فصل: باب من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القول المفيد على كتاب التوحيد (نسخة منقحة)



.باب من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره:

قوله: (من الشرك)، من: للتبعيض، فيدل على أن الشرك ليس مختصًا بهذا الأمر.
والاستغاثة: طلب الغوث، وهو إزالة الشدة.
وكلام المؤلف رحمه الله ليس على إطلاقه، بل يقيد بما لا يقدر عليه المستغاث به، إما لكونه ميتًا، أو غائبًا، أو يكون الشيء مما لا يقدر على إزالته إلا الله تعالى، فلو استغاث بميت ليدافع عنه أو بغائب أو بحي حاضر لينزل المطر فهذا كله من الشرك ولو استغاث أو بحي حاضر فيما يقدر عليه كان جائزًا، قال الله تعالى: {فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه} [القصص: 15].
وإذا طلبت من أحد الغوث وهو قادر عليه، فإنه يجب عليك تصحيحًا لتوحيدك أن تعتقد أنه مجرد سبب، وأنه لا تأثير له بذاته في إزالة الشدة، لأنك ربما تعتمد عليه وتنسى خالق السبب، وهذا قادح في كمال التوحيد.
قوله: (أو يدعو غيره)، معطوف على قوله: (أن يستغيث)، فيكون المعنى: من الشرك أن يدعو غير الله، وذلك لأن الدعاء من العبادة، قال الله تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} [غافر: 60]، {عبادتي}، أي: دعائي، فسمى الله الدعاء عبادة.
وقال: «إن الدعاء هو العبادة».
والدعاء ينقسم إلى قسمين:
1- ما يقع عبادة، وهذا صرفه لغير الله شرك، وهو المقرون بالرهبة والرغبة، والحب، والتضرع.
2- ما لا يقع عبادة، فهذا لا يجوز أن يوجه إلى المخلوق، قال النبي: «من دعاكم فأجيبوه»، وقال: «إذا دعاك فأجبه»، وعلى هذا، فمراد المؤلف بقوله: (أو يدعو غيره) دعاء العبادة أو دعاء المسألة فيما لا يمكن للمسؤول إجابته.
قوله: (أن يستغيث)، أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مبتدأ مؤخر، وخبرها مقدم، وهو قوله: من الشرك، والتقدير: من الشرك الاستغاثة بغير الله، والمبتدأ يكون صريحًا ومؤولًا.
فالمبتدأ الصريح مثل: زيد قائم، والمؤول مثل: {وأن تصوموا خير لكم} [البقرة: 184]، أي: وصومكم خير لكم.
وقوله: (أو يدعو) هذا من باب عطف العام على الخاص، لأن الاستغاثة دعاء بإزالة الشدة فقط، والدعاء عام لكونه لجلب منفعة، أو لدفع مضرة.
وقد ذكر المؤلف رحمه الله في هذا الباب عدة آيات.
وقول الله تعالى: {ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذًا من الظالمين} [يونس: 106].
* الآية الأولى قوله: {ولا تدع من دون الله}.
ظاهر سياق الآية أن الخطاب للرسول، وسواء كان خاصًا به أو عامًا له ولغيره، فإن بعض العلماء قال: لا يصح أن يكون للرسول، لأن الرسول يستحيل أن يقع منه ذلك، والآية على تقدير قل، وهذا ضعيف جدًّا، وإخراج للآيات عن سياقها.
والصواب: أنه إما خاص بالرسول والحكم له ولغيره، وإما عام لكل من يصح خطابه ويدخل فيه الرسول.
وكونه يوجه إليه مثل هذا الخطاب لا يقتضي أن يكون ممكنًا منه، قال تعالى: {ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين} [الزمر: 65]، فالخطاب له ولجميع الرسل، ولا يمكن أن يقع منه باعتبار حاله لا باعتبار كونه إنسانًا وبشرًا.
إذًا، فالحكمة من النهي أن يكون غيره متأسيًا به، فإذا كان النهي موجهًا إلى من لا يمكن منه باعتبار حاله، فهو إلى من يمكن منه من باب أولى.
وقوله: {ولا تدع من دون الله}، الدعاء: طلب ما ينفع، أو طلب دفع ما يضر، وهو نوعان كما قال أهل العلم:
الأول: دعاء عبادة وهو أن يكون قائمًا بأمر الله، لأن القائم بأمر الله- كالمصلي، والصائم، والمزكي- يريد بذلك الثواب والنجاة من العقاب، ففعله متضمن للدعاء بلسان الحال، وقد يصحب فعله هذا دعاء بلسان المقال.
