فصل: السَّبَبُ الثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ: إِنْزَالُ الْمَاءِ الدَّافِقِ مَقْرُونًا بِلَذَّةٍ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.السَّبَبُ الثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ: إِنْزَالُ الْمَاءِ الدَّافِقِ مَقْرُونًا بِلَذَّةٍ:

يُوجِبُ الْغُسْلَ وُجِدَ مِنَ الرَّجُلِ أَوِ الْمَرْأَةِ وَهُوَ مِنَ الرَّجُلِ فِي اعْتِدَالِ الْحَالِ أَبيض ثخنين دَفَّاقٌ يَخْرُجُ مَعَ الشَّهْوَةِ الْكُبْرَى رَائِحَتُهُ كَرَائِحَةِ الطَّلْعِ أَوِ الْعَجِينِ يَعْقُبُهُ فُتُورٌ وَمَنِيُّ الْمَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَذْيِ خُرُوجُهُ مَعَ اللَّذَّةِ الْكُبْرَى بِخِلَافِ الْمَذْيِ قَالَ صَاحِبُ الطّراز وَلَا يشْتَرط فِي إِنْزَال الْمَرْأَة مَائَهَا لِأَنَّ عَادَتَهُ أَنْ يَنْدَفِعَ إِلَى دَاخِلِ الرَّحِمِ لِيُخْلَقَ مِنْهُ الْوَلَدُ وَرُبَّمَا دَفَعَهُ الرَّحِمُ إِلَى خَارج وَلَيْسَ عَلَيْهَا انْتِظَار خُرُوجه لَكمَا الْجَنَابَةِ بِانْدِفَاعِهِ إِلَى الرَّحِمِ فَإِنْ خَرَجَ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَبَعْدَ الْغُسْلِ غَسَلَتْ فَرْجَهَا وَتَوَضَّأَتْ وَإِنْ صَلَّتْ قَبْلَ خُرُوجِهِ صَحَّتْ صَلَاتُهَا وَتَغْسِلُ فَرْجَهَا وَتَتَوَضَّأُ لِمَا يُسْتَقْبَلُ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ» تَقْدِيرُهُ إِنَّمَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِالْمَاءِ الطَّهُورِ مِنْ إِنْزَالِ الْمَاءِ الدَّافِقِ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْمَرْأَةُ تَرَى فِي الْمَنَامِ مَا يَرَى الرَّجُلُ أَتَغْتَسِلُ؟ فَقَالَ لَهَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «نَعَمْ فَلْتَغْتَسِلْ» فَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَهَلْ تَرَى ذَلِكَ الْمَرْأَةُ؟ فَقَالَ لَهَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «تَرِبَتْ يَمِينُكِ وَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ» وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ تُنْزِلُ الْمَنِيَّ وَعَلَى ذَلِكَ دَلَّ التَّشْرِيحُ فِي الطِّبِّ وَأَنَّ لِلْمَرْأَةِ أُنْثَيَيْنِ مُلْتَصِقَيْنِ فِي أَصْلِ مَجْرَى الْوَطْءِ يَتَدَفَّقُ مِنْهُمَا الْمَنِيُّ وَمَجْرَى الْوَطْءِ لِلْمَرْأَةِ بِمَنْزِلَةِ الذَّكَرِ أُنْثَيَا كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي أَصْلِهِ وَالطُّولُ كَالطُّولِ وَقَدْ يَقَعُ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الطُّولَيْنِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «تَرِبَتْ يَمِينُكِ» قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى الْمُرَادُ نَفْيُ الْغِنَى وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ مَعْنَاهُ ضَعِيف عَقْلُكَ أَتَجْهَلِينَ هَذَا؟ وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ مَعْنَاهُ التَّحْضِيضُ عَلَى التَّعَلُّمِ نَحْوَ قَوْلِهِمْ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ وَقِيلَ أَصَابَتْ يَدُكِ التُّرَابَ وَلَمْ يَدْعُ عَلَيْهَا بِالْفَقْرِ وَقِيلَ: ثَرِبَتْ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ مِنَ الثَّرْبِ الَّذِي هُوَ إِصَابَةُ الشَّحْمِ أَيِ اسْتَغْنَتْ وَهِيَ لُغَةٌ فِيهِ بِإِبْدَالِ الْمُثَنَّاةِ مِنَ الْمُثَلَّثَةِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا لِلْإِنْكَارِ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهَا افْتَقَرْتِ حَتَّى تَلْتَصِقَ يَدُكِ بِالتُّرَابِ تَقُولُ الْعَرَبُ تَرِبَ إِذَا افْتَقَرَ وَأَتْرَبَ إِذَا اسْتَغْنَى وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ» قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الصَّحِيحَيْنِ: «إِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ أَذْكَرَ وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ آنَّثَ» وَرُوِيَ إِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ أَوْ عَلَا أَشْبَهَ الْوَلَدُ أَخْوَالَهُ وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ أَوْ عَلَا أَشْبَهَ أَعْمَامَهُ لِأَجْلِ الْغَلَبَةِ وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ وَعَلَا كَانَ الْوَلَدُ أُنْثَى لِأَجْلِ السَّبق وأسبه أَخْوَالَهُ لِأَجْلِ الْغَلَبَةِ وَالْكَثْرَةِ وَإِنْ سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ وَغَلَبَ مَاءُ الْمَرْأَةِ بَعْدَهُ وَكَانَ أَكْثَرَ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا يُشْبِهُ أَخْوَالَهُ وَإِنْ سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ وَمَاءُ الرَّجُلِ أَكْثَرُ كَانَ الْوَلَدُ أُنْثَى يشبه أَعْمَامه تَفْرِيغ فِي الْجَوَاهِرِ فَلَوْ خَرَجَ بِغَيْرِ لَذَّةٍ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَجِبُ الْغُسْلُ قِيَاسًا عَلَى دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ وَالظَّاهِرُ عِنْدِي إِيجَابُهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ» وَلِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ أَنَّ مَنِ اسْتَيْقَظَ وَوَجَدَ الْمَنِيَّ وَلَمْ يَرَ احْتِلَامًا أَنَّ عَلَيْهِ الْغُسْلَ فَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ مُجَاهِدٌ إِذَا لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَجِدُ الْبَلَلَ وَلَا يَذْكُرُ احْتِلَامًا قَالَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَفِي الرَّجُلِ يَرَى الِاحْتِلَامَ وَلَا يَجِدُ بَلَلًا لَا غُسْلَ عَلَيْهِ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْأَوَّلِ فَهَلْ يُسْتَحَبُّ مِنْهُ الْوُضُوءُ أَوْ يَجِبُ يُخَرَّجُ ذَلِكَ عَلَى الْخَارِجِ النَّادِرِ هَلْ يُوجِبُ أَمْ لَا وَلَوِ اقْتَرَنَتْ بِهِ لَذَّةٌ غَيْرُ مُعْتَادَةٍ كَمَنَ بِهِ حَكَّةٌ أَوِ اغْتَسَلَ بِمَاءٍ حَارٍّ فَوَجَدَ لَذَّةً فَأَنْزَلَ فييه خِلَافٌ فَأَوْجَبَهُ سَحْنُونُ وَلَوْ وُجِدَتِ اللَّذَّةُ الْمُعْتَادَةُ مُتَقَدِّمَةً عَلَى الْإِنْزَالِ كَمَنْ يُجَامِعُ أَوْ يَلْتَذُّ بِغَيْرِ جِمَاعٍ ثُمَّ يُنْزِلُ بَعْدَ ذَلِكَ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْوُجُوبُ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ أَكْتَفِي بِاللَّذَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ إِنِ اغْتَسَلَ أَعَادَ الْغُسْلَ لِأَنَّ الْإِيلَاجَ وَالْمَاءَ سَبَبَانِ فَيَجِبُ الْغُسْلُ كَمَنْ بَالَ بَعْدَ وُضُوئِهِ مِنَ اللَّمْسِ وَعَدَمُ الْوُجُوبِ لِعَدَمِ الْمُقَارَنَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالتَّفْرِقَةُ لِمُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ جَامَعَ فَاغْتَسَلَ لَهُ فَلَا يَجِبُ لِأَنَّهُ مِمَّا أَدَّى حُكْمَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ الِاغْتِسَالِ فَيَغْتَسِلُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ فِي الْمُلَاعِبِ يُعِيدُ الصَّلَاةَ بَعْدَ الْغُسْلِ لِأَنَّ سَبَبَ الْحَدَثِ يَقُومُ مَقَامَهُ كَاللَّمْسِ وَالنَّوْمِ وَأَنَّهُمَا أُقِيمَا مَقَامَ الْوَدْيِ وَالرِّيحِ وَالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ مَقَامَ الْمَنِيِّ وَلَا يَجِبُ الْغُسْلُ وَالْإِعَادَةُ قَبْلَ الْخُرُوجِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ السَّبَبِ وَبَعْدَ خُرُوجِهِ بَعْدَهُ جُنُبًا مِنْ حِينِ الْمُلَاعَبَةِ وَمَنْ صَلَّى جُنُبًا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُجَامِعِ يُعِيدُ الصَّلَاةَ بَعْدَ الْوُضُوءِ وَلَا يغْتَسل لِأَن سَبَب قَدْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ غُسْلُهُ وَالْوُضُوءَ مَأْمُورٌ بِهِ قِيَاسًا عَلَى الِاسْتِحَاضَةِ بِجَامِعِ الْخُرُوجِ عَنِ الْعَادَةِ وَأَمَّا إِعَادَةُ الصَّلَاةِ مِنَ الْأَوَّلِ فَلَا يُنَافِي مَا هُنَا لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ جُنُبًا مِنْ حِينِ الْجِمَاعِ فَقَدِ اغْتَسَلَ فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ بِخِلَافِ الْمُلَاعِبِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِقَامَةُ السَّبَبِ مَقَامَ السَّبَب بِخِلَافِ الْأَصْلِ وَإِذَا وُجِدَ الْمُسَبِّبُ أُضِيفَ الْحُكْمُ إِلَيْهِ وَسَقَطَ سَبَبُهُ كَالْمَسِّ إِذَا اتَّصَلَ بِهِ الْإِمْذَاءُ بَطَلَ حُكْمُهُ وَكَانَ الْحُكْمُ لِلْمَذْيِ حَتَّى يجب غسل الذّكر لَكِن يُقَال هَهُنَا إِذَا لَغَيْتُمُ الْأَوَّلَ تَكُونُ الصَّلَاةُ وَقَعَتْ قَبْلَ نَقْضِ الطَّهَارَةِ فَلَا إِعَادَةَ؟ فَنُجِيبُ بِأَنَّ الْإِيلَاجَ إِذَا اتَّصَلَ بِهِ الْإِنْزَالُ كَانَتِ الْجَنَابَةُ قَائِمَةً لم ينْفَصل حُكْمُهَا وَلَمْ يُكْمُلِ السَّبَبُ أَوَّلًا وَلَا آخِرًا بَلِ الْمَجْمُوعُ هُوَ السَّبَبُ لِأَنَّ هَذَا الْإِنْزَالَ عَنْ تِلْكَ الْمُجَامَعَةِ فَأَشْبَهَ اسْتِدَامَةَ الْمُجَامَعَةِ فَكَأَنَّ حُكْمَ الْمُجَامَعَةِ مُسْتَمِرٌّ حَتَّى يُنْزِلَ وَنَظِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْحَيْضُ لَا يَرْتَفِعُ حُكْمُهُ حَتَّى يَكْمُلَ جَمِيعُهُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يُعِيدُ الْغُسْلَ وَالصَّلَاةَ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَقَالَ آخَرُونَ يُعِيدُ الْغُسْلَ دُونَ الصَّلَاةِ مُلَاحَظَةً لِاسْتِقْلَالِ الْأَقْوَالِ بِالسَّبَبِيَّةِ وَإِنْ عُرِّيَ عَنِ اللَّذَّةِ وَمَتَى قُلْنَا بِعَدَمِ إِعَادَةِ الْغُسْلِ فَالْإِعَادَةُ اسْتِحْبَابٌ.
