن الشارح لم يبين ذلك اعتمادا على ما قدمه ولعل المحقق الكمال تفطن لهذا فأضرب فيما وجد بخطه عنه واقتصر على قوله؛ لأن صيغة التفعل للمبالغة كما ذكره في النهر‏.‏ وأما الثاني‏:‏ فلأن قول الشارح إن صيغة اطهروا يجوز أن تكون من قبيل التكثير في المفعول فممنوع أما أولا؛ فلأن اطهروا أمر من تطهر القوم كما علمت، وهو لازم، وأما ثانيا؛ فلأنا، وإن قلنا إن ما ذكره هنا إنما هو على سبيل التنزل مع الكمال من أنه أمر من طهر فلا مفعول فيه أيضا فلا يكون من التكثير في المفعول وأما ثالثا؛ فلأنا، وإن تنزلنا وقلنا كما قال بعضهم على ما فيه من أن صيغة الجمع في حكم قضايا متعددة وادعينا بناء على ذلك أن معنى اطهروا ليطهر كل واحد منكم بدنه فيكون فيه مفعول في المعنى فنقول لا يكون من التكثير في المفعول أيضا؛ لأن بدن كل أحد واحد لا تعدد فيه فيكون من التكثير في الفعل كما قال الكمال وأما الثالث؛ فلأن قوله وقوله إن التكثير في المفعول يستدعي كثرة المفعول مسلم فيما إذا كان الفعل لا تكثير فيه غير صحيح لما قال العلامة شيخ الإسلام زكريا في شرح الشافية إن التكثير في الفاعل أو المفعول يستلزم التكثير في الفعل ولا عكس ا هـ‏.‏ وقوله كموت الإبل غير صحيح أيضا من وجهين‏:‏ الأول‏:‏ أن فيه تكثير الفعل لما علمت الثاني أنه من التكثير في الفاعل لا المفعول كما هو ظاهر كلامه، وأما الرابع؛ فلأن قوله أما إذا كان في الفعل تكثير إلخ صحيح، وأما قوله، وإن كان الفاعل والمفعول واحدا فغير صحيح إذ كيف يكون التكثير في المفعول والمفعول واحد بل لا يصح ذلك التركيب إلا أن يستقيم فيه تكثير الفعل كما كتبه بيده في آخر كلام الجاربردي عن شرح المفصل فيكون من التكثير في الفعل لا المفعول؛ ولذا قال المحقق الرضي‏:‏ في شرح الشافية تقول ذبحت الشاة ولا تقول ذبحتها وأغلقت الباب مرة ولا تقول لا غلقته بل تقول ذبحت الغنم وغلقت الأبواب ا هـ‏.‏ ولعل مراده أن قطعت الثوب فيه تكثير المفعول باعتبار أن كل قطعة بمنزلة مفعول ولكن لا يخفى بعده مع أنه لا يسمى مفعولا اصطلاحيا على أنه لا يجد به نفعا في مدعاه؛ لأن طهرت البدن ليس نظيره بل مثل ذبحت الشاة وقد علمت امتناع صيغة التفعل فيه مع أن الشارح كتبه بيده فإن قيل لا نسلم أن طهرت البدن ليس نظير قطعت الثوب على المعنى الذي حملت كلامه عليه؛ لأن كل عضو طهر بمنزلة مفعول مستقل فهو نظيره‏.‏

قلت ليس كذلك لما سيأتي في كلام الشارح أن المصحح عدم تجزي الطهارة فلا يوصف العضو بالطهارة قبل تمامها، وأما الخامس فلأن ما استشهد به من كلام المحقق الجاربردي على ما ادعاه من أنه للتكثير في المفعول ليس فيه شيء يشهد له بل فيه ما يشهد عليه كما لا يخفى، فإن قوله وينبغي أن يعلم أن هذا بخلاف قولك قطعت الثوب، فإنه سائغ معناه أنه سائغ؛ لأنه يصح أن يكون من التكثير في الفعل، فإنه لا ينافيه كون المفعول فيه واحدا، وهو الثوب ولهذا نقل بعده تأويل عبارة المفصل، فإن ظاهرها لا يجوز الإتيان بصيغة التفعل في هذا المثال فحملها ابن الحاجب على أن مراده بعدم الجواز إذا لم يستقم فيه تكثير الفعل مثل ذبحت الشاة لا إذا استقام مثل قطعت الثوب وقد ذكر ذلك العلامة الجاربردي توطئة لرد ما نقله بعد ذلك عن بعض شراح الشافية من أن المراد بالتكثير في المفعول أنه لا يستعمل غلقت بالتضعيف إلا إذا كان المفعول جمعا حتى لو كان واحدا وغلق مرات كثيرة لم يستعمل إلا غلق بلا تضعيف إلا على سبيل المجاز ا هـ‏.‏ قال الجاربردي، وهذا يخالف ظاهر ما ذكره المصنف في شرح المفصل ا هـ‏.‏ ووجه المخالفة ظاهر، فإن مقتضاه أن لا يكون من التكثير في الفعل أيضا ثم إن ما نقله الشارح عن الجاربردي من قوله، وإن كان الفاعل واحدا يغلب على ظني أنه سبق قلم وأن الصواب وإن كان المفعول واحدا تأمل وبما تلونا عليك علمت عدم استقامة هذا الكلام في هذا المقام ولا بدع، فإنه لا عصمة إلا للأنبياء والملائكة الكرام عليهم أفضل الصلاة والسلام‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وهذا هو الصحيح المعتمد‏)‏ عن هذا نشأ ما في شرح التنوير للحصكفي عن المسعودي أنه إن أمكن فسخ القلفة بلا مشقة يجب، وإلا لا ا هـ‏.‏ وعلى هذا التفصيل المختار مشى الشرنبلالي في متنه نور الإيضاح وفي حاشيته على الدرر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ سواء كان محدثا أو لا‏)‏ قال الرملي أقول‏:‏ يفهم منه أن الجنب قد لا يكون محدثا وفيه تأمل لأن خروج المني ينقض الوضوء؛ لأنه نجس عندنا وكان ما ذكره مذهب الشافعية ا هـ‏.‏ وأقول‏:‏ يمكن تصويره على مذهبنا أيضا في كافر توضأ ثم أسلم، وهو جنب تأمل

