فصل: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً..} الْآيَةَ. (92).

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أسباب النزول (نسخة منقحة)



.قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ} الآية. [69].

- قَالَ الْكَلْبِيُّ: نَزَلَتْ فِي ثَوْبَانَ مَوْلَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وَكَانَ شَدِيدَ الْحُبِّ لَهُ، قَلِيلَ الصَّبْرِ عَنْهُ، فَأَتَاهُ ذَاتَ يَوْمٍ وَقَدْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَنَحِلَ جِسْمُهُ، يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ الْحُزْنُ، فَقَالَ لَهُ. رَسُولُ اللَّهِ: «يَا ثَوْبَانُ، مَا غَيَّرَ لَوْنَكَ؟» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بِي مِنْ ضُرٍّ وَلَا وَجَعٍ، غَيْرَ أَنِّي إِذَا لَمْ أَرَكَ اشْتَقْتُ إِلَيْكَ، وَاسْتَوْحَشْتُ وَحْشَةً شَدِيدَةً حَتَّى أَلْقَاكَ، ثُمَّ ذَكَرْتُ الْآخِرَةَ وَأَخَافُ أَنْ لَا أَرَاكَ هُنَاكَ، لِأَنِّي أَعْرِفُ أَنَّكَ تُرْفَعُ مَعَ النَّبِيِّينَ، وَأَنِّي إِنْ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ كُنْتُ فِي مَنْزِلَةٍ أَدْنَى مِنْ مَنْزِلَتِكَ، وَإِنْ لَمْ أَدْخُلِ الْجَنَّةَ فَذَاكَ أَحْرَى أن لا أراك أَبَدًا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
- أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ النَّصْرَابَاذِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودٍ السَّعْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: قَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ: مَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نُفَارِقَكَ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّكَ إِذَا فَارَقْتَنَا رُفِعْتَ فَوْقَنَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ}.
- أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَكِّيٌّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْأَزْهَرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ عَنْ سَعِيدٍ. عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رِجَالًا قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ نَرَاكَ فِي الدُّنْيَا، فَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَإِنَّكَ تُرْفَعُ عَنَّا بِفَضْلِكَ فَلَا نَرَاكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
- أَخْبَرَنِي أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ فِيمَا أَذِنَ لِي فِي رِوَايَتِهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ اللَّخْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْخَلَّالُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ الْعَابِدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَأَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي وَأَهْلِي وَوَلَدِي، وَإِنِّي لَأَكُونُ فِي الْبَيْتِ فَأَذْكُرُكَ فَمَا أَصْبِرُ حَتَّى آتِيَكَ فَأَنْظُرُ إِلَيْكَ، وَإِذَا ذَكَرْتُ مَوْتِي وَمَوْتَكَ عَرَفْتُ أَنَّكَ إِذَا دَخَلْتَ الْجَنَّةَ رُفِعْتَ مَعَ النَّبِيِّينَ، وَإِنِّي إِذَا دَخَلْتُ الْجَنَّةَ خَشِيتُ أَنْ لَا أَرَاكَ. فَلَمْ يَرُدَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم شَيْئًا، حَتَّى نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِهَذِهِ الْآيَةِ: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ...} الْآيَةَ».

.قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ...} الْآيَةَ. [77].

- قَالَ الْكَلْبِيُّ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم - مِنْهُمْ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَالْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَقُدَامَةُ بْنُ مَظْعُونٍ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ- كَانُوا يُلْقُونَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَذًى كَثِيرًا، وَيَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائذن لنا في قِتَالِ هَؤُلَاءِ، فَيَقُولُ لَهُمْ: «كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ، فَإِنِّي لَمْ أُومَرْ بِقِتَالِهِمْ». فَلَمَّا هَاجَرَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ، وَأَمَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ- كَرِهَهُ بَعْضُهُمْ وَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
- أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْعَدْلُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَأَصْحَابًا لَهُ أَتَوْا إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم بِمَكَّةَ، فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ كُنَّا فِي عِزٍّ وَنَحْنُ مُشْرِكُونَ، فَلَمَّا آمَنَّا صِرْنَا أَذِلَّةً! فَقَالَ: إِنِّي أُمِرْتُ بِالْعَفْوِ فَلَا تُقَاتِلُوا الْقَوْمَ. فَلَمَّا حَوَّلَهُ اللَّهُ إِلَى الْمَدِينَةِ أَمَرَهُ بِالْقِتَالِ فَكَفُّوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ}».

.قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ}. [78].

- قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ: لَمَّا اسْتَشْهَدَ اللَّهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ، قَالَ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنِ الْجِهَادِ: لَوْ كَانَ إِخْوَانُنَا الَّذِينَ قُتِلُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.

.قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ...} الْآيَةَ. [88].

- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُجَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ:
«أَنَّ قَوْمًا خَرَجُوا مَعَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إِلَى أُحُدٍ، فَرَجَعُوا. فَاخْتَلَفَ فِيهِمُ الْمُسْلِمُونَ: فَقَالَتْ فِرْقَةٌ: نَقْتُلُهُمْ، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: لَا نَقْتُلُهُمْ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ».
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ بُنْدَارٍ، عَنْ غُنْدَرٍ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ أَبِيهِ، كِلَاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ.
- أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَمْدَانَ الْعَدْلُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ: «أَنَّ قَوْمًا مِنَ الْعَرَبِ أَتَوْا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فَأَسْلَمُوا، وَأَصَابُوا وَبَاءَ الْمَدِينَةِ وَحَمَاهَا فَأُرْكِسُوا، فَخَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ، فَاسْتَقْبَلَهُمْ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فَقَالُوا: مَا لَكُمْ رَجَعْتُمْ؟ فَقَالُوا: أَصَابَنَا وَبَاءُ الْمَدِينَةِ فَاجْتَوَيْنَاهَا فَقَالُوا: مَا لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ. حَسَنَةٌ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَافَقُوا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ يُنَافِقُوا هُمْ مُسْلِمُونَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} الْآيَةَ».
- وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: هُمْ قَوْمٌ خَرَجُوا مِنْ مَكَّةَ حَتَّى جَاءُوا الْمَدِينَةَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ مُهَاجِرُونَ، ثُمَّ ارْتَدُّوا بَعْدَ ذَلِكَ، فَاسْتَأْذَنُوا النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ. أَنْ يَخْرُجُوا إِلَى مَكَّةَ لِيَأْتُوا بِبَضَائِعَ لَهُمْ يَتَّجِرُونَ فِيهَا، فَاخْتَلَفَ فِيهِمُ الْمُؤْمِنُونَ: فَقَائِلٌ يَقُولُ: هُمْ مُنَافِقُونَ، وَقَائِلٌ يَقُولُ: هُمْ مُؤْمِنُونَ. فَبَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى نِفَاقَهُمْ وَأَنْزَلَ هَذِهِ الْآيَةَ، وَأَمَرَ بِقَتْلِهِمْ فِي قَوْلِهِ: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} فجاءوا بِبَضَائِعِهِمْ يُرِيدُونَ هِلَالَ بْنَ عُوَيْمِرٍ الْأَسْلَمِيَّ وَبَيْنَهُ وبين النبي صلى اللَّه عليه وسلم حِلْفٌ، وَهُوَ الَّذِي حَصَرَ صَدْرَهُ أَنْ يُقَاتِلَ الْمُؤْمِنِينَ، فَرَفَعَ عَنْهُمُ الْقَتْلَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ} الْآيَةَ.

.قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً..} الْآيَةَ. [92].

- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ نُجَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حَجَّاجٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ يَزِيدَ كَانَ شَدِيدًا على النبي صلى اللَّه عليه وسلم، فَجَاءَ وَهُوَ يُرِيدُ الْإِسْلَامَ، فَلَقِيَهُ عَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، وَالْحَارِثُ يُرِيدُ الْإِسْلَامَ، وَعَيَّاشُ لَا يَشْعُرُ، فَقَتَلَهُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً...} الْآيَةَ.
وَشَرَحَ الْكَلْبِيُّ هَذِهِ الْقِصَّةَ فَقَالَ: إِنَّ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيَّ أَسْلَمَ وَخَافَ أَنْ يُظْهِرَ إِسْلَامَهُ، فَخَرَجَ هَارِبًا إِلَى الْمَدِينَةِ فَقَدِمَهَا، ثُمَّ أَتَى أُطُمًا مِنْ آطَامِهَا فَتَحَصَّنَ فِيهِ. فَجَزِعَتْ أُمُّهُ جَزَعًا شَدِيدًا، وَقَالَتْ لِابْنَيْهَا أَبِي جَهْلٍ وَالْحَارِثِ بْنِ هِشَام- وَهُمَا. أَخَوَاهُ لِأُمِّهِ-: وَاللَّهِ لَا يُظِلُّنِي سَقْفُ بَيْتٍ، وَلَا أَذُوقُ طَعَامًا وَلَا شَرَابًا حَتَّى تَأْتُونِي بِهِ، فَخَرَجَا فِي طَلَبِهِ وَخَرَجَ مَعَهُمُ الْحَارِثُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، حَتَّى أَتَوُا الْمَدِينَةَ، فَأَتَوْا عَيَّاشًا وَهُوَ فِي الْأُطُمِ، فَقَالَا لَهُ: انْزِلْ فَإِنَّ أُمَّكَ لَمْ يُؤْوِهَا سَقْفُ بَيْتٍ بَعْدَكَ، وَقَدْ حَلَفَتْ لَا تَأْكُلُ طَعَامًا وَلَا شَرَابًا حَتَّى تَرْجِعَ إِلَيْهَا، وَلَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا أَنْ لَا نُكْرِهَكَ عَلَى شَيْءٍ، وَلَا نَحُولَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ دِينِكَ. فَلَمَّا ذَكَرَا لَهُ جَزَعَ أُمِّهِ وَأَوْثَقَا لَهُ نَزَلَ إِلَيْهِمْ، فَأَخْرَجُوهُ مِنَ الْمَدِينَةِ وَأَوْثَقُوهُ بِنِسْعٍ، وَجَلَدَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِائَةَ جِلْدَةٍ، ثُمَّ قَدِمُوا بِهِ عَلَى أُمِّهِ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَا أُحِلُّكَ مِنْ وِثَاقِكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِالَّذِي آمَنْتَ بِهِ، ثُمَّ تَرَكُوهُ مُوثَقًا فِي الشَّمْسِ وَأَعْطَاهُمْ بَعْضَ الَّذِي أَرَادُوا، فَأَتَاهُ الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ وَقَالَ: يَا عَيَّاشُ، وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ الَّذِي كُنْتَ عَلَيْهِ هُدًى لَقَدْ تَرَكْتَ الْهُدَى، وَإِنْ كَانَ ضَلَالَةً لَقَدْ كُنْتَ عَلَيْهَا. فَغَضِبَ عَيَّاشُ مِنْ مَقَالَتِهِ، وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَلْقَاكَ خَالِيًا إِلَّا قَتَلْتُكَ. ثُمَّ إِنَّ عَيَّاشًا أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهَاجَرَ إِلَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ. ثُمَّ إِنَّ الْحَارِثَ بْنَ يَزِيدَ أَسْلَمَ وَهَاجَرَ. بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ بِالْمَدِينَةِ وَلَيْسَ عَيَّاشُ يَوْمَئِذٍ حَاضِرًا، وَلَمْ يَشْعُرْ بِإِسْلَامِهِ. فَبَيْنَا هُوَ يَسِيرُ بِظَهْرِ قُبَاءٍ إِذْ لَقِيَ الْحَارِثَ بْنَ يَزِيدَ، فَلَمَّا رَآهُ حَمَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ النَّاسُ: أَيُّ شَيْءٍ صَنَعْتَ، إِنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ.
فَرَجَعَ عَيَّاشُ إِلَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَانَ مِنْ أَمْرِي وَأَمْرِ الْحَارِثِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، وَإِنِّي لَمْ أشعر بإسلامه حتى قَتَلْتُهُ. فَنَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً}.

.قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا..} الْآيَةَ. [93].

- قَالَ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ مِقْيَسَ بْنَ صُبَابَةَ وَجَدَ أَخَاهُ هِشَامَ بْنَ صُبَابَةَ قَتِيلًا فِي بَنِي النَّجَّارِ، وَكَانَ مُسْلِمًا، فَأَتَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَهُ رَسُولًا مِنْ بَنِي فِهْر فقال له: «ائْتِ بَنِي النَّجَّارِ، فَأَقْرِئْهُمُ السَّلَامَ وَقُلْ لَهُمْ: إِنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يَأْمُرُكُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ قَاتِلَ هِشَامِ بْنِ صُبَابَةَ أَنْ تَدْفَعُوهُ إِلَى أَخِيهِ فَيَقْتَصَّ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا لَهُ قَاتِلًا أَنْ تَدْفَعُوا إِلَيْهِ دِيَتَهُ». فَأَبْلَغَهُمُ الْفِهْرِيُّ ذَلِكَ عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم، فَقَالُوا: سَمْعًا وَطَاعَةً لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَاللَّهِ مَا نَعْلَمُ لَهُ قَاتِلًا، وَلَكِنْ نُؤَدِّي إِلَيْهِ دِيَتَهُ. فَأَعْطَوْهُ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ. ثُمَّ انْصَرَفَا رَاجِعَيْنِ نَحْوَ الْمَدِينَةِ، وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ قَرِيبٌ، فَأَتَى الشَّيْطَانُ مِقْيَسًا فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ صَنَعْتَ؟ تَقْبَلُ دِيَةَ أَخِيكَ فَيَكُونُ عَلَيْكَ سُبَّةٌ؟ اقْتُلِ الَّذِي مَعَكَ فَيَكُونُ نَفْسٌ مَكَانَ نَفْسٍ وَفَضْلُ الدِّيَةِ! فَفَعَلَ مِقْيَسٌ ذَلِكَ، فَرَمَى الْفِهْرِيَّ بِصَخْرَةٍ فَشَدَخَ رَأْسَهُ، ثُمَّ رَكِبَ بَعِيرًا مِنْهَا وَسَاقَ بَقِيَّتَهَا رَاجِعًا إِلَى مَكَّةَ كَافِرًا، وَجَعَلَ يَقُولُ فِي شِعْرِهِ:
قَتَلْتُ بِهِ فِهْرًا وَحَمَّلْتُ عَقْلَهُ ** سَرَاةَ بَنِي النَّجَّارِ أَرْبَابَ فَارِعِ