الثاني: دعاء مسألة، وهو طلب ما ينفع، أو طلب دفع ما يضره.
فالأول لا يجوز صرفه لغير الله، والثاني فيه تفصيل سبق.
قوله: {من دون الله}، أي: سوى الله.
قوله: {ما لا ينفعك}، أي: ما لا يجلب لك النفع لو عبدته.
{ولا يضرك}: قيل: لا يدفع عنك الضر، وقيل: لو تركت عبادته لا يضرك، لأنه لا يستطيع الانتقام، وهو الظاهر من اللفظ.
وقوله: {ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك}، أي: لأنه لا ينفعك ولا يضرك، وهذا القيد ليس شرطًا بحيث يكون له مفهوم، فيكون لك أن تدعو من ينفعك ويضرك، بل هو لبيان الواقع، لأن المدعو من دون الله لا يحصل منه نفع ولا ضرر، قال الله تعالى: {ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين} [الأحقاف: 5، 6].
ومن القيد الذي ليس بشرط، بل هو لبيان الواقع قوله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم} [البقرة: 21].
فإن قوله: {الذي خلقكم والذين من قبلكم} لبيان الواقع، إذ ليس هناك رب ثان لم يخلقنا والذين من قبلنا.
ومنه قوله تعالى: {وربائبكم اللاتي في حجوركم} [النساء: 23]، فهذا بيان للواقع الأغلب.
ومنه قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم} [الأنفال: 24]، فهذا بيان للواقع، إذ دعاء الرسول إيانا كله لما يحيينا.
وكل قيد يراد به بيان الواقع، فإنه كالتعليل للحكم، فمثلًا قوله تعالى: {يا أيها الناس أعبدوا ربكم الذي خلقكم} [البقرة: 21]، أي اعبدوه لأنه خلقكم.
وقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم}، أي: لأنه لا يدعوكم إلا لما يحيكم.
وكذلك قوله تعالى: {ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك}، أي: لأنه لا ينفعك ولا يضرك، فعلى هذا لا يكون هذا القيد شرطًا، وهذه يسميها بعض الناس صفة كاشفة.
قوله: {فإن فعلت فإنك إذًا من الظالمين}، أي: إن دعوت من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك، والخطاب للرسول.
و: {إن}: شرطية، وجواب الشرط جملة: {فإنك إذًا}.
و: {إذًا}: أي: حال فعلك من الظالمين، وهو قيد، لأن: {إذًا} للظرف الحاضر، أي: فإنك حال فعله من الظالمين، لكن قد تتوب منه فيزول عنك وصف الظلم، فالإنسان قبل الفعل ليس بظالم، وبعد التوبة ليس بظالم، لكن حين فع المعصية يكون ظالمًا كما قال: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن»، فنى الإيمان عنه حال الفعل.
ونوع الظلم هنا ظلم شرك، قال الله تعالى: {إن الشرك لظلم عظيم} [لقمان: 13]، وعبر الله بقوله: {من الظالمين}، ولم يقل: من المشركين، لأجل أن يبين أن الشرك ظلم، لأن كون الداعي لغير الله مشركًا أمر بين، لكن كونه ظالمًا قد لا يكون بينًا من الآية.
{وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو} الآية [يونس: 107].
* الآية الثانية قوله: {وإن يمسسك}، أي: يصيبك بضر، كالمرض، والفقر، ونحوه.
قوله: {فلا كاشف له إلا هو}. (لا): نافية للجنس، واسمها: {كاشف}، وخبرها: {له}، و: {إلا هو} بدل، وإن قلنا بجواز كون خبرها معرفة صار: {هو} الخبر.
أي: ما أحد يكشفه أبدًا إذا مسك الله بضر إلا الله، وهذا كقول النبي: «واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك».
قوله: {وإن يردك بخير}، هنا قال: {يردك}، وفي الضر قال: {يمسسك} فهل هذا من باب تنويع العبارة، أو هناك فرق معنوي؟.
الجواب: هناك فرق معنوي، وهو أن الأشياء المكروهة لا تنسب إلى إرادة الله، بل تنسب إلى فعله، أي: مفعوله.
فالمس من فعل الله، والضر من مفعولاته، فالله لا يريد الضر لذاته، بل يريد لغيره، لما يترتب عليه من الخير، ولما وراء ذلك من الحكم البالغة، وفي الحديث القدسي: «إن من عبادي من لو أغنيته أفسده الغنى».
أما الخير، فهو مارد لله لذاته، ومفعول له، ويقرب من هذا ما في سورة الجن: {وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدًا} [الجن: 10].
فإذا أصيب الإنسان بمرض، فالله لم يرد به الضرر لذاته، بل أراد المرض، وهو يضره، لكن لم يرد ضرره، بل أراد خيرًا من وراء ذلك، وقد تكون الحكمة ظاهرة في نفس المصاب، وقد تكون ظاهرة في غيره، كما قال تعالى: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب} [الأنفال: 25].
فالمهم أنه ليس لنا أن نتحجر حكمة الله، لأنها أوسع من عقولنا، لكننا نعلم علم اليقين أن الله لا يريد الضرر لأنه ضرر، فالضرر عند الله ليس مرادًا لذاته، بل لغيره، ولا يترتب عليه إلا الخير، أما الخير، فهو مراد لذاته، ومفعول له، والله أعلم بما أراد بكلامه، لكن هذا الذي يتبين لي.
قوله: {فلا راد لفضله}، أي: لا يستطيع أن يرد فضل الله أبدًا، ولو اجتمعت الأمة على ذلك، وفي الحديث: «الله ‍لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت».
وعليه، فنعتمد على الله في جلب المنافع، ودفع المضار، وبقاء ما أنعم علينا به، ونعلم أن الأمة مهما بلغت من المكر والكيد والحيل لتمنع فضل الله، فإنها لا تستطيع.
قوله: {يصيب به من يشاء}، الضمير إما أن يعود إلى الفضل، لأنه أقرب، أو إلى الخير، لأنه هو الذي يتحدث عنه، ولا يختلف المعنى بذلك.
قوله: {من يشاء}، كل فعل مقيد بالمشيئة، فإنه مقيد بالحكمة، لأن مشيئة الله ليس مجردة يفعل ما يشاء لمجرد أنه يفعله فقط، لأن من صفات الله الحكمة، ومن أسمائه الحكيم، قال الله تعالى: {وما تشاؤون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليمًا حكيمًا} [الإنسان: 30].
قوله: {من عباده}، العبودية هنا عامة، لأن قوله: {بخير} يشمل خير الدنيا والآخرة، وخير الدنيا يصيب الكفار.
قوله: {وهو الغفور الرحيم}، أي: ذو المغفرة، والمغفرة: ستر الذنب والتجاوز عنه، مأخوذة من المغفر، وهو ما يتقى به السهام، والمغفرة فيه ستر ووقاية.
والرحيم، أي: ذو الرحمة، وهي صفة تليق بالله- عز وجل-، تقتضي الإحسان والإنعام.
الشاهد قوله: {ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك} في الآية الأولى، فقد نبه الله نبيه أن من يدعو أحدًا من دون الله (أي: من سواه) لا ينفعه ولا يضره.
وقوله في الآية الثاني: {وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو}.
وقوله: {فابتغوا عند الله الرزق} [العنكبوت: 17].
* الآية الثالثة قوله: {فابتغوا عند الله الرزق}.
لو أتى المؤلف بأول الآية: {إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقًا} لكان أولى، فهم يعبدون هذه الأوثان من شجر وحجر وغيرها، وهي لا تملك لهم رزقًا أبدًا، لو دعوها إلى يوم القيامة ما أحضرت لهم ولا حبة بر، ولا دفعت عنهم أدنى مرض أو فقر، فإذا كانت لا تملك الرزق، فالذي يملكه هو الله، ولهذا قال: {فابتغوا عند الله الرزق}، أي: اطلبوا عند الله الرزق، لأنه سبحانه هو الذي لا ينقضي ما عنده، {ما عندكم ينفد وما عند الله باق} [النحل: 96]، والرزق هو العطاء كما قال تعالى: {فارزقوهم منه}.
وقوله: {عند الله}: عند الله: حال من الرزق، وقدم الحال مع أن موضعها التأخير عن صاحبها لإفادة الحصر، لأن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر، أي: فابتغوا الرزق حال كونه عند الله لا عند غيره.
قوله: {واعبدوه}، أي: تذللوا بالطاعة، لأن العبادة مأخوذة من التعبيد، وهو التذليل، ومنه قولهم: طريق معبد، أي: مذلل للسالكين، قد أزيل عنه الأحجار والأشجار المؤذية، لأنكم إذا تذللتم له بالطاعة، فهو من أسباب الرزق، قال تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب} [الطلاق: 3-4]، فأمر أن نطلب الرزق عنده، ثم أعقبه بقوله: {واعبدوه} إشارة إلى أن تحقيق العبادة من طلب الرزق، لأن العابد ما دام يؤمن أن من يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب، فعبادته تتضمن طلب الرزق بلسان الحال.