‏(‏قوله‏:‏؛ ولأن تقديم غسل الفرج إلخ‏)‏ نظر في هذا التعليل في النهر بأن الكلام في السنية لا الندب ودفعه بعض الفضلاء بأن مراد صاحب البحر نقض حصر تقديمه في كونه لنجاسته بجواز كونه لغيرها أيضا

‏(‏قوله‏:‏ والظاهر أن الاختلاف في الأولوية إلخ‏)‏ قال في النهر لقائل أن يقول لا نسلم ذلك بل هو في الجواز وذلك أن وجوب الغسل للصلاة، وإذا كان في مستنقع الماء يحتاج على رواية النجاسة إلى غسلهما فلم يفد الغسل فائدته فوجب التأخير تحاميا عن الإسراف ويلزم على ما اختاره أولوية التأخير مع النجاسة أيضا إذ لا فرق بين نجاسة ونجاسة، وليس بالواقع فتأمله ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ لا يخفى أن المؤلف بنى الاختلاف على رواية الطهارة المفتى بها أما على رواية النجاسة فلا كلام له في أنه لا فائدة في التأخير لما سينقله عن الهندي والمحيط هذا وفي شرح الشيخ إسماعيل على الدرر بعد نقل عبارة النهر قال ما نصه، وأقول‏:‏ كون الوجوب للصلاة فقط ممنوع وقوله فلم يفد إلى قوله تحاميا عن الإسراف غير صحيح؛ لأنه يباح به حينئذ مس المصحف بل ما عدا الصلاة من المحرمات لزوال الحدث وهلا تكفي هذه الفائدة وبعد حصولها كيف يقال بالإسراف، وأن الواجب الترك إذ قد لا يصلي إذ ذاك وقوله إذ لا فرق بين نجاسة ونجاسة غير مسلم أيضا بل الفرق واضح لأن الحقيقة إذا كانت على البدن ولاقاها الماء لا يسقط به الحدث حينئذ لكونه تنجس بها إلا إذا تطهر المحل منها، فإنه يرتفع به الحدث أيضا ولما في ذلك من انتشارها في البدن بخلاف تنجس الرجلين من الماء المستعمل، فإنه لا يكون إلا بعد انفصاله وتمام الطهارة ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وقد صرح به الهندي فقال إلخ‏)‏ أقول‏:‏ لا يخفى أن ما بنى عليه كلامه من الاختلاف في الأولوية هو أن الماء المستعمل طاهر وما ذكره هنا مبني على نجاسته، وعليه فلا يكون الاختلاف في الأولوية بل في اللزوم وعدمه إذ لا شبهة في لزوم غسلهما بناء عليه فكيف يقوى به كلامه مع أنه ينابذ مرامه

‏(‏قوله‏:‏ فإنه فهم من رواية عدم التجزي إلخ‏)‏ أخذ ذلك من قوله؛ لأن الجنابة تزول عن رجليه إلخ، فإن مفهومه أنه على رواية عدم التجزي خلاف ذلك، وأنه لا فائدة في غسلهما أولا وأنه يجب إعادة غسلهما

‏(‏قوله‏:‏ ولم أر من صرح باستحبابه إلا صاحب منية المصلي إلخ‏)‏ قال الشرنبلالي في إمداد الفتاح واستدل له شارح المنية الحلبي بما روته عائشة رضي الله تعالى عنها قالت «كان للنبي صلى الله عليه وسلم خرقة يتنشف بها بعد الوضوء» رواه الترمذي، وهو ضعيف ولكن يجوز العمل بالضعيف في الفضائل ا هـ‏.‏ ولا يخفى أن المدعي التنشيف بعد الغسل والمروي في الوضوء ا هـ‏.‏ وقد يقال لا فرق بينهما على أنه سيأتي قريبا أن آداب الغسل هي آداب الوضوء سوى استقبال القبلة تأمل‏.‏