وَأَدْرَكْتُ ثَأْرِي وَاضْطَجَعْتُ مُوَسَّدًا ** وَكُنْتُ إِلَى الْأَوْثَانِ أَوَّلَ رَاجِعِ

فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} الْآيَةَ. ثُمَّ أَهْدَرَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَمَهُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، فَأَدْرَكَهُ النَّاسُ بِالسُّوقِ فَقَتَلُوهُ.

.قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا}. [94].

- أَخْبَرَنَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْوَاعِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَامِدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
لَحِقَ الْمُسْلِمُونَ رَجُلًا في غُنَيْمَةٍ له، فقال: السلام عليكم، فقتلوه وأخذوا غُنَيْمَتَهُ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا. أَيْ تِلْكَ الْغَنِيمَةَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ.
- وَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ نُجَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْخَلِيلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ مِنَ سُلَيْمٍ عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وَمَعَهُ غَنَمٌ لَهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: مَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا لِيَتَعَوَّذَ مِنْكُمْ، فَقَامُوا إِلَيْهِ فَقَتَلُوهُ، وَأَخَذُوا غَنَمَهُ، وَأَتَوْا بِهَا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم. فَأَنْزَلَ اللَّه تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا}.
- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَصْفَهَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الشَّيْخِ الحافظ، قال: أَخْبَرَنَا أَبُو يَحْيَى الرَّازِيُّ، قال: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: خَرَجَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ فِي سَرِيَّةٍ، فَمَرُّوا بِرَجُلٍ فِي غَنِيمَةٍ لَهُ فَأَرَادُوا قَتْلَهُ، فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقَتَلَهُ الْمِقْدَادُ، فَقِيلَ لَهُ: أَقَتَلْتَهُ وَقَدْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ ودَّ لو فرَّ بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ. فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، ذَكَرُوا ذَلِكَ له، فنزلت: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا}.
- وَقَالَ الْحَسَنُ: إِنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَرَجُوا يَطُوفُونَ فَلَقُوا الْمُشْرِكِينَ فَهَزَمُوهُمْ، فَشَدَّ مِنْهُمْ رَجُلٌ فَتَبِعَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَرَادَ مَتَاعَهُ، فَلَمَّا غَشِيَهُ بِالسِّنَانِ قَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ، إِنِّي مُسْلِمٌ. فَكَذَّبَهُ ثُمَّ أَوْجَرَهُ بِالسِّنَانِ فَقَتَلَهُ وَأَخَذَ مَتَاعَهُ وَكَانَ قَلِيلًا، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فقال: «قتلته بعد ما زَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ؟» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا قَالَهَا مُتَعَوِّذًا. قَالَ: «فَهَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ!» قَالَ: لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «لِتَنْظُرَ أَصَادِقٌ هُوَ أَمْ كَاذِبٌ؟» قَالَ: وَكُنْتُ أَعْلَمُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَيْكَ إِنَّكَ إِنْ لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ذَلِكَ، إِنَّمَا كَانَ يُبَيِّنُ عَنْهُ لِسَانُهُ». قَالَ: فَمَا لَبِثَ الْقَاتِلُ أَنْ مَاتَ فَدُفِنَ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ وُضِعَ إِلَى جَنْبِ قَبْرِهِ. قَالَ: ثُمَّ عَادُوا فَحَفَرُوا لَهُ وَأَمْكَنُوا وَدَفَنُوهُ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ وُضِعَ إِلَى جَنْبِ قَبْرِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا. فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّ الْأَرْضَ لَا تَقْبَلُهُ أَلْقُوهُ فِي بَعْضِ تِلْكَ الشِّعَابِ. قَالَ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
قَالَ الْحَسَنُ: إِنَّ الْأَرْضَ تُجِنُّ مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ، وَلَكِنْ وُعِظَ الْقَوْمُ أَنْ لَا يَعُودُوا.
- أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُزَكِّي، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَطَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَعَثَنَا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فِي سَرِيَّةٍ إِلَى إِضَمٍ، قَبْلَ مَخْرَجِهِ إلى مكة، قال: فَمَرَّ بِنَا عَامِرُ الْأَضْبَطِ الْأَشْجَعِيُّ، فَحَيَّانَا تَحِيَّةَ الْإِسْلَامِ فَنَزَعْنَا عَنْهُ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ مُحَلِّمُ بْنُ جَثَّامَةَ، لِشَرٍّ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَتَلَهُ وَاسْتَلَبَ بَعِيرًا لَهُ وَوِطَاءً وَمُتَيِّعًا كان له. قال: فَأَنْهَيْنَا شَأْنَنَا إِلَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فَأَخْبَرْنَاهُ بِخَبَرِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّه تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا} إِلَى آخِرِ الْآيَة.
