الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)
.حصار ماردين ثم الصلح بين العادل والأشرف. ثم بعث الملك العادل ابنه الأشرف موسى في العساكر لحصار ماردين فسار إليها ومعه عساكر الموصل وسنجار ونزلوا بالحريم تحت ماردين وسار عسكر من قلعة البازغية من أعمال ماردين لقطع الميرة عن عسكر الأشرف فلقيهم جماعة من عسكر الأشرف وهزموهم وأفسد التركمان السابلة في تلك النواحي وامتنع على الأشرف قصده فتوسط الظاهر غازي في الإصلاح بينهم على أن يحمل صاحب ماردين للعادل مائة وخمسين ألف دينار والدينار أحد عشر قيراطا من الأميري ويخطب له ببلاده ويضرب السكة باسمه وتعسكر طائفة من جنده معه متى دعاهم لذلك فأجاب العادل وتم الصلح بينهما ورحل الأشرف عن ماردين والله أعلم..أخذ البلاد من يد الأفضل. قد كان تقدم أن الظاهر والأفضل لما صالحا العادل سنة سبع وتسعين أخذ الأفضل سميساط وسروج ورأس عين وحملين وكانت بيده معها قلعة نجم التي ملكها الظاهر بين يدي الحصار قبل الصلح ثم استرد العادل البلاد من يد الأفضل سنة تسع وتسعين وأبقى له سميساط وقلعة نجم فطلب الظاهر قلعة نجم على أن يشفع له عند العادل في رد ما أخذ منه فلم يجب فتهدده ولم تزل الرسل تتردد بينهما حتى سلمها إليه في شعبان من السنة وبعث الأفضل أمه إلى العادل في رد سروج ورأس عين عليهم فلم يشفعها فبعث الأفضل إلى ركن الدين سليمان بن قليج أرسلان صاحب بلاد الروم بطاعته وأن يخطب له فبعث إليه بالخلعة وخطب له الأفضل في سميساط سنة ستمائة وسار من جملة نوابه في أعماله وفي سنة تسع وتسعين هذه خاف على مصر محمود بن العزيز صاحب مصر بعث العساكر إلى الرها لأنه لما قطع خطبته من مصر سنة ست وتسعين خاف على مصر من شيعة أبيه فأخرجه سنة ثمان وتسعين إلى دمشق ثم نقله في هذه السنة إلى الرها ومعه إخواته وأمه وأهله فأقاموا بها والله أعلم..واقعة الأشرف مع صاحب الموصل. كانت الفتنة متصلة بين نور الدين أرسلان شاه صاحب الموصل وبين ابن عمه قطب الدين صاحب سنجار واستمال العادل بن أيوب قطب الدين فخطب له بأعماله وسار إليه نور الدين غيرة من ذلك فحاصر نصيبين في شعبان من سنة ستمائة وبعث قطب الدين يستمد الأشرف موسى بن العادل وهو بحران فسار إلى رأس عين إمداده ومدافعة نور الدين عنه بعد أن اتفق على ذلك مع مظفر الدين صاحب أربل وصاحب جزيرة ابن عمر وصاحب كيفا وآمد ففارق نور الدين نصيبين وسار إليها الأشرف وجاءه أخوه نجم الدين صاحب ميافارقين وصاحب كيفا وصاحب الجزيرة وساروا جميعا إلى بلد البقعا ونور الدين صاحب الموصل قد انصرف من تل أعفر وقد ملكها كفرزمان معتزما على مطاولتهم إلى أن يفترقوا ثم أغراه بعض موإليه كان بعثه عينا عليهم فقللهم في عينه وحرضه على معاجلتهم باللقاء فسار إلى نوشرا ونزل قريبا منهم ثم ركب لقتالهم واقتتلوا فانهزم نور الدين ولحق بالموصل ونزل الأشرف وأصحابه كفرزمان وعاثوا في البلاد واكتسحوها وترددت الرسل بينهم في الصلح على أن يعيد نور الدين على قطب الدين قلعة تل أعفر التي أخذها له فتم ذلك سنة إحدى وستمائة وعاد إلى بلده والله تعالى أعلم..وصول الإفرنج إلى الشام والصلح معهم. ولما ملك الإفرنج القسطنطينية من يد الروم سنة إحدى وستمائة تكالبوا على البلاد ووصل جمع منهم إلى الشام وأرسوا بعكا غارمين على ارتجاع القدس من المسلمين ثم ساروا في نواحي الأردن فاكتسحوها وكان العادل بدمشق استنفر العساكر من الشام ومصر وسار فنزل بالطور قريبا من عكا لمدافعتهم وهم قبالته بمرج عكا وساروا إلى كفركنا فاستباحوه ثم انقضت سنة إحدى وستمائة وتراسلوا في المهادنة على أن ينزل لهم العادل عن كثير من مناصف الرملة وغيرها ويعطيهم وغيرها وتم ذلك بينهم وسار العادل إلى مصر فقصد الإفرنج حماة وقاتلهم صاحبها ناصر الدين محمد فهزموه وأقاموا أياما عليها ثم رجعوا والله تعالى أعلم.
|