قوله: {واشكروا له}، إذا أضاف الله الشرك له متعديًا باللام، فهو إشارة إلى الإخلاص، أي: واشكروا نعمة الله لله، فاللام هنا لإفادة الإخلاص، لأن الشاكر قد يشكر الله لبقاء النعم، وهذا لا بأس به، ولكن كونه شكر لله وتأتي إرادة بقاء النعمة تبعًا هذا هو الأكمل والأفضل.
والشكر فسروه بأنه: القيام بطاعة المنعم، وقالوا: إنه يكون في ثلاثة مواضع:
1- في القلب، وهو أن يعترف بقلبه أن هذه النعمة من الله، فيرى لله فضلًا عليه بها، قال تعالى: {وما بكم من نعمة فمن الله} [النحل: 53]، وأعظم نعمة هي نعمة الإسلام، قال تعالى: {يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا على إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان} [الحجرات: 17]، وقال تعالى: {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولًا من أنفسهم يتلو عليهم آياته} الآية [آل عمران: 164].
2- اللسان، وهو أن يتحدث بها على وجه الثناء على الله والاعتراف وعدم الجحود، لا على سبيل الفخر والخيلاء والترفع على عباد الله، فيتحدث بالغنى لا ليكسر خاطر الفقير، بل لأجل الثناء على الله، وهذا جائز كما في قصة الأعمى من بني إسرائيل لما ذكرهم الملك بنعمة الله، قال: (نعم، كنت أعمى فرد الله علي بصري، وكنت فقيرًا فأعطاني الله المال)، فهذا من باب التحدث بنعمة الله.
والنبي تحدث بنعمة الله عليه بالسيادة المطلقة، فقال: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة».
3- الجوارح، وهو أن يستعملها بطاعة المنعم، وعلى حسب ما يختص بهذه النعمة.
فمثلًا: شكر الله على نعمة العلم: أن تعمل به، وتعلمه الناس.
وشكر الله على نعمة المال: أن تصرفه بطاعة الله، وتنفع الناس به.
وشكر الله على نعمة الطعام: أن تستعمله فيما خلق له، وهو تغذية البدن، فلا تبني من العجين قصرًا مثلًا، فهو لم يخلق لهذا الشيء.
قوله: {إليه ترجعون}، الجار والمجرور متعلق بـ: {ترجعون}، وتقديمه دل على الحصر، أي أن رجوعنا إلى الله- سبحانه-، وهو الذي سيحاسبنا على ما حملنا إياه من الأمر بالعبادة، والأمر بالشكر، وطلب الرزق منه.
والشاهد من هذه الآية: {إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقًا فابتغوا عند الله الرزق} [العنكبوت: 17]، فالفقير يستغيث بالله لكي ينجيه من الفقر، والله هو الذي يستحق الشكر، وإذا كانت هذه الأصنام لا تملك الرزق، فكيف تستغيث بها؟!
وقوله: {ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة} الآية [الأحقاف: 5].
* الآية الرابعة قوله تعالى: {ومن أضل}، {من}: اسم استفهام مبتدأ، و: {أضل}: خبره، والاستفهام يراد به هنا النفي، أي لا أحد أضل.
و: {أضل}: اسم تفضيل، أي: لا أحد أضل من هذا.
والضلال: أن يتيه الإنسان عن الطريق الصحيح.
وإذا كان الاستفهام مراد به النفي كان أبلغ من النفي المجرد، لأنه يحوله من نفي إلى تحد، أي: بين لي عن أحد أضل ممن يدعو من دون الله؟ فهو متضمن للتحدي، وهو أبلغ من قوله: لا اضل ممن يدعو، لأن هذا نفي مجرد، وذاك نفي مشرب معنى التحدي.
قوله: {ممن يدعو}، متعلق بأضل، ويراد بالدعاء هنا دعاء المسألة ودعاء العبادة.
قوله: {من دون الله}، أي: سواه.
قوله: {من لا يستجيب له إلى يوم القيامة}، {من}: مفعول يدعو، أي لو بقي كل عمر الدنيا يدعو ما استجاب له، قال الله تعالى: {إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم} [فاطر: 14]، والخبر هنا عن الله تعالى، قال تعالى: {ولا ينبئك مثل خبير} [فاطر: 14]، يعني: نفسه سبحانه وتعالى.