- وَقَالَ السُّدِّيُّ: بَعَثَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ عَلَى سَرِيَّةٍ، فَلَقِيَ مِرْدَاسَ بْنَ نَهِيكٍ الضَّمْرِيُّ فَقَتَلَهُ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ فَدَكٍ وَلَمْ يُسْلِمْ مِنْ قَوْمِهِ غَيْرُهُ، وَكَانَ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ. قَالَ أُسَامَةُ: فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، أَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: «قَتَلْتَ رَجُلًا يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا تَعَوَّذَ مِنَ الْقَتْلِ. فَقَالَ: «كَيْفَ أَنْتَ إِذَا خَاصَمَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»، قَالَ: فَمَا زَالَ يُرَدِّدُهَا عَلَيَّ: «أَقَتَلْتَ رَجُلًا يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟» حَتَّى تَمَنَّيْتُ لَوْ أَنَّ إِسْلَامِي كَانَ يومئذ، فنزلت: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا} الْآيَةَ. وَنَحْوَ هَذَا قَالَ الْكَلْبِيُّ وَقَتَادَةُ.
- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَارِسِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ عَمْرَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ قَالَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ حُصَيْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو ظَبْيَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ يُحَدِّثُ، قَالَ: «بعثنا النبي صلى اللَّه عليه وسلم إِلَى الْحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ، فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ فهزمناهم. قال: فلحقت أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ، فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. قَالَ: فَكَفَّ عَنْهُ الْأَنْصَارِيُّ فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي فَقَتَلْتُهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ ذلك النبي عليه السلام فَقَالَ: يَا أسامة، أقتلته بعد ما قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا. قال: أقتلته بعد ما قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ».
هَذِهِ الْآيَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ...} الْآيَةَ. [95].
- أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَدْلُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَدِّي، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: «كُنْتُ عند النبي صلى اللَّه عليه وسلم حِينَ نَزَلَتْ عَلَيْهِ: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}... {وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} وَلَمْ يَذْكُرْ أُولِي الضَّرَرِ، فَقَالَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، كَيْفَ وَأَنَا أَعْمَى لَا أُبْصِرُ؟ قَالَ زَيْدٌ: فتَغَشَّى النبي صلى اللَّه عليه وسلم فِي مَجْلِسِهِ الْوَحْيُ، فَاتَّكَأَ على فخذي، فوالذي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ ثَقُلَ عَلَى فَخِذِي حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يَرُضَّهَا، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ فَقَالَ: اكْتُبْ: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} فَكَتَبْتُهَا».
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.
- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَطَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: «لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ} دَعَا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم زَيْدًا فَجَاءَ بِكَتِفٍ وَكَتَبَهَا، فَشَكَا ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ضَرَارَتَهُ، فَنَزَلَتْ: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ بُنْدَارٍ عَنْ غُنْدَرٍ. كِلَاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ.
- أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ النَّصْرَابَاذِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُجَيْدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدُوسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ: عَنْ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «ادْعُ لِي زَيْدًا وَقُلْ لَهُ: يَجِيءُ بِالْكَتِفِ وَالدَّوَاةِ أَوِ اللَّوْحِ، وَقَالَ: اكْتُبْ لِي: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} أَحْسَبُهُ قَالَ: {وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} فَقَالَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ: يَا رسول اللَّه يعينيّ ضرر، قال: فَنَزَلَتْ قَبْلَ أَنْ يَبْرَحَ {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}».
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ.