فصل: تفسير الآيات (33- 36):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»



.تفسير الآيات (33- 36):

{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36)}
قوله عز وجل: {ومَن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله} الآية. فيه قولان:
أحدهما: أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله الحسن والسدي.
الثاني: أنهم المؤمنون دعوا إلى الله، قاله قيس بن أبي حازم ومجاهد.
{وعمل صالحاً} فيه قولان:
أحدهما: أنه أداء الفرائض، قاله الكلبي.
الثاني: أنهم المصلون ركعتين بين الأذان والإقامة، قالته عائشة رضي الله عنها.
وروى هشام بن عروة عن عائشة قالت: كان بلال إذا قام يؤذن قالت اليهود قام غراب- لا قام- فنادى بالصلاة، وإذا ركعوا في الصلاة قالوا قد جثوا- لا جثوا- فنزلت هذه الآية في بلال والمصلين.
قوله عز وجل: {ولا تستوي الحسنةُ ولا السيئةُ} فيه ستة تأويلات:
أحدها: أن الحسنة المداراة، والسيئة الغلظة، حكاه ابن عيسى.
الثاني: الحسنة الصبر والسيئة النفور.
الثالث: الحسنة الإيمان، والسيئة الشرك، قاله ابن عباس.
الرابع: الحسنة العفو والسيئة الانتصار، حكاه ابن عمير.
الخامس: الحسنة الحلم والسيئة الفحش، قاله الضحاك.
السادس: الحسنة حب آل رسول الله صلى الله عليه وسلم والسيئة بغضهم، قاله علي كرم الله وجهه.
{ادفع بالتي هي أحسنُ} فيه وجهان:
أحدهما: ادفع بحلمك جهل من يجهل، قاله ابن عباس.
الثاني: ادفع بالسلامة إساءة المسيء، قاله عطاء.
ويحتمل ثالثاً: ادفع بالتغافل إساءة المذنب، والذنب من الأدنى، والإساءة من الأعلى.
{فإذا الذي بينك وبينه عداوةٌ كأنه ولي حميمٌ} قاله عكرمة: الولي الصديق، والحميم القريب.
وقيل هذه الآية نزلت في أبي جهل بن هشام كان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمره بالصبر عليه والصفح عنه.
قوله عز وجل: {وما يلقاها إلا الذين صبروا} فيه وجهان:
أحدهما: ما يلقى دفع السيئة بالحسنة إلا الذين صبروا على الحلم.
الثاني: ما يلقى الجنة إلا الذين صبروا على الطاعة.
{وما يلقاها إلا ذو حَظٍ عظيمٍ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: ذو جد عظيم، قاله السدي.
الثاني: ذو نصيب وافر من الخير، قاله ابن عباس.
الثالث: أن الحظ العظيم الجنة. قال الحسن: والله ما عظم حظ قط دون الجنة.
ويحتمل رابعاً: أنه ذو الخلق الحسن.
قوله عز وجل: {وإما ينزغنك مِن الشيطان نزغ} فيه خمسة تأويلات:
أحدها: أنه النزغ الغضب، قاله ابن زيد.
الثاني: أنه الوسوسة وحديث النفس، قاله السدي.
الثالث: أنه النجس، قاله ابن عيسى.
الرابع: أنه الفتنة، قاله ابن زياد.
الخامس: أنه الهمزات، قاله ابن عباس.
{فاستعذ بالله} أي اعتصم بالله.
{إنه هو السميع} لاستعاذتك {العليم} بأذيتك.

.تفسير الآيات (37- 39):

{وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37) فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ (38) وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39)}
قوله عز وجل: {ومن آياته الليل والنهار} ووجه الآيات فيهما تقديرهما على حد مستقر، وتسييرهما على نظم مستمر، يتغايران لحكمة ويختلفان لمصلحة.
{والشمس والقمر} ووجه الآية فيهما ما خصهما به من نور، وأظهره فيهما من تدبير وتقدير.
{لا تسجُدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن} قال الزجاج: أي خلق هذه الآيات.
وفي موضع السجود من هذه الآية قولان:
أحدهما: عند قوله {إن كنتم إياه تعبدون} قاله ابن مسعود والحسن.
الثاني: عند قوله {وهم لا يسأمون} قاله ابن عباس وقتادة.
قوله عز وجل: {ومِن آياته أنك ترىلأرض خاشعةً} فيه وجهان:
أحدهما: غبراء دراسة، قاله قتادة.
الثاني: ميتة يابسة، قاله السدي.
ويحتمل ثالثاً: ذليلة بالجدب لأنها مهجورة، وهي إذا أخصبت عزيزة لأنها معمورة.
{فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت} فيه وجهان:
أحدهما: اهتزت بالحركة للنبات، وربت بالارتفاع قبل أن تنبت، قاله مجاهد.
الثاني: اهتزت بالنبات وربت بكثرة ريعها، قاله الكلبي. فيكون على قول مجاهد تقديم وتأخير تقديره: ربت واهتزت.
{إن الذي أحياها لمحيي الموتى} الآية، جعل ذلك دليلاً لمنكري البعث على إحياء الخلق بعد الموت استدلالاً بالشاهد على الغائب.