فَرْعٌ مُرَتَّبٌ:
قُلْنَا فِيمَنْ أَوْلَجَ ثُمَّ اغْتَسَلَ إِنَّهُ يَغْتَسِلُ أَيْضًا إِذَا أَنْزَلَ فَلَوْ أَنَّهُ أَنْزَلَ أَوَّلًا فَاغْتَسَلَ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ بَقِيَّةُ مَاءٍ فَمُقْتَضَى الْأَصْلِ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّهُ يَغْتَسِلُ لِأَنَّ حَدثهُ الْآن كَمَا كمل فَأَشْبَهَ مَنِ اغْتَسَلَ بَعْدَ إِيلَاجِهِ وَقَبْلَ إِنْزَالِهِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ لَا يَجِبُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ خُرُوجِهِ قَبْلَ الْبَوْلِ أَوْ بَعْدَهُ خِلَافًا ش فِي إِيجَابِهِ الْغُسْلَ فِي الْحَالَيْنِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة يَجِبُ قَبْلَ الْبَوْلِ لِأَنَّهُ بَقِيَّةُ الْمَاءِ الْمُعْتَبَرِ وَلَا يَجِبُ بَعْدَهُ لِخُرُوجِهِ بِغَيْرِ دَفْقٍ وَلَا شَهْوَةٍ وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الْغُسْلِ فَقِيلَ يَجِبُ الْوُضُوءُ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ حَنْبَلٍ قِيَاسًا عَلَى الْمَذْيِ وَلِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يُوجِبِ الْغُسْلَ فَلَا أقل من الْوُضُوءِ وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَابْنُ الْجَلَّابِ هُوَ مُسْتَحَبٌّ قِيَاسًا عَلَى الِاسْتِحَاضَةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَارْتِكَابُ هَذَا صَعْبٌ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ لِمَنْ تَقَدَّمَ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْمُتَقَدِّمُونَ فِي إِيجَابِهِ الْغُسْلَ أَوِ الْوُضُوءَ فَالْخُرُوجُ عَنْ قَوْلِ الْجَمِيعِ مَحْذُور وَكَذَلِكَ مَنْ جَامَعَ وَلَمْ يُنْزِلْ وَاغْتَسَلَ ثُمَّ أَنْزَلَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَلَيْهِ الْغُسْلُ.
فُرُوعٌ سِتَّةٌ:
الْأَوَّلُ:
قَالَ فِي الْكِتَابِ قَالَ سَحْنُونُ قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَرَأَيْتَ الْمُسَافِرَ يَكُونُ عَلَى وُضُوءٍ أَوْ غَيْرِ وُضُوءٍ وَيَطَأُ أَهْلَهُ أَوْ جَارِيَتَهُ وَلَيْسَ مَعَهُ مَاءٌ قَالَ قَالَ مَالِكٌ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وهما سَوَاء قَالَ صَاحب الطّراز اخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ هُمَا سَوَاءٌ قِيلَ الْمُتَوَضِّئُ وَالْمُحْدِثُ وَقِيلَ الزَّوْجَةُ الْمَمْلُوكَةُ لِأَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا لِحَقِّ الزَّوْجَةِ فِي الْوَطْءِ وَالْأَوَّلُ بَيِّنٌ لِأَنَّ لِلزَّوْجَةِ أَنْ تَمْنَعَ وَيَسْقُطَ حَقُّهَا لأجل الْعِبَادَة وَقَالَ الشَّافِعِي لَهُ ذَلِكَ إِنْ كَانَ مَعَهُمَا مَاءٌ يَغْسِلَانِ بِهِ النَّجَاسَةَ عَنْ فَرْجِهِمَا حُجَّتُنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الصَّلَاةَ بِالطَّهَارَةِ الْكَامِلَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ وَهُمَا قَادِرَانِ فَلَا يَتَسَبَّبَانِ فِي إِبْطَالِهَا وَيَرْجِعَانِ إِلَى لبتيمم قِيَاسًا عَلَى مَنْ مَعَهُ مَاءٌ فَيُهْرِقُهُ وَيَتَيَمَّمُ وَلِهَذَا قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَيْسَ لِلزَّوْجَيْنِ الْمُتَوَضِّئَيْنِ أَنْ يُقَبِّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ إِذَا لم يكن مَعَهُمَا مَاء يتوضئان بِهِ وَقَالَ التُّونُسِيُّ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ لَوْ طَالَ عَدَمُ الْمَاءِ فِي سَفَرِهِ جَازَ لَهُ الْوَطْءُ قِيَاسًا عَلَى الْجَرِيحِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْجرْح يطول بُرْؤُهُ غَالِبا خلافًا عَدَمِ الْمَاءِ.
الثَّانِي:
إِذَا مَنَعْنَاهُ مِنَ الْوَطْءِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ مَنَعْنَاهُ مِنَ الْبَوْلِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَاءٌ وَحَقْنَتُهُ خَفِيفَةٌ قَالَ ابْن الْقَاسِم فَإِذا كَانَتِ الْحَقْنَةُ مُثْقَلَةً لَا يُمْنَعُ وَلَا يُخْتَلَفُ فِي الْأَوَّلِ أَنَّهُ إِنْ فَعَلَ تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَوَقع الْخلاف فِي الْمُحدث بريق الْمَاءَ وَيَتَيَمَّمُ وَيُجْزِئُهُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ حُجَّتُنَا آيَةُ التَّيَمُّمِ.
الثَّالِثُ:
قَالَ فِي الْكِتَابِ لِلْمَجْرُوحِ أَوِ الْمَشْجُوجِ أَنْ يَطَأَ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ لِطُولِ أَمْرِهِ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ الْمُرَادُ اللَّذَانِ يَتَيَمَّمَانِ لِأَنَّ مَنْ بِهِ شَجَّةٌ وَاحِدَةٌ لَا تَمْنَعُهُ الْغُسْلَ هُوَ كَالْمُسَافِرِ لَا يَطَأُ أَهْلَهُ إِنْ عَدِمَ الْمَاءَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ هَذَا عُدُولٌ عَنِ الْمَقْصُودِ بِمَسْأَلَةِ الْكِتَابِ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الصَّلَاةِ بِلَا جَنَابَةٍ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَسَبَّبَ فِي إِبْطَالِ ذَلِكَ وَوَرَدَ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ صَاحِبُ الشَّجَّةِ فَإِنَّهُ يَمْسَحُ عَلَيْهَا بَدَلًا مِنَ الْغُسْلِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُنْهَى عَنِ الْوَطْءِ قَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ يَطُولُ.
الرَّابِعُ:
قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يَنَامُ الْجُنُبُ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا خلافًا لأهل الْعرَاق ابْن حَبِيبٍ مِنْ أَصْحَابِنَا حُجَّتُنَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ وَالصَّحِيحَيْنِ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَكَرَ لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «تَوَضَّأْ ثُمَّ اغْسِلْ ذَكَرَكَ وَنَمْ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ « كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ «كَانَ يَنَامُ وَهُوَ جُنُبٌ وَلَا يَمَسُّ مَاءً» قَالَ أَبُو دَاوُدَ قَالَ سُوَيْدٌ هَذَا الْحَدِيثُ خَطَأٌ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ طَعَنُوا فِيهِ وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ هَذَا الْوُضُوءِ فَقِيلَ لِيَنَامَ عَلَى إِحْدَى الطَّهَارَتَيْنِ وَقِيلَ لِيَنْشَطَ فَيَغْتَسِلَ وَقِيلَ إِنَّ الْأَرْوَاحَ تُرْفَعُ إِلَى الْعَرْشِ لِتَسْجُدَ إِلَّا مَنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ وَهَذَا يَبْطُلُ بِالْحَائِضِ وَقِيلَ إِنَّ النُّفُوسَ إِذَا اسْتَشْعَرَتْ أَنَّهَا مُتَقَرِّبَةٌ مَالَتْ إِلَى جَنَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَكُونُ أَقْرَبَ لِلْمَوَاهِبِ الرَّبَّانِيَّةِ فَإِنَّ مَنْ أَسَاءَ اسْتَوْحَشَ وَمَنْ أَحْسَنَ اسْتَبْشَرَ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ وَلَمْ يَقُلْ بِوُجُوبِهِ إِلَّا أَهْلُ الظَّاهِرِ.
قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنِ اقْتَصَرَ الْجُنُبُ عَلَى فِعْلِ ابْنِ عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فَحَسَنٌ فَفِي الْمُوَطَّأِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ أَوْ يَطْعَمَ وَهُوَ جُنُبٌ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَمَسَحَ رَأْسَهُ وَكَانَ يَتْرُكُ غُسْلَ رِجْلَيْهِ لِسُقُوطِ غُسْلِهِمَا مَعَ الْخُفِّ.
قَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ: وَالْجُنُبُ بِخِلَافِ الْحَائِضِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْحَيْضَ مُسْتَمِرٌّ يُبْطِلُ كُلَّ وُضُوءٍ يُفْعَلُ لِلنَّوْمِ وَإِنْ عَلَّلْنَا بِالنَّشَاطِ لِلْغُسْلِ ظَهَرَ الْفَرْقُ أَيْضًا لِتَعَذُّرِهِ فِي حَقِّهَا مَعَ أَنَّهُ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ يَتَخَرَّجُ أَمْرُهَا بِالْوُضُوءِ عَلَى عِلَّةِ الْأَمْرِ بِهِ وَحَكَى قَوْلًا بِوُجُوبِ وُضُوءِ الْجُنُبِ.
فُرُوعٌ مُرَتَّبَةٌ:
الْأَوَّلُ: إِذَا عَدِمَ الْمَاءَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْوَاضِحَةِ لَا يَتَيَمَّمُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَتَيَمَّمُ.
الثَّانِي: إِذَا تَوَضَّأَ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ بَقِيَّةُ الْمَنِيِّ أَوْ أَحْدَثَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ لَا يُعِيدُ الْوُضُوءَ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَلَى تَعْلِيلِنَا بِالْمَبِيتِ عَلَى إِحْدَى الطَّهَارَتَيْنِ يُعِيدُ حُجَّةُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ فِي الْحَدِيثِ أَمْرَهُ بِغَسْلِ ذَكَرِهِ بَعْدَ الْوُضُوءِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا تَنْقُضُهُ نَوَاقِضُ الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى قَالَ صَاحب الطّراز وَلِأَن الْوضُوء هَهُنَا طَهَارَةٌ عَنِ الْجَنَابَةِ بِاعْتِبَارِ النَّوْمِ فَلَا يَنْقُضُهُ إِلَّا الْجَنَابَةُ الطَّارِئَةُ بَعْدَهُ.
الثَّالِثُ: قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا بَأْسَ أَنْ يُعَاوِدَ أَهْلَهُ وَيَأْكُلَ قَبْلَ الْوُضُوءِ خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ فِي الْأَمْرَيْنِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ فِي السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ مِنَ اللَّيْلِ أَوِ النَّهَارِ وَهُنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ وَفِي رِوَايَة وَهن تسع نسْوَة قيل لأنس أَو كَانَ يُطِيقُهُ؟ قَالَ كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهُ أُعْطِيَ قُوَّةَ ثَلَاثِينَ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْوُضُوءِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلِأَنَّ الْجِمَاعَ يَنْقُضُ الْغُسْلَ وَالْوُضُوءَ بَدَلٌ مِنَ الْغُسْلِ فَلَا يُشَرَّعُ الْوُضُوءُ لِنَاقِضِهِ وَإِنَّمَا تُشَرَّعُ الطَّهَارَةُ لِمَا يَجْتَمِعُ مَعَهُ وَتَكْمُلُ مَصْلَحَتُهُ وَأَمَّا مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا» فَيَدُلُّ عَلَى الشَّرْعِيَّةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَنَحْنُ لَا نَكْرَهُ الْوُضُوءَ وَأَمَّا الْأَكْلُ فَلِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ غَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ يَأْكُلُ أَوْ يَشْرَبُ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عَن فُقَهَاء الْأَمْصَار مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ يُعِيدُ مَنْ أَحْدَثَ نَوْمَةً نَامَ فِيهَا مُحْتَجًّا بِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَلَّى بِالنَّاسِ الصُّبْحَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَرْضِهِ بِالْحَرَّةِ فَرَأَى فِي ثَوْبِهِ احْتِلَامًا فَاغْتَسَلَ وَغَسَلَ مَا رَأَى فِي ثَوْبِهِ وَأَعَادَ الصَّلَاةَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَمْ يُعِدْ مَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ وَالْأَثَرُ فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْوَاضِحَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَلْبَسُهُ وَلَا يَنْزِعُهُ فَيُعِيدُ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ نَامَ فِيهِ قَالَ الْبَاجِيُّ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا يَجْعَلُونَ هَذَا تَفْسِيرًا لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ وَهُوَ عِنْدِي غَيْرُ بَيِّنٍ بَلْ هُوَ اخْتِلَافُ قَوْلٍ.
قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يُرِيدُ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ فِيمَنْ شَكَّ فِي الْحَدَثِ. قَالَ وَعُذْرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ مَتَى شَكَّ فِي طَهَارَتِهِ أَوْ ظَنَّ نَقْضَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. وَهَلْ يَسْتَوِي فِي طَرَيَانِ الشَّكِّ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَهَا قَوْلَانِ وَمَتَى غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الطَّهَارَةُ لَا إِعَادَةَ وَوَجَبَ الْعَمَلُ بِذَلِكَ الظَّنِّ فَلَو تَوَضَّأ وَوجد بللاعقيبه فَغَالِبُ الظَّنِّ أَنَّ ذَلِكَ الْبَلَلَ مِنَ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ تُوجِبُ الْفَرْقَ بَيْنَ الثَّوْبَيْنِ فَإِنَّ الَّذِي لَا يُفَارِقُهُ الشَّكُّ فِي الطَّهَارَةِ مُتَحَقِّقٌ فِي جُمْلَةِ لَيَالِيهِ وَالَّذِي يُفَارِقُهُ مَا يَدْرِي مَا طَرَأَ عَلَيْهِ فَيَكُونُ ظَنُّ الطَّهَارَةِ سَالِمًا فِي مُعَارَضَةِ الشَّكِّ وَالطَّهَارَتَانِ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ سَوَاءٌ، أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَنِيُّ رَطْبًا أَعَادَ مِنْ أَحْدَثِ نَوْمَةٍ نَامَهَا فِيهِ قَوْلًا وَاحِدًا.
فَرْعٌ مُرَتَّبٌ:
قَالَ إِذَا قُلْنَا يُعِيدُ مِنْ أَحْدَثِ نَوْمَةٍ وَكَانَ غَيْرُهُ يَنَامُ فِيهِ قَبْلَهُ قَالَ سَحْنُونُ لَا شَيْءَ عَلَى الْأَوَّلِ لِعَدَمِ الْأَمَارَةِ فِي حَقِّهِ.
الْخَامِسُ:
إِذَا رَأَتِ امْرَأَةٌ فِي ثَوْبِهَا دَمَ حَيْضٍ لَا تَدْرِي أَنَّهُ مِنْهَا أَوْ مِنْ شَيْءٍ أَصَابَهَا.
قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ لَمْ يُفَارِقْهَا لَيْلًا وَلَا نَهَارًا أَوْ كَانَ يَلِي جَسَدَهَا اغْتَسَلَتْ وَأَعَادَتْ جَمِيعَ صَلَاةٍ صَلَّتْهَا فِيهِ يُرِيدُ أَنَّهَا تُسْقِطُ أَيَّامَ الطُّهْرِ وَتُعِيدُ الصِّيَامَ الْوَاجِبَ مِنْ يَوْمِ أَنْ صَامَتْ فِيهِ مَا لَمْ يُجَاوِزْ أَيَّامَ حَيْضَتِهَا وَإِنْ كَانَتْ تَلْبَسُهُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ أَعَادَتْ مِنْ أَحْدَثِ لُبْسَةٍ كَوَاجِدِ الْجَنَابَةِ.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: تُعِيدُ صَوْمَ يَوْمٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ دَمُ حَيْضٍ انْقَطَعَ مَكَانُهُ قَالَ التُّونِسِيُّ إِنْ كَانَتْ نُقْطَةً أَعَادَتْ يَوْمًا وَإِنْ كَانَتْ نُقَطًا أَعَادَتْ بِعَدَدِهَا أَيَّامًا فَيُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى أَنَّهُ دَمٌ كَثِيرٌ مُتَفَرِّقٌ.