وقوله: {من لا يستجيب} أتى بـ: {من}، وهي للعاقل، مع أنهم يعبدون الأصنام والأحجار والأشجار، وهي غير عاقلة، لأنهم لما عبدوها نزلوها منزلة العاقل، فخوطبوا بمقتضى ما يدعون، لأنه أبلغ في إقامة الحجة عليهم في أنهم يدعو من يرونهم عقلاء، ومع ذلك لا يستجيبون لهم، وهذا من بلاغة القرآن، لأنه خاطبهم بما تقتضيه حالهم ليقيم الحجة عليه، إذ لو قيل: ما لا يستجيب له، لقالوا: هناك عذر في عدم الاستجابة لأنهم غير عقلاء.
قوله: {وهم عن دعائهم}، الضمير في قوله: {هم} يعود على: {من} باعتبار المعنى، لأنهم جماعة، وضمير يستجيب يعود على: {من} باعتبار اللفظ، لأنه مفرد، فأفرد الضمير باعتبار لفظ: {من}، وجمعه باعتبار المعنى، لأن: {من} تعود على الأصنام، وهي جماعة، و: {من} قد يراعى لفظها ومعناها في كلام واحد.
ومنه قوله تعالى: {ومن يؤمن بالله ويعمل صالحًا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا قد أحسن الله له رزقًا} [الطلاق: 11]، فهنا راعي اللفظ، ثم المعنى، ثم اللفظ.
قوله: {عن دعائهم}، الضمير في دعائهم يعود إلى المدعوين، وهل المعنى: {وهم}، أي: الأصنام، {عن دعائهم}، أي: دعاء الداعين إياهم، فيكون من باب إضافة المصدر إلى مفعوله، أو المعنى: و: {هم} عن دعاء العابدين لهم، فيكون (دعاء) مضافًا إلى فاعله، والمفعول محذوف؟
الأول أبلغ، أي عن دعاء العابدين إياهم أبلغ من دعاء العابدين على سبيل الإطلاق، فإذا قلت: {عن دعائهم}، أي: عن دعاء العابدين إياهم، وجعلت الضمير هنا يعود على المدعوين، صار المعنى أن هذه الأصنام غافلة دعوة هؤلاء إياهم، ويكون هذا أبلغ في أن هذه الأصنام لا تفيد شيئًا في الدنيا ولا في الآخرة.
قوله: {وإذا حشر الناس}، أي: يوم القيامة، {كانوا لهم أعداء}، هل المعنى: كان العابدون للمعبودين أعداء، أو كان المعبودون للعابدين أعداء؟
الجواب: يشمل المعنيين، وهذا من بلاغة القرآن.
الشاهد: قوله: {من لا يستجيب له إلى يوم القيامة}، فإذا كان من سوى الله لا يستجيب إلى يوم القيامة، فكيف يليق بك أن تستغيث به دون الله؟! فبطل تعلق هؤلاء العابدين بمعبوداتهم.
فالذي يأتي للبدوي أو للدسوقي في مصر، فيقول: المدد! المدد! أو: أغثني، لا يغني عنه شيئًا، ولكن قد يبتلي فيأتيه المدد عند حصول هذا الشيء لا بهذا الشيء، وفرق بين ما يأتي بالشيء وما يأتي عند الشيء.
مثال ذلك: امرأة دعت البدوي أن تحمل، فلما جامعها زوجها حملت، وكانت سابقًا لا تحمل، فنقول هنا: إن الحمل لم يحصل بدعاء البدوي، وإنما حصل عنده لقوله تعالى: {من لا يستجيب له إلى يوم القيامة}.
أو يأتي للجيلاني في العراق، أو ابن عربي في سوريا، فيستغيث به، فإنه لا ينتفع، ولو بقي الواحد منهم إلى يوم القيامة يدعو ما أجابه أحد.
والعجب أنهم في العراق يقولون: عندنا الحسين، فيطوفون قبره ويسألونه، وفي مصر كذلك، وفي سوريا كذلك، وهذا سفه في العقول، وضلال في الدين، والعامة لا يلامون في الواقع، لكن الذي يلام من عنده علم من العلماء ومن غير العلماء.
وقوله: {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء} [النمل: 62].
* الآية الخامسة قوله تعالى: {أمن}، أم: منقطعة، والفرق بين المنقطعة والمتصلة ما يلي:
1- المنقطعة بمعنى بل، والمتصلة بمعنى أو.