.تفسير الآيات (40- 43):

{إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آَيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آَمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (43)}
قوله عز وجل: {إن الذين يلحدون في آياتنا} فيه خمسة تأويلات:
أحدها: يكذبون بآياتنا، قاله قتادة.
الثاني: يميلون عن آياتنا، قاله أبو مالك.
الثالث: يكفرون بنا، قاله ابن زيد.
الرابع: يعاندون رسلنا، قاله السدي.
الخامس: هو المكاء والتصفيق عند تلاوة القرآن، قاله مجاهد.
{لا يخفون علينا} وهذا وعيد.
{أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمناً يوم القيامة} فيه أربعة أقاويل:
أحدها: أن الذي يلقى في النار أبو جهل، والذي يأتي آمناً عمار بن ياسر، قاله عكرمة.
الثاني: أن الذي يلقى في النار أبو جهل، والذي يأتي آمنا يوم القيامة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قاله ابن زياد.
الثالث: أن الذي يلقى في النار أبو جهل وأصحابه قال الكلبي، والذي يأتي آمناً رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله مقاتل.
الرابع: أنهاعلى العموم فالذي يلقى في النار الكافر، والذي يأتي آمناً يوم القيامة المؤمن، قاله ابن بحر.
{اعملوا ما شئتم} هذا تهديد.
{إنه بما تعملون بصير} وعيد، فهدد وتوعد.
قوله عز وجل: {إنّ الذين كفروا بالذكر لما جاءهم} الذكر هنا القرآن في قول الجميع، وله جواب محذوف تقديره: هالكون أو معذبون.
{وإنه لكتابٌ عزيز} فيه وجهان:
أحدهما: عزيز من الشيطان أن يبدله، قاله السدي.
الثاني: يمتنع على الناس أن يقولوا مثله، قاله ابن عباس.
{لا يأتيه الباطل} في {الباطل} هنا أربعة أقاويل:
أحدها: أنه إبليس، قاله قتادة.
الثاني: أنه الشيطان، قاله ابن جريج.
الثالث: التبديل، قاله مجاهد.
الرابع: التعذيب، قاله سعيد.
ويحتمل خامساً: أن الباطل التناقض والاختلاف.
{من بين يديه ولا من خلفِه} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: لا يأتيه الباطل من كتاب قبله، ولا يأتيه من كتاب بعده، قاله قتادة.
الثاني: لا يأتيه الباطل من أول التنزيل ولا من آخره.
الثالث: لا يأتيه الباطل في إخباره عما تقدم ولا في إخباره عما تأخر، قاله ابن جريج.
ويحتمل رابعاً: ما بين يديه: لفظه وما خلفه: تأويله، فلا يأتيه الباطل في لفظ ولا تأويل {تنزيل من حكيم حميد} قال قتادة: حكيم في أمره حميد إلى خلقه.
قوله عز وجل: {ما يُقالُ لك إلا ما قد قِيل للرسل من قبلك} فيه وجهان:
أحدهما: ما يقول المشركون لك إلا ما قاله من قبلهم لأنبيائهم إنه ساحر أو مجنون، قاله قتادة.
الثاني: ما تخبر إلا بما يخبر الأنبياء قبلك ب {إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم} حكاه ابن عيسى وقاله الكلبي.

.تفسير الآيات (44- 45):

{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44) وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (45)}
قوله عز وجل: {ولو جعلناه قرآناً أعجمياً} فيه وجهان:
أحدهما: يعني بالأعجمي غير المبين وإن كان عربيّاً، قاله المفضل.
الثاني: بلسان أعجمي.
{لقالوا لولا فصلت آياته} أي بينت آياته لنا بالعربية على الوجه الثاني، والفصح على الوجه الأول.
{ءاعجميٌ} فيه وجهان:
أحدهما: كيف يكون القرآن أعجمياً ومحمد صلى الله عليه وسلم عربي؟ قاله سعيد بن جبير.
الثاني: كيف يكون القرآن أعجميّاً ونحن قوم عرب؟ قاله السدي. قال مجاهد أعجمي الكلام وعربي الرجل.
{قل هو للذين آمنوا هُدىً وشفاءٌ} يحتمل وجهين:
أحدهما: هدى للأبصار وشفاء للقلوب.
الثاني: هدى من الضلال وشفاء من البيان.
{والذين لا يؤمنون في آذنهم وقرٌ} أي صمم.
{وهو عليهم عَمىً} أي حيرة، وقال قتادة: عموا عن القرآن وصموا عنه.
{أولئك ينادون من مكان بعيد} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: من مكان بعيد من قلوبهم، قاله علي كرم الله وجهه ومجاهد.
الثاني: من السماء، حكاه النقاش.
الثالث: ينادون بأبشع أسمائهم، قاله الضحاك.
ويحتمل رابعاً: من مكان بعيد من الإجابة.

.تفسير الآيات (46- 48):

{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46) إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آَذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (47) وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (48)}
قوله عز وجل: {وَظَنُّواْ مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٍ} فيه وجهان:
أحدهما: علمواْ ما لهم من معدل.
الثاني: استيقنوا أن ليس لهم ملجأ من العذاب، قاله السدي، وقد يعبر بالظن عن اليقين فيما طريقه الخبر دون العيان لأن الخبر محتمل والعيان غير محتمل.