2- المتصلة لا بد فيها من ذكر المعادل، والمتصلة لا يشترط فيها ذكر المعادل.
مثال ذلك: أعندك زيد أم عمرو؟ فهذه متصلة، وقوله تعالى: {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون} متصلة وقوله تعالى: {أمن يجيب المضطر إذا دعاه} منقطعة، لأنه لم يذكر لها معادل، فهي يمعنى بل والهمزة.
قوله: {المضطر}، أصلها: المضتر، أي: الذي أصابه الضرر، قال تعالى: {وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له} [الأنبياء: 84]، فلا يجيب المضطر إلا الله، لكن قيده بقوله: {إذا دعاه}، أما إذا لم يدعه، فقد يكشف الله ضره، وقد لا يكشفه.
قوله: {ويكشف السوء}، أي: يزيل السوء، والسوء: ما يسوء المرء، وهو دون الضرورة، لأن الإنسان قد يساء بما لا يضره، لكن كل ضرورة سوء.
وقوله: {ويكشف السوء} هل هي متعلقة بما قبلها في المعنى، وإنه إذا أجابه كشف سوءه، أو هي مستقلة يجيب المضطر إذا دعاه ثم أمر آخر يكشف السوء؟
الجواب: المعنى الأخير أعم، لأنها تشمل كشف سوء المضطر وغيره، ومن دعا الله ومن لم يدعه، وعلى التقدير الأول تكون خاصة بكشف سوء المضطر، ومعلوم أنه كلما كان المعنى أعم كان أولى، ويؤيد العموم قوله: {ويجعلكم خلفاء الأرض}.
قوله: {ويجعلكم خلفاء الأرض}، الذين يجعلهم الله خلفاء الأرض هم عباد الله الصالحون، قال تعالى: {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون} [الأنبياء: 105]، وقال تعالى: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنًا يعبدونني لا يشركون بي شيئًا} [النور: 55].
قوله: {أإله مع الله}، الاستفهام للإنكار، أو بمعنى النفي، وهما متقاربان، أي: هل أحد مع الله يفعل ذلك؟!
الجواب: لا، وإذا كان ذلك، فيجب أن تصرف العبادة لله وحده، وكذلك الدعاء، فالواجب على العبد أن يوجه السؤال إلى الله تعالى، ولا يطلب من أحد أن يزيل ضرورته ويكشف سوءه وهو لا يستطيع.
* إشكال وجوابه:
وهو أن الإنسان المضطر يسأل غير الله ويستجاب له، كمن اضطر إلى طعام وطلب من صاحب الطعام أن يعطيه فأعطاه، فهل يجوز أم لا؟
الجواب: أن هذا جائز، لكن يجب أن نعتقد أن هذا مجرد سبب لا أنه مستقل، فالله يجعل لكل شيء سببًا، فيمكن أن يصرف الله قلبه فلا يعطيك، ويمكن أن تأكل ولا تشبع فلا تزول ضرورتك، ويمكن أن يسخره الله ويعطيك.
روى الطبراني بإسناده: أنه كان في زمن النبي منافق يؤذي المؤمنين، فقال بعضهم: قوموا بنا نستغيث برسول الله من هذا المنافق.
قوله: (بإسناده)، يشير إلى أن هذا الإسناد ليس على شرط الصحيح، أو المتفق عليه بين الناس، بل هو إسناده الخاص، وعليه، فيجب أن يراجع هذا الإسناد فليس كان إسناد محدث قد تمت فيه شروط القبول.
وذكر الهيثمي في (مجمع الزوائد): (إن رجاله رجال الصحيح، غير ابن لهيعة، وهو حسن الحديث، وابن لهيعة خلط في آخر عمره لاحتراق كتبه)، ولم يذكر المؤلف الصحابي، وفي الشرح هو عبادة بن الصامت رضي الله عنه.
قوله: (في زمن النبي)، أي: عهده، وكانا لكافر أولًا يعلن كفره ولا يبالي، ولما قوي المسلمون بعد غزوة بدر خاف الكفار، فصاروا يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر.
قوله: (منافق)، المنافق: هو الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر، وهؤلاء ظهروا بعد غزوة بدر.
ولم يسم المنافق في هذا الحديث، فيحتمل أنه عبد الله بن أبي، لأنه مشهور بإيذاء المسلمين، ويحتمل غيره.
واعلم أن أذية المنافقين للمسلمين ليست بالضرب أو القتل، لأنهم يتظاهرون بمحبة المسلمين، ولكن بالقول والتعريض كما صنعوا في قصة الإفك.
قوله: (فقال بعضهم)، أي: الصحابة.
قوله: (نستغيث)، أي: نطلب الغوث وهو إزالة الشدة.
قوله: (من هذا المنافق)، إما بزجره، أو تعزيره، أو بما يناسب المقام.
وفي الحديث إيجاز حذف دل عليه السياق، أي: فقاموا إلى رسول الله، فقالوا: يا رسول الله! إنها نستغيث بك من هذا المنافق.
فقال النبي: «إنه لا يستغاث بي، وإنما يستغاث بالله».
قوله: «إنه لا يستغاث بي»، ظاهر هذه الجملة النفي مطلقًا، ويحتمل أن المراد: لا يستغاث به في هذه القضية المعينة.
فعلى الأول: يكون نفي الاستغاثة من باب سد الذرائع والتأدب في اللفظ، وليس من باب الحكم بالعموم، لأن نفي الاستغاثة بالرسول ليس على إطلاقه، بل تجوز الاستغاثة به فيما يقدر عليه.
أما إذا قلنا: إن النفي عائد إلى القضية المعينة التي استغاثوا بالنبي منها، فإنه يكون على الحقيقة، أي: على النفي الحقيقي، أي: لا يستغاث بي في مثل هذه القضية، لأن النبي كان يعامل المنافقين معاملة المسلمين، ولا يمكنه حسب الحكم الظاهر للمنافقين أن ينتقم من هذا المنافق انتقامًا ظاهرًا، إذ إن المنافقين يستترون، وعلى هذا، فلا يستغاث للتخلص من المنافق إلا بالله.
* فيه مسائل:
الأولى: أن عطف الدعاء على الاستغاثة من عطف العام على الخاص. الثانية: تفسير قوله: {ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك}. الثالثة: أن هذا هو الشرك الأكبر.
فيه مسائل:
* الأولى: أن عطف الدعاء على الاستغاثة من عطف العام على الخاص، يعني: حيث قال في الترجمة باب من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غير، ووجه ذلك في الاستغاثة طلب إزالة الشدة والدعاء طلب ذلك وغيره، إذًا الاستغاثة نوع من الدعاء، والدعاء أعم، فهو من باب عطف العام على الخاص، وهذا سائغ في اللغة العربية، فهو كقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم} [الحج: 77].
* الثانية: تفسير قوله: {ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك}، الخطاب في هذه الآية للنبي خاصة، بدليل الآيات التي قبلها، قال تعالى: {وأن أقم وجهك للدين حنيفًا ولا تكونن من المشركين} [يونس: 105].
فإن قيل: كيف ينهاه الله عن أمر لا يمكن أن يقع منه شرعًا؟
أجيب: إن الغرض هو التنديد بمن فعل ذلك، كأنه يقول: لا تسلك هذا الطريق التي سلكها أهل الضلال، وإن كان الرسول لا يمكن أن يقع منه ذلك شرعًا.
* الثالثة: أن هذا هو الشرك الأكبر، يؤخذ من قوله تعالى: {فإن فعلت فإنك إذًا من الظالمين}، مضافًا إلى قوله تعالى: {إن الشرك لظلم عظيم} [لقمان: 13].
الرابعة: أن أصلح الناس لو فعله إرضاء لغيره، صار من الظالمين. الخامسة: تفسير الآية التي بعدها. السادسة: كون ذلك لا ينفع في الدنيا مع كونه كفرًا. السابعة: تفسير الآية الثالثة. الثامنة: أن طلب الرزق لا ينبغي إلا من الله، كما أن الجنة لا تطلب إلا منه.
* الرابعة: أن أصلح الناس لو فعله إرضاء لغيره، صار من الظالمين، تؤخذ من كون الخطاب للرسول، وهو أصلح الناس، فلو فعل ذلك إرضاء لغيره، صار من الظالمين، حتى ولو فعله مجاملة لإنسان مشرك، فدعا صاحب قبر إرضاء لذلك المشرك، فإنه يكون مشركًا، إذا لا تجوز المحاباة في دين الله.
* الخامسة تفسير الآية التي بعدها، وهي قوله تعالى: {وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو} الآية [الأنعام: 17]، فإن كان لا يكشف الضر إلا الله، وجب أن تكون العبادة له وحده والاستغاثة به وحده.
* السادسة: كون ذلك لا ينفع في الدنيا مع كونه كفرًا، تؤخذ من قوله تعالى: {وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو}، فلا ينتفع من دعائه هذا، فخسر الدنيا بذلك، والآخرة بكفر.
* السابعة: تفسير الآية الثالثة، هي قوله تعالى: {فابتغوا عند الله الرزق}. وقوله{واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون}، لأن العبادة سبب لدخول الجنة، وقد أشار الله إلى ذلك بقوله: {إليه ترجعون}.التاسعة: تفسير الآية الرابعة. العاشرة: أنه لا اضل ممن دعا غير الله. الحادية عشرة: أنه غافل عن دعاء لا يدري عنه. الثانية عشرة: أن تلك الدعوة سبب لبغض المدعو للداعي وعداوته له. الثالثة عشرة: تسمية تلك الدعوة عبادة للمدعو.
* التاسعة: تفسير الآية الرابعة، وهي قوله تعالى: {ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة} [الأحقاف: 5].
* العاشرة: أنه لا اضل ممن دعا غير الله، تؤخذ من قوله تعالى: {ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة} [الأحقاف: 5]، لأن الاستفهام هنا بمعنى النفي.
* الحادية عشرة: أنه غافل عن دعاء الداعي لا يدري عنه، لقوله تعالى: {وهم عن دعائهم غافلون}، {وهم}، أي: المدعوون، {عن دعائهم}، أي: دعاء الداعين، أو عن دعاء الداعين إياهم، فالاحتمال في الضمير الثاني وهو قوله: {عن دعائهم}، أما الضمير الأول، فإنه يعود إلى المدعوين لا ريب، وقد سبق بيانه بالتفصيل.
* الثانية عشرة: أن تلك الدعوة سبب لبغض المدعو للداعي وعداوته له، تؤخذ من قوله تعالى: {وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين}.
* الثالثة عشرة: تسمية تلك الدعوة عبادة للمدعو، تؤخذ من قوله تعالى: {وكانوا بعبادتهم كافرين}.
الرابعة عشرة: كفر المدعو بتلك العبادة. الخامسة عشرة: هي سبب كونه أصل الناس. السادسة عشرة: تفسير الآية الخامسة. السابعة عشرة: الأمر العجيب، وهو إقرار عبدة الأوثان أنه لا يجيب المضطر إلا الله، ولأجل هذا يدعونه في الشدائد مخلصين له الدين.
* الرابعة عشرة: كفر المدعو بتلك العبادة، معنى كفر المدعو: رده وإنكاره، فإذا كان يوم القيامة تبرأ منه وأنكره. تؤخذ من قوله: {وكانوا بعبادتهم كافرين}.
* الخامسة عشرة: هي سبب كونه أضل الناس، وذلك لأمور، هي:
1- أنه يدعو من دون الله من لا يستجيب له.
2- أن المدعوين غافلون عن دعائهم.
3- أنه إذا حشر الناس كانوا له أعداء.
4- أنه كافر بعبادتهم.
* السادسة عشرة: تفسير الآية الخامسة، وهي قوله تعالى: {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء}، وقد سبق ذلك.
* السابعة عشرة: الأمر العجيب، وهو إقرار عبدة الأوثان أنه لا يجيب المضطر إلا الله... إلخ، وهو كما قال رحمه الله: وهذا موجود الآن، فمن الناس من يسجد للأصنام التي صنعوها بأنفسهم تعظيمًا، فإذا وقعوا في الشدة دعو الله مخلص له الدين، وكان عليهم أن يلجئوا للأصنام لو كانت عبادتها حقًا، إلا أن المشركين اليوم من هو أشد شركًا من المشركين السابقين، فإذا وقعوا في الشدة دعو أولياءهم، كعلي والحسين، وإذا كان الأمر سهلًا دعوا الله، وإذا حلفوا حلفًا هم فيه صادقون حلفوا بعلي أو غيره من أوليائهم، وإذا حلفوا حلفًا هم فيه كاذبون حلفوا بالله ولم يبالوا.
الثامنة عشرة: حماية المصطفى حمى التوحيد والتأدب مع الله.
* الثامنة عشرة: حماية المصطفى حمى التوحيد، والتأدب مع الله. اختار المؤلف أن قوله: «لا يستغاث بي» من باب التأدب بالألفاظ، والبعد عن التعلق بغير الله، وأن يكون تعلق الإنسان دائمًا بالله وحده، فهو يعلم الأمة أن تلجأ إلى الله وحده إذا وقعت في الشدائد، ولا تستغيث إلا به وحده.